ألغاز تاريخية

عَيْنٌ على البَراءَةِ، وَ عَيْنٌ علىَ الحُقْنةِ السَامَةِ !!

بقلم : مصباح . ت – طنجة المغرب
للتواصل : [email protected]

عَيْنٌ على البَراءَةِ، وَ عَيْنٌ علىَ الحُقْنةِ السَامَةِ !!
أم مظلومة أم قاتلة بارعة ؟!

تعد تكساس من الناحية الجغرافية ثاني أكبر ولاية من حيث المساحة و السكان في الولايات المتحدة الأمريكية ، كما تعد من الناحية القضائية و الجنائية من الولايات التي مازالت تحرص بكل ما أوتيت من استقلالية في تدبير شؤونها المحلية، على تنفيذ أحكام الإعدام حتى الموت على المذنبين في جرائم القتل التي تحدث على النفوذ الترابي للولاية .

عَيْنٌ على البَراءَةِ، وَ عَيْنٌ علىَ الحُقْنةِ السَامَةِ !!
الجميلة دارلي في طفولتها و شبابها 

تحت سماء هذه الولاية الشاسعة بالذات كانت تعيش سيدة جميلة جدا اسمها (دارلي روتييه) من مواليد 1970 ، بطلة إحدى ملفات العدالة الجنائية الأمريكية)، لقد كانت تعيش عيشة راضية مع زوجها السيد (دارين روتيير) و أطفالها الثلاثة (دامون روتيير) و (ديفون روتيير) و (دراك روتيير)،هكذا يقولون .
السيدة (دارلي روتييه) هي الآن تقبع في أحد الدهاليز، في سجن من سجون ولاية (تكساس) تنتظر مصيرها المحتوم المتمثل في موعد تنفيذ عقوبة الإعدام عليها بواسطة الحقنة السامة كما تنص قوانين الولاية المذكورة، وقد وجدتها هيئة المحكمة الجنائية مذنبة في قضية جنائية تتعلق بمقتل طفليها (دامون) و(ديفون) طعنا بالسكين حتى الموت خلال إحدى أمسيات الغرب البعيد.
ذلك حين تأكد لهيئة المحلفين تورط هذه السيدة المباشر في وفاة طفلها الأوسط (دامون) ذي الخمس سنوات عن سابق إضمار و ترصد، و من ناحية أخرى لم يتأكد لهيئة نفس المحكمة صلة هذه السيدة (دارلي) بوفاة طفلها الأكبر (ديفون) ذي الست سنوات لعدم كفاية الأدلة، وهو الأمر الذي أثار جدلا و استغرابا لدى كل الذين تابعوا أطوار هذه المحاكمة الجنائية في حينه بالإضافة إلى غرابة الدافع إلى إرتكاب الفعل الجرمي في حق الهالكين الصغار، وكان الدافع بحسب ما صرح به الادعاء العام الجنائي الأمريكي، تدهور الأحوال المادية للعائلة و تراكم الديون.

عَيْنٌ على البَراءَةِ، وَ عَيْنٌ علىَ الحُقْنةِ السَامَةِ !!
تزوجت دارلي من دارين بعد قصة حب جمعت بينهما

تزوجت السيدة (دارلي) من السيد (دارين روتيير) عن قصة حب جمعتهما في مراحل الثانوية منذ سنة 1988، وبعد أن أتمت دراستها الثانوية بنجاح قرر الزوجان إنجاب طفل يؤنس وحدتهما، وهكذا كان حيث ازدان فراشهما بالطفل (ديفون راش) سنة 1989، ثم بعد عامين جاء طفلهما الثاني (دامون كريستيان) سنة 1991 .

عَيْنٌ على البَراءَةِ، وَ عَيْنٌ علىَ الحُقْنةِ السَامَةِ !!
الطفلان ديفون و دامون

في هذه الأثناء كان أغلب المقربين يلمسون ذلك التطور المدهش الذي يحدث في نمط حياة الزوجين الحبيبين، فمن جهة يرى بعض الملاحظين أن السيد (دارين روتيير) مثال للرجل المحظوظ الذي استطاع أن يأسر قلب إمرأة جميلة جدا، و من جهة ثانية يرى آخرون أن السيدة الجميلة (دارلي) لا تقل حظا و سعادة بما أنها استطاعت أن تكسب رجلا بمعنى الكلمة ،رجل ناجح في أعماله بارع في صفقاته ، تلك المتعلقة بمجالات التقنيات و بكل ما له صلة بأنظمة الحواسيب في أوج ظهورالكمبيوتر زمن التسعينيات .

عَيْنٌ على البَراءَةِ، وَ عَيْنٌ علىَ الحُقْنةِ السَامَةِ !!
كانوا عائلة سعيدة

والحال أن العائلة المكونة من زوجين و ثلاثة أبناء مع ولادة الطفل الأصغر (دراك) فيما بعد سنة 1995، كانت مدركة لوضعها الإجتماعي الجديد فقررت تغيير الأجواء حيث انتقلت للإقامة في منزل فخم بمدينة (روليت) بولاية تكساس نفسها بمنطقة يسكنها الأثرياء تسمى (دالروك هايت)، يركبون السيارات الفاخرة و يقتنون الملابس الباهظة و ينتقون الموجوهرات الغالية كالتي تناسب المكانة المرموقة التي أصبح عليها الزوجان .

ثم فجأة ما لبثت الأمور تسير عكس المتوقع، بفعل تقلبات السوق والمنافسة التي سببت نكسات مالية متكررة للعائلة و خسارات واجهت الزوج السيد (دارين) في مجالات العمل أثرت بشكل كبير مع توالي الصعاب في علاقته المتينة مع زوجته السيدة الجميلة (دارلي) التي وصفتها الصحافة الأمريكية بالمرأة الأنانية التي تجري فقط وراء مصالحها المادية، بل أثرت هذه التحولات السلبية في نمط و معيشة السيدة (دارلي) حتى في علاقتها مع أطفالها الصغار و كذا أمومتها

عَيْنٌ على البَراءَةِ، وَ عَيْنٌ علىَ الحُقْنةِ السَامَةِ !!
دارلي مع مولودها الثالث .. الناجي من القتل

بدأ هذا بصفة خاصة بالموازاة مع إنجاب بطلة قضيتنا لطفلها الثالث (دراك) سنة 1995، وهو للغرابة الإبن الذي سيكتب له النجاة من الجريمة كما سنرى فيما بعد، وهكذا أصيبت السيدة (دارلي) بأعراض مرضية عصبية و نفسية تزامنت مع فترة الحمل فضلا عن الوزن الزائد الذي داهم جسدها و ظهور أشياء غير مرغوبة على وجهها الفاتن و كلام الناس..
كل هذه الأمور و غيرها كانت وراء تلميحات السيدة الجميلة (دارلي) لزوجها تارة و تارة أخرى لبعض المقربين برغبتها في الإنتحار و مغادرة الحياة ، هكذا يقولون .

في ليلة يوم 6 يونيوحزيران سنة 1996 على الساعة الثانية و النصف صباحا، توصل هاتف الشرطة بمكالمة من طرف السيدة (دارلي) مفادها، تعرض منزل العائلة لهجوم من طرف شخص مجهول أدى إلى مقتل الطفل (ديفون) 6 سنوات و الطفل (دامون) 5 سنوات طعنا بسكين من الحجم الكبير، و إصابة الأم السيدة (دارلي) بطعنات في العنق لم تكن مميتة.
حسب إفادات الزوج السيد (دارين) أمام المحققين فإنه كان نائما في الطابق العلوي مع إبنه الأصغر(دراك) الذي نجا لحسن الحظ،، فسمع الزوج صراخ زوجته التي تركها قبل ساعة من الزمن مع طفليه الآخرين يشاهدون التلفاز في الطابق السفلي، نزل السلالم جريا حيث وجد عائلته على الأرض مضرجة بالدماء، ومن ثم شرع في محاولات يائسات منه لإسعاف ما يمكن إسعافه و إنقاذ ولديه دون جدوى.

عَيْنٌ على البَراءَةِ، وَ عَيْنٌ علىَ الحُقْنةِ السَامَةِ !!
دارلي بعد تعرضها للهجوم ” حسب زعمها “

وحسب إفادات الزوجة السيدة (دارلي) التي تم إنقاذها، فإن شخصا ما يرتدي قبعة البايزيول إقتحم المنزل ربما من أجل السرقة أو محاولة الاغتصاب و حين فطن له الصغار عالجهم بطعنات السكين الذي أخذه من مطبخ البيت بينما هي نائمة بجانبه طفليها أمام التلفاز، فاستفاقت على وقع الصراخ و التأوهات، حاولت صد المهاجم لكنه عالجها هي الأخرى بطعنة سكين ومن ثم فر هاربا نحو المرآب، هكذا قالت.

حسب إفادات (المحققين) أنفسهم أمام المحكمة فإن البصمات الوحيدة التي وجدت على مسرح الجريمة تعود إما للسيدة (دارلي) أو لأطفالها ، كما أن الدماء التي على ملابس الهالكين هي للأم( دارلي) و ليست لشخص آخر، كما و من المستحيل أن يكون هنالك شخص ما على مسرح الجريمة دون أن يترك أثرا بالمرة ، كما هو حال كلب الحراسة لدى العائلة المفجوعة الذي لم يبد أي موقف ولم يصدر عنه النباح إعلانا عن وجود غرباء بشهادة معظم الجيران.

في نفس الاتجاه ذهبت شهادة (الممرضات) حين قلن، إن الأم (دارلي) لم تبد المشاعر التي تلائم الوضع و لم يبدو عليها الحزن أو شيء من هذا القبيل.
فيما ذهبت إفادات (هيئة الدفاع) عن السيدة (دارلي) في إتجاه مغاير حين قرر المحامون أمام المحكمة إن زوج السيدة المتهمة وهو في نفس الوقت أب الضحايا ، السيد (دارين روتيير) هو المستفيد الأوحد، الأول والأخير من مقتل أبنائه، بما أنه سبق و وضع بوليصة تأمين عن الأضرار أو المخاطر التي يمكن أن تصيب عائلته والغاية من ذلك حسب الدفاع هي إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خسائر مالية جسيمة…

عَيْنٌ على البَراءَةِ، وَ عَيْنٌ علىَ الحُقْنةِ السَامَةِ !!
كانت تبدو سعيدة في حفلة ميلاد ابنها المتوفى

أغرب ما في القضية هو قيام السيدة الجميلة (دارلي) بعد أسبوع فقط من الجريمة بمعية بعض أقاربها بتنظيم حفل عيد ميلاد لأحد أبنائها القتلى بداخل المقبرة التي دفنوا فيها، و ملامح الفرح والسرور بادية على وجوه الأم و الحاضرين، وقد سجلت السيدة (دارلي) وقائع الحفل بالصوت و الصورة، والفيديو موجود على موقع يوتيوب ..
وعن سؤال أمام المحكمة حول سبب قيامها بالإحتفال ،جاءت أجوبتها مبهمة و غير مقنعة البته لهيئة المحلفين، في حين ذهبت بعض الآراء إلى التأكيد على أن ذلك التصرف الغريب الذي قامت به في المقبرة بمعية بعض الناس أغضب الرأي العام و الصحافة و لم يترك مجالا لتعاطف هيئة المحلفين فعجل بإدانتها، هكذا قالوا.

عَيْنٌ على البَراءَةِ، وَ عَيْنٌ علىَ الحُقْنةِ السَامَةِ !!
تم إلقاء الفبض على السيدة دارلي روتييه

ثم بعد حوالي خمسة عشر يوما من وقوع الجريمة تم الإعلان رسميا من طرف الإدعاء العام الجنائي عن إلقاء القبض على السيدة (دارلي روتييه)، زوجة السيد (دارين روتييه)، بتهمة قتل كل من (دوفون روش) و (دامون كريستيان) مع سبق الإضمار و الترصد وبعد محاكمة طويلة أثارت الرأي العام المحلي والعالمي صدر قرار المحكمة ضد السيدة بالإدانة و استحقاق عقوبة الإعدام بواسطة الحقنة السامة، عن قتل الطفل الأوسط (دامون كليستيان) و عدم مؤاخذتها عن قتل الطفل الأكبر (دوفون روش) بسبب عدم كفاية الأدلة 

عَيْنٌ على البَراءَةِ، وَ عَيْنٌ علىَ الحُقْنةِ السَامَةِ !!
دارلي بعد سنين من سجنها .. مازال أثر الجرح واضحا في رقبتها

إلى حدود ساعاتنا هذه مازالت الأم (المتهمة) أو الأم (المدانة) قابعة تنتظر مصيرها في أحد ممرات الموت بسجن مدينة (روليت)، مازالت الأم متمسكة ببراءتها،وهو نفس الموقف الذي يسانده الكثير من المواطنين في ولاية تكساس من بين اولئك الذين يناهضون عقوبة الإعدام.

المصادر :

wikipedia _Darlie_Routier –

death-row-inmate-darlie-routier-thoughtco.com –

youtube.com/watch?v=3g_OPKvDgpU –

تاريخ النشر : 2018-04-17

guest
71 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى