أدب الرعب والعام

حُب غير مَشروط

بقلم : ميم – قطر
[email protected]

حب غير مشروط لم يعني اطلاقًا الحب الخالص والغير معهود بل عنى ان تحب أحدهم دون شروط!..

كانت تبحث عن مايسمى بالأهتمام ، إنه شيء يتواجد في ما بين العالمين.

أسفل حلكة الليل ، وفي احد البلاد البعيدة بسطت احدى العوائل خيامها في صحراء قاحلة غير مأهولة بالبشر ، همت العائلة المقبلة على إكمال رحلتها غدًا في تنظيم أغراضها وترتيبها للمبيت هنا ، حل الليل ومن الصعب اكمال السير ليلاً.

مرت الدقائق والساعات سريعًا وغفت العائلة في سباتًا عميقًا ، ماتغافلوا عنه لم يكن هينًا بل كان اعتداءً لممتلكات الغير!.

فتحت خيمتها وخرجت لم يجافيها النوم هنا ، فالأرض قاسية وصلبة والخيمة ضيقة جدًا وتضفي شعورًا خانقًا ، تتبعت خطواتها البطيئة خطوات أحدهم ، التي كانت اكثر ثقلاً وبطئًا ، تتوقف فتتوقف معها صوت خطوات الأخرى ، على أي حال لربما تتوهم الأمر.

جلست على احدى الصخور ، إعادة ظهرها للخلف قليلاً لتمدد يديها للأمام ، لازالت عالقة بالتفكير بالكثير من الأشياء ، استعدلت بعد قليل لتلاحظ نظرات أحدهم المسترقة لها.

تجاهلته لكنه استمر بالتحديق بصمت ، يبدو رجلاً في منتصف عقدة العشرين! ، قالتها محدثة ذاتها بتساؤل..

كانت هيئته توحي بضخامته ، لكنه يمتلك هالةً مضيئة تضيئ ماحوله.

اقتربت منه اكثر لكنه أختفى كسراب اخلف بعده شيئًا ثمينًا لم تعلم قيمته ، هل نسيه؟ ، أم انه كان موجودًا ولم يلحظه حتى؟.

أخذته بيدها تنظراليه بفضول ، كان يلمع بشدة كلما رفعته باتجاه ضوء القمر ، طغى اللون الأخضر القرمزي عليه تمامًا.

كان خاتما يبدو عليه غلاء سعره لم يتطلب الأمر فحصًا دقيقًا من بائع المصوغات لتعلم بأنه نفيس.

لقد شارفت الساعة على الواحد مساءً ، فقدت مرة ساعة كاملة على خروجها بالفعل وعليها العودة حاليًا..

اخذت تسير بخطوات متسارعة قليلاً ، فتحت خيمتها ليستوقفها صوت رجولي هادئ دوى من خلفها ، جفلت لوهلة لكنها التفت سريعًا تنظر حولها بخوف ، سراب لم يعد هنالك أحد ، لكنها الرائحة ذاتها!!.

تغافلت عن تلك الأمور متعذرة بتأخر الوقت وبأنها متعبة لذا لربما كانت هلوسات مؤقته ، غفت ليحل اليوم الأخر سريعًا.

لم تكن نظرات والدتها ووالدها مطمئنة اطلاقًا ، فما حدث في الليل يعد شيئًا آخر، ابتعدت عن خيمتها لتراقب ما حل بسيارتهم ، لقد دمرت بالكامل! ، أم بالأحرى عليها القول بأن احدهم قام بتخريبها ؛ لكن ما نتحدث عنه هنا هي صحراء قاحلة!؟ ، من قد يأتي في منتصف الليل لتخريب سيارة أحدهم ثم يهم مكملاً طريقة؟.

تذكرت ما وجدته مساءً ، لتدخل خيمتها سريعًا باحثة عنه ، مازال موجودًا لكن ومع ذلك وجدت رسالةً مكتوبًا بها:

“لم ينتهي انتقامي بعد!!.”

