أدب الرعب والعام

رهان القاتل (2)

بقلم : البراء – مصر
للتواصل : [email protected]

رهان القاتل (2)
الأكيد هو أننا نتعامل مع قاتل عبقري بكل ما تحمله الكلمة من معاني

 وقف الأربعة في منتصف الغرفة، بدأ كوبريك وقال بهدوء:
– “أخبرني مجدداً بما حدث يا روماريو”.
رد روماريو وهو ينفث دخان سيجارته:
– “حصرنا المشتبه بهم أنا وسباستي لأربعة أشخاص.. منهم لارس.. القتيل، طلب مني سباستي أن أجهز أوراق الاستدعاء ريثما يلقي نظرة أخيرة علی مسرح الجريمة، جهزت الأوراق وذهبت لكي أحضر المشتبه بهم كي نستجوبهم استجواباً رسمياً أنا وسباستي، أول شخص ذهبت له هو لارس، وجدت باب شقته مفتوحاً فطرقته عدة مرات وناديت عليه ولكن لم أجد رد فدخلت الشقة وتجولت فيها قبل أن أصل للحمام وأری جثته”.
قال كوبريك بنفس الهدوء:
– “الآن أنا أريد وبشدة أن أعلق علی مساعدتك الرهيبة لسباستيان ورفضك التام لمساعدتي لكن أفترض أن هذا ليس وقته، كما أشعر أنه قد حان الوقت لتعرفا أنت وسباستيان ما الذي يجري هنا، سيد قبعة.. لك الحديث”.

خلع الأخير قبعته وقال بلكنته الإنجليزية السيئة:
– “مرحباً.. أنا السيد قبعة.. كما قال لكم السيد مبادئ للتو”.
ابتسم روماريو بعد أن أدرك أنه يتحدث عن كوبريك، أكمل ذا قبعة حديثه بعد أن ارتدی قبعته مجدداً:
– “أرجو منكما أن تسمعا ما سأقوله جيداً لأن الأمر علی وشك أن يصبح أخطر من اللازم، نحن نعبث مع عبقري من الطراز الأول هنا، قاتل متسلسل خطير، أردت أن أخلع القبعة له في أكثر من مرة ولكنني قررت أنني سأجد هذا القاتل بدون أن أفعل هذا، التميمة الرئيسية لقاتلنا هذا هي الشركاء”.

نظر له سباستيان وروماريو بعدم فهم فعاد يكمل:
– “هو يقتل شركاءه في الجرائم السابقة، دعوني أوضح الأمر، إن قاتل كينان هو نفسه قاتل لارس هو نفسه قاتل الفتي الثري صاحب شركة رافا التي كان يعمل بها كينان، وهاكم الأمر المثير.. علی ما يبدو فإن كينان ساعد قاتلنا الغامض في جريمته الأولى وهي جريمة الفتی الثري، حينما طلبوا مني أن أساعدهم في جريمة قتل الفتی لأعرف القاتل عرفت أن القاتل لم يكن واحداً بل كانا اثنين، لكن بالطبع قد أكون مخطئاً ..

بعدها وجدت رسالة وصلتني علی هاتفي تقول أن الضحية التالية هي كينان، ولما سألت أخبروني أن كينان ميت بالفعل وأن المحقق الذي استلم القضية هو كوبريك، لذا أخبرتهم أن الوحيد الذي يستطيع أن يساعد في حل هذه القضية هو كوبريك، حينها لم أربط الأمور جيداً ولم أستنتج أن كينان هو شريك القاتل.. ربما كنت لأفعل لو كنت قد خلعت القبعة ولكن هذا ما حدث بكل حال، بعدها تواصلت مع كوبريك لنجد هذا القاتل وتوصلنا لأنه يقتل شركاءه في الجرائم السابقة، وعلی حسب قولك يا سباستيان فإن شريك القاتل في جريمة كينان كان هو لارس الصيدلي، والآن لارس ميت، إذن ببساطة لنعرف من سيموت تالياً علينا أن نعرف الشريك الذي ساعد القاتل علی قتل لارس”.

بدا روماريو محتاراً وبدا سباستيان يفكر، قال كوبريك موضحاً:
– “باختصار أسلوب القاتل هو قتل شركاء الجريمة السابقين.. وكل جريمة يكون مرتكبيها شخصين اثنين.. لذا السلسلة لن تتوقف أبداً”.
قال سباستيان بضيق:
– “نعم أفهم هذا ولكن.. لماذا قد يوافق الشركاء علی القتل من الأساس؟!. ما هو دافعهم؟”.
رد كوبريك بصوت خافت:
– “وهنا الجزء المخيف بالأمر، يبدو أن القاتل لديه شخصية شيطانية تمكنه من أن يؤثر في الشركاء ويقنعهم بارتكاب الجريمة.. كما ويبدو أنه يعرف الكثير للغاية عن حياتهم الشخصية ويعرف أنهم يكنون الكره للضحية، مثلاً كينان كان يكره الفتی الثري كثيراً ويسهل تخيل هذا بما أنه يعمل في شركته وبما أن الجميع يشهد أن الفتی متغطرس، وعلی ما يبدو فإن لارس بدوره كان يكره كينان كثيراً، بالتالي الشريك في جريمة لارس يكره لارس كثيراً”.

قال ذا القبعة رداً علی كلام كوبريك :
– “نعم لكننا نتحدث افتراضاً… لا شيء أكيد هنا، الأكيد هو أننا نتعامل مع قاتل عبقري بكل ما تحمله الكلمة من معاني، لم أقابل طوال حياتي سوی شخصين بهذا القدر من الدهاء، وهذا الشخص هو إحداهما، حينما أخبرني كوبريك بطريقة قتله لكينان تأكدت من أننا لا نتحدث عن قاتل متسلسل عادي.. هو في مستوی آخر”.

كان روماريو يفكر في أشياء كثيرة بينما هم يتحدثون، كان يفكر في أنهم يفوتون شيئاً ما.. حتماً يفوتون شيئاً ما وشيئاً كبيراً للغاية و مهم.. فقط ما هو ذلك الشيء، قطع تفكيره صوت سباستيان وهو يقول:
– “لكن يا سيد قبعة كيف تمكن القاتل من معرفة رقم هاتفك”.
رد عليه القبعة قائلاً:
– “لا أعرف ولكن نظراً لما تمكن من معرفته من معلومات عن الضحايا فلا يجب أن نعتبر معرفته برقم هاتفي شيئاً خطيراً أو مهماً”.

نظر لهما روماريو وهو يفكر.. يتحدثان في أشياء تافهة، وأخذ يفكر مجدداً في ذلك الشيء الذي فوته الجميع.. هو موجود ولكن ما هو؟!! فجأة قطع روماريو الحديث وقال:
– “سيد… بماذا نناديك؟”.
قال كوبريك ساخراً:
– “ناده بقبعة فقط”.
قال ذا القبعة رداً علی روماريو:
– “نادني سام.. اسمي المستعار”.
قال روماريو:
– “سيد سام.. أشعر أننا نفوت شيئاً ما، كنت أحاول إيجاده منذ البداية ولكن لم أستطع”.
قال سباستيان متسائلاً:
– “شيءٌ مثل ماذا؟”.
رد روماريو بتوتر:
– “لا أعرف شيء في البداية.. أو في المنتصف.. فقط شيء مهم قد يقودنا إلی القاتل”.
قال القبعة بهدوء:
– “الآن أهم شيء بالنسبة لنا أن نجد الشريك الذي ساعد في قتل لارس.. بعدها سيصبح كل شيء سهلاً”.
قال كوبريك:
– “هو محق.. لا ينبغي لنا أن نضيع الوقت في معرفة أشياء غير مهمة ، روماريو أريدك أن تجهز لي قائمة بالمشتبه بهم مجدداً، أمامنا يومين قبل أن يباغتنا القاتل مجدداً”.
غمغم روماريو معترضاً:
– “ولكن هناك شيءٌ ما”.

أكمل كوبريك تعليماته متجاهلاً كلام روماريو:
– “أما أنت يا سباستي فأريدك أن تبحث عن أي شخص يمكن أن يكن عداوة للضحية الجديدة لارس.. فقط أي شخص”.
أومأ سباستيان برأسه إيجاباً، وأكمل كوبريك:
– “أما أنا فسأحاول أن أجد أي أدلة في مسرح الجريمة، وسأبقی علی اتصال معكما، إذا وجدت أدلة مهمة قد تساعدكما في البحث سأخبركم”.
– “ماذا عن السيد سام؟”.
قال كوبريك رداً علی سؤال روماريو:
– “لا أعرف هو من يقرر”.
رد القبعة قائلاً:
– “سأبحث قليلاً في حياة لارس معك يا روماريو”.
– “حسناً إذن.. حُسم الأمر، دعونا لا نضيع وقتاً”.

*****

قال سباستي وهو يسند ظهره علی الحائط:
– “لا شيء.. لا يوجد أي شيء، إن الرجل يبدو كـ قس لا يرتكب الأخطاء ويحبه الجميع، حتی القساوسة يكون لديهم بعض العداوات”.
– “إذاً أنت تقول لي أنه علينا أن ننتظر روماريو وصاحب القبعة”.
قال سباستيان متنهداً:
– “نعم أعتقد”.
ثم صمت للحظة قبل أن يقول:
– “صاحب القبعة.. السيد سام، أشعر أنكما تكنان الكره لبعضكما البعض، لاحظت أنك كنت تحاول أن تعاديه حينما قابلناه”.

كان كوبريك يفحص حوض الاستحمام، توقف حينما سمع كلام سباستيان، تلفت له وقال:
– “أتعرف هذا الرجل؟!. لقد قضيت معه بضعة ساعات، أتعرف ما توصلت إليه؟!. إنه ليس بشرياً!”.
رد سباستيان باستغراب:
– “ماذا تعني بـ ليس بشرياً؟!”. عاد كوبريك لحوض الاستحمام ليكمل فحصه وهو يقول:
– “أعني أنني أخاف منه.. أحياناً أخاف منه للغاية”.
– “لماذا ؟. يبدو طيباً”.
– “نعم هو طيب ولا يمكن أن يؤذي حشرة وكل شيء، لكن أتعلم؟!. قضاؤه معنا كل هذا الوقت؟. إنها عطلته فقط لا غير، إنه يصفي عقله ويحظی بوقت هادئ علی الشاطئ”.
– “نعم هذا ما شعرت به أيضاً، شعرت انه يتحدث بغير اهتمام.. أو بهدوء أكثر من اللازم، شعرت في البداية أنه يتحدث بهدوء بسبب لهجته السيئة لكن أدركت فيما بعد أن هذا ليس السبب”.

ثم صمت لوهلة وهو يتابع كوبريك أثناء عمله، قال فجأة وكأنما تذكر شيئاً:
– “أيضاً ما قصة خلعه للقبعة ؟!. ظل يقول لو كنت قد خلعت القبعة لاختلفت الأمور وما شابه، ما الذي سيحدث لو خلع القبعة؟”.
توقف كوبريك عما يفعله ونظر شارداً أمامه لثلاث ثواني أو أكثر قبل أن يقول:
– “حينما يخلع قبعته ؟!”. ثم صمت لثانيتين أخرتين قبل أن يردف:
– “وحش!. يتحول إلی وحش”.
– “يبدو لي أنك تبالغ في تقدير هذا الرجل، ما كل هذا الكلام؟!. يبدو لي شخصاً ذا معدل ذكاء عالي فقط لا غير”.
– “لا أنا لا أبالغ أبداً، لقد رأيت لمحات لما يمكن أن يفعله هذا الرجل إذا قرر فجأة أن يكون جاداً”.

وقف كوبريك وقد بدا أنه انتهی من فحصه، أخرج مذكرته الصغيرة من جيبه وكتب فيها كلمتان ثم وضعها في جيبه وخرج من المكان، تبعه سباستيان قائلاً:
– “أنا فقط أقول أنك أخذت فكرة أكبر من اللازم عنه، أعترف أنه ذكي ولكنك تضعه في مستوی أعلی بكثير من هذا”.

جلس كوبريك علی إحدی المقاعد وأمسك بملف يحتوي علی عدة أوراق.. أخذ يتفحص الأوراق وهو يرد علی سباستيان:
– “في إحدی قضاياه القديمة طُلب منه أن يوقف قاتل متسلسل يرتكب جرائم شنيعة، بعد البحث عرف أن القاتل المتسلسل ليس إلا قاتل مأجور عينه أحد الأثرياء، بالطبع لم يعلم القاتل هوية من عينه.. فقط كان يقتل ويذهب ليتسلم المال في حسابه، عرف القبعة السوداء بهذا فتدخل بين مراسلات الرجل الثري والقاتل المأجور، هل تعلم ماذا فعل؟!. أرسل القاتل المأجور ليقتل سيده.. الرجل الثري، أوهمه أن الثري هو الهدف الجديد بينما الثري لم يكن لديه أية أهداف جديدة، ذهب القاتل إلی الرجل الثري وقتله بدون أن يعلم أن الشخص الذي قتله هو في الأصل من كان يرسل له طلبات القتل طوال الوقت.. عدا الطلب الأخير المزيف الذي أرسله القبعة السوداء، ثم بعد ذلك بعد ذلك جعل الشرطة تمسكه متلبساً بجريمته والدماء علی يده.. بعد قتله للثري مباشرةً، ما رأيك الأن يا سباستي؟!”.

كان سباستيان يحاول أن يستوعب ماقاله كوبريك.. بدا وأنه يفكر في الأمر، وقبل أن يقول شيئاً سمع صوت أشخاص قادمين، نظر ليجدهما روماريو وذا القبعة. قال ذا القبعة بإنجليزيته الرديئة:
– “لم نستطع أن نجد شيئاً.. وأنا متأكد أنك لم تجد شيئاً أيضاً يا سباستي”.
أفاق سباستيان من شروده ورد قائلاً:
– لا.. لم أجد شيئاً”. قالها ثم نظر لروماريو الذي بدا شارداً هو الآخر.. كان يتعرق أكثر من اللازم، قال ذا القبعة:
– “المعلومات محدودة للغاية، النتيجة النهائية.. لارس لم يكن اجتماعياً قط”
رد كوبريك بصوت خافت:
– “وهو المطلوب، قاتل يعرف جيداً كيف يصطاد”
رد ذا القبعة:
– “لو لم يكن لما كان قد وصل لهذه المرحلة، مثير للإعجاب”. قال سباستيان:
– “والحل الآن؟”.
رد ذا القبعة وهو ينظر لساعة الحائط:
– “لا حل سوی الانتظار والمراقبة، مع أن اعتقادي أن هذه هي الجريمة الأخيرة”. قالها ثم اتجه خارجاً وهو يردف:
– “الساعة هنا متأخرة دقيقتين عن توقيت المنطقة.. الساعة الآن هي الثالثة وسبع دقائق”.

لم يهتم سباستيان لما قاله ذا القبعة عن الساعة، عكس روماريو الذي ابتلع ريقه ثم قال بعد أن تبين رحيله:
– “نحن لم ننظر في أية ساعة منذ أن خرجنا من هنا”. تثاءب سباستي وقال بدون اهتمام:
– “وماذا في ذلك؟”.
قال روماريو وهو يمسح العرق المحتشد علی جبينه:
– “أخبرني منذ قليل أنه يحتسب الثواني في عقله منذ أن يستيقظ من نومه، يعد الثواني وهو يأكل وهو يتكلم وهو يفعل أي شيء”.
قال سباستي ساخراً:
– “هراء.. لا يوجد شخص بعقلين”.
قال كوبريك وهو يضيق عينيه:
– “أهذا ما أخبرك به؟!. لقد أخبرني أنه لديه آلية معينة في عقله تسمح له بفعل أشياء كثيرة في نفس الوقت، أخبرني أنه لو أراد أن يعدها وهو نائم لفعلها لكنه يفضل أن يُريح عقله كي يستيقظ بكامل قواه في اليوم التالي”.
قال سباستيان بقليل من العصبية:
– “هل تدركان حقاً ما تقولانه؟!. لا يمكن لبشر أن يفعل هذا!. معنی النوم أساساً هو إراحة العقل.. كيف يمكنه أن يعد ثواني سخيفة في عقله أثناء نومه؟!”.
نظر له روماريو ثم قال وهو يعض علی شفتيه:
– “ولهذا بالضبط أنا أخاف هذا الرجل.. أحياناً يخيفني للغاية!”.

***

كانت الساعة تشير للثامنة مساءً حينما توقفت تلك السيارة القديمة أمام ذلك المبنی الكبير في شارع بيتوس، المبنی الذي شهد العديد من الأحداث المثيرة مؤخراً، آخرها هو موت لارس.. ذلك الصيدلي الطيب الذي لم يثر المشاكل أبداً في حياته.. أو هكذا قالوا.. أطفأ سائق السيارة القديمة محركه ثم جلس يلتهم شطيرة الجبن التي كان يحفظها في كيس بلاستيكي صغير، كانت هذه هي وجبته المفضلة، لذلك لم يبخل بفمه عن إصدار بعض الهمهمات متلذذاً بطعم ما يأكله.

ذلك الرجل كان هو السبب في الضجة الكبيرة التي صدرت من شارع بيتوس، ليس أن شارع بيتوس كان هادئاً دوماً.. فقط أن الرجل ضاعف شهرته بشكل خيالي. الجميع الآن يتحدث عن القاتل المتسلسل الجديد الذي يبدو وأنه يتخلص من الأشخاص الطيبين في شارع بيتوس، في البداية كينان.. والآن لارس، من سيموت تالياً؟. الإجابة هي لا أحد يعرف.. القاتل الآن يتناول وجبته في شارع بيتوس ويستمتع بسخريته من الشرطة لأنهم يبحثون عنه في كل مكان بينما لا يدركون أنه يأكل بجانب مقر جريمته.

ما أن انتهي القاتل من طعامه حتی مال أحدهم علی زجاج سيارته وطرق عليها، فتح قاتلنا الزجاج ونظر للطارق بتساؤل، قال الطارق:
– “الأمور مربكة هنا.. ثمة جريمة وأشياء غريبة تحدث في هذا المبنی، مكان إيقافك للسيارة سيجعلك محل شك.. يجدر بك الرحيل”.
مد القاتل يده لقبعته التي كانت موضوعة أمامه.. ارتداها ثم قال بإنجليزيته الرديئة :
– “نعم.. علی الأغلب أنت محق، كنت فقط أتناول شطيرتي”.

قالها ثم أدار المحرك وهم بالرحيل، وبالفعل بعد ثواني كان يسير مبتعداً يدندن بلحن أغنية غريبة.

*****

قال كوبريك شارحاً:
– “الخدعة الحقيقية يا سباستي ليست في طريقة هروب القاتل من هنا.. بل في كيفية قتله للضحية، بالتفكير بالأمر هو قاتل عبقري فعلاً.. لقد استخدم ذعر الضحية لمصلحته.. لم أر شيئاً مماثلاً لهذا طوال حياتي”.

*****

قال سباستيان لزميله:
– “كي أكون صادقاً.. في وقت من الأوقات لقد شككت به.. القبعة السوداء”.
أتاه صوت زميله من خلفه:
– “حقاً؟!”.
– “نعم بالطبع، أعني الرجل غامض للغاية.. لا نعرف عنه سوی القليل، كان دائماً مشتبه به جيد بالنسبة لي”.
همهم زميله الذي رد عليه بعد وهلة وكأنه يفكر فيما سيقوله:
– “وماذا عن مكانته العالمية؟.. أعني شهرته كمحقق”.
– “يسهل علي أن أتخيل انتحال شخص آخر لشخصيته، فكر بالأمر.. ينتحل أحدهم شخصيته ويقتل متخفياً باسمه وبشهرته، قد يبدو الأمر غريباً ولكن انظر للأمر من هذه الناحية… رجل بمثل ذكاءه وشهرته، جميع القضايا التي تمكن منها، ألا ينبغي أن يكون أفضل من هذا؟!. أعني فقط أنظر للغته! سيئة جداً.. بالكاد أفهم منه شيئاً”.

قال زميله بـرضا:
– “نقطة لك”.
ثم صمت قليلاً قبل أن يردف:
– “لكن حسناً لا يوجد إنسان كامل.. لابد من عيبٍ ما”.
رد بادئ الحديث قائلاً:
– “قلنا هذا مراراً.. هو ليس إنساناً، ربما أجروا بعض التجارب المخيفة عليه وهو صغير.. أشياء جعلته بهذا الذكاء”.
– “تعتقد هذا؟”.
رد سباستيان ضاحكاً:
– “نعم.. لم لا؟!”.

هنا اقتحم عليهم المكان شخص آخر.. قال باسماً:
– “أتتحدثان عني؟”.
أومأ سباستيان برأسه وهو منغمس في الأعمال الورقية علی مكتبه، قال زميله وهو يمد يده ليصافح القادم:
– “الرجل المناسب في الوقت المناسب، هل أنت القبعة السوداء؟. شرف لي أن أقابلك”.
صافحه ذا القبعة وهو يقول:
– “من دواعي سروري أن أقابلك أيضاً”.
سأله سباستيان بحذر:
– “أين كنت؟”.
رد عليه القبعة السوداء بهدوء:
– “في عالمي الخاص، أين روماريو و كوبريك؟. وما الذي تفعله هنا؟”.
– “روماريو لا أعرف.. لم أره منذ فترة، وكوبريك في بيتوس.. لا يزال يبحث، لا يستسلم أبداً”.
رد ذا القبعة:
– “جيد.. سألحق به، أريد أن أسأله عن شيءٍ ما”.
– “الآن؟”.

كان القبعة السوداء قد تحرك بالفعل.. رد قائلاً:
– “لا منذ ثانية مضت”.

ترك سباستيان مافي يده ثم وقف مسرعاً كي يلحق بذا القبعة، لماذا يبدو الأمر مختلفاً هذه المرة؟ .. حينما وصلا لم يجدا شيئاً، لا روماريو.. لا كوبريك.. لا أحد، فقط عدة رجال من الشرطة يجوبون المكان نظراً للأحداث الأخيرة وغيرهم لا يوجد، بحثوا في كل مكان عنه لكن لا أثر.
اتصل سباستيان بكوبريك علی هاتفه لكن الهاتف كان مغلقاً.. اتصل بروماريو لكنه كما كوبريك.. كان مغلقاً، هنا بدأت الشياطين تعبث برأس سباستيان، أين ذهب روماريو؟. لم يره أحد منذ ما يقارب الخمس ساعات ولم يتواصل معه ولا مع كوبريك من فترة كبيرة، وفقد الاتصال بكوبريك نفسه منذ ما يقارب الساعة، لم يجدوه في شقة كينان ولا شقة لارس ولا في أي مكان في المبنی بأكمله.

وقف كلاهما أمام المبنی، كان سباستيان يكرر اتصاله بهاتف روماريو.. وجده مغلقاً كما وجده عشرات المرات قبلها مغلقاً. فجأة أنزل سباستيان هاتفه بغضب وجذب القبعة السوداء من ياقته ثم قال صارخاً بعينين تقدحان شرراً:
– “لو حدث ما ببالي! لو اتضح أنك كان يمكنك أن توقف القاتل بخلعك لقبعتك السخيفة هذه لكنك لم تفعل لأنك أردت أن تحظی ببعض المرح! لو كان روماريو هو الضحية الجديدة للقاتل!”.
انعقد حاجبا القبعة السوداء وبدوره مد يده وأزاح يد سباستيان من علی عنقه بهدوء، كان يبدو غاضباً.. لم يره سباستيان هكذا من قبل .

بعدما أنزل يد سباستيان عاد ومد يده نحو قبعته.. وبدون كلمة أخری نزعها. هنا بدأ القبعة السوداء يستحضر جانبه الآخر.. جانبه السري والمخيف الذي لا يعرفه أي شخص، جانب مرعب الذي لم يره سوی قلائل من الأشخاص، اتسعت عيناه قليلاً وبدأ.. قد بدأت السماء تمطر بداخل عقله، أين روماريو؟ روماريو.. أين أنت أيها اللعين؟! بدأت المشاهد تتجسد بداخل عقله، سباستيان قال أنه وجد قطرة دماء.. قطرة دماء؟. قاتل بمثل هذا الذكاء سيغفل عن قطرة دماء صغيرة، لا لا ليست هذه هي المشكلة.. لماذا لم يروا أية آثار لدمائه داخل الشقة.. كيف مشی كل هذه المسافة من الباب للهاتف دون أن يوقع قطرة دماء واحدة؟!. القاتلان نظفا الردهة لكنهما لم يدخلا إلی الشقة أبداً. طعنتين.. طعنتين.. هذا يعني شلال دماء، لا يمكنك إيقاف النزيف لأن الطعنات في ظهرك. قاتل ذكي.. ذكي للغاية، إنه يوهم الجميع، إنه يتلاعب بالجميع، لكنه في نفس الوقت يلعب لعبة خطيرة جداً، إنه يراهن بكل أوراقه امامي، كي يكون أو لا يكون، من المؤسف أنه لن يكون، ليس معي.
 الغرفة المغلقة كانت الرهان.. كانت اللعبة الحقيقية، والفائز هو من يفتحها.

روماريو.. أين أنت أيها اللعين؟! كينان أيها الوغد، هل كنت أنت القاتل طوال الوقت؟! روماريو كاد أن يقسم بأغلی ما عنده أننا نفوت شيئاً، كان مخطئاً، لقد فوتنا عدة أشياء! من رأی الجثة؟!. إذا كانت جميع المداخل والمخارج مغلقة من الداخل فمن رأی الجثة؟!. من أبلغهم بوجود جثة في هذا المكان؟! كان من المفترض أن يعرفوا فقط بوجودها لأنها تعفنت ورائحتها خرجت أو شيء من هذا القبيل. كينان أيها الوغد، ما الذي استفدته من كل هذا؟ لقد فهمت.. الآن يمكنك التحرك بحرية بما أنك في ملفات الشرطة قتيل من الأساس، سلط الأضواء علی الأبطال وتداری أنت خلف الستار، تلاعب بالأبطال كما تريد ولن يكتشفك أحد لأنك خارج المسرحية منذ المشهد الأول. لكن هذا غير منطقي.. إذا أخذ الحمقی جثتك المزيفة ولم يلحظوا أنك تتنفس من الأساس فكيف لك أن تزيف تقرير المشرحة؟ لا لا لا هذا غير منطقي، نحتاج حل آخر.

تسبتدل جسدك بجسد شخص آخر مقتول بنفس الطريقة.. طعنتين في الظهر ثم…. لا يهم الشخص.. مشرد من الشارع ربما، بالطبع لن يهم كثيراً لأنهم لا يعرفون وجهك من الأساس.. أنت لا شيء بالنسبة لهم.. أنت نكرة، ولهذا سيدفعون ثمن عدم شهرتك. بالرغم من هذا.. كنت خائفاً من أن يعدوك مشتبهاً به في قضية قتل الفتی الثري إياها، كونك نكرة سيجعلهم يشكون بك أول شخص، القتلة يكونون دائماً غير معروفين. من الصعب جداً قتل ذلك الثري والخروج متخفياً بسهولة، نحن نتحدث عن حراس وعن شركة كبيرة، إذا فعلتها وقتلته لابد من أن تجعل من نفسك مشتبه به رائع ومثالي بالنسبة للشرطة، خصوصاً أن بها محققين أذكياء جداً سيعملون علی مستوی عالي وسيجدونك حتماً، ربما ليس لديك خبرة في القتل.. ربما سترتكب خطأ مميت يجعلك تقع في أيديهم، لكنك فعلتها بأي حال، قتلته ثم بوم.. بعدها بعدة ساعات أنت ميت.. أنت الآن خارج القائمة، لن يزجوا بك في السجن لأنك ميت في الأساس.

لكنك أخطأت حينما تركت بقعة الدم، ظهرت عدم خبرتك حينما لم نجد آثاراً للدماء من الباب وحتی الهاتف في شقتك، أنت مبتدئ لكنك رائع حتماً. كينان ذكي.. ذكي.. حتماً.. خطط لجعلنا نشك في أنفسنا ونُدخل أنفسنا في متاهات، كان يعرف أنه لو ترك بقعة الدماء هذه فربما سيجعلنا نفكر بطريقة القتل الوهمية، القاتل الذي يقتل مساعديه في الجرائم السابقة. لكن لماذا قتل الشاب الثري ؟. لماذا قتل بعدها لارس؟. ما هي دوافع القتل؟ ربما هذه غير واضحة، أسباب شخصية.. أحقاد.. أسباب غير معلومة، لكن سنعرفها بعد أن نمسك به. الآن أين أنت يا روماريو ؟ لا تقل لي أنك تتبع هذا الرجل.. لا تقل لي أنك اكتشفت الخدعة كلها، ولكن إذا كان الأمر هكذا لماذا أغلقت هاتفك ؟ لا لا هذا ليس منطقياً.. أنت لست بهذا الذكاء كي تكتشف خدعة كينان، يا لك من أحمق يا روماريو.. أين أنت؟ إذا أفترضنا أنك عرفت أين أخطأنا.. إذا افترضنا أنك سألت نفسك ذات السؤال، من أبلغ عن الجريمة؟. أين ستتجه بعدها؟. إلی سجل مكالمات الشرطة.. وبعدها إلی أين؟. إلی المشرحة.. إن الخطأ يقع هناك، أنت تريد أن تری الجثة.

المشرحة.. المشرحة، هل يمنعون الهاتف هناك؟. هل يطالبون بإغلاق الهاتف في المشرحة، نعم.. بعضهم يفعل. روماريو في مأمن.. أين كوبريك ؟ كوبريك أين أنت؟ كوبريك؟. هذا مثير.. إن كوبريك…….

كان هذا هو ماحدث في أول خمس ثواني داخل عقل ذا القبعة، بعدها تسارعت الوتيرة كثيراً… تسارعت لدرجة أننا لم يعد بإمكاننا المواكبة، لقد كان هذا تمهيداً فقط لما هو آت.. مثل أي آلة تأخذ وقتها حتی تصل للطاقة القصوی. بعد حوالي عشر ثواني حدثت فيها أشياء كثيرة بداخل عقل الرجل.. أشياء لا نعلم كنهها بالضبط، توقف أخيراً، أعاد ارتداء قبعته ثم نظر نحو سباستيان ليجده مايزال يحدق فيه بغضب، قال ذا القبعة:
– “روماريو لازال حياً، أريدك أن تبحث عن رقم لوحة سيارة لارس.. علی الأغلب القاتل سرقها ونحن لم ننتبه علی هذا، أبلغ جميع السلطات بالرقم”.
باغته سباستيان قائلاً:
– “وأين روماريو؟”.
– “هو في المشرحة، أما كوبريك.. أعتقد أنه يتقفی أثر القاتل”.
– “المشرحة؟ ماذا يفعل هناك؟. ومتی عرف كوبريك القاتل كي يتتبعه؟!”.
– “أنت من سألت وهذه هي إجابتي.. لا تطلب تفسيرات علی الإجابة يافتی”.
– “هل عرفت القاتل؟”.
– “نعم كدت أن أنسی، القاتل هو كينان”.

إرتفع حاجبا سباستيان في دهشة ثم قال بعد وهلة:
– “متأكد أنت؟”.
– “تسعون بالمائة”.
تردد صوت سباستيان:
– “كيف؟”.
– “ليس وقت الأسئلة صدقني”.
– “أنت محق”.
كاد أن يرحل لكنه توقف مستدركاً:
– “وماذا ستفعل أنت؟”.
رد عليه ذا القبعة بهدوءه الذي استعاده:
– “إلی فندق التوليب.. علی الأغلب كينان سيستريح هناك، أخبرهم أن يغلقوا المخرج الشرقي للمدينة، سيأخذ هذا وقتاً”.
– “صدقاً؟!. كينان ميت في الأصل سيد سام”.
– “هذا ما ظنناه، فقط تحرك قبل أن يهرب، رقم السيارة ينبغي أن يبدأ برقم ثلاثة أعتقد ، هذا كل استطعت الوصول له ، هيا قبل فوات الأوان”.

أومأ سباستيان برأسه ثم انطلق يوقف سيارة أجرة كي يذهب لمقر الشرطة.

***

قال الطارق:
– “الأمور مربكة هنا.. ثمة جريمة وأشياء غريبة تحدث في هذا المبنی، يجدر بك الرحيل”.

***

– “أنت رهن الاعتقال بتهمة السرقة !”. قالها كوبريك وهو يدفع كينان بعنف ويقيده بالأصفاد في ردهة فندق التوليب، دُهش الناس حولهم وفيما بينهم كينان نفسه الذي باغتته سرعة روماريو في الانقضاض عليه من الخلف، قال كينان بإنجليزية رديئة:
– “ماذا فعلت؟”.
ابتسم كوبريك قائلاً:
– “أخبرتك أنه يجدر بك الرحيل”.
تلفت كينان لينظر في وجه كوبريك.. تملكته دهشة عارمة حينما تذكر أن هذا كان هو وجه محدثه منذ قليل حينما كان يأكل في السيارة، قال كوبريك:
– “لقد تتبعتك كل هذه المسافة فقط كي أباغتك وأمسك بك أيها الوغد”.

استمرت ملامح الدهشة بالتكون علی وجه كينان.. ثم أدرك فجأة ما آل إليه الأمر، بلع ريقه ثم وقف بصمت وتقدم مع كوبريك الذي كان يحركه أمامه. ..

قال كوبريك ساخراً:
– “كيف فعلتها يا روماريو؟!”.
لم يرد روماريو وإنما ظل صامتاً يحدق بغيظ في الفراغ.
نظر القبعة السوداء نحو روماريو وضيق عينيه، هل ما لاحظه صحيح؟.
قال سباستيان لذا القبعة:
– “بينما كان روماريو يتفحص المشرحة كان كوبريك يتقفی أثر القاتل”.
أومأ ذا القبعة برأسه ثم رد عليه قائلاً:
– “علی الأقل كان يحاول.. لقد أمسك بنصف الخيط”.
– “مما يذكرني.. كيف عرف كوبريك بأمر كينان؟. كيف عرف أنه زيف موته؟”.
– “في الواقع هو لم يعرف”.

سمعهما كوبريك فانضم للحديث قائلاً:
– “لقد عرفته من السيارة، لاحظت من الأوراق الخاصة بلارس أن هذه هي سيارته.. أرقامها هي نفسها، ظننت أنه إما قاتلنا وإما أنه سارق، في كلتا الحالتين يجب القبض عليه، لذا تحدثت معه.. اقتربت من النافذة وأخبرته أن عليه الرحيل”.

– “إذن معرفته للقاتل كانت مجرد حظ؟”.

رد ذا القبعة بنبرة واثقة:
– “لا تستهن بكوبريك.. كوبريك لديه قوة ملاحظة رهيبة، لاحظ الرقم وربطه بين رقم السيارة في ثوان، غيره لم يكن لينتبه”.

– “نعم ولكن ألا يعني هذا أننا لم نكن لنقبض علی كينان لولا سخريته منا”.

قال ذا القبعة وهو يحك ذقنه:
– “ليس فعلاً، كان سيفضح نفسه عاجلاً أم آجلاً بسبب عدم خبرته وحينها كنا سنمسك به، كينان ذكي ولكنه مبتدئ لحسن حظنا، أخطاؤه الصغيرة لن تمر مرور الكرام علی الجميع، في الواقع سرقته لسيارة لارس كانت نابعة من عقل مبتدئ -لكنه ذكي بالرغم من هذا- ويمكن الاعتبار أننا أمسكنا به بسبب تسرعه وقله خبرته”.

قالها ثم نظر نحو كوبريك وقال مردفاً:
– “لكن كيف تتبعته بدون أن يلاحظك؟. لا يمكن أن يكون بهذا الغباء”.

أخرج كوبريك شيء صغير اسطواني الشكل من جيبه، عرضه أمام الجميع ثم قال:
– “لم يلحظ أنني ألصقتها علی مقبض السيارة من الخلف بينما كنت أتحدث معه، كنت أجعل المسافة بيني وبينه شارعين فقط، لم أرد له أن يلاحظ أن هناك سيارة تسير خلفه”.

ابتسم ذا القبعة وقال:
– “تعامل احترافي مع الأمور، لم يكن غيرك ليفعلها ياكوبريك”.
ضحك كوبريك وقال ناظراً لروماريو:
– “وفي هذه الأثناء كان هناك شخص يبحث في المشرحة عن جثة مزيفة”.
نظر له روماريو بضيق، إن كوبريك يسبقه دائماً، كيف يمكن للأمور أن تنتهي بهذا الشكل؟! قال ذا القبعة لروماريو لما رآه صامتاً:
– “لم يكن يومك”.
نظر له روماريو وقال:
– “تعتقد هذا؟”
– “نعم.. أنت تحمل شيئاً، لغدوت محققاً رائعاً لو فقط توقفت عن التكاسل”.

علا صوت سباستيان من وراء ذا القبعة:
– “نعم حدثه عن هذا !. هو لا يدرك هذه النقطة”.
قال كوبريك بنبرة حاول أن يجعلها جدية:
– “إنه أحمق للغاية كي يدرك هذا”.

نظر له روماريو بشيء من الغضب، ثم فجأة تحولت ملامحه من الغضب للدهشة.. بدا وكأنه لتوه قد أدرك شيئاً خطيراً، الأمور لم تكن قط بهذه البساطة بالنسبة له، كوبريك يتبع القاتل بدون أن يعرف أنه القاتل ثم يجلبه إلی هنا؟. ما هذه المثالية؟!.
قال ذا القبعة السوداء لما نظر لوجه روماريو:
– “لا ياروماريو، ليس بهكذا وجه، أنظر.. حينما تكتشف شيئاً ما.. حتی ولو كان كبيراً.. عليك أن تخفي دهشتك عن القتلة أمامك، لو شعروا ولو للحظة أنهم في خطر سيهربون فوراً، لن تهرب يا كوبريك أليس كذلك؟”.
نظر كوبريك بطرف عينيه ناحية ذا القبعة، كان يضع يداه في جيباه، خيل له للحظة أنه هناك ظل شيطاني مخيف يبتسم وراء ذا القبعة، انتفض قلبه ودق بعنف.. إنه الأدرينالين، لماذا هو خائف بهذا الشكل؟!. هل أدرك ذا القبعة الخدعة الكبيرة؟!. حينها فقط يخطر الأمر علی باله، لا توجد هناك خدعة كبيرة كي تكتشف !

بعد ثانية صمتْ علا صوت ضحكات روماريو في المكان، قال بين ضحكاته:
– “نلنا منه جيداً، هل رأيتم وجهه.. كان مرتعباً!”
. قالها ثم رفع كفه ليضرب كف ذا القبعة الذي كان يبتسم بدوره، قال كوبريك محذراً وهو يشير بإصبعه لذا القبعة:
– “أريدك أن تبتعد عني طوال حياتي.. تباً لعينيك ولكل شيء يحيط بك”.
تعالت الضحكات مجدداً وسط سخط وغضب من كوبريك.

****

قال كينان ببرود وبلكنة انجليزية سيئة:
– “لم تعرف الشرطة قط بملامح وجهي، بالنسبة لهم أنا لم أكن موجوداً، كان يمكنهم أن يحصلوا علی هويتي من الشركة لكنهم لم يفعلوا، هل تعرفون لماذا؟”. ثم أضاف بنبرة عالية وهو يضرب بيده علی طاولة الإستجاوبات:
– “لأني لم أكن بتلك الأهمية، مات مغترب؟. لا يهم فليتعفن في الجحيم، لن نقضي وقتنا في التحقق من هوية شخص مثله”.

قال سباستيان الذي كان يجلس أمامه:
– “عرفت أنهم سيفعلون هذا لذا لعبت علی هذا الوتر”.
– “نعم.. نعم.. أعترف، أنا من اتصلت بالشرطة وأخبرتهم أن كينان مقتول بشقته، لم يكونوا ليعرفوا لولا أنني أخبرتهم بوجود جثة”.
– “والشاهد الذي قال أن الضحية هو كينان”.
– “يارجل كان أنا!. كنت أول من تواجد بالقرب من الشقة وقت اكتشاف الجثة، أخبرتهم أن هذا هو كينان”.
– “ماذا عن الجيران؟. ألم يرك أحدهم؟”.
– “لا.. كانوا نائمين ولما استيقظوا كنت قد رحلت وكانوا قد حملوا الجثة بعد أن غطوها كاملاً، لم يرَ أي أحد الوجه الحقيقي للجثة”.
– “ومن هو صاحب الجثة الحقيقية؟”.
– “متشرد”.

هنا اضيقت عينا سباستيان وقال:
– “وهنا الجزء المهم، كيف تمكنت من الخروج من الشقة بعد أن رميت الجثة بداخلها؟. قالوا أن جميع المداخل والمخارج كانت مغلقة من الداخل”
– “ماهي الفكرة هنا؟!. لربما الحمقی لم يدركوا أنني وضعت المفتاح في الثقب الداخلي للباب بعد أن كسروه ودخلوا، لم ينتبهوا بما فيه الكفاية”.

تراجع سباستيان وقد ارتفع حاجباه.. كيف يكون الأمر بهذه البساطة؟!.
أكمل كينان:
– “ثانية واحدة كانت تكفي.. الجميع نيام ولا أحد يعرفني، كسرنا باب الشقة ودخلنا، بعضهم وقع في اللحظة التي كُسر فيها، وبمرور الوقت الذي يدركون فيه أن هناك جثة حقيقية بداخل الشقة ويحاولوا إبعادي لأنني مدني بالنسبة لهم أكون أنا قد اتممت خطتي ووضعت مفاتيحي في الثقب الداخلي، وهنا تكتمل الخطة”

هنا دخل عليهما روماريو، جلس قبالة كينان بجانب سباستيان ثم قال:
– “لماذا لا تخبرني بما حدث بالضبط ؟. لم أفهم جيداً ماحدث.. قُص علي ماحدث منذ لحظة قتلك لذلك المشرد”.

– “لا، لقد حصلتم علی أقوالي في التسجيل الصوتي”.
– “هو معطل.. أصلحناه للتو، الآن تكلم حتی نستطيع تخفيف الحكم عليك”.
تنهد كينان وقال بنفاذ صبر:
– “لا يهم فلننتهي من هذا”

صمت بعدها قليلاً يستجمع أفكاره ثم عاد يردف:
– “خطتي بدأت مع دعوتي لذلك الرجل المشرد لمنزلي.. جعلته يستحم وأعطيته ملابس نظيفة من ملابسي، لم يمانع قط، ثم أثناء وقوفه في منتصف الشقة باغتته بطعنتين من الخلف في أماكن حيوية، لم يقوَ المسكين علی الحراك بعدها.. جسده كان أضعف من أن يقاوم، بعد ذلك أخفيت السكين وغيرت ملابسي وكل هذا الهراء ثم خرجت، خبأت الملابس والسكين وانتظرت قليلاً، بعدها اتصلت من هاتف عمومي بالشرطة، هناك جثة مقتولة في بناية كذا شارع بيتوس شقة رقم كذا، حينما أتوا كنت أُمثل دوري بأني أصعد السلم بطريقة طبيعية لأتفاجأ بأنهم يحاولون فتح باب الشقة ..

مثلت دور المذهول وسألتهم.. ماذا تفعلون بشقة السيد كينان، يا فتى نحن الشرطة وجاءنا بلاغ بأن هناك جثة مقتولة هنا، كانوا ثلاثة واحتاجوا لكتف رابعة، ضربنا وضربنا حتی أخيراً.. بوم انفتح الباب فجأة، وقع جميعنا أرضاً ولم ينتبه أحدهم لي.. جميعهم دخلوا مسرعين للداخل بينما أنا كنت أضع المفتاح في الثقب الداخل للشقة كي يظهر للعيان أنها كانت مغلقة من الداخل وأن هناك شبح قد قتل الرجل”.

قطع كينان كلامه بضحكة قصيرة ساخرة ثم عاد يكمل:
– “دخلت بعدها وراءهم بسرعة كي أُكمل دوري، يا إلهي سيد كينان هل أنت بخير.. يا إلهي سيد كينان، ينظرون لي بسرعة وينظرون لبعضهم البعض فيما بينهم.. إذن صاحب الشقة مقتول بداخل شقته، سيدي أنت لست مسموح لك بالتواجد هنا.. أخرج الآن، ثم بعدها يدفعني أحدهم للخارج بينما الاثنين الآخرين يفحصان ما بداخل الشقة بحذر، فيما بعد يسهل معرفة ماحدث، طلبوا الإسعاف وتجمهر السكان حول شقتي وهم يظنون أنني قد متّ ..

يخرجون الجثة وقد غطوها بالكامل.. لم يرَ أحدهم وجه الجثة قط لذا لم يتعرف أحد عليها.. لو رآها أحد سكان البناية لأخبرهم فوراً أن هذا ليس أنا، بالطبع ماحدث بعدها هو أنني رحلت متخفياً وتركتهم -الحمقی- يفتشون عن أوراقي غير عالمين أنه لا توجد لي أوراق رسمية غير أوراق عملي في شركة رافا، لا توجد صورة تأكيدية لوجهي سوی بطاقة عملي كعامل نظافة في الشركة، وبالطبع هم لن يتعبوا أنفسهم بالبحث في أوراق الشركة عني، هو مغترب.. هو ليس أمريكياً، لا يهم موته، بعدها ذهبت الجثة للمشرحة وتم تشريحها وخرجت أنا طليقاً كي أنفذ جريمتي الثالثة..

لارس الوغد، قتلته ثم ظفرت بمفاتيح سيارته.. فكرت في أن أسرقها يوم موته لكن الجثة تم اكتشافها بسرعة.. أسرع مما توقعت، وجدت أن الشارع قد اكتظ بالشرطة مرة أخری فقررت الانتظار حتی اليوم التالي ريثما تهدأ الأمور، ولما فعلت وقفت أمام البناية كنوع من الاستهزاء بكم.. لم أتخيل وجود محقق بهذه النباهة في مرتبة متدنية للغاية”. قال روماريو مفكراً:
– “بسيط وعبقري.. هاه”.
– “ولا تغفل عن التفصيلات الصغيرة.. بقعة الدم، كي أجعلكم تشكون باحتمالية طعنه -أو طعني أنا- بالخارج”.
– “إذا كان الأمر هكذا فلماذا فعلت كل هذا، لماذا قتلت الفتی الثري”.

فكر كينان قليلاً قبل أن يعود ليقول بعينان شاردتان:
– “انتقام”.
– “ولارس؟”.
أجاب كينان بنفس البرود:
– “أحقاد شخصية”.
– “والمشرد؟. شخص بريء.. أحقدت عليه أيضاً؟”.
– “الغاية تبرر الوسيلة”

وقف سباستيان وقد انعقد حاجباه بقليل من الغضب، قال:
– “عظيم.. عظيم للغاية، سؤال أخير يا سيد كينان، هل تشعر بالذنب؟”.
هز كينان رأسه نافياً.. قال بعدها:
– “كنت لأفعلها مرة أُخری”.

لم يرد سباستيان وإنما إندفع خارجاً من غرفة الاستجواب، القضية اكتملت الآن لكن ما قصة الأحقاد هذه؟. وأي أحقاد تجعلك تقتل شخص بريء؟!. ثمة شيءٌ ما خاطئ في الأمر برمته، قطع شروده صوت أتی من خلفه:
– “هو يقول الحقيقة”.
نظر خلفه ليجد ذا القبعة واقفاً هناك بمعطفه الأسود وقبعته الأسطورية، كاد سباستيان أن يقول شيئاً عن الأماكن التي يخرج منها ذا القبعة لكنه تذكر ما سمعه فقال مستفسراً:
– “كينان؟”.
– “هو يكن حقد دفين للمجتمع الذي وجد نفسه به.. لا أحد يعترف به ولا يلقی اهتماماً بالرغم من ذكائه الحاد، شخصيته مريضة”.
– “ألا تری أن تتكلم عن الرجل كثيراً بالرغم من أنك لم تره فعلياً؟”.
– “لقد بحثت عنه.. سألت جميع مَن في بيتوس عنه، له قصة تعيسة نوعاً ما، يقولون أنه كان يبحث الثراء دوماً.. عاش حياته فقيراً في تركيا قبل أن يقرر النزوح إلی هنا”.
– “سيد سام.. أنا أريد فقط أن أعرف، هل لديه أسبابه بالقتل؟. لا يبدو لي أنه مجنون أو متعطش للدماء قط، لربما أراحنا من ثري فاسد ومتشرد مغتصِب وصيدلي بائع مخدرات، أنا أبحث عن العدل هنا”.

هنا نظر له ذا القبعة نظرة طويلة قبل أن يقول بهدوء:
– “كوبريك يجلس في غرفة المراقبة، اسأله إلی أين أودت به هذه الأسئلة.. علی الأرجح سيقول لك أنها قادته إلی ذلك الكرسي الذي يجلس عليه، لا تبحث عن إجابات أكبر من كيانك يا سباستي، لا ترتكب خطأ كوبريك”.
قال سباستيان وهو يشير بإصبعه ناحية غرفة الاستجواب:
– “إذا كان هذا الرجل بالداخل قد فعل ما فعله وقتل أشخاص موتهم سيفيد العالم كثيراً فأنا لن أدفع به لحبل المشنقة!”.

مد ذا القبعة يده وخلع مافوق رأسه ليقول بلكنة إنجليزية قوية:
– “كما تری هذه هي المشكلة، نظرتكم للأمور بديهية للغاية.. بدائية للغاية، القتل هو فعل شر.. القادر عليه بكل أريحية مثل كينان يستحق العقاب، لو كان قد قتل دفاعاً عن نفسه.. قتل حماية لشخص.. منعاً لحدوث مكروه دائم للعالم لكنا قد صنعنا له عذراً، كينان قد قتل لأنه يريد أن يقتل.. يريد أن ينتقم، لم يكن هناك ضرورة قصوی لقتل ذاك الفتی الثري أو قتل ذاك المتشرد لكنه فعلها بالرغم من ذلك، إنه قاتل”.

كان سباستيان لا يزال تحت تأثير صدمة كلمات ذا القبعة، لم يهتم كثيراً لكون لكنته الإنجليزية قد صارت جيدة بشكل غير طبيعي فجأة، اهتم أكثر بما قاله ذا القبعة، ظلت آخر كلماته ترن في أذنه.. إنه قاتل.. إنه قاتل، نعم.. كينان قاتل، لا يهم لماذا وكيف قتل، المهم هو أنه قد فعلها بدون حاجة حقيقية لفعلها كما قال ذا القبعة، أفاق من شروده علی صوت ذا القبعة:

– “آخر شيء أريد أن أخبرك به، قضية كوبريك القديمة.. الفتاة وذاك الثري، أتعلم ماذا حدث حينها ولم تعرفوا به أبداً؟!. الفتاة تزوجت ذاك الفتی الثري الذي ادعت أنه اغتصبها، كانت لعبة منهما كي يضغطا علی والد الفتی الثري ليوافق علی زواجه من بنت فقيرة، حينما أعطاها المال ليخرسها صارت فجأة ثرية وصار من المقبول أن يتزوجا، كانا عاشقين، كل هذا الهراء عن المبادئ وغيرها لم يكن سوی وهم في عقل كوبريك”.
عم الصمت بعدها في المكان كله، كان سباستيان يفكر فيما قاله صاحب القبعة الذي كان يرتدي قبعته مجدداً، قال ذا القبعة وهو يمشي مغادراً:

– “أوصل سلامي لروماريو، أخبره أنني توجب علي فعلها”.

قالها ثم مشی بهدوء ليترك سباستيان وحيداً يفكر في الأشياء السوداوية التي اجتاحت عقله، راح يتابع ذا القبعة وهو يختفي وسط الظلام، إن ذلك الرجل يعرف الكثير للغاية.. حتی ولو لم يبدُ كذلك، لقد فهم الأمر الآن، لقد فهم لماذا خاف منه روماريو وكوبريك، هو يشبه حاصد أرواح يمشي علی قدمين، عدا أنه لا يحصد الأرواح.. إن الأمر بالتأكيد ليس خوفاً.. لقد بالغ كوبريك وروماريو، الوصف الأقرب هو الاحترام.. الاحترام لرجل تعرف أنه قادر علی فعل الكثير مما لا تستطيع أنت فعله، علی الأقل لقد تعلم منه سباستيان شيئاً، فيما بعد وحينما يقبض علی القاتل لن يتعب نفسه كثيراً بالبحث وراء دوافع قتله، إذا كان قد قتل لغير ضرورة قصوی فلا يهم شيء آخر، العدالة بالعقل.. لا بالمشاعر.

قطع تفكيره صوت كوبريك وهو يقول:
– “كنت أبحث عنك، لماذا تحدق في الردهة هكذا؟”.
رد كوبريك بدون أن يلتفت:
– “لا شيء، لماذا كنت تبحث عني؟”.
– “لقد بحثت عنه كثيراً يا سباستي، عن صاحب القبعة هذا، وصلتني رسالة للتو، عرفت أشياء مبهرة عن ماضيه”.
التفت سباستيان ناحية كوبريك ليكمل الأخير كلامه:
– “هل تعرف مثلاً أنه قضی ثلاثة أعوام من حياته في مصحة عقلية؟. أعرف ما تفكر به، القبعة السوداء ليس مريض نفسي.. ليس لديه انفصام في الشخصية وما شابه، هو سليم العقل علی الأغلب، لكن أتعرف لماذا دخل المصحة؟. لأنه قتل خمسة أشخاص، نعم.. صاحبنا قاتل”.

قالها كوبريك ومشی في الردهة ليتبعه سباستيان قائلاً بإندهاش:
– “ماذا؟!. قاتل؟”.
– “عزيزي سباستيان لو تعلم ما الذي فعله هذا الرجل، منذ قليل فقط عرفت أسماء من قتلهم”.

كان كوبريك قد وصل لغرفة المراقبة حينما أنهی جملته، قال بعد أن فتح بابها ودلف بداخلها:
– “أحد الخمسة الذين قتلهم”. قالها ثم أشار بإصبعه ناحية الزجاج الفاصل بينهم وبين غرفة الاستجواب، أردف بعدها:
– “هو والد ذلك الرجل الذي يجلس أمامك الآن”.

نظر سباستيان إلی الشخص الذي يشير له كوبريك، كان اصبعه يشير ناحية روماريو الذي كان يجلس بصمت مستمعاً لما يقوله كينان الجالس قبالته، اتسعت عينا سباستيان وارتفع حاجباه، هو يتذكر كل شيء، لقد لاحظ منذ البداية نظرات ذا القبعة ناحية روماريو، بدا وكأنه يريد أن يتأكد من شيءٍ ما، ثم ما قاله قبل أن يرحل، أخبر روماريو أنني توجب علي فعلها، أقصد قتل أباه؟. ماعلاقة روماريو بصاحب القبعة؟. كيف ولماذا؟!

قال كوبريك وهو يجلس علی الكرسي:
– “نعم مدهش أعرف، لكن ماذا لو عرفت أن شخص آخر من بين الخمسة الذي قتلهم صاحب القبعة هي أم صاحب القبعة نفسها، لقد قتل أمه”.
تلفت له سباستيان، هل بدأ كوبريك يخرف أخيراً؟! أشعل كوبريك سيجارة ثم نفث الدخان بعيداً وهو يقول:
– “لم أصدق الأمر أيضاً، لكن توجد هناك صور كما تعلم، الحادثة كلها مسجلة في الأوراق”. قال جملته ثم بسط يديه ووضعها بوضع مستوِ تحت ذقنه ناحية رقبته وهو يقول:
– “نحر عنقها، أعصابه حديدية ذاك الرجل، ورغم ذلك يعدونه بطلاً، واحد من أعظم المحققين في العالم، أعني لم أكن لأختلف معهم بالطبع لكن كما تری بعض الحقائق يصعب بلعها”.
– “هل أنت متأكد مما تقوله؟”.
– “نعم بالطبع”.

جلس سباستيان بجانب كوبريك وهو لا يصدق ما يسمعه، أردف كوبريك وهو يزيد من محصوده الأبيض:
– “سأخبرك بما حدث، أو ما فهمت أنه حدث، بدأ الأمر منذ عدة أعوام، حينما كان….. “.

ثم انطلق كوبريك يحكي لسباستيان قصة غامضة عن رجل غامض، قصة لم يكن من المفترض لها أن تظهر للعيان، حتی صاحب القبعة نفسه حاول إخفاءها أكثر من مرة لكنها تأبی إلا أن تظهر مجدداً، هناك من احتفظ ببعض نسخ الملفات لنفسه من مبدأ أن هذه الأشياء لا يجب أن تظهر ولكن لا يجب أن تُنسی، وهكذا ظل الجميع يتذكر لماذا لُقب القبعة السوداء بهذا اللقب، انتشر اللقب وصار الجميع ينادونه به، يتحدثون عن قضية قديمة.. قضية القبعة السوداء.

**

انتهت الجريمة .. لكن ، للحكاية بقية قد تعرفونها في وقت آخر
تحياتي

تاريخ النشر : 2018-09-24

البراء

مصر - للتواصل: [email protected]
guest
50 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى