أدب الرعب والعام

عيد ميلاد

بقلم : جزائرية – الجزائر

عيد ميلاد عيد ميلاد عيد ميلاد ..

– ماما أرجوكِ أسرعي فأصدقائي على وشك القدوم ..
– لا تقلقي يا حلوتي ، أكاد أن أنتهي من الزينة لتكون حفلة أمورتي الصغيرة هي الأفضل على الإطلاق ..

عانقت منى أمها و اتجهت إلى غرفتها ؛ لتجهز نفسها و الإحباط واضح على تقاسيم وجهها ، جلست على السرير و أصبحت تفكر في السبب الذي جعل أصدقاءها يتأخرون عن حفلة عيد ميلادها ثم أصبحت تحدث نفسها بصوت مرتفع

– أيعقل أن تكون المغرورة ” مايا ” منعتهم من القدوم !!  لا أظن ذلك ، في العام الماضي كنت صغيرة و لكن الآن أصبح عمري 11 و  لن تجرؤ على فعلها ، ممم ماذا إذاً ؟؟ ربما هم يحضّرون لي مفاجأة !! نعم لا شك في ذلك ..

نهضت منى من على السرير و كلها قناعة بأن أصدقاءها يحضرون لها مفاجأة ، فراحت تجوب الغرفة و تغني ثم فتحت خزانتها و أخرجت منها أجمل فستان لديها لتكون أميرة حفلتها ، و بينما منى واقفة أمام المرآة تصفف شعرها سمعت صوت ارتطام شيء بالأرض فخافت من أن تكون كعكتها الغالية قد سقطت لذا نادت أمها بصوتٍ عالٍ
– ماما ، ما الذي سقط ؟؟ أهي كعكتي ؟؟
لكن لا مجيب
– ماما أجيبي !!  
ما من مجيبٍ أيضاً ، و هنا انتابها القلق اتجاه كعكتها طبعاً ، ففتحت باب الغرفة و ما إن خطت خطوة خارجها حتى تفاجأت باللاشيء !! نعم لا شيء فالظلام الحالك يملأ المكان و كذلك السكون الرهيب لكل شيء في اللاشيء !!  تجمدت منى في مكانها و الحيرة تكاد تقتلها ثم راحت تلتفت ميمنة و ميسرة ،  و فجأة هدأت و ابتسمت ثم قالت ..
– هاهاها كشفتكم ، أعرف أنكم هنا ، هيا أشعلوا الأنوار فقد فاجأتموني فعلا .
و كالعادة لا مجيب ، فأردفت و القلق اجتاح وجهها
– يا له من مزاح ثقيل !! توقفوا عن هذا ، هيا أرجوكم !!

و بعد أن فقدت الأمل و علمت أنه حقاً ما من أحد بجوارها سقطت على ركبتيها و عانقتهما بيديها و اجهشت بالبكاء .. ما هي إلا لحظات حتى سمعت أصواتاً خشنة تردد :
– عيد ميلاد عيد ميلاد عيد ميلاد ..
رفعت منى رأسها و إذ بها ترى أعيناً حمراء كبيرة منتشرة في كل مكان ثم شيئاً أو شخصاً – إن صح القول – يظهر من العدم ، و ما إن اقترب منها حتى بدت لها ملامحه فشرعت بالصراخ ..

لقد كان طويل القامة له قرنان صغيران و أذنان مدببتان و شعرٌ كثيف في كل أنحاء جسده و عينان حمراوتان تفيضان شراً ، أغمي على منى من هول ما رأته و ما هي إلا مدة وجيزة حتى استيقظت و وجدت نفسها تطفو في اللاشيء و تلك الأصوات لا زالت تصدر من كل مكان و بعدها اقترب منها ذلك المخلوق لكنها واجهته هذه المرة قائلة ..
– ما و من أنت ؟؟ أين أنا و ماما و الآخرون ؟؟ و لماذا …

قطع هذا المخلوق كلامها بإشارة من يده جعلت شريطاً لاصقاً يلتف حول فمها ، ثم قال بصوتٍ خشنٍ مزدوجٍ كصوت رجل آلي :

– أتعلمين ، لا أحب الثرثرة .. حسناً لا يهم ، مرحباً بك أيتها الصغيرة في عالمنا ، ماذا ؟؟ لم أسمعك !! ماذا تقولين ؟؟ ارفعي صوتك !! (و هو يقهقه) اااه أتريدين أن تعرفي لما أنتِ هنا ؟؟  لا بأس إذاً (بنبرة غاضبة) لأنكم ببساطة أيها السفهاء التافهون تزعجونني .. ألم تستغربي أن والديك اشتريا منزلاً فخماً بسعرٍ زهيدٍ ؟ ربما والديك لم يخبراك لأنك صغيرة لكن دعيني أخبرك بشيء ..
 هذا منزلنا نحن و كل من تجرأ على دخوله و إزعاجنا  ندم على ذلك ، حفلاتكم الصاخبة تزعج معشر الشياطين .. لن أخفي عليك أنني اشتقت للبشر فلم يجرؤ أي أحد على دخول منزلي بعد مقتل ذاك الصبي و عائلته يوم عيد ميلاده قبل عقد من الزمن .. لن أنسا أبداً تلك الوجبة الدسمة .

و بعد أن أنهى كلامه أشار بيده  فسقط الشريط اللاصق على الأرض ثم أردف قائلاً ..

– كلمة أخيرة عزيزتي فأنا جائع ..
– أين عائلتي و أصدقائي ؟؟
– أوه نسيت إخبارك ..أنظري .
فرقع أصابعه فأنار جزء من اللاشيء لتظهر أشلاء بشرية مكومة فوق بعضها.. صعقت الفتاة و ما إن صرخت حتى ..
– منى عزيزتي استيقظي إنه حلم هيا استيقظي !!
– ( وهي تتثاءب ) ماذا ؟؟ حلم !! .. ااه كابوس مزعج .

خرجت الأم من الغرفة و نهضت منى من السرير ، التفتت إلى الحائط لترى التقويم ثم قالت ..
– إنه عيد ميلادي .. أفضل يوم في السنة .

و بعدها اتجهت إلى الحمام و أغلقت الباب وراءها .. لتصدر تلك الأصوات من تحت السرير
– عيد ميلاد عيد ميلاد عيد ميلاد ..

تاريخ النشر : 2016-04-11

جزائرية

الجزائر
guest
33 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى