أدب الرعب والعام

قفص الزوجية – الجزء الثاني

بقلم : توتو – مصر

قفص الزوجية - الجزء الثاني
لم يكن هناك مفر من المواجهة !

عاد آلان مسرعاً إلى ايميلي وقد وجدها واقفة بجوار كابينة الحارس التي تلوث زجاجها المضاد للرصاص بالدماء اللزجة ، اقترب منها وحاول تهدئتها ! وقد وجد أثار دماء أيضا قابعة في أرضية الكابينة ولا وجود للحارس ، وكان هناك خط كبير من الدم مرتسم على الأرض وينتهي عند أطراف الغابة ، وهنا قالت له ايملي وهي تبكي ..
–  ” يا الهي !! ماذا حدث ؟! ” قال لها آلان وهو يحدق إلى الدماء المرتسمة على الأرض وهذا الزجاج الملطخ بالدماء اللزجة .. 
– ” القاتل سحبه نحو الغابة ! هذا يؤكد لنا أننا لسنا وحدنا هنا ” 
– ” يا إلهي ! ماذا يعني هذا ؟! ” 
– ” لا أعرف ماذا حدث ؟! ، الأمر يدعو للريبة ” ثم صمت قليلاً وقال ..
–  ” طالما أن من قتله هكذا سحبه نحو الغابة اذن فهذا الطريق الذي نتوقف عليه الآن خطير ومنزلك أيضاً

ثم بعدها التقط shoutgun من على الأرض ، وقد كانت بندقية عاتية ذات تأثير كبير في التصويب ، وعندما حاول أن يجربها وجد بواقي لطلقات كثيرة منها على الأرض ! مما يعني أن الضحية لم يكن فريسة سهلة وقاوم بما فيه الكفاية ، حينها قال .. 
– ” هذا الحارس استخدم سلاحه ! كان يحاول الدفاع عن نفسه ضد شيء ، كان خائفاً ومتوتراً للغاية بسبب ضربه لهذه الكمية من الرصاص ، بعدها القي السلاح الناري واستل خنجرا كبيراً من نوع كولمبيا كان موضوعاً على رف الكابينة وقال ..
–  ” هيا بنا من هنا يا ايملي .. سنتوجه نحو منزلنا والآن ” قالت له ايملي وقد كانت تمسح دموعها .. 
– ” ولكن ! ” نظر في عينيها وقال .. 
– ” لا يوجد لكن .. هيا الآن .. الشيء الذي حاول مهاجمة الحارس قد يستطيع نقل نشاطه إلى داخل منزلك بدون أية عوائق ! هيا بسرعة ” 

وفجأة شعر آلان بشيء ما يراقبه خلف الشجيرات بجانب الطريق ، وقد لمح جسداً ضخماً لمخلوق مطموس بسبب ظلمة الأجواء ، وهنا قال لايملي وقد جذب يدها ..
– ” أظنني رأيته الآن .. هيا بنا ” 

وبعدها انطلق راكضاً وبجواره ايملي التي ركضت هي الأخرى وهي تبكي ، لم تبكي بسبب المشهد المفزع الذي قبع عند الكابينة الزجاجية .. لا ! بل كانت تبكي لأنه اثناء ركضها بجانب آلان كان هناك شيء ما يجري بجوارهما في نفس الطريق ، وقد أخفى جسده في الشجيرات التي كشفت حركة جريه معهما بسبب اهتزازها العنيف !! 

أخذت ايملي تسرع من حركتها وقالت .. 
– ” تباً ما هذا الشيء يا آلان ؟!! ” 
– ” لا أعرف ! انه سريع جدا !! لا أعتقد أنه بشر ! “
وفجأة صرخ وقال لها وكأنه يشعر باقتراب هذا الشيء منهما .. 
– ” هيا اسرعي ” 

فجأة قفز نمر ضخم بجسده العظيم من بين هذه الأشجار قفز عالية للغاية وهبط على آلان الذي سبق قفزته وهو يركض وأسقطه أرضاً باطراف يديه التي لامست جسده ، وبعدها انتفض علي الفور وقبع فوق صديقنا آلان بعد أن استعاد توازنه ، وعلى الفور تعالت صرخات ايملي وأخذت تهز أرجاء الجزيرة ..

أخرج آلان الخنجر الذي كان معه وحاول طعن النمر الضخم في رقبته ولكن الأخير رفع مخالبه الحادة عاليا وأطاح بيد آلان بعيداً ، ليطير من بين أصابعه الخنجر الضخم ، وهنا أطبق بفكيه على معصم آلان بقوة ، واخذ يرفع ظهره من على الأرض ويصدمه بها مجدداً من أجل النيل منه .

كان آلان يقاوم وكانت ايملي تقف أمامه وهو يصارع النمر وهي تبكي وتقول ..
– ” أرجوك .. اتركه اتركه ” 
قال لها آلان وقد كان النمر يعضه .. 
– ” اركضي واستعينِي بحارس منزلنا الذي هناك ، هيا “
كانت ايملي تقف متصلبة وهي تبكي ثم صرخ فيها آلان قائلاً وسط زمجرات النمر الغاضب ..
–  “هيا بسرعة .. هل تنتظرين أن يأكلني هذا الوحش ؟! “

وعلى الفور ركضت ايملي لمواصلة طريقها ولتفيذ ما طلبه منها آلان .. بينما حاول آلان استلال الخنجر الكبير الذي كان بجانبه بأطراف أصابعه لكي يطعن به النمر ..

كان آلان مليئاً بالجروح الدامية .. حيث نقل النمر عضاته إلى فخذيه وقام بتسديد بعض الضربات العنيفة إلى رأسه ، كلما كان آلان يحاول الإمساك بالخنجر كان النمر يشل حركته ويشتته ، وبعد عدة محاولات لمست أصابعه الخنجر الضخم أخيراً ، وبعد محاولات أخرى من الشد والجذب أمسك به ، ها هو في يده الآن ! هل سيتمكن من طعن النمر ؟؟

رفع النمر رأسه ومخالبه وزمجر أمام بريق الخنجر الخاطف الذي رفعه آلان عالياً استعداد لطعنه ، أخطأ آلان وقام بتسديد ضربة بخنجره الضخم تركت جرحاً طولياً صغيراً ارتسم على عين النمر اليسري ، وترك خطاً طوليا فيها ولكنه لم يؤذها .

كانت ايملي تجري على الأرض باقصى سرعتها لكي تبلغ منزل آلان ، دائما النساء أقل سرعة من الرجال ” هكذا اعتقدنا ” ، ولكنك عزيزي القارئ ستغير رأيك على الفور اذا رأيت ايملي وهي تركض لكي تبلغ منزل آلان ! كانت تجري وتجري بسرعة مهولة لدرجة أن الكوفية التي كانت تضعها حول رقبتها سقط وراءها دون ان تعيرها أي اهتمام ، وقدماها وتنورتها القصيرة التي اتسخت بطين الأرض ووسخها ، وهنا توقفت فجأة مندفعة إلى الأمام بسبب فرط سرعتها من هول ما رأته ! وسقطت على وجهها سقطة عنيفة بسبب اندفاعها 

كان مشهدا مرعبا للغاية ، حتي أنها أخذت تحملق وهي على الأرض في هذا المشهد بعينيها الواسعتين بخوف شديد ، ثم بعدها نهضت وابتعدت وصمتت وتوارت خلف شجرة ضخمة على ضفاف الطريق ، كان هناك نمران كبيران يقضيان وقتهما في نهش جسد رجل بالغ يبدو أنه عامل من عمال التصميم على الجزيرة ، كانت ايملي متوارية خلف الشجرة وكانت تراقب المشهد بعينيها بتلصص من وراء عمدها المتين ، وقد كانت تبكي وتتوارى خلفها كلما تسمع زمجرة النمور وهي تأكل الرجل الذي تلطخ جسده بشتي أنواع الجروح ، ولن أكلمكم عن هذا السائل الأحمر ذو الرائحة النفاذة الذي انسدل على شوارب هذه النمور والتي ظنت اليزابيث باثوري أنها يمدها بالشباب والحيوية ” الدم ” 

كانوا ينظرون هنا وهناك وشواربهم مغطاة بالدماء ، كانت زمجرتهم تعم الأجواء ، كانت ايملي متوارية عن انظارهم ، نهضت من جلستها ونظرت إلى أغصان الشجرة العالية التي أستندت عليها ، وجدتها فروع متينة غير قابلة للكسر تستطيع أن تتحملها ” يجب أن أتسلق لكي أبقى في أمان ” هكذا قالت في نفسها ، وعلى الفور قبل أن يفرغ النمور من أكلهم حاولت التسلق ، أخذت تحاول الصعود من خلال نتواءت صغيرة في الشجرة قد ساعدتها على الطلوع ، طلعت بالفعل أول الدرج ، كان الأمر سهلاً ولم يتطلب جهداً كبيراً منها خصوصا وأن الشجرة منحرفة من الأسفل قليلاً كالمنحدر

ساعدها الحظ .. وبالمناسبة ، قد يساعدك وينقذ حياتك من نمور جائعة أيضاً ، الحظ أفضل صديق ، تنهدت وأخذت تراقب النمران من أعلى بعد أن بلغت غصن قريب وعريض وجلست عليه ، كان تراقبهما من خلف الأغصان المتشابكة ، كانت تشعر بالراحة قليلاً خصوصاً وأنها في مأمن بعيد عن مخالبهما الطويلة ذات الجروح الطولية التي تترك ندبات هائلة في جسد النساء الضعيف 

جلست وكانت تمسك بالغصن جيداً ، وعندما حاولت التسلق إلى أعلى أكثر .. وعندما استقرت على غصن آخر ، فوجئت بزمجرة حارة على مقربة منها ! وعندما رفعت رأسها لتشاهد ماهذا وجدت نمر أسود ينظر إليها بعينيه الصفرواتين !

تسمرت في مكانها أمامه على نفس الغصن ولم تصرخ حتى ، كانت تدرك خطورة وضعها ، بينما فتح هو فمه وأظهر أنيابه الحادة أمامها وأصدر صوتاً كالفحيح وهو ينظر إليها وكأنه يحذرها ، كان خائفاً أيضاً ولكن للأسف ليس منها ، كان هو أيضاً متوارياً على الشجرة خوفاً من الصدام مع النمران الكبيران اللذان في الأسفل ، حاولت النزول إلى أسفل ببطء .. ولكنه فهم ذلك وتحرك بسرعة من على الغصن واقترب للهجوم عليها ..

ذعرت على الفور من تحركه هكذا واختل توازنه وأحدثت ضجة بين الأغصان حتى أن النمران في الأسفل حولا أنظارهما للشجرة وزمجرا بقوة ، حاولت التعلق بأكثر من غصن بينما قفز النمر الاسود على غصن قريب منها وحاول أن يطالها بضربة قوية من مخالبه ولكنها تفادت يده الطائشة بشق الأنفس ، توقف على الغصن أمامها وأخذ يزأر في وجهها بعينيه المستديرة ذات اللون الأصفر المنير ، وبقفزة هائلة انقض عليها بجسده كاملاً ليسقط معها إلى الأسفل بقوة شديدة ! 

أخذت ايملي تصطدم بالاغصان وكان النمر فوقها مذعوراً هو الآخر بسبب هذه السقطة العنيفة ، كانت الطامة الكبرى تنتظرها في الأسفل ، ومع ذلك هي لم تتخلص بعد من النمر الأسود الشرس الذي سيصارعها بعد هذه السقطة لو نجا ، وعلى الفور ارتطم جسد ايملي بالأرض بقوة شديدة وكان النمر يقبع فوقها بمخالبه ، ويبدو أنه لم يتأثر بالسقطة لأن جسد ايملي الذي قبع فوقه مذعورا خفف من قوة الاصطدام عليه 

شعرت ايملي بحالة إغماء وأخذت تحاول أن تفتح عينيها ، كان النمر فوقها وقد اقترب رأسه من رأسها وفتح فمه مظهراً انيابه المميتة ، كان الزبد يتساقط من فمه بغزارة ، كان ايملي مستسلمة لمصيرها المحتوم على أنيابه ، كانت تشعر بألم فظيع في عمودها الفقري جراء السقطة الصعبة التي لاقتها ، بالإضافة إلى كسر في قدمها اليسري ، عندما هم النمر بتنفيذ خطوته الأخيرة وهي إطباق فكيه على رأس ايملي ، فجأة قفز عليه نمر بنغالي ضخم من النمران وأطاحه بعيداً ، بينما اقترب زميله الأخر بأنفه من قدم ايملي وهي على الأرض 

رفعت ايملي راسها واخذت تنظر الى هذا الوحش وهو يشتم جسدها ببطء ، كانت متعبة للغاية وتعاني من عدة كسور ، كان النمر المخطط الضخم يتشاجر مع النمر الأسود الذي كان حجمه صغيراً مقارنة به ، كان النمر الأسود يرفع يداه بكل سرعة ويباغت النمر البنغالي بضربات قوية من مخالبه في وجهه ، كان سريعا للغاية وهو يتلوى على الأرض ، عجز النمر الضخم عن السيطرة عليه وكان يباغته بضربات قوية هو الآخر محاولة منه لقتله ، علا زئير النمران واحتدت المشاجرة 

كان النمر الاسود يتلوى على الأرض بسرعة شديدة ويوجه الضربات بدقة وبراعة ، وعلى الفور انفصل الاثنان عن بعضهما ، وكان في جسدهما بعض الجروح جراء الاحتدام ، كان عيناهما تنير عتمة الليل ، أخذا يدوران حول بعضهما ، وفجأة كشر النمر الأسود عن أنيابه وتوجه بقفزة جبارة نحو النمر البنغالي الضخم الذي انحني على ظهره ورفس النمر الأسود رفسة أطاحت به إلى الخلف نحو ايملي والنمر البنغالي زميله الذي كان يتحسسها بأنفه 

اصطدم النمر الأسود بالنمر الضخم الآخر الذي كشر عن انيابه هو أيضاً ووجه ضربة قوية بيديه الضخمتين على رأس النمر الأسود الذي ترنح كثيراً بسببها ، ومن ظهره هجم عليه طرف المعركة الأول ووضع يديه على ظهره لكي يثبته أرضاً ، ووجه عضة قاتلة لمؤخرة رأسه والتي تركته دون أي حركة تذكر !!

أخذ النمر الاخر ينظر إلى وجه ايملي ، بينما ظل الآخر مطبقاً بفكيه على مؤخرة رأس النمر الأسود ، وغاب المشهد بعدها مظهرا أمامنا قرص القمر الساطع . 

***

وفي مشهد آخر كانت ايلين لاتزال جالسة أمام حاسبها المحمول وهي لاتزال تراقب تحركات هذه النقاط ، وهنا رن هاتفها وردت قائلة :
– ” أهلاً سيدي ” 
– ” ما الأخبار عندك ؟؟ “
– ” آلان قضى نحبه على يد كومال !!! وايملي تقريبا قضي عليها ! ” 
– ” رائع .. ولكن بهذا الشكل المهمة لم تكتمل بعد ” 
– ” نعم ياسيدي .. سيكون كومال في منزل دارين وأمها قريبا !! وسنحتفل سوياً ” 
– “رائع ! رائع جدا ! أحسنت ” 
– ” سؤال لو تفضلت ؟؟ “
–  ” تفضلي ” 
– ” لماذا كل هذا ؟ نمور ومنازل فخمة ، كان يجب أن تتخلص منهم بطلقة من مسدسك ” 
– ” أعظم خدعة نسجها الشيطان هي إقناع العالم بأن ليس له وجود ، أنا لست موجوداً عندك الآن ، ما يحدث ليس لي يد فيه ، كما أن هناك شيء يسمي لذة الانتقام .. هذه اللذة لا تتوقف عن كونك منتقم بل تتوقف على الوسيلة التي تنتقم بها ” 

ضحكت ايلين وقالت .. 
– “بدأت أخافك سيدي العزيز .. لن أغضبك بعد الأن ، ولكن أنت قلت لي أنك تحبها لماذا ستقتلها اذن ؟! ” 
– ” الشيء الذي لن يكون لي لن يكون لأحد ! هكذا تعلمت من والدي ” 

بيت آل آلان الساعة ال10 صباحاً .. 

كانت دارين تجوب المنزل وقد لفت على رأسها بمنشفة منزلية أثناء القيام بأعمالها في المنزل ، كانت تستعد لتحمم روا في بانيو خاص بالأطفال ، قامت بحمل روا من سريرها واتجهت مسرعة نحو الحمام ، وضعتها داخل البانيو الصغير مع البطة وفقاعات الصابون المنعشة ، كانت تضحك وتحاول أن تمسك الصابون بيدها ” كم كانت جميلة وهي تفعل ذلك “

ابتسمت والدتها ابتسامة بشوشة وبدأت تحممها وأخذت تحرك البطة الصغيرة في الماء لتسليتها ، وهنا اخترقت السيدة سارة الأجواء عليها وهي مرتعبة وقالت لها وهي تحمم ابنتها ..
– ” دارين .. آلان لم يعد حتى الآن ؟! ” 
– ” أعرف ” 
– ” ألست قلقة عليه ؟؟ ” 
– ” لا “
–  ” كيف ؟!! “
” هو تقريباً عند ايملي الان ” 
– ” انت تظلمينها ” 
ثم صمتت السيدة سارة وتابعت ..
–  ” ايملي لم تعد لمنزلها أيضاً !!! اتصلت عليها ولم ترد ” 
– قالت لها دارين وقد تعجبت .. 
– ” كيف ؟!! اذن اين ذهبت مع آلان ؟! ربما نائمة الوقت لا يزال مبكرا “
– ” لا اعرف يا ابنتي .. اخشى ان يكون قد أصابهما مكروه “
– ” اي مكروه ؟! نحن وحدنا على الجزيرة يا أمي ” 
– ” سارتدي ملابسي وأذهب لبيت ايملي .. إنه ليس بعيداً “
قالت لها دارين .. 
– ” كما تحبين ، ولكن احترسي ” 

أومأت السيدة سارة برأسها وذهبت على الفور من أمام دارين .. وبعد دقائق قامت دارين بالمناداة على أمها داخل المنزل ولكنها لم ترد ! وهنا عرفت أنها توجهت لبيت ايملي .. ولم تكترث .. 

وفي الطريق أمام المنزل تجاوزت السيدة سارة كابينة الحارس .. فسألها قائلاً ..
– ” إلى أين يا سيدتي ؟؟ “
–  ” ساتوجه نحو بيت قريبتنا الأخرى التي حضرت هنا معنا ، أتتذكرها ؟؟ ” 
– ” نعم نعم .. المعذرة .. تفضلي “

كانت السيدة سارة تمشي في نفس الطريق الذي سلكه آلون مع ايملي ، كان الطريق خالياً مع خلو هذه الجزيرة الواسعة ، كانت تمشي فيه صباحاً ، ومع ذلك كان مرعباً للغاية وصامتاً جداً ، وبعد أن قطعت مسافة لابأس بها ظهر أمامها على الطريق فيض من الغربان السوداء التي كانت تقضي وقتها وعلى ما يبدو أنها كانت ملتمة على شيء ما تنخر فيه بمناقيرها الحادة 

اقتربت شيئاً فشيئاً من هذه الغربان ، وحاولت الاقتراب وابعادهم ولكنهم كانوا كثر للغاية وقادرين على شن هجوم ضارٍ عليها للدفاع عن وليمتهم المطموسة ، بالنسبة اليهم كانت السيدة سارة ما هي إلا انثي بشرية ضارية تحاول استخدام حجمها لإبعادهم ، وفجأة أمسكت بعصا غليظة ولوحت بها في الهواء لتخيفهم ، وعلى الفور ابتعدت الغربان من أمام أنظار السيدة سارة وتلاشت عن الفريسة خوفاً من هذه العصا 

ورويدا رويدا كشفت لها مفاجأة مفزعة للغاية !! كانت جثة ايملي مسجاة على الأرض وهي منهوشة بشكل بشع للغاية ، وقد كانت ملابسها مقطعة بجانبها و جسدها مقطع وهو عار تماما وكان مشوه وملطخ بالدماء من كل حدب وصوب ، وهنا بكت السيدة سارة بشدة وكتمت بكائها بواسطة كفها ، أخذت تنتحب بشدة من هول المشهد الذي رأته ، كان مشهداً مقززاً للغاية !! كانت تشعر أنها في فيلم رعب ، أين آلان ؟! ماذا حدث ؟؟ هكذا قالت في نفسها .

ثم بعدها أخذت تقول بصوت خفيض وهي تنتحب .. 
– ” ماهذا ؟! يا الهي ! ماذا حدث ؟! ” وفجأة تراجعت للوراء عندما شعرت بشيء يراقبها ! وعندما حاولت الرجوع بظهرها دون الالتفات للوراء تعثرت قدماها في شيء لين وسقطت على هذا الشيء الذي بدا أسودا جداً ، وهنا استفاقت ونظرت لهذا الشيء فتفاجأت بان هذا جسد النمر الأسود الميت وكانت رأسه في وجه السيدة سارة مباشرة ، وهنا نفضته وصرخت بشدة قائلة ..
–  ” يا الهي نمر !! ماهذا ؟؟ ماهذا ؟؟ ” وعندما رفعت رأسها وحاولت القيام اصطدم وجهها بوجه نمر أسود مجدداً ، ولكن … هذه المرة كان حياً !!!

تسمرت السيدة في مكانها وهي تتأمل هذا الوجه الغاضب وهذه الأنياب المخيفة ، ومع هذا الفحيح المخيف والشوارب الطويلة ضربها النمر ضربة قوية في وجهها بيده ذات المخالب الكبيرة ، صرخت السيدة سارة صرخة هزت أرجاء الغابة ، وفي ذات الوقت نظرت دارين من النافذة وقد كانت في المطبخ بملابسها الحمراء واللفافة البيضاء التي فوق رأسها وقد سمعت الصرخة وقالت وهي تنظر للأشجار .. 
– ” ماذا يكون هذا ؟!! ، ماقصة هذه الصرخات ؟؟ “

أطبق النمر بيديه وفكيه على كتف السيدة سارة ، وقد بدا في وضعية هجومية وكأنه يحتضنها ، كانت السيدة سارة تصرخ بشدة وتنتحب ، وفجأة قامت بعض النمر عضة خفيفة من معصمه فصرخ وتركها على الفور ، ولكنه تراجع وعاود الهجوم مجدداً وحاول إمساكها بيديه ، ولكنها فرت بسرعة قبل أن تتعثر تجاه الغابة والأحراش الكثيفة ، وهم صديقنا الأسود بسرعته الرهيبة وشراسته العاتية وراءها ..

كانت تركض داخل الغابة بشدة ، بينما جرى النمر ورائها بسرعة رهيبة للغاية ، كانت السيدة سارة تجري بسرعة رهيبة لتقاوم سرعة هذا النمر الطاغي الذي اخذ يقفز ورائها بقوة وعنف ، وهنا على الفور انكشفت الغابة ووجدت نفسها تجري على أرض اسفلتية صغيرة مغطاة بالكثير من الحشائش الكبيرة ، وعلى الفور ظهرت أمامها منارة كبيرة تقبع وسط الغابة مثبت بها سلم ، وعلى الفور قفز النمر على ظهرها وقد لحق بها بسهولة وطرحها أرضاً وانطرح هو أرضاً أمامها من قفزته لأنه كان مندفعاً جداً نحوها 

حاول الاستفاقة من بين طيات أوراق الاشجار المتناثرة على الأرض ونفثها بعيداً لتتناثر في الهواء ، وانقض على السيدة سارة التي كانت بطيئة للغاية بالنسبة له وأخذ يسدد لها عضات في أماكن متفرقة من جسدها ، وفي أعلى المنارة كانت تجلس صديقتنا ايلين التي شاهدت المشهد بالأسفل وقد كانت مذعورة ومتضايقة مما يجري !
–  ” ما الذي اتي بك الى هنا أيتها الغبية ؟!! ” 

وبعد عراك شرس بين السيدة سارة والنمر الأسود الشرس الذي كان يصارعها بقوة قاومت السيدة سارة بقوة واستطاعت أن تركل النمر ركلة قوية للغاية في أنفه بواسطة حذائها ذا الكعب القوي ، انتفض النمر بينما ركضت هي بسرعة نحو سلم المنارة الذي كان مثبتا بها ، لاحظت ايلين ان السيدة سارة لن تجد مهرباً سوى الطلوع للأعلى والاحتماء في المنارة من مخالب النمر ، ولكن فجأة هرول النمر باتجاه السلم ليقفز قفزة جبارة كاد أن يمسك بها ولكنها للأسف قد بلغت درجات عالية من السلم متسلقة نحو الأعلى ،

نظرت ايلين الى سارة التي تسلقت ببراعة وعلمت أنها ستبلغ القمة لامحالة وستصل لغرفتها ، بعدها انتفضت من على كرسيها واخرجت مسدس ذهبي لامع وثمين للغاية ! وقالت ..
– ” لست بحاجة لهذا النمر الأحمق ، سأقضي على هذه الغبية بنفسي “
وعندما همت بفتح باب المنارة فوجئت بسارة جالسة على حافة المنارة ، وقد تدلت بقدميها نحو الأسفل ، حيث كان النمر متوقفاً وهو يزمجر منتظراً نزولها اليه ، كانت السيدة سارة مليئة بالجروح وكانت تظن أن غرفة المنارة المظلمة التي ورائها فارغة ، لهذا جلست على وضعيتها لتراقب النمر الذي في الأسفل

خرجت ايلين خلسة من ورائها وقد كانت تراقبها وهي جالسة من وراء الباب ، كانت سارة جالسة وغير مكترثة بشيء بخلاف النمر الطاغي الذي في الأسفل ، كانت تحمد ربها أنها نجت من مخالبه ووجدت مأوى ، كانت أيلين ورائها مباشرة بطولها الفارع ونظارتها وتنورتها القصيرة وكانت مصوبة المسدس نحو رأسها بدون شعورها ، ظلت على هذه الوضعية لفترة دون ؛ن تنتبه الأخرى ، كان النمر في الأسفل هادئاً في انتظار نزولها ، وقد كانت جالسة وهي تنظر للأسفل 

تقدمت ايلين خطوة واحدة من ورائها بمسدسها وقد ظهر جسدها أمام النمر الذي فر من هدوئه فجأة وزمجر على شيء ما وراء سارة ، انتبهت سارة لذلك ونظرت ورائها بسرعة فتفاجأت بايلين وهي تتقدم خلفها بمسدسها ، وقبل أن تقرأ ايلين الموقف وانتباه سارة باغتتها سارة بالاندفاع نحوها بقوة وأمسكت المسدس من يدها وأخذت تتجاذب معها على حافة المنارة 

قالت لها سارة وهي تمسك بيدها التي كان بها المسدس ..
– ” اذن بارسباي وراء الموضوع ؟! ” 

ركلتها الاخرى ركلة قوية بقدميها في بطنها وقد انحنت من شدة الضربة وقالت ..
– ” نعم .. وستقضين نحبك الآن أيتها العاهرة “
وقبل ان تصوب بالمسدس على راسها أمسكت سارة بقدميها وعرقلتها فسقط المسدس في الأسفل ، وعندما سقط المسدس من الأعلى اتجه النمر جاريا على الفور إلى المكان الذي سقط فيه وأخذ يشتمه بأنفه ، وعندما أدرك أنه ليس إلا آلة صماء عاد لمكانه مجدداً وأخذ ينظر إلى الأعلى ، حيث دخلت المرأتان في شجار دامي 

حاولت سارة دفع ايلين عنها .. ولكن الأخيرة كانت امراة قوية للغاية بالنسبة لسارة نظراً لطولها الفارع وقدميها المليئة بالعضلات ولسنها الصغير ، فقد كانت سارة امراة اربعينية ، وايلين في العقد الثالث ، قامت ايلين بلكم سارة في أنفها لكمة عنيفة جدا ، وهجمت عليها محاولة خنقها ، ولكن الأخرى ركلتها بركبتها في بطنها ركلة قوية ، وهجمت عليها مسرعة وضربتها على رأسها بقوة 

ايلين وسارة يشتبكان بعنف في الأعلى ، بينما كان النمر يزمجر في الأسفل ويحك أظافره في سلم المنارة وكأنه يريد الصعود اليهما ، وبعد عدة ضربات عنيفة هجمت ايلين على سارة وعضتها من أذنها عضة قوية للغاية وقد شوهت أذنها جدا ! أخذت سارة تتألم ولكنها واصلت الدفاع عن نفسها ببسالة 

قامت سارة بعض ايلين من كتفها لأنها حاولت خنقها مجدداً ، وبالفعل بعد صراع طويل ترنح الاثنان وإذا بسارة تسقط من أعلى المنارة وقد تمسكت بقوة في حافتها خوفاً من السقوط ، تفاجأت سارة بحذاء ايلين ذا الكعب العالي عند يدها ، وعندما نظرت في وجهها ضحكت وقالت ..
– ” إلى اللقاء يا عاهرة !! ” 
وعلى الفور قامت بركل يد سارة بعنف ، إلا أن الأخيرة أمسكت بقدمها وسحبتها نحوها ، وترنحت الأخرى واتجهت بثقل جسدها نحو سارة ، وفجأة … سقط الاثنان من اعلى المنارة وأصبحتا في الهواء ! 

كانت سقطة من منطقة عالية للغاية ، كان ارتفاع المنارة حوالي 27 متراً ، كان النمر يراقب جسد الاثنان في الهواء وهما يتجهان نحوه الى الأسفل ، وعلى الفور استقر جسد الاثنان بسقطة مروعة على الأرض التي في الأسفل ، كانت سارة ملقاة علي ظهرها وعلى ما يبدو أنها فارقت الحياة ، فقد كانت عيناها مفتوحة على مصراعيها بدون أي حركة ، بينما كانت ايلين مسجاة على وجهها واتسخ شعرها وقدماها العاريتان الخارجتان من تنورتها بالطين 

فجأة زحفت ايلين وقد كانت تنتفض نحو عمود المنارة لتسند ظهرها عليه ، ونظرت نحو سارة والتقطت المسدس الذي سقط منها بيدها من بين طيات التراب ، كانت قدماها الاثنتان مكسورتان ، وكان لديها كسور في مناطق كثيرة في جسدها ، اسندت ظهرها نحو المنارة وكانت موجهة مسدسها نحو جسد سارة الذي انقض عليها النمر ومزقها بأسنانه وهو يزمجر بجسده الأسود 

كانت مصوبة مسدسها تجاهه وهي خائفة للغاية ومرعوبة ، كانت ستموت على أي حال ، ولكن للموت خيارات أيضاً ، هي بالتأكيد لا تريد الموت بين أنياب وبراثن هذا النمر الشرس ، سيكون الألم مضاعفا للغاية ، وسيكون موتاً بطيئاً ، هي من أذاقت الجميع الألم بين أنياب النمور .. وها قد حان وقتها أخيراً ، لم تتوقع أنها ستكون هنا ، مستندة على حافة منارتها أمام نمر من النمور الطليقة ، لم تتوقع ذلك حقا ! 

أخذ النمر ينهش في جسد سارة قليلاً وهو ينظر إلى ايلين .. وكأنه يقول لها .. ” صبراً .. أنا قادم إليك !! ” 

اتسعت حدقة عين ايلين من نظرة النمر المخيفة ثم بعدها رفع رأسه وأخذ ينظر إليها وكشر عن أنيابه وقد كانت مليئة بالدماء ، أخذت يد ايلين ترتعش والمسدس في يدها تجاه النمر ، ثم بعدها خطا النمر بقدميه الاماميتان من فوق جسد سارة المسجى على الأرض ، واخذ يقترب من ايلين ببطء والتي كانت مصوبة المسدس بيدها المهتزة تجاهه 

زأر النمر وقفز في الهواء متجها نحوها ! وبالعرض البطيء أخرجت ايلين رصاصة طائشة غير مصوبة جيدا من المسدس الذي في يدها انطلقت نحو النمر لتسقطه أرضاً على الفور ، اصابت النمر في مقتل ، نعم قتلته بالفعل ! أنزلت يدها الى الأسفل ونظرت إلى الأعلى بشموخ وتنهدت ، وأصدرت قهقهة عالية للغاية .. ” هههههههه ” توقفت عن الضحك عندما شعرت بالألم الذي ينغصها جراء جراحها ، ألقت المسدس بعيداً والذي اصطدم وسقط فوق جثة سارة 

كانت تتمسك بالأمل في أن تعيش بالرغم من عدم وجود أي وسيلة مساعدة بجانبها ، أسدلت رأسها على الحائط واغمضت عيناها لكي تستريح قليلاً ، ولكن كانت هناك مفاجأة كبرى اقترب المشهد منها ! 
 

كان النمر ملقى أمامها على الارض وقد اقترب المشهد من أذنه وقد كانت مجروحة ومخترقة من قبل الطلقة الطائشة التي اطلقتها ايلين من مسدسها !!! النمر لم يمت ، الطلقة أصابت أذنه فقط لا غير ، المسألة كانت مسألة وقت فقط حتى يستفيق من غيبوبته ، بينما كان ايلين تريح رأسها على الحائط شعرت بحركة أمامها ، وتفاجأت بجسد النمر وهو يتحرك و يفيق من مكانه ! 

فتحت شدقيها من شدة تعجبها وبحلقت عيناها ” كيف ؟! ” ، انتفض النمر وها قاد عاد الكابوس ليتكرر مجدداً أمامها بعد أن ظنت أنها تخلصت منه ، ظنت ايلين أن التمرد يكمن في قوة السلاح .. ولكنه للأسف يكمن في قوة الأفكار ، وبمشهد غير عادي اسدلت ايلين رأسها للأسفل وساد الظلام عينيها وارتسمت ضحكة عريضة على شفتيها وقالت .. ” حسناً ، أتمنى ان تنهي الأمر بسرعة !! ” 

وفجأة كشر النمر عن أنيابه وقفز عليها أخيراً ، وعلى جدار المنارة ارتسمت لوحة جميلة بدماء ايلين الساخنة ! والتي تناثرت ولطخت كل الصخور والحوائط من حولها . 

***

بيت آل آلان .. الساعة ال 10 ليلاً .. 

كانت دارين وحدها في المنزل وقد كانت ترن على هاتف أمها الذي لم يستجب ، حضرت العشاء وروا كانت نائمة في غرفتها ، كانت تشعر بقلق مفرط للغاية بسبب غياب آلان وامها ، وعلى الفور خرجت دارين وهي حافية القدمين إلى الردهة التي أمام المنزل ، والتي ينتصب أمامها الحارس في كابينته .. وأردفت قائلة له .. 

– ” والدتي وزوجي لم يعودا حتى الآن .. أين يمكن أن يكونا قد ذهبا ؟؟ ” 
– ” لا أعرف سيدتي .. لقد اتتني تعليمات بالذهاب الآن ” 
– ” ذهاب !! أنت مجنون ؟!! اقول لك أمي وزوجي مفقودان وتقول لي ذهاب ! “
– ” المعذرة ولكنها تعليمات السيد بارسباي لي ” 
– ” بارسباي ؟!! وأنا ماذا سأفعل الآن ؟!! ” 
– ” انتظريهما حتى الصباح ، وأنا في طريقي إلى السيد بارسباي سأخبره بما قلتيه لي الآن ، وهو سيعرف أين هما على سطح الجزيرة الخاصة به ، سيرسل إليك حارساً آخر في الصباح ” 

قالت له دارين وقد استقرت قليلاً .. 
– ” أنت في طريقك إليه الآن ؟ 
–  نعم .. 
– إذن حاول أن تجعله يتصل بي وأخبره بما قلته لك ، قل له أن أمي وزوجي مفقودان منذ صبيحة اليوم ، أخبره بذلك ، وإلا سأخرج للبحث عنهما بنفسي “
قال لها الحارس وقد انتفض ..
–  ” لا لا .. لا تخرجي من هنا .. السيد بارسباي أصدر تعليماته وقال أنكم يجب أن تكونوا في منزلكم ليلاً خوفا عليكم من التوهان على أرض الجزيرة ، لا تقلقي ولا تشغلي بالك ، ربما ضلوا الطريق فقط ، سأخبره وسيأتيكِ خبر جيد في صبيحة غد “

نظرت اليه دارين بغضب وأعطته ظهرها ومشت في الردهة الطويلة متوجهة الى داخل منزلها .. نظر الحارس لدارين نظرة مريبة أثناء مشيها في الردهة نحو منزلها وهي تعطيه ظهرها ، وبعدها ذهب وركب سيارة أتت لتوها أمام المنزل لتقله للميناء لكي يذهب لبارسباي ، وعندما ركب الحارس السيارة ولاحظتها دارين استدارت لتنظر إليها على الفور ، وقد تحركت وابتعدت عن المنزل بعجلاتها الضخمة ذات الصوت السيئ 

كانت دارين متوقفة تنظر إليها ، وعندما ابتعدت شعرت دارين بالخوف ، كانت وحدها في كل هذا الظلام ، كل هذه الجزيرة ، كل هذا الصمت ، كانت أنوار منزلها مضاءة كلها ، وكانت الأجواء والأحراش من حولها صامته للغاية وموحشة ، ملأها نعيق بعض الغربان ، ولكن الغربان كانت تنعق كل فترة وتصمت ، حتى النعيق السيئ أصبحت محرومة من سماعه !

كانت دارين في متوقفة في ردهة منزلها وحدها حافية القدمين ترتدي بنطال منزلي وبيجامة حمراء وفوطة مطبخ لفتها على رأسها ، كانت تنظر لهذه الأجواء المرعبة من حولها ، تنهدت ودمعت عيناها خوفا على مصير والدتها وزوجها ، كانت تتذكر صوتهما الذي ملأ المنزل عليها والآن … أصبحت وحدها ، امرأة معزولة في منزل صغير مع صغيرتها الرضيعة وسط أحراش مظلمة وكئيبة ، لم تشعر دارين بالأمان وشعرت بأن هناك شيئاً ما يحدث ، تحركت من مكانها وتوجهت فجأة نحو الكابينة الخاصة بالحارس وقد وجدت ال shotgun الخاصة به متواجدة ومستندة بشكل طولي على حائط الكابينة من الداخل ..

أمسكتها بقبضتها واخذت تنظر إليها بتمعن ، مدت يدها وفتحت الدرج الخاص بالكابينة فوجدت علبة رصاص خاصة بها ، وقد كانت هذه العلبة مرسوم عليها شكل البندقية وكيفية شحنها ، نظرت حولها وكانت تشعر بشيء غير مريح ، وفجأة أخذت البندقية معها وتوجهت الى داخل منزلها ، فتحت الباب ووضعت البندقية ثم تذكرت … ” روا ” ! صعدت إلى أعلى السلم بسرعة متوجهة إلى غرفة ابنتها ، وعندما فتحت الباب وجدتها نائمة كالملائكة ، تنهدت وأغلقت الباب . ثم بعدها وضعت جبهتها على الحائط وأخذت تبكي وكأنها تلوم نفسها وقالت ..
–  ” ياترى .. أين أنتِ يا أمي ؟؟ “

بعدها مسحت دموعها وتوجهت نحو الحمام مباشرة ، كان المنزل مثبت به كاميرات مراقبة في كافة ارجائه .. المطبخ ، الحمام ، الغرف .. الخ . 
دخلت دارين الحمام ، وقفت اسفل الدش فوراً ، كانت واقفة بين أربعة حوائط بلاستيكية تغلق على أي شخص يدخل للاستحمام .. أغلقت هذه الحوائط  نزعت ملابسها ، فتحت الدش وبدأت المياه تنسدل فوق شعرها الأحمر الذي تلون بالأحمر الداكن على الفور فور نزول المياه عليه ، اخذت تحمم نفسها وهي تحت الدش ، كان هناك هاتف نقال اسود مثبت بجانبها في حائط الحمام ، بدون اي انذار اهتز و رن بعنف ! فذعرت وتوقفت عن حركات الاستحمام الخاصة بها ، أخذت تحملق في الهاتف وقد بحلقت عيناها ، ثم بعدها ارتدت ملابسها على الفور بسرعة وقد كان الهاتف يرن .. ثم رفعته وهي داخل الحمام وتكلمت قائلة ..

– ” مرحباً ” ثم كررت .. مرحباً .. 
– ” هل طفلتكِ بخير ؟؟ ” 
ذعرت دارين وقالت لهذا المتحدث ..
–  ” من أنت ؟!! ” 
كرر بصوت متقطع ..
–  ” هل طفلتكِ بخير ؟! 
وبعدها أغلق الخط ..

شعرت دارين بالذعر على روا و أسرعت من الحمام متجهة نحو غرفتها ، لم تكمل دارين ارتداء كامل ملابسها ، فخرجت من الحمام حافية القدمين وقد كانت ترتدي شورت قصير وفانلة نسائية بحمالات وكان شعرها مبتلاً ومنسدلاً على كتفيها بشكل مبعثر ، فتحت دارين الباب على صغيرتها فوجدتها قد أفاقت من نومها ، وعندما اقتربت منها وحملتها أخذت الصغيرة تضحك وتنظر في عينيها وتحملق فيها بقوة 

شعرت دارين أن تصرفات روا غير طبيعية ، فجأة هاجمتها أفكار ووساوس ” كان هناك أحداً معها ” ، ” لص يحاول أن يلهيني ” ، ” ربما كيان خفي ” ، هزت دارين رأسها و لم تكترث لهذه الافكار ، وحملت روا من بين طيات غرفتها المظلمة التي اكتست بضوء عمود الإنارة في الخارج وخرجت بها ، كانت في رأسها فكرة واحدة فقط ، وهي أن تنزل السلم متوجهة نحو غرفة المعيشة .. “عند حلول الصباح ساخذ روا وسأذهب للميناء فورا “

قامت دارين بوضع روا أمامها على الأريكة ، وقد انسدل شعرها على وجهها وكانت متوترة جداً ، ثم بعدها جلست بهدوء على الكرسي أمام ابنتها وتركتها تلعب على الأريكة أمامها بكرتها الصفراء الصغيرة بهدوء . كانت أرجاء المنزل منارة ، بينما كان الظلام دامس في الخارج ، وقد لاحظت دارين هذا ، ثم وضعت رأسها على الكرسي ورفعت قدميها وحاولت أن تنام أمام ابنتها حتى حلول الصباح ، وبعد فوات وقتٍ محدودٍ استفاقت وقد اكتشفت أنها نامت لبضعة دقائق ..

بحلقت بعيناها ووجدت روا أمامها على الأريكة تلعب ، نظرت للساعة فوجدتها تشير للثانية عشر إلا ربع ، حاولت أن تنعس مجدداً ولكن فجأة قطع ثقل جفونها رنين الهاتف الذي بجانبها ! بعدها انتفضت بسبب هذا الرنين وحولت أنظارها إلى ابنتها ووجدتها تنظر إليها بقوة مجدداً ! كان السلم يقبع وراء دارين مباشرة ، لم تعير دارين أنظار ابنتها أي اهتمام والتفتت وردت على الهاتف الذي كان رنينه مزعج ومخيف في آن واحد .. 

– ” مرحباً ! ” كررت .. ” مرحباً !! “
– ” النمر حيوان قوي .. يختبيء خلف الأحراش دائماً ، ولكنه أحياناً يختبيء في غرفة طفلتكِ أيضاً “
– ” ماذا ؟!!! من أنت ؟!! ” 
وبعدها سمعت في السماعة دوي صوت صفير .. وهذا يفيد بأن المتصل أغلق الخط على الفور ..

قالت دارين بصوت خفيض وهي تبكي .. 
– ” يا الهي ؟! من هذا الشخص ؟! ” ” ما معنى ما قاله ؟؟ ” نمر .. ” غرفة روا ” الظلام ” ماذ …. بعدها تذكرت حملقات ابنتها في وجهها ، الحملقة الأولى في الغرفة ارتسمت أمامها بلوحة باهتة من الألوان وكأنها تتذكرها بعينيها الكبيرتان وهي تحملق في عيناها .. كان هناك شيئاً وراءهما جعل روا تحملق هكذا !!! وأيضاً عند السلم … و .. تبعثرت أفكارها وشعرت بالذعر .. 

نظرت دارين إلى أرجاء المنزل وأخذت تتفحصها بعينيها ، تحركت دارين ببطء بقدميها الحافيتين على الأرض الخشبية الخاصة بالمنزل ، أخذت تتحرك و تنظر بين الأرجاء بينما كان المنزل صامتاً ، ثم بعدها توجهت تجاه نافذة المنزل الزجاجية الكبيرة ، انحنت على الأرض بقدميها وشورتها القصير وأخذت تقترب من النافذة ووضعت كفيها على الداعم الصغير الخاص بالنافذة ، وأخذت تنظر للأجواء في الخارج من النافذة الزجاجية التي ارتسم وانعكس شكل الكراسي وشكل غرفة المعيشة والمنزل بأكمله عليها من الداخل ومن ورائها وانعكس أمامها على النافذة 

أخذت تنظر إلى الخارج وهي منحنية أمام النافذة ، وبعدها وجدت دائرتان مستنيرتان منعكستان على النافذة من ورائها ، مما يفيد أنهما من داخل منزلها وليس من الخارج ، كانت هي مستديرة وتنظر إلى الأمام أي في الخارج ، بينما أخذت هذه الخطوط السوداء وهذا الجلد البرتقالي وهذا الوجه ذو العينين الكبيرتين المنعكس من خلفها على سطح النافذة يقترب من ورائها وينعكس أمامها على النافذة ، وقد اخذت هي تدقق أمامها وتنظر لسطح النافذة في هذا الشيء المنعكس من ورائها على السطح الزجاجي وهي تنظر للخارج ، وبعدها اكتملت الصورة وانكشف هذا الوجه المطموس وألقى بكامل ظلاله على النافذة 

حملقت دارين بتعجب دون أن تستدير لهذا الشيء الذي يتحرك ورائها ، وقد كشف عن نفسه بسبب انعاكسه على الزجاج العاكس امامها ، وأخيراً كان هذا الانعكاس لنمرٍ ضخمٍ للغاية !! وكان هناك خط طولي مرتسم على عينيه وكأن أحدهم جرحه فيها بسكين و لم يكن من جرحها سوى ” آلان ” 

بعدها تسمرت دارين في مكانها وهي ترى هذا النمر متوقف وراءها بوجهه وكان ينظر إلى ظهرها مباشرةً ، وهنا …. انتفضت من مكانها واستدارت له !! سقطت بظهرها على الأرض وأخطأ هو ضربها بكفيه وضرب الهواء .. حاول النمر بخطوطه السوداء الزاهية وبيديه الكبيرتان السيطرة عليها وإمساك أي طرف من جسدها الذي كان ينتفض ويرواغه على الأرضية .. وفجأة صرخت في وجهه صرخة عالية وأخذ النمر يزأر بعنف 

تحركت دارين بسرعة ووقفت على قدميها واتجهت مسرعة نحو روا وحملتها من مكانها وقد كانت الصغيرة تبكي عندما رأت هذا المخلوق البشع ينقض على أمها ويصارعها ، صعدت دارين السلم العلوي المؤدي إلى غرفة روا وكامل الغرف ، بينما كان النمر يتمشى ببطء وراءها وصعد السلم بهيبته وجسده العظيم ذو الخطوط الجميلة .

كانت دارين تجري وهي تحمل روا في الروق الطويل الخاص بالغرف ، وفجأة تعثرت في شيء أسقطها وكانت روا بيدها ! واذا بها تستدير لتلمح نمرا أسوداً يجلس بين الغرف وقد كشر عن أنيابه و أصدر فحيحاً عظيماً عندما تعثرت فيه وسقطت أمامه ، وقبل ان يهم للهجوم عليها نهضت دارين وأخذت روا التي كانت تبكي بشدة ودخلت داخل غرفة كبيرة خاصة بها هي و آلان .

وضعت روا وراءها على السرير بسرعة ثم عادت وهمت لتغلق الباب ، ولكن فجأة اخترق النمر الاسود الأجواء بين الباب ومهبطه وأسقطها أرضاً بضربة من يده ، كان معظم جسده خارج الغرفة ، لأنه كان يقف بين الباب ومهبطه الطويل ، همت دارين لتغلق الباب في وجهه ؛ ولكن النمر هجم وحشر جسده بسرعة وأخذ يقاومها بشراسة وهو بين طيات الباب ومهبطه من أجل أن يدخل اليها ، كانت دارين تغلق الباب على جسد النمر ، وكانت يد النمر ورأسه هما العائقان أمامها ، كان الوضع ثابتاً وكان النمر محشوراً بين الباب وأخذ يلقى بزبده المتساقط من فمه على وجهه دارين التي ثبتته على هذه الوضعية وهي تدفع الباب نحوه .

رفع النمر يده التي في الداخل وأنزلها على كتف دارين ، وجرحها جرحاً ترك أربعة خطوط طولية دامية في كتفها ، ووسط بكاء روا حاولت دارين أن تدفع الباب أكثر لتخرج هذا الوجه الأسود الكريه ذو الشوارب الكبيرة والزبد المتساقط من فكيه ، قامت دارين وهي على الأرض برفع قدمها وركل هذا المخلوق البشع ركلات قوية في وجهه ، حتى استسلم أخيراً ورفع رأسه وجسده من بين طيات الباب وأصبح في الخارج أمام الغرفة ، بينما أغلقت هي الباب على نفسها مع ابنتها 

كانت روا تبكي بشدة بسبب زمجرة النمر وعنفوانه ، بينما أخذت دارين تبكي هى الأخرى وهي تواسي ابنتها وقد كانت تقول لها .. ” لاتبكي ياروا و إلا لن يتركوننا وشأننا ! ” أخذت دارين تبكي ، ثم بعدها هدأت زمجرة النمر الاسود الذي كان متوقفا أمام الغرفة منتظراً خروجها ، ثم فجأة أصدر صوتاً غليظا وكأنه يتشاجر مع شيء ، ثم بعدها احتد الشجار وأخذ النمر الأسود يصطدم في الباب أثناء تشاجره مع هذا الشيء ، وبعدها هدأ كل شيء فجأة ، وكأن النمر الأسود ابتعد وانسحب .

وبعدها … سقط باب الغرفة بدفعة قوية من قبل النمر المخطط الضخم الذي قفز بجسده الثقيل عليه وأسقطه أمام دارين ، وكذلك سقط النمر فوق الباب بسبب اندفاعه وأخذ يتقلب على ظهره محاولةً منه للقيام ، وقبل أن يهم للقيام أخذت دارين روا وقفزت من فوقه بسرعة ، وعندما قفزت من فوقه وكانت أمام الغرفة تفاجأت بالنمر الأسود يندفع ضارباً بمخالبه وهو منقلب على ظهره ” وضعية القتال لدي القطط والسنوريات “، فجرحها جرحاً غائراً في قدمها ، وتركت مخالبة خطوط طولية عريضة فيها 

تماسكت دارين وهرولت وفي يدها روا ونزلت من على السلم متوجهةً إلى الأسفل باتجاه ال shoutgun التي سندتها بشكل طولي بجوار الحائط والتي ستكون وسيلة دفاع جيدة ضد النمور  ..

تبا .. كانت قدماها تنزف بسبب ضربة النمر الضارية والتي شوهت مسند قدمها ونزعت من أصابع قدميها اظفر ! وضعت روا بجانبها على الأرض و امسكت بها بقبضتها وقد كانت مشحونة بالطلقات القديمة الخاصة بالحارس ، ثم بعدها أخذت علبة الرصاص الكرتونية الخاصة بها ووضعتها قريباً منها ، ثم بعدها قامت بقطع شريحة طولية من الستارة التي بجانبها ولفتها على جرح قدمها ، كان جرحاً قويا للغاية ومؤلماً ، كانت قدمها مشوهة بسبب ضربة النمر بمخالبه الطائشة والتي تركت أثراً قطعياً من أسفل قدمها وصولاً إلى جزءٍ كبيرٍ من الأعلى 

كانت روا تبكي بجانبها بشدة وكانت دارين تربط جرحها . وبعدها على الفور تفاجأت بالنمر المخطط الضخم يتقدم من على السلم ببطء شديد ! وبعدها شدت جذع سلاحها ووجهته صوبه بانتظار هجومه ، ولكن النمر تصرف ببرود شديد عكس المتوقع ، فقط نزل أمامها وكان يشمشم بأنفه اسفل الطاولة وهذه المرة اقترب منها جداً بجسده العظيم المخطط ، بينما كانت هي ملتصقة بظهرها في الحائط في رعب وكانت موجهة البندقية العاتية صوبه 

وفجأة اعطي جانبه الايسر اليها وهو يشم ، كانت روا تنظر إليه ببراءة شديدة وهي تراقب جسده الضخم وهو يضع أنفه في الأرض ويحك مخالبه الحادة وكانه ينبش عن شيء ما ، ثم بعدها استدار برأسه نحوها ونظر إليها بعينه التي ارتسم فيها خطان طوليان ، وقد كان هذا بسبب سكين آلان ، كان هو نفس النمر الذي قتله وفتك به ” كومال ” 

كانت تنظر في عينيه وهي موجهة البندقية صوبه ، و قد كانت سارحة في وجهه هناك في الظلام تحديداً ! ومن السلم العلوي الآخر الذي بجوارها نزل هذا الكائن المخطط الآخر ذو العينين المستنيرتين التي أنارت ظلام السلم الدامس ! كان البيت مغزو بالنمور الضارية ، لم تكن دارين منتبهة لوجوده على درجات السلم ، ومن نفس السلم الذي نزل عليه الأول هبط النمر الأسود الآخر وتوقف بعيداً عند الطاولة وهو ينظر لدارين وبندقيتها 

كان كومال ينظر بعينيه المليئة بالشر تجاه روا ، كانت الفريسة الأضعف ، بينما لاحظت دارين ذلك وصوبت البندقية صوبه بقوة هذه المرة استعداداً لضربه لو تجرأ واقترب أكثر ، وقد كان النمر المخطط الآخر يراقبها وهو يقف على درجات السلم بصمت بينما لم تلاحظه هي أصلاً ، وفجأة اقترب كومال خطوات معدودة وتجرأ اكثر وبدا أنه يريد التمرد عليها وعلى سلاحها ، كان النمر الاسود جالساً على الأرض وهو يلهث وقد فتح فمه وخرج نابيه السفليان ، وعندما تهيأت دارين لضرب كومال قفز هذا النمر العظيم الآخر قفزة هائلة من فوق درجات السلم وسقط بجسده على جسد دارين وبندقيتها !! 

كان السيناريو صعب .. خصوصا وان روا الآن أصبحت بلا مأمن ، واقترب النمر الأسود جارياً نحو النمر المخطط الذي قفز فوق دارين وحاول انتشال دارين من تحت يده لقتلها ، ولكن الأخير باغته بضربة قوية كومته على ظهره ووجهه وانتفض واقفاً بعدها ، وفي هذه اللحظة انقض كومال بمخالبه ويداه الضخمة ممسكا بروا … وفي هذه اللحظة .. أطبق أنيابه عليها وكأنها فأر صغير !!!

كان المشهد عابراً أمام دارين وكان يمر ببطء وثقل شديد أمام عيناها الرماديتان الجميلتان اللتان بحلقتا بقوة في روا وهي بين أنياب النمر ، و كان فوقها النمر المخطط الضخم الآخر كاشراً عن انيابه ، وبعد أن سدد لها عدة خربشات قططية جارحة ، هزت هي البندقية في يدها وصرخت صرخة عظيمة للغاية هزت أرجاء المنزل ، صرخت صرخة أم تدافع عن بيتها وابنتها من نمور كاسرة لا تعرف الرحمة ، صرخت وقالت .. ” روا  ” وعلى الفور وهي تصارع النمر على الأرض وجهت البندقية في وجهه وأخرجت ضربة عنيفة منها ارتسمت بالدماء في جانب عنق النمر المخطط الذي كان فوقها ، فارتد مندفعاً إلى الوراء بسبب تأثير الضربة وأخذ يتلوى على الأرض ثم سكن 

وفي هذه اللحظة سحب كومال روا الصغيرة بين انيابه وصعد السلم واختفي بها وسط طيات الغرف المظلمة ، وعندها نضهت دارين من على الأرض فوجئت بالنمر الأسود يتقدم نحوها ، فاخذت تضرب عليه طلقات كسرت الأطباق وثقبت الأريكة ولكنها لم تصبه لأنه أخذ يقفز ويرواغ ببراعة ، ولكن أخيراً اصابته طلقة في فخذه الأيمن جعلته يقع على الارض وقد كان يتلوى ، ثم أشاح بنظره إليها وسكن فجأة وهو يزمجر 

استدارت دارين ورائها ونظرت من زجاج منزلها ففوجئت بنمر ضخم يضع يديه على الزجاج في وجهها مباشرة ! فانتفضت على الفور وضربت الزجاج الذي ورائه النمر بطلقة صد الزجاج معظم قوتها وتناثر على الأرض ، وانتفض النمر متراجعاً من امامها ، وتفاجأت في نفس الوقت بنمور أخرى تفتش وتقبع أمام المنزل ، قامت دارين بفتح عبوة الرصاص الصغيرة ، وقامت بإخراج رصاصات كبيرة ذات لون احمر ، ووضعتها طلقة تلو الاخرى داخل مخزن السلاح الذي قبع في أسفله ، قامت بشحن السلاح وجذب بطنه الحديدية بقوة ، وقد انسدل العرق على جسدها العاري وشورتها الخفيف الذي ابتل بسبب اجهادها وعرقها 

كانت دارين تلف حول قدمها قطعة من الستار ، وكان جسدها مغطى بجروح دامية وخربشات طولية وضربات قاتلة إثر احتكاكها بالنمور ، قاومت الآلام ، وبعد أن قامت بشحن السلاح أخذت تصوب بقوة من عبر النافذة المكسورة تجاه النمور التي أمام المنزل ، وجرحت بعضها بطلقات طائشة في أقدامها وظهورها ، انتفض نمر منهم وتقدم إليها مسرعاً محاولاً القفز عليها ! ولكن دارين صوبت بندقيتها نحوه بثبات وأردته بطلقة عنيفة وهو طائر في الهواء ووقع أمامها 

كانت دارين تصوب بقوة وأخذت تحاول إيذاء النمور بقوة كما أذوا ابنتها وقتلوها ، وعلى الفور بعد عدة تصويبات منها سمعت صوتاً كريهاً صادراً من السلاح ، كان هذا الصوت يعطي انطباعا ب … ” أمان أقل ” .. ” تك تك تك تك ” فرغت الذخيرة ووقفت دارين تنظر إلى النمور التي فزعت وهربت بسبب صوت سلاحها المدوي ، ولكن لا بأس .. سيعودون عما قريب ! 

وعلى الفور ابتعدت من امام النافذة وألقت بسلاحها الخاوي بعيداً ، ثم جلست على الأرض بركبيتها وقد انسدل شعرها على وجهها وجسدها ، استدارت فجأة ونظرت تجاه دولاب ضخم قبع امامها ” هل تفكر يا عزيزي القارئ فيما تفكر فيه دارين ؟! “، وعلى الفور نجدها تقوم بجذب الدولاب الضخم ، وبعد أن جذبته وحركته على الأرض سدت به النافذة المكسورة ومشهد النمور التي تتجول في الخارج ، استندت دارين وجلست على الأرض واسندت رأسها على الدولاب الذي سدت به النافذة ، ثم بعدها أخذت تبكي ، تبكي بغزارة ..

أين ضحكات ابنتها وبراءتها ؟ أين آلان ؟ أين سارة ؟؟ أين أنتم الآن ؟ لماذا تركتوني وحدي هنا ؟!! حقاً تباً لكم ! أخذت تضرب بيديها بقوة على الدولاب الضخم وكانت في حالة صعبة للغاية ، كانت وحدها ، بعد عدة دقائق هدأ بكائها واستدارت برأسها ونظرت نحو أعلى السلم ، وكان كل هدفها هو ” قتل كومال الضخم ” 

قامت دارين بفتح درج الدولاب واستلت سكيناً منزليا منه ، وعلى الفور توجهت بكافة جراحها إلى الدور العلوي المظلم حيث يقبع النمر بين أرجائه ، اقترب المشهد من قدم دارين وهي تصعد طبقات الدرج ، وظهر المشهد وهي تمسك بالسكين بين أروقة الغرف المظلمة ، وبعد أن تجولت قليلاً وجدت شيئاً صغيراً دامياً ملقى في الرواق ، اقتربت منه وركعت أمامه ووضعت السكين بجانبها ، وأخذته في حضنها وهي تبكي “جسد ابنتها ” ، كانت تعتصر جسد ابنتها بقوة بين أضلعها وكانت تنتحب وتبكي وهي راكعة على ركبتيها وتحضنه وتبكي وسط الظلام 

وبعد النحيب الخفيف والبكاء تفاجأت بجسد لم يظهر ملامحه وكان يتقدم من أمامها في الظلام ، وبدأت تجمع ماهيته في وجدانها حتى اكتشفت أنه كومال ، وقبل أن تمسك بأطراف السكين قفز عليها ودفعها بيده نحو درجات السلم وسقطت من على درجات السلم متدحرجة بقوة إلى الأسفل ، كانت السقطة عنيفة حتى أنها كادت تستسلم وتفقد وعيها ، ولكنها على يقين أن ورائها نمراً قوياً سيجهز عليها لو غفت قليلاً 

لملمت جراحها واتجهت مسرعة نحو المطبخ ، كان المطبخ واسعاً ومنسقا وبه مائدة خشبية ضخمة عالية مرتص عليها عدد من الكراسي الخشبية ، أخذت دارين سكيناً آخر من بين طيات الملاعق ، ورفعت يدها به في انتظار النمر ، كان الباب الذي سيأتي منه كومال متوجها نحو المطبخ خاوياً حتى الآن ولم يعبر منه ، وكان الجو صامتاً امامه ، كانت دارين تحملق بخوف وهي في انتظاره من هذا الباب ، وهنا ظهر أخيراً ..

دخل إلى المطبخ بهيبته وجسده الضخم المخطط ، تثاءب وأخرج لسانه وظهرت أنيابه ، ورفع رقبته العريضة ونظر إليها ، تخيل المشهد عزيزي القارئ ، نمر ضخم يتجاوز وزنه الـ 270 كغ في مطبخ منزلي مع امراة ضعيفة اتخذت من سكين مطبخها وسيلة للدفاع عن نفسها .
أخذ النمر يتقدم نحوها وأخذت قدميه تتراقص بتناسق أثناء مشيه ، كانت دارين تتراجع إلى الوراء وهي مستندة على رف المطبخ ، وعلى الفور اقترب منها كومال ونظرت في عينيه ولم تجد فيها سوى بريق الشر الذي عرفه أسلاف النمور منذ فجر الزمان ..

فتح فمه وأخذ يصدر زئيراً حامياً أمامها جعلها تنتفض ، وجعل السكين الذي في يده يرتعش وأصبح غير مستقر ، كانت دارين تنظر إليه في خوف بينما أظهر هو أنيابه الكبيرة وهرول تجاه دارين فجأة وعضها من قدمها وأسقطها أرضاً وجذبها إليه .. كان قابضاً بأنيابه على قدم دارين والتي ركلته في وجهه ركلة أبعدته عنها ، انتفض وحاول أن يعضها مجدداً من نفس قدمها التي أصبحت دامية بسبب عضته الأولى ، ولكنها أبعدت قدميها من أمام أسنانه قبل أن يطبق فكه عليها في آخر لحظة ..

وعلى الفور زحفت تحت الطاولة الخشبية الضخمة بينما التف النمر من الناحية الأخرى ودخل تحت الطاولة فوجدته في وجهها مباشرة ، كانت هي وهو تحت الطاولة وقد أخذ ينظر في عينيها ويكشر عن أنيابه ، اندفع نحوها بجسده الضخم وقد بدا هائجاً وأخذت الطاولة تهتز بعنف وهو يتجه نحوها ، جذبت دارين الكرسي من أقدامه وهي تحت الطاولة وقد وقف بينها وبين النمر بأقدامه الخشبية القوية ، دخل النمر برأسه ويديه بين أقدام الكرسي وحاول أن يطال دارين بيده المليئة بالمخالب .

كانت دارين تمسك بالكرسي ووضعته أمام وجهه ، كان النمر يزمجر ويحاول الوصول بفكيه وبجسده الهائل إلى دارين بأي وسيلة .. 

وأثناء هذا الصراع الشرس بين الأنثى البشرية والنمر الهائج غاب المشهد ! واظهر رجل يرتدي معطفاً طويلاً وقبعة سوداء يقف على رصيف شارع ملأت طياته مياه الأمطار ، وقد كان ينظر إلى يافطة محل صغير .. وكان ينظر الى كلمة مستنيرة على يافطة المحل وكان اسمها .. ” سارة ” ولكن على الفور أغلق المحل أبوابه وتوقف الاسم الرمزي عن اضاءته ، وحينها ابتعد الرجل من أمام المحل وأخذ يتجول في الشوارع .. بين الأنحاء .. بين الطرقات المظلمة لا يأبه بمياه الأمطار ولا يأبه بقدميه اللتين كانتا تتحركان في حزن ..

وأخيراً توقف ! نعم أخذته قدماه إلى زاوية بها صناديق قمامة حديدية ، وكان هناك رجل مسن مشرد يمسك بآلة عازفة وقد كان يعزف أمام هذه النيران المتراقصة أمامه ، ويغني بصوته السيئ ، وكان في انتظار حلول الغد وانقضاء الأمطار لكي يبدأ بالغناء وسماع أصوات العملات المعدنية وهي تلقى داخل طبقه الفضي الصغير الذي يسترزق منه .

وعلى الفور تفاجأ الرجل المشرد وهو يعزف ويغني وسط الأمطار بهذا الرجل الضخم ذو المعطف والقبعة الذي جلس أمامه على كرتونة قمامة قوية ، وبعد عدة تحديق من الرجل المشرد في وجه هذا الرجل يتضح أمامنا أن هذا الغامض هو بارسباي هيكتور !! 

أخذ الرجل المشرد يحدق في وجهه باستغراب وقال له ..
– ” ماذا تفعل هنا ايها السيد ؟! ” 
– ” سمعت صوتك وعزفك وأعجبني كثيراً .. حقاً أحسنت . “
قال له الرجل وقد فرح .. 
– ” حقا ؟!! ” 
– ” نعم .. حقاً ” 
-” وماذا تريد الآن ؟ ” 
– ” أريد منك أن تخفف جراحي قليلاً ، يمكنك أن تعتبرني شخصاً هائماً لا يجد طريقاً ومشرد مثلك “

ثم بعدها أخرج كل ما في جيبه من نقود وكان مبلغاً ضخماً جداً وأعطاه للرجل في صحنه اللامع !! بحلقت عينا الرجل وهو ينظر للنقود وقال له .. 
– ” سيدي ! .. ه .. هذ .. هذا كثير جداً !! “
– ” ليس كثيراً ، هذا هو مقابل غنائك شيء جميل وفن راقي “
– ” ولكن ليس الجميع ياسيدي يقدرون ما أغنيه ، كنت أخاف جداً من الشرطي وهو يسحق طبقي الصغير تحت أقدامه من أجل أن يحط مني ، كنت أعتقد انني في هذه الحياة عبثاً .. مشرد غبي على أرصفة الطرقات فقط لا غير “

–  ” الخوف شيء ليس له وجود يا صديقي ، إنه نتاج الأفكار التي نصنعها ، لا تسئ فهمي ، الخطر لهو شيء حقيقي ولكن الخوف في حياتنا هو عبارة عن خيار ، أنت تخاف لأنك لم تعتد الصمود والمواجهة .. ولا تقل عن نفسك بأن تواجدك على سطح كوكبنا عبثاً ، لكل شيء في هذه الدنيا هدف , الساعة تخبرك بالوقت , والقطار يأخذك إلى الأماكن التي تريد , وأنا أتخيل العالم آلة كبيرة ، لا يوجد هناك آلة تحتوي إضافات فقط ما تحتاج إليه ..
إذا كان العالم كله آلة كبيرة فلا يمكن أن تكون أنت مجرد إضافة ! أنت موجود هنا لسبب معين ” 

– ” لا يا سيدي الجميع يأتي علي فقط لأنني من أصنع أفكاري ، بينما هم من تصنعهم أفكارهم ، أنا أقوم بتأليف أفكار الأغاني التي أغنيها من قصص حقيقية ! كنت أتمنى الحصول على وظيفة محترمة أتقاضي منها راتباً لأنهي هذه المعاناة ” 
– ” رائع .. ولكن بعد فنائك لن يتذكروك أنت ، كل ما سيتذكروه هي فكرتك ، لقد أخبرونا في صغرنا أن نتذكر الفكرة وليس الأشخاص ، لأن الأشخاص من الممكن أن يفشلوا في تنفيذها أو يتم الإمساك بهم أو يقتلوا أو ينساهم الناس ، ولكن بعد 400 سنة بعدها ستظل الفكرة قادرة على تغيير العالم ! وبالنسبة للوظيفة أراك هكذا أفضل حالاً ! إن حصولك على وظيفة تتقاضي منها راتباً فقط من أجل أن تبقى على قيد الحياة لا يعد منطقياً تطوراً تنموياً و لا بناءً ذاتياً لعمدان نفسك ، هذا ما يسمى في حياتنا الواقعية بالاستعباد ، وأنت الآن تعتبر حر ، حتى الأشخاص الذين ينعمون بمنزل جيد فإنهم أسارى لجدران منزلهم هذا “

ثم تنهد وصمت قليلاً وقال .. 
– ” وبما أنك تؤلف أغانيك عن قصص حقيقة حاول أن تؤلف أغنية عاشق قتل معشوقته وعائلتها لأنه فقط يحبها ! “
– ” المعذرة لا أفهمك كيف يقتلها ويحبها ؟! “
– أرأيت لن تفهم ! هو مريض بالحب الهوسي ، يرى أنها لو لم تكن له لن تكون لغيره “

نظر الرجل وقد تعجب وقال له ..
–  ” سيدي هذا جنون ؟! هذا ليس بعشق “
أسند بارسباي رأسه على مؤخرة الحائط وسرح بانظاره بعيداً وقال له بنبرة مليئة بالحنين ..
– ” والآن غني لي بصوتك السيئ  .. هذا سوف يريحني كثيراً ” 

حاول عزيزي القارئ ان تقول هذه الجملة من أعماق قلبك لصديق تحبه ، سوف تريحك كثيراً ، فقط تعمقها ..

بدأ الرجل بالغناء بصوته السيئ ، وكان بارسباي يستمتع بعزفه وغنائه ، وفي بقعة أخرى على جزيرته ظهرت دارين وهي تقاتل كومال على ألحان هذه الأغنية الحزينة ، كسر كومال الكرسي بجسده الضخم وانطلق مندفعا نحو دارين .. وأطبق أخيراً على عنقها ببراعة ، وعلى الفور ارتخت يدها إلى جانبها وكان السكين ثابتاً في كفها ، وبحلقت عيناها مفتوحة بدون حراك إلى الأعلى وكانت هي النهاية . 

وفي الشركة الفارهة وأمام هذا الزجاج الضخم أنتصب بارسباي واقفاً في شموخ وهو يتحسس صورة سارة بأطراف أصابعه .. وقد كان يبتسم وفي يده مسدس ..

“”” مانشيتات عابرة “”””” 

انتحار رجل الأعمال الشهير بارسباي هيكتور في ظروف غامضة .. “رجل الاعمال الشهير أطلق طلقة نافذة من مسدسه الخاص لتخترق جمجمته تماماً ” حيث أكدت التقارير أنه عاني من الاكتئاب والهوس في الفترة الأخيرة ..

أين اختفى الموظف آلان هيمنجواي في رحلة بارسباي التعيسة ؟؟ انتحار رجل الاعمال كشف عن جريمة عظمي حدثت على جزيرته ، حيث أكدت التحريات أنه أطلق نمور جبارة وسط عائلة الموظف المسكين هناك ! الحصول على جثث لعمال البناء والتصميم في جزيرة براديس ! العثور على جثة زوجة آلان هيمنجواي ! قوات حماية البرية تصطاد نمور براديس العاتية .. 

خبر آخر مع صورة بالأبيض والأسود للسيدة سارة وهي تضحك .. وقد كانت في سن العشرين .. كان بارسباي يريد الانتقام من سارة هاكسون ، حماة آلان ، حيث أكد تاريخ عائلتها أن بينهم وبين بارسباي مشاكل كبيرة . 

الشرطة تواصل تناوب القضية وتؤكد أنها ستغلقها إذا لم يظهر متورط آخر بخلاف بارسباي

  2 / 2 / 2017 .. الشرطة تغلق القضية . 
 

تاريخ النشر : 2017-09-23

توتو

مصر
guest
57 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى