نساء مخيفات

سيدة الصمت : سفاحة جبارة تسحق ضحاياها بيديها

بقلم : وفاء آدم _Harley Quinn – Sudan_gotham city
للتواصل : [email protected]

كيف تحولت مصارعة محترفة الى سفاحة رهيبة
كيف تحولت مصارعة محترفة الى سفاحة رهيبة

بجسمها الضخم وذراعاها المفتولتان تتجول في شوارع مكسيكو سيتي بحثا عن طريدة مناسبة ، تراقب الطرقات بعينيها الخاليتان من أية مشاعر ، تنتظر الوقت المناسب لكي تنقض ، والفريسة دوما واحدة من أولئك النسوة العجائز الضعيفات اللواتي انتهى بهن المطاف وحيدات في منازلهن الصامته .. كانت تطرق الباب لتعرض المساعدة ، متقمصة شخصية موظفة في الرعاية الاجتماعية ، فتستقبلها العجوز بكل سعادة ورحابة صدر وتدعوها للدخول لشرب قدح من الشاي .. وما أن تدخل المنزل ويغلق الباب دونها حتى تنقض على العجوز الضعيفة فتبرحها ضربا وجراً ثم تشبك يديها القويتان حول عنقها وتراقب بسعادة غرغرة روحها وهي تفيض إلى بارئها .. وما أن تلفظ العجوز انفاسها حتى تشرع بسرقة كل ما يمكنها حمله من اغراض المنزل ، خصوصا ما غلا ثمنه وخف وزنه ، ولم تكن تنسى طبعا أن تخفي آثار جريمتها بدهاء قبل أن تغادر ، لتصبح الجريمة وكأنها موت عرضي.

أنها السفاحة المكسيكية سيئة الصيت جوانا بارازا ، التي أشتهرت في عموم المكسيك بأسم “سفاحة العجائز” ، ولعل وجه الغرابة في جرائم بطلة قصتنا أنها كانت تعتمد على العنف والقوة الجسدية لتنفيذ جرائمها ، على عكس معظم السفاحات الشهيرات من النساء واللواتي يعمدن غالبا إلى وسائل لا تعتمد على القوة الجسدية في الاجهاز على ضحاياهن ، كأستعمال السم ، أو استخدام الاسلحة النارية .. لكن وجه الغرابة ينتفي عندما نعلم ان جوانا كانت مصارعة محترفة ، والعنف جزء من حياتها اليومية ، كما أن طبيعة ضحاياها ، وكذلك بنائها الجسدي المتين كان يؤهلها لأقتراف الجرائم بقوة ذراعيها فقط.   

جاوانا عاشت طفولة بائسة
جوانا عاشت طفولة بائسة

لكن قبل أن نخوض في تلك الجرائم الدموية البشعة ، دعونا نلقي نظرة سريعة على طفولة ونشأة جوانا ، إذ أن طفولة السفاحين غالبا ما تحمل في طياتها الدوافع والاسباب التي ساهمت لاحقا في خلق السفاح.

ولدت في السابع والعشرين من ديسمبر عام 1957 في ضاحية ريفية فقيرة شمال العاصمة مكسيكو سيتي ، كانت امها جوستا سامبيريو مدمنة على الكحول ، وكانت تعيش مع اطفالها الاربعة في فقر مدقع ، ونتيجة ادمانها كانت تعامل اطفالها بعنف ، تضربهم وتصرخ فيهم بأستمرار ، وكان لذلك إثر سيء في نفس جوانا التي أصبحت صامته معظم. ولاحقا اعترفت جوستا بأن جوانا وأحد أشقائها هم نتيجة تعرضها للاغتصاب على يد رجال غرباء ، أي أنهم اطفال غير شرعيين ، وعلى الارجح هي لم تتعرض للاغتصاب ، بل كان الامر بالاتفاق ، لأن جوستا كانت مستعدة لفعل اي شيء مقابل الخمر ، حتى أنها باعت ابنتها جوانا المراهقة إلى رجل مقابل ثلاث قناني من البيرة! .. وقد اخذ الرجل جوانا إلى منزله واغتصبها مرارا وتكرارا .. حتى أنها حملت بطفلها الأول منه ، ولاحقا أصبح لديها أربع أطفال ..

طفولة جوانا البائسة خلفت جروحا وعقدا نفسية لا تمحى ، وبالتدريج تحول حقدها وبغضها لأمها إلى كراهية موجهة ضد جميع النساء الأكبر سنا ، ومن هنا بدأت تطاردهن وتقتلهن ، ربما كنوع من التنفيس عن عقدتها المكبوتة تجاه امها.

الى اليسار جوانا بملابس المصارعة ، تحظى المصارعة الحرة بشعبية كبيرة في المكسيك
الى اليسار جوانا بملابس المصارعة ، تحظى المصارعة الحرة بشعبية كبيرة في المكسيك

عملت جوانا في شبابها كبائعة ذرة في حلبات المصارعة الحرة التي تعرف بأسم (لوتشا لايبريه) والتي تحضى بشعبية عارمة في المكسيك ، وبالتدريج بدأت جوانا تولع باللعبة ، وبدأت تتدرب عليها حتى احترفتها وصارت مصارعة مشهورة ترتدي قناعها الخاص وتعرف بأسم “lucha liber” والتي تعني “سيدة الصمت” نظرا لهدوئها التام وبرودها في التعامل مع خصومها على الحلبة.

مطاردة العجائز

بين عام 2000 – 2006 ارتكبت جوانا مايقارب 48 جريمة قتل منزلية ..

كانت تستهدف النساء العجائز من 60 عاما فما فوق ، تكسب ثقتهن بالكلام المعسول وإبداء رغبتها في مساعدتهن في أعمال المنزل ، وفي بعض الأحيان كانت تقدم نفسها على أنها متطوعه من جمعيه خاصه بالرعاية الاجتماعية ، بل وكانت تنادي ضحاياها بـ “امي” لكسب ثقتهم.

اتبعت جوانا منظومة تكتيكية لتنفيذ جرائمها.. فكانت تقوم بضرب الضحيه ضربا مبرحا حتى الموت ، يعني تجعلها كيس تمرين! .. أو تخنق الضحية بالملابس أو بذراعيها المجردتين أو تضربها بأدوات منزلية جارحة وصلبة ، وبعد أن تنتهي من قتل ضحيتها تقوم بسرقة الأشياء الثمينه ، وتأخذ تذكارات من موقع الجريمة وتغادر.

صورة من مسرح الجريمة .. احدى الضحايا العجائز .. خنقتها بسماعة الطبيب
صورة من مسرح الجريمة .. احدى الضحايا العجائز .. خنقتها بسماعة الطبيب

جرائم جوانا هزت مدينة مكسيكو وارعبت سكانها ، حتى أن الكثير من النساء العجائز تهافتن على مراكز الشرطه لطلب الحماية.

وأثارت جرائم جوانا حيرة الشرطة والمحققين ، فمن جهة كانت هي بارعة في اخفاء الادلة وتنظيف مسرح الجريمة ، ومن جهة اخرى فأن رجال الشرطة لم يشكوا لحظة بأن مرتكب هذه الجرائم رجل ، ولم يخطر على بالهم أبدا أنها امرأة ، الى درجة أنه حتى عندما تقدم شهود من جيران الضحايا وقالوا بأنهم شاهدوا امرأة تغادر منزل الضحية وقت الجريمة .. حتى هنا لم تصدق الشرطة أنها امام سفاحة امرأة .. بل ظنوا أنه رجل يتنكر في زي امرأة.

صورة من مسرح الجريمة .. ضحية اخرى .. خنقتها بقطعة قماش
صورة من مسرح الجريمة .. ضحية اخرى .. خنقتها بقطعة قماش

وقال المدعي العام في لقاء صحفي أنهم أمام قاتل لامع وذكي ، يعرف كيف يصطاد صيدا ثمينا ، وله حيل ماكرة ومقنعة لكسب ثقة الضحية والدخول لمنزلها بدون عنف. وقد عممت الشرطة اوصافا للقاتل كالآتي : “ذكر صلب البنية طويل القامة يرتدي ملابس نسائيه للتقرب من ضحاياه”.

تعامل الشرطة مع القضية ، وتأخرهم في القبض على القاتل رغم أن عدد الضحايا تجاوز الخمسين ، كل هذا أثار نقمة الشارع وانتقادات الصحافة ، وأدى هذا بالنتيجة إلى تخبط الشرطة ومحاولتها المستمية حل القضية بأي شكل.

سقوط السفاحة

جوانا بارازا .. بعد القاء القبض عليها
جوانا بارازا .. بعد القاء القبض عليها

عام 2006 ، قبضت الشرطة صدفة على مشتبه به أثناء مغادرته لمنزل ضحية عجوز تدعى ، آنا ماريا دي لوي ريس الفارو ، 82 عاما ، وكانت مقتولة خنقا بواسطة سماعة طبيب.
 
ولشدة دهشة الشرطة والناس في المكسيك ، تبين أن المشتبه به امرأة ، وأنها مصارعة أسمها جوانا بارازا ولها تاريخ حافل بالعنف. وسرعان ما تطابقت بصماتها مع البصمات المأخوذة من مسرح الجريمة في عشرة قضايا قتل ، فتأكدت الشرطة من انها قد القت القبض على القاتل هذه المرة ، وبالضغط عليها اعترفت جوانا بقتل “الفارو” وضرب ثلاث نساء أخريات لكنها انكرت بقية الجرائم.

المحاكمة

لم تبدي اي شعور بالندم على ما فعلته
لم تبدي اي شعور بالندم على ما فعلته

لم تبد جوانا اي شعور بالندم على جرائمها وبررت أفعالها بمعامله والدتها السيئه لها وضربها المستمر خلال طفولتها واهانتها المستمره لها ، وقالت في المحكمة : ” كنت أرى في كل النساء صورة واحدة ، هي صورة والدتي دياما جوستا” ، ثم أضافت ساخرة : ” أردت فقط أن اخلص المجتمع من شرهن”.

في 31 مارس من عام 2006 ادينت جوانا بارازا بتهم القتل مع سبق الإصرار والترصد ، وتم الحكم عليها بالسجن لمدة 759 ، ومازالت تقبع في السجن إلى يومنا هذا ولا أتوقع ان يطلق سراحها أبدا.

المصادر :

Juana Barraza – Wikipedia

تاريخ النشر : 2019-02-07

guest
40 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى