أشباح و ارواح

غريس براون : شبح البحيرة الحزين

بقلم : اياد العطار
للتواصل : [email protected]

غريس براون : شبح البحيرة الحزين
ما قصة الشبح الحزين الذي يطوف البحيرة ..

– “هل ستتزوجني حقا ؟” .. نظرت غريس إلى جانب السرير حيث يقف حبيبها تشيستر جيليت يرتدي ملابسه.

– ” بالطبع حبيبتي , سنتزوج قريبا جدا” قال وهو يكمم أزرار قميصه ثم صمت لبرهة قصيرة قبل أن يتابع قائلا : “أنا بحاجة لبعض الوقت فقط لأرتب أموري”.

– “أنت تقول هذا الكلام منذ أشهر”. قالت غريس بضيق وهي ترفع رأسها عن المخدة ثم تستوي جالسة على حافة السرير وتتابع بنبرة يشوبها الرجاء : “أنا لم أكن ألح عليك كثيرا في السابق , لكن أرجوك قدر ظروفي”.

– “أكيد حبيبتي , لا تقلقي أبدا , زواجنا مسألة وقت فقط , لا أدري لماذا أنت مستعجلة هكذا؟!”.

– “لماذا أنا مستعجلة !” .. قالت بمرارة بينما وقف هو أمام المرآة يسرح شعره غير مبالي , وأردفت بحنق : “هناك طفل ينمو في أحشائي , قريبا سيكون ذلك واضحا للجميع . ماذا سأقول للناس ؟ . ماذا سأقول لعائلتي . أمي وأبي كيف سأنظر في عينيهما ؟ كيف سأخبرهما؟” .. قالت بأسى ثم انخرطت في البكاء.

– “أوه حبيبتي” قال وهو يجلس إلى جوارها ويحتضنها : “لم أكن لأخذلك أبدا , أنها مسألة أيام فقط” , ثم طبع قبلة حارة على شفتيها قبل أن يستوي واقفا من جديد ليضع قبعته على رأسه ويغادر الحجرة على عجل , أما هي فقد عادت لتتمدد على السرير ويدها تتحسس بطنها وعيناها الواسعتان الجميلتان ترنوان عبر النافذة المفتوحة , وسرعان ما سرحت إلى حيث تلك المزرعة الخضراء التي قدمت منها أول مرة , وإلى ذلك الكوخ الجميل الذي نشأت وترعرعت بين جنباته الوادعة , ولاح لها وجه أمها الحنون على صفحة غمامة بيضاء تلوح بعيدا في الأفق , فتمتمت مع نفسها بأسى : “هل سأكون أنا السبب في كسر فؤادها ؟ .. أرجوك يا ربي خذ روحي قبل أن تجعلني سببا في حزنها وعذابها”.

ولندع غريس المسكينة تكفكف دموعها وحيدة في حجرة ذلك الفندق البائس , ولنمضي مع حبيبها تشيستر الذي ما أن تركها حتى توجه إلى منزل عمه الثري الواقع في أحد أرقى أحياء المدينة.

– “أسمها هارييت يا عمي , وأبوها السيد بندكيت , من أعيان وأثرياء المدينة , أظنك تعرفه؟” قال تشيستر وهو يضع قبعته بين يديه ويجلس باستكانة أمام مكتب عمه السيد جيليت.

– “تريد أن تتزوجها؟” تساءل عمه من دون أن يرفع رأسه , إذ كان منكبا على قراءة بعض الأوراق المتناثرة فوق مكتبه.

– “نعم يا عماه , هناك علاقة حب تجمعني وإياها , وزواجي منها متوقف على قدومك معي لخطبتها من والدها” قال تشيستر بنبرة متوسلة.

– “وماذا سأقول لأبيها؟” صاح عمه محتدا ثم رفع رأسه ونظر شزرا إلى أبن أخيه : “هل أقول له بأني جئت أطلب يد كريمتك المصون إلى أبن أخي الماجن الداعر!”.

– “أرجوك عمي , لا تسيء الظن بي” قال تشيستر وقد امتقع لونه.

– “أنا أسيء الظن بك! أم هي سيرتك القذرة التي أصبحت على كل لسان”.

– “أقسم لك يا عمي بأني سأتغير” قال تشيستر وهو يطأطأ رأسه نحو الأرض غير قادر على النظر في عيون عمه.

– “سنرى .. سنرى” ردد عمه متأففا ثم أنكب مجددا على الأوراق فوق مكتبه وهو يقول : “سأراقبك لمدة شهرين , لو فعلا عدلت من سلوك وأصبحت رجلا محترما جديرا بأسم عائلة جيليت فسأذهب معك لخطبة الفتاة”.

– “سأفعل يا عماه وسترى” قال تشيستر بحماس وغبطة ثم استأذن ونهض ليغادر لكن عمه تداركه قائلا : “تذكر بأني سأراقبك جيدا , وأي فضيحة جديدة ستجعلني أتبرأ منك إلى الأبد”.

– “سأكون عند حسن ظنك , أعدك بذلك” قال تشيستر وهو يهم بالخروج , وسرعان ما غادر المنزل وقفل عائدا إلى مصنع عمه حيث يعمل مديرا هناك , وفي الطريق راح يفكر في كلام عمه , وتذكر غريس والطفل النامي في أحشاءها , فأصابه ضيق شديد وتمتم مع نفسه قائلا : “ماذا سأفعل معها ؟ أرجوا أن لا تسبب لي فضيحة”.

فتاة حالمة

غريس براون : شبح البحيرة الحزين
غريس براون

في منزل ريفي بسيط تحيط به حقول القمح الذهبية وأشجار الصنوبر دائمة الخضراء ولدت غريس بروان عام 1886 , كان والدها مزارعا ناجحا , لكن غريس أحبت حياة المدينة , وحالما بلغت الثامنة عشر من عمرها غادرت المزرعة لتعيش مع أختها المتزوجة في مدينة كورتلاند بولاية نيويورك , وهناك عثرت على وظيفة في مصنع لخياطة التنورات النسائية.

غريس كانت تنتمي إلى نوع خاص من الفتيات , لا أقول ساذجة , بل حالمة , وبعض الأحلام قاتلة , خصوصا عندما تكون منفصلة عن الواقع ومبنية على أوهام الشعراء وترهات الروايات الرومانسية , وهي أمور كانت غريس مولعة بها إلى أبعد الحدود. كانت تتطلع إلى فارس الأحلام الذي سيأتي على صهوة جواده الأبيض ليأخذها إلى عالم وردي سرمدي. ولسوء حظها لم يكن ذلك الفارس سوى تشيستر جيليت , الشاب الرياضي الوسيم الذي يعمل مديرا في مصنع عمه , مصنع التنورات النسائية الذي تعمل فيه غريس أيضا , وهناك التقيا وسرعان ما أوقعها في حبائله فسلمته قلبها رغم تحذيرات زميلاتها من أنه شاب لعوب وزير نساء. لكن تلك التحذيرات لم تنفع , كانت غريس غارقة في أوهامها , كانت تعيش أجواء الروايات التي أفنت نصف عمرها القصير في قراءتها , ولم تكن لتسمح أبدا لشيء ليحول بينها وبين أن تكون هي بطلة الرواية هذه المرة.

غريس براون : شبح البحيرة الحزين
تشيستر جيليت

أما تشيستر , ذلك الثعلب الماكر, فقد أدرك سريعا طبيعة فريسته فراح يتلاعب بها ذات اليمين وذات الشمال , وسرعان ما استدرجها بكلامه المعسول إلى الغرف المؤجرة في الفنادق مستبيحا جسدها بعدما أستباح قلبها وعقلها . وما هي إلا شهور قليلة حتى بانت علامات الحمل على غريس.

وفي تلك الأيام الغابرة , قبل ما يزيد على القرن من الزمان , لم يكن لنساء الغرب نفس القدر من الحرية التي يرفلن بها اليوم , لم يكن المجتمع متسامحا مع النساء اللواتي يقمن علاقة جنسية خارج أطار الزواج . وكانت الفتاة التي تحمل بغير زواج تعد عارا على عائلتها . وهذا في الحقيقة كان أكبر مخاوف غريس , أن تصبح لطخة عار في جبين والديها , فراحت تتوسل تشيستر أن يتزوجها حتى يغطي على الفضيحة . لكن تشيستر لم يكن ينوي الزواج منها أبدا , كان عازما على الزواج من هارييت بندكيت , الفتاة الثرية , أما غريس فلم تكن سوى وقت مستقطع للاستمتاع , لكنها تحولت الآن لصداع , وبدأ يضيق ذرعا بإلحاحها المستمر من أجل الزواج , وخشي أن تسبب له فضيحة , فراح يفكر في طريقة للتخلص منها.

في يونيو / حزيران 1906 ذهبت غريس لزيارة أهلها بعد أن حصلت على وعد من تشيستر بأنه سيرتب أموره خلال فترة غيابها لكي يتزوجا . لكن خلال وجودها في مزرعة والدها تسلمت غريس رسائل من صديقاتها يخبرنها بأن تشيستر لا يمضي وقته في ترتيب أموره كما وعدها , وإنما في مواعدة فتيات أخريات , فأستشاطت غضبا وقررت العودة فورا إلى كورتلاند وهي أكثر تصميما على جعل تشيستر يرضخ لها ويتزوجها. لكنه كالعادة طلب بعض الوقت , وأقترح عليها أن يذهبا في رحلة إلى جبال اديرونداك في شمال نيويورك ليريحا أعصابهما المتوترة قليلا , ولمح إلى انه ربما يتزوجها خلال الرحلة , فوافقت على مرافقته.

تشيستر وغريس وصلا إلى اديرونداك يوم 10 يوليو / تموز ونزلا فندقا هناك . وفي عصر اليوم التالي استأجر تشيستر زورقا من رجل أسمه روبرت ماريسون من أجل أن يصطحب غريس في نزهة مائية في بحيرة بيغ موز.

تشيستر جدف بالزورق إلى أعمق نقطة بالبحيرة حيث يصل عمق الماء لأكثر من 70 قدما , هناك توقف وباغت غريس بضربة قوية على رأسها بواسطة مضرب تنس كان قد جلبه معه , ففقدت غريس توازنها وسقطت في الماء , وكان تشيستر يعلم بأنها لا تجيد السباحة , لكنه لم يحرك ساكنا لإنقاذها رغم توسلها طلبا للنجدة , كل ما فعله هو أنه جلس يتأملها بدم بارد وهي تصارع عبثا من اجل حياتها حتى غيبها الماء وابتلعتها البحيرة , وحين تأكد من غرقها جدف عائدا إلى الشاطئ حيث ترك الزورق في بقعة معزولة وقفل عائدا إلى الفندق ليلملم حاجياته ويركب القطار عائدا إلى كورتلاند.

غريس براون : شبح البحيرة الحزين
بحيرة بيغ موز

تشيستر ظن بأنه تخلص من غريس إلى الأبد , وأن الطريق أصبح ممهدا أمامه للزواج من هارييت والفوز بثروتها ..

لكن ربك بالمرصاد .. فقد لفظت البحيرة جثة غريس إلى الشاطئ بعد ساعات من غرقها , وفي المساء , شعر السيد ماريسون بالقلق حين لم يعد تشيستر بزورقه , فخرج برفقة بعض الرجال بحثا عن الزورق , وعثروا عليه متروكا على الشاطئ , وعلى مسافة قريبة منه عثروا على جثة غريس.

تحقيقات الشرطة في ملابسات غرق غريس سرعان ما قادت إلى تشيستر , فتم إلقاء القبض عليه بعد يومين فقط من الحادث . في البداية أنكر أن يكون على معرفة بفتاة أسمها غريس , لكنه عاد أمام الأدلة والشهود ليعترف بأنه خرج فعلا مع غريس في نزهة بالزورق , وزعم بأنها انتحرت بالقفز إلى المياه حينما صارحها بأنه لم يعد يحبها ولن يتزوج منها.

غريس براون : شبح البحيرة الحزين
تعرضت للضرب والقيت إلى المياه

الشرطة لم تصدق مزاعم تشيستر , لأنه حتى لو سلمنا بروايته من أنها قفزت إلى الماء من تلقاء نفسها , فلماذا لم يقفز ورائها وينقذها , خصوصا وهو رياضي وسباح ماهر . كما أن الكدمات على جثة غريس تظهر بوضوح أنها تلقت ضربة قوية على رأسها قبيل سقوطها في الماء .

محاكمة تشيستر نالت اهتماما واسعا من قبل الأعلام والرأي العام , وتقدم الكثيرون للشهادة ضده , قالوا بأنه كان يتلاعب بعواطف غريس , وتحدثوا باستفاضة عن علاقاته الغرامية المتعددة . و مما زاد الطين بلة بالنسبة لتشيستر هو عثور الشرطة على رسائل كانت غريس قد بعثتها إليه , وتمت قراءة مقتطفات من تلك الرسائل في قاعة المحكمة , وكانت الرسالة الأخيرة التي كتبتها غريس قبيل موتها هي الأكثر تأثيرا في النفوس واستدرارا للدموع , حيث كتبت تقول عن عائلتها : 

“اعلم بأني لن أراهم ثانية , وأمي! يا الله كم أحب أمي! لا اعرف ماذا سأفعل بدونها .. أحيانا أفكر لو كان باستطاعتي إخبارها (عن حملي) , لكني لا استطيع , فلديها ما يكفي من هموم , ولا أريد أن أفطر قلبها . لكن لو مت , فربما لن تعلم بحالتي , ولن تغضب مني .. آه كم أتمنى لو أموت”.

غريس براون : شبح البحيرة الحزين
قبر جريس براون

مسكينة غريس براون , كانت تكتب تلك الكلمات وكأن قلبها يعلم بأنها لن ترى أهلها مرة أخرى . تمنت الموت وحصلت عليه , تحررت من الخوف والقلق والترقب , وارتاحت من دنيا ملئها الغدر والخيانة والنفاق. رحلت عن هذا العالم وهي في ريعان الشباب لم تتم عامها العشرون بعد , ماتت قتيلة , ليس لأنها فتاة سيئة , بل لأنها يمامة بيضاء في عالم يعج بالجوارح المفترسة والقلوب المتحجرة التي تعتبر العاطفة سذجا والطيبة ضعفا والمشاعر الصادقة عارا. أما تشيستر , ذلك الشاب الأحمق , فلا أعلم ما الذي كان سيخسره لو تزوج منها , ولا أدري كيف طاوعه قلبه أن يقتلها ويقتل طفله النامي في أحشائها , ويقتل نفسه معهما , فمحاكمته لم تستمر لأكثر من ثلاثة أسابيع , وأتى قرار أدانته سريعا وقاطعا من قبل هيئة المحلفين , فنال حكما بالإعدام عن جدارة , ورفض القاضي جميع التماسات الرحمة , وتم تنفيذ الحكم يوم 30 مارس / آذار 1908 بواسطة الكرسي الكهربائي.

مأساة غريس براون أثارت ضجة كبرى في وقتها وسلطت الضوء على معاناة الكثير من الفتيات في ظل ازدواجية نظرة المجتمع إلى العلاقات الجنسية خارج أطار الزواج , ففي حين أن الرجل لا يتلقى أي لوم أو تقريع لمضاجعته ما يشاء عدده من النساء , وقد يتفاخر ويتبجح بذلك علنا , نرى بالمقابل أن المرأة تتعرض للنبذ والتعنيف وقد تصل الأمور إلى القتل.

قصة غريس تركت أثرها أيضا في عالم الأدب والسينما , إذ ظهرت روايات عدة مستلهمة من أحداثها , أشهرها هي رواية الكتاب الأمريكي ثيودور درايزر بعنوان “مأساة أمريكية” والتي تحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائي يحمل نفس الأسم عام 1931 , وأعيد إنتاجها عام 1951 في فيلم آخر يحمل عنوان “مكان في الشمس”.

شبح البحيرة

غريس براون : شبح البحيرة الحزين
شوهد شبحها مرات عديدة عند البحيرة

منذ غرق غريس بروان عام 1906 كانت هناك مشاهدات عديدة لشبحها. العديد من زوار بحيرة موز زعموا بأنهم رأوا الشبح واقفا على متن زورق وسط البحيرة ليسقط بعدها ويختفي في الماء , أي كأنه إعادة لمشهد موت غريس. آخرون قالوا بأنهم شاهدوا الشبح يسير مهموما على شاطئ البحيرة خلال الليل . وهناك أيضا مشاهدات للشبح قرب أكواخ الاستجمام المتناثرة هنا وهناك حول البحيرة. وأكثر ما يميز شبح غريس براون هو إطفائه للأنوار والمصابيح الكهربائية في الأماكن التي يظهر فيها.

واحدة من أشهر المشاهدات وقعت ذات مساء من عام 1988 . حيث توجه أربعة موظفين كانوا في رحلة عمل إلى أحد أكواخ الاستجمام الذي استأجرته شركتهم لهم قرب شاطئ البحيرة. وعندما وصلوا الكوخ كانت الأنوار مطفئة والظلام دامس , وكان مدخل الكوخ عبارة عن سلم يقود إلى شرفة عالية , وقد سبقت موظفة تدعى روندا زملائها فصعدت السلم المؤدي إلى الشرفة من أجل تشغيل أضواء الكوخ , وبينما كانت تبحث عن الأزرار في الظلام شعرت فجأة بوجود شخص ما يقف إلى جوارها , كان إحساسا قويا لكنها لم تشعر بالخوف , بل غمرها شعور طاغي بالحزن. وفي هذه الأثناء كان زملائها الثلاثة قد اقتربوا من الكوخ , وكانت تنتظرهم مفاجأة ليست بالحسبان , فعند المدخل شاهدوا شبح فتاة شابة ترتدي ملابس سوداء قديمة تنزل من شرفة الكوخ وتقف أماهم للحظات قبل أن تتحرك مجددا وتتبدد في الظلام.

في واقعة أخرى قالت امرأة تدعى ليندا ماكين بأنها كانت تقضي عطلتها الصيفية مع عائلتها في أحد أكواخ الاستجمام قرب البحيرة , وذات ليلة شعرت برغبة للخروج لوحدها لتتمشى قليلا بمحاذاة الشاطئ , وكانت تحمل معها مصباحا كهربائيا , وسرعان ما لاحظت شيئا غريبا جدا , فكلما كانت تقترب من شاطئ البحيرة كان ضوء المصباح في يدها يخفت حتى أنطفأ تماما عندما وصلت إلى حافة المياه , فشعرت بالخوف وأرادت أن تعود أدراجها , وما أن استدارت حتى وجدت شبح غريس براون يقف أمامها ويحدق إليها . ليندا قالت بأن إحساسها بالخوف تبدد فورا عند رؤيتها لغريس وحل محله شعور مرير بالحزن , لقد شعرت بأن الشبح حزين جدا , وتسرب جزءا من ذلك الحزن إليها , أستمر الأمر للحظات قبل أن يتحرك الشبح ويتلاشى في الظلام.

ختاما ..

قصة غريس براون مؤثرة بلا شك , وفيها عبرة جليلة , وهي أن لا يضع الإنسان نفسه في موقف ضعف أبدا مهما كان السبب. الأشخاص الأقوياء هم من يضعون العقل دوما قبل العاطفة , ولا يسمحون للآخرين أبدا باستغلالهم وابتزازهم , لأن هذا العالم يعج بأمثال تشيستر , شياطين بهيئة بشر , طفيليون يتلونون بألف هيئة وصورة حتى يصلون لمبتغاهم ويحققون مرادهم من دون أن يتحملوا أي مسئولية تجاه ضحاياهم أو يشعروا بأي تعاطف نحوهم . أما بالنسبة للحب .. فأقول ملعون أبو الحب الذي يجعل الإنسان ذليلا وأسيرا لرغبات ونزوات الآخرين , برأيي أن أعيش ألف سنة خالي القلب والبال خير من أن أعيش ساعة واحدة محل غريس براون أو في مكان الشاعر الذي قال :

يا من هواه اعزه وأذلني ** كيف السبيل إلى وصالك دلني

أنت الذي حلفتني وحلفت لي ** وحلفت إنك لا تخون فخنتني

و حلفت إنك لا تميل مع الهوى ** أين اليمين وأين ما عاهدتني

واصلتني حتى ملكت حشاشتي ** ورجعت من بعد الوصال هجرتني

لما ملكت قياد سري بالهوى ** وعلمت أني عاشق لك خنتني

لأقعدن على الطريق فأشتكي ** فأقول مظلوم وأنت ظلمتني

المصادر :

Murder of Grace Brown
Grace Brown: Big Moose Lake’s Ghost
Murder of Grace Brown
The Ghost of Grace Brown

تاريخ النشر : 2017-09-04

guest
102 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى