أدب الرعب والعام

سحر ونصيب

بقلم : Shadwoo Shadwoo – مصر

سحر ونصيب
توقفوا امام مكان غريب, كان يشبه البيت المهجور ، بالفعل انه مكان يليق بشيخ لكن التعبير الاصح هو دجال.

– نور ، الفطور جاهز.

– حسناً يا امي سآتي حالاً.

 

وضعت نور آخر لمساتها من المكياج مستعدة ليوم آخر من العمل ، تناولت فطورها سريعاً حتى لا تتأخر وخرجت بابتسامتها المعتادة التي كانت تختفي فور خروجها من المنزل ..ربما بسبب جيرانها المتعجرفين و اسئلتهم الغريبة.

وبالفعل قابلت شخصية مستفزة منهم إنها الست سماح كما يناديها اهل الحارة ، كانت تقف على السلالم كأنها تنتظر خروجها كالعادة.

تجاهلتها نور ولم تلقِ حتى التحية عليها ,لكن كيف تفوت سماح عليها هذه الفرصة، قاطعت تجاهل نور متابعة:

– على الاقل القي التحية.

التفتت لها نور وهي تتمنى ان يسقط المنزل علي رأس سماح مع بناتها التي تتباهي بأزواجهم بكل مرة تراها فيها ، نظرت اليها بضجر متابعة:

– معذرة كنت متعجلة .

نظرت لها سماح بتكبر ثم رفعت حاجبيها متابعة :

– خير خير ، لم اسألك متى سنفرح بزواجك ؟

تجاهلتها نور واستدارت متابعة طريقها للعمل تاركة خلفها سماح تتكلم وحدها وعقلها كان يردد قائلاً:

– لو علمت متى سأتزوج لخرست ألسنة امثالك.

 

حبست نور الدموع بعينيها وعقلها يرفض ان يهتم لكلام تلك الشمطاء وامثالها لكن صوت انكسار قلبها يعني شيئاً آخر.

تباعدت خطواتها لداخل الشركة التي تعمل بها لتقترب من مكتبها واخفت نفسها وسط اوراق العمل مدعية الانشغال حتى لا يعكر احد صفوها او بالأحرى يزيد على شقائها لكن كما يقال دائما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.

استرق لسمعها اصوات زميلاتها بكلماتهن المعتادة (اووه ميس انه لخاتم جميل ، مبارك على خطبتك عزيزتي) وغيرها من تلك الكلمات ..

تقدمت ميس تجاهها واخذت تعرض امامها الخاتم ثم رفعت حاجبيها متابعة :

– لا تقلقي غداً ستلبسين مثل هذا الخاتم ، لا تفقدي الامل. تابعتها بضحكات اغضبت نور وايضاً اشعرتها بالإحراج فانسحبت مغادرة للمنزل.

اقتربت من ميس زميلة لهم متابعة :

– لم فعلتي هذا ؟

– حتى تستعرض جمالها علينا كما يحلو لها.

– بل انت من تفعلين هذا ، ابتعدت خطواتها عنها متابعة…. يا لها من مغرورة .

 

عادت نور من العمل متجهة نحو غرفتها دون الاهتمام بمن بالبيت وعلى وجهها رسم الحزن ملامحه ، ملامحها التي تتساءل متى سينتهي هذا الكابوس ؟

تلك الملامح التي لاحظتها والدتها وعلي الفور اتجهت خلفها تتساءل عن سبب حزنها وكان رد نور كالعادة… لا شيء يا امي.

اقتربت منها والدتها ثم مسحت دموعها التي تساقطت غفلة من عين ابنتها متابعة :

– قلبك لن يتحمل كتمان هذا الكم من الحزن ، اخبريني يا ابنتي.

اتجهت نور بعينيها لوالدتها والدموع تنهمر كالمطر منها قائلة :

– لم يا أمي كلماتهم جارحة هكذا ؟ لم يجعلوني اشعر اني اصبحت عجوزة ، ماذا ان كنت بال 27 ولم اتزوج هل انتهي العالم ؟ انا لا اريد الزواج على قدر ما اريدهم ان يكفوا عن جرحي.

