أدب الرعب والعام

فوضى الحياة

بقلم : Iron fist – Con -lan
للتواصل : [email protected]

فوضى الحياة
لم يكمل جملته بعد حتى انهالت عليه رجال الشرطة بقبضاتهم الحديديّة وأخذته مرغماً مصدوماً 

في شارع بارد و مظلم ليس به إلّا أصوات الهواء البارد و حفيف أوراق الأشجار المتطايرة كان عليّ عائداً للبيت من عمله متأخّراً لا يأبه لما تحويه هذه الظلمات من أسرار

علي مهندس حاسبات مجتهد لكن دارت به الدنيا وضربته على ما يؤلمه فلم يجد وظيفة ملائمة ، فعمل في شركة للحاسبات في مكتبٍ صغير لا يليق بشهادته.. كان حلمه أن يصنع أجهزته الخاصّة ويؤسس شركة ويعرف صيته وأن يلاقي الإحترام.

علي : تبّاً لقد نسيت معطفي ، سأعود للشركة لم أبتعد كثيراً 

عند باب الشركة

علي : أين أنت يا أحمد ؟

أحمد كان الشرطيّ الذي يحرس الشركة والذي كانت له علاقة طيّبة مع علي فهما يتحدّثان دائماً ويتناقلان الأخبار ولكنه اختفى بعدما عاد علي للشركة …..

علي : ربّما هو في مَكَانٍ ما هنا فالشركة كبيرة

أخذ علي معطفه من مكتبه وعاد للبيت متجاهلاً اختفاء أحمد ظنّاً منه أنّه يلهو في مكان ما أو كان يجلس في الحمام فماذا يمكن ان يفعل غير ذلك ؟ عاد علي للبيت ونظر للمرآة ، نظر إلى ما أصبح عليه كان شاباً وسيماً تتمنّاه كل فتاة والآن فلا ترى منه إلّا علامات السهر والتعب .
بدّل ملابسه وأعدّ عشاؤه ، شطيرة لحم وكوب شاي ، غلبه النعاس وذهب إلى فراشه مستلقياً ينظر إلى السقف، بدء شريط ذكرياته يعود به إلى أيّام الدراسة في كلية الحاسبات وتذكّر أصدقائه ورفقتهم له … علي محدثاً نفسه :” لكن أين انتم ؟ لم أراكم منذ زمن ،”  لقد اختفوا وقال ساخراً: “حتّى أحمد هرب مني واختفى . “

في الصباح الباكر، تناول إفطاره وذهب إلى الشركة، روتين مزعج لكن لابدّ منه. وصل إلى الشركة وكانت هادئة وشبه فارغة مع وجود أشرطة صفراء كانت تطوق مكتب علي. فجأة خرج منها محقق وخلفه مساعده ورجال الشرطة .

علي: يا ألهي….! ما الذي يحدث هنا ؟ 

ذهب علي وسئل احد العاملين في الشركة ليجيبه: لقد وجدوا جثة الحارس المسكين …

-احمد…! ولكن كيف …..؟ صرخ علي 

سمعه المحقق وذهب اليه وقال:أتعرفه ؟

ردّ علي: أجل كان صديقاً لي 

المحقق: ومتى رأيته آخر مرّة ؟

علي :البارحة حينما خرجت من الشركة كان موجوداً ولكن عندما عدت لم أجده

المحقق: ولَم يودّ شخصٌ أن يعود لمكان عمله بعد انتهائه

علي : لقد نسيت معطفي فالجو بارد ولا يمكن الإستغناء عنه ، فلمّا وصلت لم أجد أحمد ظننت أنّه مشغول في شيء ولا حاجة للبحث عنه .

المحقق: ما الدليل على ذلك ؟

علي : حقاً ..! قالها مغتاضاً 

المحقق: حسناً فلنتفقد كاميرات المراقبة .

ذهب إلى غرفة الحراسة والتي كانت تعج بالاجهزة الأمنية وشاشات متّصلة بالكاميرات ، ولكن الغريب أنّ الحارس كالمعتاد يتفقّد ممرّات الشركة. عندها دخل إلى مكتب علي ولَم يخرج بعدها. أتى علي ودخل الغرفة وخرج مع المعطف ولكن لا أثر لأحمد 

المحقق : كيف ستبرر هذا…..! 

علي : ولكن ….. لم يكمل جملته بعد حتى انهالت عليه رجال الشرطة بقبضاتهم الحديديّة واخذته مرغماً مصدوماً جرّاء ما شاهده.

علي مكملاً : لكن كان المكتب فارغاً 

لم يسمعه أحد ….. 

يصل علي إلى مركز الشرطة ويلقى به في زنزانة أشبه بقفص الطيور .

علي: تباً … ليتني بحثت عنه البارحة فلربما كنت سأعرف ماذا حصل أو ربّما كنت سأنقذه كان الامر سينتهي على خير لو أنّني فقط بحثت عنه .

لكن…..! كيف كان بمكتبي ولَم أراه ،.. مهلاً، هل يعقل ان احدهم عبث بالكاميرات
فأنا متأكد من ان المكتب فارغ حينها . كان علي سارحاً بتفكيره. أتى المحقق وسحبه إلى غرفة التحقيق 
يجلس علي وأمامه منضدة بيضاء داخل غرفة بيضاء كأنّه في عالم آخر يختلف كلياً عما نراه ، يدخل المحقّق والذي لم نعرفكم عنه (المحقق سنبل) ..له تاريخ حافل بالإنجازات على مدى سنين طويلة وهو يحلّ أصعب القضايا رغم صغر سنّه الذي يناهزالثلاثينيات من العمر ، يمكن أن نقول أنّ سنبل شابّ مجتهد ومكافح أيضاً وذلك لما استطاع فعله في أصعب القضايا في حين لم يستطع زملائه الأكبر سنّاً وخبرة منافسته . حينما ترى أنّ المحقّق سنبل تولّى قضيّة علي قد تعتقد أنّه في أيدٍ أمينة لكن سنبل كحال زملائه يجب أن يستند على الأدلة والوقائع لا على ما يقوله قلبه . فعلي الآن بنظره المتهمّ الأوّل 

المحقق: علي …. أهذا اسمك ؟

علي : نعم لكن قبل ان تسألني أي سؤال، يجب أن تعرف أنّ أحمد صديقي الوحيد في الشركة من المستحيل أن أؤذيه كما أنّ المكتب كان فارغاً حينما أخذت معطفي .

المحقق : حتّى لو كنت أخاه ابن أمه فلا أستطيع أن أصدّقك فكّل الادلّة تشير على أنّك …… 

علي صارخاً : أيّ أدلّة هذه !!!!

المحقق: حسناً ..وجدنا الجثة في مكتبك كما وجدت آثار طعن بالقلم منتشرة في جسمه وأصابته واحدة منها في الحنجرة كانت هي التي صرعته مخضّباً بدمه 

علي : وما علاقتي بهذا حتّى وإن كان في مكتبي هذا لا يعني شيئاً 

المحقق : حسناً..اسمك منقوش على القلم ومن خلال بحث توصلت أنّ هذا القلم يحمله كل من يعمل في الشركة في جيب قميصه العلوي.. فلماذا قلمك يستقرّ في رقبة الضحية ولا أراه في جيبك يا هذا….!

علي مستشيطاً: لماذا …. تنظر إليّ هكذا هل تعتقد أنّي قتلته ؟ إنّه صديقي . اوووف..
أنا لا آخذ أشيائي من المكتب أتركها هناك لكي لا أنسى شيئاً في البيت حاله كحال الملفّات وباج الدخول إلى الأماكن المخصّصة للموظفين .

المحقق: إذاً والكاميرات ؟

علي : هنا تقع المشكلة فالتصوير مختلف عما حصل ، أنا لم أَجِد أي شيء والمكتب كان مرتّباً كما تركته من قبل ..صدقني 

المحقق : أتقول أنّ هنالك أحدهم عبث بالكاميرات ليوقع بك !

علي : لا أدري فهذا كلّ ما أعرفه ، ربّما… رأى أنّي الشخص المثالي ليوقع به.

المحقق: هذا يعني انه يعرفك وكان يراقبك ربّما شخصٌ يمقتك يعمل معك !

علي : ليست لديّ أيّ عداوات فأنا أبتعد عن الممازحة وتقوية روابطي مع الموظفين .الرابط الوحيد الذي يجمعنا هو العمل

المحقق: هنالك شيء يحيرني لماذا يقتل الحارس ؟ ولماذا لم يسرق شيئاً ؟ بماذا كان يفكر ؟؟ ،ماذا يريد ؟

-هل لأحمد أيّ عداوات خارج أو داخل الشركة ؟

علي : لا أدري 

المحقق: أي صديق أنت !..لا تعرف عن صديقك شيئاً .

علي : كانت علاقتي معه محصورة في الشركة لا أراه خارجها وكان طيّباً مع الموظفين 
لكنه أحياناً ينزعج من تصرّفات بعض الموظفين تجاهه من عدم احترام ولامبالاة 

المحقق سنبل : حسناً … أنتهينا 

علي : جيّد.. فلدي أعمال مكتبية كثيرة 

المحقق ساخراً: إلى أين تذهب ؟؟ ليس بهذه السرعة انتهى الإستجواب ..لم ننتهي منك !

علي : اتمازحني ….!
هذا كل ما اعرفه .

المحقق : اخرس..سأعود بعد قليل يجب أن أتأكّد من صحّة كلامك .

جلس عليّ ساعات وساعات ، أخذ بضع لفّات في الغرفة 

“أين هذا المحقق اللّعين” قالها مغتاظاً 

فجأة دخل المحقق وقال : من تقصد باللعين ؟ .. مصدوم هاااه ؟ كما توقعتك، كنّا نراك ونسمعك أيها المعتوه لقد حلّلت كل التفاصيل وطلبت من خبراء الحاسوب أن يجد اذا ما كان هناك خلل او أنّ احدهم عبث بشيء ولم يجدوا شيئاً ، أيّها القاتل كنت تريد أن تخدعني .

علي :لكن كيف … دعني ألقي نظرة على الحواسيب أرجوك 

المحقق : ولماذا

علي: لأني على يقين أنّ هناك خطأ 

المحقق ساخراً : هؤلاء خبراء حواسيب مهمّين وأذكياء لم يجدوا أي خلل وانت تجده ؟؟

علي : أنا مهندس حاسبات إن كنت لا تعلم .

-طلبك مستحيل … لا يمكن للمتهمين أن يعودوا لمكان الجريمة خوفاً من أن يزيّفوا الحقائق. ردّ المحقّق

علي : أرجوك حتى لو كان الفيديو فقط 

المحقق : حسناً لنر ماذا ستفعل 

– أحضر نسخة من الفيديو .. قالها لأحد العاملين لدى الشرطة .

وأخذ علي يطالع عدّة مرّات يسرّع الفيديو ويبطئه عدّة مرّات حتّى أصاب المحقّق الملل 
نظر علي للوقت كان مختلفاً فعند دخول احمد كانت الساعة ١٢:٠٠ في منتصف الليل 
وكانت لقطة اخذ علي للمعطف ساعة ١١:٣٠ أي أنّ الفرق نصف ساعة وأيضاً كانت هنالك ضلال تخرج من المكتب تدلّ على وجود شخصان وذلك بعد دخول علي ليتمّ تأكيد انّ علي أحدهما. 

فجأة….! يحدث صراع بين الاثنان ويقطع الفيديو ليخرج علي مع تغير طفيف لمنظر المكتب يبدو منها انه رتبه لكن الوقت هو دليل ساحق على أن القاتل عبث بالفيديو .

المحقق : لماذا لم تنتبهوا الى الوقت !!!! مجموعة من الحمقى .. يبدو أن حظك جيد فأنّني تحمّست للقضية أكثر ولكن لن تخرج الآن . فأرتدى المحقّق سنبل قبّعته السوادء وخرج تاركاً علي مرتاباً خائفاً فهل ستضربه الدنيا كما فعلت سابقاً وتتركه يائساً مدمراً ؟

ذهب المحقق إلى بيته. أخذ قيلولة وذهب للمقهى فأشعل سيجارة وأخذ يرتشف تارة قهوة وتارة دخان سجائره، يفكّر …فإذا بعينيه تلمع وينفث دخانه من ابتسامة واثقة ويذهب الى مركز الشرطة ويعلن تبرأة علي من الجريمة ونشر في الصحيفة عن القضية وأنّه وجد أنّ احدهم عبث بكاميرات المراقبة ولن يطول الأمر حتى يجد القاتل .أخذ علي يتشكّر المحقق لكونه صدّقه ولَم يدمر حياته.. لكن لا نتوقف هنا … فالمحقق سنبل ينوي على شيء …! فلماذا برأيك عزيزي القارئ، يودّ أحدهم أن ينشر قضيّة لم تحلّ بعد ،ستتوضّح لك الأمور قريباً 

في ليلة باردة شبيهةٍ بغيرها ينطلق أحدهم يمشي بسرعة متلفتاً يميناً ويساراً كأنّه مراقب أو يظنّ ذلك. يقف هذا الشخص أمام بناية معروفة. أجل..! إنّها شركة الحاسبات نفسها يشعل سيجارته ، ويندفع بهمّة ويدخل البناية ويدخل إلى موقع الجريمة ويأخذ يتفحّص كلّ شيء بواسطة مصباحه. هنا قد تظنّ أنّه .. المحقق … او علي.. يحاول ان يستنتج شيئاً لكنه في الحقيقة، إنه القاتل أتى بعد سماعه بالخبر في الجريدة وعرف أن خطة إيقاع شخص آخر بائت في الفشل وهو يحاول إيجاد أخطائه لكي يخفيها. حينها كان المحقق يعتمر قبعته السوداء ويشرب قهوته في غرفة الحراسة أمام شاشات الموصلة بالكاميرا التي يراقب بها القاتل. حينما انتهى القاتل من بحثه تأكّد أنه لم يترك دليلاً بعدها رأى أنّ الكاميرات ما زالت تعمل … 
حينها اتسعت عيناه فقد عرف مدى غبائه فقد وقع بالفخ ..! فذهب إلى غرفة الحارس بهدوء .
كان المحقق يراه مع كل خطوة فأخذ يختبئ خلف الباب حاملاً مسدسه منتظراً قدومه. وقف القاتل أمام الباب من جهته الثانية ينظر من ثقب المفتاح.. لم يرى شيئاً لكنّه طرق الباب مدّعياً أنّه محقّق آخر وأخذ يضحك ويقول: ظننتك للحظة أنك القاتل يا سنبل .. لكن سنبل بقي صامتاً . فظنّ القاتل أن لا أحد يوجد هنا. فدخل الغبيّ وإذا بالمحقّق يحكم على رقبته بيد وحاملاً المسدس بيد وصاح به: ألقي بسلاحك أرضاً .. وقبض عليه ونزع القناع 

المحقق : من أنت ؟

المجرم: لا أستطيع أن أخبرك غير أنه أنا القاتل بنفسه.

المحقق : جيّد …. كان هذا سهلاً ، واتصل بالشرطة 

المجرم: لا تكن متسرعاً ….! وإذا به يخرج كبسولة مخبّئة في أحد أسنانه. ما إن ابتلعها حتّى اخذ يرتجفف بقوة كأنّه مصاب بالصرع وأخذ فمه يسيل بسائل أبيض .. ومات !

كان المحقق ينظر اليه ويقول لنفسه : “يبدو أنّي قد تسرّعت حقاً فالأمر أكبر ممّا ظننت ، هذا الانتحار هو تقنية ، ليست أحد تقنيات القتلة والمجرمين فهم أدنى من ذلك..إنّما هي تقنية العملاء السريين والقتلة المأجورين ! لكن ماذا يستفيدون من قتله ؟ فأذا كان ينوي شيئاً فسيقتل مدير الشركة لا حارسها ، هذه ليست عمليّة سرقة معلومات لا ربما هذا تحذير لمدير الشركة
عجيب لم أرى مدير الشركة مطلقاً منذ وقوع الحادثة .

أتت الشرطة وأخذت الجثة وطابقته مع المطلوبين للعدالة وفحصت DNA فهناك سجل كامل عن الساكنين في المنطقة مع تحاليل الDNA خاصتهم فالعالم تطوّر وأصبحت التحاليل هي كهوية الشخص أو البصمة لكلّ شخص خاصّته ، أو ربّما يتطابق مع شخص من عائلته وذلك سيقرّب من إيجاد هوية هذا الشخص . لكن .. لا فائدة فهذا القاتل كالشبح لا توجد له هوية او صلات عائلية

المحقّق : كما توقّعت قتلة مأجورين هؤلاء منذ ولادتهم يتدرّبون على القتل ويعزلون عن العالم الخارجي ولا توجد لهم صلات او هويات فمعظمهم اجانب . يجب أن أرى المدير .. ذهب المحقّق إلى علي وسأله عن مسكن مدير الشركة

علي : كان عليك أن تنتظر الصباح فالوقت متأخر هذا ليس لائقاً كما أنني متعب من العمل فقد انتقل عملي للبيت منذ الحادثة ولا يمكنني أن أؤجله بحجّة انتهاء الدوام ….ااااه ، أتريد أن تشرب شيئاً 

المحقق: مع أنني لا أستطيع الانتظار لكن لامانع لديّ من شرب بعض القهوة .

– حسناً … هنالك المطبخ والقهوة على مرأى العين ، تصبح على خير.. قالها علي متثائباً 

المحقق: مهلاً الن تشاركني … حسناً .. وهو يبتسم : نوماً هنيئاً

أتى الصباح واستيقظ علي ليجد المحقق سنبل نائماً على الكرسي فاتحاً فمه ويشخر. أعدّ علي الفطور وأيقظ المحقق وتناولا الفطور 

المحقق: كان هذا لذيذً ، أريد ان أعتذر لأسلوبي السابق معك فهذا عملي . 

علي : لا عليك فأنا لا أحمل أي ضغينة وأنت كنت تريد أن تأخذ بحق صديقي أنا أقدّر هذا … 

المحقق: هل لي ان اسألك سؤالاً؟

-تفضل

– ماذا تعرف عن مديرك ؟

– ليس كثيراً فهو يسافر دوما ويرسل أوامره من خلال الإيميل 

– إذاً هو ليس موجود منذ الحادثة

-أجل لكن أتى بعدها 

– حسنا فلنذهب له 

ذهبا الإثنان إلى بيت المدير والذي يدعى سالم. سالم : المحقق سنبل … تفضل أهلاً وسهلاً 

جلس الاثنان مع المدير 

سالم : هل هذا مساعدك ؟

علي : لا أستاذ أنا موظف عندكم 

سالم : وماذا تفعل مع المحقق ؟

علي: أرادني أن أدلّه عليك استاذ 

المحقق : سيّد سالم لما تضايقه ؟ إنسى الأمر وركّز على ما أقوله لك : أعتقد أنّ حادثة قتل الحارس هي تحذير لك يا سالم فهل لديك أمر تودّ الحديث عنه !

سالم : هاااه … ! تحذير هل تعني أنني التالي ؟

المحقق: أنت أعلم يا سيد سالم ، فهل فعلت شيئاً يسبّب لك هذا ؟

سالم : أتلقّى التهديدات من شركات أخرى لكنّها ليست بالقتل بل بالخسارة والفشل لكن منذ فترة هناك حسابات مجهولة تهدّدني بالقتل لم أهتمّ لها فأنا عادةً مسافر وأتمتّع بالحماية القصوى .

علي : لماذا لم تتبع هذه الحسابات يا استاذ ؟ فلدينا في الشركة عباقرة ولهم خبرة في اختراق الحسابات 

سالم : ما دمت محمياً فلماذا أقلق نفسي في هذه الحسابات ؟

علي : لكن استاذ راح فيها الحارس المسكين
سالم: اهمم .. صحيح يجب أن نجد حرّاس أفضل 
فتطايرات الشرارات من عينا علي بسبب أنانية مدير الشركة لكن المحقق سنبل سارع في قطع أفكار علي التي يودّ ان يفجّرها في وجه هذا الأبله وقال: أتعني انّه ليس لديك فكرة عن القاتل ؟

– طبعاً لا… أتظنّ أنّي قد أبقى ساكناً عندما أعرف هذا الشخص الذي يودّ قتلي ؟

خرج علي وسنبل من منزل المدير الأشبه بالفيلا والذي كان يعجّ بالكاميرات والحراس الشخصيين .

علي: هذا المعتوه لا يبالي بشيء يهمّه ماله وأمانه وحده 

المحقق: دعني أوصلك للمنزل 

ذهب المحقق بعد أن أوصل علي لمنزله، إلى قسم الشرطة ليستمع إلى جهاز التنصّت الذي زرعه داخل منزل المدير وإذا به يسمع المدير يتحدث مع شخص ويقول : لماذا أتى هذا المحقق اللعين إلى منزلي ؟ أنت السبب فأصلح الامر….! وهذا اللعين ما زال حياً.

المحقق: أنت السبب .. ؟ تبااااً ….. ومن الذي ما زال حياً ؟

لأول مرة يشعر سنبل بعجزه لإيجاد تفسير لما يحدث ، فالأمور قد اختلطت عليه وأخذ هذا السؤال يدور في رأسه: هل المدير مُستَهدَف أم مُسَّتهدِف..؟ أخذ المحقق يتتبّع اتّصالات سالم ويراقبه عن بعد لكن لا توجد أدلّة كافية لأتهامه. بعد يوم طويل يعود المحقق إلى منزله الذي كان يهجره أيّام حيث كان ينام في مكتب التحقيقات، سنبل يعيش وحده بعد أن كانت له تجارب عاطفيّة كثيرة تنتهي بالانفصال لاهتمامه التامّ بعمله، لا يعرف لم قرّر العودة للمنزل ؟ ربما يحتاج لبعض السكينة والاطمئنان والقليل من الدفئ . ينام سنبل على فراشه وسط ظلامها …
فجأة..! يسمع شخصاً قد دخل الى المنزل ويسمع خطواته من خلال صرير الأرضيّة الخشبيّة فيحمل مسدسه ويختبئ تحت سريره بهدوء. حينها دخل هذا الشخص بثبات وثقة ليجد أن سنبل قد اختفى ويعود أدراجه لكن قبل ان يخرج اتصل وسكت 
فخاطبه شخص آخر بالهاتف : هل قتلته..!

ردّ الدخيل: لا ياسيدي أنا لم اجده اصلاً 

وقطع الاتصال وأخذ يفكر أن سنبل قد أختبئ وهو يلتفت فيجد سنبل أمامه وبلكمة توسّطت وجهه _أي على الأنف مباشرة_ يفقد الدخيل وعيه. يستيقظ ويجد نفسه في مكان يشبه المخزن معلّقاً من يديه بالسقف ويأتي سنبل بسيجارته نازلاً من الدرج .

الدخيل : أين أنا ؟

المحقق: حقاً؟ .. لقد اتيت الى هنا على رجليك ونسيت ؟

الدخيل : اتركني وإلا ستندم 

المحقق : صحيح …سأندم فلربما أقتلك وليس لك ذنب .

الدخيل: ماذا تريد ؟

المحقق: من أرسلك؟ وبمن اتصلت البارحة؟ 

الدخيل : لا اعرف شيئاً

ذهب المحقق وأحضر مضرب البيسبول. فوجد الهاتف ملقياً على الأرض لكن لا أسماء ولا أرقام ، دخل ورمى الهاتف على رأس الدخيل و يتملّكه الغضب : تكلم..! تكلم بسرعة ..!
وإلّا .. وضربه على بطنه بالمضرب 

تكلم ..

الدخيل : لااه .. أستطيع 

واستمر المحقق بضربه وسؤاله حتى اتصل عليه زملائه في المكتب فابتسم الدخيل وفمه مملوء بالدماء لكن يبتسم المحقق بدوره ويقول : أنا متعب لن آتي اليوم 

ويُصدم الدخيل ويعرف أن هذا المحقق هو وحش … وقد ظهر حينما وجد ضحيته 

وأخذ المحقق يضربه في كل مكان في الأضلع، البطن، الظهر ، فتكسّرت عظامه وأخذ يبكي ويسيل دمه مختلطاً مع دموعه.

المحقق : أنستمر ؟ .. أم لديك شئ تقوله لي ؟

الدخيل : نعم ..لكن بشرط أن تحمي عائلتي

المحقق : لك هذا 

الدخيل : أنا أعمل لدى السيّد سالم مدير شركة الحاسبات وقد أمرني أن أقتلك 

المحقق : إذاً .. سالم ! وماذا يريد من قتلي ؟

الدخيل : لم يقل لي … لكن ..أرجوك فكّ قيدي 

– حسناً .. 

الدخيل : سمعته أيضا يكلّم شخصاً عن قتل شخص يدعى علي لأنّه يستطيع أن يتغلب على شركات سالم بالمستقبل نظراً لشهادته وكدّه في العمل ، فأستأجر قاتلاً مأجوراً لكي يتتبّع علي ويقتله لكن علي عاد أدراجه ودخل الى الشركة وخرج منها بمعطفه لكن القاتل قد تاه في الشركة ، وسط ظلامها اضاع هدفه وبقي حتّى رأى الحارس يدخل إلى مكتب علي وقتله معتقداً أنّه علي وفبرك التصوير بعدما عرف أنّه قد أخطئ وخرج … أليس هذه هي القضية التي تعمل عليها؟ .. هذا كل ما اعرفه.
هنا اتّضحت كل الأمور ، وأخذت الصور تتشكّل في رأسه وأخرج هذا الدخيل لمركز الشرطة هو وعائلته حيث الأمان وذهب وحاصر منزل السيد سالم وأخذه لمكتب التحقيق وطلب منه الإعتراف. فجأة، يدخل خمسة محامين لكن عند تشغيل التسجيل الذي فيه اعتراف الدخيل يعمّ الصمت و تدخل الحيرة إلى عقول المحققين فيسجن سالم إلى حين قرار المحكمة .

يذهب سنبل الى علي ليخبره أنّ القضية انحلت وانتهى الأمر. حينما يصل ، يجد أن الباب مفتوح فيدخل ليشاهد علي مذبوحاً ورأسه على طاولة الطعام …. يخرج من المنزل وينادي بجهازه عن أفراد الشرطة ولكنه لن يحقّق في الامر فهو يعرف القاتل مسبقاً إنّه سالم فهو يستطيع أن يتحكم بالعالم حتّى لو كان خارجه وله أيضاً تعاملات مع المافيا والتي بدورها لها علاقات سياسية ..فيمكن أن نستنتج أنّ سالم قد ثبّت جذوره ولن يزحزه أحد ، وحكم عليه بالسجن لخمس سنوات كما أنّه سيتمّ تخفيض الحكم بعد الرشاوي و بحجّة حسن تصرفه في السجن سيخرج خلال سنة .

هنا يجلس سنبل يدخن سيجارته يتذكّر أحداث القضية بعد سنة. فينفث دخانه وإذا برصاصة تخترق رأسه فيسقط طريحاً ولا يزال الدخان في فمه. فيخرج ببطء مصاحباً للدماء.

ويقف خلفه رجال يتوسّطهم سالم مقهقها: محقّق غبي يود اللّعب معي … !

-من يود البيتزا أنا جائع ؟؟ …..

———————-تمت———

تاريخ النشر : 2019-02-02

guest
13 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى