تجارب ومواقف غريبة

سائق التاكسي و جن القفار

بقلم : أيوب بن محمد – المغرب

استوقفني رجل معه زوجته وطفلتين و طلب مني أن أوصلهم بسيارتي
استوقفني رجل معه زوجته وطفلتين و طلب مني أن أوصلهم بسيارتي

السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته ، أحبتي في الله أتمنى من الله أن تكونوا بألف خير ، لنتابع قصة اليوم.

هذه قصة رواها سائق سيارة أجرة و يقسم بالله على أنها وقعت معه ، سأروي القصة على لسانه والأماكن التي سأذكرها هي حقيقية وسأذكر كل التفاصيل التي أوردها صاحبها الأصلي.

أنا سائق سيارة أجرة من الصنف الأول ، و هو الصنف الذي يؤمن النقل بين المدن ، أقطن في مدينة الدار البيضاء ، متزوج وأب لطفلين ، هذه الحادثة التي وقعت تسببت لي في أزمة نفسية ولا زلت لحد الساعة أتابع حصصاً لدى طبيب نفساني.
كان ذلك اليوم شاقاً ، أنهيت عملي وقررت العودة لمنزلي للخلود إلى الراحة ، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، فبينما أنا في طريقي للمنزل استوقفني رجل معه زوجته وطفلتين وقال لي : ألست أنت السائق فلان ؟ قلت له : بلى أنا هو.
قال الرجل : يا سيدي أرجوك خذنا إلى وجهتنا.
قلت له : اعذرني يا سيدي لقد تعبت كثيراً وأنهيت نوبتي.
قال : أرجوك إني أتوسل إليك إننا لم نجد وسيلة للنقل ولا يمكننا المكوث هنا أكثر.
بدا لي الرجل صادقاً ومحترماً ومعه أسرته والكثير من الأمتعة ، وتذكرت أن الحافلات العمومية قد دخلت في إضراب ، هذا الرجل و زوجته قصدوني ولا يمكنني أن أخيبهم فأنا بطبيعتي ميال لمساعدة الناس.
قلت له : لا بأس ، سوف آخذكم.

اتفقنا على الثمن و ركب الرجل بجانبي في المكان الأمامي و ركبت زوجته وبنتاه في الكرسي الخلفي ، وكانت الساعة تشير إلى التاسعة والنصف ليلاً عندما انطلقنا ، وبدأنا نتسامر ونتضاحك ، بعد مسافة طويلة وصلنا إلى أحد الدواوير و أسمه دوار أولاد صالح قريباً من منطقة العطاوية  (نواحي مراكش) فقال لي الرجل: أرجوك توقف قليلاً لدي أمانة سأعطيها لوالدي إنه في هذا الدوار ، قلت له : لا بأس ، لكن أرجوك لا تتأخر فما زال أمامنا طريق طويل ، نزل الرجل واختفى وسط الظلام وبقيت مع زوجته وطفلتيه في التاكسي ، كانت الساعة تقارب الثانية والنصف ليلاً وأضواء السيارات المارة في الطريق تنعكس على مرآة التاكسي ، ما هذا المكان إنه مقفر ومخيف وموحش جداً ؟.

تأخر الرجل قليلاً ، لا بأس ، سأنتظر فلا يمكنه أن يغيب مدة طويلة وأسرته معي ، قمت بتشغيل الراديو على إذاعة القرآن الكريم ثم قلت للسيدة وأنا أنظر إليها من خلال المرآة الداخلية : هل يسكن والد زوجك هنا لوحده ؟ لكنها لم تجبني ، خفضت صوت الراديو وكررت سؤالي وأنا أستدير للخلف نحوها ، رأيتهم ينظرون إلي نظرة قاسية تجمد الدماء دون أن يتكلمن!.

ابتسمت ابتسامة باهتة وأخذت قارورة الماء وارتشفت منها قليلا. ، ما بال الزوجة وبناتها صامتات وقد كن يشاركن الحديث طيلة الطريق ؟ زوجها لم يعد بعد وقد تأخر أكثر من اللازم ، يا رب ما هذه الورطة ؟.
فجأة نطقت الفتاة الصغرى وقالت : والدي كذب عليك ، إنه لن يعود أبداً.

صدمني كلام الطفلة الصغيرة! و ما زاد خوفي هو صمت والدتها فقد كان بإمكانها أن تنهر طفلتها وتقول لها : ما هذا الكلام ، لكن الجميع ظل صامتاً ، فسألتها  لماذا يا طفلتي لن يعود ؟ لا تقولي هذا.
حاولت الابتسام لكن الخوف أقعدني ، بدأت أضرب أخماساً في أسداس ، أنا في مكان مقفر شديد الوحشة خال من الناس ، و نظرت من مرآة السيارة الداخلية فرأيت منظراً أذهلني ، لقد كانت الزوجة تلتهم شيئاً ما بسرعة وبشهية عجيبة بينما أصبحت البنت الكبرى هي الصغرى وعادت البنت الصغرى هي الكبرى ، أصابني فزع شديد ولم أدر ما أفعل ، الزوج لا زال غائب ،  وبينما عشرات الأفكار تدور في رأسي إذا بي أحس بأحد يمس ظهري من الخلف ، استدرت ففوجئت بالزوجة تبصق في وجهي وتقول بصوت عال جداً : ماذا تريد منا ؟ ابتعد عنا ، دعنا وشأننا ، هل يرضيك الآن ما حدث ؟.
فقدت قدرتي على البصر بسبب تلك البصقة لمدة أقل بقليل عن الدقيقة و عندما عاد بصري استجمعت قوتي وما تبقى من شجاعتي وقررت مهاجمة المرأة وبناتها وإنزالهن بالقوة ، لكنني فوجئت بأنني وحيد في ذلك المكان الموحش والتاكسي فارغة تماماً ، انهارت أعصابي وبدون وعي مني انطلقت بسرعة جنونية وبعد مسافة قليلة جداً رأيت أضواء نقطة مراقبة ، الحمد لله.

 وصلت إلى نقطة المراقبة تلك فوجدت عناصر من الدرك الملكي المكلفة بمراقبة الطرق ، توقفت قليلاً بجانبهم فقد أحسست ببعض الأمن ، سألتهم عن اسم المكان فقالوا أن اسمه الجوالة (هذه المنطقة أعرفها جيداً وسبق لي المرور بها وتوجد ما بين مدينتي مراكش وقلعة السراغنة وهي منطقة موحشة وخالية ) حكيت للدرك ما وقع معي فقالوا لي : لا تخشى شيئاً أنت الآن آمن ، يمكنك مواصلة طريقك ، وأكملت طريقي حتى وصلت إلى مدينة الدار البيضاء ، ركنت سيارتي وكنت على حافة السقوط من التعب ومما حدث ، فاستوقفني صديقي حارس السيارات قائلاً : ما بك ؟ سروالك ممزق ،
قلت له : فيما بعد سأخبرك ، أنا الآن في حاجة للنوم.
قال لي : ارتح قليلاً بجانبي.
لكن فجأة رأيت نفس تلك الأسرة تمر بموقف السيارات ، نفس الرجل و زوجته والطفلتين بأمتعتهم مروا بموقف السيارات والأكثر من ذلك قاموا بالتلويح لي ، لم أعرف ماذا حدث بعدها ، كل ما أتذكر أنني عندما فتحت عيني وجدت نفسي في المستشفى محاطاً بالأطباء ومعهم زوجتي و والدي ، الكل يقول أنني تعرضت لانهيار عصبي حاد.
بعد هذه الحادثة تغيرت حياتي كثيراً و ذهبت عدة مرات لحصص الرقية الشرعية وما زلت أتابع حصصاً لدى طبيب نفساني.

كانت هذه قصتي ، قد تبدو من قصص الخيال لكن اعلموا أن الله تعالى سيحاسبني لو كذبت فيها.

إلى هنا تنتهي قصة اليوم أحبابي وموعدنا يتجدد إن شاء الله قريباً ، دمتم في حفظ الله.
 
ملاحظة: الطريق التي وقعت فيها هذه الحادثة هي الطريق الرابطة بين مدينتي دمنات والعطاوية ، العطاوية مدينة قريبة من مراكش معروفة بأنها هي المنطقة المدفون فيها الولي الصالح بويا عمر وقد كان يحج إلى ضريحه الكثير من الناس والمرضى وممن يقولون أنهم تعرضوا للمس من الجن في مظاهر بعيدة تماماً عن الإسلام ، وقد قامت الدولة بإغلاق هذا الضريح.
 

تاريخ النشر : 2020-04-10

guest
45 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى