عين الشيطان في الثقافات القديمة حول العالم
عيون شريرة حارقة .. أحذر منها .. |
على الرغم من الغموض الشديد الذي يلف عالم السحر و الجن و عين الحسد الذي لم نستطع فتح تشابك خيوطه حتى الأن , إلا أن شعوب الحضارات القديمة استطاعت التفريق بين السحر و عين الشيطان أو كما يُسمى بعين الحسود , و قد وُجدت نقوش و رسومات أثرية على الجدران و مخطوطات تتحدث عن الإصابة بالحسد و كيف أن العين قد تسبب المرض أو سوء الحظ , و قد أعتقد اليونانيون و الرومان أن عين الحاسد تطلق إشعاع يصيب الأنسان و الجماد كما يصيب السهم الطريدة , حتى أنهم قد صنعوا التمائم و التعويذات التي تحميهم من شر تلك العين الحسود , و لعل أشهر تلك التمائم هي تلك القطعة الزجاجية الزرقاء التي تكون على شكل عين , و قد انتشرت هذه التميمة في منطقة ايجة أو ما تُعرف اليوم بتركيا ، و مناطق البحر الأبيض المتوسط و قارة أسيا و الوطن العربي , و لا زالت تُستخدم حتى اليوم .
مواصفات من تجسدت به عين الحسد
الحسود ينظر إلى ما بيد غيره |
من المؤكد أن الشخص الذي يعتقد أنه يملك القدرة على إلحاق الأذى بالأخرين و ممتلكاتهم بواسطة عين الحسد ، يكون منبوذ من الناس و لا يرغب أحداً بالاقتراب منه , و لعل أهم صفة يميزه الناس بها هي تحديقه المستمر بالأخرين و ممتلكاتهم و تحدثه بكلمات تحمل تأثير سلبي يكون مضمونه الحسد و التذمر ، و بالأساس يكون هذا الشخص فاقداً للشيء الذي يحسده , و بما أن تلك القوة تتركز بعين هذا الشخص فقد أعتقد كثير من الناس أن لون العين و شكلها يحدد فيما إذا كان الشخص يمتلك تلك القوة أم لا , توافقت أغلب الأوصاف أن هذا الشخص يملك عينين ذات منظر حاد حيث تكون حدقة العين منحسر بالوسط و أغلب مساحة عينه تميل إلى البياض ، هذا بالإضافة إلى حدة حواجب العين التي تظهره بمظهر الشخص الغاضب , و تختلف هذه الصفات من بلد إلى أخر , ففي ألمانيا كان الناس يعتقدون أن الاشخاص ذوي حدقات العين البنية يملكون عين الحسد ، أما في إيرلندا فأعتقد الناس أن الاشخاص المصابون بحول أو انحراف بالعين يمتلكون تلك القوة , و في إيطاليا أعتقد الناس أن حواجب العين المتصلة صفة أساسية لهؤلاء الأشخاص ذوي الأعين الشيطانية , و في المناطق الأسيوية و أجزاء من أفريقيا ظن الناس أن علامات الشر تتجسد بالأشخاص ذوي العيون الزرقاء أو الخضراء ، أما الصفات العامة فقد يكون الشخص قصير القامة مصاب بعاهة أو فقير معوز لهذا يحسد الأخرين , و هذا وصف غير دقيق ، فمن أمتلك نفساً خبيثة لن تشبعه كنوز العالم.
طرق الوقاية و العلاج من عين الشيطان
كانوا يستخدمون اواني خاصة لكشف الحسود |
كانت أبرز الطرق للوقاية من عين الحسد عبر التمائم و التعويذات التي يرتديها الناس في العصور القديمة كقلائد و حلي تحوي على نقوش و رسوم قد تكون رموز مقدسة أو على شكل عين , و قد وُجد رسم العين على كثير من القطع الأثرية و السفن القديمة ، حيث أعتقد القدماء أنها تدفع عنهم العين الحاسدة .
و قد اشتهرت اليونان منذ قديم الزمان بكونها عاصمة الحضارة و الثقافة و كان لها دور هام بترسيخ تلك المعتقدات حيث كان يُطلق عيها أسم ماتي Mati, وقد أبتكر اليونانيون عدة طرق للكشف وعلاج أثار العين الحاسدة ، و أبرز طرق الكشف عنها هي طريقة تلاوة تراتيل تطلب العون من الآلهة و بواسطة أواني خاصة تستخدم لذلك الغرض و في حال أُصاب المشعوذ والمصاب بالتثاؤب الشديد فهذا يدل على الإصابة بعين الحسود , أما الطريقة الأخرى فهي استخدام قطرات زيت الزيتون , حيث يتم وضع قطرة من زيت الزيتون في وعاء فيه ماء و مراقبتها جيداً , و في الحالة الطبيعية تطفو قطرة الزيت لكون كثافتها أقل من كثافة الماء , أما في حال أن قطرة الزيت غطست للأسفل فهذا دليل على وجود تلك العين الشريرة , كما أن قطرات الزيت لو ظلت منفصلة عن بعضها فهذا يدل أن الشخص غير مصاب بالعين أما في حال اندماج القطرات مع بعضها فهذا دليل على وجود عين الشر , أما الطريقة الاخيرة فيتم فيها استخدام حبات القرنفل ، فبعد غرزها بالدبابيس يتم تمريرها على رأس المريض و التلويح بها بشكل متقاطع و يطلب الكاهن من المريض أن يفكر بالشخص الذي من المحتمل أن يكون قد اصابه بالعين , ثم يقوم الكاهن بوضع حبات القرنفل في النار و في حال احتراق حبات القرنفل بهدوء فهذا دليل على سلامة الشخص من المرض , أما إذا احدثت تلك الحبات فرقعة و دخان كثيف فهذا دليل على أن الشخص مصاب بذلك الشر ، و يتم جمع الرماد و دفنه بالأرض حتى يتلاشى شر تلك العين .
استعمل الرومان تمائم خاصة لابعاد الحسد |
أما في روما القديمة فكان الناس يضعون تمائم تحمل إيحاء جنسي ، حيث كانت تشبه إلى حد كبير الأعضاء التناسلية حتى تشعر العين الحسود بالخزي و تبتعد عنهم , أما الإيطاليون أحفاد الرومان فقد كانوا في قمة الأناقة حيث استخدموا تمائم يُطلق عليها cornicello أو كما يُعرف بالقرن الصغير و هو عبارة عن قرن منحني قليلاً مصنوع من المرجان الأحمر أو من الذهب و الفضة , يتم ارتدائها كقلادة حول العنق ، و هناك أيضا اشارات أصابع اليد ، حيث يشير الإيطاليون إلى صاحب عين الحسد بأصابع أيديهم بإشارات تحمل مضمون جنسي حتى يتجنبوا شره , و في المكسيك و أمريكا الجنوبية تأثر سكانها بالثقافة الإسبانية و مزجو بينها و بين حضارة الازتك و المايا , أعتقد الناس بالمكسيك أن عين الشر أو كما تُسمى مال دي أوجو Mal de ojo تصيب الأطفال الرضع بشكل أساسي كون أجسادهم ضعيفة و كونهم أغلى ما تملكه الاسرة ، و لهذا يتم تزيين أيدي و أرجل الأطفال بأسوار منقوش عليها رموز تشبه عين الحسد , و عندما تشك الأسرة بأي شخص يحتمل أن يصيب أطفالهم بعين الحسد فأنهم يطلبون منه أن يلمس الاطفال حتى يبطل مفعولها و لا يصيبهم بأذى , أما طريقة العلاج المتبعة بالمناطق الريفية و المنعزلة بالمكسيك فالبيض النيء عنصر أساسي بتلك الطقوس , حيث يقوم الكاهن بتمرير بيضة دجاج نيئة حول جسد المريض عدة مرات ثم يقوم بكسرها في كأس من الماء و يتركها تحت فراش المريض بجانب رأسه حتى الصباح ثم ينظر إليها فإذا لم يتغير شكلها دل ذلك أن الرجل غير مصاب بعين الشر أما إذا تغير شكلها و اصبحت مثل البيضة المطبوخة دل ذلك على أن الشخص مصاب بعين الشر ، و يجب التخلص من تلك البيضة كونها اصبحت ملوثة بالشر , و يتعافى المريض فوراً من الضعف و الغثيان و الإسهال الذي كان يعاني منه .
أما في شمال الهند فيطلق عليها اسم دريشتي Drishti و يحمل نفس المعنى و هو العين الشريرة و لتجنبها يقوم الأهل بتزيين أعين أطفالهم و نساءهم بالكحل الأسود لتجب شر عين الحسد ، أما ممتلكاتهم من حيوانات و سيارات فيتم رسم بعض الرموز و الحروف المقدسة عليها كرمز أوم المقدس بالديانة الهندوسية ، أما في جنوب الهند فيطلق عليها أسم ديستي Distiو تتم إزالتها باستخدام الملح الصخري و الفلفل الأحمر ، ملفوف بقطعة قماش مدهونة بالزيت ، حيث يُطاف بهذه القطعة حول المريض ثم يتم أحراقها .
تمائم الحسد التركية .. تسنعمل ايضا في البلدان العربية |
اشتهرت تركيا بصنع خرزة العين الزرقاء أو ما يُطلق عليها بالتركي Nazar نزرة و يتم صنعها من الزجاج و الياقوت الأزرق و يرجع سبب اختيار اللون الأزرق إلى كونه من الألوان الثلاث الأساسية حيث أعتقد القدماء أن الالوان ثلاثة هي الأحمر لون الدماء التي توهب الحياة و الأخضر لون الأشجار و الأزرق لون السماء حيث توجد الآلهة ، و قد انتشرت انتشاراً واسع بالوطن العربي لكون تركيا كانت عاصمة الخلافة العثمانية و قد طورها العرب و جعلوها تشبه الكف بخمسة اصابع و في وسطها تقع عين الحسد , و قد أحتفظ الأتراك بشيء خاص بهم و هو صناعة اللحاف و السجاد حيث يتم رسم أشكال هندسية خاصة يُعتقد أنها تقي من العين و يتم إهداءها للعروس حتى تحميها من العين .
لا شك أن لكل منطقة عادات و تقاليد لطرد تلك العين الشريرة و أتذكر عندما كنت صغير كنت أشاهد بعض الأحذية القديمة المعلقة على السيارات أو سياج الحديقة و عندما كنت أسأل يقولوا لي : أنها تحمي من العين و الحسد و تجعل الحاسد يبعد نظرة عن ذلك الحذاء القديم ، طبعاً هذه عادة اندثرت و لم تعد موجودة بمدينتي مدينة عدن باليمن ، و أنا متأكد أنكم سوف تتحفونا بعاداتكم حول هذا الموضوع في التعليقات.
جريمة بسبب عين الشيطان
تنبأت بموت زوجها |
ابتدأت الاحداث عام 1910 م بقرية رينج تاون الواقعة ضمن ولاية بنسلفانيا ، حيث عاشت السيدة سوزان مومي برفقة زوجها هنري ، ذلك العامل الفقير الذي يقضي نهاره في طاحونة القرية ليكسب قوت يومه بينما تنشغل سوزان بعمل المنزل ، كانت حياتهما طبيعية جداً حتى تعرضت سوزان لكوابيس أقضت مضجعها و حرمتها من النوم الهانئ ، أخبرت زوجها عن تلك الكوابيس و خوفها الشديد عليه من تعرضه لمكروه إذا ذهب إلى العمل بذلك الطاحون يوم 5 يوليو حسب ما رأته بتلك الكوابيس ، حاول هنري طمأنتها و أخبرها أنه لا يستطيع التغيب عن عمله كونه فقير و غير مستعد لفقدان أُجرة ذلك اليوم ، اشتكت سوزان لصديقاتها بالقرية و أخبرتهم عن كوابيسها و لكن دون جدوى ، و في ذلك اليوم ودعت سوزان زوجها بخوف و الدموع تذرف من عينيها ، لم يعر هنري أي اهتمام لدموعها و توسلاتها و مضى في طريقه إلى العمل ، عادت سوزان إلى المنزل متمنية أن تكون تلك مجرد كوابيس ، و مع غروب الشمس جاءت الاخبار المفجعة لتهز قلب سوزان المرتجف ، لقد قُتل هنري بسبب انفجار الطاحون و تقطع جسده إلى أشلاء ، و بالرغم من المصيبة التي حلت بها فأنها لم تجد من يواسيها ، بل على العكس فقد سرت الشائعات حول سوزان بأنها ساحرة شريرة و نذير شؤم تسببت بموت زوجها ، و لم يمضِ وقت طويل حتى نبذها الناس و صارت معزولة عن أهل القرية الذين أتهموها أنها ساحرة و تصيب الاخرين بعين الحسد .
ربما أن حظ سوزان السيء قد ورطها بالتواجد في أماكن حصول الكوارث و المصائب مما جعل الناس يتهمونها بتلك التهم ، لم يكن هناك خيار أمام تلك الأرملة المكلومة إلا الرحيل من تلك القرية و انتقلت للعيش في أرض تبعُد ميلين و نص عن قريتها ، و هناك قامت بفلاحة و زراعة الأرض لكي توفر قوت يومها .
شعرت سوزان بالوحدة كونها لم ترزق بطفل و لهذا قررت الذهاب إلى دار الأيتام لتبني طفل ، و هناك وقعت عيناها على طفلة يتيمة أسمها توفيليا كانت مصابة بإعاقة بسبب حمى شديدة أصابتها ، تحركت عاطفة الأمومة لدى سوزان و قررت تبي تلك الطفلة ، ربما اختارتها لأن حظها التعيس يشبه حظ هذه الطفلة اليتيمة ، عاشت توفيليا بمنزل سوزان التي اعتبرتها كأمها ، و في عام 1934م أنضم إليهم جاكوب ريس بعدما وجدته سوزان مصاب بجروح بليغة و قررت نقله إلى بيتها لعلاجه ، فسوزان كانت مشهورة بقدرتها العجيبة على علاج الجروح بالرغم من النحس و الإشاعات التي تحيط بها ، و هناك صار جاكوب فرد من تلك العائلة الصغيرة .
بيت المزرعة حيث وقعت الجريمة |
و في ليلة السبت 17 مارس من نفس العام و بينما كانت سوزان تقوم بتغيير ضماد جرح جاكوب و الفتاة توفيليا ممسكة بمصباح الزيت لتضيء لها المكان ، دوى صوت انفجار عنيف على أثره تناثر زجاج النافذة و أوقعت توليفيا المصباح على الأرض و عم الظلام المكان ، لم يعلم سكان المنزل ما سبب ذلك الانفجار و ما هي إلا لحظات حتى تكرر ذلك الصوت وهنا أيقنوا أنهم يتعرضون لإطلاق النار و انبطحوا على الأرض لتجنب تلك الطلقات الغادرة ، عم الصمت المكان إلا من صوت بكاء توفيليا و زحف جاكوب في الظلام الدامس حتى أستطاع الإمساك بالمصباح و إشعاله ، وهنا صُدم الأثنان بمشهد مروع حيث كانت سوزان مرمية على الأرض و الدم ينزف من الجرح الغائر في صدرها ، كانت إصابة سوزان قاتلة و لفظت أنفاسها على الفور ، لم يكن أمام جاكوب ما يمكن فعله غير احتضان المسكينة توفيليا و محاولة تهدئتها حتى بزوغ الفجر .
و مع ساعات الفجر الأولى أنطلق جاكوب رغم أصابته و قطع مسافة ميل مشياً على الأقدام و أستعان بأحد الجيران لإيصاله إلى المدينة على عربة تقودها الخيول ، و هناك أبلغ جاكوب الشرطة بما حصل تلك الليلة ، و تم أرسال عدد من رجال الشرطة مع أحد المحققين إلى القرية .
فرح الناس كثيراً بمقتل سوزان و لم يتعاون أي منهم مع الشرطة مما وضع المحقق في موقف محرج فلم تتوفر لديه سوى النزر اليسير من المعلومات ، و كل ما لديه من معلومات أن الجريمة حصلت الساعة 8 المساء ، ليلة السبت هذا بالإضافة إلى نتائج التشريح التي أوضحت أن الطلقة قد اخترقت الجانب الأيمن من صدر سوزان مروراً بالرئة والقلب ثم استقرت بالمعدة ، و بعد 3 أيام تقدم صبي إلى المحقق و أخبره عن رؤيته لسيارة متوقفة مساء ذلك اليوم بنفس الطريق المؤدي إلى منزل سوزان ، و من خلال مواصفات السيارة استطاعت الشرطة تحديد هوية مالك السيارة بسهولة لكون السيارات نادرة الوجود بتلك القرية النائية ، أنه ألبرت شينسكي ذلك الشاب ذو 23 عاماً ، في البداية لم يصدق أحد أنه من الممكن أن يقوم ذلك الشاب الهادئ المحبوب بين الناس و أبن أسرة شينسكي ذات المكانة العالية بالمجتمع ، لم تصدق حبيبته الجميلة سلينا بيرنستيل ما قيل عن صديقها فقد وعدها أنه سوف يتقدم لخطبتها في القريب العاجل ، و أثناء التحقيق معه حول مقتل السيدة سوزان ، اعترف ألبرت أنه هو من قام بقتلها بواسطة بندقية أستعارها من صديقه و وضع فيها طلقات سحرية لقتل تلك العجوز الشريرة ، و عندما سأله المحقق عن الأسباب التي دفعته لقتلها ، قال ألبيرت : أنها أمرأه شريرة و كان لا بد من قتلها حتى تزول لعنتها عني ، و هنا بدأ ألبيرت يخبر المحقق قصته الغريبة : عندما كنت بعمر 17 عام عملت كفلاح في أحد مزارع القرية ، لقد كنت فتى نشيطاً و أعمل بجد ، و كان صاحب المزرعة يثني على عملي الجاد و يمتدحني ، كان العمل أكثر من رائع و لم ينغصه إلا تلك الجارة السيئة التي كانت بينها و بين صاحب المزرعة مشاكل حول حدود المزرعة فقد كانت تدعي أننا قد تجاوزنا حدود مزرعتها ، و في يوم من الأيام و بينما كنت أقوم ببعض الأعمال في أطراف المزرعة رأيت تلك السيدة تختبئ خلف أحدى الاشجار و تنظر إلي بنظرات غريبة ، كانت نظرات يملؤها الحقد و الشر ، أقسم لك أيها المحقق أنني شعرت بدبابيس تخترق جسدي ، و شعرت بأيدي خفية تخنقني ، و تصبب العرق البارد من جسدي ، و منذ ذلك اليوم و أنا أشعر بالكسل و الإرهاق الشديد و لم أعد أنام بسبب الكوابيس التي تلاحقني ، عندما أنام فأني أرى قط أسود يحدق بي بعينيه الخضراوين و يتضاعف حجمه حتى يغطي كامل الغرفة و يقوم بخنقي ، لقد تركت العمل بتلك المزرعة و حاولت أن أعمل بمنطقة أخرى كسائق أنقل عمال المنجم بسيارتي ، لكني توقفت عن العمل لضعف جسدي و صرت طريح الفراش ، أخبرت عائلتي بما يحصل لي فسخروا مني ، حاولت العلاج عند الأطباء و المشعوذين و لكن دون جدوى ، ذهبت إلى سوزان و رجوتها أن تزيل تلك اللعنة عني و لكنها رفضت طلبي ، لم يكن أمامي من خيار أخر سوى قتلها ، أخذت البندقية و حشوتها بتلك الطلقات السحرية ثم تسللت إلى مزرعتها ليلاً و اطلقت عليها النار ، و في تلك اللحظة شعرت أنني تحررت من لعنتها إلى الأبد و زالت عني تلك القيود التي كبلت جسدي لسنين عديدة ، أنا سعيد الأن و لا أخشى الإعدام بالكرسي الكهربائي .
القاتل البرت شينسكي |
اضطرت الشرطة لنقل المتهم إلى سجن المدينة بسرعة بسبب احتشاد العشرات من سكان القرية المتعاطفين مع ألبرت حول السجن ، بعدها نقل ألبرت إلى المحكمة و هناك عُرضت ملفاته الطبية التي تثبت خلوه من الأمراض النفسية و رغم ذلك برر الأطباء ما حصل أنه من الممكن أن يكون ألبرت مصاب جنون الارتياب ، و بعد أستماع القاضي لجميع الأطراف ، حكمت المحكمة بحجز ألبرت في مصح فايرفيو السيء السمعة حتى يتم علاجه ، حاولت سيلينا بيرنستيل التواصل مع حبيبها البرت و عرضت عليه الزواج و هو بهذه الحالة و لكنه رفض ذلك و تزوجت برجل أخر بعد عدة سنين ، أما ألبرت فقد قضى 41 عام في ذلك المصح الذي كان أقل ما يُقال عنه أنه الجحيم بعينه ، فالأطباء و الممرضون بذلك المستشفى كانوا قساة و مات العديد من المرضى بسبب معاملتهم السيئة ، و بعد تلك السنين القاسية قام المحامي ويليام كرينسويتز بمسح الغبار عن قضية ألبيرت و أعاد فتحها من جديد ، و أقنع البرت بالاعتذار و طلب الصفح ، و بالمحكمة وقف ذلك العجوز الذي أفنى شبابه بذلك المصح و قدم اعتذاره و ندمه على ما حصل و تم الأفراج عنه عام 1975م ليموت بعد ذلك ب 8 سنوات .
ملاحظات
ربما يقول البعض أن تلك العين الشريرة مجرد نظرات أو كلمات سيئة تصيب الشخص بالوهم و تأثر في معنوياته فيمرض أو يصيبه الفشل ، و لكن الحيوانات و الجماد لا تفهم و لا تملك مشاعر فكيف يصيبها الضرر ؟ أن أنتشار الاعتقاد بوجود عين الشر و الحسد بين الحضارات و الشعوب دليل على حضورها القوي الذي لا يمكن تجاهله ، أما بخصوص قضية مقتل سوزان مومي و اعتقاد البرت شينسكي أنها قد أصابته باللعنة بنظراتها الشريرة ، فربما كانت بسبب الشائعات التي نُسجت حول تلك السيدة ، هذه القضية تجعلني أطرح سؤال هل ينتهي مفعول العين الحاسدة بموت الحاسد ؟ حاولت البحث عن حالات شُفيت من العين بعد موت صاحب العين الحاسدة و لكني لم أجد أي معلومات مؤكدة ، بالأخيرة هذه مقالة تتحدث عن عادات الشعوب و لا تعني أن تلك العادات صحيحة.
المصادر :
– Evil Eye Meaning – What is the Evil Eye? Turkish Evil Eye
– The Evil Eye Meaning. What does the evil eye jewelry
– Albert Shinsky and The Witch of Ringtown Valley | Strange
– Curse of Death: Albert Shinsky and the Ringtown Valley Hex Murder of 1934
تاريخ النشر : 2018-02-26