جفلت واتسعت عينيها لتقع الورقة من بين يديها بخوف ، رجفه سرت في أوصالها لتخفي الأمر عن والديها واخيها ، تقرر بقائهم ليومًا اخر على امل مرور احد السيارات لمساعدتهم ، وإيجاد حل لضعف الشبكة اللاسلكية.

حل الليل ولم يعد النوم يجافيها بعد محتوى تلك الرسالة ، لتخرج قليلاً لعلها تجد حلاً لما حصل معها وهي تسير في الهواء الطلق..

لتعود اصوات الخطوات مجددًا ، لكنها هذه المرة شعرت بكيان أحدهم يلامسها من الخلف ، غطى بيده عينيها سريعًا قائلاً بوتيرة هادئة:

– سديم.

اتسعت عينيها كادت تفقد عقلها ، هو يقف تمامًا خلفها ، صوته دوى في أذنيها يحدث وقعًا ثقيلاً على قلبها يتبعه تسارع نبضاته ، يحاول التقرب منها بحذر كان ذلك واضحًا حتى لطفل بلغ السادسة لتوه ، لكن لماذا؟..

ابت الكلمات إن تخرج من ثغرها حتى اكمل قوله:

– ما يخيفكِ يا سديم؟.

انسابت دموع عينيها برفق على وجنتيها خوفًا ودفئًا من كيانه ، اشتد قربه منها وشعرت بتلاصقه في ظهرها ، كان قريبًا لدرجة أن أنفاسه الساخنة بحرقة تضرب عنقها.

تنفست الصعداء ، لم تكن تخشى الأمور الغريبة لكنه كان قريبًا جدًا لدرجة لم تمنحها فرصةً لمعرفة ما يجب عليها قوله لكنها أردفت أخيرًا:

– من أنتَ؟.

– أوس.
اختصر الحديث بتلك الكلمة مبتعدًا عنها ، لم تكد تلتفت حتى ذهب تاركًا الرائحة ذاتها.


سقطت أرضًا فلم تعد قدميها تقوى على الوقوف اكثر من ذلك ، اخذت نفسًا عميقًا لتقف مجددًا بعد لحظات عائدة للخيمة.

كانت النار مشتعلة على غير العادة ، فلم ينسى والدها يومًا النار مشعله قبل خلوده للنوم ، اقترب وجلست أمامها لعلها تهدئ من روعها قليلاً ومن ثم تطفئها وتهم للنوم.

عادت لخيمتها واخرجت الخاتم حينما طرأت ذكراها في ذاكرتها ، اخذت تنظر اليه وهي عائدة للجلوس في مكانها..

تحسسته برفق بأناملها لتجد كيانًا غريبًا يجلس امامها لم يفصل بينهما سوى حفنة من الحطب المشتعلة.

جفلت من الخوف من منظره ، هيئة ضخمة البنية وبشعة المنظر ، يمتلك قرونًا كقرني الماعز كما ان ملامحه لم تكن متناسقة إطلاقًا ، لكنه بالمقابل امتلك جسدًا بشريًا.

أضفى حضور الرائحة والهالة ذاتها ، لكن اجنحته السوداء احاطتهم برفق ، لم يكن متوترًا من الظهور بهئيته الحقيقية أمامها ، عليه فقط كسب ثقتها وذلك بإستخدام نقطة ضعفها التي لا تستطيع مقاومتها!.

كونها متعطشة للحب والأهتمام من أحدهم.

– سديم؟ ، قالها بوتيرة هادئة كسابقتها تمامًا ، أولاً عليه تهدئتها من ثم التفكير بطريقة لكسب ثقتها.

– نـ .. نعم؟ ، قالتها تحاول استجماع ماتبقى لها من شجاعتها!.

– ما يقلقكِ؟ ، قالها بتساؤل.

– لـ ..لا شيء ، اردفت بتلعثم.

– تحدثي باريحية لن أؤذيكِ ، سأكون حارسكِ ، قالها بنبرة دافئة اربكتها لتقول:

– حارسي؟.

اطفئ النار ، وغطى عينيها بيده ، ليغير من هيئته لعله يقترب منها اسرع ، كان ملمس انامله على عينيها غريبًا ، لم تكن باردة كما توقعتها لكنها كانت اشبه بكمادة دافئة ، لها ملمس ناعم جدًا ورائحة مميزة.

علي التوقف عن التفكير في تلك الأشياء الغبية والتركيز هنا ، ما الذي يحاول هذا الجني فعله الان لها! ، هي لن تقع في حيله ابدًا.

– ما الذي تريده؟! ، قالتها بحزم واقفة بعد أن ابعد يده وغير من هيئته.

– اخبرتك بالفعل ، إن اكون حارسكِ ، قالها بهدوء.

لما يبدو هادئًا وكأنه يعرف مسبقًا ما ستقوله وما عليه الأجابة به ، لن يفلح ذلك معها ، ماذا به يردد بأستمرار تلك الكلمة عديمة الفائدة و….استوقف أفكارها قائلا بمودة وهو يمد يده:

– لنكن صديقين ، لطالما اجتاحني الفضول عن العالم الأخر والبشر، سأستمع إليكِ دائمًا وسأصدقكَ أليس هذا ما تريدينه يا سديم؟.

– حسنًا ذلك…
قالتها متوترة ، لقد بدأ بكسبها في صفه ، انها مترددة ما يعني املاً كبيرًا في نجاح خطته

” اقتربي اكثر مني ياسديم ، سأريكِ جحيم العالم السفلي!” ، قالها محدثًا ذاته.

لم يتطلب الأمر الكثير ليجذبها ناحية ، حبها للعالم الأخر كان دافعًا قويًا لجعلها تعطي الأمر فرصةً ، بقيت تقابله لأشهر حتى بعد عودتهم للمنزل ، اصبح ملازمًا ومرافقًا لها وكأنه اقسم الولاء على حمايتها للأبد.

أثبت صدقه لها بمساعدتها والأستماع إليها ، ملئ الفرغات الفارغة في قلبها ، حتى بدت تحبه دون قيود.

لم يكن يعلم بشأن ذلك الخاتم القرمزي الذي تحتفظ به ، فقد كانت طاقته منخفضة ومطفئ منذ وفاة صاحبه.

كان عليه فقط اخذها اكثر قليلاً إلى جانبه ثم تنفيذ خطة انتقامه! ، ما الذي جعلها ثمينة له؟.

– أوس ، إذا ما كنت على شفير الموت ما الذي ستفعله؟. قالتها فجأة قاطعة رزمة من الأسئلة الأخرى.

– بالتأكيد سأنقذك!!. ، قالها بعفوية غير مدركًا لكلماته ، لتجفل عينيه حينما أدرك انجراف مشاعره اللعينة تجاهها.

ليردف بنبرة اكثر برودًا قبل أن يهم ذاهبًا:

– سأذهب الان.

اختفى كالسراب في الصحراء مخلفًا خلفه تلك الرائحة الشذية التي استنشقتها براحة كلما رحل عائدًا كلما ترك شيئًا خلفه لا يخلفه أحدً.

كانت ملاحظة تمامًا لبرودته المفاجئة لكنها عالقة في كلماته الدافئة الأخيرة ، قالها دون تفكير او انتظار، ايعني ذلك حقًا؟.


سارت الأسئلة في دوامة الأفكار اللامتناهية ، وهي تراقب الخاتم الأخضر الشبيه بلون عينيه القاتمة.

انتفض جسدها حينما فتح والدها الباب بغتةً ، لتخبئ الخاتم سريعًا لكن ولسوء حظها كان قد سبق ولمحه ليردف بنبرة اكثر صرامةً من العادة:

– من اين لكِ هذا؟!!!!.

– لـ.. لقد وجدته ملقًى على الأرض خلف احد الصخور في الصحراء سابقًا لذا احتفظت ، أليس جميلاً؟. 

قالتها وهي تنظر اليه بحب ، كان جذابًا للغاية.

– هـ.. هل جننتي؟! ، قالها جاحظًا عينيه ، أوليس الزمن يعيد نفسه فقط؟!

هو لم يقترب منها أليس كذلك؟! ، عليهم مغادرة هذا المنزل سريعًا!!.

– ابي؟ ..ابي؟! ؛ هل هنالك ما يشغل بالك بشأنه؟. ، قالتها متسائلة.

– اجمعي أغراضكِ حالاً ؛ سنغادر هذا المكان في اقصى سرعة!.

قالها بحزم مشيرًا بيده إلى أغراضها.

– انتظر ما الذي تقوله فجأةً؟! ، قالتها متسائلة بقلق ، يبدو متوترًا وكأنه يحاول الهرب من شيئًا ما!!

– لا أمتلك وقتًا كافيًا للشرح لكِ الان! ، قالها حازمًا ليقاطع حديثه ظهور أوس المفاجئ.

– لقد مر وقتًا طويل..

– أوس! ، قالها متوترًا.

– اجل إنه انا ، لم اتوقع رؤيتك حيًا بعد ما فعلته ؛ اعتقد بأنك عشت بشكل جيد كما انك كونت عائلةً لطيفة. ، قالها أوس ساخرًا ليكمل بحزم.

– لكن الأن عليك دفع ثمن مافعلته ، امسكوه.

هتف بها ليخرج من خلف والدها رجلان بشعا المنظر وبهيئة جسدية غريبة ، نظرت إلى أوس مردفة:

– احتاج تفسيرًا لما تفعله!

– لستُ مجبرًا على شرح ما افعلهُ لكِ ، ابتعدي من امامي حالاً ولا تقحمي نفسكِ بالأمر.

قالها بغضب مشددًا على كلامته الأخيرة ، لقد اخرجها من انتقامه فورًا ، لن يقحمها فيه ابدًا.

– اعطني سببًا واحدًا لما تفعله والإ لن ابرح مكاني!.

قالتها بحزم ، ليقترب منها ساخرًا وهو يصر على أسنانه:

– اخبرتك بأن تبتعدي من امامي اولم افعل!!.

– أوقف ذلك حالاً ، ما بالك اصبحت فظًا للغاية. ، أردفت بها ليهتف والدها قائلاً:

– سديم أخرجي من هنا يا بنتي ؛ انه خطئي بالكامل وعلي تحمل مسؤوليته!.

– بربك ما الذي تتحدثان عنه!. ، هتفت بها وقد ضاق بها الحال.

– هذا ليس من شأنك!. ، قالها أوس ليقاطعه والدها قائلاً:

– لقد قتلت صديقًا يا عزيزتي وها انا هنا اتحمل عواقب أفعالي.

ما الذي تعنيه؟ ؛ كلا اعني لم تمتلك صديقًا يومًا لذا عن ماذا تتحدث؟.. ايضا..

– لنتوقف هنا. ، قالها أوس مقاطعًا حديثها.

– اعتقد بأنني لم اكمل حديثي بعد!.
أردفت سديم غاضبة.

– لستِ بحاجة لأكماله ، وجودك اصبح يعيقني لذا أخرجي حالا!!.

قالها أوس مشيرًا إلى الباب ، لن يأخذه إلى عالمه ليقتله بل سيقتله بطريقة اكثر بشاعةً في عالمه ثم يترك جثته القذرة ويغادر.

– كان ذلك استغلالي. ، اردفت بها فجأةً.

– ما الذي تتحدثين عنه الان؟! ، قالها أوس بنفاذ صبر.

– اقتربت مني فقط لأكمال مخطط انتقامك ، لم تكن يومًا صادقًا معي ؛ كان كل شيء عبارة عن حفنة من الأكاذيب!.

أردفت بها لتنسال دموعها بغزارة على وجنتيها ، اللعنة كان عليه التفكير في حل ما قبل ان يقتحم المكان هكذا لكنه لم يرغب بتركه يهرب مرةً أخرى والإ صعب عليه إيجاد ، بالنسبة لخادم لم يكن يمتلك شيئًا من القوة او القدرة كبقية الجان!.

كانت عائلة أوس تقسم الولاء المطلق للشخص الذي يقوم بإنقاذهم من الموت ، لذا اقسم أوس بذلك لوالد الفتى أبيل الساحر الذي ساعده مرةً في الخروج حيًا من شجار بين الجان كاد يودي بحياته ، كما يعد النسب مهمًا لدى البشر كان مهمًا في العالم الأخر.

قام الساحر بمداوته ومساعدته لفترة حتى إستطاع العودة لطبيعته ، ليجثي على ركبتيه فجأةً مقسمًا الولاء له ، لم يكن الساحر مهتمًا بذلك في ذلك الوقت فلا رغبة له بالحماية من الجان.

حتى كون ذلك الساحر عائلة اصبح يعتز بها كثيرًا ، اصبح أوس اشد قوة من قبل ، كما انه تعلم أساليب السحرة ولم يعد احد يتجرأ على الأقتراب منه ، أشتد مرض الساحر وزوجته عند انتشار الوباء ليوصي أوس بأبنه الذي بلغ السادسة لتوه!.

– أوس كما اقسمت لي الولاء ايمكنك حمايته؟.

هز أوس رأسه باكيًا ، كان فقده يعد كفقد جزءً من روحه ، لم يتقبل أوس فكرة فقدانه تمامًا ولم يتخطاها ابدًا ، لكن وكما وعده التزم بوعده.

اصبح أبيل تلميذًا لدى أوس يعلمه السحر وأساليبه التي تعلمها من والده ، ويتنقل به بين العالمين حتى اصبح متمكننًا تمامًا ، وذا مكانة رفيعة لدى احد ملوك الجان الذي كافئه بخاتم سحري قرمزي اللون يعد رمزًا وأرثًا للحماية المطلقة بعد مساعدته له.

حتى صادف أن يأتي ذلك اليوم الذي سيغادر فيه لمقابلة صديق عزيز عليه تعرف عليه عندما كان مبتدئًا في السحر ، بعد أن اوكل لأوس بمهمة مردفًا بأن ليس عليه القلق بشأنه.

والأفراط في حمايته ما لم يكن يعلمه ذلك أبيل هي المكيدة الخبيثة التي صنعها صديقة له ، كان طامعًا في ذلك الخاتم ، لم يستطع الترقي في السحر والوصول لمستوى صديقه لذلك طمع في ما أمتلكه.

لم يحتج أبيل لارتداء الخاتم يومًا ، طالمًا أوس بجانبه فلا داعي للخوف من المردة الذي يحاولون الأقتراب منه أحيانًا ، كما انه ذاهب لرؤية صديقه.

أعد صديقه سحرًا قويًا برفقة عفريتة كانت تتطلع دومًا إلى أوس وما إن اخبرها بأنه أن قتلت صاحبه فستحضى بأوس كخادم مخلص بين قدميها تسيره كيفما شاءت.

قتلت العفريته أبيل لتعود لاحقًا اليه مطالبه بما وعدها به ، وهو تسخيرأوس بأن يصبح خادمًا لها ، لكن ما فعله كان عكس ذلك تمامًا فقد قام بحبسها في سرداب عميق في العالم السفلي متهمًا إياها بقتل أنسي وخرق القوانين بين العالمين!.

في الجانب الأخر وبما تبقى له من قوة ، انتقل أبيل إلى صحراء قاحلة كان قد اوكل أوس بالذهاب إليها للبحث عن غرض ما ، أسند نفسه على صخرة ما يحاول التقاط أنفاسه بصعوبة بالغة ، إعاد الخاتم إلى يده عن طريق السحر ليستنزف المزيد من طاقته ، ما باليد حيله كان يحتاج إليه ليعرف أوس عن مكانه.

كانت اللعنة التي ألقتها عليه العفريته بطيئة ومميته بالوقت ذاته ، شعر أوس بوجوده بفضل  الخاتم الذي أرتبط به معه ، ليعود اليه سريعًا.

ما كان صادمًا هو انه لم يخيل له قط بأن ذلك ما قد يجده.

-أبيل! ؛ ما الذي حدث لكَ؟ ، كان مرتبكًا وخائفًا للغاية لذا بدت الكلمات تخرج من ثغره بصعوبة بالغة ، ما الذي يسيتطع فعله لمساعدته به؟

لقد سمع مؤخرًا بأنه قد يستيطع بيع روحه له عن طريق السحرالأسود ، سيعيش حينها عالقًا في العالمين لكنه ورغم ذلك سيبقى حيًا!.

لم يكد يردف بأقتراحه حتى تحدث أبيل قائلاً:

– أوس يمكنني الآن الموت براحة..

قالها مبتسمًا له ، جفل أوس هاتفًا به بقوة وغضب عارم:

– ما الذي تقوله أيها الأحمق ، سأجد حلاً لهذا لذلك فل تتحمل ذلك قليلًا بعد و…

قاطع أبيل كلماته قائلاً بإبتسامة مصطنعة:

– لا فائدة فقد انتهى وقتي ، انا حقًا سعيدًا كونني استطعت العيش برفقة أوس ، أوس أنت حرًا الآن.

– توقف عن ذكر الأمر وكأنني بقيت إلى جانبك بسبب قسمي!.

قالها غاضبًا ليمسك أبيل يده مهدئًا من اعصابه:

– لازلت تفقد اعصابك سريعًا ، على اي حال عش سعيدًا يا أوس.  

أنهى كلماته ليشتد الألم به اكثر ، اقترب منه أوس خائفًا ، كان يمسك بيد أوس صارخًا بألم كلما اشتدت اللعنة عليه حتى وقف بعد ذلك بهدوء واختفى كالضباب الخفيف أمامه.

جحظت عينيه وهو يراقبه ، لتنسال الدموع بعدها بإنسيابيه ، بقي أوس ضائعًا في المكان وللامكان عالقًا في ذكرى مافقده ، يستمر بفقدان الأشياء من حوله ، حتى وجدها.

كان شعور وهو ينظر إليها منافيًا لما يشعر به تجاه أبيل ، أنه أشبه بأحتضان وسادة ناعمة والنوم بعمق بعد يوم متعب طويل ، كان شعورًا دافئًا لا يستطيع وصفه يزداد شيئًا فشيئًا..

للمرة الأولى لم يفكر بالفقد كان تفكير منصبًا على كيفية الحصول عليها بجانبه وخداعها ولم يجد وقتًا للتفكير بخسارته لها ، اخرجته من غفلته حينما صرخت قائلة بتساؤل:

– أوس؟ ، لم تجبني ما الذي ستفعله إن كنت على وشك الموت؟.

– سأنقذك بالتأكيد! ، قالها بسرحان وكأنه يعيد شيئًا قد سبق وذكره..

ابتسمت بسعادة ليقاطع ذلك قائلاً:

– انتظري! ، أين والدك الان؟

– والدي؟ ، قالتها بتساؤل فقد كانت المرة الأولى التي يسأل بها عن عائلتها.

– أجل! ، أردفت بها مؤكدًا.

– لا يزال في غرفته ، لماذا..؟

– ألم يأتي إلى هنا ، كلا أعني كيف لكِ بالبقاء هادئة بينما كنتِ تبكين قبل قليل!!!.

– أوس ، هل أنتَ بخير؟. ، قالتها بتوتر وهي تضع يدها على جبينه تتفحص حرارته على الرغم من عدم معرفتها أن كان يصاب بالحمى أم لا.

-” عش سعيدًا يا أوس!.” ، جفل للحظات واتسعت عينيه التي انسابت الدموع منها برفق حينما تذكر تلك كلمات التي نسيها منذ زمن طويل!.

نظرت اليه بتوتر ليقترب اكثر قليلاً معدمًا بذلك المسافات بينهم ، عانقها بقوة ليلتها بقوة شديدة تركتها في حيرة من أمره.

لقد اقسم على حمايتها دون شروط هكذا فقط كان شيئًا بينه وبين نفسه.

ميم

قطر
guest
26 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى