طوائف و معتقدات

شيلي ميسكافيج : أين إختفت ملكة السينتولوجيا

بقلم : تقي الدين – الجزائر
للتواصل : [email protected]

لم يرها احد منذ اعوام طويلة
لم يرها احد منذ اعوام طويلة

ميشيل ديان ميسكافيج هي زوجة رئيس الكنيسة الساينتولوجية السيد ديفيد ميسكافيج ، و محور أحد أغرب قضايا الإختفاء في الولايات المتحدة الأمريكية و أكثرها تكتما ، فهي لم تظهر للعامة منذ شهر أوت من العام 2007 .

الطفولة و الإنخراط

ولدت في الثامن عشر من جانفي عام 1961 بدالاس تكساس ، “شيلي ” هي إبنة السمكري البسيط موريس إليوت بورنيت و ربة البيت ماري فلورينس بورنيت ، زوجان لطيفان رزقا بإبنة على حد قول من عرفوها ” هادئة ، لطيفة ، أصغر من أقرانها حجما و تحت ظل صديقاتها الأكبر سنا “.

في عمر 12 و بعد أن أرقت فكرة مصاريف التعليم أباها إنضمت ميشيل مع أختها كلاريس إلى فرع شبه عسكري – رغم إنكار رسمي – تابع للكنيسة يسمى (commedore’s messenger organisation ) و الذي يعتبر اليوم بعد إشتهار ديانة الساينتولوجية فرع خاص لا ينضم له إلا الصفوة ، مقره عدة سفن ، اهمها سفينة أبولو (  appolo ) التابعة لمؤسس الديانة رون هوبارد ، وكان قد إلتجأ إليها لفترة بحكم كونها تطفو على مياه دولية خاصة و أنه كان ملاحقا من طرف السلطات ، و على سطحها يتشبع المنخرطون بتعاليم هذه الديانة حتى النخاع و يقتنعون بها قبل أن يتم إعادتهم إلى المجتمع مرة أخرى.

blank
صورة رون هوبارد.. وسفينة اوبولو التي كانت بالاضافة الى سفن اخرى بمثابة معسكر عائم لاعضاء الطائفة

قيل أن هوبارد كان يستغل الوضع لنفسه إذ أنه جعل من المراهقات البريئات خادمات له فوق جنته الطافية على سطح البحر، يجلبن له المشروبات و الأكل، لقد كن مسحورات بهذا الرجل الغامض وحكاياته المثيرة للحماس عن كيفية نجاته من مواقف عديدة بطريقة خارقة بفضل إيمانه القوي و الصادق و تمسكه بهذه العقيدة .

شيلي كانت منضبطة ومتحمسة .. كانت “روح بريئة رميت في عمق الفوضى” كما قال أحد زملائها هناك ، لكن ما لم يذكره هو أنها إعتبرت رون هوبادر بمثابة نبي أو أكثر، إذ أنها كانت تقدسه و تتأثر بكل ما يقوم به ، وهذه الصفات إسترعت إهتمام عضو اخر في الكنيسة هو دافيد – الذي سيصبح لاحقا رئيس الكنيسة – صاحب الإثنان و العشرين عاما الذي وقع في حبها فتزوجا في ديسمبر من العام 1982.

بعد ذلك إنضمت للفرع السامي للكنيسة ( sea organisation ) و عملت كمساعدة فذة لزوجها الذي يعتبر أعلى المنتسبين درجة برتبة ضابط حيث شاركت بكثافة في نشاطات الكنيسة و ساعدت في تطويرها.

وفاة أمها الغامضة

blank
ديفيد ميسكافيج .. زوج شيلي والرئيس الحالي للكنيسة

في الثامن من سبتمبر من العام 1985، وجدت ماري فلورينس بارنيت المدعوة ” فلو ” ميتة داخل منزلها بطلقتين ، واحدة في الصدر و أخرى في الرأس ، من بندقية نصف آلية. وتم العثور على ملاحظتي إنتحار بجانب جثتها مما عزز فرضية أنها أطلقت النار على نفسها ، لكن موتها كان مريبا من جهة أنها كانت منخرطة في جماعة منشقة عن الكنيسة الساينتولوجية تدعى مركز القدرات المتقدمة ( advanced ability center ) و عرف عن هذه الثلة معاداتها لآراء وعقيدة دافيد، لذا فإن وفاتها بهذه الطريقة المريبة أثار شكوكا كثيرة حول صهرها الذي صرح بعد وفاتها قائلا : ” السافلة نالت ما تستحقه ” ، بينما إكتفت زوجته بالتعليق على موت أمها قائلة : “أنها بخير” دون أن توضح موقفها.

العديد من الباحثين و المتابعين ذهبوا للقول أن ماري فلورينس قتلت على يد مجموعة تابعة لزوج ابنتها ديفيد ، وأنه تم العبث بمسرح الجريمة ليبدو الأمر إنتحارا ، لكن هذه الشكوك لم يسترع إهتمام أي جهة لكي تحقق بعمق مع أفراد المذهب و أعضاء الكنيسة .

ما علاقتها بتوم كروز ؟

blank
توم كروز .. من اشهر اعضاء الكنيسة .. يقال انه لم يرى ابنته لسنتين بسبب تعاليم الكنيسة!

بعد إنضمام توم كروز للديانة أصبح صديقا مقربا للزعيم ديفيد ، و التجأ إليه طالبا المساعدة في البحث عن زوجة ، وبإعتباره أحد أهم و أشهر الأعضاء فقد كلفت شيلي بمساعدته للبحث عن شريكة حياته ، خاصة و أنه كان قد أنهى علاقته بالممثلة ” بينولوبي كروز ” قبل وقت ليس بطويل ، وقامت شيلي بعقد مقابلات مع بعض المنتسبات الجديدات للديانة من الممثلات و غير الممثلات و اللاتي خدعن بعدما تم إخطارهن أن هذه المقابلات ما هي إلا جزء من تجارب الأداء لفيلم كروز القادم من السلسلة الشهيرة ” المهمة المستحيلة ” و هذا ما يعكس غرابة توجهات هته الديانة الحديثة ، ليقع الإختيار أخيرا على ” كاتي هولمز ” ( زوجته الثالثة بعد ميمي روجرز و نيكول كيدمان ) .. لكن الضباط السامون في الكنيسة أنكروا هذه الإشاعات و أكدوا أن كروز إلتقى كاتي بطريقة طبيعية لا علاقة لها بكل ما قيل.

الإختفاء

blank
اختفت فجأة ولم يرها احد .. وصورة لقصرها الضخم

في العام 2007 توفي والد ” شيلي ” السيد موريس إليوت بورنيت ، و بطبيعة الحال حضرت الإبنة تحت حراسة مشددة لتشهد مراسم دفن والدها ، العديد قال أن ميشيل كانت جامدة الملامح و في مزاج غريب لا يعكس حزنها على وفاة شخص عزيز عليها ، إنقضت المراسم و خرجت ميشيل من الكنيسة في موكب مهيب أثار الشكوك لتكون تلك آخر مرة يراها فيها أحد.

العديد من الشكاوى للبحث عن شخص مفقود رفعت لدائرة شرطة لوس أنجلس و الغريب في الأمر أنه لم يكن هناك تحقيق حول الحادثة ، بل قيل لكل من أودع شكوى أن ” شيلي ” بخير و في منزل زوجها ، لكن ذلك لم ينطلي على المقربين منها و على رأسهم صديقتها الممثلة ليا ريميني و التي غادرت الساينتولوجيا قبل سنوات ، فقد رفعت مرة أخرى في العام 2013 شكوى للبحث عن صديقتها و هذه المرة كلف المحقق جاس فيلانوفا بالتحقيق و قد خلص لنتيجة بديهية مفادها أن ميشيل بخير و قد إلتقاها شخصيا و تحدث معها ، لترمى كل القضايا المتعلقة بها في صناديق عنوانها ” قضية مغلقة ” .

بالطبع لم يوقف هذا الممثلة ليا التي أثارت الجدل بمواصلة البحث بشتى الطرق منذ يوم إختفاء صديقتها و قد صرحت في مقابلة مع كونان أوبراين أنها رأت ” شيلي ” في الكنيسة يوم الجنازة قبل أن ترحل و أخبرت أحد أساقفة الديانة هناك أن يدلها على مكانها لكنه أجاب بأنها لا تملك سلطة للسؤال عن زوجة الزعيم ، و قالت ليا :
” لقد أخبرني أنني لست في مرتبة تخول لي السؤال عن زوجة الزعيم ، لكني أحسست أني كنت في مرتبة تخول لي السؤال عن حالة إنسان ” .

شاركت ليا في العديد من الوثائقيات أشهرها ” ليا ميسكافيج : السينتولوجيا و ما بعد الحادثة ” و ظهرت في العديد من البرامج الحوارية منددة بخطورة الساينتولوجيا كمذهب و لم تكن وحدها فقد صرح العديد ممن غادروا سقف الكنيسة أن الزواج من متبع لهذا المذهب هو بمثابة تدمير للحياة إذ أن الزوج سيكون إنتهازيا و ظالما لزوجته و هذا ينطبق على ديفيد الذي كان رئيس عمل لزوجته أكثر من سند لها.

ومما زاد الخوف على ” شيلي ” هو أنها لم تظهر كثيرا في الأعوام التي سبقت اختفائها ، فمنذ العام 2005 لم تخرج للعلن إلا مرة واحدة فقط ، المتحدث بإسم الكنيسة قال أنها كانت تتصرف بغرابة و مزاجية و تسأل عما إذا كان زوجها مازال يضع خاتم زواجه في إصبعه ، و قد أصبحت متوترة دوما و تنام ساعات قليلة.

النظريات

blank
الممثلة ليا ريمني من اكثر المساهمات في البحث عن شيلي

بدون أدنى شك ستظهر عدة النظريات ، بعضها قابل للتصديق ، و منها الخيالية ، لكن سأذكر في السطور القادمة أهمها :

– رهن الإقامة الجبرية : من كلام المحققين و الاشاعات المتداولة عن قسوة الأزواج التابعين لهذا المذهب يمكن الخروج بهذا الإستنتاج و هو أن ميشيل عصت أمرا من زوجها مما أدى لغضبه و تصرفه بطريقة لا عقلانية تلخصت في حبسها داخل منزله ، وهناك من يقول أن للكنيسة مكانا مخصصا يسمى ” بالحفرة ” و هو سجن إنفرادي يرمى فيه كل من يعصي أمرا مباشرا من أحد الضباط السامين ، لكن أعتبرت فكرة السجن مجرد أقاويل لا يمكن تأكيدها.

منتسبون سابقون قالوا أن ميشيل مسجونة رغما ارادتها بين جدران كنيسة التكنولوجيا الروحية ( church of spiritual technology ) في إحدى نواحي ولاية كاليفورنيا.

– الخوف على سمعة هوليوود : توم كروز ليس الوحيد من مشاهير هوليوود من اعضاء الكنيسة ، فهناك العديد من المشاهير والشخصيات المجتمعية التي حرصت الكنيسة على جذبهم إليها ، و قد تكون فكرة تصفية ميشيل منطقية لأولئك الذين يريدون إبقاء صورة وسمعة عملاق السينما العالمية وغيره من المشاهير حسنة ، في ضوء وجود العديد من نظريات المؤامرة التي تزعم مساعدة الكنيسة لاولئك المشاهير في تحقيق النجاح والشهرة مقابل بيع أرواحهم للشيطان وتوطيد علاقتهم بالماسونية.

– هروب مبرر : كما قلنا سابقا فإن ” شيلي ” ملكة الساينتولوجيا إنخرطت في الديانة في عمر الثانية عشر واستمرت كعضو رئيسي ومهم حتى سن السادسة و الأربعين ، فربما و بكل بساطة قد طفح كيلها من كل ما هي منخرطة فيه من اسرار واشاعات وصراعات فقررت الهروب و الإبتعاد قدر المستطاع و بدأ حياة جديدة بهوية جديدة في دولة أخرى لا يمكن لأحد أن يصل إليها.

– العمل على مشروع سري : البعض يقول أن ” شيلي ” أرادت أن توهم العامة بإختفائها لكي تعمل على مشروع سري ، جاء هذا بعد  تسرب أحاديث مفادها أن ديفيد سيوكل لزوجته مهمة خاصة حتى أنه أمر الخادم الخاص بها بـ ” أن لا يرتب ملابس شيلي مجددا لأنها ستبقى بعيدا في مهمة “.

منتسبو الساينتولوجيا بطبيعة الحال أنكروا كل هذه المزاعم ، قائلين أن شيلي تعيش بسعادة مع زوجها بعيدا عن ضغط الشهرة و الأضواء.

لكن يبقى إختفاءها لغزا يصعب فك شيفرته ، خاصة و أن التكتم وصل حدا لم تصل له بعض أجهزة الإستخبارات ، كما أن بعض المؤشرات قد تدل على أنها لا تريد فقط أن تظهر للعامة مجددا ، فلربما ستظهر يوما ما و تخبر بلسانها الحقيقة عن كل ما حصل و تكشف خبايا ظلت خفية لإثنا عشرة سنة ..

و أنت أيها القارئ كيف تفسر الأمر ؟ ..

مصادر :

Church of Scientology
Where Is Scientology Leader David Miscavige’s Wife?

هوامش موقع كابوس :

– ما هي ديانة السيانتولوجي ؟  : عام 1950 نشر كاتب الخيال العلمي الامريكي رون هوبارد كتابا اسمه “الديانيتكز : العلم الحديث في الصحة العقلية” ، والذي كان من اكثر الكتب مبيعا في ذلك الوقت، وتحول هذا الكتاب لاحقا الى نواة ديانة السيانتولوجي التي نادى بها هوبارد اعتبارا من عام 1953 .. ولأني لا اريد ان اطيل الشرح ، فهو بصراحة معقد وممل ، لذلك ساحاول ان اشرح لكم مفهوم السيانتولوجي بشكل مختصر ومشوق بعض الشيء – ربما يوما ما نكتب عنها بمزيد من الاستفاضة – ..

blank
الحاكم زينو

مثل بقية الاديان ، تقوم السيانتولوجي على حكاية توضح لنا من اين اتينا وما الغرض من حياتنا على هذا الكوكب ، يعني مثل قصة آدم وحواء في الاديان الابراهيمية حيث خرجنا من الجنة بسبب الشيطان والهدف من حياتنا ان نكون اناس صالحين لكي نتمكن من العودة الى تلك الجنة مرة اخرى .. في السيانتولوجي الحكاية مشابهة تقريبا لكن لا توجد جنة ولا نار ولا شيطان .. ولا اله اصلا ..
الفكرة الاساسية – بحسب هوبارد – انه قبل 75 مليون عام كانت توجد فيدرالية من النجوم والكواكب ، بضمنها كوكب الارض الذي كان يسمى آنذاك تيجيك ، وكان يرأس هذه الفيدرالية الكونية حاكم اسمه زينو.
وبسبب اكتظاظ السكان ، ومحاول انقلاب فاشلة، قرر زينو أن يتخلص من معظم شعبه عن طريق تخديرهم ومن ثم حملهم بواسطة مركبة عملاقة إلى الأرض حيث قام بتوزيعهم على سفوح البراكين ثم انزل قنابل هايدروجينية ألى داخل تلك البراكين وقام بتفجيرها مما ادى لموت اولئك الفضائيين .. لكن ارواحهم ، التي تدعى ثيتنز ، تم جمعها من قبل اعوان زينو وعملوا غسيل دماغ لها ولقنوها افكارا مغلوطة عن الحياة والدين الخ .. حتى نست تلك الارواح بالنهاية حقيقتها واصبحت مخلوقات بائسة تهيم على وجهها فوق أديم هذا الكوكب مقيدة داخل اجساد مادية .. ببساطة أنهم نحن البشر .. نعم نحن هم اولئك المخلوقات الفضائية الخارقة والخالدة لكننا نسينا اصلنا وحقيقتنا .. وهنا تأتي الغاية والهدف من السيانتولوجي .. بإزالة الغمامة عن اعيننا لكي نكتشف حقيقتنا ونعود إلى اصلنا الفضائي ذو القوة الخارقة والذي يتسم بالعقلانية والخلود .. أن الهدف هو تغليب العقل الواعي على العقل العاطفي الذي يتسم به البشر والذي هو سبب معظم مشاكل هذا الكوكب .. وهذه العملية ، أي الوصول إلى الوعي الكامل ، وتحرير الثيتنز في دواخلنا ، تستلزم وقتا طويلا وجلسات وتدريبات وتكاليف .. وهذا بالضبط ما تسعى وتتمحور حوله ديانة السيانتولوجي ..

blank
بحسب هوبارد تم نقلهم بمركبة تشبه الطائرة الظاهرة في الصور وتم وضعهم على سفوح البراكين

قد تبدو الفكرة بالنسبة للبعض خيالية وغير قابلة للتصديق ، لكن رغم ذلك فأن الكنيسة حققت انتشارا ولها اتباع كثر منهم بعض المشاهير مثل توم كروز وجون ترافولتا .. 

طبعا هناك لغط كثير يحوم حول كنيسة السيانتولوجي ، فهي تبدو اشبه بطائفة سرية شديدة التنظيم ، ذات نفوذ كبير ، تفرض قيودا على اتباعها ، وتتدخل في حياتهم الشخصية ، وقد تستحوذ على اموالهم ، وتتعامل بقسوة مع المنشقين .. ومن هنا اتت الشبهات الكثيرة حول تعاملات الكنيسة المادية ، خصوصا وانها تحولت بمرور الوقت الى امبراطورية مالية عملاقة يحيطها الكثير من الغموض والاسرار.
على سبيل المثال لكي يعرف العضو الجديد في الطائفة قصة الحاكم زينو وغيرها من الاسرار عليه دفع 6500 دولار!. والدورات والجلسات قد تكلف مئة الف دولار.

blank
تم اخذ الثيتنز الى سينما واجبارهم على مشاهدة افلام ثلاثية الابعاد لمدة 36 يوما لغسل ادمغتهم

جدير بالذكر ان كنيسة السيانتولوجي لا علاقة لها بالمسيحية ، لكي لا يحدث اشتباه او التباس لدى البعض كون السيانتولوجي تستخدم اسم كنيسة وتضع صليب فوق معابدها ، هذه الرموز والاسماء المسيحية تستخدم من قبل العديد من الطوائف الدينية الجديدة في الغرب ، مثل كنيسة الشيطان، ولا صلة لها بالمسيحية.

تاريخ النشر : 2020-01-03

تقي الدين

الجزائر
guest
40 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى