من منا لم يحب أو يُعجب بفتاة ؟.
قد يحب الأنسان في حياته مرة واحدة و يستمر حبه حتى النهاية ، ولكن ليس الجميع محظوظ ليستمر حبه حتى النهاية ، دائما هناك من يكون محظوظ وهناك الأكثر حظاً ، و الأكثر حظاً من يعيش الحب مرتين.
لا زلت أتذكر ذلك اليوم و ما زلت أذكر أول لقاء.
كنت خارج من المنزل دون وجهه و صادفت أحد الأصدقاء ، ألقيت عليه التحية وتبادلنا المزاح و أخبرني أنه ذاهب لأحد البيوت حيث توجد فتاة ، أخبرني أنها جميلة أنه معجب بها.
ذهبنا سوياً حيث وقفنا على الباب مترددين هل ندخل أم يوجد والدها بداخل ؛ ثم شجع أحدنا الأخر وقررنا الدخول ، عند دخولنا كانت خارجة من الغرفة ، كانت كالملاك من حسنها و جمالها ، تحدث معها صديقي بينما كنت جامداً في ذهول ذلك الجمال ! ما زلت أذكر تلك الكلمات حينما قالت : أن والدها بداخل و أنها تعد له القهوة.
خرجنا من المنزل دون أن أنطق بكلمة ، لا أعلم هل كان مُقدر لنا اللقاء أم كنت أنا من يفسر كل شيء على طريقته .
أخبرت صديقي أنني أُعجبت بها و أني أريد التحدث معها ، ضحك ثم قال لي مازحاً أنه منذ عدة أشهر و هو يحاول معها ، و لكنها لم تحبه وأنا اليوم رأيتها لن تكون لي مهما حاولت.
لم أخذ كلامه على محمل الجد و تابعنا مسيرنا ثم ذهبنا كل إلى منزله.
مرت الأيام و لم أجد طريقة كي ألقاها ، و بينما كنت أتمشى دون وجهه كالعادة مررت من جانب منزل عمتها و اذا بها مع مجموعة من الفتيات ، دخلت عليهم وجلست بجانبها و بدأت أتحدث معها ، كان حديثنا لدقائق معدودة ثم خرجت وذهبت إلى المنزل ، تكررت لقائتنا فترة أسبوع أو أقل ، ثم أخبرتها أنني معجب بها ، و قالت : أنها أيضاً معجبة بي .
ذهبت إلى المنزل و لم أعد أهتم بلقائها و لم أعد أرى فيها ذلك الجمال الذي رأيته عند لقائنا في المرة الأولى.
مرت الأيام و لم أعد أذهب إلى هناك ، ذهبت في رحله و قضيت فيها ثلاثة أسابيع ثم عدت ، و في اليوم التالي خرجت برفقة أحد الأصدقاء وقررت الذهاب كي أراها.
أذكر أني قلت في نفسي حتى لو انطبقت السماء و الأرض لن أحبها.
لا أعلم ماذا حدث بعد ذلك ، ولكن خلال يومين بدأت استيقظ باكراً و أول ما يخطر على بالي ابتسامتها و حديثها ، كنت في حيرة أمري هل هو الحب أم أنه مجرد إعجاب ؟.
بدأت أتعلق بها يوم بعد يوم و بدأت أعشقها و أدمنت على رؤيتها ، حاولت أن أصارحها عن مدى حبي لها وتعلقي بها وأني أريد الزواج منها ، ولكن كان الخوف دائماً يتملكني لأن لها معجبين كُثر ، لا أعلم كيف أصبح الجميع يعشقها وكان الجميع يرديها زوجة له ؟.
بعد عدة محاولات أخيراً أخبرتها عن مدى حبي لها ، و كانت إجابتها : أنها لا تريد الزواج الأن ، و أن علي الانتظار حتى انتهاء شهر رمضان ، كما قالت للجميع.
صبرت حالي كحال الجميع ، كنت أحبها أكثر من الجميع ، ولكني علمت أنها لن تكون من نصيبي ، بدأت باستفزازها ومضايقتها ولكنها لم تكن تهتم ، كنت الخاسر دائماً أمامها ، حاولت أن اجعلها تكرهني ، تصرفت بتهور وقلت خيراً أن تذكرني بكره أفضل مما أكون منسي بالنسبة لها ، تماديت في تصرفاتي و حاولت الابتعاد ، و كانت دائماً تخذلني قدماي حيث أجد نفسي واقفاً أمام منزلها ، اقترب انتهاء شهر رمضان وحان الوقت كي تخبرني بقرارها ، كنت خائفاً هل ستوافق يا تُرى أم لا ؟.
جاء الموعد وحانت اللحظة عندما دخلت إلى منزلها وجدت شخصين قد سبقوني اليها و تحدثوا معها ، ولكنها لم توافق ، تملكني الخوف من الرفض ولكن شجعت نفسي وتحدث إليها ، قالت لي :
أنها غير موافقة و أنها لا تحبني .
ضحكت و قلت لها : أني كنت أحاول خداعها و أني لا أحبها من الأساس ، لم أذهب و جلست وتحدث ، لم ينتبه أحد إلى عيناي التي كانت تنظر اليها بحسره و لم يشعر أحداً بنبضات قلبي التي تسارعت ، كتمت ما في داخلي حتى خرجت و ذهبت إلى المنتزه ، لا أستطيع وصف ذلك الشعور فقد كان حقاً مؤلم و شعرت أن وجودي في الحياة لا معني له من الأساس ، أذكر أني لم أذق طعم النوم ذلك اليوم ،
ذهبت إلى البقالة واشتريت علبة سجائر ، و منذ ذلك اليوم لم تفارقني السجائر ، عاهدت نفسي أنه مهما حدث لن أذهب كي أراها ، مرات أخرى لم ألتزم بالوعد ، حيث خنت نفسي عندما وجدت نفسي أمام منزلها بعد خمسة أيام لا غير ، لم استطع الابتعاد أكثر من هذا ، تفاجأت حين وجدت الجميع يتحدثون معها مع أنها لا تحب أي واحد منهم .
جلس في هدوء أراقب حديثها وابتسم اذا ابتسمت و أضحك اذا ضحكت ، لم أعد أبالي اذا كانت ستحبني أم لا ، المهم أني أحبها و أراها كل يوم و هذا كافي بالنسبة لي.
يوم بعد يوم أتي في هدوء واذهب في هدوء.
لاحظت تعلقها بأحد الأشخاص ، كنت أعتقد أنه كالجميع لا تحبه ، كان يأتي معي حين أذهب اليها ، لم يكن يحبها ، قال لي : أنها تحبه ، لم أصدق في بداية الأمر حتى رأيت في عينها و طريقه تحدثها معها ، حب لم يظهر على وجهها من قبل ، كان من أكثر الأشخاص المقربين لي ، كنت أشاهد كل شيء يحدث في صمت ولم اجد ما أفعله ، بداء بالإعجاب بها ثم أحبها هو أيضاً ، لم استغرب كيف أحبها ، لم يراها شخص وجلس وتحدث معها ولم يحبها ، كنت اشجعها و أمدحها أمامه ، ثم قرر أن يخطبها ،
تحدث معها فوافقت على الفور ، لم أكون أتوقع أن توافق بهذه السهولة ! أحببتها سراً و رأيتها تضيع مني بكل سهولة ، صرت أتحدث معها دون أن أظهر لها أي نوع من المشاعر ، كتمت ما في داخلي ، أضحك و أتحدث و في داخلي للم لم يشعر به أحد سواي ، حتى صديقي المقرب أخبرته أني لم أعد أهتم بها أو أحبها ، كررها علي مراراً وتكراراً و في كل مرة كنت أقول له : أني لم أعد أبالي بها.
قرر التحدث مع والديها وأنه يريد الزواج منها ، ذهبنا سوياً إلى والده و أخبرناه كي يذهب ويتحدث معهم فوافق والده ، و في ذلك اليوم سافرت بعيد كي لا أسمع خبر الزواج ، غبت يومين ثم عدت و تفاجأت حين أتصل علي وأخبرني أن والديها لم يوافقا على زواجهما ! لا أعلم هل أفرح لأنها لم تتزوج أم أحزن لأنهما لم يوافقا عليه.
اصبحنا نشبه بعض في كل شيء و لم نعد نفترق ، حتى النوم صرنا ننام ونصحو سوياً.
أخبرته فيما بعد أني كنت أكذب عليه وأني لم أنسى حبها لحظة من اللحظات .
لم تمر فترة من الزمن حتى أخبرته أنها لم تعد تحبه.
كان يعتقد أنها غاضبة أو كانت مجبورة على ذلك ، ولكنها عنت كل كلمة قالتها حيث لم تعد تحبه.
صرنا نأتي اليها و نذهب و لم نبالي من تحب أم تكره ، جلست أراقب و أنتظر الفرصة دون إظهار أي مشاعر تجاهها.
مرت الأيام يوم بعد يوم أراقب ، أضحك ، أجاملها ، و في يوم من الأيام جلست بجوارها و كان كالحلم الذي تحقق ، لم أفكر في شيء أو التفت لأي شخص ، كنت أنظر إلى عينيها مباشره و في داخلي الألاف الكلمات ، لم أتحدث و كنت اكتفي بالنظر ، كانت تنظر في عيناي أحياناً ، و أحياناً تنظر إلى الحاضرين ، يوم بعد يوم كنت أشاهد منظر عينيها وأدعو في داخلي : أللهم أجعلها من نصيبي ، قررت التحدث اليها مرة أخرى لعل و عسى أن تلين أو يحدث المستحيل فتوافق ، عندما أخبرتها أني ما زلت أحبها و لم أنساها في يوم من الأيام ، ضحكت ثم قالت ببرود و كأنه يظهر علي عكس ذلك ، واضح أنك ما زلت تحبني ، ثم ذهبت و لم أتحرك من مكاني من شدة الألم ، كيف تقول لي ذلك ، كيف ؟.
خرجت في عقلي مئات التساؤلات التي لم أجد الإجابة عليها ، حاولت أكثر من مرة أن أظهر لها حبي و لكن لم تكن تهتم ، قررت أن أمسك بها و أخبرها أني أحبها للمرة الأخيرة ، و بالفعل أمسكتها و أخبرتها أني جسم بلا روح بدونها ، و أنها أغلى شخص في حياتي ، وأني أحبها حباً لا يعلمه إلا الله وحده.
قالت لي : أني صديق عزيز عليها لا أكثر ، و أنها لا تحبني و لا تريد الزواج مني ، ثم في لحظة غضب قلت لها : أني لن أرجوها أكثر من هذا و أني حتى لو أموت وعلاجي كان رؤيتها أفضل أن أموت ولن أتي كي أراها ، حاولت التحدث معي ولم استمع إلى حديثها ، و ذهبت والحزن والغضب في عيناي ، و في عقلي هل سأصبر ، هل سأتحمل عدم رؤيتها ؟ عزمت على الرحيل ، أني لن أعود اليها مرة أخرى ، ابتعدت و لم أتي كي أراها ، كنت أجد نفسي أمام منزلها و لا أدخل ، أنظر من بعيد ، أسهر الليالي أبكي واشتاق و لا أذهب
، و في يوم من الأيام قررت الذهاب إلى منطقه بعيدة فترة من الزمن ، و عند وصلي إلى تلك المنطقة جاءني خبر زواجها من أحد الأشخاص الذين لم تعرفهم يوم من الأيام ، كان زواج عائلي و وافقت عليه ، عدت إلى البيت في المساء و مات في داخلي الفرح ، مرت الأيام و لم أراها ، اعتقدت أني سأنساها ، و لكن لم تغب عني ذكراها يوم ، و انتظرت طلاقها في يوم من الأيام ، و لكن هذا لم يحدث ، سافرت إلى خارج البلد و قضيت سنة دون أن أعود ، ثم عدت و لم يتغير شيء في داخلي ، أخبروني أنها رُزقت بطفلة ، كنت أقول في داخلي : إنها أبنتي ، و أحببتها دون أن أراها ، حاولت رؤيتها ولم استطيع أن أجد طريقه كي أراها ، ثم أتى عيد الفطر و قررت الذهاب إلى منزلها كي أراها .
ذهبت إلى هناك و دخلت المنزل ، و اذا بها ممسكه بالطفلة في أحضانها ، يا لذلك المنظر ! كم كنت أتمنى أن أكون والدها ! وقفت على باب المنزل و كان الناس يدخلون و يخرجون ، و لا زلت واقف في مكاني انظر اليها ، يا لذلك الشعور ! القيت عليها السلام و قبّلت الطفلة ثم خرجت ، لم استطع أن أفعل أكثر من هذا ، كان الناس يتبادلون التهاني و كنت تائهاً بينهم.
حاولت التعرف على فتيات غيرها و كنت أشبه الجميع بها بابتسامتها ، نظرت عينيها ، أنفها ، طريقتها بالحديث ، حاولت أن أمثل شعور لم أشعر به ، و لكن دائماً أجد نفسي تائهاً في ذكراها ، لا أعلم هل هو مقدّر لي أن أحب غيرها في يوم من الأيام أم لا ؟.
لقد رأيت إعجاب الفتيات بي و منهم من بادرتني واعترفت بحبها ، و لكن لم أحب سواها ، ألهو مع هذه و أضحك مع هذه ، اشغل نفسي و أحاول أن أنسى ، ولكن كل ليلة عندما أفارق الجميع و أوي إلى فراشي كي أنام ، تبدأ الأم الاشتياق والحنين إلى الماضي ، أظل ساهر الليل أشكو حزني لسجارتي التي لا تنطفئ حتى أخر الليل ،
يصبح الصباح لا أعلم متى أخذني النوم أو كيف نامت عيني ، أحياناً عندما تضيق الدنيا بي ولا أجد مكان للراحة أتي بجوار منزلها الذي كنا نجتمع فيه ، يشعرني ذلك المكان بالطمأنينة والراحة ، لا أعلم إلى متى ستستمر هذه الحالة ، و لا أعلم هل أندم على ذلك اليوم الذي التقيتها فيه أم أفرح لأني وجدت فيه حب الحياه ؟ لا زلت أسترق أخبارها من بعيد ، عندما أعلم أنها بخير أشعر بالراحة على أمل لقاء ثاني في الحياة.
و تستمر الحياة.