– اهدئي يا ابنتي وتجاهليهم فليس لديهم شيء يفعلونه سوى الكلام فقط. سكتت قليلاً تتأمل حزن ابنتها وعيناها التي ذبلت كالوردة من البكاء ثم تابعت قائلة :

– أتريدين ان نذهب لشيخ ربما لديه حل ما ؟

– لا يا أمي لن اذهب .

– حسناً حسناً استريحي قليلاً.

ابتعدت خطواتها خارج الغرفة وقبل ان تغلق الباب خلفها نظرت لنور متابعة :

– لكن فكري بكلامي لن تخسري شيئاً.

 

ثم اغلقت الباب خلفها تاركة نور ممددة على سريرها تنظر الى سقف الغرفة كأنها تنتظر ملاكاً يفاجئها بطلته او جنية تساعدها كما بقصة سندريلا ، لكن الواقع لا يتغير بعصا سحرية او حذاء زجاجي او فستان جميل وحفلة تنتظر دخولها.

اغمضت نور عينيها لتستغرق بالنوم لكن من اين يأتي النوم ؟ جلست قليلاً امام المرآة تتطلع اليها وهي تتأمل وجهها كعادتها ,ليس غرورا منها انما تساءل لماذا ؟ لماذا اصبحت بال 27 وهي الآن ليست متزوجة كغيرها من زميلاتها ؟ لماذا تتسابق انظار الجيران لها عند خروجها وكأنهم ينتظرون حدثاً هاماً ليتمتموا بكلمات غير مفهومة ؟ لماذا تجرحها زميلاتها بكلامهم عن سعادتهم بزواجهم ثم يعتذرون كأنهم لا يقصدون ذلك ؟ هل القسوة اصبحت من طباع البشر؟

قاطعت تلك التساؤلات بخطواتها المتجهة لغرفة والدها لتخبرها انها موافقة على اقتراحها ، بالرغم ان عقلها كان يرفض ذلك ,لكنها ارادت التجربة فلن تضر شيئاً ، وكانت مخطئة بهذا الظن.

 

***

باليوم التالي اتجهت هي ووالدتها الى الشيخ وتوقفتا امام مكان غريب رائحته ليست طيبة وهيئته لا تبشر بخير ، كان يشبه البيت المهجور ، بالفعل انه مكان يليق بشيخ لكن التعبير الاصح هو دجال .

انتظرت نور دورها وهي تتأمل ذلك المكان التي كانت تشمئز من المكوث به اكثر من ذلك لكن الاغرب هو ذلك الصوت ، صوت الانفاس الحادة لفتاة تجلس امامها. وبينما نور تتطلع لها حتى ادارت تلك الفتاة برأسها سريعاً تجاهها وتعتليها ابتسامة غريبة ، مهما كانت تلك الابتسامة تعني فهي بالتأكيد تعني ان عليها مغادرة هذا المكان بأسرع وقت.

وهذا ما ظلت تحدث به والدتها وتترجاها ان يغادرا بعدما تملكها الرعب ، لكن والدتها بادلتها الرد قائلة:

– لقد حان دورنا هيا تعالي.

تابعت نور خطواتها خلف والدتها وهي تفكر بالهروب سريعاً قبل ان يتحول اليوم لفيلم رعب لكن صوت اغلاق الباب اعلن انه فات الاوان ، جلست وهي تدور بنظرها لأركان الغرفة ووالدتها بجانبها تقص علي الشيخ مشكلة ابنتها.

لم تنتبه لحديث والدتها او نظرات الشيخ لها مستغرباً من شرودها او بالأحرى لأنه يعلم سبب هذا الشرود ، انه ذلك الظل الغريب بركن الغرفة التي ظنت بالبداية انه مجرد ظلام من قلة الضوء بالغرفة الا انه تحرك سريعاً مختفيا بداخل الجدار.

هنا صرخت نور وهي تمسك بوالدتها التي تعجبت من تصرفها لكن الشيخ قطع ذلك الصراخ بقوله:

– لدي الحل لمشكلتك.

– لا ، لا اريد شيء ، اريد الخروج من هنا ( قالتها بتوتر ) .

هنا قاطعها الشيخ بنبرة غضب قائلاً :

– هل تريدين الحل لمشكلتك ام لا ؟

لم تبادله الرد بل اسرعت والدتها بذلك :

– نعم انها تريد ، ثم همست لابنتها متابعة : ما الذي حدث لك فجأة ؟

ما ان انهت تلك الكلمات حتى اخرج الشيخ ورقة مكتوب عليها كلمات لا تدري بأي لغة كتبت وطلاسم ورسومات غريبة لم تلاحظها نور ، ثم اتجه بنظره لها متابعاً :

– اعطيني يدك.

– لماذا ؟

– لا تسألي ، هيا اعطني يدك.

ما ان مدت نور يدها حتى جرح اصبعها واخذ يقطر دماء على تلك الورقة ثم بدأت بالاشتعال من تلقاء نفسها دون تدخل احد وهذا ما افزعهم لكنهم لم يجرؤوا على السؤال عما يحدث.

انتظر الشيخ حتى احترقت الورقة تماماً ثم تابع قائلاً :

– اذهبوا ، فلقد حلت المشكلة.

 

اسرعت نور ووالدتها بالخروج بعدما دفعت له مبلغاً من المال وهي تتمنى ان يكون صادقاً بكلامه وليس كباقي المحتالين.

 

***

مرت الايام ولم يحدث شيء الى ان جاء اليوم الذي غير مسار حياتها ، ليلة خطبتها بعدما تقدم لها شاب تجتمع به مواصفات فارس الاحلام ، شعرت وقتها انها اسعد ما في الكون لأنها على الاقل تخلصت من ثرثرة البعض وتغيرت حياتها للأفضل بوجود شخص بجانبها.

ازداد يوم بعد يوم تعلق نور بذلك الشاب آدم وهو ايضاً بادلها ذلك التعلق حتى تغير كل شيء وانعكس معه مسار حياتها ليسقط بها بقاع الجحيم و يا له من جحيم.

بعدما انهت نور مكالمتها مع آدم التي استمرت لساعات لم تشعر بها لسعادتها بالحديث معه حتى اصبحت قرابة الثالثة فجراً. ودّعها ادم لتأخذ قسطاً من الراحة قبل موعد عملها وهي بادلته الوداع بدورها ثم اغلقت الهاتف واغمضت عينيها لتستغرق بالنوم.

وما ان استغرقت بالنوم حتي رأت مكاناً غريباً ,لا تدري اهو اقرب للمقابر ام للخرابات لكنه بالتأكيد مكانا لا تحب التواجد به ، اخذت تدور بالمكان حتى استرق لسمعها صوت طبول وغناء كأنه زفاف احد ، اخذت تقترب من مصدر الصوت حتى وجدت ساحة كبيرة تحيطها المشاعل وبالفعل انه زفاف احدهم لكن من ؟

اخذت تتطلع للحضور لكن ملامحهم باردة وغريبة كأنهم تماثيل واذا بشخص يقترب منها ويمسك يديها لقد كان آدم مرتدياً زي العريس ،وما ان امسك يديها حتى وجدت نفسها ترتدي فستان زفاف وتقف امام شخص يرتل كلمات حتي وقف عند كلمة ( هل تقبلينه زوجاً لك ) لم تتردد بموافقتها بل كانت سعيدة، وهي لا تدري ما ينتظرها.

شاحت بنظرها عن الحضور لتتطلع الى آدم بسعادة ولقد كانت الصدمة ، لقد بدأ وجهه يتغير او بالأحرى يتشوه وعيناه تتغير لونها من الازرق الى السواد التام ، لم تستطع الفرار فكأنها قيدت مكانها من الرعب وهي تنظر الى هذا المخلوق امامها ، اقترب منها متابعاً :

– كم انت جميلة يا عروسي ، مبارك عليك..

ثم اخذ يضحك بهستيرية ممزوجة بصرخاتها حتى استيقظت على صوت والدتها تيقظها ، واسرعت بالتقاط انفاسها من الرعب غير مهتمة لسؤال والدتها..

– ماذا بك ، لم تصرخين ، ولم تنامين بالحمام ؟

تلك الكلمة التي زادت الرعب بقلب سارة وهي تتطلع حولها مرددة :

– ماذا ؟ الحمام ؟ كيف ذلك ؟

– لا ادري لقد سمعت صراخك وركضت تجاه الصوت لأجدك ملقاه بالحمام تصرخين وسط الظلام.

ثم امسكتها متابعة بغضب :

– لم تفعلين هذا أتريدين ان يلبسك الجن ام ماذا ؟

– لا ادري يا أمي عن ماذا تتحدثين ، ساعديني ارجوك لأدخل غرفتي اريد ان استريح قليلاً.

دخلت نور غرفتها وقد تملكها الرعب تماما و لا تدري كيف وصلت للحمام ، هل يعقل انها تسير وهي نائمة ؟ هكذا ظلت تتساءل حتى اشرقت الشمس.

 

لم تستطع النوم فلا تريد ان تنام هذه المرة لتجد نفسها تقفز من سطح منزلها او اي شيء جنوني كهذا ، وصلت لمكان العمل حتى جلست على مكتبها وعلامات الارهاق بادية عليها.

اقتربت منها صديقتها متابعة بضحك :

– تبدو عليك علامات السهر ، ماذا ؟ هل ظللت تتحدثين طوال الليل على الهاتف ؟

– ندي ، دعيني من مزاحك فلا مزاج لدي لذلك.

– هل انت بخير ، هل تشاجرت مع آدم ؟

– لا ، اشعر فقط ببعض التعب لا اكثر.

– حسناً عزيزتي سأدعك ترتاحين قليلاً ، اخبريني ان اردت شيء.

لم ترد نور ان تشغل عقلها اكثر بالتفكير واكتفت بمتابعة عملها الي ان مر اليوم بسلام.

 

عادت للنوم بالليل واغمضت عينيها محاولة النوم لكنها شعرت بأنفاس شخص ما بجانبها ، فتحت عينيها لتنظر بجانبها فوجدت شخصاً يبتسم لها برغم ظلام الغرفة الا انها استطاعت تحديد ملامحه.

لقد كان يشبه ذلك الذي رأته بحلمها ، حاولت الصراخ لكن لسانها انعقد من الرعب وكذلك جسدها لم تستطع تحريكه بل ظلت تنظر برعب وتحاول الصراخ لكن بدون فائدة كأن شخصاً ما يقيدها ويكتم صوتها.

بعد محاولات الصراخ التي بائت بالفشل استسلمت واغمضت عينيها كي لا تتطلع اليه وحاولت قراءة بعض الآيات القرآنية بقلبها حتى تحميها منه ، مرت لحظات وهدء جسدها من جديد ولم تعد تشعر بتلك الانفاس لكنها لم تستطع فتح عينيها من جديد خشية ان تراه مرة اخرى فظلت هكذا حتى غلبها النعاس.

 

***

اشرقت الشمس واستيقظت من نومها متجهة للاستعداد للعمل ، خطر بعقلها ان تخبر والدتها ربما لديها تحليل لما يحدث لكنها تجاهلت الامر مدعية انها ربما تتخيل او بسبب ارهاقها بالعمل او م اشابه.

ليس فقط زميلاتها ووالدتها من لاحظوا ارهاقها وشرودها المستمر بل آدم ايضاً لكن جوابها كالعادة على اي سؤال عن ما يحدث لها هو لا شيء ، ربما لا تريد ان يظن الجميع انها مجنونة او يبدؤوا بإلقاء المحاضرات عليها عن سهرها وارهاق نفسها بالعمل المستمر وغيره من تلك الامور.

هي بدورها اقتنعت ان الامر يحدث بسبب كثرة العمل عليها وقررت اخذ عطلة لبضعة ايام لكي تتحسن و يا ليتها لم تفعل ، ازداد الامر عن حده حتى اصبحت تراه بكل ثانية ودقيقة مرة بالمرآة واخرى بكوابيسها واخرى بغرفتها ليلاً.

كانت تراه بكوابيسها يطاردها ثم تستيقظ علي ألم خربشات وكدمات بجسدها ، هل ما ارادته من البداية يستحق ان تعاني هكذا من اجله ؟ كانت تلك الكدمات والجروح بجسدها اخف الماً من ألسنة من حولها التي كانت تتسابق كالسياط عليها عند رؤيتها.

لاحظ ادم الكدمات علي يديها لكنها اخفتها سريعا حتى لا ينتبه ويسأل عن سببها ، كانت تخشى ان يعلم سبب ما يحدث ويتهمها بالخداع ثم يتركها بعدما اصبح كل شيء بحياتها ، ليس فقط حبيباً بل صديق وأخ لم تملكه بيوم كونها وحيدة امها ، بنهاية الامر لم تستطع اخفاء الكدمات اكثر من ذلك واستمر ادم بسؤالها عن الامر وهي تستمر بتغيير الموضوع حتى ضاق به الامر واخبر والدتها ظناً منه انها تعلم شيئاً لكنها صدمت بذلك كصدمة آدم برؤية تلك الجروح.

بذلك الوقت دخلت نور غرفتها لتغيير ملابسها للخروج قليلاً مع آدم لكن ماهي الا لحظات وبدأت والدتها وآدم يسمعون صوت ارتطام اشياء بالغرفة ، اسرعوا اليها وكانت صدمة لهم لقد كانت تضحك بهستيرية وهي تستمر بتكسير المرآة بالإضافة لأي شيء تراه امامها حتى انها جرحت آدم بأظافرها عندما حاول تهدئتها وبالنهاية اصرت والدتها على اخذها لذلك الدجال مجدداً ربما يعلم ما بها وهذا ما عارضه آدم لكنه لم يكن يعلم ان القصة بدأت من ذلك المكان.

ذهبوا بها اليه وكان الدجال كأنه ينتظر حضورهم لكنه لم يسعد لرؤيتهم عندما علم بقوة ذلك الشيء الذي يسكنها بعدما نطق على لسانها واخبر الجميع انها زوجته ولن يتركها ابداً وليتجرأ احد علي اعتراض طريقه وسيتعرض لغضبه ، تلك الكلمات التي دبت الرعب بقلب الدجال واخبرهم انه لا يستطع مساعدتهم وليرحلوا فوراً .

ظن ادم انه يفعل ذلك بدافع الزيادة بالأجر واعطاه من المال ما يملأ عينه الفارغة لكنه تابع قائلاً :

– انا لا اريد مالك ، انه قوي جداً ولن يقدر عليه احد ، اخذ يتمتم بصوت منخفض متابعاً :

– ما كان علي ان استعين بذلك النوع من المردة.

 

بالرغم من انه كان يهمس لكن الكلمات استرقت لسمع ادم فكما يقال لا يفلح الساحر حيث اتى.

نظر له آدم والغضب بادياً من كلامه ثم تابع قائلاً :

– ماذا ؟ ما الذي تتحدث عنه ، تكلم الآن والا ابلغت الشرطة عنك.

– حسناً حسناً سأتكلم ، عندما حضرت بالسابق لحل مشكلة تأخر جعلتها توقع بدمائها علي عقد بينها وبين ذلك الجني ، كل الفتيات المتأخرات بالزواج يوقعن ذلك العقد حتي يتزوجن ثم يأتين الي واصرف ذلك الجني عنهم كما اتت هي وبالنهاية ينتفع الجميع من دون ان يعلم شيء.

امسكه ادم من عنقه متابعاً :

– ايها الحقير ، اخرجه حالاً منها.

– لا استطيع انه من المردة لا يقدر عليهم احد، انهم اقوى مما تظن.

 

غادروا خائبي الامل لكنهم لم يستسلموا بل ذهبوا لعدة شيوخ كانت تتحسن بالبداية ثم يعود اقوى من قبل ، استدعت نور آدم للحديث معه وكان يعلم ما ستتحدث به وجلس يستمع لها لنهاية الحديث..

– ادم ، سامحني على ما فعلته ربما تراني الآن مخادعة لكن لم يكن لدي حل اخر. تنهدت قليلاً والدموع تنساب من عينيها غفلة منها ثم تابعت قائلة :

– لقد احببتك بالفعل ، لم تكن فقط حبيبي بل الهواء الذي أتنفسه لكن. سكتت قليلاً ثم نظرت له متابعة :

– لا احتمل ان تتأذي بسببي ستجد فتاة افضل مني و…

قاطعها قائلاً :

– لا ، لا اريد سماع تلك الكلمات مرة اخرى ، اقترب منها ومسح دموعها متابعاً :

– لآخر لحظة سأظل بجانبك ولن ادع سوءاً يمسك حتى ذلك الشيء البشع ( ثم تابعها بضحكات وهي بدورها ضحكت من تلك الكلمة ) لكن يبدو ان تلك المزحة لم تعجب ذلك المارد الذي كان يراقبه ويبدو انه اثار غضبه ايضاً.

بعدما استمتعت سارة بوقتها بالخارج مع ادم اوصلها بسيارته مودعا اياها ، استمرت خطواتها للداخل وقاطعت تلك الابتسامة علي وجهها تذكرها انها تركت هاتفها بسيارة ادم ، ركضت للخارج قبل ان يغادر لكنها لم تجده ,كانت ستعود ادراجها لكن شيئاً ما بداخلها كان يخبرها ان تكمل خطواتها للطريق وبالفعل فعلت ذلك كأنها مأمورة.

ابتسمت حينما رأت آدم يقف بجانب سيارته علي الطريق لكنه كان يحدث شخصاً ما ، اقتربت منه لكن ادم دفع ذلك الشخص بعيداً عنه ، لم يستطع الابتعاد عنه فقد احكم ذلك الشخص قبضته على عنق ادم ثم اتبعها بنظرة وابتسامة لسارة ، لقد كان ذلك المارد.

ركضت سارة باتجاهه قبل ان يفعل شيئاً به لكن فات الاوان لقد دفعه تجاه سيارة قادمة القته صريعا والدماء تتسلل من جسده لتلون الطريق ، اخذ يراقب ذلك المارد من جهة آدم وبجانبه نور تصرخ لطلب النجدة ومن جهة اخرى من حولها يتساءلون هل يحاول ذلك المجنون الانتحار ام ماذا ؟ .

لم يشاهد احد ذلك المارد بل ما كان امامهم هو شاب مجنون يلقي بجسده امام السيارات محاولاً التخلص من حياته ربما الاصح من معاناته ، اختفى ذلك المارد بابتسامته بعدما حقق انتصاراً آخر ، بينما مرت الايام علي نور وكأن الزمن اصبح بطيئا او بالأحرى توقف عند تلك اللحظة التي اصطدم بها جسد ادم بالطريق معلنة رحيله.

 

***

لم تستطع نور اكمال حياتها بذلك الكابوس فقررت التخلص من كل شيء ، من حياتها ومن ذلك الكابوس والاهم من ذلك المارد سبب ما يحدث لها ، تقدمت خطواتها المتثاقلة تجاه انبوب الغاز مستغلة غياب والدتها فلا تريد ان يصيبها اذى ، عادت لغرفتها تاركة خلفها ذلك الغاز الذي تسرب ليمتزج بالهواء من حولها.

امسكت تلك القداحة ودموعها تعيد لها تلك الذكريات مع آدم ووالدتها وذلك العذاب مع الجني ومن حولها وغيرهم ، ما ان اشعلت القداحة حتي دوى صوت الانفجار الذي انتبه له الجميع ومنهم والدة نور التي اخذت تصرخ محاولة الدخول لتلك النيران بحثاً عن ابنتها.

اسرع رجال الاطفاء بتهدئة السنة اللهيب بحثاً عن احد بالداخل والجميع ما بين ذعر وهدوء ينتظر احداً يخبرهم ان نور بخير ، قاطع هدوءهم صوت رجال الاطفاء متابعين :

– لا يوجد احد بالداخل.

اطمئنوا انها لم تكن بالحريق وظنوا انها بالخارج ، مرت الايام والام تنتظر عودة ابنتها ولا تعلم ان كانت على قيد الحياة ام لا.

 

قاطعت خلوة والدتها بتفكيرها بحال ابنتها تلك الدقات على باب جارتها التي تمكث هناك منتظرة رجوعها ربما تعود بيوم من الايام ، تقدمت خطواتها المتثاقلة بالقلق والحزن لتفتح الباب ، لقد عبرت دموعها عن الفرحة بداخلها عندما رأت نور واخذت تضمها وتقبلها متسائلة عن اين كانت وماذا حدث لها ؟

لكن نور اكتفت بالصمت المتابع له دموعها ، لم ترد والدتها ازعاجها بالسؤال اكثر من ذلك فيكفي صمتها الذي اجاب عنها بأن ما حدث له علاقة بذلك المارد فاكتفت هي الاخرى بالصمت.

كانت تمضي نور بتذكر ما حدث لها بالأيام الماضية بداية من ذلك الانفجار بالمنزل ، عندما اسرع اليها ذلك المارد وكأن الزمن قد توقف لتختفي قبل الانفجار ، ومكوثها بذلك المكان الغريب علي ما يبدو انه عالم ذلك المارد ، خانتها عيناها بالدموع عندما تذكرت حديثها معه قبل عودتها لمنزلها..

لقد ظنت انها لن تعود من ذلك المكان وأن ما حدث لها لم يكن سوى البداية لكنها كانت مخطئة بذلك عندما اقترب منها ليمسح دموعها وهي متعجبة من ذلك فلقد كان هو سبب آلامها وحزنها من البداية..

– ان كنت ستقتلني فافعلها الآن ، نظرت اليه والدموع تتلألأ بعينيها متابعة يكفيني ما مررت به بسببك .

– لا لن اؤذيك سأعيدك الي منزلك.

ابتسمت بسخرية متابعة :

– ولماذا تفعل ذلك ؟

– ربما اذيتك كثيراً من قبل وقتلت ذلك الشاب لكن .. سكت قليلاً متابعاً لكن لم استطع احتمال ان اخسرك ، لقد احببتك بالفعل ، اقترب منها وقبل رأسها متابعاً :

– لن ازعجك بعد اليوم.

 

ما ان اغمضت عينيها بعد ذلك الحديث حتى وجدت نفسها امام منزلها ، لم تعد تخشى ظهور ذلك المارد بل كانت مستعدة للقائه لكنه لم يظهر بعد ذلك لقد وفي بوعده ، تعجبت ان هناك وحوشاً احن عليها من بعض البشر فبالنهاية شعر بآلامها بينما لم يفعل من حولها .

 

رحلت نور ووالدتها بعيدا عن اي شيء يذكرها بما مرت به من آلام وجروح ومن عقول تسلل لها الجهل ، تمكنت من اكمال حياتها وتزوجت بصديق لها بعملها الجديد ، انه نصيبها وكل ما مرت به كان يهيئها لذلك النصيب ,كانوا مجرد احداث بحياتها وآدم من اصعب احداثها.

لقد تمكنت من تخطي العقبات التي واجهتها لأن شيئاً ما بداخلها كان يردد :

– مهما كانت قوة السحر فلن تستطيع تغيير النصيب .

البعض اصبحت تذكره تلك الكلمة بكل ذكرى خسر فيها حبه الحقيقي بحجة النصيب لكن لو علم المعنى الحقيقي لتلك الكلمة لتمنى ان يكون كل شيء من حوله… ” قسمة ونصيب “

تاريخ النشر : 2016-09-25

guest
30 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى