أدب الرعب والعام

حينما ينقلب الحسد إلى سحراً

بقلم : علي النفيسة – السعودية
للتواصل : [email protected]

حينما ينقلب الحسد إلى سحراً
ولاحظت وهي في قمة الهلع أن اللوحة أصبحت مائلة ..

كان هناك فتاتين تجمعهما علاقة وطيدة منذ أن كانوا بالجامعة , الأولى تدعى (أمل) – 26 سنة -, والثانية (مريم) تصغر عن الأولى بسنة تقريباً, كانت الاولى من المتميزات في الجامعة.. تخرجت بمرتبة الشرف الاولى..بينما الثانية تمتاز بجمال فتّان يفوق بكثير جمال الأولى إلاّ أن الثانية لم يكتب لها النصيب مثل الاولى, فقد تزوجت (أمل) بشاب وسيم بهي الطلعة رفيع الطول من عائلة أنعم عليها نعمة المال والجاه.. كان هذا الشاب يدعى (رياض).. كان مديراً لأحد فروع شركة أبيه التي تدر له وعائلته دخلاً بالملايين..

انتقلت (أمل) مع زوجها (رياض) للعيش في أحد القصور التي خصصها له أبيه.. وعاشا حياة هنيئة في البداية..

بعد مضي شهر على زواج (أمل) بـ(رياض).. زارتها (مريم) في منزلها الضخم ..وبعد أن أخذت (مريم) جولة لوحدها في كافة ارجاء المنزل.. مكثت مع (أمل) في الحديقة وانبهرت لجمال وضخامة هذا القصر قائلةً:

“منزل جميل جداً! أتمنى أن تنتقلي إلى أحسن منه.. بدأت الآن أشعر بالغيرة هههااااي..مبروك”

“شكراً عزيزتي ..أتمنى أن تحصلي على منزل مثله أو أفضل.. وشكراً أيضاً على هديتك فلونها تلاءم غرفتي تماماً..شكراً كثيراً”

“على الرحب..أخبريني كيف حال عمل زوجك”

“كما تعلمين (رياض) أصبح مديراً لأحد فروع شركة أبيه وازدادت عليه أعباء العمل.. لكن هو جيداً في هذه الأيام”

“كان الله في عونه”

“بالمناسبة يا(مريم).. ماذا حل بخطبتك من (عامر)”

“للأسف فسخت الخطوبة”

“أووو..لماذا”

“لم يروق لي هذا الشاب”

“مريم.. (عامر) ثالث شخص يتقدم إليك ويخطبك وترفضيه..لابد أن تكوني أكثر مرونة يا حبيبتي وإلا ستظلين عانس”

“لا يهم.. ما الضرر من في البقاء عانس.. دعينا نغير الموضوع”

وانغمسا بعد ذلك في الاستمتاع مع بعضهما في تبادل الحديث وتناول العشاء ومشاهدة التلفاز الخ… إلى أن غادرت (مريم) المنزل وانتهت الزيارة.

***

لم تمضي سوى عدة أشهر على زواج (أمل) بالشاب (رياض) إلى أن أتى ذلك اليوم والساعة تقترب إلى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل:

“آااااااااااااه,ريااااااااااااااااض”

انتفض (رياض) من فراشه مذعوراً إثر صراخ زوجته..

“ما بك عزيزتي”

“رأسي..رأسي يؤلمني يا(رياض).. يؤلمني جداً”

نهض (رياض) إلى المطبخ ليحضر زوجته كوباً من الماء,فسقاها فابتل ريقها فأصبح الألم يزول تدريجياً حتى زال تماماً.

“طمئنيني.. كيف أصبحتي ألآن”

“لا بأس.. لقد زال الألم”

“أتستطعين أن تنامي”

“نعم”

***

بدأت تطرأ أمور غريبة في حياة (أمل) في هذا المنزل الضخم وعيشها مع زوجها.. ففي أحد الأيام وفي الصباح الباكر وبينما كان (رياض) منشغلاً في عمله بالشركة, كانت (أمل) مستلقية على الأريكة في غرفة المعيشة تشاهد فلماً قديماً(أبيض وأسود) عبر التلفاز, وأثناء مشاهدتها للتلفاز.. رمقت عينيها اللوحة الزيتية لشجرة الزيتون الموضوعة أمامها مباشرةً في الغرفة.. تكررت نظراتها لهذه اللوحة عدة مرات إلى أن أصبحت تحدق بها,وأثناء التحديق بدأ يغلبها النعاس.. ولم تمضي سوى ثوانٍ إلا وأن غطت في غفوة واستيقظت..

بعد استيقاظها .. كانت الصدمة!!

وجدت (أمل) قرينتها مشابهة لها تقف أمامها بجوار اللوحة الزيتية.. شاحبة الوجه عيناها سوداويتين.. ولاحظت وهي في قمة الهلع أن اللوحة أصبحت مائلة .. لم توضع بالطريقة الصحيحة.. كأن أحداً عبث بها..

شعرت (أمل) بالتصلب في جسدها.. لا تستطيع الحركة.. حاولت الصراخ لكنها لم تستطع..حاولت قراءة المعوذات فلم تستطع أيضاً.. لأنها أحست بثقل في لسانها أعاقها عن النطق..

اقتربت قرينتها ذو الوجه الشاحب منها بشكل تدريجي ومازالت (أمل) في حالة التصلب.. واستمرت بالقرب منها إلى أن هتفت القرينة بصوتٍ عالٍ:

“ماذا تريدين مني”

استيقظت (أمل)مفزوعة من مكانها في الأريكة.. فهي عاشت لحظات كابوساً مرعباً..

“الحمد لله كان مجرد حلم”

هتفت بذلك (أمل) بعد أن شعرت بالهلع الذي انتبها من هذا الحلم.. استلقت على الأريكة مرة أخرى مسترخيةً, وبدأت تشعر بالراحة والطمأنينة..

لكن فور أن رمقت (أمل)اللوحة الزيتية للتأكد من اللحظات التي عاشتها مجرد حلم.. كانت الصدمة الكبرى!!!.

.

.

.

.

فاللوحة مازالت مائلة!!!

***

الأمر الآخر من الأمور الغريبة التي طرأت في حياة (أمل) .. سماعها لضوضاء في القبو بعد منتصف الليل أثناء وجودها في المطبخ لشرب الماء..

ذهبت (أمل) للقبو للتحقق من الأمر.. وبعد أن كان الهدوء مخيم في القبو,ضغطت زر المصباح للإضاءة وعند ضغطها للزر لمحت ظل أسود لرجل طويل الاقامة ذو شعر طويل يحدق بها..

“ريااااااااااااااااااااااااااااااض”

استيقظ (رياض) اثر صارخ زوجته ووجد أنها ليست بالفراش,وخرج من غرفته متجهاً للمطبخ فهو المكان القريب من مصدر الصوت..وجد زوجته تخرج من القبو مذعورةً تكاد أن تلتقط أنفاسها:

“رياض.. هناك شخص ما بالقبو”

نزل (رياض) لوحده للقبو وبينما تنتظره زوجته في المطبخ.. قام (رياض)بتمحيص القبو وتفتيشه, وبعد بضع دقائق.. خرج (رياض) متأففاً من القبو عبر الدرج الموصل للمطبخ..

“لا تتأفف يا رياض لقد رأيت شخصاً في القبو”

تمالك (رياض) أعصابه”حبيبتي لا يوجد أحد في القبو”

“انت لا تصدقني”

“حياتي لو افترضنا أن أحداً في القبو.. فلا سبيل له الخروج سوى الدرج المؤدي للمطبخ.. فلو حصل ذلك لرأيناه”

“مازلت لا تصدقني”

“لا تبالغي لا يوجد أحداً”

***

بدأت تطرأ أمور أكثر غرابة في هذا المنزل وهو اختفاء الأغراض الشخصية لكل من الزوجين بصورة غامضة..

على سبيل المثال ضياع حقيبة العمل التي اعتاد (رياض) أخذها عند ذهابه للشركة..

“أين وضعتي حقيبتي”

“قلت لك.. لقد وضعتها في الخزنة”

“لم أجدها في الخزنة”

“أقسم لك أني وضعتها في الخزنة يوم أمس”

“يا ربي.. كيف لي أن احضر الاجتماع وحقيبتي ضائعة.. يوجد بها مستندات مهمة”

“صدقني رياض”

“لقد وضعتيني في موقف حرج في الاجتماع.. عموماً سأذهب للشركة لعل أجد نسخ من المستندات التي أضعتيها”

“لم أضيعها يا رياض صدقني”

خرج رياض متأففاً من زوجته مستقلاً سيارته متجها لمقر عمله..

***

بعد عودة (رياض) من عمله ودخوله للبيت.. وجد زوجته جالسة على الاريكة أمام التلفاز في صالة المنزل.. ابتمست له زوجته وقالت:”أهلاً بك عزيزي.. كيف كان العمل”

لم يرد لها (رياض) مخاصمها.. منحها نظرة حادة توحي بكم كبير من الغضب الذي يحبسه داخل قلبه من جراء الموقف الذي تعرض له في الصباح.. ودخل غرفته صامتاً ليغير ملابسه..

حزنت (أمل) بشدة من جراء هذا التصرف.. تصرف (رياض) القاسي..

ثم استمر الزوجين متخاصمين طوال اليوم.. لا يكلم أحدهما الآخر.. وحل الظلام الحالك وقاربت الساعة إلى منتصف الليل..رقد الزوجان في الفراش صامتين لا يتحدثان مع بعضهما إلى أن غلبهما النعاس وناما.

استيقظت (أمل) فجأةً إثر صوت فتح باب غرفة النوم.. شعرت بقمة الهلع إثر ما رأته.. فقد رأت مرة أخرى صاحب الظل الأسود ذو الشعر الطويل غير واضح الملامح يفتح الباب ببطء متجهاً إليها بشكل تدريجي..

أحست (أمل) بحالة أشبه بالجاثوم.. مشلولة الحركة..نبضات قلبها تزداد.. بين اليقظة ولا يقضه, وصاحب الظل يقترب ويقترب ويقترب..

ألتفتت (أمل) إلى زوجها فوجدته مازال نائماً كأن شيئاً لم يحدث..

حاولت الصراخ ومناداته “ررريا..ررريا” لكن دون جدوى.. لم تستطع النطق فقد احست بثقل على لسانها أعاقها على النطق..وصاحب الظل مازال يقترب حتى انتفض إليها بطريقة مباغته وأمسك برقبتها محاولاً خنقها وهي لا تسطيع الحراك..

استمر صاحب الظل الأسود بخنق (أمل) بيده بقوة, وأصبحت تشعر بنقص في الأكسجين والعرق يتدفق على جبينها..

ولحظة أن شعرت بأنها على وشك الهلاك..

فجأة!!

أطلقت شهقةً قوية كافية بتعكير نوم زوجها..

“ما بك أمل”

ضمّت (أمل) زوجها وهي ترتجف مرتاعةً.. أصابها الروع.. وأصبحت تبكي بشدة..

“رياض.. رياض ساعدني.. أرجوك ساعدني”

سكت (رياض) مرتبكاً.. مستنكراً الوضع.. لا يعرف ماذا يجيب لها.. متردداً بعض الشيء.. هل يرد عليها أم يستمر على نهجه السابق(الخصام)

***

في أحد الأيام زارت (مريم) (أمل) في بيتها..ومكثا في غرفة المعيشة,وأصبحت (أمل) تفضفض لها..

“أنا متأكدة يا(مريم) أن هناك شيئاً غريباً في هذا المنزل.. كوابيس مزعجة تنتابني.. أحياناً أشعر أن هناك شيئاً غريباً يجري في دمي.. فجأةً أرى أشياء غريبة تطرأ بالمنزل.. كما لو كان أن هناك شخصاً يحاول النيل مني..و(رياض) بدأ ينزعج مني.. لا أحب أن أخبره بكافة التفاصيل حتى لاينزعج أكثر”

“متى بدأت معك تلك الأشياء الغريبة”

“بعد ثلاثة أشهر تقريباً من زواجنا”

أطلقت (مريم) ضحكة مفاجئة من جراء إجابة (أمل) على سؤالها..

” ههههههههااااااي”

“تضحكين.. وأنا في هذا السوء”

“عذراً لا أقصد ذلك.. لكن هل تقصدين أنك مصابة بعين الشيطان.. كفاك هراء..لاتصدقي تلك الخرافات”

“لا أعلم ماذا حصل لي.. أحياناً أفكر أن اترك هذا المنزل”

“قد يبدو أنك تتهيئين أو تتخيلين”

“حتى أنتي يا (مريم) لا تصدقينني”

“لا تسيئي فهمي يا(أمل).. كل ما في الامر أنه أريدك أن تنسي فكرة الخروج من هذا المنزل الضخم..لا تبالغي.. أعني مسألة الكوابيس يمكن أن تحدث مع أي شخص.. ها أنا أمامك لقد مررت بكابوس قبل يوم أمس..لا تكبري الموضوع”.

لم تصدق (مريم) ما قالته لها (أمل) عن معاناتها منذ زواجها وانتقالها إلى السكن في هذا القصر..

***

 “أمل عزيزتي أحضرت لك مفاجئة..أنظري”

“واااااو رياض قطة جميلة”

أهدى (رياض) زوجته قطة شيرازية بيضاء لإرضائها خصوصاً في الفترة الأخيرة حيث كثرت الخلافات الزوجية بينهما, فهو يعلم أن زوجته تحب القطط كثيراً.

ألقت (أمل) رأسها بحضن زوجها ودموعها ترقرق على وجنتيها و(رياض) يربت شعرها:

“تستحقين أكثر من ذلك حبيبتي”

حاولت (أمل)تفضفض ما في داخلها:

“لا أعلم ماذا يحصل لي أو في هذا المنزل ..أريد تركه يا رياض “

“هوني عليك عزيزتي”

لكن الفرحة لم تكتمل.. ففي أحد الليالي ذٌهل (رياض) من منظرٍ مفجع جعله يسقط على الأرض بعد أن كان واقفاً, فقد رأى زوجته في الحمام بيدها سكينة.. تقوم بإخراج أشلاء القطة وهي ميتة و(أمل) تضحك بطريقة هستيرية..

“أمل ماذا أصابك”

استمرت (أمل) في ضحكتها الهستيرية غير مكترثة لزوجها, فهي لاتعي ماتفعله.. فلم يجد (رياض) أمامه وسيلة لمنعها من الاستمرار في تشريح القطة سوى أن يمسك يدها بشدة وينتزع منها السكين بالقوة..تغيرت حال (أمل) بشكل متناقض فأصبحت تبكي, وازداد بكائها عندما رأت يديها ملطخة بالدماء:

“لا أعلم ماذا جرى لي يا(رياض)”

كانت (أمل) تتصرف دون وعيها و(رياض) لم يلاحظ ذلك حتى الآن..ولم يصدق ما قالته ومافضفضته عن معاناتها..

***

أشتد الخلافات والمشاكل الزوجية بين الزوجين مع مرور الأيام..حتى على أتفه الأسباب.. أصبح كل منهما لا يطيق الآخر..الكوابيس والظواهر الخارقة واختفاء الأغراض الشخصية مازالت تحدث ..

“لا أستطيع أن أتحمل المزيد من الضغوط بسبب كوابيسك.. يكفي لدي مليون شيء يخص العمل لم أنجزها.. تأتين أنتي بخزعبلاتك”

“لماذا تتعامل معي هكذا “

بمرور أكثر من شهر بلغت المشاكل الزوجية ذروتها..عاشا فيها الزوجان أيام حالكة مظلمة لأنور فيها ولا أمل..

..فكر (رياض) بالانفصال (الطلاق) عن زوجته..أصبح لا يطيق العيش معها.. وكاد أن يتخذ ذلك القرار لو لا نصيحة أحد أصدقائه له بالتريث واللجوء إلى الرقية..

***

اقتنع (رياض) فكرة ونصيحة صديقه باللجوء إلى شيخ للرقية..كان معتقداً أن عيناً أصابت المنزل أثرت على العلاقة الزوجية.. دله زميله إلى شيخ معروف عن بالصلاح والتقى..شخص متخصص بالرقية يدعى”صالح”.

توجه (رياض) بسيارته إلى قرية بقرب مدينته التي يسكن فيها..هذه القرية أغلبها بيتها من الطين.. ثم ركن سيارته عند وصوله للقرية, وأكمل بقية المسافة سيراً على الأقدام عبر بيوت قديمة متهالكة حتى وصل البيت الطيني المقصود.. .

وجد(رياض) الباب ليس موصداً, وسمع صوت لقراءة القرآن منبعث من الداخل.. .

دخل (رياض) البيت ووجد كهلاً في العقد السادس يرقي شاباً في العشرينيات يبكي بشدة..

بادر (رياض) بالسؤال””هل هذا منزل الشيخ صالح”

أشار الكهل بيده وهو منشغلاً في الرقية..دون أن يلتفت إليه.. إشارةً فهم منها (رياض) بأن عليه الانتظار في الغرفة المجاورة..

وبعد مكوث (رياض) قرابة ساعة في الغرفة..دخل عليه الكهل.. بادر(رياض) بالسؤال:

“الشيخ صالح”

“وصلت يا بني”

حكى له (رياض) عن معاناته ومعاناة زوجته.. ثم بعد ذلك اتجه الاثنين بسيارة (رياض) إلى المدينة لمقابلة (أمل).. .

قابل الكهل (أمل) بحضور زوجها وعلامات التعب والإعياء بدأت تظهر عليها..وحكته له كافة التفاصيل والأمور الغريبة التي تحدث لها وخصوصاً, وقد وجه لها الكهل مجموعة من الأسئلة التي تتعلق بالكوابيس التي تراودها, وبعد اجابة (أمل) عليها,قال الشيخ الكهل:

“أممممممممممم..سنبدأ بالرقية.. شفاك الله يا بنتي.. ما ترين بأس.. رياض قد احتاجك بالإمساك بها كن مستعداً”

“علم”

استهل الشيخ بصوته الشجي بالبسملة وقراءة سورة الفاتحة ثم سورة البقرة,و(أمل) مسترخية مغمضة العينين.. لم يبدر منها سلوك غير طبيعي.. وعند قراءته للآية (102) من سورة البقرة..بدأت (أمل) ترتجف في أطرافها والعرق يتدفق على جبينها..ومع الاستمرار في الرقية ..تفاجئ (رياض) بقيام (أمل) بلطم نفسها والصراخ فجأة.. وأصبحت تترنح يميناً وشمالاً ثم تقوس ظهرها..والحدث الأكثر رعباً والذي جعل (رياض) تتسع عيناه ذعراً أثناء تحديقه بوجهها هو زوال عينيها ليحل محله بياض مخيف جداً..حاول أمساك زوجته لكن أصبح وضعها يتفاقم.

لاحظ الشيخ تأثر (أمل) بتلك الآية.. تيقن فعلاً أن الذي أصابها ليس العين وإنما السحر, وهتف قائلاً:

“إذاً أنت دخلت هذا الجسد عن طريق السحر”

ردت (أمل) بصوتها رداً غريباً:

“لا تستطيع مجاراتي أيها الطيني”

أصبح سلوك (أمل) عدواني.. أصبحت تسب وتشتم وتتلفظ على الشيخ وحتى (رياض) نفسه بألفاظ اباحية ساقطة متهتّكة يخجل على المرء ذكرها.. .

استمر الشيخ في الرقية غير مبالياً فيما تقوله.. فهو متيقن بأن الذي يحدثه ليست (أمل)..وإنما شيطان مُرسل للتسليط عليها..

ولكن السؤال هو: من الذي قام بذلك (السحر)؟

وجه الشيخ ذلك السؤال لذلك الشيطان اللعين وكذلك السؤال عن مكان وموضع العمل السحري..والشيطان مازال يتلفظ بتلك الألفاظ الداعرة..

استمر واستمر الشيخ في الرقية..وأصبحت الغرفة بأوانيها وأثاثها تهتز كالزلزال.. لاحظ (رياض) أن الوضع أصبح يتعاظم ويتفشى.. حاول منادات الشيخ :”يا شيخ..يا شيخنا الكريم توقف”.. إلا أن الشيخ مازال مستمراً في الرقية غير مكترثاً بذلك محاولاً الضغط بشدة على هذا الشيطان المتسلط لمعرفة مكان السحر والمتسبب به..

وأخيراً!!

نطق الشيطان الرجيم بالمكان..

.

.

.

اللوحة الزيتية لشجرة الزيتون!!

 

والأهم من هذا كله..

هو نطق ذلك الشيطان باسم الشخص الذي قام بسحر هذا المرأة الضعيفة

.

.

.

(مريم)!!!

 

***

بفضل الله وبرحمته شفيت (أمل) من السحر في ثاني جلسة.. فلا يمكن وصف فرحة الزوجين حينها بعودة السعادة إلى حياتهم الزوجية كأن روحهما ردت إليهما بعد أن كادت تلك الأيام الحالكة تقودهما إلى حافة الانفصال..

لكن (أمل) صُدمت بخبر زوجها لها بأن السبب في أيامها التعيسة التي قضتها هي صديقتها (مريم).. فلم تصدق بذلك في البداية إلى إن قامت بالاتصال على هاتفها الخلوي موبختها:

“لماذا كل هذا الكره والحسد..ماذا فعلت لك حتى تفعلي بي ذلك”

أنكرت (مريم) في البداية.. لكن مع تكرار الضغط والإلحاح من قبل (أمل) عليها .. فقدت (مريم) أعصابها, وردت برد يفضح ما تخفيه في جوفها من مشاعر حاسدة..

.

.

.

“أي شيء لا أملكه تملكيه أنتي”

صعقت(أمل) بصعقة كهربائية صعقتها هذه الحاسدة بجملتها الأخيرة .. فصديقتها المقربة تقول ذلك..

***

هاهي اليوم (أمل) عادت حياتها طبيعية وأصبحت تضيء منزلها بابتسامتها وطيبتها وحيويتها ورعايتها لزوجها (رياض) ..

أما (مريم) فقد هربت خارج البلاد تاركة منزلها خشيةً من أن يتم القبض عليها من قبل الشرطة بتهمة السحر..

العبرة من هذه القصة الطويلة أن الصديق الحقيقي هو الذي يتمنى لك ما يتمناه لنفسه ..يشعر بالسعادة لتحقيقك النجاح حتى وان لم يحققه.. ويتمنى لك الخير دائماً..

تاريخ النشر : 2015-10-13

علي النفيسة

السعودية
guest
37 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى