قتلة و مجرمون

قناع الموت – 1 – سفاح بافلوجراد

بقلم : د.بلال عبدالله – أوكرانيا
للتواصل : [email protected]

القاتل امام اعين الشرطة 25 عام دون ان يغيروه اهتمام!
القاتل امام اعين الشرطة 25 عام دون ان يغيروه اهتمام!

قصص وحكايات ” القاتل المتسلسل” ليست فقط قصص بوليسية مثيرة او جذابة لمحبي أدب الجريمة, هي كذلك دراما مرعبة, حزن وألم , حظ عاثر لأشخاص كانوا نزوة في حياة مهووس أصدر حكمه عليهم بالموت وعلى أحبائهم بألم الفقدان .

في الـ 7 من مارس 1985 قام ساعي البريد بتسليم رسالة مستعجلة الى جريدة برافدا (الحقيقة) في موسكو وهي جريدة ذائعة الصيت إشتهرت بتقصي الحقائق و الحيادية في تناول المواضيع وكانت مؤثرة في القرارات العليا , الرسالة حملت توقيع العديد من الامهات من مدينة “بافلوجراد” وكانت محملة بالرعب و الخوف و القلق.

من الرسالة :-
(منذ بداية أغسطس 1984 ونحن نعيش في حالة من الرعب المستمر و الخوف على أطفالنا, نحن نساء و امهات مدينة “بافلوجراد” نطلب مساعدتكم الجدية في هذا الويل, نحن لا نعرف أيّ الأطفال سيكون الضحية القادمة).

هذه الرسالة كانت استغاثة من الامهات على سلسلة من الجرائم التي حدثت في مدينة “بافلوجراد” وراح ضحيتها العديد من الفتيات القاصرات و المراهقات , إلا انه لم يكن في حسبان الامهات وهن يكتبن هذه الرسالة ان السر لن ينكشف قبل مرور أكثر من 20 سنة.

blank
بافلوجراد .. مينة صناعية كادحة

“بافلوجراد” مدينة المعامل و المصانع, مدينة العمال حيث يعمل الناس في هذه المدينة من ساعات الفجر الاولى حتى ساعات متاخرة من الليل لذلك من الطبيعي ان يكون الاطفال اما مع كبار السن او لوحدهم لغاية عودة الأهل ليلا وهذا ما أتاح الفرصة أمام أحد اخطر المجرمين لتنفيذ جرائمه بهدوء وفي منتصف النهار مما أشاع الرعب في المدينة وكانت اعداد الضحايا تزداد يوم بعد آخر :

– 12 مايو 1984 محاولة إغتصاب طالبة مدرسة ابتدائية في قبو أحد العمارات السكنية
– 3 نوفيمبر 1984 وسط الحشائش تم العثور على طفلة عمرها 10 سنوات مقتولة بعد ان تعرضت للاغتصاب
– 14 يناير 1985 تم العثور على طفلة عمرها 11 سنة مقتولة و تم اغتصابها بوحشية و التمثيل بها بعد الوفاة

توالت مثل هذه الجرائم دون ان تغلق الشرطة أي قضية منها ، فلا متهمين ولا حتى مشتبه بهم ، مما تسبب بانتشار الذعر بين سكان المدينة الذين منعوا أطفالهم من مغادرة المنزل دون مرافق كبير.

اوليا شوفالوفا

blank
اوليا شوفالوفا

طفلة صغيرة عمرها 8 اعوام , كانت تعيش في منزل يقع على بعد 100 متر فقط من المدرسة ورغم ذلك كانت امها تطلب اجازة قصيرة من العمل كل يوم و تذهب لتصطحبها الى المنزل ثم تعود الى العمل مرة أخرى . في أحد الايام خرجت الام من العمل وقررت الذهاب الى المستشفى المجاور للمدرسة ولم تستغرق زيارتها سوى 10 دقائق ثم وصلت الى المدرسة لتبلغها المعلمة ان “اوليا” قد غادرت قبل دقائق, سارت الام متجهة الى المنزل الذي لا يبعد سوى 100 متر عن المدرسة على امل ان تلحق بطفلتها وبعد وصولها و تفتيشها جميع غرف المنزل لم تجد اثرا للفتاة الصغيرة لتخرج مرة أخرى الى الشارع وتشاهد ان اثار حذاء “اوليا” موجودة في مدخل العمارة السكنية وكان من السهل التعرف على تلك الاثار بسبب الثلوج التي تغطي الشوارع , وبعد طرقها على أبواب الجيران أخبرها أكثر من شخص انهم شاهدوا “اوليا” وهي تدخل من باب العمارة الرئيسي فلم يتبقى سوى البحث في سطح العمارة و القبو!. بدأ الجيران يبحثون في العمارة ثم وصل والد الطفلة وبعد نزولهم الى قبو العمارة وجدوا كتب و دفاتر “اوليا” ثم وجدوا “جثتها” خلف أحد انابيب الماء الكبيرة الممتدة في القبو وكانت الطفلة لا تزال دافئة, بعد التحقيقات وجدوا ان “اوليا” تم اغتصابها وان سبب الوفاة هو الاختناق حيث قام القاتل بخنقها ثم اغتصابها وهي ميتة وعلى وجهها كانت بعض الكدمات, نمط القتل تطابق مع الجرائم السابقة و أصبح جليا لرجال الشرطة ان هنالك اسلوب و نمط وان الجرائم ارتكبها نفس الشخص . لم تفلح التحقيقات التي قام بها رجال الشرطة ولا البلاغات التي قدمها سكان المدينة حول غرباء وذلك لسبب بسيط حيث إعتقد الجميع ان القاتل المتسلسل هذا هو سفاح بمواصفات خاصة او على غرار القتلة الذين سبقوه قد يبدو بهيئة معينة او نظرات غريبة او ابتسامات مرعبة ولم يفكر أحد ان هذه الجرائم من الممكن ان يرتكبها جارهم مثلا!!.

إيغور ريجكوف

blank
تم اعتقاله بشكل مفاجئ دون توضيح

شاب رياضي وسيم كان يمتلك أكثر من تخصص ومهارات متعددة جعلت اهله واصدقائه يتوقعون له مستقبل رائع , بعد دراسته وعمله في مدينة اخرى تعرف على فتاة من مدينته وقرر العودة و العيش معها في مدينتهم “بافلوجراد” ثم حصل على وظيفة في هيئة السكك الحديد وبعد حياة هادئة إقتحمت عناصر الشرطة مكان عمل “ايغور” وتم اعتقاله بشكل مفاجئ دون توضيح لرؤسائه في العمل او لـ “ايغور” الذي وجد نفسه في غرفة تحقيق مع ضابط غاضب جدا , قام الضابط بطرد رجل سكير متهم بضرب زوجته و قيادة جرار زراعي تحت تاثير الكحول كان الرجل اسمه “سيرهي تكاج” وكان يشعر بالملل من الحياة ويريد الدخول الى السجن الا انه منحوس طوال حياته ولم يفلح حتى في دخول السجن, طرده ضابط التحقيق للتفرغ لـلتحقيق مع “ايغور” حيث سأله اين كان في تواريخ محددة وهل لديه شهود على اماكن تواجده!.

قبل ذلك بايام قليلة سمع بعض الشباب الذين يقيمون حفلة شواء في الغابة صراخ فتاة وشاهدوا من بعيد رجل يسحب الفتاة بين الاشجار الا انه فر هاربا عندما شاهد الشباب يتجهون نحوه, فتاة الغابة طُلب منها في مركز الشرطة ان تتعرف على “ايغور” ان كان هو من هاجمها ام لا الا ان الفتاة قالت انه ليس نفس الرجل بعد نظرة خاطفة ثم خرجت ولم يسعد ذلك ضابط التحقيق المسؤول عن القضية التي يريد حلها واغلاقها بأي شكل فهي أصبحت فضيحة لوزارة الداخلية لذا طلب الضابط ان يسال الفتاة خارج الغرفة ثم عاد مسرعا وقال انها اعترفت ضد “ايغور” الا انها كانت خائفة من قول ذلك امامه!.

وتم ترتيب اوراق القضية بسرعة وحكم على “ايغور” بالسجن 3 سنوات في حادثة فتاة الغابة ولم يتمكنوا من اثبات بقية الجرائم ضده. ولضعف الادلة وعدم رغبة ضابط التحقيق في مثول فتاة الغابة امام المحكمة طلب الضابط من “ايغور” ان يوقع على اعتراف رسمي انه قام بمهاجمة الفتاة في الغابة مقابل ان يتم ايقافه لمدة شهر مع دفع غرامة 50 روبل ثم يخرج دون اي مشاكل , وبعد اقتياده الى غرفة التحقيق مرة اخرى انصدم من وجود فتاة ثانية تعرضت ايضا لهجوم ومحاولة اغتصاب وطلبوا منها التعرف على المغتصب في طابور عرض من 5 اشخاص بينهم “ايغور” الذي كان غاضبا الا ان المحقق اخبره انها قضية مشابهة ولا داعي للقلق ومثل القضية الاولى لم تتعرف الفتاة على “ايغور” ثم غادرت مع المحقق الذي عاد بعد قليل و أخبر “ايغور” انها اعترفت ضده حينها شعر “ايغور” بعدم الارتياح وان الموضوع ليس سوى فخ وقرر الاسحاب الا ان أحدا لم يدعه وشأنه وأجبر بالقوة على توقيع الاعتراف.

قبل العرض على المحكمة تم ايداع “ايغور” في زنزانة خاصة تعرف باسم ” منزل الضغط الشديد” فيها اتفاق مسبق بين الشرطة وبعض السجناء ( الذين يحصلون على امتيازات معينة) بان يقوم السجناء بمعاملة السجين الجديد بعنف و قوة ليكون امله الوحيد للنجاة من هذه الزنزانة هو الاعتراف بالاقوال امام المحكمة و الانتقال الى سجن آخر عادي بعيدا عن الوحشية التي يعيشها في التوقيف.

كان امل “ايغور” الوحيد هو المثول امام المحكمة و ان يقول كلمته اخيرا الا ان ما حصل عكس ذلك, فلم يستمع أحد له في المحكمة ولم يُحاسب على قضايا التحرش فقط كما كان الاتفاق بل على كل القضايا غير المغلقة وبدون أدلة ولا شهود صدر الحكم باليوم نفسه وكان حكما بالاعدام!!.

بينما “ايغور” في زنزانته الفردية ينتظر تنفيذ حكم الاعدام لاحقا , كانت الافراح في شوارع “بافلوجراد” بين الناس وفي البيوت, وأخيرا بامكانهم العودة الى حياتهم الطبيعية حيث ان القاتل حكم بالاعدام وهو في قبضة العادلة الان!.

كانت عادة الاطفال ان يلعبوا في اماكن سرية في بناية قديمة او تحت اغصان شجرة كبيرة او في ارض منخفضة قرب النهر ليكون هذا مكانهم السري و في احد الايام بينما 3 اطفال يبحثون عن مكان سري مناسب لهم بين الاشجار الكثيفة تعثر احدهم باقدام فتاة ميتة , بعد الكشف و التحقيق تبين ان الفتاة المقتولة “مارينا كونيوفا” و الغريب ان نمط الجريمة هو نفسه نمط جرائم سفاح “بافلوجراد” فكيف يمكن تصديق ذلك من قبل الاهالي بعد اعلان الشرطة القبض على “ايغور” و حكم عليه بالاعدام؟.

blank
عثر الاطفال على جثة فتاة مقتولة

نظرية وزارة الداخلية كانت تقول بأن قاتل متسلسل آخر ظهر في المدينة يقلد نمط سفاح “بافلوجراد” لتبدأ مرحلة جديدة من البحث و التحقيق تصاحبها خيبة أمل كبيرة لدى الاهالي الذين تضاعف لديهم الشعور بالرعب ولم يعرفوا اي النظريات هي الاقرب للحقيقة لكن الحقيقة المؤكدة هو ان أحدهم يقتل القاصرات و المراهقات ويتجول بحرية بين سكان المدينة.

– في اكتوبر 1987 تعرضت “فالا اسينينو” صاحبة الـ 12 عام لهجوم من قبل رجل من الخلف قام بسحبها الى منطقة معزولة ثم اغتصبها و قام بخقنها معتقدا انها ماتت الا انها كانت فاقدة للوعي فقط وقد نجت باعجوبة! , وحسب وصف الفتاة تمكنت الشرطة من وضع صورة تقريبية للرجل الذي اعتدى عليها وكان رجل في الـ 35-40 من العمر, متوسط الطول مع جسد عادي غير نحيف لون عينيه عسلية و حواجب سوداء وانف مستقيم وليس لديه اي علامات مميزة في وجهه .

قبل نهاية عام 1987 كتب اهل المدينة رسائل الى السكرتير الاول لـ لجنة الامن العليا ” جورباتشوف” وكان سياسي رفيع المستوى وطالبوه بالتدخل و التحقيق فيما يحدث من جرائم متكررة في “بافلوجراد” وكأستجابة لهذه الرسالة اعطت جهة عليا مدة 10 ايام لقيادات شرطة “بافلوجراد” لحل القضية وبعد انتهاء المهلة المحددة دون جديد يذكر تمت معاقبة القيادات و عناصر الشرطة بعقوبات قاسية تراوحت بين النقل الى اماكن بعيدة و تقلل الرتب و الفصل النهائي من وزارة الداخلية, بعدها تم ارسال افضل المحققين السوفيتيين الى “بافلوجراد” الا انه وعلى الرغم من خبرة المحققين الا انهم لم يعرفوا المدينة جيدا.. ولم يكن لديهم اعين تواصل كالمخبرين السريين وغيرهم لذا لم تحقق هذه الخطوة النتائج المنتظرة كذلك.

بعد نصف عام من انتظار “ايغور ريجكوف” في زنزانة المحكومين بالاعدام تم اعادة المحاكمة و طلبت المحكمة اعادة التحقيق بعد تدخل جهات عليا وفي اخر جلسة تم الغاء حكم الاعدام و حكم عليه بـ 10 سنوات سجن.

عثر احد كبار السن بينما كان ينزه كلبه على جثة فتاة في طريق جانبي وبعد تحقيق الشرطة عرفوا ان الفتاة الصغيرة اسمها “أكسانا” و ان نمط الجريمة هو نفس النمط المعتاد وانها ضحية جديدة, لكن هذه المرة كان هنالك شهود عيان شاهدوا رجلا على دراجة هوائية يغادر من الطريق الجانبي الذي قتلت فيه الفتاة وبفحص مكان الجريمة وجدت الشرطة أثر طبع حذاء و اثر عجلة دراجة هوائية!.

هل القاتل المتسلسل هو والد احدى الفتيات المقتولات؟!

blank
قرر “فلاديمير” الاعتماد على نفسه و الامساك بقاتل طفلته

انطلقت “اوليا سفيتليجنا” (8 سنوات) على دراجتها الهوائية الصغيرة متجهة الى متجر قريب لشراء الحلوى الا انها اختفت بعد ذلك! وبعد ساعتين بدأ البحث عنها وبمساعدة الكلاب البوليسية تم العثور عليها في الـ 8 من مساء نفس اليوم مقتولة وبعد وصول والدها “فلاديمير سفيتليجنيا” مع والدة الضحية الى مكان اكتشاف الجثة انفجر شاتما عناصر الشرطة وحملهم مسؤولية مقتل طفلته الصغيرة حيث ان هنالك قاتل ينفذ جرائمه باريحية منذ سنوات بينما الشرطة تكتفي باكتشاف الجثث و تقييد بيانات الضحايا .

وبعد مرور فترة قرر “فلاديمير” الاعتماد على نفسه و الامساك بقاتل طفلته! وكانت فكرته ان اغلب القتلة المتسلسلين يعودون الى مكان ارتكاب الجريمة مرة او مرتين على الاقل بعد فترة قصيرة وهكذا استمر “فلاديمير” بالذهاب بشكل يومي الى مكان اكتشاف الجثة يختبأ بين الاشجار وينتظر وفي احدى المرات شاهد من بعيد رجلا على دراجة هوائية يقترب من المكان , لم يتمالك “فلاديمير” نفسه وخرج من بين الاشجار راكضا نحو الرجل الا ان الرجل غير اتجاهه و انطلق هاربا على دراجته الهوائية!.

بعدها علم اغلب اهالي المدينة بان “فلاديمير” يبحث بنفسه عن القاتل وبعد اسبوع وقعت جريمة اخرى راحت ضحيتها فتاة صغيرة و بدأت الشكوك لدى عناصر الشرطة تحوم حول الأب “فلاديمير”! وبدأوا يحققون اولا مع زوجة “فلاديمير” و دفعوها للاعتقاد بان زوجها هو الوحيد القادر على قتل طفلتهم الصغيرة وهو يلعب الان دور الاب المنتقم للتمويه و بسبب الضغط الكثير و الصدمة التي كانت تمر بها الام فانها صدقت هذا الكلام وفكرت اكثر من مرة ان تقتل زوجها وهو نائم!. بعد اسبوع كانت هنالك 9 جرائم جديدة و بدأت الشرطة بالبحث عن دليل ولو ضعيف لالقاء القبض على “فلاديمير”.

في الثمانينيات صنعت احدى الشركات السوفيتيية كولونيا رجالية (عطر) جديدة تعرف بـ ” تيت- آ- تيت” وكانت من اغلى الانواع تتميز بعلبة مصفحة جميلة كتب عليا ” موسكو- باريس ” وكانت اجمل هدية يمكن ان تهديها فتاة لحبيبها او سيدة لزوجها , احدى الفتيات والتي بقيت على قيد الحياة بعد مهاجمتها من قبل القاتل قالت في شهادتها ان القاتل رائحته مميزة وبعد تجربة انواع عديدة اشارت الى انها بالفعل رائحة كولونيا ” تيت- آ- تيت” وكان هذا خبرا سارا للشرطة فهي نفس الكولونيا التي يستخدمها “فلاديمير”! واعتبرت الشرطة ان هذه حجة كافية لتفتيش منزله وكانت المفاجاة بانهم وجدوا مسدس جيب صغير, سكين عصابات و سكين اخر ينتهي بسلك جلدي يستخدم في الخنق! حسب كلام “فلاديمير” فان المسدس و السكاكين كان يريد استخدامها في حال تمكن من القاء القبض على قاتل طفلته الا ان الشرطة اوقفته وكانت التحقيقات قاسية حيث تعرض للضرب حتى فقدان الوعي في كل مرة , وبعد فقدانه اي امل او ايمان في الحياة او في ان يجد قاتل طفلته انتحر “فلاديمير” في زنزانته قبل انتهاء التحقيقات وقبل صدور اي حكم.

بعدها استمرت جرائم القتل وتوسعت رقعة القاتل الجغرافية وظهرت بعض الجرائم المشابهة في مدن اخرى مثل “خاركوف” و “سيمفروبل” الا ان الاجراءات المشددة كانت في “بافلوجراد”. وفي احدى المرات التي كان ضابط التحقيق الذي حقق مع “ايغور ريجكوف” يقف في كمين للشرطة على الطريق توجه نحوهم جرار زراعي عملاق يتجه يمينا ثم يسارا وكاد ان يدهسهم, اوقفوه ليجد المحقق داخل التراكتور “سيرهي تكاج” نفس الرجل الذي طرده من غرفة التحقيقات من قبل لحظة القبض على “ايغور ريجكوف” وكان “سيرهي تكاج” مخمورا بعض الشيء وتم تغريمه مبلغ مالي في مكان الحادث وقبل ان يقرروا اخذه الى المركز استلم المحقق اشارة عاجلة عن اكتشاف جثة جديدة مقتولة منذ يوم او اكثر في الغابة فسارعوا في الذهاب تاركين “سيرهي تكاج” البائس دون توقيف او سجن للمرة الثانية .

blank
استمرت الجرائم رغم موت فلادمير

– في الـ 15 من سبتمبر 1990 كانت “ناتاشا” ( 11 عام) تسير في طريق مختصر بين الاشجار عائدة الى المنزل عندما مر بجانبها رجل على دراجة هوائية وبعد ان تجاوزها بمتر واحد هجم عليها من الخلف وبدأ ينزع ملابسها الداخلية بيد بينما يخنقها باليد الاخرى عندها تمت مشاهدته من قبل بعض العجائز اللاتي يقمن بجمع فطر العرهون في الغابة وبدأن بالصراخ فركب الرجل دراجته وهرب , بعدها شعر القاتل ان هويته على وشك ان تكتشف وتم نشر صور تقريبية كثيرة له وبدأ عمال المصانع و المعامل ينظمون دوريات بحث لمساعدة الشرطة عندها فقط توقفت الجرائم في مدينة “بافلوجراد” لكن سرعان ما ظهرت جرائم جديدة في مدينة “خاركوف” بعد اسبوعين فقط وكانت تحمل نفس النمط واستمرت الى عام 1995 حيث ظهرت الجرائم مرة اخرى في “بافلوجراد” بعدها ظهرت الجرائم في مدينة “زابروجيا” حيث العشرات من الفتيات تم قتلهن واغتصابهن و أصبح لدى الشرطة الاوكرانية 11 متهم خلف القضبان وفي كل مرة تعود الجرائم للظهور مجددا.

– في عام 2005 في مدينة “بولوهي” تم العثور على فتاة مقتولة قرب النهر, ومع بداية التحقيقات توجه رجل عجوز وأدلى بمعلومات عما شاهده قبل الحادث, ذكر الرجل العجوز انه لم يشاهد الحادث الا ان الفتاة كانت مع صديقاتها يسبحن في النهر ويلعبن بعض الالعاب داخل النهر وبالقرب منهن كان رجل خمسيني على الشاطئ اعتقد الرجل العجوز انه جد احدى الفتياة لكن وبعد ان تقرب الرجل العجوز من الشاطئ عرف من يكون هذا الرجل! لكنه لم يشك للحظة فمن وجهة نظره كان رجلا طبيعيا يعرفه منذ فترة , طيب جدا و صاحب حديث ممتع ويحب الاسترخاء وتناول الكحول احيانا ولديه زوجة و بنات شابات و أحفاد صغار كذلك! وانه يعمل منذ فترة في المدينة.

توجهت الشرطة الى منزل الرجل ومع الخطوة الاولى داخل منزله كان جالسا بهدوء على كرسي في غرفته وأخبر عناصر الشرطة قبل ان ينطقوا بكلمة ” لقد انتظرتكم 25 عاما!” , لم يكن هذا القاتل المتسلسل سوى “سيرهي تكاج” صاحب الجرار الزراعي الذي كان في قبضة الشرطة مرتين من قبل الا انهم اهملوه ولم يقوموا حتى بحبسه ولو ليلة واحدة!.

سيرهي تكاج

blank
سيرهي تكاج

لحظة القبض عليه كان ” سيرهي تكاج ” في الـ 52 من العمر , رجل ذو مظهر عادي لديه أسرة وبنات واحفاد , خلال التحقيقات اعترف بارتكابه 100 جريمة كان منها 80 جريمة قتل الا ان الشرطة وبعد سنوات من البحث حسب معلومات “تكاج” تمكنت من اثبات 37 جريمة فقط .

“تكاج” كان شابا شديد الذكاء انضم الى الشرطة في شبابه ولتميزه وذكائه الشديد أصبح محقق جنائي في عمر مبكر و توقعت الداخلية الاوكرانية له مستقبل رائع في العمل البوليسي و السياسي كذلك وكان مميزا بأفكاره خارج الصندوق التي يحل بها القضايا الجنائية واستمر التصاعد المبهر الى ان تم استدعائه الى المركز الرئيسي للداخلية في مدينته ذات صباح فذهب بكامل اناقته معتقدا انه ستتم ترقيته وربما ارساله الى العاصمة ولم لا وهو المحقق الجنائي الابرز في الداخلية في وقته! الا انه وبعد لقاء دام 5 دقائق فقد وجد نفسه مفصولا من الداخلية وحيدا يقف على رصيف المبنى لم يفهم ما الذي حصل منذ لحظات!.

blank
سيرجي كان محققا بارزا قبل ان يتم طرده

حسب كلام “تكاج” في الاعترافات المسجلة ان صعوده السريع دفع بعض الاشخاص المتنفذين في الداخلية الى تلفيق قضية تلاعب بالادلة له تم على اثرها فصله بشكل نهائي. وعند سؤاله عن لماذا قام بكل هذه الجرائم على مدار ربع قرن أجاب بانه اراد ان يظهر للناس حقيقة ضعف الداخلية الاوكرانية وكيف ان الشرطة لا تهتم اذا فقد احدهم طفله او فقد العشرات اطفالهم!.

blank
وجد امرأة تعشقه وانجب منها .. الكثير من القتلة المتسلسلين يجدون نساء معجبات!!

“تكاج” تم القبض عليه بعد سنوات من الغاء اوكرانيا حكم الاعدام لذا تم الحكم عليه بالسجن المؤبد وكانت حياته هادئة داخل السجن بل انه تزوج من احدى المعجبات به حيث تسمح القوانين الاوكرانية المتفقة مع حقوق الانسان للسجين ايا كان باللقاءات الحميمة على فترات معينة و كانت هذه المعجبة شابة تصغره باكثر من 20 عام وبعد سنة انجبت من “تكاج” طفلة صغيرة.

” تكاج” طلب مليون دولار ان تعطى لعائلته مقابل اجراء مقابلة تلفزيونية مدتها ساعة مع قناة روسية. وبقي في السجن حتى عام 2018 حيث توفى بهدوء داخل زنزانته وكان سبب الوفاة نوبة قلبية .

المصادر :

– ملفات وزارة الداخلية الاوكرانية
– تحقيق صحفي في جريدة برافدا (الحقيقة) الروسية
برنامج التحقيقات الروسي الشهير ( التحقيق انطلق..)
Serhiy Tkach – Wikipedia

تاريخ النشر : 2020-05-10

guest
63 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى