أدب الرعب والعام

( سمارثي ) وحش موليفيا

بقلم : ندى – مصر

أصبح الوحش يصطاد السائرين بمفردهم في الغالب خاصة في الليل

 

بلاد موليفيا ، جزيرة كبيرة بها آلاف البشر ، يحكمها ملك ظالم يدعى كوبرا ، و لم يختلف أبناؤه الثلاثة عنه كثيراً خاصة أنه هو من أسسهم بعد موت أمهم أثناء ولادة الإبن الأصغر جايكوب ، و نظراً لقلة التعليم بالبلاد انتشرت الاعتقادات القديمة حول الشياطين و الأشباح و السحر و غيره ، و قد كان هناك مئات السحرة لكن أغلبهم مخادعين و كان قلة من هم سحرة حقاً ، كان أشهرهم و أكثرهم شراً إيميلي العشيقة القديمة لابن الملك الأكبر ديفيد ، لم تكن ساحرة حينها بل مجرد خادمة بسيطة لكنها تحولت الى ساحرة بعد أن قتلوا ابنتها من الأمير ، تعلمت كل أساليب السحر و تعمل للناس لتحصل على المال و تشتري مستلزماتها ، لكن الغريب أنها لم تنتقم من الأمير بعد ! لأنها كانت تحضر له نوع هام من السحر لكن كان ينقصها أهم شيء .. حوت صغير .

دخل زبون قديم و صديق لإيميلي الى الغرفة التي تعمل بها و التي يسميها الجميع ( غرفة العجائب )
مورو : مرحباً إيميلي .
إيميلي : مرحباً مورو ، كيف حال أخشابك ؟.
مورو : إنها بخير و مربحة بفضلك ، لو لم تقومي بسحر منافسي الأحمق لكانت الفئران أفسدت كل أخشابي .
إيميلي : لا فضل هنا .. أخبرني إذاً هل بحثت عن صياد ؟.
مورو : نعم هناك الكثير من الصيادين ، هل تريدين صياد سمك التونة أو سمك المكرونة ؟.
إيميلي منفعلة : لا أريد كلاهما أيها الغبي أخبرتك أنني أريد صياد الأسماك الكبيرة مثل القروش و الحيتان .
مورو بتردد : أعرف صياد واحد هكذا لكنه صديق لإدوارد .
إيميلي : كيف لم أفكر بذلك ؟ بالطبع سيكون الإبن الأوسط مسيطر على شيء ما كما أخوته .. هل تعرف أين بيت الصياد ؟ و اسم سفينته ؟.
مورو : نعم أعرف منزله ، و سفينته أسمها .. لوسي أو شيء مشابه .
إيميلي : أخبرني أين منزله .

—————

فى الشارع المظلم حثت إيميلي الخطى لمنزل الصياد بزي عادي ، فيجب أن تتأكد من أقوال النجار
إيميلي : صدقت أيها النجار ، رغم وجود حراسة لكن لا بأس ، و الآن أين السفينة ؟.
أخذت تخطو فوق مرفأ السفن لتجد السفينة المنشودة
إيميلي : لوسيفر ؟ هل يسمي سفينته الشيطان !.

—————

فى الغرفة المخصصة للسحر ، ارتدت إيميلي وشاحها الأسود الفاحم و بدأت تقول تعويذاتها لتقوم بزيارة صغيرة الى منزل الصياد

—————

فى غرفة النوم الخاصة بالصياد فريدي
كان يغط فى النوم حين شعر فجأة بحركة مريبة فى غرفته ففتح عينيه و جلس
فريدي : هل يوجد أحد هنا ؟.
لا صوت و لا حركة لذا اطمأن و نام ثانية ليجد فوق رأسه وجه لم يتوقع رؤيته ، له عينين حمراوتين و أسنان طويلة مخيفة ، لكنه ظل وجه إيميلي
إيميلي بصوت أجش : مرحباً فريدي العجوز .
فريدي : مـ.. ماذا تريدين مني ؟.
إيميلي : لا أريد الكثير ، فى غضون ثلاثة أيام قم باصطياد حوت صغير حياً لي ، و لا تقلق سأعطيك ثمنه ، لكن إن لم تأت لي به فى اليوم الرابع (بصراخ) سأحيل حياتك جحيماً ، و إياك أن تخبر أحداً .

أختفت إيميلي تاركة الصياد بأنفاس متلاحقة

—————

فى المحيط تصارع السفينة الأمواج الغادرة ، مثبتة قدرتها على التقدم رغم الصعاب
البحار : سيدي القبطان .
فريدي : نعم .
البحار بتردد : هل حقاً سنصطاد حوت عنبر ؟ لماذا ؟ قد يقتلنا هذا .
فريدي : لقد طُلب مني و علي التنفيذ .
صرخ أحد البحارة : ها هو هناك .
نظر فريدي الى الحوت الذى رأه البحار ليجده نوع أخر
فريدي : اللعنة ، أستعدوا ، أجلبوا الرماح .

—————

فى اليوم الرابع ذهب فريدي الى إيميلي
فريدي : أعتذر ، كنت سأتي لك بحوت العنبر لكن صادفنا نوع أخر كاد يحطم السفينة هو الآخر لكن قمنا باصطياده بسلام .
إيميلي : ما هو نوعه ؟.
فريدي : حوت أزرق لكن أعتذر فهو كبير ، ليس صيد العجل الصغير شيء سهل و لن أقتل طاقمي كله لأتي لك بواحد ، يكفي من سقطوا .
إيميلي مستنكرة : ماذا .. حسناً أين هو ؟.
فريدي مبتسماً : لا يمكن أن أحمله و أتي الى هنا ، كما أنه من المستحيل أن يدخل هنا دون أن يدمر المكان فطوله 30 متراً .
إيميلي : إذاً كيف ستأتي لي به ؟.
فريدي : يمكنك القدوم وقتما تريدين في مكانه الذي وضعته به .
إيميلي : سآتي الليلة ، و سأخذه قريباً .. و حاول أن لا تجعله يأكل كثيراً .

بعد ذهابه أخرجت كل زبائنها و دخلت الغرفة الخاصة بعمل السحر ، و بدأت تعمل على اللمسات الأخيرة في تعويذتها لكن كانت تحتاج لعدة أشياء آخرى بما أن الحوت كبير ” أظافر الدب الأبيض و ضفدع سام و سحلية متغيرة الألوان و ربما سأحتاج بعض من جلد التمساح .. حسناً لنبدأ ” كانت تضع الأشياء داخل قدر كبير و هي تردد ” لعنة أبدية لأشرار العالم ، الظالم و السارق و القاتل و المُرتشي ، فى إناء الثلج الأسود ، و النار الزرقاء ، أدعوك لتصبح وحشاً محرقاً لهم بكرات النار ، ثم ابتلعهم ليموتوا و هم في النهاية أموات “

—————

فى حوض عملاق كان الحوت الأزرق وحده يسبح يميناً و يساراً كالتائه ، أتت إيميلي و نظرت له قليلاً ، بعد ذهاب فريدي بعد أن ترك كمية لا بأس بها من الكريل ، أصبحت وحدها و بدأت تقول تعويذة و تطبق على شيء فى يدها ، وضعت القليل من هذا الشيء فى الحوض ثم أخذت الكريل و ألقت نصفه فأندفع الحوت ناحيته يأكل و معه هذا الشيء الذى سنسميه بالمسحوق ، أخذت تلقي المسحوق و الكريل معاً الى أن أنتهى الكريل و بقي القليل من المسحوق فقامت بوضع الباقي كاملاً ليأكله الحوت كله و يبدأ شكله بالتغير ، لتطول زعنفته الظهرية الى 150 سنتيمتر ، و بدأ حجم الحوت يكبر أكثر الى أن أصبح ضخماً ، و تغيرت شكل رأسه من U الى V ، و تحول لون الرأس و الذيل و الزعانف من الرمادي الى الأسود و به خطوط حمراء واضحة ، أخذ الحوت يسبح بسرعة و ظل يصطدم بجدران حوضه فأنكسر و بدأ يسرب الماء ، كانت إيميلي تبتسم طوال هذا لكنها فزعت و وقعت من السلم حين أنكسر الحوض و تزامن ذلك مع صيحة عالية جداً أشبه بصوت الديناصور ! ثم توقف الصوت و أختفت إيميلي و أختفى الحوت ..

—————

إدوارد بغضب : أيها الغبي الأحمق ، تتعاون مع تلك المشعوذة لأجل المال .
فريدي : سامحني يا مولاي .
إدوارد : لا تستحق .
و قام بقطع رأسه ، و ذهب يخبر والده بما حدث

كوبرا : هل وجدتم إيميلي ؟.
إدوارد : كلا ، لقد اختفت تماماً .
ديفيد : أقترح أن …
قاطعه كوبرا بغضب : أصمت أنت ، فأنت السبب فى كل هذا ، يا حراس خذوه لغرفته و راقبوه جيداً ، و إياك أن تخرج منها ، و من يخالف أوامري سأقتلع رأسه .

أخذ الحراس الأمير ديفيد بالقوة لأنه حاول الإعتراض
إدوارد : ربما نحتاج المعلومات التى يعرفها عن إيميلي .
كوبرا : لن توصلنا معلوماته لشيء ، فإن كان يعرف كل شيء عنها فى الماضي فهي تغيرت تماماً عن الماضي .
إدوارد : إذاً سيكون الحراس فى كل مكان فى البلاد ، و سيكون هناك مكافأة لأي شخص يقبض عليها .
كوبرا : أحسنت .. لنذهب للنوم الأن .

—————

فى اليوم التالي أستيقظ كل من فى القصر على صراخ الخادمة التى لم تجد الأمير جايكوب في غرفته و قد كان مريضاً بالزكام ، انتشر الجنود يبحثون عنه بما فى ذلك الأمير إدوارد ، بحثوا حتى عند الشاطئ القريب من القصر الذي اعتاد جايكوب الجلوس أمامه و لكنهم لم يجدوا أثراً له .
كان الملك لديه شك غريب أن سبب اختفاء جايكوب له علاقة ما بإيميلي ، لكنه لا يملك دليلاً على شعوره هذا .

مر يومين و لم يجدوه ، ثم اختفى إدوارد أيضاً في اليوم الثالث ، و خلال يومين آخرين اختفى أكثر من 50 شخص من السكان ، كان أغلبهم من الصيادون و البحارة ، ضاق الملك ذرعاً و لم يعرف ما يفعل بالضبط سوى أنه عزز الحراسة على غرفته و غرفة ديفيد ، الآن ازداد شكه و تأكد أن إيميلي خلف الأمر ، لكن كيف تفعل ذلك ؟.

—————

كان ديفيد فى غرفته مساءً يحاول النوم حين سمع صوتاً يعرفه .. إنه إدوارد ! هل عاد ؟ ، لم يستطع الخروج من الباب لأن الحراس هناك لذا خرج من النافذة و قد كان بجانبها شجرة طويلة فكان من السهل أن ينزل سالماً ، أخذ يستمع جيداً و أدرك أن الصوت يأتي من الشاطئ القريب فتتبعه ، حين وصل هناك لاحظ أن الماء هائج فى أحد البقاع و كأن هناك من يغرق .

إدوارد : ساعدني .. ديفـ…

تأكد ديفيد أن إدوارد هو من يغرق فلطالما كان سباحاً فاشلاً ، لكن ما الذي أوصله لهناك ؟ و كيف ؟ لم يفكر كثيراً و ذهب ينقذ أخيه و حين كاد يقترب وجده يغوص فى الماء فحاول أن يسرع و حين وصل الى هناك أخذ نفساً عميقاً استعداداً للغوص ، لكنه تفاجأ بذلك الوحش الضخم الذى قفز من الماء عالياً ، صارخاً بزئير الديناصور ، فاتحاً فمه باتجاه ديفيد ، متوهجاً باللون الأزرق .
حين غطس الوحش فى الماء لم يكن هناك أثر لديفيد و عم الهدوء المكان ثانية ، لكن كان هناك بعض الشهود هذه المرة في قارب بعيد لم يروا الضحية لكن كان حجم الوحش واضحاً .

فى اليوم التالي و بعد أن تعززت الحراسة و كل هذا ، تقدم الشهود الى أحد حراس الملك و أخبروهم بما حدث ، كاد الحراس يدفعونهم بعيداً لكن سمع الملك جزء من الحديث و أوقف حراسه و أدخل الشهود و سمعهم ثانية ، و بعد أن كافأهم و ذهبوا قام بوضع جنوده على كل شواطئ البلاد و منع الجميع أن يقترب من الشواطئ حتى الصيادون و أفاد أنه سيعوضهم ، فكر أنه ربما إن لم يأكل الوحش لفترة فإنه سيموت جوعاً .

مر أسبوعين و لم يحدث أن اختفى أحد ثانية ، و اعتقد كوبرا أن الوحش قد مات أخيراً ، و أعاد فتح الشواطئ و عاد السلام يعم الجميع .. ليومين

—————

فى غرفة نوم الملك فى اليوم الثالث
– أبي .. أبي .
أستيقظ الملك على تلك النداءات الغريبة و التى كانت تأتي من ثلاث أصوات معاً ، استطاع تمييز تلك الأصوات ، إنهم أبناؤه الثلاثة ! ” أين هم ؟ ” أخذ يلتفت يميناً و يساراً بحثاً عنهم
إدوارد : مازلنا على الشاطئ يا أبي ، فقد مات الوحش و تحررنا .. لكننا منهكون جداً ، تعال و ساعدنا .
الملك و هو ينهض : أين كنتم ؟.
جايكوب : كنا جميعاً فى معدة الوحش .
الملك و هو يفتح الأبواب : كيف ذهبتم ؟.
جايكوب : كنت أتأمل على الشاطئ و رأيت حورية بحر فذهبت لها .
إدوارد : سمعت صوت جايكوب يناديني من الشاطئ و حين وصلت كنت بعيداً عن الماء ، فظهر خلفي مسخ مخيف فجريت للماء دون أن أنتبه .
ديفيد : رأيت إدوارد يغرق فذهبت أنقذه .

وصل الملك الى الشاطئ و هناك رأى أبناءه ممددين على الأرض ، واحد قرب الشاطئ و الثاني نصفه فى الماء و الثالث تلعب به الأمواج و يكاد يغرق ، فزع الملك لأجل جايكوب و انطلق ينقذه و هو مطمئن أن الاثنين الآخرين بخير ، أخذ يسبح و وصل الى مكان قريب منه حتى وجده قد غرق ، اندفع تحت الماء قليلاً حتى اهتز الماء بقوة حين قفز الوحش خارجاً منه ، متوهجاً بألسنة اللهب ، أخرج كوبرا رأسه لثواني قبل أن يبتلعه الوحش و يغوص ثانية و يختفي الابنين من على الشاطئ و كأنهما لم يكونا .

مازالت الاختفاءات تحدث الى الآن في عدة بقاع من الأرض و ليس موليفيا فقط رغم مرور مئات السنين ، لكنها قليلة ، فقد أصبح الوحش يصطاد السائرين بمفردهم في الغالب خاصة في الليل ، و أحياناً يصطاد نهاراً مدمراً سفينة كاملة بها أكثر من عشر أشخاص أكلاً منهم ثلاثة أو أربعة ! ، و قد أسموه الناس بـ( سمارثي ) ، و يقول بعض سكان البلاد أن اختفاء إيميلي قد يكون سببه أن جزء من الطقوس أن تصبح قرباناً للشيطان ! أو أن الحوت أكلها ، أو أنها لم تكن سوى شيطانة من الأساس ! لا أحد يعرف ، لكن المؤكد أن إيميلي بدأت كابوساً ربما لا ينتهي .

لكن كان بداية هذا الكابوس حلم جميل لأن البلاد الأن هي أجمل ما يكون و الجميع فى حالة سلام و عدل و تعليم جيد منذ اختفاء كوبرا ، لكن طالما مايزال وحش موليفيا حياً .. إذاً مازال ينقص تلك المدينة شيء من السلام .

النهــاية

تاريخ النشر : 2018-10-08

ندى

مصر
guest
15 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى