أدب الرعب والعام

طريق المجد – الجزء الثاني

بقلم : يعقوب السفياني – اليمن

يبدو أن خطتك الرهيبة يا جناب الملك المظفر قد شارفت على النجاح

لقد كانت “عفراء” ابنة ملك مملكة “الهضبة الذهبية” وهي مملكة صغيرة تقع في الطرف الجنوبي لمملكة الناب الفضي ، كانت هي التي اقترحها جلال المشروف لتكون زوجة لوحيد المختار ، وقد وصف جلال الأميرة عفراء لوحيد المختار الذي اقتنع بالفكرة ولكن هنالك أمر قد يمنع هذا وهو أن مملكة الهضبة الذهبية متحالفة مع مملكة خنجر الزمرد بل إنها تعتبر الحليف الأقوى جنوبا ، ومن غير الممكن أن يتزوج قائد جيش مملكة الناب الفضي من ابنة عدو لدود للملكة ، لن يسمح مالك المختار بذلك وهذا ما شعر به وحيد المختار الذي قال لجلال المشروف : أنت تعرف أن هذه المملكة متحالفة مع مملكة خنجر الزمرد العدو اللدود لمملكتنا ، بالرغم من هذا أنا أريد رؤية الفتاة وأريدك أن تساعدني يا جلال بهذا الأمر بما أنك كنت تتاجر في هذه المملكة عندما كنت شابا كما حدثتني ، سنذهب دون أن يعرف أحد بهويتي ، ربما يأتي يوماً لا يجمعنا فيه عداء مع هذه المملكة ويتم الأمر .

**

– إن مملكة خنجر الزمرد يا جناب الملك مدهشة بحق ، إن حصونها يخيل إليك للحظة أنها جبال تم نحتها وليست من صنع بشر ، وأسوارها الشاهقة وقلاعها الكبيرة ودفاعاتها تبدو كما لو أنها غير قابلة للاختراق ، وأيضاً ملكها المظفر أنه كما سمعنا عنه بالضبط ، حاد الذكاء ودموي ومستعد بالمخاطرة في سبيل تحقيق أطماعه ، لكننا استطعنا أن نقنعه بوقف التوسعات من قبلنا جميعا وتبادل الوفود الملكية .

– أحسنت صنيعاً المستشار حمزة ، كنت أعرف بأن المملكة ستكون قوية في دفاعاتها وأعرف سابقاً حقيقة ملكها المظفر ، لكن يجب أن لا ننسى أن لمملكتنا دفاعات عظيمة سيموت على أطرافها كل من يحاول غزوها ، لقد أصدرت أوامري بتوسيع الخندق الذي يلف المملكة حتى يصبح من المستحيل تجاوزه وترميم قلاع المدينة وبناء حصون جديدة ، إنها مملكة لم يفكر أحد يوماً بغزوها ولن يكون هذا هو المظفر سأقتله بنفسي .

**

– جناب القائد وحيد المختار ، هذه هي المملكة أمامنا ، سندخلها بصفة تجار حرير فأنا أظن أن لا أحد يعرفنا بهذه الهيئة ، سنمر من القصر الملكي ونطلب مقابلة الملك وسيكون بإمكاننا رؤية الأميرة في القصر .
– لا بأس يا جلال ، وليكن الأمر سراً .

وصل وحيد المختار وجلال المشروف المملكة الصغيرة “الهضبة الذهبية” كانت مملكة خضراء تكثر فيها المسطحات الزراعية والخضرة ، طلب جلال المشروف مقابلة الملك “رشيد المعتد” من أجل عرض صفقة تجارية كبيرة معه ، ودخل الاثنان القصر الملكي بعد موافقة الملك على اللقاء ، وفي القصر تحدث جلال ووحيد مع الملك وأخبراه أنهما تاجران من مملكة “الماسة الزرقاء” وهي مملكة يكثر فيها التجار ، واتفقا مع الملك على شراء كل محصول المملكة من الفواكة مقابل المال وسلع أخرى ، ثم أخذهما الملك في جولة في قصره الشهير ، في أثناء الجولة لمح وحيد المختار ابنة الملك عفراء في باحة القصر وكانت كما وصفها جلال بل إنها أوقعت وحيد في شباكها بسرعة خاطفة ، كانت جميلة لأقصى الحدود ، بعد انتهاء اللقاء غادر الاثنان المملكة ولكن القائد الصلب والمقدام وحيد قد هزم لأول مرة ، هذه المرة ولم تفارق صورة “عفراء” مخيلته .

**

هاجم جنود المظفر مملكة “البساط” التي تعتبر من حلفاء مملكة الناب الفضي ، وأقاموا فيها مذبحة رهيبة قتل فيها نصف سكانها تقريبا واقتيد النصف الآخر كعبيد ، وأحرق ملكها وحاشيته كاملاً في قصره ، كان الهجوم وحشياً وصلت انباؤه إلى الملك مالك المختار الذي استشاط غضباً وأمر بتسيير جيش جرار لمهاجمة مملكة “التاج” الحليفة للملكة خنجر الزمرد رداً على الأمر ، وهو ما تم ، فلم تغرب شمس اليوم إلا وقد دخل جيش المختار المملكة وافتعل فيها أضعاف ما قام به جنود المظفر ، ثم أمر وحيد المختار برفع جاهزية الجيش للمعركة مع مملكة خنجر الزمرد ، تأزمت الأمور بين المملكتين بعد خطوات المظفر التصعيدية التي قوبلت برد بالسيف والدم .

**

– المظفر ضاحكا : يبدو أن مالك المختار يريدني أن أجهز على مملكته سريعا ، ماذا في جعبتك يا جعفر ، إلى أين وصلت في تصنيع السلاح الذي أمرتك به ؟
– جناب الملك ، لقد جئت لأخبرك باكتمال صنع السلاح ، لقد جلبت السحرة العظام من كل أنحاء الممالك والبلدان ، وأغريتهم بكنوز كبيرة من أجل صنع سلاح مخيف وغير مسبوق ، وأظن أن هذا السلاح سيحوز على إعجاب جنابك .
– هذه أخبار جيدة يا جعفر ، فلنذهب لنرى السلاح .

وذهب الملك المظفر مع فرقة حماية من أشجع الفرسان والجنود إلى طرف المملكة حيث صنع السلاح ، لقد كان السلاح غير مسبوق فعلا ، كان عبارة عن مقلاع مشابه تماما للمنجنيق لكن ما يقذفه هي كرات أخذت من جهنم بالتأكيد ، كانت الكرة الواحدة منها تتفجر بصوت يشبه الرعد ناشرة السنة اللهب بكل مكان وقادرة على حرق قصر بأكمله ، مادة جديدة سحرية أنتجها السحرة سيكون لها التأثير العميق في الحرب ، ابتهج المظفر بهذا السلاح وكافأ مسؤول التصنيع الحربي جعفر بمنحه أحد قصوره الملكية ، لكنه قرر أن يكافئ السحرة الذين صنعوه بالإعدام الفوري كي لا تتسرب صنعة السلاح إلى مملكة الناب الفضي.

**

– جناب القائد وحيد ، ما رأيك بعفراء ، أليست كما حدثتك ؟
– بلا يا جلال إنها جميلة حقا لقد أحببتها وقررت أن تكون زوجة لي ، لكن الأوضاع بدأت تسوء مؤخرا فالحرب مع مملكة خنجر الزمرد قريبة ، لقد عرفت وأنا أقطع رأس ملك مملكة التاج أني مقدر لي أن اقود المعارك فقط ، لا أدري ربما لن أتمكن من الزواج يوما وتكوين عائلة .

– جناب القائد ، أنت تستحق أن تكون لك زوجة وعائلة ، بعد كل الفتوحات التي حققتها لمملكتنا أعتقد أنك تستحق الزواج بالفتاة التي تريدها ، عليك أن تخبر جناب الملك مالك المختار بذلك .

بقدر ما يبرع وحيد المختار في أمور الحرب والقتال فهو لا يجيد السياسة أو بالأحرى يكرهها ، إنه شخص لا يتمتع بصفات الحيلة والنفاق والمرواغة ، فهو شجاع ومقدام وصادق دوماً وإذا أراد قتل أحد فإنه يواجهه من الأمام ولا يسدد طعنة غادرة لظهره .

**

جناب الملك مالك المختار ، لقد هاجم جيش مملكة خنجر الزمرد إمارة “الفضة” الحليفة لنا ، وقد قاموا بنهب كل مخزون الفضة والأحجار الكريمة من الإمارة وقتلوا أميرها السالم ، ماذا يأمر جنابك ردا على هذا العمل ؟

– إن المظفر تجاوز حده كثيرا أيها المستشار حمزة لكني سأرد له الصاع صاعين ، استدعوا قائد الجيش وحيد المختار .

وبعد فترة قصيرة جاء القائد وحيد المختار ووصل إلى قصر أخيه مالك المختار فقال له :
– بلغني أن أخي الملك استدعاني ، بماذا تأمر ؟
– نعم استدعيتك أيها القائد وحيد المختار ، بالتأكيد تعرف أن إمارة الفضة الحليفة لنا قد هوجمت من قبل مملكة خنجر الزمرد ، ولقد نهب جيش المظفر مخزون الفضة من الإمارة وقتلوا أميرها السالم .

ليضيف مالك المختار : وإنني قد فكرت في رد مناسب يستهدف مملكة أو إمارة حليفة لخنجر الزمرد تكثر فيها الموارد الثمينة ، وأجد أن ممكلة الهضبة الذهبية مناسبة لهذا الأمر فهي مملكة تكثر فيها مناجم الذهب في أطرافها وتكثر فيها الأراضي الزراعية ، فلتهاجمها الليلة وتنهب كل شيء فيها وتقتل ملكها رشيد المعتد .

صدم وحيد المختار من أوامر أخيه الملك مالك المختار ، لقد كان يخطط لإخباره بأنه يريد الزواج من ابنة الملك نفسه الذي أمر بقتله الآن ، أراد أن يقنع أخيه بالهجوم على مملكة أخرى فقال : أخي الملك ، أجد أن مهاجمة مملكة الزعفران شمال بحر “الأزرق” أفضل ، فهي مملكة ضعيفة التحصين ويمكن من خلالها السيطرة على تجارة التوابل والزعفران وأيضاً هي حليفة قوية لمملكة خنجر الزمرد .

قال الملك المختار لأخيه وحيد ونظرة التعجب بادية على محياه : غريب أيها القائد الشجاع وحيد ، لم أعتد يوماً أن تناقشني مرة في قرار اتخذته بشأن الحرب على ممكلة ما ، إنك تهجم دون أي نقاش ، لكن يبدو أنك قد ألهمتني فكرة أفضل ، ولهذا فإني قررت غزو المملكتين معا الليلة ، فلتبعث بفيقلين من جيشنا للأمر أيها القائد وحيد إني أعتمد عليك.

لم يقدر وحيد على رفض أمر أخيه الملك ، ولم يمكن بإمكانه إخباره عن أمر عفراء ، وفي المساء أمر وحيد المختار يتجهيز فيلق عظيم للسير نحو مملكة “الزعفران” وفيلق آخر للسير نحو مملكة “الهضبة الذهبية” ولكن نفسه لم تطاوعه أن يهجم على مملكة عفراء دون تحذيرها وإنقاذها فأرسل برقية سرية مع أحد جنوده الأوفياء إلى ملكها رشيد المعتد يخبره بأمر الملك مالك المختار له بأن يغزو مملكته وحذره من البقاء في المملكة ومغادرتها هو وأسرته الملكية بأسرع وقت .

**

– يبدو أن خطتك الرهيبة يا جناب الملك المظفر قد شارفت على النجاح ، بمجرد أن تصل برقية التحذير هذه الى الملك مالك المختار سيتأكد له أن أخيه وحيد المختار يخونه ، وسيحدث الانقسام في مملكة الناب الفضي وهذا ما سيجعلها سهلة للانقضاض عليه ، من يعرف ربما يقتل أحدهما الآخر .

– المظفر ضاحكا : شكراً لك أيها الملك رشيد المعتد ، لولاك أنت وابنتك عفراء لما تمكنت من إيقاع القائد وحيد ، وأيضاً لا ننسى جهود المستشار المخلص “عباس المنتصر” فقد استطاع إيجاد الرجل المناسب للمهمة وهو جلال المشروف ، سأمنحكم جميعا أيها الرجال المكافئة التي تستحقونها.

– تحدث جلال المشروف قائلا : يشرفني خدمة جناب الملك المظفر ، لقد كان خداع وحيد المختار سهلا ، إنه رجل يبرع في اقتحام الحصون وبتر الأذرع لكنه لا يبرع في اقتحام ما يضمر له الآخرين ، إنه سهل الخداع.

ضحك الجميع وهنا تحدث رشيد المعتد : لكن ليتذكر جناب الملك وكل الحاضرين أن الأميرة عفراء ابنتي لا تدرك شيء من خطتنا ، لقد أخبرتها أن جواسيسي حذروني من غزو وشيك ولهذا علينا مغادرة المملكة والاحتماء بجيش الملك المظفر ، لا تعرف دورها في الخطة ولنبقي الأمر كذلك.

**

هاجم جيش مملكة الناب الفضي المملكتين ونهب كل شيء فيهما وأباد كثير من سكانهما ، وقتل ملك مملكة الزعفران لكنه لم يظفر برأس رشيد المعتد ملك مملكة الهضبة الذهبية وهذا أغضب الملك مالك المختار وعرف أن هنالك خيانة في جيشه سربت خبر الغزو للمعتد الذي هرب إلى مملكة خنجر الزمرد ، وسرعان ما صرخ الحاجب قائلا : جناب الملك المختار ، إن شخصاً يدعو نفسه “ربيع الظاهر” يريد مقابلتك.

أمر مالك المختار بأن يدخل الظاهر إلى مجلسه وسأله :
– من أنت وماذا تريد ؟
تحدث ربيع : جناب الملك المختار ، أنا أحد فرسان جيش الملك المظفر ، إن هذا الملك الغاشم والظالم قتل أبي عندما استولى على الحكم بعد انقلابه وقد كان أبي مستشار الملك المغدور به “النعيم” ، وإني منذ فترة أفكر في الانتقام منه ، ووجدتها فرصة في أن أخبرك أمراً خطيرا وسريا للغاية يحدث ، لقد سرقت برقية التحذير التي أرسلها أخوك وحيد المختار لملك الهضبة الذهبية رشيد المعتد ، وقد هرب بعدها إلى مملكتنا خنجر الزمرد .

– صاح مالك المختار وهو يستشيط غضبا : ما الذي تقوله يا هذا ، هل تتهم أخي وحيد المختار بالخيانة ، أين هي البرقية وإلا أمرت بقطع رأسك حالا !

أخرج ربيع الظاهر البرقية وناولها ، لم يكن هنك مجال للشك بأن الخط الذي كتبت فيه يعود لأخيه وحيد المختار وختمه موجود عليها ، كانت صدمة أن يكون أقرب الناس إليه خائنا ، أمر ربيع الظاهر بالعودة إلى مملكة خنجر الزمرد والعمل كجاسوس له ، ومن ثم نادى على أخيه حمزة المختار وأخبره بالأمر وقال له : إنه لأمر مؤسف أن يكون أخونا خائنا ، لم تدع البرقية مجالا للشك بأنه كذلك ، إني متحير بين إعدامه المستحق أو سجنه ، بماذا تشير ؟

– جناب الملك ، إننا نعرف أخونا وحيد أكثر من غيرنا ، إنه شخص لا يخون مملكته أبداً ، وهو رجل نزيه وشجاع وقاد جيوشنا بإخلاص طوال سنين ، أشك أن في الأمر لعبة ، ولا ننسى شعبيته المطلقة بين صفوف الجيش وأخشى أن يسبب الأمر ضعف معنوية جيشنا فيضعنا هذا بموقف ضعيف أمام مملكة خنجر الزمرد ، أعتقد أن على جنابك استدعاء وحيد وإعفاءه مؤقتا من قيادة الجيش حتى يتبين لنا الأمر .

كانت مشورة حمزه المختار منطقية إلى حد بعيد ، وأمر الملك مالك المختار باستدعائه ، ولكن بينما كان الملك مالك المختار يهم بذلك كان وحيد المختار يتحدث مع جلال المشروف الذي قال له : جناب القائد ، بلغني أن الملك المظفر يود الزواج من عفراء ابنة الملك رشيد المعتد .
– صرخ وحيد المختار : لن ؛سمح لهذا الحقير بذلك ، سأغزو مملكته وأعلق رأسه على حربتي هذه .
– قال جلال : جناب القائد كيف تستطيع أن تقوم بذلك دون أمر جناب الملك مالك المختار ؟
– سأذهب إلى أخي الملك فهو متشوق للأمر وسأقنعه بذلك فأنا قادر على سحق مملكة خنجر الزمرد.
وبينما الاثنان يتحدثان صرخ أحد الجنود قائلا :
جناب القائد وحيد المختار ، إن الملك المفدى مالك المختار يأمر بحضورك حالا .

استغرب وحيد المختار من هذا ولكنه ذهب مسرعا لينظر ماذا يريد أخوه منه.

**

وفي تلك الأثناء أصدر الملك فخر الدين المظفر أمر بتجهيز الجيش العظيم لمملكة خنجر الزمرد دون أن يعلن عن وجهة الغزو ، وأمر بتدعيم الجيش بالسلاح السري الذي أشرفت عليه كتيبة من الجنود الشجعان الذين يثق بهم الملك ، وأفرغت مخازن السيوف والدروع بأكملها وجهز جيش لا قبل به ولا طاقة على رأسه الملك فخر الدين المظفر ، وفي المساء وصل وحيد المختار إلى مملكة الناب الفضي ودخل إلى مجلس أخيه مالك المختار ، كان إخوته الأربعة مالك وحمزة ومختار وزيد متواجدين في المجلس ، رمقه الجميع بنظرات قاسية ووقف هذا الفارس الشجاع منتصبا كجبل قائلا : ماذا يأمر أخي الملك ؟

– تحدث مالك المختار قائلا : أيها القائد وحيد المختار ، لقد كنت خير من قاد جيوش المملكة وخير فارس لها ، و قدتها منذ زمن حكم والدي وكنت فارسا أمينا وشجاعا ، وأعتبرك ساعدي الأيمن أنت وإخوتي دوما ، لكن للأسف الأمور الجيدة لا تستمر طويلا .

عرف وحيد المختار أن ما وراء هذه الكلمات ليس شيئاً جيداً وعندها تابع الملك مالك المختار قائلاً :
– للأسف يا أخي القائد ، سوف أتخذ قرار بعزلك من قيادة الجيش بتهمة الخيانة الكبرى .

يتبع…

تاريخ النشر : 2018-09-06

guest
7 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى