اساطير وخرافاتكشكول

غابة خشب الحديد

 السلام عليكم إخوتي محبي موقع كابوس ، كما تعلمون ، أنا أخوكم عبد الله مهووس جدا بثقافة الجرمان كما أخبرتكم سابقا . وقد قرأت شيئا أدهشني حقا وأردت مشاركته معكم وهو Járnviðr أو (غابة خشب الحديد) .

غابة خشب الحديد

وفقا للأساطير الإسكندنافية ، فإن غابة خشب الحديد تقع في أقصى شرق مدكارد (عالم البشر في الأساطير الإسكندنافية – عالمنا)  . ويعيش فيها نساء مخلوقات ترول Troll ، وأيضا الذئاب العملاقة ( المستذئبين) . ومنهم الذئب هاتي ابن فنرير وأخ سكول وحفيد لوكي . وهو الذئب الذي يلحق بالإله ماني Máni (وهو الإله الذي يجر عربة القمر) لكي يبتلع القمر ويغرق العالم في ظلام أبدي دامس .. هو وأخوه سكول الذي يلحق بالإلهة سول Sól (وهي الإلهة التي تجر عربة الشمس) . وذلك لكي يبتلع الشمس ويغرق العالم ليس فقط في ظلام أبدي دامس ، بل وفي شتاء أبدي قارس . وحين ينجحان في هذه ستبدأ راكناروك معركة نهاية العالم بين الخير والشر .

blank
غابة خشب الحديد : مرتع المخلوقات الأسطورية
إقرأ أيضا : الكتاب الملعون الحلقة 11 – غابة الظلام

والآن سوف أذكر بعض الاقتباسات عن هذه الغابة من الأساطير الإسكندنافية :

1- في إيدا الشعرية وبالتحديد في Völuspá 40 ، يُذكر أنه في أقصى شرق الغابة نشأ نسل فنرير ، وكان أحدهم ذو شكل وحشي فاعتبر خاطف القمر . بعدها عاشت والدة فنرير انغربودا Angrboða بالمنطقة إلى أن أصبحت عجوزا حسب ما ترويه الأساطير .

2 – في إيدا النثرية يقتبس الشاعر الوثني سنوري سترلسون المقطع السابق ويوسعه وبالتحديد في Gylfaginning 12. “تسكن ساحرة إلى أقصى الشرق من مدكارد ، في الغابة المسماة Járnviðr وفيها يسكن نساء الترول* . هناك تحمل (تحبل) الساحرة العجوز العديد من العمالقة ليكونوا أبنائها ، وكلهم على شكل ذئاب (مستذئبين) . ومن هذا المكان نمت هذه السلالة ، ومن بينهم سيأتي واحد يكون أقوى الأقوياء ، يُدعى هاتي . يتغذى من لحوم كل هؤلاء الرجال الذين يموتون (المستذئبين) ويبتلع القمر” .

blank
المستذئبون
إقرأ أيضا : بابا ياجا : ساحرة الغابة المرعبة

علاقة الغابة بقوم يأجوج أو مأجوج

أعزائي القراء ألا تذكركم هذه الغابة بشيء ما؟ ، وبالتحديد في سورة الكهف؟ ، فقد قال تعالى :

(حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا (90) كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا (91) ثم أتبع سببا (92) حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا (93) قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا (94)) .


فقد قلنا أن غابة خشب الحديد تقع في أقصى شرق العالم والآية تقول (حتى إذا بلغ مطلع الشمس) والكل يعلم أن الشمس تطلع من الشرق . فهل هذه صدفة؟ أو ربما لا! .

علماء الجغرافيا ورسامي الخرائط القدماء أكدوا وجود هذه الأرض . ففي خريطة الشريف الإدريسي ، رُسمت أرض يأجوج ومأجوج في الزاوية الشمالية الشرقية (ما وراء شمال شرق آسيا) .

كما تُظهر بعض خرائط العالم الأوروبي في العصور الوسطى أيضًا موقع أراضي يأجوج ومأجوج في أقصى شمال شرق آسيا (والركن الشمالي الشرقي من العالم) .

حسنا .. إذا افترضنا أنها هي نفس الأرض لكن هذه لا يعني أنهم نفس القوم . لأن يأجوج ومأجوج بشر ، بينما سكان هذه الغابة مستذئبون ، فهل من مبرر لهذا؟.

الإجابة هي نعم ، ” قال النبي صلى الله عليه وسلم أن يأجوج ومأجوج عراض الوجوه ، صغار العيون ، صهب الشغاف (شعر أسود فيه حمرة) ومن كل حدب ينسلون ، كأن وجوههم المجان المطرقة” *.

حسنا إذن أين تكمن العلاقة بين يأجوج ومأجوج والمستذئبين؟! . سأقول لكم بأن هذه العلاقة ليست سوى صفة مبالغة تعبيرية ، إذ ليس بالضرورة أن يكونوا مستذئبين حرفيا بل أخلاقيا مثل العدوانية والتوحش وأكل لحوم البشر! .

blank
هل سكن يأجوج ومأجوج هذه الغابة؟

إذ أنه هناك الكثير من الشائعات القوية التي تأكد أن يأجوج ومأجوج آكلوا لحوم البشر ، وهناك دليل منطقي قوي يدل على هذا ، وهو كثرة عددهم . فعند خروجهم يمرون على بحيرة طبرية ، فإذا مَرَّ أوائل يأجوج ومأجوج شربوا ماء البحيرة كله حتى جففوا البحيرة عن آخرها ! . فإذا جاء أواخر يأجوج ومأجوج ومروا على البحيرة قالوا : لقد كان بهذه مرة ماء! وهم لا يعلمون أن أوائل هاتين الأمتين هي التي جففت البحيرة من مائها وهذه طبعا من كثرة عددهم .

إقرأ أيضا : غابة هويا المسكونة : الداخل إليها مفقود!

إذن لو قسمت الأرض لعشرة قطع لأخذوا تسعة أجزاء منها ولأخذ باقي الناس واحد فقط ، لأنه من كل 1000 شخص في العالم يكون 999 منهم والباقي من الشعوب الأخرى.
والآن سوف تقولون ما علاقة أعدادهم الكبيرة بكونهم من آكلي لحوم البشر؟ . سأقول لكم فكروا بالمنطق ، هم عددهم ضعف البشر ألف مرة تقريبا . وهم في أرض لا نعلم حجمها ومساحتها ولا نعلم طقسها ومناخها . محبوسون بها غير قادرين على الخروج منها .

وربما تكون أرضهم صغيرة وحتى وإن كانت أكبر مقارنة بأراضي العالم المعروفة . ولكن هذا لا يعني أنها تستطيع استيعابهم بوفرة . فربما هم متكدسون ومحتكون ببعضهم و مزدحمون أكثر من الهند واليابان .

ماذا عن طقسهم ومناخهم ؟ ، هل لديهم ما يكفي من الأراضي الزراعية؟ ، أو ما يكفي من مصادر للمياه؟ . أو ما يكفي من الحيوانات؟ .

أظن أن الإجابة هي لا ، لأنه كما قلنا في الحديث أعلاه أن أوائلهم يشربون بحيرة بأكملها فلا يتبقى منها حتى قطرة لأواخرهم . وهذا يدل على افتقراهم للماء . لذا أنا لا أستبعد أن لديهم نقصا في الطعام أيضا . وليس من الغريب أنهم يأكلون لحم بعضهم البعض ، كي يعيشوا ولا يموتوا جوعا  بسبب الجفاف والقحط والمجاعة وعدم الإكتفاء لكثرة أفرادهم .

ختاما

أخبروني ما رأيكم بهذه الغابة؟ ، وهل توجد علاقة بينها وبين سد يأجوج ومأجوج؟ .

ملاحظات

1 – لمن لا يعرف ما هي مخلوقات ترول Troll ، فإنها كائنات في الأساطير النوردية والفلكلور الإسكندنافي تسكن في الصخور المعزولة والجبال والكهوف . وهي تعيش معا في وحدات عائلية صغيرة ، ونادرا ما تساعد البشر أو تكون مفيدة لهم . حيث يعيشون بعيدا عن مساكن البشر وهم قبيحون شكلا ومظهرا وبطيئو الفهم والإستيعاب . وكلمة ترول قد تعني لغة الشيطان أو العفريت أو المستذئب أو الساحر .

2 – المجن هو الترس ، وتشبيه وجوههم بالترس بسبب بسطها وتدويرها ، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها .

ملاحظة : جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس . لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي أو المرئي للمقال المنشور دون إذن مكتوب من إدارة الموقع . وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .

guest
8 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى