ألغاز تاريخية

قضايا غامضة بين دهاليز المجهول

بقلم : تقي الدين – الجزائر
للتواصل : [email protected]

قضايا حيرة المحققين وظلت مفتوحة على احتمالات كثيرة
قضايا حيرة المحققين وظلت مفتوحة على احتمالات كثيرة

” المجهول ” إنه ذلك الوحش الخفي الذي يترصد في العتمة ، الإلهام المثالي للكتاب من لافكرافت وصولا لدان براون ، إنه تلك الغيمة التي تمطرنا بتساؤلات نعرف أننا لن نجد لها إجابة لكنها توقظ فينا روح الفضول الخامدة و القصص التي بين يدينا اليوم هي المثال الحي على ذلك .

قضية إختفاء باولين بيكارد

blank
الطفلة باولين بيكارد

بين المنازل التقليدية الصغيرة لقرية ڨواس آلودي الواقعة شمال غرب فرنسا لن تتوقع الكثير من الإثارة فالمكان هادئ و شعور الأمان يغمرك لحظة دخولك بين أسواره لكن قضية باولين بيكارد وضعت ثغرة في ذلك المنطق ..

في أحد أيام أبريل الباردة من عام 1922 خرجت باولين الصغيرة صاحبة العامين و بضعة أشهر لتمرح قليلا قرب منزلها و تستمتع بالهواء النقي لكن و لسوء الحظ فإنها لم تعد مثل نهاية كل يوم الى احضان منزلها الدافئة.

أطلقت الشرطة حملة بحث شارك فيها حوالي مائة وخمسون شخصا و قد غطت حيزا كبيرا ، أكبر بكثير مما قد تسيره فتاة صغيرة لكن دون جديد يذكر لتحوم حول إختفائها عدة نظريات تأرجحت بين ضياعها و موتها من البرد إلى إلتهامها من قبل الحيوانات البرية وصولا حتى للإختطاف حيث إدعى البعض أن عامل تنظيف المداخن الذي يعمل لدى آل بيكارد قد يكون أحد تلك الوحوش البشرية التي تلعب على وتر الثقة قبل القيام بجريمتها ، بينما ذهب آخرون للقول أن عابري السبيل هم من قاموا بذلك فقد وجدوا أن باولين الصغيرة الوحيدة لقمة سائغة .. لكن الشرطة لم تأخذ تلك الشائعات بعين الإعتبار و إستمرت في عملها المعتمد أكثر على الأدلة و البراهين و قد بدا لوهلة أن ذلك جاء بالنتيجة المرجوة فبعد شهر من الإختفاء دقت الشرطة باب آل بيكارد و بين يديهم صورة لفتاة شابهت في ملامحها الصغيرة باولين ، المحققون قالوا أنهم وجدوا الفتاة في بلدة شيبورغ الواقعة على بعد مائتي ميل من مدينة باولين الأم حيث تركتها عجوز مجهولة أمام أحد المحلات و قد تم ترتيب رحلة لها لتعود بين أحضان عائلتها.

العائلة طبعا شعرت بسعادة غامرة لعودة ابنتهم ، لكنها فرحة لم تكتمل كما يقال ، فقد كانت الفتاة التي احضرتها الشرطة بعيدة في تصرفاتها عن إبنتهم المعروفة بالإبتسامة و البشاشة و الحس الإجتماعي ، إذ كانت صامتة ، هادئة و مختلفة بطريقة ما .. لكن مع هذا فإن السيد بيكارد أصر أن هذه هي إبنته و ظن الجميع أن الستار قد أسدل على هذه القضية ، لكن بعد أسبوعين فقط أخذت الأمور منحى آخر ، إذ وجد أحد جيران آل بيكارد من المزارعين خلال عمله جسدا مشوها و مقطعا لفتاة صغيرة و أمام الجثة مجموعة ملابس طابقت تلك التي كانت ترتديها باولين يوم إختفائها ، مباشرة حضرت الشرطة للمكان و بدأوا عملية بحث أخرى أكثر عمقا ليكتشفوا على إثرها رأسا بشريا نهشته الحيوانات البرية لكنه لا يطابق في حجمه رأس فتاة صغيرة حيث كان أكبر من ذلك.

blank
عثروا على جسد صغير قرب منزل الطفلة

تم ارسال العينات لمختبر الشرطة وهناك تم التأكيد على أن الجثة تعود للطفلة باولين دون نشر معلومات دقيقة عن الرأس المقطوع حيث قيل فقط أنه يعود لذكر بالغ.

الناس طبعا لم يقتنعوا بهذا التحول المفاجئ و ظنوا أن الشرطة وضعت الجثة عمدا لإسكات الرأي العام و الحفاظ على سمعتهم ، ورغم الضجة والقيل والقال إلا أن القضية في السجلات إنتهت بشكل رسمي ، وبالنسبة لعائلة بيكارد فقد قاموا بوضع الطفلة التي اعادتها الشرطة لهم على انها ابنتهم في ميتم بعيد عن قريتهم.

كان هناك بضع مشتبه بهم طفوا على السطح بعد إنتهاء القضية ، احدهم بائع مظلات يدعى كارامون ، لكن الشرطة قالت أنه لا توجد أدلة كافية لإدانته. و شخص آخر يدعى إيز مارتن لكنه كان مختلا و لم يؤخذ كلامه على محمل الجد ..

لتبقى هناك عدة أسئلة دون إجابة :

– هل ماتت باولين حقا أم أن العائلة إرتكبت خطئا فادحا ؟
– و إن ماتت فمن هي شبيهتها ؟
– و لمن يعود الرأس المقطوع الذي وجد في عملية البحث ؟
– و هل كانت الشرطة متواطئة حقا ؟

إختفاء قارب سارة جونز

blank
القارب الصغير وبحارته الخمسة

على ساحل جزيرة ماوي إحدى جزر هاواي الخلابة و في يوم من أيام فبراير المشمسة الربيعية التي تغري النفوس للسباحة قرر الأصدقاء الخمسة سكوت مورمان ، بنجامين كالامان ، بيتر هانشر ، باتريك روزنر و رالف مالاآركيني الخروج في رحلة صيد على قارب صغير يدعى ( سارة جونز ) بمحرك ذو قوة 85 حصانا.

بداية الرحلة كانت كما يقولون ” إبحارا سلسا ” لكن بعد ساعتين فقط باغتتهم الطبيعة الإستوائية متقلبة المزاج بعاصفة قوية جعلت الأمواج ترتقي حتى علو أربعين مترا و في لحظة دخل البحارة بين براثن المياه المالحة و لم يخرجوا منها قط ، عمليات البحث كانت حثيثة و إستعملت فيها فرق الغطاسين الخاصة لكن بعد تغطية أكبر مساحة ممكنة دون الوصول لشيء أعتبر الرجال الخمسة متوفين رسميا و أقيم لهم نصب تذكاري تزوره عائلاتهم كل عام.

هدأت النفوس و إنقشعت غيوم الأحزان لمدة عقد من الزمان قبل أن تظهر القضية على الرادار مجددا ، فعلى بعد 2200 ميل من موقع أختفاء القارب و تحديدا في جزيرة مارشال غير المأهولة لمح أحد رجال الإنقاذ الذي كان يقوم بمهمة روتينية لصالح منظمة الحياة البرية ما بدا له كأنه قارب سارة جونز ، فقرر الدنو أكثر من الحطام لتتأكد مخاوفه بل و ليصدم بمشهد أغرب مما تخيله ، فعلى الشاطيء صنع أحدهم من الخشب المتناثر من الحطام قبر بشاهد مهيب على شكل صليب نصبت فوقه جمجمة بشرية و نثرت فوق الصرح بضع أوراق مبعثرة.

مجددا إنطلقت عملية بحث على طول مساحة الجزيرة و أخذت الجمجمة للمختبر للقيام بتحليل عليها دون المساس بالقبر خشية تدنيس حرمته و مرة أخرى عادت فرق البحث خالية الوفاض لكن نتائج المختبر كانت صادمة فالجمجمة وجد أنها تعود للصياد سكوت مورمان ليغلق باب و يفتح باب آخر :

– إذا كان هناك ناجون دفنوا سكوت فأين إختفوا و لماذا كانت طريقة الدفن غير إعتيادية ؟
– و إن كانت جثة سكوت قد لفظتها مياه البحر فمن دفنها ؟
– و لماذا لم يظهر القارب و القبر في الأعوام السابقة التي قامت فبها فرق البحث بعملياتها الروتينية ؟
– هل توجد قبائل على الجزيرة تعيش مختفية بين الأشجار و الجبال ؟

لغز جثة الخزان

blank
رسم تخيلي للرجل إعتمادا على نتائج المختبر

في يوم 13 أبريل من عام 1977 عادت عائلة مكلاود لمنزلها القديم في مدينة صغيرة في مقاطعة ألبيرتا بكندا للبحث عن مضخة خزان كانوا قد نسوا أخذها معهم عند إنتقالهم ، الإبنة الصغيرة للعائلة و بحماس ركضت تجاه الخزان مستبقة الجميع ببرائتها الطفولية لكنها صعقت لحظة فتحه بمنظر جثة متحللة تطفو داخله لتتحول رحلة إسترجاعهم الصغيرة لحادثة مأساوية.

حضرت الشرطة على الفور و قامت بإفراغ الخزان من الماء و نقل الجثة للمختبر و هناك ظهرت عدة إكتشافات محيرة فالجثة التي كشف أنها تعود لذكر يتراوح عمره بين 26 و 40 عاما كانت قد رشت بمحلول يساعد بتسريع عمليه التحلل كما أن تشريح الجثة كشف عن وجود آثار تعذيب مختلفة و حرق بالسجائر في مناطق متعددة من الجسم إضافة لآثار إعتداء جنسي لتنتهي تلك المجزرة برصاصتين إخترقت إحداهما الرأس بينما إستقرت الأخرى في الصدر ليكون ذلك المزيج البشع دليلا واضحا على جريمة قتل عنيفة دون أي خيوط أو دلائل.

محققو الشرطة قاموا بنشر رسم تخيلي للرجل إعتمادا على نتائج المختبر و نشره للعامة و قد عززوا ذلك بسجل أسنان لعلهم يصلون لشيء عن هوية الرجل لكن دون جدوى ، ملامح الضحية كانت أقرب للسكان الأمريكيين الأصليين فشعره كان أسودا كثيفا و بشرته نحاسية إضافة لعينين ضيقتين قليلا و قد أثارت هذه الملامح عند البعض فرضية قتله من قبل جماعة من المتطرفين أو العنصريين ، لكن دون دلائل فإنها تبقى مجرد نظرية تطرح بعدها عديد التساؤلات :

– فمن هو هذا الرجل المجهول ؟
– و من قاتله ؟
– و لماذا قتل بتلك الطريقة ؟

مقتل صاحب محل الغيسل إيزادور فينغ

blank
كان مهاجرا بولنديا

إيزادور فينغ كان مهاجرا بولنديا مثله مثل العديد من المهاجرين الأوروبيين الذين غادروا الى الولايات المتحدة بحثا عن الحلم الأمريكي و لفترة وجيزة فإنه قد وجد ذلك الحلم بعد ان إفتتح محل غسيل ملابس في مدينة نيويورك و أسماه ” محل غسيل الشارع الخامس ” كما أنه وجد شقة بجوار المحل مباشرة و لفترة بدت حياته طبيعية لكن كان للقدر رأي آخر و سجل إسم إيزادور في تاريخ الجرائم التي ستبقى بدون حل.

في التاسع من مارس عام 1929 أغلق إيزا المحل بعد نهاية يوم عمله و عاد للمنزل ليأخذ قسطه من الراحة لكن و بعد خمسة عشر دقيقة فقط سمعت جارته صوت صراع و شجار قادم من منزله فإستدعت شرطي دورية كان يعمل في الحي و لسوء حظ كليهما فإن منزل السيد فينغ كان موصدا من الداخل تماما و المنفذ الوحيد للدخول كان نافذة صغيرة فوق الباب.

إستُنجد بفتى صغير للدخول عبرها و فتح الباب من الداخل لكن الوقت كان قد تأخر فالشرطة عثرت على إيزادور جثة هامدة و قد أطلقت على يده اليسرى رصاصة شطرتها نصفين كما إخترقت صدره رصاصتين بدا أنهما أطلقا من مسافة قريبة ، بغرابة لم يكن هناك أثر لأية سرقة كما أن المنزل كان منظما بشكل إستثنائي و لا وجود لسلاح الجريمة فيه و ما زاد الأمور تعقيدا هو حقيقة أن إيزادور كان رجلا إنطوائيا لم يملك عائلة و لا أصدقاء و لم تكن له أي علاقة بالمافيا التي كانت حديث الساعة في تلك الفترة و المشتبه به الأول في أي جريمة لتقف الشرطة حائرة أمام جريمة تبدو عشوائية لكنها نفذت بشكل مثالي و لتطرح على طاولة الإجابة عدة أسئلة :

– كيف دخل القاتل و خرج و كل الأبواب كانت موصدة حتى بعد إرتكاب الجريمة ؟
– و ما الدافع وراء القتل ؟
– و هل أخفى إيزادور أمرا ما أخذه معه للقبر ؟

جريمة بحيرة بودمان

blank
ابطال القصة الاربعة والشرطة تفحص الخيمة بعد الهجوم

في أمسية الرابع جوان من العام 1960 خرجت كل من ميلا و آنجا رفقة شريكيهما سابو و ميلز في رحلة تخييم و إستجمام على ضفاف بحيرة بودمان الجميلة في دولة فنلندا من دون ان يعرفوا أن تلك الرحلة ستكون الأخيرة لمعظمهم.

في صباح اليوم التالي و في حدود الساعة السادسة لاحظ بعض الشبان من مراقبي الطيور خيمة محطمة و رجلا أشقرا يسير مبتعدا بسرعة عنها لكنهم لم يعيروا الأمر إهتماما لتبقى العاصفة هادئة حتى الساعة الحادية عشر من نفس اليوم أين إستوقف أحد المهرولين الشباب منظر مروع لجثتي ميلا و آنجا و قد بدا أنهما طعنا عشوائيا من خارج الخيمة كما أن ميلا كانت عارية من الخصر للأسفل بينما كان سابو مرميا خارج الخيمة و قد تلقى عدة طعنات بدوره أما ميلز الذي تلقى طعنة على مستوى الجبهة فقد كان و بطريقة حيا.

على جناح السرعة وصلت الشرطة و الإسعاف و تم نقل ميلز للمستشفى و فتح تحقيق في حادثة كان هو مفتاحها ، مفتاح كان لسوء حظ المحققين منكسرا فميلز عانى من إرتجاج قوي في رأسه و كان فاقدا للذاكرة مما دفع بالشرطة للجوء لأسلوب غير تقليدي نوعا ما ألا و هو التنويم المغناطيسي الذي بدا كأنه نثر سحره عليه فميلز أعطى في أحد الجلسات مواصفات لرجل أشقر طابقت تلك التي ذكرها مراقبوا الطيور و تم تعميم صورة الرجل التخيلية في عديد مناطق البلاد لكن دون الوصول لشيء يذكر رغم أنه و في صور أحد جنائز الضحايا ظهر رجل أشقر بنفس ملامح المشتبه به لكنها تبقى مجرد صورة لا توصل لشيء.

blank
صورة تقريبية للمشتبه به عممتها الشرطة .. والعجيب ان رجل يشبه الصورة ظهر في صورة التقطت للمشيعين لجنازة احد الضحايا .. ربما عملا بالقول المأثور : “يقتل القتيل ويمشي بجنازته”!

عبر السنوات إستمرت الشرطة في التحقيق دون هوادة و قد برزت على سجلاتهم بالخط العريض أسماء ثلاثة مشتبه بهم هم :

كارل ڨيلسون : صاحب كشك قريب للبحيرة ، قيل أنه كان يكره المخيمين و أنه إعترف بالجريمة و هو مخمور لأحد أصدقائه لكن و بعد التحقيق معه أكدت زوجته أنه كان في المنزل وقت وقوع الجريمة كما تم تفتيش بيته دون إيجاد شيء ليتم إستبعاده ، التناقض هنا هو أنه بعد سنوات قام كارل بإغراق نفسه في بحيرة أخرى و هنا ظهرت نظريات تقول أنه ربما أغرق نفسه بسبب شعوره بالذنب لما قام له ، فهل إرتكبت الشرطة خطئا جسيما ؟ .

هانز آسمن : قصة هانز غريبة حقا فقد قيل أنه جاسوس لصالح الكي جي بي (المخابرات السوفيتية) و قد إشتبه فيه بعد دخوله مستشفى هلينسكي يوما بعد وقوع الجريمة و على يديه آثار تراب و على ملابسه بقع دم عديدة ، كما قال الممرضون أنه كان يتصرف بتوتر لكن الغرابة في قصة آسمن تكمن في كونه قد إستبعد من التحقيق بسرعة بعد ما قالت الشرطة أنه يملك ” حجة غياب قوية ” و لم يظهر إسمه في التحقيق كثيرا بعد ذلك رغم مواصلة الشرطة مراقبته ، فهل كان هانز جاسوسا حقا ؟ و هل يمكن أن تكون للجريمة دوافع خفية لن تخرج للعامة أبدا ؟ .

ميلز ڨندرسون : نعم … الحبيب عاد مجددا لكن هذه المرة كمشتبه به بعد أربعة و أربعين عاما من الجريمة حيث أضحى فحص الحمض النووي أمرا أساسيا في التحقيقات الجنائية ، الشرطة قالت أن حمض ميلز النووي كان موجودا على مجموعة كبيرة من أغراض الضحايا التي كانت محفوظة في غرفة الأدلة و رجحت أن يكون سبب القتل شجارا عنيفا تصاعدت أحداثه بسرعة و قد دعمت نظريتها بإصابات ميلز الخفيفة مقارنة بإصابات أصدقائه فلربما زيف الفتى حادثة ضربه للهروب من العقاب و بالفعل حكم على ميلز بالسجن و قد قضى فيه عاما واحدا فقط قبل أن تتم تبرئته في جلسة محاكمة ثانية و مع وفاة المشتبه بهما الآخرين ستبقى قضية بحيرة بودمان دون حل للوقت الراهن .

هل كانت حقا حوادث غريبة بدون حل أم أن الظروف تراكمت لتجعلها تبدو كذلك ؟ سؤال آخر يضاف لسلسة أسئلتنا لكنه يبقى مثلها … دون جواب .

كلمات مفتاحية :

– The Mysterious Disappearance of Little Pauline Picard
– the sarah joe mystery
– Murder of Gordon Sanderson
– Isidor Fink
– Lake Bodom murders

تاريخ النشر : 2021-07-09

تقي الدين

الجزائر
guest
34 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى