أدب الرعب والعام

كابوس شارع ابريل

بقلم : توتو – مصر

كابوس شارع ابريل
كانوا يتوقعون أن تكون حفلة رائعة بحضور المهرجين

في منزل صغير على ضفاف شارع ابريل في مقاطعة هانسفيلد تحديداً .. مع هذا الجو الكرنفالي البارد نسمع صوت همهمات رفيعة صادرة من نوافذه الزجاجية الرقيقة ، المَضاءة بأنوار هادئة وخافتة لتتماشى مع ظلمة هذا الشارع المنفتح .

و لو اقتربنا قليلاً لسمعنا هذا الفتى الصغير يقول ملحاً على أبويه اللذين كانا يقفان أمامه :
– أمي .. أبي .. أريد أن يحضر عيد ميلادي مهرجون مثل الذين ظهروا في الإعلان

وقبل أن ينطق الوالد أو الوالدة بكلمة .. فجأة .. يقطع صمتهما إعلان ظهر في تلفاز منزلهم ، وقد ظهر بشكل منسق وبجودة عالية كالإعلانات الكبيرة ، وهنا نجد هذا المهرج الذي يقدم الإعلان يضحك قائلاً في إعلانه المذاع :

“” أهلاً بحضراتكم .. نحن سيرك الأمل الخاص بالعروض والحفلات من مختلف الأنواع ، هل تريدون حفلة عيد ميلاد جميلة ؟ أو عرض بهلواني جميل ؟؟ ثم بعدها يظهرمشهد تمثيلي دعائي لجذب الأنظار للإعلان ، ويقف فيه المهرج وسط حفنة من الأطفال السعداء وهو ممسكاً بلعبة عفريت العلبة ، وبعدها يخرج العفريت من داخل العلبة فجأة ، و يفزع المهرج على الفور بعدها و يسقط على الأرض من شدة المفاجأة كوسيلة لإسعاد الأطفال أمامه ..

وبعدها تحديداً نجد الفتي الصغير الذي كان يلح على أبويه وكان اسمه الحقيقي جاكسون يقع على الأرض وهو يضحك ببراءة الطفولة تفاعلاً مع هذا المهرج خفيف الظل ..

وبعدها يكمل المهرج كلامه قائلاً.. ليست أعياد الميلاد فقط .. بل أي حفلة .. أي عيد .. أو أي عرض .. ستجدونا في السيرك .. أو يمكنكم الاتصال بنا فوراً على رقمنا المعتاد ، وبعدها يعرض رقم السيرك على شاشة التلفاز ، ثم يعقب المهرج قائلاً بضحكة بشوشة .. أسعارنا خيالية للغاية ولفترة محدودة ، وبعدها تعرض قائمة بأسعار العروض والحفلات ..

– حفلة عيد ميلاد صغيرة .. 3000 دولار ..
– حفلة عيد ميلاد كبيرة أي مع الأقارب والعائلة .. 5000 دولار ..
– حفلات دعائية لأي منتج تجاري تسويقي .. 7000 دولار ..
– حفلات للترويح طوال اليوم .. 9000دولار ..

اتصلوا بنا .. الخصومات لفترة محدودة ، وسنحضر معنا أيضاً ماكينات شعر البنات والحلوى لنصنعها لكم لنقدمها هدية لحضراتكم ، وبعدها ينهي الإعلان على الفور ويقول .. دمتم بود .. مع تحيات سيرك الأمل .. العنوان شارع روديسفل بجوار شركة الصرافة “” .
بعدها يزمجر الأب قائلاً :

– و هل تظنوني أحمق لكي أدفع كل هذه النقود في حفلة عيد ميلاد تافهة ؟! سحقاً للحظ .. كما أن حفلتنا ستكون عائلية وكبيرة ، أي أن هذا سيكلفني 5000 دولار دفعة واحدة ، وأنا مرتبي لا يكفي حتى لشراء التورتة فقط ..

بعدها يصرخ الولد باكياً وهو يلح على أبوه :
– أرجوك يا أبي .. أريد مهرجين مثل هؤلاء .. أرجوك .. أرجوك .. وبعدها يتابع كلامه ببراءة اعتيادية لطفل مثله .. أنا معي نقود ادخرتها في حصالتي ، يمكنك أخذها لسد التكاليف التي تتكلم عنها ..

يتابع الأب و هو يربت على رأس ابنه بحنان :

– يا بني هذا صعب .. ألم ترى كم سندفع لهم ؟! كما أن حفلة عيد ميلادك سيحضرها جميع جيران الشارع وأسرهم .. بالإضافة لأقاربي وأقارب أمك .. وأيضاً أصدقاء أختك جيسي في الجامعة ، وهذا عدد ضخم للغاية .. ثم يصمت قليلاً ويتابع .. هل تظنني مليونيراً لكي أتكفل بمصاريف هذا العدد كله ، بالإضافة أيضاً لمصاريف مهرجينك الحمقى ، ثم يتابع ساخراً .. أما نقودك لو كنت مكانك لما دفعتها في شيء سخيف كهذا ، كنت سأسافر بها خارج البلاد .. وبعدها يقع في موجة ضحك هيستيرية .

أردفت الأم قائلة و هي منزعجة من تصرفات زوجها الساخر :
– ياعزيزي هذا عيد ميلاد ابنك ، تصرف وافعل شيء ، حفلة عيد الميلاد ستكون في يوم الجمعة القادمة ، وعليك أن تعرف أنها يجب أن تكون حفلة جيدة ، فشقيقتي قادمة هي وزوجها وابنتها الكبيرة ، ونريد أن نحفظ ماء وجهنا أمامهم ..

انسي الموضوع يا مولي ، كما أن زوجها حرامي كبير ، لا أعرف من أين يحصل هذا الرجل على كل هذه النقود ؟! لابد وأنه يجدها في الشارع ، أو أنه يجدها في بلاعات الصرف المعتاد هو على الاستحمام فيها .. وبعدها نجده يغرق في نوبة من الضحك الهيستري الساخر مرة آخرى وكأنه لا يبالي بصراخ ابنه و بتوبيخ زوجته ..

أصدرت زوجته في وجهه صرخة عالية قائلة له :
– المر .. توقف عن السخرية من الناس في غيابهم ، لاتضيع الموضوع .. كيف سنتصرف ؟!

وبعدها مباشرة نجد صوت أنثوي فذ يخترق الأجواء ، وكأنه صوت ملاك هبط من السماء ، وقام هذا الصوت بمقاطعة هذا الحديث العقيم الذي يدور بين الأسرة وأردف قائلاً بلطف واستحياء :
– أنا لدي الحل .. لم لا تبحثوا عن مهرجين بثمن أبخس من هؤلاء .. أي مهرجين تحت التدريب وغير مشهورين مثل الذين في سيرك الأمل ..

نظر الأب والأم لبعضهم وبجوارهم الولد الصغير جاكسون .. وكأنهم اقتنعوا بفكرة ابنتهم جيسي ، أه نعم .. دعونا الآن نتكلم عن جيسي .. جيسي فتاة جامعية طموحة للغاية ، مع شعر أشقر كسنابل القمح ، وعينان واسعتان زرقاوتان مثل الجواهر المكنونة ، وبشرة بيضاء كبياض الحليب الصافي ، ربما ستظن أنها مارلين مونرو .. أو أعتذر ..أسهبت في الوصف لنعود للقصة .. بعد كلام الابنة أردف الأب قائلاً باقتناع :

– نعم يا ابنتي .. يالها من فكرة سديدة ، إنها فكرة جيدة للغاية ، ثم صمت قليلاً وتابع قائلاً .. طيب يا جاكسون ، سأذهب غداً خصيصاً من أجل البحث لك عن المهرجين الذين تحلم بهم ، ولن أعود إلا بعد الاتفاق معهم على الموعد المحدد

ضحك الولد ضحكة عالية فرحاً بهذا الخبر السعيد ، وقبل والده ووالدته وذهب واحتضن اخته الكبيرة ، وهنا أردفت الأم قائلة لأبنائها :
– هيا .. اذهبا للنوم الآن .. لا ترهقا نفسيكما .. لديكما حفلة صاخبة في نهاية الأسبوع .

حملت الأخت أخيها الصغير وذهبت لغرفتها ووضعته جانبها ، وأردفت قائلة له بحنان وعطف لا متناهي :
– ألم أقل لك أيها العفريت أنني سأتدخل لأحل الموضوع ، لم أكن لأسمح لهم أن يفسدوا لك حفلتك ..

بعدها يجيبها الولد بتعفف شديد :
– أشكركِ حقاً يا أختي .. بدونك أنا لا شيء ، كانوا حقاً سيفسدون حفلتي هؤلاء المزعجون ..

قالت جيسي بنبرة حادة لتلجم سفالة هذا الصغير البريء :
جاكسون هذا عيب .. لا تنسى أنهما والديك حسناً ، لننام الآن لدينا غداً اليوم بأكمله .. نتكلم لاحقاً .. ليلة سعيدة يا صغير ، لا تنسى أن تشتمني أنا أيضاً بعدها ها

***

يبدأ المشهد بالأب المر وهو يركب سيارته ويودع ابنه جاكسون ، الذي قال له بفرحة غامرة :
– لا تتأخر يا أبي .. أنا في انتظارك ..
– لا تقلق يا بني .. سأحضر هؤلاء المهرجون الحمقي من شواربهم وأجلبهم لك هنا خصيصاً .. لا تقلق ..

بعدها تتدخل الأم ( مولي ) قائلة لزوجها :
– احترس على الميزانية يا المر .. لاتنسى لدينا مصاريف باهظة لم نسددها بعد ، لو غالوا في الثمن لا تدفع لهم شيء ..

لم يعقب المر على كلام زوجته أو يجب بشيء ، و تركها وأدار سيارته وانطلق بها على الفور، فتقريباً كان هذا الأسبوع بأكمله عطلة في الولاية كلها ، وهو لديه الكثير من الوقت حتى موعد الحفل لكي يبحث عن المهرجين المطلوبين ، الطريق طويل و صعب ، و خصوصاً أنه اقترب بسيارته من حدود الريف ، قام المر بتشغيل مذياع سيارته على أغنية هادئة ، وعلى ما يبدو أن صوت الأغنية المنبعث من بين طيات المذياع يخص امرأة ، وتابع طريقه وهو يدندن معها قائلاً :

الأمل والحياة ، العمل والحب ، هكذا نحيا .. هكذا نحيا .. وبعدها أردف قائلاً محدثاً نفسه بضحكة خفيفة :
– هذا الكلام لايوجد إلا في أغانيكِ الحمقاء أيتها المرأة الواهمة ..

و يبدو من طريقه أنه خرج خارج المدينة ، ودخل في طريق آخر يحيط به الزرع من كل جانب ، فالمناطق الزراعية كانت قريبة من منزلهم ومن شارع ابريل تحديداً ؛ لأن شارعهم يقع على حدود الأرياف الخلابة الواسعة ، وبعد ساعات من البحث المتواصل .. توقف بسيارته أمام محطة وقود يجلس بها رجل قذر المظهر ، غريب الشكل ، وعلى ما يبدو أنه لم يستحم منذ قرون بسبب رائحته العفنة ، وقد كان حوله يتناثر الذباب على بقايا الفضلات وعلى وجهه الكريه ، وفجأة أردف المر قائلاً له بلطف :
– مرحباً سيدي ..
أجابه الرجل بتثاقل شديد قائلاً :
– أهلاً .. ماذا تريد ؟
– أنا أريد أن …….
بعد ذلك يقاطعة الرجل ويقول وكأنه قرأ ما يريده المر تحديداً :
– أه .. أعرف ما تريده ، لا تظن أنني سأمول سيارتك بالوقود بدون الدفع أيها الثمل ..
يجيبه المر ضاحكاً :
– عفواً سيدي .. لا أحتاج إلى الوقود ، كل ما أحتاجه فقط هو مكان لمهرجي المنازل والحفلات ، وذلك لأنني أريد إقامة حفل لابني ، ولهذا وقفت هنا أمامك لأسألك ..

هتف الرجل قائلاً له وهو يتثاءب :
– وهل تظنني مفتتح مكتب لمساعدة الناس أم محطة وقود ؟؟ على العموم طلبك موجود .. 45شارع كاربيل بجوار ملهى العاهرات .. أو سمه ملهى الشيطان أيها الأب منتظم الخطى ..

قال له المر وهو فاتح عينيه علي مصراعيهما :
– هناك ؟؟
قال له الرجل وهو يشير بإصبعه إلي الفراغ :
– نعم .. هناك عربة ضخمة منتصبة بمحاذاة الملهى يديرها مهرجون ساخرون وضاحكون مثل الذين تريدهم لحفلة ابنك ، و لا تقلق .. أسعارهم بخسة للغاية وفي متناول يدك ..
قال له المر مبتسماً :
– حسناً يا سيدي .. شكراً لك حقاً ، احترس على محطتك من اللصوص ، سأعود لك لاحقاً لتقديم شكري على خدمتك .. إلى اللقاء

وبعدها ركب سيارته وانطلق بها مسرعاً واختفى من أمام أنظار الرجل التي كانت تلاحقه وتلاحق سيارته قبل أن تختفي ، وأردف الرجل قائلاً بعدها وكأنه يكيد لالمر مكيدة ما :
– بل أنت الذي من يجب عليه أن يحترس أيها الوغد ..

وفي الطريق وصل المر لمراده .. 45 شارع كاربيل بجوار ملهى العاهرات ، وهناك وجد سيارة مهرجين ضخمة تنتصب بمحاذاة الشارع بالفعل ، وقد كان في سقفها مرفاع كبير كالونش ( كالترام الكهربائية ) ، وعرف حينها أنها عربة نفس المهرجين الذي أخبره الرجل عنهم ، ولفتت نظره يافطة خشبية معلقة على العربة مدون عليها هذه العبارة الغريبة ..

“” الملائكة لا ترقص هنا .. خدمات منزلية للحفلات الكرنفالية .. السعر 33 لأي حفلة “”
قال المر محدثاً نفسه باندهاش :
– معقول .. 33 فقط !!

قطع تفكيره رأس أطل من بين طيات نافذة سيارته فجأة ، رأس ينسدل منه شعر غزير وكأنه فيض من الحرير اللامع ، وكانت الأذن المتصلة بهذا الرأس يتدلي منها قرط فضي لامع على شكل مثلث بداخله شكل هندسي خلاب ، و على ما يبدو أن هذا الرأس يخص امرأة عاهرة من عاهرات الملهى الذي تنتصب أمامه العربة الخاصة بالمهرجين ، وقد وجدت هذه المرأة صديقنا المر واقفاً بسيارته أمام الملهى وكأنه يبحث عن شيء فانجذبت هي بدورها إليه وإلى عربته ، بدت المرأة لالمر أنها في حالة سكر شديد ، وكانت رائحة الخمر تنبعث من بين شفتيها ..

أردف المر قائلاً لها بتعجب :
– هل أستطيع مساعدتكِ يا سيدتي ؟!

أجابته بصوت مترنح وغير متزن بسبب فرط سكرها :
– بل أنا التي من سيساعدك أيها الطفل ..
– عفواً سيدتي .. أنا لم أطلب من حضرتك المساعدة ..
قالت له المرأة وهي تبتسم ابتسامة تحمل تغزل واضح في صديقنا الأب الوسيم المر :
هل تريد أن اقدم لك خدمة مدفوعة الأجر ؟؟ أم أنك رجل متعفف ؟

صاح فيها المر بغضب وكأنه فهم كلامها المشفر الوقح :
– ابتعدي من هنا حالاً أيتها البغية .. هيا اغربي عن وجهي .. يالكِ من حقيرة ..
وبعد كلماته هذه ابتعدت عنه المرأة وهي تنظر إليه نظرات يشوبها الغضب والتقزز معاً ، وابتعدت بعيداً إلى أروقة أحد الشوراع هناك ، وتلاشت عن أنظار المر تماماً ، ولم يعرف إلى أين اتجهت ؟! وماهو مصيرها بين طيات هذه الشوراع ؟ وبعدها فتح هو باب سيارته على الفور واتجه صوب سيارة المهرجين المنتصبة أمامه ، و أردف قائلاً عند باب هذه السيارة المظلمة التي تشبه المنزل بسبب مساحتها الداخلية الواسعة :

– مرحباً .. هل من أحد هنا .. مرحباً ..

و فجأة .. وبدون أي مقدمات خرج له من بابها الكبير مهرج ضخم الجثة ، كثيف الشعر ، وقد كان يضع قناع المهرجين المعتاد ، ولون شعره برتقالي زاهي ، ولقد كان يمتلك مخالب في يده كمخالب الشياطين والحيوانات المفترسة !! كانت هذه المخالب تقريباً كشيء للتمويه أو لإضافة نكهة خاصة على شخصية المهرج المضحك والمفزع في نفس الوقت ، كان المهرج ضخم الجثة ومفتول العضلات ..

أخذ المر يحدق في وجه هذا المهرج ويتمعنه بدقة ، وقد كان المهرج ينظر إليه هو الآخر ببرود تام وبملامح جامدة للغاية وكأنه تمثال ، أراد المر أن يتراجع عن موقفه ويعود لسيارته بسبب فزعه من مظهر هذا المهرج الضخم ، ولكنه فُوجئ فجأة بيدين فيها نفس المخالب تماماً تزيح جسد هذا المهرج الضخم من أمامه ، و صوت صارخ يهتف له قائلاً :

– تعال يا سيدي .. أعتذر إن أزعجك فلاد ، فهو لا يعرف كيف يتعامل مع الضيوف ، هل أستطيع مساعدتك ؟؟

وبعدها نظرالمر ليجد أمامه مهرج متوسط الطول ، يمتاز بشعرأخضر براق ، ولديه أسنان حادة ، بالإضافة لنفس المخالب التي تتواجد في صديقه الذي يدعى فلاد ، اطمأن المر .. وعرف حينها أن هذه مجرد إكسسوارات خاصة بالمهرجين لإسعاد الأطفال ، وإضافة النكهة الفكاهية للشخصية المرعبة ، وأردف قائلاً وهو يتنفس الصعداء ويمسح جبهته بعد شكه في هؤلاء المهرجون :
– لا .. بل أنا من يجب علي الاعتذارعلى حماقتي وفرط جبني ، فقط كنت أريد منكم تقديم حفلة كبيرة في حديقة منزلنا .. حفلة وسط الأقارب والكثير من الناس هناك .. هل هذا ممكن أم أن العدد كبير ؟؟

قال المهرج ضاحكاً وقد ظهرت أسنانه الحادة وبجواره كان يقبع صديقه الضخم في صمت :
– بكل سرور يا سيدي .. وما المانع ؟؟ وبعدها صمت قليلاً و نادى قائلاً :
– أوسكار .. أوسكار ، تعال أيها الوغد ..

و بعد هذا النداء المزعج الذي يشبه رنين الجرس ظهر صاحب الاسم أوسكار ونزل مهرولاً من باب السيارة ، ولكم أن تتخيلوا مظهره .. فقد كان صديقنا أوسكار نحيلاً للغاية ويمتاز بشعر المهرجين البرتقالي هو الآخر ، وعلى ما يبدو أنه يعاني من عيب خلقي أو من عملية جراحية خاطئة جعلته أشبه بالمعتوه ، كان قصيراً ونحيفاً جداً بالنسبة لرفاقه ، كان أشبه بالأطفال الصغار بالرغم من أنه شخص ناضج !! كان الثلاثة أشبه بالمثلث .. الأطول ثم الأقصر ثم الأكثر قصراً !! فلاد كان المهرج مفتول العضلات ، أما برادني وهو قائدهم كانت بنيته عادية ، أما أوسكار أتى لكم كما وصفناه ، كانوا أشبه بالفريق المنظم ، جاء أوسكار مهرولاً وهو يضحك بطريقة هيستيرية ومرعبة للغاية ، ومد يده لالمر وقد كانت بها ورقة بيضاء مخصصة لأمر ما ..

أخذ المر ينظر إلى برادني وإلى الورقة وكأنه يسأله في خاطره ماذا يفعل بها ؟!
قال له برادني وهو يضحك بدون مبرر :
– رجاء يا سيدي .. سجل عنوانك ورقم هاتفك هنا

و بالفعل سجل المر عنوانه ورقم هاتفه وهو يرمق بعينيه وجه أوسكار الغريب ، وقد كان أوسكار أيضاً ينظر إليه بابتسامة عريضة ويرمق وجهه ، ظن المر أنهم حفنة من المهرجين المساكين الذين يعانون من العاهات الجسدية والتشوهات ، وقد فتحوا هذه السيارة للإسترزاق منها ولتعويض عاهاتهم البشعة في أمر مفيد ، وبعد أن أعطاه عنوانه ورقم قاتفه قال له المهرج المتوسط برادني ( قائدهم ) ذو الشعر الأخضر :
– شكراً لك سيدي .. متي تريدنا أن نأتي إليك تحديداً ؟؟
أجابه المر بهدوء :
– الجمعة 25 إنشاء الله
قال له المهرج بلطف :
– تحت أمرك يا سيدي .. سنكون عندك في الموعد المحدد كما طلبت ..

وبعدها توجه الأب المر إلى سيارته لكي يركبها و يعود إلى منزله في أسرع وقت ليعطي لابنه الخبر السعيد ، فتح باب سيارته ودخل وأدارها وانطلق بها مبتعداً عن وجه المهرجين الثلاثة ، وقد كان المهرج برادني يرمقه بنظرات غريبة للغاية وهو يتلاشي بعيداً بسيارته في الطريق الموحش الخالي الذي سلكه ، وهنا أمسك برادني بالورقة وأخرج سكين براق وكبير للغاية مثل سكين القوات الخاصة ، وقام بلصق الورقة في حائط السيارة بواسطة السكين !! وغاب المشهد بعدها .

وبعدها نجد الأب المر يقتحم منزله فجأة بعد أن فتح الباب بمفاتيحه ، وهنا قد كان الجميع في انتظاره ، وأردفت الزوجة قائلة له :

– ماذا فعلت ؟؟ هل وجدتهم ؟
– نعم وجدتهم الحمد لله .. واتفقت معهم على كل شيء
– كم سيأخذون تحديداً ؟
– 33 دولار
قالت له زوجته مولي ببساطة شديدة :
– لاتمزح ! هذا ليس الوقت المناسب ..
قال لها المر ببساطة هو الآخر:
– لو كان هذا السعر الذي قلته لكِ مزاحاً اعتبري أن ذهابي إليهم أيضاً مزاحاً ..
– المر .. أنت لم تذهب إليهم أصلاً ؟!
– ذهبت إليهم بالفعل يامولي وأخبروني أن سعر خدماتهم 33 دولار ، ولكن ماذا أفعل لكِ ؟؟ أنتِ لاتريدين أن تصدقي ..
– 33 مبلغ ضئيل جداً !!
اقترب الأب بوجهه تجاه وجهه زوجته وارتسمت ابتسامة بشوشة علي ثغره وقال بلطف :
– نعم .. وهم طلبوه ، وأنا لن أدفع سواه ..
– ولكن أنت داهية ، من أين حصلت عليهم ؟!
أجابها وهو يضحك متفاخراً بنفسه :
– نعم أخبرتكِ هذا من قبل عن مكري و دهائي .. ولكنكِ لم تصدقي ..
قالت الأم و هي تضحك بسعادة :
طيب سأخبر جاكسون و جيسي بالأمر .. لقد كانوا بانتظارك منذ وقت طويل .

اقتحمت مولي غرفة جيسي و جاكسون ، وقد كانت الأخت الكبرى تلاعب شقيقها الصغير بلعبة فيديو على أحد أنظمة التشغيل الإلتكرونية ، وصدرت همهمات من جيسي قائلة لشقيقها وهي تحفزه على اللعب بضراوة أكثر :
– هيا .. هيا .. اضربه أكثر ، هذه المرة العاشرة التي أفوز بها عليك .
وبعدها نجد رجل داخل اللعبة وقد كان ممسكاً بسيف ضخم ، يقوم بضرب مقاتل آخر ضخم يمتلك أربعة أذرع ، وتقريباً كانت هذه هي اللعبة الجديدة التي اشترتها جيسي لشقيقها جاكسون ، كان اسمها ( mortal kombat ) وهي اللعبة الأكثر تداولاً بين محبي الألعاب الاكترونية ..

أردفت الأم قائلة بلطف لأبنها و ابنتها :
– أنتما هنا مشغولان بلعبة فيديو تافهة ، وأنا أبحث عنكم في جميع أروقة المنزل ، هيا .. والدكما اتفق مع مهرجي حفلات ، وسيأتون قريباً في الميعاد المحدد .
غمرت الفرحة قلب الصغير وترك اللعب على الفور واحتضن أمه وهو يقهقه من شدة سعادته ، بينما ظلت جيسي تبحلق في وجهه أمها وهي مبتسمة وقالت لها :
– رائع للغاية .. كم سيأخذون بالضبط ؟؟ على ما أظن أن ما سيأخذونه سيتجاوز المبلغ الذي قدرته في عقلي بكثير ..
– تخيلي أنتِ كم سيأخذون ؟!!
قالت الفتاة بعد تخمين مصتنع :
– 500
– لا
– أكثر ..
– أقل ..
– ممم 300
لا ..

هتفت جيسي و هي تقهقه قائلة بصيحة عالية لأمها :
– ماما .. كم سيأخذون بالضبط ؟!
قالت الأم لها بلطف :
-33 دولاراً أمريكياً فقط !!
قالت البنت وقد عقدت الدهشة لسانها :
– ماذا ؟!!! ك .. كي .. كيف ؟!
– أنا ذات نفسي لا أعرف كيف ؟!! أسألي والدكِ فهو من اتفق معهم على هذا المبلغ ..
– لا أعرف الأمر عجيب !! ولكن أتمنى أن لايكون قد فاصل معهم في السعر ..
أطلقت الام ضحكة عالية وقالت :
لا تقلقي .. وحتى لو فاصل ليس لهذه الدرجة ، المهم أخبري جميع أصدقائك في الجامعة أن الحفلة ستكون بعد الغد إن شاء الله ، كل شيء أصبح جاهزاً ، ستيفاني ابنه خالتكِ مالينا ستأتي مع أصدقائها أيضاً لحفلتنا .

قالت لها جيسي بنبرة بها بعض الضيق الطفيف :
– أنتِ تعرفين أني لا أطيق هذه الفتاة ، ولا تقلقي .. أصدقائي سيأتون في الموعد المحدد للحفلة ..
وقبل أن تنطق الأم كلمة واحدة تفاجأت بابنها جاكسون يقفز على أخته الكبيرة وهو يرتدي قناع مهرج ، وهنا ضحكت الأم على براءة ابنها وممازحته لأخته واختفى بعدها المشهد عن الأنظار مع دوي ضحكات الأخت وأخيها .

***
في يوم الحفل .. يوم الجمعة 25 من شهر نوفمبر تحديداً .. نجد الحديقة الخلفية لبيت عائلة المر مكتظة بالضيوف على آخرها ، وكأنها ابريق شاي يعلن نفيره من شدة غليانه ، ومع هذه الموسيقى الهادئة ، وهذه التورتة جميلة المشكلة على شكل درج ، وقف أمامها جاكسون الصغير مرتدياً طرطوراً صغيراً ، وبيده لعبة متكلمة لبطل خارق لونها أحمر ، وقبع خلفه مباشرة أبويه ، وكانت تقف بجانبه جيسي ، وعلى الفور توجهت إليها من بين الحضور فتاة طويلة ممشوقة القوام ، تمتاز بشعر أسود لامع ، وعلى ما يبدو أنها صديقتها ، وقالت لجيسي بضحكة بشوشة :

– أخيكِ الصغيرجميل جداً .. حفظه الله لكم .
أجابتها جيسي وهي تضحك ضحكة عالية :
– شكراً لكِ ألما ..
أردفت ألما قائلة لها بسرعة :
– صحيح متى ستأتي ابنة خالتكِ التي أخبرتنا أنكِ تكرهينها ؟؟
أدارت جيسي وجهها تجاه الشارع أمام باب سور الحديقة ، فوجدت سيارة سوداء فارهة توقفت أمامه للتو ، وهنا أردفت قائلة بخيبة أمل وضيق :
– ها هي وصلت .. ما كان عليكِ أن تأتي بسيرتها هنا ..

قامت الأم ( مولي ) بضرب الأب ( المر ) ضربة خفيفة في وسطه وقالت له بنبرة خافتة :
– المر .. تباً .. أين مهرجيك الحمقى ؟؟ لماذا لم يظهروا حتي الآن ؟! من المفترض أن يكونوا في ساحة الحديقة !
أجابها المر وهو ينظر حوله وكأنه يبحث عن شيء :
لا تقلقي سيأتون بعد قليل ، لا تتعجلي .. لم يأت الكثير من الضيوف بعد ، والحفلة لم تبدأ حتى الآن .

وفجأة دخل السيد ستناهم والد ستيفاني وزوجته مالينا إلى الحفل واتجه إلى المر وصافحه وأردف قائلاً لابنته ستيفاني :
ستيفاني .. اذهبي واقضي وقتكِ مع جيسي .. ها هي هناك ..

أتى لهذه الحفلة الضخمة الكثير من الضيوف والبعض من جيران الحي ، فقد كانت أغلب المنازل خالية حول منزل عائلة المر بسبب عدم وجود مستأجرين وأشخاص يجددون الحياة فيها ، ولماذا لا تكون خالية والشارع على حدود منطقة ريفية قاتمة ؟؟ والكل يفضل السكن في العاصمة وفي وسط البلدة !

كان الفتى الصغير جاكسون محظوظاً للغاية بسبب هذا العدد الضخم من الزوار في حديقته وفي حفلته ، كان فتى محظوظاً بحق ، فقد كانت حفلة عيد ميلاده أشبه بكرنفالات التخرج الجامعي ، ومن بين الكثير من الزوار دعونا نعرفكم ونسلط الضوء على أبرزهم كعادتنا ..

ستيفاني ستناهم ..

هي تحديداً ابنة خالة جيسي ، هي فتاة متعجرفة للغاية ومغرورة بشدة ، وتتمتع بنرجسية مفرطة في حب التملك ، هي دائمة الشجار مع جيسي ، وقبل ذلك وصل الأمر للتشابك بالأيدي ، ولكن بالرغم من كل ذلك فهي فتاة جامعية ناجحة للغاية ومتفوقة دراسياً ، وغالباً ما تفوز بالمنح الدراسية الخارجية .

السيد ستناهم وزوجته مالينا ..

السيد ستناهم هو رجل من الطبقة الغنية للغاية ، فهو مدير مكتب كبير لشركة خاصة ، أما زوجته والتي هي بالأساس شقيقة مولي زوجة المر .. فقد كانت ملكة جمال لولاية فريجينيا سابقاً ، وتم تخليد لها حفل في نفس الشارع .. شارع سكوت ابريل أو شارع ابريل ..

كيفن ألاش ..

هو صديق جيسي في الجامعة ، فتي بجسد ضخم ومفتول العضلات ، ويمتاز بشعر أشقر فرنجي ، وطوله فارع ، هو للأسف الشديد فاشل دراسياً ، ومنبوذ من جميع الأستاذة .

الما واطسون ..

هي الصديقة المقربة لجيسي ، فتاة رائعة ومرحة ومهذبة ، وتمتاز بالشغف الشديد لأي شيء مفيد وحتى إن لم يكن من تخصصها ، تحب المساعدة دائماً ، وهي تؤيد جيسي في جميع قرارتها وتساندها وكأنها أختها .

داري ينجستر وصوفي ينجستر ..

هما جيران عائلة المر في شارع ابريل ، هما زوجان مكافحان للغاية وبسيطان جداً ، تمتلك صوفي خصال جميلة جداً جعلت مولي تتعلق بها أكثر من أختها مالينا ، لهذا هم أفضل أصدقاء وأفضل جيران لبعضهم في الشارع .

وبخلاف هذه القائمة أتى الكثير من الضيوف والأصدقاء المقربين وبعض الجيران ، لأنه لم يكن هناك جيران غيرهم في الشارع من الأساس ، وبينما كان الجميع يتسامرون ويرقصون فيما بينهم .. وقبل أن تبدأ مراسم إطفاء الشموع .. فجأة لمح الضيوف وعائلة المر سيارة ضخمة كالمنزل المتنقل تكتسح الشارع وتنتصب أمام باب الحديقة وقد كانت أضواءها الأمامية منارة ، وقد كان الجو ليلاً ، وتقريباً كان كل شيء هادئاً ، وكانت كل البيوت حولهم موصدة الأبواب ومخمدة الأنوار ، ماعدا بيت ال المر الذي اكتظ بالزوار والضيوف الذين تهيئوا لأستقبال الفرحة الغامرة التي سوف تزور حفلتهم الجميلة .

كانت مقدمة السيارة على شكل مهرج ضاحك ، وعلى ما يبدو أن أصدقاءنا المهرجون قد وصلوا ، وفجأة فتح الباب أحدهم وظهرت إحدى ساقيه ، وقد كان يرتدي أحد الأحذية العسكرية السوداء ، وقد كان هو برادني المهرج ذا الشعر الأخضر ، و نزل من السيارة وكان يضع في فمه سيجارة كوبية ضخمة ، وكان يرتدي نظارة زرقاء لامعة ، و يرتدي أيضاً سترة عسكرية خضراء ، وبعدها نزل المهرج مفتول العضلات فلاد و تلاه مباشرة صديقنا المعتوه أوسكار .

نظر الجميع لهؤلاء المهرجون الثلاثة باستغراب شديد ، وقالت ستيفاني لجيسي وهي مندهشة :

– واو .. من أين أتيتم بهؤلاء المهرجون ؟! مناظرهم غريبة للغاية وأيضاً ملابسهم

لم تنظر إليها جيسي أو تعقب بشيء على كلامها واكتفت بالنظر باندهاش للمهرجين ، كان مظهرهم مفزع وغريب بحق ، وبعدها اتجه برادني إلى الحديقة و إلى الضيوف مباشرة فور نزوله من السيارة وتلاه فلاد الضخم ، وبعدها ركض أوسكار وراءهم بركضة غريبة ، وكأنه شخص أعرج يعاني من خطب ما ..

وهنا اتجه الأب على الفور ناحية المهرجين الثلاثة وصافح قائدهم برادني وقال له بابتسامة عريضة :
– الحمد لله أنك وصلت مع فريقك كننا ننتظركم بشغف ، أبدأ عملك الآن ، أهلاً بك ..

أجابه المهرج بضحكة خفيفة وهو مرتدي نظارته اللامعة وألقى بعدها سيجارته على الأرض ودعسها بقدمه :
– لا تقلق .. سنبدأ الآن .. فقط اسمح لي أن ادخل السيارة داخل الحديقة فهي تحتوي على العدة كلها ، وأيضاً في داخلها ماكينات الحلوى .. بالإضافة لمؤثرات صوتية مذهلة وهي عامل أساسي في عملنا ..

قال له الأب بلطف :
– حسناً .. لا مشكلة تفضل .. وبعدها يتابع قائلاً بنبرة ممازحاً بها المهرج .. ولكن احترس على عشبي ، لا أريده أن يتلف ها .. وبعدها فتح فمه ضاحكاً بملئ شدقيه

همس برادني في نفسه :
– يالك من حقير سمج ..

وفجأة أشار بأصبعه لأوسكار أن يذهب ويدخل السيارة في منتصف الحديقة ، وبالفعل أدار أوسكار السيارة ودخل بها ، وأخرج رأسه وشعره الكثيف البرتقالي من النافذة وهو يضحك بلا مبرر ، وفجأة انتصبت السيارة أمام جميع الحضور ، وهنا قال المهرج برادني وهو يضحك بتعفف :
– أين هو البطل صاحب الحفلة ؟؟ سنبدأ عرضنا الآن .

فجأة ضحك الجميع ومنهم جيسي التي أردفت قائلة لأخيها جاكسون بحماس شديد :
– هيا اذهب يا بطل .. هو ينادي عليك الآن ..

وبعدها اتجه جاكسون مهرولاً إلى المهرج بسرعة شديدة ، وأخذ يدفع التزاحم الذي أمامه بيده للوصول للمهرجين الثلاثة وعربتهم ، وفجأة وجد نفسه أمام المهرجين الثلاثة ، وقد كانوا ينظرون له من أعلى مبتسمين لقصر قامته ، وفجأة اقترب منه أوسكار ونظر له بوجهه الكريه الغريب ، وهنا فزع جاكسون وكاد أن يصرخ ، ولكن قبل أن يفعل أي شيء قام المهرج برادني بتعنيف أوسكار وقال له :
– ابتعد عنه أيها الشرير ، سأضربك بالمطرقة الآن ..

وفجأة اتجه لسيارته وأحضر مطرقة مطاطية وضرب بها أوسكار ، وعندما تلقى الضربة سقط وكأنه مغشي عليه في محاولة منه لصنع تمثيلية مضحكة

وهنا ضحك الفتى الصغير بالإضافة لجميع الحضور الذين كانوا موجودين ، وأخذوا يتفاعلون مع عرض المهرجين الممتع بشغف ، وفجأة أخرج المهرج الضخم فلاد لعبة صندوقية كانت موجودة داخل السيارة وأعطاها لبرادني ، وهنا قال برادني لفلاد وهو يضحك :
– اقترب الآن و أرني وجهك لو كنت شجاعاً ..

وعندما اقترب فلاد ونظر للعلبة باغته برادني بشطيرة كريمة في وجهه ، وبعد أن مسح وجهه من آثار هذه الصفعة اللذيذة باغته أيضاً بالعفريت الذي خرج من العلبة دون إنذار ، فانتفض فلاد في مكانه في مشهد كوميدي ساخر أضحك الجميع من شدته ، وبعدها صمت برادني قليلاً .. وقطع فترة صمته فجأة قائلاً بضحكة عريضة ينبعث منها الخبث والمكر :
– والآن حان دور فقرتنا الرئيسية .. لا أظن أن الأمر سيعجبكم على أية حال لكنه على الأقل نال رضاي ، سنبدأ فقرة الألعاب والساحر .. والآن استعدوا .

 نظر الجميع له بتعجب شديد وفتحوا أشداقهم وهم مذهولين من شدة إمكانيات هؤلاء المهرجين المهرة ..

 و هنا قالت جيسي بصوت خافت :
– المعذرة و لكن .. كيف ب33 فقط ؟!!

سمعت ستيفاني همهمات جيسي فأردفت قائلة لها بضحكة استهزائية :
– ماذا تقولين ؟؟ هل تتكلمين مع نفسك ؟!!

أجابتها جيسي بانفعال واضح :
– وما شأنك أنتِ ؟؟ لم أقل شيئاً على العموم .. لا تهتمي ..

ارتسم الغضب على وجه ستيفاني وأدارت رأسها منزعجة من كلام ابنة خالتها مولي .

وفجأة أخرج أوسكار من السيارة تابوتاً ومنشاراً ووضعهم على طاولة صغيرة كانت بجانبه ، وعلى ما يبدو أنه يتجهز لتنفيذ لعبة خطرة معروفة لدي الجميع وعلى متطوع من الحضور ..

وهنا أردفت ألما قائلة لجيسي :
– ماذا سيفعل ؟!

لكن جيسي للأسف كانت سارحة في عالم آخر وكأنها تفكر في شيء ما ، ولم تجب ألما أو تقل لها أي شيء ، وبعدها هزت ألما ذراع جيسي قائلة لها وهي تضحك :
– هييي .. مابكِ ؟!

انتفضت جيسي وهي تمسح وجهها بسبب شرودها وقالت لألما :
– أعتذر ألما سرحت قليلاً .. إنها لعبة معروفة لدى سحرة العروض عليكِ أن تجلسي داخل التابوت وحينها سيقطعكِ هو بمنشاره !!

ضحت ألما ضحكة عالية قائلة لجيسي :
– نعم .. نعم .. أعرفها .

وبعدها أخرج فلاد بعض الأقواس والأسهم إضافة لبعض التفاحات استعداداً لقنصها من على رأس أحدهم مثل فقرات المهرجين المعتادة ، وقام برادني فجأة برفع باب العربة الجانبي ، وفجأة ظهر بداخل العربة رفاً مرصوصاً عليه دمي مختلفة الأنواع والأشكال ، ووضع على هذا الرف أيضاً بندقية قناصة ، وعلى ما يبدو أنها ستكون خاصة بقنص هذه العرائس ، وبعدها أخرج أوسكار مقياساً حرارياً كبيراً ومطرقة خشبية ضخمة ربما تكون لعبة قياس القوة .

وفجأة وبدون سابق إنذار هبط الونش الحديدي المنتصب فوق سطح العربة وانسدل بداخلها بشكل اوتوماتيكي يثير الريبة ، وحل مكانه بعدها جسم حديدي غريب مغطى بوشاح أبيض أخفى جميع ملامحه الصلبة ، اتضح من خلال رؤيته أنه جسم حديدي طويل للغاية وقد كان مثبت على قائمة دائرية سميكة رفعته قليلاً لتوازيه ولتعطى وجهه المستدير للحضور ، وفجأة اتجه الأب ( المر ) إلى المهرج برادني صاحب الشعر الأخضر وقال له باستغراب وهو يشير بأصبعه على هذا الجسم :

– ما هذا بالضبط ؟!!
قال له المهرج وهو ينظر باتجاه هذا الجسم المجهو ل و أخذ يضحك بشكل غريب :
– إنه جزء من فقرتنا ..

بعدها مباشرة صعد فوق سطح العربة ووقف بجانب الجسم الحديدي المغطى بالوشاح ، وقال بصوت عالي هز أرجاء المكان :

– هل يوجد متطوعون لهذه الألعاب ؟؟ أم أنها ستلعب وحدها ؟!

وبعد سماع هذه الكلمات هتف الحضور وهم يقهقهون بشدة قائلين بجمل متفرقة :
– نعم أنا هنا .. أريد أن أجرب لعبة التصويب .. هل لعبة المنشار خطيرة ؟! .. واووو .. مذهل ! لديكم أيضاً لعبة قياس القوة سأجربها .. سأكون أنا أول المتطوعين وإلا سأقص لك شعرك الأخضر هذا ..

وبعدها مباشرةٍ أشعل برادني سيجارة آخرى ، وأعطى لأوسكار كيس كبير غريب الشكل وقال له بصوت خافت :
– انثر هذه الهدايا التي داخل الكيس عند عتبات الأبواب .. وانثر الكثير منها على عتبة باب الحديقة الرئيسي !!

قام أوسكار بنثر علب هدايا غريبة في كل مكان ، وقد كانت علب هدايا مزينة بشكل منسق و رائع ، قام بنشرها بتنسيق أمام عتبات الأبواب بشكل عام ، ونشرها بشكل عشوائي في جميع أرجاء الحديقة وكأنها بذور ، لا أحد يعرف ما الغرض من هذا ! ولكن على الأقل أشعرتهم أغلفة الهدايا بالارتياح ..

أردف برادني قائلاً للجميع :
– لاتلمسوا هذه الهدايا قبل أن أقول لكم حتى لا تفسدوا المفاجأة ، لا تلمسوها الآن ها .. مفهوم ، هذا ممنوع ، وبعدها نظر للجميع نظرة حادة ، وارتسمت ابتسامة عريضة على ثغره ، وتابع كلامه قائلاً .. أريد منكم أربعة متطوعين الآن .. الأول سيكون للعبة المنشار .. والثاني سيكون للعبة القوس والسهم .. والثالث سيكون للعبة غير مألوفة لديكم اسمها لعبة الحظ ! سيمسك المتطوع قنبلة رقمية مزيفة .. وبعد انتهاء العد التنازلي لها ستنفجر في وجهه وستكون المادة المتفجرة اما شرائط ملونة أو فضلات القطط ، وهذا على حسب طالعه وحسن أو سوء حظه !! والرابع سيكون للعبة قياس القوة .. وبعدها يضحك ضحكة مدوية ويختم حديثه .

وهنا قام كيفن على الفور بالتطوع للعبة قياس القوة ، وأمسك بالمطرقة ووقف أمام المؤشر في لحظة تأهب ، وقد حاول أن يبرز عضلاته المفتولة للتباهي أمام فتيات الحفلة ..
بينما تطوع السيد ستناهم للعبة السهم والتفاحات ، فقد كان غرضه هو أن يثبت شجاعته أمام جميع الحضور بالرغم من أنه في الأصل رجل جبان ، وقام صديقنا أوسكار بالإمساك بالقوس استعداداً لقنص التفاحة من فوق رأسه ..

وتطوع السيد داري للعبة القنبلة الموقوتة ، وكأنه يريد أن يجرب حظه التعس ويعانده ، وقام بالامساك بقنبلة رقمية مزيفة ، وقد بدأ العد فيها وهو مثبت على 2:00

ثم أردفت زوجته ( صوفي ) قائلة له وهي تضحك :
– داري .. هل أنت مجنون ؟! لن أبقى بجانبك الليلة لو لطخت نفسك بفضلات القطط
أجابها وهو يبتسم ساخراً :
يجب أن أكسر عقدة نحسي ياعزيزتي ..

بينما تطوعت السيدة مالينا شقيقة مولي للعبة المنشار !! وأردفت قائلة بتبجح وغرور شديد :
– سأختبر الآن قوامي الممشوق ولن يخترقني هذا المنشار اللعين من شدة جمالي ، وبعدها ختمت حديثها بضحكة مستفزة ودخلت إلى التابوت وأخرجت رأسها من الفتحة في آخره ، بينما قام المهرج أوسكار بالإمساك بالمنشار استعداداً لبدأ اللعبة ونشر السيدة المتبجحة مالينا .

و بعدها أمسك الأب ( المر ) البندقية الخاصة بتصويب العرائس ، وقد تطوع بدوره من أجل أن يصيب أكبر قدر ممكن من الدمى أمامه ، وقال بصوت أجش متفاخراً بنفسه وهو ممسكاً ببندقيته في وضعية التصويب :

– سأصيبكم جميعاً يا أولاد .. احترسوا أنا قادم في الطريق ..

وهنا قال المهرج صاحب الشعر الأخضر برادني وهو يعتلي سطح العربة أمام الجسم الحديدي الطويل المغطى بالوشاح :

– هل أنتم مستعدون الآن ؟؟

أجاب الجميع بصوت واحد :

– نعم .. هيا أبدأ الآن ..

وحينها نظر برادني نظرة خبيثة للغاية ، واقتربت عيناه لتسد المشهد بأكمله وتسدل الستار عن جميع الحضور إلا هي ، وأردف قائلاً بصوت خافت يثير الاستغراب :

– أبدأوا اللعب الآن .. ولكن ببطء ..

وفجأة قام كيفن بضرب المقياس الحراري للعبته بمطرقته الخشبية الضخمة .. فتفاجأ بانفجار المؤشر الخاص بالمقياس الحراري بسبب ضربته وكأنه أعتى الجبابرة !! وبعد انفجاره خرج من هذا المقياس المحطم سائل أخضر لزج قذف في وجه كيفن مباشرة !!!واتضح أن هذا السائل ما هو إلا أسيد حارق فلطخ وجه كيفن وشوهه تماماً ، وقد أخذ كيفن بعدها يصرخ بشدة ، وقد وضع يديه الاثنتين على وجهه ليخفي ألمه وملامحه المنصهرة بسبب الأسيد الحارق ، وانحنى بعدها على ركبتيه وجلس يصرخ ، وألقى بمطرقته بعيداً ..

وفي الوقت ذاته كان صديقنا أوسكار يقوم بلعب لعبة النشر على جسد السيدة مالينا ، ولكن للأسف صرخت مالينا هي الآخرى صرخات مؤلمة ومفزعة ، وكأن المنشار ينشر جسدها بالفعل !! وبعد لحظات معدودة خرج سائل أحمر قاني من بين طيات التابوت !!وعلى ما يبدو أنه دم السيدة مالينا الذي خرج بعد أن اغتصبت أسنان المنشار الحادة قوامها الممشوق !! ولم يخجل من الاقتراب من قوامها الممشوق كما قالت هي !

وفي الوقت ذاته قام فلاد المهرج الضخم بالتصويب بواسطة قوسه على رأس السيد ستناهم ، وبالفعل خرج من قوسه سهم مسنن أنطلق نحو هدفه مباشرة ، ولكن للأسف هو لم يخترق التفاحة .. بل اخترق عين السيد ستناهم اليمنى وتركه صريعاً في مكانه في الحال .. مشجوج الرأس مضرجاً في دمائه !!

وفي نفس الوقت ذاته وصلت القنبلة الرقمية التي في يد السيد داري إلى الصفر .. وانفجرت على الفور انفجاراً مدوياً ممزقة جسده إلى أشلاء !! فقد كانت قنبلة حقيقية وليست ديكور مصمم لألعاب الضحك والترويح !!

و أيضاً أصاب الأب ( المر ) إحدى الدمى المعلقة في نصف بطنها ، وانفجرت الدمية على الفور مخرجة من بطنها دبابيس مسسنة انطلقت كالسهام في وجه وجسد الأب المسكين !! والتصقت أطرافها المسسنة في جسده وغطته بالكامل !!

وبعد هذه الأحداث التي حدثت في نفس الوقت واللحظة أدرك جميع من في الحفلة أنهم خرجوا خارج نطاق المزاح وأصبحوا داخل نطاق الموت القريب على يد هؤلاء المهرجين المجانين !!! وهنا أردفت جيسي قائلة وهي تصرخ بصوت عالي :

– تبا .. ما الذي يحدث هنا ؟!!

وفجأة ثار الضيوف وتعالت صيحاتهم ، وأخذوا يحاولون الهرب والخروج من هذه الحديقة ، وأخذوا يهرولون هنا وهناك وسط صرخاتهم المدوية ، وأخذوا يتخبطون في بعضهم كالحمقى غير مدركين أين يذهبون وأين يتجهون .

اتجهوا كلهم لعتبات الأبواب للخروج فعلاً من الحديقة والمنزل بأسره ، ولكن للأسف الشديد كما قلنا مسبقاً .. قام مهرجي الموت بنشر هدايا غريبة في جميع أرجاء المكان وعلى عتبات الأبواب تحديداً ، التي عندما داس عليها الضيوف خرجت منها أشرطة ملونة غليظة كتفت حركة ضحيتها من صفوف ضيوف الحفل المشؤوم ، وتركت هذه الأشرطة الضحية تزحف كالدودة في انتظار أحد المهرجين أن يجهز عليها ويريحها من مأزقها ، وهنا نظر المهرج برادني للمشهد وقد كان يعتلي سطح العربة أمام الجسم الحديدي وقال وهو يضحك :

– لقد بدأت الحفلة الآن أيها العهر .. ما كان عليكم أن تثقوا في قدرات أوسكار وفلاد أبداً !!

ومع كلماته هذه أخذت صيحات الضيوف تتعالى أكثر وأكثر ، ومنهم جيسي التي أمسكت بشقيقها جاكسون واحتضنته وضمتها إلى جانبها في محاولة منها لحمايته من الأذى نتيجة تدافع الزوار ، و بعدها مباشرة أطلق ضحكة تهكمية شريرة وأردف قائلاً :

– أيها الأغبياء .. فلاد لم يكن مصوباً جيداً أبداً في حياته ولا يستطيع أن يصيب ذبابة حتى بواسطة سهمه !! فكيف تضعون رجلاً على رأسه تفاحة من على مسافة 22 متر وتطلبون منه أن يصيبه ؟!!

ثم أخرج سيجارة كوبية ضخمة ذات لون بني وأشعلها ووضعها في فمه ، وقام بدون أي سابق إنذار بإزالة الوشاح من على الجسم الحديدي الذي انتصب فوق سطح عربته وانتصب أمامه في شموخ ، كشف الوشاح عن ماهية هذا الجسم الذي ما إن رآه الجميع حتى شعروا أنهم بأكبر كابوس !!

كان هذا الجسم الحديدي اللعين عبارة عن رشاش دائري أمريكي لفاف ثقيل !!! هذا النوع يثبت على المدرعات من نوع الM-113-1 ويستخدم في الحروب الثقيلة والمهام الصعبة ، مع خزينة قد تستوعب أكثر من 300 طلقة طويلة تتجاوز ال8 ميليمترات مستعدة لخرق وتمزيق أي كائن حي يقف أمامها !!

وفجأة قام أوسكار بفصل التابوت مع جسد السيدة مالينا وانشطر لنصفين ، وأصبح الجزء السفلي في جهة والعلوي في جهة آخرى ، وبعدها قام بفتح طيات الجزأين من التابوت ، وسقط جسدها مشقوقاً إلى نصفين على الأرض !! وبعدها ضحك أوسكار ضحكة هيستيرية مجنونة وكأنه لا يبالي بالأمر !! وأمسك بمنشاره وهرول مطارداً ضيوف الحفلة ..

و بعد انشطار التابوت أردف المهرج برادني قائلاً وهو يضحك :

– أما أوسكار .. فكنت قد اعجبت بمهارته في تقطيع البرتقال ، فقلت له يا أوسكار لم لا تذهب معي لحفلة اليوم لتجرب تقطيع بعض الضيوف الحمقى وشطرهم ؟!! وبعدها أخذ يضحك دون توقف ، وأخذت السماء ترعد بشدة مستقبلة ضحكته الشريرة بحفاوة كبيرة .

وبعدها أخذ صديقنا فلاد يضرب بقوسه وسهمه أعناق وأكتاف الضيوف المتراصين أمامه وهم في حالة من الهلع والذعر البالغ ، كانت الطرق مسدودة بفعل هدايا المهرجين ، وبفعل مقالبهم السمجة المميتة التي أحالت المكان إلى ساحة قتال صغيرة ..

وفي أثناء صراخ الزوار نجد ستيفاني ابنة خالة جيسي تتجه فجأة إلى سيارة المهرجين ، واقتربت من حذاء برادني الذي اعتلى العربة وهي باكية قائلة له :
– أرجوك ساعدني لا تقتلني أرجوك .. لن أخبر أحداً بما فعلت ، ولكن أرجوك لا تقتلني ..

قال لها برادني بنبرة ساخرة وهو يقلد طريقة بكائها وتوسلها إليه ، وقد كان ينظر إليها من فوق العربة التي اعتلى سطحها بجانب رشاشه الضخم :

أساعدكِ !! حسناً يا صغيرتي سأنزع هذا السهم عنكِ أولاً وبعدها سأسأعدك تعالي لي ..وفجأة جذبها من ذراعها إلى سطح العربة بكل قوة !! وبدا أنه رجلاً جباراً يمتلك قوة رهيبة قادرة على رفع امرأة طويلة يصل وزنها إلى 62كيلوجرام بذراع واحدة من مسافة كبيرة !! وعندما أصبحت بجانبه على سطح العربة مسح دموعها بيده المليئة بالمخالب الحادة ، وقال لها وهومبتسم :
– لا بأس أنتِ بخير .. لم البكاء يا صغيرتي ؟!!
أخذت ستيفاني تتوسل إليه قائلة :
– أرجوك .. أرجوك ..
لا تقلقي .. لن أفعل لكِ أي شيء .. فقط سأوزعكِ عليهم !! وفجأة قام برفعها ووضعها أمام فوهة الرشاش الدائرية !! وقد حاولت الفتاة التغلب عليه وقاومته لكن لكمة عنيفة أفقدتها وعيها ، وقام بتثبيتها أمام الفوهة مباشرة ثم ارتدى نظارته اللامعة الزرقاء ، ووضع السيجارة داخل فمه ، وأخرج لسانه بشكل جنوني وأردف قائلاً :

– توقفوا عن صراخكم اللعين الآن ..

بعدها مباشرة فتح النار من رشاشه الضخم ممزقاً معدة ستيفاني !! واخترق الرصاص جسدها ومزقه تماماً من شدته ، وأصبحت هي مثبته على القاعدة الخاصة بالرشاش و ببطنها وظهرها فتحة كالنافذة خرجت منها الطلقات وانطلقت صوب الزوار المذعورين ، وهنا انطلقت النيران مخترقة أجساد جميع من في الحفلة ، وأخذ برادني يرتج برشاشه وسيجارته ونظارته ولسانه الذي خرج بشكل جنوني ، و بدأ يطلق النيران بشكل عشوائي على الجميع ، وقامت الطلقات العاتية بتمزيق الجميع ، حتى الأم ( مولي ) التي أصيبت بثلاث طلقات في ظهرها أردتها قتيلة على الفور ، وعلى ما يبدو أن برادني أدرك أن هداياه وأشرطته الملونة قد نفدت ، وهنا سيجد الضيوف مهرباً ، لكن للأسف .. لا يوجد مهرب مع هذا المهرج المجنون وهذا الرشاش الضخم الذي أصاب الجميع في مقتل !! ومنهم السيدة صوفي التي اصيبت بإصابات قاتلة بسبب الطلقات الطائشة القادمة من العربة التي تشبه المدرعة العسكرية .

زحف الجميع على الأرض من شدة جراحهم ، وهدأ كل شيء بعدها ، وهنا ساد الصمت المكان بعد أن كان يعم بضجيج مزعج ، صمت الجميع وزهقت أرواحهم بسبب هذا الرشاش الضخم وطلقاته الطائشة المميتة ، وارتمت الجثث على أرض الحديقة الخضراء هنا وهناك .

وبعدها ضحك برادني وقد اتسعت حدقتا عينيه بشكل غريب :
انتهى كل شيء .. لقد ماتوا جميعاً ، ولكنني أرى البعض يزحف هناك ، أوسكار .. احضر فأسك واجهز على أي شخص مازال حياً !!

وفعلاً قام أوسكار بتنفيذ كلام قائده .. وأحضر فأساً ضخماً من العربة وقد كان لونه أحمر ، وأخذ يتنقل بين الجثث وهو ممسكاً به بقبضة يده ، وقد قال في سخرية وتبجح واضح :

– هيا يا أولاد .. لو كان هناك أحداً فيكم على قيد الحياة ومازال يتنفس فليظهر لي وجهه لأضرب رأسه !! ولا تتعبوني وتتصنعون الموت لأنكم ستموتون على أية حال !!

و من بعيد ومن بين طيات الجثث المتراكمة كانت جيسي على قيد الحياة هي وأخيها جاكسون ، ولكنها كانت منبطحة أرضاً مع الجثث في محاولة منها لتصنع الموت لكي لا يطالها فأس أوسكار العاتي ، وتوارى جاكسون عن الأنظار تحت أحضان أخته جيسي ، التي انبطحت عليه لتخفيه عن أنظار أصدقائنا الثلاثة ، وقد كان هو يبكي بشدة بسبب موت والديه وبسبب الجثث المتراكمة حوله ، لكنها كتمت أنفاسه بواسطة كفها لكي لا يصدر منه أي صوت يلفت أنظار المهرجين إليهم ، وبعدها أردفت قائلة لأخيها وهي تبكي بصوت خافت :

– لا تبكي يا جاكسون لكي لا ينتبهوا إلينا .. لا تبكي ، سنهرب من هنا أنا وأنت وبعدها سنطلب المساعدة .

أردف الصغير قائلاً لها وهو ينتحب بشدة :

– لقد مات أبي وأمي

قالت له جيسي وهي تبكي بشدة بصوت خافت :

– نعم .. نعم .. أعرف .. ولكننا سنهرب .. أتفهم سنهرب ، وفجأة قاطعها صوت أوسكار وهو قادم من بعيد بوجهه النحيف و شعره المتناثر و فأسه الضخم ، وقد كان متجهاً إليها تحديداً وإلى البقعة التي تقبع فيها ليتفقد الأحياء و يرديهم قتلى ، وقال حينها في سخرية شديدة :

– هيا يا أولاد .. أسمعوني نبضات قلبكم لأقتلعه من مكانه .. صمت قليلا ثم أكمل .. هيا يا أولاد لا تتعبوني معكم ، برادني .. افتح الرشاش مجدداً في أجسادهم لنتأكد من موتهم ولا تتعبني معك

أردف برادني قائلاً وهو ينظر حوله ويضحك :

– المنازل حول هذه العائلة التعيسة خالية ومهجورة تماماً .. لا أعرف ما خطبهم حقا ؟! ثم بعدها يكمل حديثه بضحكة عالية .. سنحصل على ليلة جيدة اليوم يا شباب ، خذ وقتك يا أوسكار واستمتع بيومك .. لن يوقفك أحد

و هنا وصل أوسكار إلى البقعة المنبطحة فيها جيسي هي وأخيها ، ووقف بقدمه وحذائه أمام وجهها مباشرة ، وقد كان حذائه حذائاً عسكرياً أسود اللون ، ولم يلاحظ أنها مازلت على قيد الحياة ، ولم يرى أخيها الصغير الذي كان يقبع تحتها ، وقد كانت هي تضع كفها علي فمه لتسكته ولتكتم همهمات نحيبه المبهم ، وهنا فجأة أنزل فأسه أمام وجهه جيسي مباشرة ، وقد كان صدرها يعلو ويهبط من شدة خوفها وبسبب عدم تنبؤها بما سيفعله هذا المهرج المجنون ، و فجأة أحست جيسي بحركة شخص ما بجانبها يزحف يبدو أنه مازال على قيد الحياة ، و بعد فترة تحديق في وجه هذا الشخص اكتشفت جيسي أنها صديقتها ألما !! ولكن من شدة تخبطها وبكائها لم تلاحظ ذلك إلا بعد وقت ، وبعدها مباشرة نظرت ألما لوجهه جيسي وهي تبكي ، وقبل أن تتحرك وتزحف خطوة آخرى على بساط الحديقة الأخضر .. فاجَأَها أوسكار بضربة من فأسه شجت رأسها على الفور !! وعندما وجدت جيسي ألما تنتفض بسبب هذه الضربة أحست هنا بوجع شديد وكتمت بكائها ، ولم لا تشعر بوجع شديد وقد كانت صديقتها المقربة واختها التي لم تلدها أمها أيضاً ؟!

أخذ أوسكار يضرب ألما بفأسه بعنف ، يضرب و يضرب .. ومع كل ضربة كانت جيسي تبكي ، وكانت تضع يديها على فم أخيها وعينيه لكي لايرى هذا المهرج المجنون وهو يرتكب جريمته البشعة .
التصق فأس أوسكار في جسد ألما من شد ضرباته العنيفة ، وهنا أردف أوسكار قائلاً وهو ينزع فأسه بقدميه من جسد الفتاة المسكينة :

– ابتعدي عن فأسي أيتها العاهرة .. سكت قليلاً بعد أن نزع فأسه وأكمل حديثه قائلاً لفلاد وبرادني .. ” يبدو لي أنهم كلهم ميتون الآن يارفاق .. هيا لنخفي الجثث أو نحمل بعضها معنا ونرحل من هنا “

قال برادني بجدية موجها حديثه إلى فلاد :

– فلاد .. انقل بعض هذه الجثث إلى سيارتنا .. وسنخفي البعض الآخر بإضرام النيران في المنزل والحي بأكمله !! هيا .. لا تنظر إلي هكذا

فجأة نظر أوسكار لبرادني وقد اتسعت عيناه بشكل مرعب وأردف قائلاً له بتعجب :

– برادني .. ستحرق الحي بأكمله !!

قال له برادني بضحكة خفيفة وقد اقتربت عيناه من المشهد :

نعم سنفعل ذلك .. سيخلد هذا الشارع ذكرانا للأبد .. سنكون نحن … ( كابوس شارع ابريل )

تحرك الثلاثة بالفعل .. وبدؤوا يزيحون الجثث ويضعونها فوق بعضها ، و بعد أن رأت جيسي هذا المشهد أردفت قائلة لأخيها الصغير و هو يرتجف تحتها :

اسمع سأخبرك بخطة عليك بتنفيذها على الفور .. ولكن اسمع كلامي ولا تخف ..
صمتت بعض الوقت و قالت فجأة .. ستركض أنت نحو باب منزلنا وستدخل إليه مبتعداً عن الحديقة ، وأنا سأحاول أن أشغلهم قليلاً ، ثم بعد ذلك أخرجت من بين طيات ملابسها ورقة صغيرة وقلم حبري وكتبت رقم استغاثة المركز القريب منهم وأعطته لأخيها الصغير ، وقالت له .. هذا رقم شرطة الطوارىء ، حاول أن تقوم بطلب الرقم من الهاتف الداخلي في منزلنا ، أنت تجيد ذلك صح .. هل تعرف الأرقام بشكل صحيح يعني ؟!

قال لها جاكسون الصغير وهو يبكي منتحباً :

– أرجوك أختي .. لا أريد أن أتركِ وحدكِ

قالت له و هي تمسح دموعه متوارية خلف أحد الجثث :

– لا جاكسون .. انظر إلي .. لا تقلق كل شيء سيكون بخير .. لا تقلق علي من هؤلاء المهرجين الحمقى .. حركتهم بطيئة للغاية وأنا سأسبقهم ، أفعل ما سأقوله لك .. اتفقنا ؟

قال لها الولد وقد هدأ قليلاً من نحيبه :

– اتفقنا

بعدها نجد المهرجين الثلاثة يحملون أحد الجثث إلى سيارتهم ، وهنا مسح أوسكار جبهته وقال :

– يا إلهي .. هؤلاء الأشخاص وزنهم ثقيل للغاية ، أحدهم كسر ظهري وأنا أحمله ، ثم صمت قليلا وقال بضيق .. لا أعرف .. أشعر أن هناك أحداً هناك مازال على قيد الحياة “

وهنا ضحك برادني قائلاً لصديقيه الاثنين :

– لا يهم .. المهم أن ننجز عملنا سريعاً ، وقال بعدها و هو قابض أصابعه على بعضها .. سنحرق الجميع الليلة !!

و هنا مباشرة صرخت جيسي صرخة مدوية أزعجت المهرجين وصمت أذانهم !! وقالت بملىء شدقيها صارخة :

– ” هيا .. هيا .. أركض الآن .. بسرعة ياجاكسون “

وبعد هذه الصرخات التفت المهرجون الثلاثة لجيسي ، وقد لمحوا جاكسون وهو يركض باتجاه المنزل ، وفجأة دفع الباب ودخل ..

و هنا أردف برادني قائلاً وقد استحالت ملامح وجهه إلى الضيق :

– تباً .. ألم أقل لك يا أوسكار أنك فاشل كبير

وفجأة التفت له أوسكار وقال وهو مذعور :

– تباً .. من أين خرجت هذه ؟!

وهنا قالت جيسي وقد كانت تقف في مؤخرة الحديقة موجهة صرخاتها للمهرجين الثلاثة وهي تلوح بيديها :

– هيي .. هيي .. أنا هنا .. هل تستطيعون اللحاق بي ؟!

قال برادني وهو يضحك بكل خبث ومكر :

– نلحق بكِ !! واو رائع .. أحب المطاردات و لعبة القط و الفأر هذه .. ولكن إن أمسكت بكِ يا حلوة سأسلخكِ كخنزير بري حقير .. وبعدها أخرج من بين طيات سترته العسكرية سكيناً فضياً ضخماً للغاية ومرعب ومسن بشكل جيد ، وهنا رفع برداني السكين أمام عينيه وارتسم ظل جيسي عليه وقد كان هو يضحك ، وفجأة زمجر قائلاً :

– فلاد .. أوسكار .. امسكوا هذه العاهرة

و بعدها أمسك أوسكار بفأسه الضخم ، وأخرج فلاد بعدها قضيب حديدي كبير ، واتجهوا مباشرة نحو جيسي ببطء .. متجاوزين الجثث التي كانت كالعقبات في طريقهم ..

اقترب أوسكار من جيسي بشكل كبير ، وأخذ يصدر لها حركات غريبة بفمه وكأنه يسمي عليها قبل قتلها ، وعندما حاول رفع فأسه وضرب جيسي .. باغتته جيسي بضربة قوية من قدمها في أسفل بطنه ، وهنا قال بصوت يشوبه الألم وهو ممسكاً بالمنطقة التي ضرب فيها :

– تباً يارفاق .. هذه الفتاة سيئة للغاية

وفجأة هرولت جيسي قبل أن يمسكها فلاد إلى أحد نوافذ المنزل ، وقد كان أخيها الصغير عاجزاً عن طلب المساعدة ، فكلما كان يطلب الرقم يتعثر ويطلب رقماً آخر ، أخذ يضغط على أزرار هاتف منزلهم الذي اكتسى باللون الأسود ، ولكن فجأة قام الولد بعد محاولات كثيرة بطلب الرقم بشكل صحيح ، وفجأة وجد صوت متقطع يقول له :

– مرحباً .. معكم شرطة الطوارىء
قال له الفتي باكياً وبصوت متقطع :
– أمي وأبي ..
– وضح حديثك بني .. لا أفهم شيئاً

وبعد انتحاب طويل قال له الفتى الصغير :
– لقد قتلنا المهرجون .. وقتلوا أمي وأبي .. وأختي الآن تتعارك معهم

ثم قال له الرجل وهو يضحك باستهزاء وأدرك أن من أمامه طفل صغير عابث طلب الرقم عن طريق خاصية التسجيل الموجودة في كل الهواتف المنزلية :

– حقاً .. قتلكم المهرجون !! كيف تتكلم معي الآن وأنت ميت ؟!! وبعدها أطلق ضحكة عالية ساخرة وتابع قائلاً .. أخبر أختك أن لا تتعارك معهم .. لأن هذا عيب ، وأخبرها أيضاً أنها فتاة سيئة لأنها تتعارك مع رجال ، وبعدها مباشرة أغلق الهاتف !! ” وهنا اتضح شكل هذا الشرطي وهو جالس في مكتبه .. وقد كان رجلاً سميناً يرتدي قبعة ويجلس على مكتبه بأريحية شديدة ، وقد كان هناك زميلاً له جالساً على أحد الحواسيب بجانبه ، وهنا قال له زميله بنبرة منزوعة الاهتمام والمسؤولية :

– ما الخطب يا مارفي ؟؟
– لا شيء .. طفل صغير عابث

و هنا اقتحمت جيسي المنزل وكسرت النافذة قادمة من الحديقة ، وقد كان المهرجون وراءها ، وقد جرح الزجاج أجزاء كثيرة من جسدها والتصق بها ، وعندما دخلت للردهة وجدت أخيها الصغير وهو ممسكاً بالهاتف ، فاتجهت إليه وجذبته بشدة من ذراعه قائلة له :

– تعال معي الآن إلى القبو .. لا يوجد وقت .. إنهم وراءنا مباشرة

قال الولد الصغير وهو يبكي بشدة :

– ولكن أختي ال ….

وقبل أن يكمل كلامه حملته جيسي و هرولت و بعثرت جميع أدوات المنزل في طريقها وهي تقول له :

– هيا .. لا يوجد وقت .. علينا أن نختبىء بسرعة في أي مكان

و بعدها دخلت إلى أحد أروقة المنزل .. واتجهت مباشرة إلى باب القبو وفتحته ونزلت على السلم ودخلت ، وقد كانت أضواء المنزل كلها منارة .
اتجهت بسرعة إلى أحد الأماكن المتوارية عن الأنظار داخل القبو ، وفي ركن مظلم تحديداً في القبو جلست واحتضنت أخاها ، وتنهدت وأخذ صدرها يعلو ويهبط وبعدها قالت لأخيها وهي تلتقط أنفاسها :

” اششش … لا تصدر أي صوت اتفقنا “

واستدارت فجأة وأخذت تنظر إلى النور المنسدل من بين طيات باب القبو ، وفي الفتحة العرضية السفلية في الباب تحديداً دخل منها النور متسللاً .. وملأ درجات السلم الخاص بالقبو بشريط ضوئي صغير ، وبعد فترة تحديق منها فجأة أظلمت بقعة النور المنسدلة من أسفل الباب !! واختفى النور تماماً !! وعلى مايبدو أن أنوار المنزل تم قطعها من الخارج بواسطة شخص ما ، وهنا عرفت هي أن المهرجين قطعوا النور ليجعلوها مربكة ولتكون فريسة سهلة في أيديهم خاصة أن معها طفل صغير ، وهنا أخذت جيسي تبكي وهي محتضنة أخيها بشدة وقالت بصوت خافت :

– يا إلهي .. يا إلهي .. لم كل هذا ؟! لم كل هذا ؟! ما الذي يحدث ؟؟

استدارت فجأة وأخذت تتلفت حولها ، وقد كان القبو مظلماً بشكل مرعب ، وقد كان الجو هادئاً بشكل مخيف في جميع أرجاء المنزل ، وفجأة اقتحم المهرجون الثلاثة المنزل من الداخل ، وحطم أوسكار النافذة بفأسه ودخل منها ، بينما كسر كلاً من برادني وفلاد الباب وخلعاه من مكانه !! وأنارت أطراف شعر برادني الأخضر اللامع ظلمات المنزل من حوله ، وبدا شعره لامعاً للغاية بلونه الأخضر الخلاب ، وهنا أرف قائلاً وهو يضحك :

– لنبحث عنها الآن .. هي داخل المنزل .. سنقطعها هي وأخيها اللعين .. ثم صمت قليلاً وقال :

– أوسكار .. ابحث عنها أنت في الغرف العلوية ، بينما سيبحث عنها فلاد في المطبخ و الحمام وفي الردهة اليمنى ، وأنا سأبحث عنها في هذا الروق هناك

وبعدها انقسم الثلاثة في أكثر من مكان داخل المنزل ، واتجه برادني إلى الرواق والممر المؤدي إلى القبو وبحوزته سكينه اللامع الضخم ، بينما صعد أوسكار السلم ببطء وهو ممسكاً بفأسه ، وقد كان ينظر للأعلى ويتفحص المكان بنظره تاهباً للقبض على الفتاة ومفاجأتها ، واقتحم فلاد المطبخ بقضيبه الحديدي محطماً كل شيء أمامه ، وقام بإزالة جميع المتعلقات الموجودة على الأرفف بقضيبه وطوحها بعيداً ، بينما اقتحم أوسكار غرفة نوم الأبوين المر على الفور ، وقام بتفحص المكان تحت السرير فلم يجد أحد ، وقام أيضاً بفتح الدولاب والتفتيش بداخله .. ولكنه كان يحتوي على الملابس بدون أي أثر لجيسي أو لشقيقها ، ثم بعدها قام بتقليب الملابس وبعثرتها بيديه المليئة بالدماء ، ثم بعدها قال بصوت متقطع وهو قابضاً بأسنانه على حمالة صدر نسائية :

– لا يوجد شيء هنا يارفاق سوى بعض الملابس وبعض الأدوات عديمة الفائدة ، أين تلك الفتاة اللعينة بحق السماء ؟!

و في أثناء تجول برادني في الروق السفلي أتى إليه فلاد مهرولاً وأومأ برأسه إشارة إلى عدم وجود أحد ، وبعدها مباشرة نزل أوسكار من على السلم واتجه إلى برادني وقال له وهو يلتقط أنفاسه :

– لا يوجد أحد .. لا آثر لها
أجابه برادني ضاحكاً بخبث :
– لا تقلق .. على ما أظن أنني عرفت مكانها !! أشتم رائحتها من هنا .. هي متوارية خلف أحد هذه الأبواب المتواجدة في هذا الروق .. لا تقلقوا .. لن تزحف بعيداً

ثم بعدها وقف الثلاثة بجوار بعضهم وتقدموا ببطء داخل هذا الروق الطويل ، وأمسك برادني سكينه و حكها في الحائط أثناء مشيه وأصدرت صريراً مزعج وشرزاً متطايراً إثر احتكاكها العنيف ، وقال منادياً علي جيسي باسمها :

– جيسي .. أين أنت يا فتاة ؟! جيسي .. جيسي

ثم بعدها قال أوسكار هو الآخر منادياً على جيسي ، التي كانت تستقر في الباب الأخير في الروق الخاص بالقبو ، وقد كانت تبكي بعد سماع اسمها من طيات حناجر هؤلاء المهرجين :

– جيسي .. اخرجي الآن يا فتاة .. وإلا سأذهب وأشكوكِ لوالدكِ ، ثم بعدها ضحك ساخراً وقال .. أوه .. لقد نسيت .. لقد قطعته ببطء أثناء نقله بسبب وزنه الثقيل !! ثم بعدها ختم حديثه بضحكة أشبه بأصوات الضباع الضاحكة .

وفجأة سمعت جيسي اقتراب صوت أقدام المهرجين من باب القبو الذي كانت تختبىء فيه هي وأخيها الصغير ، وقد بدأ جاكسون بالبكاء على الفور عندما سمع أصواتهم تقترب ، ووضعت جيسي كفها على فمه قائلة له بهدوء :

– جاكسون .. على رسلك .. توقف عن البكاء حالاً و إلا اكتشفوا مكاننا

وبعدها مباشرة أصدرت اللعبة المتكلمة التي كانت في جيب الفتي الصغير جاكسون صوتها المعتاد !! وقد كانت هي نفس اللعبة التي كانت في يده في بداية الحفلة ، وكما وصفناها من قبل كانت على شكل بطل خارق ، وكانت حمراء اللون .

و هنا فوراً اتجهت أنظار المهرجين إلى باب القبو ، واقتربت عين برادني من المشهد ، وارتسمت ابتسامة عريضة على ثغره ..

وهنا قالت جيسي على الفور لأخيها الصغير وهي تنفضه :

– يا إلهي .. أوقف هذه اللعبة فوراً !! ” وبعدها أخذتها منه ورمتها بعيداً في أحد جوانب القبو .

وبعدها توقف برادني أمام باب القبو وأخذ يتحسس طياته بأصابعه وقال بعدها بنبرة ساخرة :

– رفاق .. ما رأيكم في هذا الباب ؟! برأيكم ماذا يوجد وراءه ؟!

أجابه أوسكارساخراً هو الآخر :
– بالتأكيد يوجد وراءه بعض الخردوات عديمة الفائدة فهذا تقريباً باب القبو ، ثم ضحك ضحكة مدوية بعدها و قال .. أو ربما فتاة خائفة مع ولد صغير شقي !! و بعدها أصدر ضحكات جنونية وتابع حديثه قائلاً لبرادني بنبرة ساخرة .. وماذا نفعل به الآن برأيك ؟!

– حطمه
– هل تقصد تحطميه
– نعم حطمه الآن
– حسناً لا تصرخ في وجهي

وبعدها مباشرة ضرب ضربة عنيفة شقت الباب .. وأخذ يضرب ويضرب ، ورأت جيسي فأس أوسكار وهو يخترق الباب مصدعاً أجزاءه ، وقد كانت هي متوارية عن الأنظار في ركن مظلم ، وكانت تضع كفها على فم أخيها لتسكته ولكي تكتم صرخاته ، وهنا أخذ فأس أوسكار ويحطم ويحطم ..

و عرفت هي حينها أن الموت قادم لا محالة .. قادم على شكل مهرجين ضاحكين غافلين عن حقيقة الإنسانية التي لم يشتقوا منها أي شيء في قاموسهم ، وقامت هي بجذب عصا حديدية تستخدم في تقليب فحم المدفأة من جانبها ، وأمسكت بها بقوة تحضراً للدفاع عن نفسها والدفاع عن أخيها الصغير ، لأن اكتشاف مكانها داخل القبو أصبح وشيكاً من قبل مهرجي الموت .

وفعلاً قام المهرجون الثلاثة باقتحام القبو وتهشيم الباب !! وأخذوا يتجولون في جميع أنحائه بسرعة وتعجل بحثاً عن الفتاة الجريحة وشقيقها ، وقد كان برادني يقف على السلم الخشبي الخاص بالقبو وهو يصفر !! بينما كان زملائه يخربون المكان أثناء بحثهم ، وعلى أي حال كانت جيسي تحت السلم وتحت أقدام برادني مباشرة ، وأثناء وقوف برادني على السلم الخشبي .. وهو سارح تحديداً .. نظر أمامه فوجد اللعبة التي كانت مع الفتي الصغير جاكسون ملقاة على الأرض ، والتي طوحتها جيسي عندما أصدرت صوتها المزعج ، فابتسم وهبط من على السلم وذهب والتقطها ، وأخذ يتمعنها وهو ممسكاً بها بواسطة قبضته الشيطانية المليئة بالمخالب ، وأردف قائلاً وهو يضحك :

– يبدو أن هنا أحداً هنا فقد لعبته !!

قال له أوسكار وهو يقلب المكان بنبرة جدية :

– برادني دع هذه اللعبة جانباً .. أنت لست صغيراً على اللعب بلعب الأطفال
قال له برادني بضحكة ملأت وجهه :
– نعم .. طوال عمري كنت أقول عنك غبياً يا أوسكار وصدق حدسي .. علينا إرجاع هذه اللعبة لأصحابها !!

و هنا كانت جيسي تراقب بنظراتها من خلف طيات الركن المظلم المهرجين وهم يبحثون عنها ، وتحديداً كانت تراقب فلاد و أوسكار وهما يقلبان المكان رأساً على عقب ، ولكنها لم تلاحظ وجود برادني أمام أنظارها وكأنه اختفى وترك أعاونه وحدهم يبحثون عنها ، لم يكن لبرادني أي وجود في المكان وكأنه تبخر من أمام أنظارها ، ” أين ذهب ؟!! ” هكذا تسألت داخل نفسها .. ولكنها وجدت اجابتها سريعاً .. نعم .. وأسرع مما توقعت هي !! وجدتها عندما ارتسم في عينيها ظل لمهرج بشعر أخضر وهو منبطحا من على السلم بزاوية منحرفة وقد اكتشف مكانها ، نعم .. لقد كان برادني ، وبعد أن اكتشف مكانها قال لها وهو مبتسماً وقد كان يمد يده إليها وهو ممسكاً باللعبة :

– هل ضاعت منكِ هذه ؟!!

وعلي الفور اتسعت حدقة عين جيسي عندما ارتسم ظل المهرج فيها ، وقامت على الفور بمباغتته بضربة مبرحة على وجهه بواسطة عصا المدفأة !! وهربت هي وأخيها من وراء ظهر المهرجان الآخران من عبرالباب المفتوح الخاص بالقبو .

اقترب كلا من فلاد وأوسكار من برادني وحاولا مساعدته في النهوض من على الأرض .. لكنه قال لهم بنبرة غاضبة وهو ممسكاً برأسه من شدة الضربة :

دعكما مني .. اذهبا وراء هذه العاهرة .. ستهرب الآن

انطلقت جيسي مهرولة بسرعة هي وأخيها داخل المنزل ، وقد أخذت تصتدم بالأثاث وتسقطه هنا وهناك من شدة فزعتها مما حدث ، وقد كان بجانبها شقيقها الذي قد كان يركض معها هو الآخر ، وتبعهم المهرجون الثلاثة على الفور، واتجهت جيسي للباب وخرجت من المنزل إلى الحديقة ، واتجهت أنظار جيسي تجاه الكراج الخاص بالسيارات ووجدت سيارتها الحمراء قابعة هناك ..

اتجهت إليها راكضة على الفور ، وقد كان شقيقها يركض بجانبها ويتبعها أينما ذهبت ، ووصلت فعلاً للسيارة وتحسست طياتها ، وبينما كان أخيها الصغير في طريقه إليها راكضاً وراءها .. فجأة .. تعثر في هدية من الهدايا المفخخة ذات الأشرطة المزعجة التي وضعها المهرجين !! ولفت عليه الأشرطة وكتفته ومنعت حركته تماماً ، وسقط هو على الأرض صارخاً واستغاث بأخته ، وفجأة أمسك أوسكار بطرف شريط طويل من الأشرطة التي كتفت جاكسون .. وأخذ يجذبه إليه وهو يضحك فرحاً بسقوط فريسته الصغيرة .

اقتربت جيسي هي الآخرى لتجذب جاكسون من طرف شريط آخر التصق بجسد جاكسون أثناء وقوعه في الهدية المفخخة ، وتصارع أوسكار مع جيسي في لعبة أشبه بلعبة شد الحبل !! وأخذت جيسي تحاول بكل قوتها أن تجذب جاكسون إليها ، ولكنها تفاجأت فجأة بمنجل طائر في الهواء صادر من بين أيدي صديقنا فلاد ، نزل المنجل على الأرض والتصق بملابسها وكاد أن يصيبها ، واتجه برادني مهرولاً تجاه جيسي للإمساك بها ، ولم تجد جيسي مفراً سوى أن تذهب لسيارتها وتديرها على الفور ، لأنها غير قادرة على تخليص أخيها من ثلاثة مهرجين وحدها ، وإذا حاولت تخليصه ستخسر حياتها وتخسره .

دخلت للسيارة بالفعل وأدارتها بواسطة المفاتيح التي كانت معلقة في مرآة السيارة ، وفكرت في الإنطلاق بسرعة لدهس المهرجين الثلاثة ولتخليص أخيها من قبضتهم ، وقبل انطلاقها ببضعة دقائق .. قفز أوسكار على زجاج السيارة الأمامي وحجب الرؤية عنها !! وأمسك بفأسه وأخذ يهشم الزجاج الذي تصدع بسهولة بسبب ضربات فأسه الضخم !! وعلى الفور انطلقت جيسي بالسيارة بضع خطوات وتوقفت فجأة .. وهنا سقط المهرج المجنون بعيداً بفعل حركة السيارة وتوقفها المفاجيء ، وقبل أن تنطلق مرة آخرى لتخليص أخيها الصغير .. تفاجأت بجسم كروي طائر في الهواء متجه نحو سيارتها ، وعندما سقط هذا الجسم واستقر على زجاج سيارتها الأمامي .. وضحت ملامحه وظهر شكله ، و مة إن رأته حتى اتسعت حدقتا عينيها وهي غير مصدقة أن هذا الجسم المستدير ما هو إلا رأس أخيها الصغير جاكسون !!! حينها أخذت تبكي بشكل هيستيري وأخذت تضرب مقود العربة بعنف وهي تصرخ قائلة :

– لااا .. جاكسون .. لااا

عندها انطلقت بسيارتها على الفور وحاولت دهس المهرجين وسحقهم تحت عجلات سيارتها العاتية ، ولكنهم تفرقوا بعيداً عن بعضهم وابتعدوا من أمام سيارتها المسرعة ، ولم تجد جيسي مفراً سوى قيادة سيارتها إلى خارج بوابة حديقة المنزل متجهة إلى الطريق العمومي الذي أمامه ، وهرول المهرجون هم أيضاً باتجاه سيارتهم وفتحوا أبوابها وأداروها ، في محاولة منهم للحاق بسيارة الفتاة ، وهنا انطلقت جيسي بسيارتها بسرعة رهيبة مكتسحة الطريق الخالي أمامها ، وبعد فوات ربع ساعة تقريباً .. وصلت إلى طريق موحش وخالي وعلى ضفافه كانت تنتشر المزارع والمنازل الريفية ، تفاجأت بظهور سيارة المهرجين وهي قادمة وراءها على مرآة سيارتها اليسري !!

أخذت سيارة المهرجين تقترب منها أكثر وأكثر ، حتى أصبحت سيارتهم بجانبها مباشرة ، وأخذت سيارتهم تحاول تضييق الطريق على جيسي لكي تنحرف عن مسارها ، لكن جيسي بدأت تجاريهم وتتحكم في عجلة القيادة ببراعة ، وأخذت تتفادى محاولات المهرجين في توريطها في حادثة قد تكلفها حياتها ، وبدون سابق إنذار فتح فلاد النافذة المتواجدة في سقف سيارتهم الضخمة ، وقد كان الرشاش العاتي متواجداً على سطح العربة ، وهنا أمسك فلاد بمقبضيه .. وأمطر سيارة جيسي بوابل من الطلقات النافذة ممزقاً زجاجها و صندوقها الخلفي ..

أخذت جيسي تنحرف بسيارتها على الطريق يميناً ويساراً في محاولة منها لتفادي الطلقات القاتلة المنبعثة من سيارة المهرجين المثبت على سقفها رشاش قاتل ، وفجأة انحرفت عجلة القيادة منها بسبب طلقة نافذة اخترقت عجلة من إحدى عجلات سيارتها ، وانحرفت من على الطريق ودخلت في مزرعة ريفية أمامها منزل صغير يخص أصحاب المزرعة و دخلت من بين العشب والمحاصيل تالفة كل شيء أمامها ، وتوقفت سيارتها فجأة ..

ساد الهدوء المكان ، وهنا توقفت سيارة المهرجين هي الآخرى على جانب الشارع أمام المنزل الريفي الذي استقرت في مزرعته سيارة جيسي ، و فجأة فتح باب السيارة وظهرت قدم المهرج برادني بحذائها العسكري وقد نزل من سيارته هو وأتباعه ، ووقف المهرجون الثلاثة في الشارع يتأملون سيارة الفتاة وهي متوارية داخل عشب المزرعة وقد ظهر جزء صغير منها .. أردف أوسكار قائلاً وهو مندهشاً ، وقد كان واضعاً فأسه الضخم وراء ظهره كالمحاربين القدامى :

– هل ماتت ؟!

أجابه برادني قائلاً وقد اجتاحت ضحكة واسعة ثغره وأخرج فجأة سكينه اللامع من سترته الواقية للرصاص الخضراء :

– سنتأكد من ذلك !!

وبعدها نزل المهرجون من على الطريق واجتاحوا عشب المزرعة بخطوات متباطأة ، وقد كان أوسكار ممسكاً بفأسه الضخم ، بينما كان فلاد ممسكاً بقضيبه الحديدي ، واستل صديقنا برادني سكينه اللامع ..

وهنا قد كانت جيسي بداخل سيارتها بين طيات عشب المزرعة المظلم ، وقد كان رأسها مسندواً على عجلة القيادة و على ما يبدو أنها فقدت وعيها ، وأخفى شعرها المتناثر على جبهتها تفاصيل وجهها ، وعلى الفور استفاقت على صوت المهرج أوسكار وهو ينادي عليها قائلاً أثناء تجوله هو ورفاقه في عشب المزرعة الطويل :

– هييي .. جيسي .. جيسي .. اخرجي لنا فوراً يا فتاة ، لاتقلقي لن نؤذيكِ ، سنعبث بجسدكِ اللعين فقط !!

وعندما أفاقت جيسي على صوت أوسكار فتحت باب السيارة وخرت على الفور و زحفت على الأرض الطينية للمزرعة لكي لا يراها المهرجون ، وتوقفت عن الحركة واستقرت في بقعة داخل طيات المزرعة وعشبها الطويل ، في محاولة منها للاختباء من براثن المهرجين .

و هنا أخرج برادني على الفور من سترته زجاجة مولوتوف !! وأخرج بعدها مباشرة قداحة فضية وسحب رأسها وخرجت النار منها ، وأردف قائلاً بعدها لجيسي :

– جيسي .. اخرجي حالاً وإلا سنحرقك أنتِ و محصول أصحاب هذه المزرعة المساكين ، هيا اخرجي الآن

وعندما سمعت جيسي هذا الكلام المرعب أخذت تبكي بشدة في مكانها وقد كانت تنظر للأرض ، وفجأة قطع صوت نحيبها صوت رجل قادم من أمام باب المنزل الخاص بالمزرعة ، وتفاجأت هنا بصاحب المزرعة وهو يقف منتصباً أمام باب منزله ، وقد كان رجلاً سميناً ، ويرتدي بيجاما بيضاء مخططة بخطوط زرقاء ، وعلى ما يبدو أنه أفاق من نومه للتو بسبب الضجة في مزرعته ، وأردف قائلاً بغضب بعد رؤيته للمشهد في مزرعته

– تباً .. ما الذي يحدث هنا ؟!! من أنتم ؟؟ وماذا تفعلون في مزرعتي ؟!

وجه الرجل الغاضب هذه الأسئلة للمهرجين القتلة ، فقد كانت جيسي متوارية عن أنظاره داخل مزرعته ، وفجأة نهضت جيسي و اتجهت صوب الرجل الذي كان ينتصب عند الباب مباشرة ، وأردفت قائلة له وهي تبكي بشدة وقد كانت تمسك ذراعه :

– أرجوك ادخل إلى الداخل الآن .. إنهم أشرار .. اهرب من هنا .. سيقتلوك

قال لها الرجل وهو يتمعن وجهها بدهشة :

– عن ماذا تتكلمين يا آنسة ؟! ومن أنتِ ؟!

– هؤلاء المهرجين قتلوا عائلتي

– ماذا تقولين ؟! عن ماذا تتكلمين بالضبط ؟!

في هذه الاثناء كان المهرجون ثابتين في مكانهم أمام الرجل أثناء حديثه مع جيسي ، وقد كانوا ينظرون إليهم نظرات حادة للغاية ، وفجأة تساقطت بعضاً من قطرات المياه على الأرض معلنة بداية المطر ، وبعدها مباشرة اخترق الأجواء صوت انثوي فذ صادر من منزل الرجل قائلاً :

– جوش .. ما الخطب ؟! وعلى الفور نجد صاحبة هذا الصوت تخرج من المنزل الخاص بالمزرعة وتنتصب واقفة بجانب الرجل صاحب المزرعة وجيسي ، ويتضح هنا أنها زوجته ، وقد أفاقت من نومها للتو ، وكانت ترتدي روب نومها لتغطي جسدها .

أجابها لها الرجل قائلاً بغضب :
– لا يوجد شيء يا ليندسي .. فقط مجرد مهرجين عابثين يضايقون هذه الفتاة واقتحموا مزرعتي

وفجأة هم الرجل إلى داخل منزله وترك زوجته متوقفة بجانب جيسي التي كانت تبكي بشدة ، و حينها أخذ المهرجون الثلاثة يقتربوا منهن شيئاً فشيئاً بخطوات متباطئة ، وأخرج أوسكار فأسه الضخم من وراء ظهره استعداداً للاشتباك مع الضحايا المنتصبين أمامه ، وهنا خرج الرجل على الفور من منزله و وقف بجانبهن ، وقد كان ممسكاً ببندقية أحضرها هو من داخل منزله ، و على ما يبدو أنه ينوي ارداء المهرجين وقتلهم دفاعاً عن منزله وعن الفتاة المنتحبة أمامه ، وفجأة قام بالتصويب مباشرة تجاه المهرجين .. و ضرب عدة ضربات عنيفة من بندقيته صوبهم !! وهرول الثلاثة مبتعدين عن الطلقات الطائشة داخل طيات المزرعة ، وبعدها قال أوسكار وهو يهرول مع أصدقائه تفادياً لضربات الرجل القاتلة :

– برادني .. من أين خرج لنا هذا الوغد ؟!!

قال له برادني بنبرة غاضبة

– لا أعرف ؟! كل هذا من تحت رأس العاهرة جيسي .. على العموم احترسا ، وتوجه أنت ناحية السيارة وأحضر لنا بعض الرشاشات والقنابل لنقطع جسد هذا الوغد !!

وبعدها هبط أوسكار برأسه قليلاً متفادياً طلقات البندقية القاتلة التي نثرت التراب هنا وهناك ، واتجه على الفور نحو العربة المنتصبة على الطريق وفتح بابها الخلفي ، وهنا نجده يخرج منها أشياء فتاكة وفي غاية البشاعة !! لقد قام بإخراج ثلاثة رشاشات أمريكية من طراز الM16!! وأخرج معهم ثلاثة قنابل يدوية متفجرة !! بالإضافة قنابل الغاز أيضاً ، والأغرب من ذلك أن القنابل كان مطبوع عليها شعار المهرجين بشكل احترافي !! بالإضافة للأسلحة أيضاً !! وهرول بعدها على الفور تجاه المزرعة ، وقام بإلقاء رشاشان في الهواء تجاه زملائه فالتقطهما برادني وفلاد ببراعة ، وبعدها أمسك هو رشاشه وتوغل بجانب زملائه داخل الزراعات ، ووزع عليهم القنابل ، وقد كان الرجل مازال يضرب ويهز الأجواء ببندقيته العاتية ، وعندما لمحت جيسي هذه الرشاشات الكبيرة السوداء التي في أيدي المهرجين صرخت قائلة للرجل وهي تحني بندقيته للأسفل لتمنعه من ضرب المزيد من الأعيرة النارية :

– ادخل أنت وزوجتك الآن .. سيقتلوكم !!

وهنا أردف الرجل قائلاً وهو يضرب ببندقيته :

– ابتعدي يا عزيزتي حتي لا تؤذين نفسكِ

وعلى الفور قام المهرجون بإلقاء قنبلة غاز صوب أبطالنا الثلاثة ، وجذبت جيسي زوجة الرجل إلى داخل المنزل ، بينما أسقط الرجل بندقيته وانحنى على ركبتيه وهو يكح بسبب تأثره بغاز القنبلة ، وهنا قال برادني بنبرة خبيثة وهو يضحك :

– الفريسة وقعت ياشباب .. لنقتل هذا الخنزير الآن .. وبعدها سوف نجهز على زوجته والعاهرة الآخرى

وعلى الفور اتجه الثلاثة بخطوات متباطئة إلى الرجل ووصلوا إليه ، وعندما رفع الرجل رأسه إلى الأعلى .. وجد المهرجين الثلاثة وهم واقفين أمامه مباشرة بهيئة طويلة ، لأن الرجل كان منحنياً على ركبتيه عندما نظر اليهم ، وقد كانوا يبتسمون في خبث واضح ، وهنا أردف برادني قائلاً له :

– أهلاً بك في فقرتنا أيها الوغد .. سنقدم لك عرضاً مجانياً الآن !! وما أن سمع الرجل هذه الكلمات .. حتى اتسعت حدقة عينيه على الفور !! وظهر فيها ظل برادني وقد كان يضحك بكل شر و غرور ، وهنا أمسك برادني بيده المليئة بالمخالب الشيطانية قنبلة يدوية متفجرة !! وقام بحركة جنونية متهورة بإدخالها داخل فم الرجل المسكين !!! وبعدها نظر في عينيه مباشرة وقال :

– بووووم !!

بعدها دفع برادني الرجل بقدمه بعيداً من على السلم وهو في فمه القنبلة !! وتدحرج داخل المزرعة ، وبعد ثواني من الصمت .. انفجرت القنبلة وهي داخل فمه !! وهنا سمعت زوجة الرجل وهي بداخل المنزل صوت الانفجار وأردفت قائلة لجيسي :

– سأخرج وأرى ماذا حدث في الخارج

– لا .. توقفي .. لا تخرجي .. سنحاول الهرب من نافذة منزلكم الخلفية ، هؤلاء المعاتيه الثلاثة قتلوا عائلتي بالكامل .. ولن يتوانوا لحظة عن قتلي وقتلك
– ماذا تقولين ؟!! قتلوا عائلتكِ ؟! اعتقدتهم حفنة من الحمقى العابثين !! لماذا لم تقولي لنا ذلك منذ البداية ؟!

أعتذر لأنني جلبتهم ورائي .. لكنني لم أجد مهرب غير مزرعتكم ، هيا بسرعة لا يوجد وقت .. لنهرب من المنزل الآن .. وسأشرح لكِ كل شيء بعدها
و زوجي ؟!
– ربما اصيب بمكروه في الخارج .. سنعرف لاحقاً .. ولكن عليكِ أن تهربي معي الآن ”
– تباً .. مكروه ؟!! وبعدها على الفور أخذت تنادي على زوجها من داخل المنزل منتظرة أن يجيبها هو من أمام الباب .. ولكن لا رد ..

وبعدها على الفور أخذت السيدة ليندسي جيسي إلى المطبخ ، وتفاجأت جيسي بكلب ضخم من نوع الشيبرد يمكث فيه !! وهنا أردفت جيسي قائلة لها :

– ما هذا الكلب ؟!

– سأطلق هذا الكلب إلى الخارج لكي يبحث عن زوجي .. أنا لا أعرف ماذا حدث له بعد

– أرجوك لا وقت لهذا .. ربما أصيب بمكروه .. سنهرب أنا وأنتِ ونجلب المساعدة له

وفجأة انفلت رباط الكلب من بين أصابع السيدة ليندسي وخرج الكلب مهرولاً إلى الخارج متجهاً إلى عشب المزرعة ، وعلى ما يبدو أنه شعر بخطر محدق قريب وذهب لأكتشافه بنفسه ..

و على الفور لمح المهرجون الثلاثة الكلب قادم إليهم و قد كانوا واقفين بجانب بعضهم ، وهنا أردف أوسكار قائلاً في رعب واضح ظهر على وجهه :

– رفاق .. ماهذا الكائن الذي يتجه صوبنا مباشرة ؟!

أجابه برادني في غضب

– إنه كلب أيها الغبي

– كلب ؟!!

وعلى الفور هجم الكلب عليهم مكشراً عن أنيابه وهرول وراء أوسكار تحديداً ، وبالفعل ركض أوسكار خوفاً من الكلب وقد أخذ يقول مستنجداً برفاقه :

– رفاق .. ابعدوا هذا الكائن البشع عني !!

وساد الهدوء واجتاح الظلام منزل المرأة التي كانت مرتعبة على زوجها ، وقد كانت جيسي متوقفة بجانبها في هدوء ، وبعد صمت طويل … فجأة اجتاح النافذة الأمامية للمنزل جسم غريب كسرها تماماً وسقط على الأرض أمام جيسي والسيدة ليندسي !! وقد كان هذا الجسم ما هو إلا رأس الكلب المسكين !!! الذي طوحه المهرجون داخل المنزل من أجل ارعاب ليندسي وجيسي !! وعلي الفور صرخت ليندسي قائلة :

– ياإلهي .. ماهذا ؟!

وعلي الفور جذبتها جيسي قائلة وهي تبكي :

– هيا بسرعة قبل أن يحين دورنا

عندها اتجهت جيسي مع المرأة على الفور ناحية النافذة الخلفية للمنزل من أجل الهرب ، ووضعت المرأة قدمها أولاً من أجل أن تخرج ، ولكنها تفاجأت على الفور بضربة قاتلة من فأس صديقنا أوسكار شجت رقبتها وبعد هذه الضربة قال أوسكار مباشرة وهي يضحك :

– أصبتكِ ياعاهرة !!

وعلى ما يبدو أن المهرجين الثلاثة قد أحاطوا المنزل والتفوا حوله من أجل تضييق الخناق على جيسي ، وفجأة التم الثلاثة في باحة المنزل الخلفية وانهالوا ضرباً على جسد المرأة المسكينة بأسلحتهم البيضاء القاتلة !! وأخذ برادني يصرخ وينادي على جيسي قائلاً :

– جيسي .. أصبحتِ وحدكِ الآن ، سنأتي لتقطيعك على الفور بعد الانتهاء من هذه الحقيرة !!

و هنا أردف أوسكار قائلاً لبرادني :

– برادني .. من الممكن أن تهرب الفتاة الآن من الجهة الأمامية للمنزل !!

نظر برادني لفلاد وقال له :

– فلاد اذهب …..

وقبل أن يكمل حديثه .. تفاجأ الثلاثة مهرجين بأنوار اضاءة عالية للغاية ارتسمت على حائط المنزل الخلفي وارتسمت على أجسادهم في عتمة الليل !! وهنا فتح المهرجين الثلاثة أشداقهم تعجباً من مقدمة هذا الجرار الزراعي الضخم الذي ظهر أمامهم فجأة !!وقد كانت قائدة هذا الجرار الكبير هي جيسي !!

على ما يبدو أنه استقلته من مزرعة الرجل المسكين ، وقد كانت بداخله تنظر إليهم نظرة غضب وحقد ، وقد انسدل شعرها على وجهها في مشهد درامي ، وصرخت فجأة صرخة كبيرة جداً واتجهت مسرعة صوبهم بالجرار الضخم استعداداً لدهسم ، لم يجد المهرجون أي مفر للهرب ، وفي أثناء اتجاه الجرار إليهم كان برادني واقفاً أمامه منتصباً وكأنه لا يبالي !! بينما كان أوسكار وفلاد راكعين خلفه !! وفجأة فتح برادني فمه وارتسمت على ثغره ضحكة مجنونة !!! وكأنه لا يبالي بمصيره المحتوم هو وزملائه !! وأخذ يحدق في عيني جيسي وهو يضحك ، وفجأة دخلت جيسي فيهم بالجرار ولصقتهم في الحائط ، و قد صدمتهم بجرارها صدمة عنيفة جداً ، و وقع الثلاثة تحت عجلات الجرار العاتية ، وعندها ساد الصمت كل شيء .. ونزلت جيسي من الجرار لتجد المهرجين الثلاثة مسحقوين سحقاً تحت عجلاته ..

اتجهت بيدها إلى القنبلة التي كانت مثبتة في حزام أوسكار وقد أرادت أن تأخذها ، ولكنها تفاجأت بأوسكار يمسك بيدها ويجذبها إليه بقوة !! وقد كان هو ما بين الحياة والموت ، وهنا أخذت جيسي تصرخ وتقاومه ولكمته في أنفه بقوة فتركها على الفور ، وهنا ابتعدت جيسي عن موقعها ، وألقت القنبلة على الجرار في مشهد درامي بحت ، وبعدها انفجر الجرار مهشماً المنزل بأسره ، وضاعف جراح وميتة المهرجين الثلاثة ، وبعدها نجد جيسي تتابع طريقها الطويل علي أقدامها سيراً في مكان معزول ، وقد تلون جسدها بشتى أنواع الجروح الدامية ، واستقرت مباشرة أمام مخفر شرطة بعيداً عن المنزل ، وبعد فوات بعض الوقت غاب المشهد أمامنا .. وظهر بعدها مرة آخرى على الفور .. وقد كانت جيسي تجلس أمام شرطي ضخم جالس على مكتبه ، وقد كانت هي جالسة على كرسي أسود و تغطي جسدها بوشاح أبيض ، وهنا أردف الشرطي قائلاً لها وهو يأكل قطعة دونت :

– أخبريني .. ما الذي حدث معك تحديداً ؟!

– أخبرتك من قبل

ثم بعدها ضحك ضحكة ساخرة وقال

– عذراً يا آنستي .. ولكن .. بعض ما قلتيه لايمكن أن يدخل العقل أبدا !! مهرجون قاتلون يمتلكون سيارة معبأة بشتي أنواع الأسلحة يقتلون أي شخص يقع تحت أيديهم !! أود مساعدتك .. لكن .. لا أستطيع التصديق

– يمكنك أن تتأكد بنفسك .. لقد دهستهم بجرار زراعي .. و هو يستقر الآن في أول منزل على طريق المزارع ، ولكن الجرار انفجر وهشم المنزل

نظر لها الشرطي واتسعت حدقة عينيه وقال لها :

– حسنا .. ابقي أنتِ هنا .. سأذهب أنا هناك لأرى كل شيء بنفسي ، المخفر الآن فارغ من الشرطيين .. لا يوجد غيري هنا بسبب الوقت المتأخر والأمطار الرعدية التي اجتاحت البلاد ، لاتتحركي من مكانك

وهنا أخذ مسدسه وفتح باب مكتبه وخرج ، وتوجه باتجاه السيارة الضخمة الخاصة بالشرطة التي تنتصب أمام القسم ، وقد أغرقتها الأمطار وانسدلت عليها ، وفتح بابها وانطلق بها على الفور ، وهنا قد كانت جيسي جالسة في القسم في صمت ، وقد كان فارغا من الشرطيين تماماً ، أخذت تفكر وتفكر مع نفسها متذكرة رأس أخيها .. وضحكة برادني المفزعة ، وبعد وقت قصير فجأة أخذ المصباح الكهربائي الذي في السقف يهتز وهو ينير ويضيء وأخذت جيسي تنظر إليه في قلق !! وبعدها نظرت من النافذة فوجدت الأمطار تشتد أكثر ، وبعد فترة وجيزة انقطع التيار الكهربي في المكان !وهنا نهضت جيسي مفزوعة وعرفت أنه انقطع من شدة الأمطار العاتية ، وخرجت خارج المكتب وأخذت تتجول في أرجاء القسم باحثة عن أي مصدر للضوء ، وفجأة سمعت رنين الهاتف في المكتب الرئيسي ، فتوجهت إليه بخطوات متباطأة .. وفتحت باب المكتب وأمسكت بالهاتف وأردفت قائلة بصوت خافت :

– مرحباً .. مرحباً .. وبعدها أعادت النداء مجدداً ولكن لا رد !! كان الهاتف صامتاً تماماً ! وكأن من اتصل بها يريد أن يعبث معها ، ولكن بعد ذلك رد عليها المتصل وقال بصوت عالي :

– تدهسيني أنا و رفاقي بجرار أيتها الحمقاء !!

وبعدها فزعت جيسي وألقت السماعة من يدها !! و أخذت تبكي وقالت في نفسها بصوت متقطع :

– ما .. مازا .. مازلوا أحياء !!!

وفي مشهد آخر نجد الضابط الذي كان جالساً معها يقف أمام مكان المهرجين الذين دهستهم هي ، وقد وصل للتو ، وأخذ الرجل يبحث بواسطة ملقاط صغير داخل طيات الأجزاء المهشمة من المنزل وبيده كشافه ، وفجأة اكتشف جثة السيدة ليندسي !! وقد كان وجهها مشوهاً تماماً بسبب الانفجار الذي طال المكان ، وفجأة اقترب الضابط بعيناه منها وقال :

– ” يا إلهي .. هذا سيء للغاية !! ” وبعدها صمت قليلاً وقال .. ” طيب .. أين البقية ؟! ليس هناك أي جثث غير جثة هذه السيدة !! “

وبعدها رفع ضوء كشافه على الحائط المظلم ليكمل اكتشاف المكان وهنا على الفور ارتسم ظل شخص غريب بجسد نحيل وشعر أشعث كبير على ضوء الكشاف المرتسم على الحائط المظلم !! وقد كان رافعاً يده بفأس كبير استعداداً لضرب الضابط !! وهنا نجد أوسكار يتسحب من وراء هذا الضابط الغافل بفأسه !! وعندما أدار الضابط رأسه لينظر لأوسكار باغته بضربة من فأسه مباشرة أسقطته أرضاً !! وبعدها ضحك أوسكار ضحكة مجنونة كضحات الضباع وسط الظلام الدامس والحطام !! و أظلم المشهد بعدها .

تاريخ النشر : 2017-02-21

توتو

مصر
guest
81 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى