أدب الرعب والعام

قلب مدفون+النسخة الأصلية

بقلم : Valhalla

قلب مدفون+النسخة الأصلية
يقف قرب الحفرة ممسكاً بالمجرفة

اخذ نفساً طويلاً من سيجارته , بعد ان اشعلها بيديه الداميتين .. نفث الدخان و رمى السيجارة نحو الحفرة امامه , و هو يقول بلؤمٍ و عصبية :
-اشتعلي ايتها السافلة !!

كم كان غضبه مُستعراً في تلك الليلة القمرية .. و هو يقف في وسط الغابة المجهولة , مُمّسِكاً بيده المجرفة , التي صار يرمي بها التراب فوق الحفرة , ليردمها .. و هو عاري الصدر , بينما تلطّخ سرواله بالدماء .. و كان يرمي التراب فوق جسدٍ محشور بحفرةٍ صغيرة .. جثةٌ شقّ بطنها و بُقِرَت احشاؤها , بعد ان لُفّت بداخل كيس قمامة شفّاف , بحيث تظهر من خلالها عينا الجثة , المفتوحتان على وسعهما لهول ما لاقته !

توقف برهة .. و تذكّر نزع القلادة من عنقه و التي كانت مُزينة بقلبٍ فضي صغير ، ثم رماها داخل الحفرة و هو يقول :
-خذي حاجياتك لتتعفن معك , فأنا لا احتاجها

اخذ ينظر الى يديه الداميتين في حمق ، تنبّه الى انه لم يكن هكذا في ما مضى ، تذكّر بأنه كان انساناً حتى البارحة.. و صار يحدّث نفسه بدهشة :
-أحقاً هذا انا ؟! أفعلاً استطعت فعل ذلك ؟!

القى بنظرةٍ مشمئزّة على ذلك الوجه الظاهر من خلف الكيس ، و القابع في الإسفل .. ثم اخذ المجرفة من جديد و عاد يرمي فوقه التراب , و هو يحدّق في الجثّة .. و كان قد غطّاها بالرمال حتى عنقها .. ثم اشعل سيجارة اخرى ..و جلس قرب الحفرة و صار يحدّق في وجهها من جديد .. كان ذاك وجه عبير .. انها عبير , قدّيسته ..عبير , الزوجة الصالحة …عبير , القابعة في تلك الحفرة !

سرى مفعول النيكوتين و وصل الى دماغه , و عادت لمحات سريعة تجول في ذاكرته..

تذكّر حين عاد الى البيت من العمل باكراً على غير عادته , لكيّ يُفاجئ عبير بهديةٍ كان قد اشتراها في طريق عودته .. كان حينها عند باب شقته , يعدّل هندامه .. واقفٌ عند العشّ الذي جمعهما معاً لخمس سنوات .. لكن بعد ان مرّ اولاً عند الحلّاق ليهذّب لحيته و شعره كما تحب زوجته ..

انقبض قلبه و هو يتذكّر كيف دخل البيت ليجد حذاء رجالي ليس له , موضوع عند ركن الباب ! و سروال رجّالي مرمي في الرواق ! .. رمى الهدية من يديه .. و دخل الغرفة المقدّسة للزوجين , ليجد عبير في السرير مع رجل ! نعم !! مع رجل ليس هو .. رجل دنّس عشّه الطاهر و حطّم حياته !

تذكّر كيف كانت ردّة فعل رجل السرير , حين رأى فؤاد واقفاً عند باب الغرفة , كالطفل المذهول عند دخوله المدرسة لأول مرّة ! و كيف حمل الرجل حاجياته و اسرع بالخروج , دون حتى ان يلتفت اليها او يهتم لمصيرها ! تاركاً فؤاد واقفاً بجمود كتمثالٍ اتلفه الزمن

ثم تذكّر زوجته عبير و هي تغطي نفسها باللحاف , كأنها خجلة من ذلك الكهربائي الواقف عند باب غرفتها ! و كيف صارت تردّد كلمات الإعتذار برعبٍ و فزع !

-كانت غلطة يا فؤاد , لن اعيدها ابداً .. انا اعتذر .. كانت غلطة ..
-غلطة ؟!!! اتسمي ما فعلته غلطة , انها جريمة ايتها الحقيرة !!!

و هنا !! عاد للواقع .. و قال و هو ينظر الى وجه الجثة , بعد ان غطّى جسمها التراب :

-بالفعل كانت غلطة ..غلطتي انا !! غلطتي لأني ظننت بأني ولدت من اجلك , ايتها السافلة !! و هآ انت الآن , هناك في الأسفل .. انظري كيف اصبحت مسخاً ..ماذا ! ماذا قلتِ ؟! لا اسمعك !! الا تستطعين الإجابة ؟ أأكل الفأر لسانك ؟!! أتعلمين شيئاً ..اتمنى ان تعودي الى الحياة مرّة بعد مرّة , لأعود و اعذّبك ببطء و استمتع بتعذيبك اكثر و اكثر ..فلتنعمي في حفرتك , ايتها اللعينة !! .. اراك قريباً في الجحيم !!

و قبل ان يضع التراب على وجهها .. تذكّر شيئاً :
– آه ! كنت انسى .. اليك هديتي !!

ثم ضرب وجهها بقوة برأس المجرفة … ثم انزل الرمال على ما تبقّى من وجهها المهشّم ..و طمر الحفرة جيداً .. ثم توجه الى غصن شجرة , التي كان قد علّق عليها قميصه ..

و بعد ان ارتداه .. اشعل سيجارة اخرى , و توجّه نحو السيارة ..الاّ انه عاد ثانيةً نحو الحفرة .. و و قف قربها ..و قال بشيءٍ من الهدوء و الرزانة , جملته الأخيرة التي وجهها للقابعة تحت التراب :

((انا فؤاد !! لست انا من يستعمل سريره لأفراح الأجساد ..انا فؤاد !! انا الجلاد !! اعدك بأنني سأكون اينما تكون امثالك , اعدك انهنّ سيدفعن الثمن مثلك تماماً ..فأنا اصبحت منذ اليوم !! مسخ الخائنات .. يا غلطتي الكبيرة !! يا عبير الخائنة ))

ثم توجّه نحو الى سيارته و هو ينفث دخان سيجارته .. بعد ان ارتدى نظارته الشمسية , لإخفاء عيناه الغاضبتان .. و رفع صوت الموسيقى ، و انطلق بقلبٍ مُتبلّد المشاعر نحو مصيرٍ جديد و مجهول !

كان ذلك فؤاد .. الشاب المهندس .. الخلوق .. الطموح .. فؤاد الذي ولد من خاصرة المعاناة , ليشقّ طريقه بعد ان كدّ و كدح في مدرسة الحياة , لأجل تحقيق حلم عبير .. جمرة قلبه الأولى .. عبير التي لم يبخل بأعطائها مفاتيح قلبه ..عبير التي امّنها على حياته و سمعته , فلتّخطها له للأبد .. حقاً !! ليس فؤاد , من يُستعمل سريره لأفراح رجلٍ آخر !

__________

النسخة الأصلية للكاتب valhalla :

اخذ نفسا طويلا من سيجارته بعد ان اشعلها بيدين داميتين،نفث الدخان و رمى السيجارة تحت،تحت في الحفرة
اشتعلي ايتها السافلة،هكذا صرخ في ليلة نورها القمر و المجرفة بين يديه
اخذ المجرفة و صار يرمي التراب تحت في الحفرة، عاريا الا من سروال مدرج بالدماء،كان يرمي التراب على جسد محشور في الحفرة،جثة شق بطنها و بقرت احشائها،كانت الجثة ملفوفة في كيس قمامة شفاف حيث ان عينا الجثة كانتا لا تزالان مفتوحتان تشيان بهول ما لاقته
توقف لبرهة،و تذكر،نزع قلادة من عنقه مزينة بقلب فضي صغير،رماها في الحفرة
همس و هو ينفخ الهواء في يديه:خذي حاجياتك لتتعفن معك فأنا لا احتاجها
اخذ ينظر الى يديه الداميتين في حمق،تنبه الى انه لم يكن هكذا في ما مضى،تذكر انه كان انسان حتى البارحة
أ حقا انا هكذ!!!كان يحدث نفسه،أحقا استطعت فعل هذا!!!
القى نظرة على الوجه خلف الكيس،القابع في الاسفل،اخذ المجرفة من جديد
كان يرمي التراب و هو يحدق في وجه الجثة اسفل و قد تغطت بالرمال حتى عنقها،اخرج سيجارة اخرى،اشعلها،و جلس على صخرة قرب الحفرة،صار يحدق في الوجه تحت،وجه عبير،انها عبير قديسته،عبير الزوجة الصالحة،هي،هي من في الحفرة تحت.
سرى مفعول النيكوتين و وصل الى دماغه من جديد،عادت لمحات لتجول في ذاكرته
تذكر حين عاد الي البيت من العمل باكرا على غير العادة ليفاجئ عبير بهدية كان قد اشتراها و هو قادم،كيف عدل هندامه و هو واقف عند البيت،عند العش الذي جمعهما لخمس سنوات،كيف عدل شعره و لحيته كما تحب عبير،انقبض قلبه و هو يتذكر كيف دخل البيت ليجد حذاء رجالي ليس له موضوع عند ركن الباب،و سروال رجالي ليس له كذلك مرمي في الرواق،رمى الهدية من يديه،تذكر كيف دخل الغرفة المقدسة للزوجين ليجد عبير تتقلب في السرير مع رجل،نعم،مع رجل،و ليس هو هذا الرجل بالحتم بل رجل اخر،كل ما يعلم عن هذا الرجل،هو انه دنس عشه و حطمه،بل حطم حياته،تذكر كيف كانت ردة فعل رجل السرير حينما رأى معاد واقفا عند باب الغرفة،كالغريب،كالطفل الذي يدخل قسم المدرسة اول مرة،كيف حمل الرجل حاجياته و خرج دون حتى ان يلتفت،تاركا معاد واقفا كتمثال اتلفه الزمن،تذكر زوجته عبير و هي تغطي نفسها باللحاف كأنها خجلت من الكهربائي الواقف عند باب الغرفة،كيف انها قالت كلمة اسفة يا معاذ كانت غلطة،و الان صرخ
كانت غلطة؟؟؟،كانت غلطة أيتها الحقيرة؟؟؟لقد كانت غلتطي انا، غلتطي انا،اني ظننت بأنني ولدت من اجلك ايتها السافلة،انت هناك هيه انت التي بالاسفل،انظري كيف اصبحت مسخا،هاه الا تستطعين الاجابة،أ اكل الفأر لسانك،أوتعلمين ان السبب الوحيد الذي يجعلني اتمنى ان تعودي الى الحياة هو من اجل ان ابقر احشائك خارجا ثانية فلتنعمي في حفرتك ها هنا،حمل المعول و صرخ ثانية اليك هديتي،و ضرب وجهها برأس المعول،انزل الرمال على ما تبقى من وجهها،وطمر الحفرة جيدا،توجه الى غصن شجرة كان قد علق عليه قميصه،ارتدى قميصه و اخذ سيجارة اخرى توجه نحو السيارة الا انه عاد ثانية نحو الحفرة و قال في شيء من الهدوء و الرزانة جملة وجهها الى الساكنة اسفل
“انا معاد،لست انا من يستعمل سريره لأفراح الاجساد،انا معاد،انا الجلاد،اعدك اني سأكون اينما يكون،امثالك يتقلبن على سرير غيرهن من النساء،اعدك،اعدك انهن سيدفعن الثمن مثلك،اصبحت مسخ الخائنات يا عبير.”
توجه الى سيارته اشعل سيجارته ثانية و ارتدى نظارات شمسية في منتصف الليل،زاد من صوت الموسيقى،و انطلق.
هذا هو معاد،المهندس معاد،الشاب،الخلوق،الطموح،معاد الذي ولد من خاصرة المعاناة ليشق طريقه في الحياة،كد و كدح في مدرسة الحياة،درس ليصبح مهندس،درس ليحقق حلم عبير،جمرة قلبه الاولى،عبير التي لم يبخل بأعطائها مفاتح قلبه،عبير التي امنها حياته،لتلطخها في السرير مع رجل اخر
حقا ليس معاد من يستعمل سريره لأفراح رجل اخر

تاريخ النشر : 2016-02-09

guest
23 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى