أدب الرعب والعام

في غرفتي جني !

بقلم : كريم وليد – مصر
للتواصل : [email protected]

في غرفتي جني !
فعكس نور الشاشة ملامح وجهه

أغلقت الكتاب .. نظرت إلى اللابتوب المفتوح .. الكاميرا لا تزال تسجل كل شيء أفعله .. ترى هل أمسح هذا المقطع؟ أم أتركه ليراه أبي فيصدق بأنني في يوم ما حاولت ..!.. نعم حاولت .. حاولت أن اسمع كلامه لكن اعذرني أيها الغالي .. أنا ابن الآي فون و الفيس بوك و المسنجر .. ابن اللاب توب و الوايرلس و النت .. لا ترغمني على أن أعيش جيلك .. دعني أعيش جيلي ..

رميت برأسي للخلف .. يا الله .. كيف أقتل هذا الملل؟ و قررت أن أغمض عيني وجدت نفسي أنام {القصة لحد هنا عادية الرعب هيبدا اهوه} ..

فتحت عيني على بعض النور المتسلل من النافذة .. يا الله .. كم مر من الوقت؟ ترى هل نمت كثيرا؟ نظرت للساعة .. إنها السادسة صباحا .. إذا نمت خمس ساعات !!

رفعت رقبتي قليلا .. نظرت إلى حيث جهاز اللاب توب .. الشاشة سوداء ! لا بد أن برنامج حافظة الشاشة قد عمل لوحده !.. رفعت جسدي الخدر .. نهضت .. سرت فنمى إلى مسامعي صوت الصرير المزعج من الأرضية الخشبية .. عبست .. مددت يدي إلى جهاز اللاب توب .. فتحته .. فوجدته مغلق تماما .. من الذي أغلقه ؟!.. لا أذكر أنني لمسته قبل أن أنام !! فكرت قليلا .. ثم راح استنتاجي إلى أنه ربما يكون قد برمج نفسه لوحده في عملية تحديث تلقائية مما استوجب اغلاق الجهاز؟ و لكن أليس من المفترض أن يعيد تشغيل نفسه؟ غريب هذا اللاب توب ..! ما أمره اليوم؟

دخلت على ملفات الفيديو .. تلفزيون الواقع الخاص بي والذي يسجل كل حركاتي .. و كالعادة أردت أن أرى شكلي كيف كان وأنا نائم .. آه كم أحب أن أضحك على شكلي و أنا نائم و انا اشاهد الفيديو استوقفنى شيء فقد شاهدت ظل طويل كان يمشي في داخل غرفتي

هناك ظل شخص كان يسير خارج الغرفة !!.. نعم ظل شخص .. ظل طويل .. شخص ما كان يسير في بيتنا !!.. والوقت؟ كم الوقت !.. يا إلهي .!.. إنها الرابعة إلا ربع فجرا !؟ كيف ؟؟ و آنا الذي قفلت الأبواب و لم أترك منفذا للدخول إلى بيتنا الكبير؟ كيف و أرضية بيتنا الخشبية تفضح كل من يسير عليها بصوت صريرها المرتفع وسط الهدوء التام في أرجاء البيت ؟! كيف دخل هذا الشخص؟ و ماذا كان يفعل؟ هل سرقنا؟ هل سرق شيء من بيتنا؟ حمدا لله أنه لم يصبني بأذى .. لا بد أنه رآني لأن باب الغرفة كان مفتوحا ..! يا الله .. أحمد الله أنني تركت الكاميرا تعمل لأرى هذا اللص اللعين الذي اقتحم بيتنا و استغل نومي الثقيل .

والآن يجب أن أذهب لتفقد البيت .. سأرى إن كان سرق شيئا أن أتلف شيء لأبلغ الشرطة بأسرع وقت ..

و قبل أن أبتعد عن جهاز اللاب توب لأهرول خارجا من الغرفة .. استوقفني شيء .. لقد عاد الظل مرة أخرى .. عاد و مر من أمام باب الغرفة مرة أخرى ..!! و لكن .. ! لماذا؟ لماذا عاد؟ ما هذا ؟؟ ماذا يفعل؟ إنه يقف أمام باب الغرفة .. ظله الطويل يمتد إلى داخل الغرفة فيقع على وجهي المغطى بالكتاب .. ماذا؟ إنه يراقبني و أنا نائم؟ لماذا؟ يا إلهي !! كيف حدث كل هذا و أنا نائم لا أعلم عن شيء .. إنه يقترب .. يقترب أكثر .. يا الله !! الظل يقترب .. يتحول الظل إلى أقدام .. الأقدام تدخل الغرفة .. تكشف عن قدمين طويلتين .. بنطال أسود .. رجل طويل القامة .. يرتدي زيا أسود .. وجهه مظلم لا يبين في ظلام الغرفة .. اقترب من سريري .. اقترب مني .. وقف ينظر لي .. لماذا؟ كيف؟ من أين أتى ؟ وقف و استمر بالوقوف استغربت خفت و أنا كنت أغرق في نوم عميق شعرت بأن الوضع قد طال .. فرحت أحرك شريط الفيديو و أطوف الوقت لأرى المدة .. ساعة و نص،

فجأة .. التفت إلى حيث جهاز اللاب توب .. يبدو انه انتبه له .. اقترب .. و اقترب اكثر .. بهدوء و بطء يثير الرهبة .. اقترب .. و فجأة انحنى .. و أطل في الكاميرا .. فعكس نور الشاشة ملامح وجهه .. ولكن .. لالالالالالالالا .. ما هذا ؟ إنه رجل بلا وجه .. بلا ملامح .. وجهه عبارة عن كتلة من الجلد بلا عين ولا أنف ولا فم ولا شيء !!.. كيف؟ هل هو قناع؟ .. ماهذا يا الله ؟ كيف ؟ و لماذا ؟

أوقفت الصورة بسرعة .. ركزت في وجهه .. هل هذا قناع؟ يا ناس .. يا عالم .. ليجيبني أحد !! .. هل يرتدي هذا الرجل قناع أم ماذا؟ مستحيل أن يكون هذا وجهه .. ما هذا؟ ما هذا المخلوق؟ من أين أتى ؟

ثم فجأة .. توقف التسجيل هنا .. عند هذه اللقطة .. عند اقتراب وجهه المخيف من الكاميرا .. رجل بلا وجه !! كان في بيتنا !! وقف ساعة و نصف يراقبني نائما .. ثم لا اعرف اين ذهب؟ يا إلهي؟ هل يعقل بأن يكون في البيت الآن؟ هلا مازال هنا؟ ذهبت مسرعا نحو باب الخزانة .. فتحته بهدوء وحذر .. أخرجت عصا كنت أخبأها للضروريات .. و قد جاء وقتها .

خرجت أتسلل إلى الممر .. حاملا العصا متأهبا لضرب هذا المخلوق المخيف .. سرت بحذر .. صوت الصرير اللعين على الأرضية يفضحني .. كيف أسكته؟ سرت على اطراف اصابعي .. أخاف أن يشعر هذا الشخص بي .. أخاف ان يكشفني .. أن يتعرض لي و ربما يقتلني .. ما هو؟ ما هذا الشيء؟ كيف دخل ؟ كيف دخل بيتنا كيف؟

سرت .. بحذر و تأهب سرت .. رحت أطوف البيت غرفة غرفة .. شبر شبر .. زاوية زاوية .. و فجأة .. وجدت كل شيء مثل ما هو .. لم يمس منه شيء .. حتى الأبواب .. الشبابيك .. كلها مغلقة باحكام .. من اين اتى هذا الشخص؟ من أين ظهر لي؟ يا الله .. سأجن .. سأجن ..

جاءت الليلة التالية .. لم أنم .. لم أهدأ طوال اليوم،

قضمت أظافري من شدة توتري .. رحت أعض شفتي دون شعور .. القلق يشلني .. التفكير بدأ يزرع صداع يتمدد في رأسي .. و أخيرا اهتديت لفكرة .. سأعيد وضعية الليلة السابقة .. سأتظاهر بالنوم و الكتاب على وجهي .. و الكاميرا تعمل .. تصور كل شيء .. سأرى هل سيأتي الليلة أم لا .. ستقولون عني شجاعا؟ لا .. لست شجاعا.. و لكن يجب أن أعرف .. سأموت خوفا .. و لكن يجب أن أعرف .. ما هذا الشيء و ماذا يريد مني ؟.. و الله الحافظ بإذنه تعالى ..

أتى الليل .. داهمني النعاس .. ولكنني قاومت .. قاومت .. لن أنام .. سأتظاهر بالنوم و لكنني لن أنام .. سأنتظره .. سأنتظره .. كل شيء في مكانه .. كل شيء جاهز .. الكاميرا تعمل .. تصور .. و أنا .. أمثل النوم .. و مر الوقت .. اقتربت الساعة من الثالثة و النصف فجرا .. فجأة .. شعرت بهواء يدخل الغرفة .. يلفح جسدي .. شيء ما دخل للغرفة .. نعم شيء ما .. و شعرت بأوصالي ترتعش .. جسدي ينفض كأنني في ثلاجة متجمدة .. لعنت نفسي و الساعة التي قررت فيها أن أتربص بهذا الشيء المخيف .. ليتني استطيع أن أرفع الكتاب فجأة عن وجهي و أن أنظر له .. أواجهه .. و لكنني أخاف .. نعم خفت .. أحسست بأنني سأتبول على نفسي من شدة الرعب .. داهمني احساس بأن قلبي سيتوقف في أي لحظة .. و فجأة .. حدث ما كنت لا أتوقعه .. شيء ما بارد لامس يدي الممدودة .. شيء ما غريب .. انتفضت .. شعرت بأن هذا الشيء الغريب شعر بانتفاضتي .. فأحسست بلفحة هواء .. ثم وكأن الشيء قد هرب من الغرفة .. انتظرت .. ابتلعت ريقي بصعوبة و انتظرت .. لم احرك ساكنا .. ارتعبت .. ماذا لو رفعت الكتاب الآن و نظرت؟ ماذا لو رفعت الكتاب و وجدته لا يزال قربي؟ لا .. لن ارفع الكتاب .. و لكن إلى متى ؟ مر وقت .. شعرت بأن النور بدأ يتسلل للغرفة،

رفعت يدي .. ازحت الكتاب عن وجهي بهدوء .. و .. نظرت حولي .. لا يوجد أحد .. حسنا .. جيد .. قفزت من السرير وقلبي لا يزال يدق كطبول افريقية هائجة .. اندفعت نحو جهاز اللاب توب .. كان قد انطفأ .. لم استغرب .. توقعت ذلك .. فتحت الجهاز .. دخلت على ملفات الفيديو .. شغلت فيديو التصوير الأخير .. شاهدت .. و ليتني لم أشاهد .. نعم .. لقد عاد هذا الشيء إلى غرفتي .. وقف قرب سريري .. وقف لوقت طويل .. و أنا كنت أتظاهر بالنوم .. و فجأة .. يا الله !!.. فجأة هذا الواقف بهيئة رجل .. تحول إلى شيء نصفه آدمي .. و نصفه الأسفل إلى حيوان .. قدمي حيوان .. نعم .. صدقوني .. نعم حيوان .. و وجهه .. امتد وجهه و خرجت له ملامح .. وجهه تحول إلى شيء غريب لا هو بإنسان ولا هو بحيوان .. و فجأة .. اقترب وجهه مني .. اقترب اكثر و اكثر .. كان ينظر لي .. يتفحصني و أنا نائم .. و فجأة !!.. سال من فمه لعاب مثل لعاب الكلب الذي يوشك أن يعض فريسته .. سال لعابه على يدي .. !!

وهنا انتفض جسدي .. فتراجع .. وهرب فجأة مثلما يهرب الكلب خائفا وخرج من غرفتي .. تراجعت للوراء و أنا أنظر للفيديو .. تراجعت و أنا إلى هذه اللحظة لا أعرف كيف أفسر ما رأيته .. و ما حصل؟ .. تراجعت و وقعت على الأرض عاجزا عن الكلام .. بعد أن تأكدت من أن ليلة البارحة .. كان في غرفتي جني .. صورته كامرتي ..

تاريخ النشر : 2015-09-07

guest
47 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى