شياطين البحار

قديما جدا وفي اعالي البحار والمحيطات وبين القارات والجزر سارت سفن عملاقة نقلت كل ماهو ثمين في ذلك الوقت حرير واقمشة وصوف ونبتة الفانيلا والفلفل الاسود من قارة آسيا .. ذهب وعاج و عبيد وكاكاو وتوابل اخرى من افريقيا .. ومن امريكا بن و بطاطا وتبغ …
كل هذه البضائع شكلت ثروة للتجار فهي ستباع بمبالغ طائلة عند وصولها لأول ميناء.
هذه السفن اسالت لعاب القراصنة الذين كانو يجوبون البحار بحثا عن صيد ثمين معظم هؤلاء القراصنة كانو من اللصوص والمجرمين الهاربين واصحاب السوابق ،لقد اصبح هؤلاء القراصنة يشكلون كابوسا للسفن فقد كانوا يبطشون ويقتلون ويستولون على كل شيء بما فيها السفينة ذاتها.

لكن ثلاثة قراصنة شكلوا عصابة ارعبت السفن لسنوات ومثلت هذه العصابة العصر الذهبي للقراصنة (1650-1730) لما اقترفته من سرقة وبطش وقتل واصبحت رعبا يتجول في المحيطات. لنتعرف على هذه العصابة في مقالتنا هذه.

ولد القرصان جون واكهام عام 1682 في انجلترا ولم يعرف الكثير عن نشأته وعائلته وعندما اصبح شابا انضم الى طاقم القرصان المشهور تشارلز فاين والذي اشتهر بسطوه على السفن الفرنسية والانجليزية على سواحل جامايكا ، عرف جون واكهام فيما بعد باسم كاليكو جاك واصبح قائدا لسفينة القرصان تشارلز فاين كما قام بتصميم علم القراصنة المشهور الذي يحتوي على جمجمة وعظمتين متقاطعتين على خلفية سوداء .

فيما بعد قام القرصان تشارلز بعزل كاليكو جاك من شارة القيادة ، لكن جاك واصل العمل كقرصان وشكل طاقمه الخاص وجال في المحيط قرب جامايكا والجزر المحيطة بها وعرف عنه قسوته وبطشه ، وقد استولى على الكثير من السفن وقام بنهبها .

في عام 1719 انتقل الى نيو بروفيدانس حيث التقى هناك بامراة تدعى آن بوني.

آن بوني كانت مجرد ابنة غير شرعية لخادمة ولدت باسم آن كورماك في عام 1702 بمقاطعة كورك تينسالي بايرلندا اما والدها فكان محاميا ، هاجر والدها الى امريكا واشترى مزرعة وكون ثروة ، تزوجت آن من رجل يدعى جيمس بوني والذي حملت اسمه فيما بعد رغم علمها ان جيمس يسعى للاستلاء على ثروة ومزرعة والدها ، فقام والدها بالتبرأ منها فهاجرت الى جزر الباهاماس مع زوجها الذي اصبح مخبرا وجاسوسا للحاكم هناك لكنها لم تلبث أن كرهت زوجها بسبب ضعف شخصيته وتعرفت على القرصان جاك ذائع الصيت واغرمت به واحبا بعضهما واتفقا على الهرب .

في احدى الليالي تسللت آن من منزل زوجها الى الميناء مع جاك وقاما بسرقة سفينة والابحار بها بعيدا، استشاط زوجها غضبا ورفع قضية للحاكم يطالب بجلد آن وارجاعها لزوجها لكن جاك القرصان عرض شراء آن من زوجها مقابل المال ومقابل ترك زوجها لها لكن آن رفضت فكرة جاك واستمرت في علاقتها معه وشكلا ثنائيا كقرصانين واستولا على الكثير من السفن كانت آن تقاتل بشراسة فنالت احترام الجميع .

في عام 1720 هاجم جاك وآن سفينة متجهة الى جزر الهند الغربية واستولوا عليها كانت من بين ركاب السفينة امراة تدعى ماري ريد كانت متنكرة بزي الرجال وقاتلت بشراسة فأعجبت بها آن فانضمت ماري الى طاقم سفينة جاك وآن.

كانت ماري ابنة غير شرعية ايضا لقبطان بحر قيل انها ولدت عام 1691 بانجلترا ، كان لماري أخ غير شرعي أيضا يدعى مارك وبعد وفاة والدها اصبحت امها ارملة لكنها كانت تتلقى مساعدة مالية من جدة مارك ، وبعد وفاة مارك ولدت ماري ولم تعلم الجدة بوفاة مارك ولا بولادة ماري فضلت ترسل المال على اساس ان مارك مازال حيا فكانت والدة ماري تلبسها لباس الصبيان واستمرت في تلقي الدعم المادي من الجدة على انه من اجل الطفل مارك وليس ماري، ضلت ماري تعيش بمال جدتها وعاشت سنوات مراهقتها وهي ترتدي لباس الرجال ، وسرعان ما وجدت وظيفة بسيطة على متن باخرة ، ثم انظمت لاحقا الى الجيش البريطاني المتحالف مع القوات الهولندية ضد فرنسا وظلت متنكرة بزي الرجال واثبتت نفسها في الكثير من المعارك والتقت بجندي فلمنكي واحبته وتزوجته لكنه سرعان ما توفي فواصلت حياتها في الخدمة العسكرية في هولندا وبعد انتهاء خدمتها استقلت سفينة باتجاه جزر الهند الغربية وهناك التقت بآن وجاك بعد هجومهما على السفينة وانظمت اليهما في عملهم كقراصنة ، لم يعرف جاك ان ماري امرأة فهي ظلت تلبس لباس الرجال واثبتت جدارتها في الكثير من المعارك كانت آن تعرف حقيقة ماري فأصبحتا قريبتين من بعضهما لكن جاك احس بالغيرة من ماري التي كانت قريبة من آن وظن ان هناك علاقة بينهما فكاد أن يقتل عشيقته آن فصارحته بحقيقة ماري وهنا كسر جاك التقاليد بضم امرأتين الى طاقم سفينته .

ظل جاك وماري وآن يغيرون على السفن وينهبونها ويقتلون من عليها وذاع صيتهم في البحر وبين كل القراصنة ، في احدى الغارات على سفينة احبت ماري احد الضحايا وكشفت له حقيقتها فاحبها ايضا ونشأت بينهما علاقة لكن احد القراصنة تحدى حبيبها في مبارزة لكنها سبقت الجميع وقتلت القرصان .

في اكتوبر من عام 1720 قام القبطان جوناثان بارنيت بمهاجمة سفينة جاك فجأة قرب سواحل جامايكا عندما كان جميع القراصنة سكارى وفاقدي الوعي ولم يستطيعوا المقاومة ما عدا ماري وآن اللتان قاومتا بشدة وسيطروا على الوضع لمدة قصيرة لكنهم خسروا في النهاية والقي القبض على جاك وطاقمه وقدموا للمحاكمة في جامايكا وحكم عليهم بالاعدام ما عدا ماري وآن اللتان كانت كل مهما حاملا فتم تأجيل اعدامهما الى ما بعد الولادة ، اما جاك فقد اعدم مباشرة بعد المحاكمة ، اما ماري فقد ماتت بعد مدة في السجن عام 1721 بسبب الحمى وقيل أن الطفل هو ابن القرصان المجهول الذي انظم اليهم واحبته، لم يوجد سجل لدفن طفلها وقد يكون على قيد الحياة دون ان يعرف احد مصيره، اما آن فقد هربت من السجن بعد الولادة وقيل انها عادت الى والدها وسامحها وعاشت حياة مديدة باسم جديد ، كانت امنية جاك أن يرى آن قبل شنقه لكنها رفضت و قالت لو كنت قاتلت كرجل لما كنت تشنق ككلب.

شكل كل من جاك وآن وماري تحالفا في عصر القراصنة الذهبي ومازالت القصص تحاك حولهم بين حطام السفن التي اغرقوها في البحر.

مارأيكم في عصر القراصنة الذهبي وهل كنتم تودون لو عشتم في هاذا العصر بالنسبة لي لا اريد ان أعيش في ذلك العصر لأنه بصراحة سيصيبني دوار البحر .

مصادر :

– 5 Notorious Female Pirates
– Mary Read – Wikipedia
– Anne Bonny – Wikipedia