أدب الرعب والعام

ذات الفم المشقوق

بقلم : أحمد محمود شرقاوي – مصر
للتواصل : [email protected]

عادت على هيئة روح خبيثة تغطي فمها بكمامة طبية
عادت على هيئة روح خبيثة تغطي فمها بكمامة طبية

رن جرس المدرسة معلناً عن انتهاء اليوم الدراسي فاتجه الطلاب ناحية باب الخروج في ضجر من ثقل هذا اليوم الكئيب ، الغيوم تزحف ناحية المدينة و الشمس تتوارى في خجل ، و البرودة تتقدم في جرأة ناحية المدينة.

تحدثت أكينا في حماس كعادتها :

– هل عرفتم ماذا حدث للطالب هوشي ؟.

نظر اليها أنذو من أسفل نظارته في برود كالثلج قائلاً :

– أخبرينا أيتها العبقرية ؟.

لتجيب بحماس كعادتها :

– لقد هاجمته ذات الفم المشقوق !.

أجابتها جارا  بضجر:

– ألن تكفي عن تلك الخرافات ؟.

أجابتها بغضب قائلة :

– أنا لا أكذب ، تلك الأسطورة حقيقية.

في تلك الأثناء كانت سيارة والد جارا تقف منتظرة إياها ، فانطلقت ناحية والدها الذي قبلها بحب و أنطلق مبتعداً بسيارته معها.

نظرت أكينا إلى أنذو برجاء قائلة :

– هل تصدقني ؟.

أجابها ببروده المعتاد :

– لا أهتم لهذا.

استفزت أجابته أكينا كثيراً فتركته غاضبة و رحلت مبتعدة ، راقبها من أسفل نظارته ثم تجه ناحية بيته و هو يفكر في طعام الغذاء الذي أعدته أمه له.

عاد أنذو إلى منزله ، تناول طعامه ببرود كشخصيته المغطاة بالجليد ، ثم جلس على فراشه يفكر في المشروع الخاص به ، فتح حاسوبه و كتب لفريقه المكون منه و جارا و أكينا :

– متى سنبدأ في التحضير للمشروع الخاص بنا ؟.

لحظات و تلقى رسالة من جارا :

– لقد انتهيت من التحضير و سأنتهي بعد ساعة من نموذج المحيط الأطلسي .

ثم جاءت رسالة أكينا قائلة:

– سأغادر هذا المكان و سأقدم طلباً في الغد للمعلم كي ينقلني من هذا الفريق.

تعجب أنذو من رسالتها و إن لم تتغير ملامحه ليكتب :

– و لما كل هذا ؟.

لتجيب أكينا:

– لن أبقى في فريق يظنني مخبولة و كاذبة.

ثم غادرت أكينا المجموعة.

في اليوم التالي تقابلت جارا مع أنذو ، و لكن اكينا كانت تتحاشاهم بنظرات متعالية ، حاولت معها جارا كثيراً و لكنها كانت مصرة على الانتقال من هذا الفريق ، حتى تحدث أنذو لأول مرة بغضب :

– حسناً ، اثبتي لنا أن تلك الأسطورة حقيقية و سأصدقك فوراً بدلاً من حديثك.

نظرت له بخبث قائلة :

– إنها هناك عند المنزل المهجور.

– و أنا سأذهب معك هناك لنرى إن كانت حقيقة أم خيال ، و لكن بشرط.

– و ما هو ؟.

– اذا لم يظهر شيئاً تعودي إلى فريقنا ولا تتحدثي في مثل تلك الأمور ثانية.

نظرت جارا اليهم في خوف ليشير لها أنذو قائلاً :

– وستذهب معنا جارا أيضاً.

ارتجفت جارا و لكنها لم تسطع الاعتراض فوجود أكينا في الفريق يضيف اليه قوة ليحصلوا على درجات عالية ، و هنا عقّب أنذو بقول :

– سنذهب اليوم عند غروب الشمس لنصف ساعة فقط.

 

انتهى اليوم الدراسي وأكينا في قمة سعادتها ، لطالما تمنت زيارة هذا البيت و لكنها لم تجد رفيق يوماً ، لم تجد سوى الكلمات التي تنعتها بالمخبولة دائماً ، و دقت الساعة ليتقابل الثلاثة عند المدرسة ثانية.

لم يجد أنذو أو أكينا صعوبة في مغادرة المنزل ، و لكن جارا تعرضت للكثير من المتاعب حتى تستطيع الخروج.

تقابل الثلاثة عند المدرسة ، وسط الضباب الذي بدأ يغزو المدينة و تلك البرودة تراقبهم بتحفز ، انطلقوا ناحية البيت المهجور وأكينا تتحدث بحماس شديد:

– يقولون أن زوجها قد قتلها بأن مزق فمها بالمقص مما جعل روحها غاضبة و تهاجم الناس دائماً بالقرب من منزلها ، و يُقال أنك لتهرب منها يجب أن تقول …..

قاطعها أنذو قائلاً :

– ها هو المنزل.

كان المنزل ضخم كالقصر، يظهر من وسط الضباب كالقلعة المهجورة ، يحوم من حوله البوم و يصدر أصواتاً مرعبة ، شعر الثلاثة بالرهبة الشديدة، و إن بقي وجه أنذو بارداً كما هو.

هنا تحدثت جارا و هي ترتجف :

– و الأن لم يحدث شيئاً ، لنرحل من هنا.

لترد أكينا بعناد :

– سنقترب أكثر و نحدث بعض الضوضاء لتخرج لنا.

لم تعقب جارا و لكنها ارتجفت أكثر و أكثر.

و وقف الثلاثة أمام البوابة الضخمة للمنزل و هم يتأملونه بانبهار و خوف شديد.

لحظات و قالت جارا :

– هيا لنرحل ، أنها مجرد خرافة.

أغضبت كلماتها أكينا بشدة فصاحت بغضب و هي تنظر إلى البيت :

– أيتها الجبانة ، ألن تخرجي لنا ؟.

نظر اليها أنذو و قال :

– هيا بنا.

التفت الثلاثة ليجدوا امرأة تقف بعيدة تنظر اليهم ، و قبضت يد جارا برعب على يد أنذو الذي طمأنها و هو يقول بصوت عال:

– من أنتِ ؟.

و هنا وصلهم صوت ودود يقول :

– ما الذي جاء بكم هنا أيها الأولاد ؟.

تنفس الثلاثة الصعداء و توجهوا ناحيتها لتظهر ملامحها أكثر وأكثر ، كانت امرأة عادية و أن اختفى وجهها أسفل كمامة طبية و لم يكن هذا غريباً.

 

اقتربت منهم و هي تنظر إلى جارا قائلة:

– ما الذي جاء بكِ إلى هنا أيتها الجميلة ؟.

فأجابتها جارا:

– كنا نتجول فقط.

– و هل تعتقدين أنني جميلة مثلكِ ؟.

ابتسمت جارا و قالت:

– نعم ، أنت جميلة.

وهنا انتزعت المرأة الكمامة عن وجهها ليظهر وجهها البشع ، كان فمها مشقوقاً حتى أذنيها من الجانبين ، و انتفض الثلاثة بفزع حقيقي و المرأة تصيح بصوت مخيف:

– والأن هل أنا جميلة ؟.

تراجع الثلاثة برعب و هي تصرخ بصوت أعلى:

– هل أنا جميلة أم لا ؟.

أجابها أنذو الذي ظهر الرعب على ملامحه للمرة الأولى في حياته قائلاً :

– ن ن نععمم أنت جميلة.

– اذاً كن جميلاً مثلي.

و في لحظة واحدة أخرجت مقصاً حاداً و ضربت به وجه أنذو الذي صاح من الألم حينما اخترق المقص وجهه و مزق لحمه.

و ركض الأطفال الثلاثة و من خلفهم انطلقت المرأة على أربع وهي تزمجر كحيوان مفترس ، و تفرق الثلاثة كل في اتجاه مختلف..

و لاحقت المرأة جارا و هي تزوم في شراسة حتى تعثرت جارا و سقطت أرضاً ، و اقتربت منها المرأة وعينيها تتسع في غضب و قالت من جديد:

– هل أنا جميلة ؟.

بكت جارا من الرعب و راح جسدها ينتفض ، و المرأة تقترب منها كنمر متوحش يوشك أن يمزق فريسته ، و أعادت السؤال و هي ترفع المقص ناحية جارا:

– هل أنا جميلة ؟.

و لكن جارا أغمضت عينيها و هوى المقص ناحية جارا التي صرخت ، و لكن يد المرأة توقفت على بُعد سنتيمترات قليلة من وجه جارا حينما سمعت صوتاً يقول :

– توقفي.

نظرت المرأة إلى مصدر الصوت فوجدت أكينا ترتجف من الخوف ، اقتربت منها المرأة و هي تعاود السؤال عليها :

– هل أنا جميلة ؟.

و بكل ما تمتلك أكينا من قوة قالت لها:

– هل جارا جميلة ؟.

نظرت لها المرأة في حيرة و قالت من جديد :

– هل أنا جميلة ؟.

لتجيب أكينا:

– هل أنذو جميلاً ؟.

هنا تراجعت المرأة حائرة لتجذب أكينا جارا و تنطلقان بأقصى سرعة مبتعدات و من خلفهم المرأة تتراجع ناحية البيت وعلى وجهها نظرة حائرة.

في اليوم التالي كانت اكينا و جارا تجلسان في المشفى بجوار أنذو الذي خضع لعملية بسيطة لتخيط الجرح ، نظرت اليهما أكينا متأسفة و هي تجيب :

– أعتذر لكما عما حدث.

ليجيبها أنذو:

– نحن من نعتناك بالكاذبة و نحن من نستحق.

– ولكن قل لي ما الذي أخبرت به أبيك ؟.

– لقد أخبرته أنني تعرضت لمحاولة سرقة ، و هو بدوره أخبر الشرطة .

و هنا قالت جارا :

– ما رأيكما أن نغير محتوى المشروع ؟.

ليتحدث أنذو مستفهماً :

– وعن ماذا سنفعله ؟.

ابتسمت في مكر و قالت:

– ذات الفم المشقوق.

 
النهاية……

ذات الفم المشقوق :

تحكي الأسطورة عن سيدة قام زوجها بقتلها و تشويهها ، فشق فمها من الأذن للأذن ، لكنها عادت على هيئة روح خبيثة تغطي فمها بكمامة طبية ، و قد يظن الأطفال أنها مريضة ، لكنها في الحقيقة تريد أن تخفي ذلك الفم المشوه عن الأنظار ،

وعندما تقابل طفلاً وحيداً في الشارع تسأله ” هل أنا جميلة ؟ ” فإذا قال : لا ، تقوم بقتله وتقطيعه بواسطة المقص الذي تحمله ، و إذا قال : نعم ، تنزع القناع عن وجهها و تسأله : ماذا الأن ؟ فلو قال : لا ، تقوم بقتله ، و إذا قال : نعم ، لا زلت جميلة ، تقوم بشق فمه مثلها تماماً.

و يُقال بأن الطريقة الوحيدة لتجنب تلك المرأة هي الإجابة بطريقة مبهمة ، فلو سألتك : هل أنا جميلة ؟ تجيب عليها : أنتِ متوسطة الجمال ، أو تقول لها : هل أنا جميل ؟ عندها تصيبها الحيرة و تتركك سالماً.

يمكنك تحميل المجموعة القصصية نساء مخيفات كاملة من خلال جوجل ، و المجموعة القصصية نساء مخيفات 2 أيضاً من خلال جوجل.

أعمالي الورقية :

إني رأيت.

إن الله سيبطله.

حتى زرتم المقابر.

الميتة والدم.

للطلب والاستفسار من خلال صفحة ببلومانيا للنشر و التوزيع على الفيس بوك.

تاريخ النشر : 2021-03-15

guest
12 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى