تجارب من واقع الحياة

رهاب البشر .. إلى متى؟

بقلم : Day Mare

تسأل الأستاذة سؤالاً تافهاً بالنسبة لي و لكني لا أجيب خشية من السخرية
تسأل الأستاذة سؤالاً تافهاً بالنسبة لي و لكني لا أجيب خشية من السخرية

مبدئياً أنا فتاة انطوائية بطبيعتي و أدرس حالياً في الثانوية العامة .

كُنت أظن أن مشكلتي عبارة عن خجل أو مجرد نتيجة لقلة اختلاطي ، لكني اكتشفت بالصدفة أنه رُهاب اجتماعي بحكم أني مترددة دائماً على المواقع النفسية بدافع التعلم .
لا أدري متى بدأ معي المرض أو هل كان موجوداً أصلاً من قبل أم لا ؟.

لكني لاحظت قبل أشهر أني أبدو بلهاء و متخلفة عقلياً عندما أكون مع الناس ، رغم أني متوفقة جداً دراسياً وعلى المستوى العلمي والأدبي ، ومطّلعة على كثير من المجالات ، إلا أني فاشلة تماماً اجتماعياً.

ببساطة ، نفس التغيرات النفسية والجسدية التي تطرأ على مصاب برهاب الحشرات عندما يمر صرصور بجانبه تطرأ عليّ عندما أكون مع البشر.

أنا من النوع اللامبالي جداً بالناس من حوله ، قد أقوم بموقف شديد الإحراج ولا أشعر بشيء ولا أهتم لما يظنه من حولي ، أو على الأقل هكذا كنت.

الآن كلّ نَفَسْ ، كلّ حركة ، كل كلمة تخرج من لساني ، يتم دراستها وتحليلها بشكل جدّي داخل عقلي ، و يتم إعلامي بشتى أنواع احتمالات ردود أفعال أو نظر لآراء الناس فيَّ ، أصبح البشر هاجسي الأكبر في الحياة : “ماذا يظنون بي ؟” “لماذا ينظر ذلك الشخص لي هل ، أبدو بشعة ؟ ” ” لماذا يضحك هؤلاء ،هل مشيتي غريبة ؟ ” ، “عندما قلتُ ” أهلاً ” هل قلتها بطريقة صحيحة أم كان صوتي مضطرباً ؟ “.

نظرًا لشخصيتي الانطوائية اللامبالية بما حولها يستحيل علي أن أصدق أن هذه الأفكار السخيفة حقاً منيّ ، فأنا التي كنت من قبل أفعل كل شيء بشكل عفوي دون تفكير أو تمحيص ، أفعل ما أريده و فقط و ما دام ما أفعله لا يضر أحد ولا يمس ديني فلا أهتم باي شيء آخر ، وعشت مع العديد من الأصناف الذين مهمتهم في الحياة الانتقاد والتنمر ، ولم يكن كلامهم يرف جفني حتّى .

لكن الآن ، كل شيء مختلف ، أصبحت مهووسة ب”كيف أبدو” و “ما رأي الناس فيَّ” إلى درجة تستنزف كل طاقتي ، تسأل الأستاذة سؤالاً تافهاً بالنسبة لي والذي رغم ذلك لا يجيب عليه أحد ، وعلى قدر رغبتي في الإجابة على قدر خوفي الشديد من موقف أكون أنا فيه محور الاهتمام ، وعلى قدر شكّي المتعاظم في أجوبتي والتي دائماً ما تكون صحيحة بعد أن تصرح الأستاذة بالإجابة لأن أحد لم يُجِب ، لكني أخاف حتى من احتمال 1% أن اُخطِأ و أن يظن الطلاب بي أني غبية و فاشلة.

لا أريد ردوداً منكم حول أنه لو أخطأت فليست نهاية العالم أو أن نظرة الناس لي لا تهم وليس وكأنهم يهتمون لأمري أصلاً ، فأنا أعي ذلك جيداً ، لكن هذه الأفكار تسيطر عليّ بشكل قهري لا استطيع مقاومته ، إضافة إلى الأعراض الجسدية التي تحرجني بشدة ( تزايد ضربات القلب ، إضراب في التنفس ، رعشة في الأطراف ، تلعثم في الكلام ، تغير نبرة الصوت ، الاحمرار والخجل والخوف، تشتت الذهن…)

لذلك ، أنا أخاف الأعراس و زيارة الأقارب أكثر من خوفي من أفلام الرعب والجلوسُ مع مجموعة من الغرباء بالنسبة لي كالجلوس في أحد البيوت المسكونة.
صحيح أني أحاول الاختلاط ومواجهة خوفي إلا أن الأمور لا تتحسن بتلك الطريقة المتوقعة ، و الأمر بات يعذبني جداً ، فشعور كره النفس والخزي والاهتمام المبالغ به بالبشر بات لا يُحتمل .

شعور أن تتمنى أنك لو لم تُولد و أكبر رغباتك هي تختفي دون أثر أو حسّ ، لم أعد احتمله ، ولا أريد أن أعيش به لبقية حياتي.

لدي حياة اجتماعية تلزمني أن أتعامل مع البشر ، التعامل نفسه الذي أهابه لدرجة الموت .
حالياً ولسنين قادمة لا يمكنني زيارة طبيب نفسي ولا أخذ الأدوية لأسباب شخصية ، لذا أتمنى لو أجد حلاً عملياً بينكم يا إخوتي وأخواتي من موقع كابوس ، فقد صار هذا الرهاب ينغص علي عيشتي.

سؤالي هو : هل يمكنني حقاً علاج نفسي بنفسي ، وهل يمكنني أصلاً أن أتعالج ؟.

تاريخ النشر : 2020-08-06

guest
20 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى