كشكول

قل الروح من أمر ربي

بقلم : ساهر

يقول الباري في كتابه الكريم : ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ) بدايةً جميعنا نتسائل مم خلقت الروح ؟! وأين خلقت ومتى ؟!  ” روح – حور ” ثلاثة أحرف نفس الأحرف ونفس العدد. الروح لوكـُتبت بشكلٍ معكوس تصبح حور . تقول الآية ( روحٌ وريحان وجنة نعيم ) ويقول عليه الصلاة والسلام ” كل أُمتي في الجنة إلاّ من أبىٰ ” فالروح على الفطرة عندما خُلِقٓت فصفائها ونقائها طاهرة تماماً مثل الحُوُر العِين . وجميعنا نعلم أن أبونا آدم عليه السلام خُلِق في الجنة . فالأرواح خلقها الله سبحانه في الجنة إكراماً لبني آدم ..‎

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد…}، هل الروح التي ينفخها الملك يخلقها الله في تلك اللحظة أم أنها خلقت قبل ذلك وتوجد في عالم الأرواح، وما هو الفرق بين عالم الأرواح وعالم الذر، وما معنى كلمة الذر؟
‎‎
فظاهر كلام‎ ابن القيم والشوكاني‎ أن الأرواح كانت مخلوقة قبل دخول النطف في الأرحام، ومعنى كلمة الذر: النمل، والمراد بعالم الذر الأرواح التي أخرجها الله من ظهر أبينا ‎آدم‎ عليه الصلاة والسلام، حيث أخرجها كالذر أي كالنمل وأخذ عليهم الميثاق بتوحيده وعبادته فقال: ألست بربكم، قالوا: بلى… فالأرواح كانت مخلوقة قبل أخذ الميثاق، ولا شك أن أخذ الميثاق تم قبل دخول الأرواح في أجسامها في الأرحام كما هو ظاهر.‎
والله أعلم

هل الروح تنام هل تموت ؟!

( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )

الروح لا تموت ، تنام أعيننا وأجسادنا وتتقلب يميناً ويسارا وتبقى الأرواح مستيقظة تحلم تطير
تتنقل من مكان إلى آخر ومن بلاد إلى بلاد .
حتى أنه في يوم المحشر فإذا قضى الله بين العباد فيقول سبحانه يا أهل الجنة خلودٌ بلا موت وياأهل النار خلودٌ بلا موت .
من المعروف أن روح الإنسان يمكن تخرج خلال النوم ثم تعود لجسد صاحبها قبل أن إستيقاظة بلحظات . أما الأموات حيث لا جسد لهم فتظل أرواحهم هائمة في البرزخ إلى أجلً غير مسمى .

الروح لا نراها ولا نشعر بها إلاّ من خلال وجودها في الجسد أما الجسد مجرد صورة أو دمية أو تمثال والروح هي من تحرك هذا الجسد . ويصوِّر الله هيئتنا وأشكالنا كيفما شاء  ( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ) وأيضاً  ( في أي صورةٍ ما شاء ركبك )

خلق الله الأرواح فيرسلها واحدة تلو الأُخرى إلى الأرض فيعلم بالنطفة من أي صلبٍ تخرج وفي أي رحمٍ توضع . وقد نقل الحافظ إبن حجر رحمه الله بإتفاق العلماء بأنه إذا صار الأربع أشهر فيُنفخ الروح في النطفة بأمره سبحانه. ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد…}.

هناك حديث  اشتهر على ألسنة الوعاظ، فيكثرون من ذكره في مواعظهم وخطبهم. 
هذا الكلام منقول عن بعض كتب بني إسرائيل، نقله كعب الأحبار أو غيره : ( يا اِبنَ آدمَ خَلَقتُكَ لِلعِبَادةَ فَلا تَلعَب , وَقسَمتُ لَكَ رِزقُكَ فَلا تَتعَب , فَإِن رَضِيتَ بِمَا قَسَمتُهُ لَكَ أَرَحتَ قَلبَكَ وَبَدنَكَ ، وكُنتَ عِندِي مَحمُوداً , وإِن لَم تَرضَ بِمَا قَسَمتُهُ لَكَ فَوَعِزَّتِي وَجَلالِي لأُسَلِّطَنَّ عَلَيكَ الدُنيَا تَركُضُ فِيهَا رَكضَ الوُحوش فِي البَريَّةَ ، ثُمَّ لاَ يَكُونُ لَكَ فِيهَا إِلا مَا قَسَمتُهُ لَكَ ، وَكُنتَ عِندِي مَذمُومَا ) . فأقول للتذكير بأن ليس علينا سوى الإيمان بما كتب الله لنا .

نعود مرةً ثانية ونقول بأن الروح خُلِقت على الفطرة . يقول عليه الصلاة والسلام ( ما من مولود إلاّ يولد على الفطرة ) ولكن الإنسان بعد ذلك يختار طريق الخير أو طريق الشر ( فألهمها  فجورها وتقواها ) ..

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: « الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف»

الأرواح المتآلفة : هناك قوة مغناطيسية خفية جاذبة تجذب الأرواح المتآلفة المتحابّة . قوة إيجابية لا نستطيع مقاومتها ولا وصفها لانراها أصلاً . خارجة حدود العقل والمنطق . تجذب الأرواح المتآلفة جذباً قوياً إلى بعضهم البعض دون شعور . حينها لاينظر المرء بعينه . بل تحركه روحه . فالروح تستطيع أن تهزم الإنسان لكن الإنسان لايستطيع أن يهزم روحه .
بل نبقى مستسلمين لأرواحنا وهي درجات .

الأرواح اللتي أختلفت : هي الأرواح التي لا تتلاقى . فهناك شرارة سلبية خفية شديدة القوة تشتعل .  خارج حدود العقل والمنطق شرارة لاتوصف إطلاقاً . فبمجرد أن تقترب هذه الأرواح فيحدث مثل الصعق الكهربائي فتفرق بينهما . يبقى الإنسان ضعيفاً مكتوف الأيدي أمام قوة الروح . وهي أيضاً درجات


الأرواح  إلى  التآلفِ  لاهفةً   تتسابق
   خُلُقاً وطباعاً ووصفاً  تتطابق
   هي  الأرواح  كالمرآه  تترامق
   يرى   المرء  توأمهُ  وقد  ظنّٓ
  أن قد رأى نفسه قلوباً تتعانق

  ترى   الروح   توأمها    كمجرة
  تنير   الفؤاد نوراً  تملأهُ   مسرَّة
  إن غاب فالنفس تغلي كجمرة
  إن  غاب  زاغ   العقل  أو   جنَّ
  وإن عاد تُشفى الروح من نظرة

سأذكر لكم قصة موجودة على اليوتيوب بعنوان (( قصة شاب مات ومات صديقه قهر عليه قصة من عجائب القصص )) مع مغسِّل الموتى ” عباس بتاوي “
يقول المغسل عباس : أن عائلة  توفي إبنهم ڤأتى الشيخ  ليغسله ويكفنه وكان من بين العائلة أقربائهم وأيضاً صديق الميت وأقربهم صداقة في نفس  الوقت

تقول القصة : كنت على إستعداد لتغسيل الميت وكان بقربي صديقه المقرب يبكي بكاءاً وبِحُرقةً شديدة ومغسل الموتى متعجباً . ثم دخل المغسل للغرفة ليغسل الميت ثم يكفنه. وبعد أن إنتهى أخذوا الميت ليصلوا عليه الصلاة على الميت .
وماهي إلاّ أربعاً وعشرون ساعة إتصل نفس الناس على مغسل الأموات عباس بتاوي قالوا له لدينا  ميت فأتى في الحال وعندما بدأ  ليغسله نظر المغسل في وجه الميت متعجباً فسأل أهله وذويه إن وجه هذا الميت ليس غريباً عليه ؟! فقالوا له ياشيخ عباس هذا الميت هو نفسه الذي كنت تشاهده بجانبك يبكي بالأمس على صديقه الذي كنت تغسله البارحه وش فيك نسيت ؟!  فقالوا له لقد مات قهراً على صديقه الذي توفي بالأمس ؟! فتعجب الشيخ عباس تعجباً شديداً . صداقةً بمثابة الإخوة ..

سأذكر لكم قصة ثانية :

هذه القصة حدثت وشهدتها أنا شخصياً .
شخصان من أبٍ وأُم . منذ سنين طويلة جداً متهاجران
لم ينفع بينهما الصلح إطلاقاً . أهلهم وأقربائهم فشلوا في الصلح بينهما بل وأصابهم اليأس  من الصلح بينهما وفوضوا  أمرهما إلى الله . أنا شخصياً لم أصدق أنهما أخوين من أبٍ واُم من بطنٍ واحدة . يجمعهما لحمٍ ودم . ولكن الواقع الذي شاهدته عكس ذلك . إخوة ولكنهم ليسوا  بإخوة . مرّت السنين والسنين والحال نفسه يبقى على ماهو عليه .

فتذكرت الآية القرآنية ﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ هكذا هي الأرواح تتحرك بقدرة الله . فلا أحد يستطيع أن يغيِّر مجراها تآلفاً كان أو إختلافاً .

بدأت المقال بسؤال وسأختمه بنفس السؤال  :
ممّ خُلِقَت الروح ؟! الإجابة  نفس عنوان المقال
( قل الروح من أمر ربي ) ..

اللهم إن أصبت فمنك وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان .
سبحانك اللهم وبحمدك
أشهد  أن لا  إله  إلاّ   أنت
أستغفرك  وأتوب   إليك
وآخر دعوانا أن الحمد لله
      رب العالمين
وصلي اللهم على نبينا محمد
وعلى  آله  وصحبه   أجمعين ..

guest
49 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى