أدب الرعب والعام

سناء

بقلم : تقي الدين – الجزائر
[email protected]

كان حفل الزواج السادس في عائلة زائر المكونة من سبع أولاد ، والدهم الراحل كان سائق شاحنة يقود عبر الحدود لموريطانيا أين إلتقى بزوجته و التي كانت موظفة في السفارة ، إبنه الوحيد الذي لا يزال عازبا كان منتصر ، إبنه الأصغر والذي لم يكن ندا لقدرات الأب الإجتماعية ، كان يفضل العزلة و المحادثات العميقة و يوم الخميس ذاك لم يكن إستثناءا… من جهة عزلته طبعا فالمحادثات العميقة ليست نقطة قوة في حفلات الزفاف و خاصة حين يكون العريس أخاك ، حيث ستتلقى الكثير من :

– متى سنفرح بك و نراك عريسا ؟ .

الآن منتصر كان فتى وسيما ، رشيق الجسد ، داكن الشعر ، قوي الفك و صلب الملامح ، فريسة سهلة لكل أم تريد تزويج إبنتها ، لكن ذلك السؤال على النقيض لم يكن من إمرأة غريبة ترتدي عطرا رخيصا بل كان من والدته التي إقتربت منه في تلك الزاوية أين كان يقف ، يمكن القول أن جسده كان محاصرا لكن دماغه كان حرا طليقا إذ أجاب بسخرية غير معتادة منه :

– ألم تسعدك ست زيجات كاملة ؟ .

ضحكت الأم و هي تجيب :

– أنت إبني الصغير و فخري لك سيكون مميزا .

بوجه جامد رد منتصر و قد مضى على وقوفه هناك من الوقت الكثير :

– الموسيقى صاخبة جدا كما أنني سأذهب لأساعد سناء في مشروع المسرحية … سأعود بحلول وقت العشاء .

منتصر كان أستاذ تعليم إبتدائي فذ ، لم يسجل له أي غياب ، كان يحضر في المطر أو الحر و حتى وقت تفشي المرض رغم أن المدرسة كانت شبه مغلقة ، مشروعه مع تلميذته سناء كان عبارة عن مسرحية بمناسبة يوم العلم و موضوعها … بديهي دون الغوص فيه ، الجميع كان فخورا بإبن عائلة زائر باستثناء مدير المدرسة الشاب الجديد و الذي كانت له مخيلة واسعة :

– هذه المسرحية الخيالية لن تقربك و لو نصف خطوة لتأخذ منصبي يا أستاذ منتصر .

قال المدير تلك العبارة مرة أخرى بنبرة فظة تلائم شكله الهزلي و بدلته الأرجوانية المبهرجة .

– لم أكن أعتمد على ذلك ، قال زائر و هو يسير مبتعدا عن مكتب المدير الضيق بعدما سجل حضوره ، عبر رواق مفتوح سار بهدوء حتى وصل القاعة أين كانت تنتظره سناء بلباسها الأبيض والأسود ، كانت سوداء الشعر ، سمراء البشرة و ظريفة الملامح . محامية … كانت الفتاة في هذه المسرحية ، تحاول مساعدة طفل فقير غير مرغوب على تبرئة إسمه بعد تلفيق تهمة له ، على أحد الطاولات جلس منتصر بعد تحية تلميذته و إنطلقت هي بالغناء حتى إنتهت سطورها ، العرض كان جيدا رغم أن زائر تغاضى عن بعض الأمور الجانبية لمصلحة وقته الذي كان ضيقا ، سناء التي كانت تستعيد أنفاسها بعد ما أرهقت حبالها الصوتية سألت ببرائة :

– لماذا يجب على المحامية أن تغني ؟ و لماذا يجب أن تكون لئيمة للقاضي ؟ .

ضحك منتصر و هو يجيب :

– يجب أن تغني لأنها مسرحية غنائية و يجب أن تكون لئيمة لأنك ممثلة ، و يجب أن تلعبي أحيانا شخصية عكس شخصيتك الحقيقية .

بعفوية قالت الطفلة :

– إذا كان المتهم مرفوضا من المجتمع لماذا يهتم لرأيه ؟ ليس كأنهم سيتغيرون الآن من أجله .

بتفكير عميق حك منتصر مؤخر رأسه و هو يجيب :

– الأمر صحيح لكن تبقى لدينا دوما الرغبة في الحصول على القبول .

محاولة تخفيف عبء الرداء الثقيل قالت سناء :

– أظن أنني سأحاول الحصول على القبول من نفسي أولا ، هكذا إن رفضني الناس فلن أهتم لذلك كثيرا لأنني أعرف قيمة نفسي .

– أنت محقة ، قال المعلم مبتسما و أدلف :

– و الآن إذهبي و غيري ملابسك للزفاف فقد دعى رضوان المدينة كلها .

– حتى المدير ؟ ، سألت سناء .

– نعم حتى المدير ، رد منتصر و هو يحمل حقيبته .

***

بين صراخ الأطفال و ركضهم وسط تلك الطاولات البيضاء التي إنتشرت فوق قاعة العشاء جلس منتصر بإبتسامة صغيرة على محياه ، بعد ساعة من الحديث حول طبق العشاء و نوع الموسيقى مع مجموعة غرباء كان سعيدا بأنه وجد أخيرا فسحة صغيرة ليختلي مع نفسه لكن همسات أخيه رضوان الذي إقترب منه كمدرب يتحدث مع مساعده غيرت ملامحه سريعا فأومأ برأسه موافقا و تحرك خلف شقيقه الذي أخذه لغرفة خلفية صغيرة جلست على منضدتها الطويلة المثبتة بالحائط صينية دائرية حملت إبريق شاي و بضع أقداح ، رضوان سكب لنفسه الكأس الأول بينما قدم الثاني لأخيه قائلا بشيئ من العبوس :

– علينا أن نتحدث قليلا عنك ، أنت تقترب من الأربعين و لست مرتبطا بأي شكل …

– ليس هذا الموضوع مجددا ، قال منتصر بإمتعاض .

– نعم ، هذا الموضوع مجددا . قال رضوان ، فحالتك لا تعجبني .

رسم منتصر إبتسامة ساخرة قال بعدها :

– حالتي ليست جيدة بنظرك لأنني لم أبذر تسعين مليونا على فرقة خيالة و موكب سيارات فارهة ؟ أتظن حقا أنك أنت العاقل بيننا ؟ .

بغضب إرتشف رضوان شيئا من شايه و سأل :

– فقط لماذا ؟ لماذا ترفض الزواج هكذا .

– تبا! ، همس منتصر ثم أجاب :

– أنا لست ضد الزواج يا أخي ، أنا سعيد لأجلك … أنا
سعيد حقا لكن في أيامنا هذه إنها مجرد مبادلة … ثلاثون أو أربعون مليونا مقابل علاقة سطحية تتخللها بعض المتعة في غرفة نوم … أتظن أنها صفقة عادلة ؟ .

– عن ماذا تتحدث ، قال رضوان ليقاطعه أخاه :

– لماذا سأتزوج ؟ و لا تعطني الهراء العاطفي عن إيجاد شخص للحديث معه! ستتحدث عن الطعام ؟ يمكنني الطبخ ، الغسيل ؟ لدي آلة غسيل ، غسل الصحون أو المنزل ؟ لقد قمت بما هو أصعب من ذلك … أعطني سببا وجيها واحدا .

إختلطت الكلمات في فم رضوان لوهلة قبل أن يبصقها بصعوبة :

– إنه … إنه نصف الدين يا رجل .

– الدين ؟ قال منتصر متهكما ، تريد الوقوف هنا و التحدث عن الدين و أنت الذي لم تتواصل مع أي من إخوتك منذ أربع سنوات ، تبا أنت لم تدعهم حتى لزفافك … لكنك تقف هنا بوقاحة لتعضني عن الدين …

مسح منتصر فمه بغضب و قد جف حلقه ثم أعقب يصرخ :

– متى ستفهم أيها ” المؤمن ” أن الدين هو سؤالك عن جارك ، أن الدين هو صلة رحمك ، أن الدين هو قلقك بشأن الأبرياء الذي يقتلون في فلسطين أو سوريا أو أي مكان لعين آخر في العالم عوضا عن قلقك بشأن عملية تكاثر تقوم بها حتى القطط اللعينة .

وسط صدمة رضوان الذي إنعقد لسانه إقترب منتصر تجاهه و قال هامسا و هو يناوله كأس الشاي :

– شكرا على العشاء اللعين و أبلغ أمي تحياتي .

***

اليوم التالي كان رماديا ، شاحبا شحوب وجه منتصر الذي سار ذلك الرواق المفتوح مرة أخرى بخطوات متثاقلة ، سناء و التي كانت داخل القسم تنتظره مثل كل مرة قالت لحظة دخوله :

– لقد تأخرت اليوم .

– متأسف ، قال و هو يضع محفظته الجلدية فوق المكتب أين تقدمت منه الفتاة قائلة بهدوء :

– لقد رأيتك تصرخ بالأمس في الزفاف … لم أرك غاضبا هكذا قط من قبل .

بمزيج من الخجل و الإرتباك رد منتصر :

– غضبنا يغلبنا أحيانا ، الأمر طبيعي .

– سيد زائر ، قالت سناء للأستاذ الذي ركز إنتباهه نحوها . هل تتهرب من الزواج بسبب المرأة التي قد تتزوجها أم بسببك أنت ؟ .

بأعين حيرة جاحظة حدق منتصر لسناء برهة ثم أجاب :

– بسببي أنا طبعا .

– إذا … توقفت الفتاة لحظة ثم أردفت :
– لماذا كان أخوك غير راض ؟

عدل منتصر ملابسها مبتسما و رد :

– لأنه منهم و ” هم ” يريدوننا أن نبحر في سفينة واحدة لوجهة واحدة و قد نجحوا في ذلك .


– أنا أتفهم ، قالت سناء بحزن ثم أدلفت :

– ” هم ” يتفوقون دوما بقوة العدد لا بقوة المنطق لهذا سيدفعونك للرحيل من هنا و أنا لا أريدك أن ترحل بعد.

ضم منتصر جسدها الصغير لصدره و قال بلطف :

– لا داعي للبكاء يا صغيرتي ، لن أرحل حتى ننتهي ، لن أر…

إنقطع سيل الكلمات و راحت نبضات قلبه تتراقص داخل صدره بعنف ، بخفة إنتفض بعدما كان مقرفصا و صرخ :

– سيد المدير ، إن الأمر ليس كما تعتقده .

– لقد رأيت كل ما أحتاج رؤيته ، قال المدير بغضب و هو يهرول تجاه مكتبه أين أوقفه الأستاذ :

– أتظن حقا أنني بذلك الجنون أو المرض ؟ سناء طفلة بريئة يا رجل .

بالهاتف في أذنه حدق المدير لمنتصر بخوف و قال :

– أنت مختل بحق ، إبتعد عني و إلا سأتصل بالشرطة عوضا عن مديرية التعليم و سيكون لديك مشاكل أكبر من مجرد مجلس تأديبي .

***

بعد يوم كامل بين جدران شقته الصامتة بظل الصدمة الذي جثى فوقها طرق بابه أخيرا ، بتثاقل سار ليفتحه فقابلته ملامح أمه التعيسة و هي تدعو نفسها للدخول دون مقدمات ، بخفة خلعت وشاحها و قد رمت به فوق أريكة غرفة الجلوس ثم قالت بقلق :

– كان ذلك أغرب إتصال تلقيته في حياتي … إبني يمثل أمام مجلس تأديبي ! .

منتصر سحب كرسيا من طاولة الأكل خلفه و جلس قائلا :

– المدير كان يحاول دوما …

– إنها ليست غلطة المدير ، قالت والدته بغضب . هذه مشكلتك وحدك ، أنت من رفض الإرتباط و ها أنت ذا تعاني بسبب ذلك .

نظر صيد عبر النافذة صوب السماء و لمحة سلام غريبة على محياه و قال :

– هل العشرية السوداء … أو البطالة ربما سببها أني لم أرتبط ؟ .

– لا تحاول أن تكون متذاكيا يا فتى ، قالت الأم . لقد إخترت طريقك ، لست فخورة بما أصبحت عليه لكنني تركتك تسير دون أن أعطلك لأنها حياتك .

– نعم … فخورة ، همس منتصر بإمتعاض ثم أدلف :

– بدأت العمل في الرابعة و العشرين قبلهم جميعا ، و ها أنا في التاسعة و الثلاثين … تلك خمس عشرة عاما كنت آخذ فيها مليونا واحدا و أعطيك الثلاثة الباقية ، تلك خمس عشرة عاما …

شرد منتصر برهة محاولا لملمة أفكاره و أعقب :

– خمس عشرة عاما عشت فيها على قميصين أو ثلاثة و بنطالين ، كل شيئ في منزل والدي من الباب الجديد وصولا لأعمدة السقف من مالي الخاص و هذا واجبي … أنا لا أجادل في ذلك لكن تجدينني أتسائل أين واجبك أنت ؟ .

– واجبي أنا … قالت الأم لكن منتصر واصل غير مبال :

– أين واجبك ، كان من المفترض أن تقفي معي و لو زيفا لكنك آثرت إعتناق مذهب التقاليد ، آثرت الجلوس هنا في هذا المكب القذر الذي وقفت فيه أربع عشرة عاما لأجلك لتحدثيني عن مدى فخرك بي .

نظرت الوالدة لمنتصر الذي وقف من كرسيه و قالت بحزن :

– لم أشأ هذه الحياة لك يا بني …

– بالطبع لم تفعلي ذلك ! ، صرخ منتصر و قد رمى بالكرسي صوب الحائط ليتناثر قطعا ثم أضاف :

– لقد أعمتك بهرجة العرائس و أغاني الزفاف ، كل واحد من أبنائك عمل ليبتعد عنك ، كل واحد منهم عمل ليرحل مع إمرأة غريبة و أنا الذي بقيت … أي معلم جيد بعد عشر سنوات قد يصبح مديرا أو حتى مفتشا لكنني رفضت دون قول كلمة … دون شكوى واحدة لأن هذا ما يفعله الإبن الصالح و هذه هي الحقيقة التي يكره الناس سماعها .

بصعوبة إلتقط أنفاسه و هو يرمي بأشلاء الكرسي بقدمه ثم قال مغادرا :

– لقد صمدت هنا خمس عشرة عاما ، حاولي البقاء هنا خمس عشرة دقيقة … السقف يقطر و الغاز لا يعمل ، دفئي يديك بأنفاسك .

***

بعد أسبوع و على كرسي خشبي في غرفة إنتظار فارغة جلس منتصر و مصباح عتيق فوقه يتراقص بهدوء ، كان يرتدي بدلة سوداء رافقتها ربطة عنق بيضاء مرتخية ، بعد نصف ساعة من الشرود و الإستغفار وقفت السكريتيرة الشابة و قادته نحو باب ألمنيوم أبيض بزجاج معتم دفعته بهدوء و قد أشارت له بيدها للدخول ، توسطت تلك الغرفة التي دلفها طاولة مستديرة جلس في نهايتها ثلاثة أعضاء من لجنة المجلس و قد ترأسهم عجوز أسود الشعر و الشارب ، صلب البنية و الملامح ، بهدوء أخذ منتصر جلوسه في الجهة الأخرى من الطاولة ليباشر الرجل الإجتماع بقوله :

– أظن أننا جميعا نريد أن ننتهي من الأمر بسرعة لذا لندخل مباشرة في صوب الموضوع و نبدأ بسماعك يا سيد زائر و أنت تحاول إقناعنا بإنهاء هذا المجلس بطريقة ترضي الجميع .

أخذ منتصر رشفة من كوب الماء الزجاجي الموضوع أمامه و قال برزانة :

– بسبب طريق مختلف أخذناه ، علينا أن نعاني عند كل مطب ، لقد إخترت حضرتكم أن أمضي حياتي لوحدي منذ وقت طويل و بسبب هذا أنا أعاني ، إذا كنتم تملكون أبناءا فأظن أنكم ستقفون معهم في قرار كهذا و إن كن بناتا …
إبتسم منتصر بشيئ من السخرية و واصل :

– فهن قويات و شجاعات لأنهن آثرن عدم التعلق برجل ، لكن في حالتي أنا إعتبرت منحرفا و غير متدين و شخص لا يستحق أن يُفتخر به .

خلع رئيس اللجنة نظارته بهدوء واضعا إياها فوق الطاولة و قال :

– أنا أقدر كلماتك يا سيد زائر لكن السادة ممثلي المجتمع المدني الجالسين على جانبي غير مقتنعين و يريدون قرارا صارما و جوابا حاسما منك :

نظر منتصر للرجال لحظات ثم قال :

– قالت لي روح بريئة يوما أن المجتمع يفوز دوما بقوة العدد لا بقوة المنطق ، إذا وضعت عشرين قردا مددجين بالأسلحة في مواجهة ثلاث بشريين عزل فسيفوز البشر لأن القرد لا يعرف كيفية إستعمال السلاح .

– ما الذي تقوله ، سأل الرئيس بحدة .

– ربما يجب أن نضع البشريين في مواجهة المنطق عوضا عن القردة و نرى إن كانت النتيجة ستختلف .

– سيد زائر ، هل لديك تاريخ مع الأمراض النفسية ؟ .

مرتبكا رد منتصر :

– لا سيدي .

– و ماذا عن العائلة ؟ ، سأل الرجل مجددا ليجيب زائر :

– ليس على حد علمي سيدي .

– حسنا ، قال الرجل . رغم أننا متأثرون بكلماتك الصادقة و مقتنعون بما قلته إلا أننا لم نستدعك هنا للتحدث تحديدا عن حالتك الإجتماعية ، لكن عن حالتك النفسية .

– لا أفهم ، قال منتصر بهدوء .

تحرك رئيس المجلس فوق كرسيه بعدم إرتياح و هو يجيب :

– لقد تلقينا إتصالا من مدير الإبتدائية التي تعمل فيها يخبرنا فيه أنك كنت تحضر لمسرحية مع فتاة من صفك تدعى سناء .

– هذا صحيح ، قال منتصر فواصل الرجل حديثه :

– لكن المشكلة هي أنه لا توجد فتاة إسمها سناء في صفك ، و الفتاة الوحيدة التي درّستها و التي تحمل هذا الإسم هي حاليا في الثانوية ، المدير قال أنه وجدك تبكي في قسم فارغ و أنت تتحدث مع نفسك .
أخذ منتصر رشفة أخرى سريعة من كوب الماء و سأل بخوف :

– ما الذي … ما الذي تقوله لي ؟

– إهدأ يا سيد زائر ، قال الرئيس ليضيف :

– لن نتخلى بسهولة عن معلم ممتاز مثلك خاصة بعد إجابتك تلك لكن عليك أن تخضع لجلسات علاج نفسي حتى تتحسن حالتك و في حالة رفضك فقط سنضطر لفصلك … هل تفهم ذلك ؟ .

بصعوبة حمل منتصر جسده المرتعش من الكرسي و قال :

– حسنا ، أحتاج فقط لحظة لوحدي من فضلك … لحظة لوحدي فقط … لحظة …

***

بعد نهاية رحلة علاجه و التي دامت أكثر من نصف عام كتب منتصر في أحد دفاتر ملاحظاته الخاصة بالعمل :

– صحيح أنني تجاهلت الإشارات … إتهام المدير لي بالجنون ، قول سناء أنها سمعت ما دار بيني و بين أخي في غرفة فارغة لم يدخلها أحد و إيحاءات أخرى عديدة ، لكن إكتشفت أيضا أن لكل شخص سناء خاصة به ، زاوية سلام يلجأ لها للإبتعاد عن الجميع لأنه أحيانا أفضل نصيحة هي تلك التي تتلقاها من نفسك . سناء ببساطة كانت تلك الوردة الصغيرة التي نمت في شق عميق إخترق روحي … لقد إخترت طريقا مختلفا في نظر المجتمع لأنني أؤمن به و سأسيره حتى النهاية ، صحيح أن مصيرنا واحد لكن في درب الحياة الطويل ذاك أين تقف الوجوه و الأفكار في صف طويل لترسم ذلك الخط الأبيض المبتذل سأكون أنا من يلون الرصيف .

النهاية .

تقي الدين

الجزائر
guest
24 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى