تجارب من واقع الحياة

شخصية فاشلة اجتماعيا

أهلاً بالجميع، بدون مقدمات سأبدأ بطرح مشكلتي، أنا شخصية انطوائية للغاية، و أحب أن أكون كالكتاب المغلق. أنا أحب الوحدة كثيرا، ولا أراها مشكلة.

لكن المشكلة الحقيقية هي أن الأشخاص الذين أتفادى الحديث معهم يرونها كذلك .. حسنًا ليس الجميع. لكن هناك من ينزعج من كوني قليلة الكلام. ولا أعني بذلك أفراد عائلتي، فهم معتادون علي، وكذلك استثني من ذلك خادمتنا، فهي تمتلك شخصية ودودة ومرحة، تتحدث وتمزح مع الجميع.. باستثنائي كانت تتحدث معي قليلا جدا.

لقد لاحظت الخادمة أنني أميل للعزلة بعكس أختي الاجتماعية، و التي كانت خادمتنا تسهب معها بالكلام، وكأنهما صديقتين مقربتين.. على أية حال هى لم تعد عندنا الآن.

لقد أحضرنا خادمة جديدة. و هذه الخادمة الأخيرة تبدو ودودة أيضا وتحب الكلام، وهي مسلمة. تتحدث فقط مع أمي وأخواتي، وبالطبع معي أنا، هي تقريبا تتحدث معي في كل مرة أدخل بها إلى المطبخ. هي ثرثارة نوعا ما، وتسأل كثيرا. يعني مثلا تقول لي لماذا أنتِ تفرطين في شرب القهوة؟! أو تخبرني أن بالثلاجة بيتزا، أو طعاما لذيذا، لا يتواجد بثلاجتنا عادة، رغم أنني لم أسألها عن محتويات الثلاجة.

إقرأ أيضا : إنسانة .. بلا شخصية

أنا لا أرغب بتناول البيتزا، ولا أحبها أصلاً. لكن أنا بالطبع لا أريد أن أتحدث بهذه الطريقة مع خادمتنا، التي تريد تكوين صداقة معي على ما يبدو. تبتسم لي و تضحك علي لأنني أتبع حمية، رغم أنني نحيفة. هذا الأمر لا يضايقني، يعني عادي، مجرد مزحة. لكني لا أضحك، ولا أبتسم لها حتى.


أنا أعلم بأنني أبدو شخصية فظة، وأفتقد للباقة في الرد والتفاعل. وبغض النظر عن ما دار بيني وبين خادمتنا، فأنا دائما هكذا، ونادرا جدا ما أتكلم مع أحد في الحياة الواقعية.

التواصل في الواقع أكثر صعوبة خاصة بالنسبة لشخصية مثلي. بوسعي أن أصف نفسي بالمتوحدة، رغم أن صفات التوحد ليست جميعها تنطبق علي. لكن أنا أميل للوحدة، ومثلما قلت من قبل لم أعتبرها مشكلة منذ البداية. لكن المشكلة أن الآخرين لا يتفهمون صمتي ورغبتي بعدم التواصل دائما. يفسرون تصرفي هذا بطريقة خاطئة.

حقا أنا لا أريد أن أؤذي شعور أي أحد. أنا فقط وباختصار شخصية انطوائية. أجد راحتي التامة، و سلامي الداخلي، وحتى سعادتي الغامرة بالوحدة. دائما ما يعتقد الناس أن الأشخاص الانطوائيين معقدون نفسيا، وغرباء الأطوار، وربما راحوا أبعد من ذلك بوصفنا شخصيات معادية للمجتمع. رغم أن ذلك غير صحيح، وأنا لست معقدة نفسيا.

إقرأ أيضا : الوحدة والهدوء ليستا جريمتين

أحيانا أكون في افضل حالاتي المزاجية، أشعر أنني أعيش في عالم الأحلام، عالم خيالي منفصل عن الواقع بكل ما فيه من تقييّد وتعقيد. وأشعر بالرغبة في الرقص على وقع موسيقى صاخبة. والطريف أيضا أنني لا أحب الغناء لأنه يحتوي على كلمات.

أنا أفضل سماع الموسيقى فقط.. أنا أيضا أحب متابعة الافلام الكوميدية، وأضحك بصوت مرتفع، لدرجة أنني أحاول خفض صوت قهقهتي لكي أزعج أختي النائمة في الغرفة المقابلة لغرفتي. اذا شعرت بأنني في حالة نفسية سيئة يكون آخر كل ما أريد فعله هو الفضفضة لشخص آخر. واذا حدث ذلك أشعر حينها بأنني ارتكبت حماقة كبيرة .. حسنا ليس في هذه المرة، فأنا حقا أريد المساعدة.

الانطوائية ليست مشكلتي، حتى و إن كانت مشكلة الجميع بما في ذلك أمي تراها كذلك، وعلي حظور المناسبات معها. و أنني أحرجها عندما لا أرغب في الترحيب بضيوفها وتقديم القهوة لهن.

هي لا تفقد الأمل أبدا وتريد تغييري لأكون شخصية أفضل، وجعلي إنسانة طبيعية لأنني لست كذلك في نظرها. لكن وأخيرًا ما دفعني لكتابة مشكلتي هي خادمتنا وليس صديقات أمي. فهي (أيّ الخادمة) معنا في البيت على الدوام، ولا يمكنني تفاديها. أما تجاهلي المستمر لها فسيشعرها أنني أحتقرها، ولا أحترمها، وبالطبع أنا لا أريد ذلك.

فهل الانطواء يُعد جُرمًا؟ وهل عليّ لوم نفسي أيضا كما تلومني أمي؟ و أن أجبر نفسي على أن أكون شخصية اجتماعية رغم أن ذلك لا يتوافق مع طبيعتي؟

التجربة بقلم : سلام العالم – السعودية

guest
17 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى