تجارب من واقع الحياة

كان احب إليّ من نفسي

بقلم : الروح الذابلة – امريكا

مات وتركني اعاني قسوة الحياة وحدي

لطالما ظننت أنني بلا فائدة في هذه الدنيا الواسعة , بعد أن انتقلت إلى أمريكا مع أخي .. و قد افتقدت أشياء كثيرة , و مع ذلك تعايشت مع أحزاني , التي هي في الواقع تتملّكني بلا سبب ..

المهم بعد ان تخرّجت من جامعة مرموقة , بدأت العمل في مجال المعلوماتية ..و مضت حياتي بسلاسة دون مشاكل , و تأقلمت مع وضعي الجديد ..

إلى أن جاء يوم كنت فيها مريضة , فأنا أعاني من ربو مزمن منذ الطفولة .. و يومها كنت اسير في طريقي نحو العمل , عندما بدأت اشعر بصعوبة في التنفس .. خفت كثيراً لأن هذا لم يحدث
منذ وقتٍ طويل , و أنا أملك ذكريات سيئة عن هذا المرض , لذا قررت العودة سريعاً الى البيت ..لكنني شعرت بالدوار وفقدت الوعي , و عندما استيقظت وجدت نفسي في المشفى وبجانبي اخي ..ازلت قناع الأوكسجين عن وجهي , وناديته ثم سألته :

-كيف وصلت الى هذا المكان ؟!

فقال : انه زميل لي في العمل وجدني في مكان قرب الشركة , واحضرني الى المشفى

و بعد ان خرجت من هناك , كان اول ما قمت به هو البحث عن هذا الزميل لكي اشكره

و منذ ذلك الحين , اصبحنا اصدقاء .. و مع الأيام تطوّرت علاقتنا ..و في النهاية صارحني بأنه معجب بي , ويريد طلب يدي ..وهكذا حصل , فقد تكلم مع اخي الذي اتصل بدوره بوالدي
وأخبره بالأمر , فوافقا كلاهما .. أما أنا فقد كنت خائفة من هذا زواج , لكني لسبب ما وافقت , بعد ان بدأت أتعلق به و بشخصيته المهذبة والمحترمة

لكني لم أشعر يوماً بأنه زوجي , بل و كأنه صديقتي المقربة .. فهو ليس مثل الرجال , و لا يغار إن رآني مع أحد زملائي .. حتى انني سألته مرة : كيف تشعر عندما تراني أخاطب أحدا , ألا تغار ؟

عندها ضحك وقال : ثقتي بك لا تترك للغيرة مجالاً للظهور

مما جعلني أشعر و كأنني أخيرا وجدت نصفي الأخر

مر الوقت وبدأ حبي له يزداد ليصل عنان السماء , و بعد مرور سنتين رزقنا الله بطفل ذكر يشبهه للغاية , فبكيت من الفرحة وشكرت ربي كثيرا , لكن فرحتي هذه للأسف لم تكتمل ..فبعد شهرين توفي زوجي ..نعم لقد رحل وتركني لأواجه قسوة الحياة وحدي من جديد ..

أنا أكتب هذه الكلمات بقلبٍ محطم وأيادي مرتجفة وعينين دامعتين , لقد توفي جراء مرض في الكليتين ..كان يقوم بعلاج كليتيه على الدوام , ولم يخبرني ابداً عن هذا الأمر !

ومما زادني كرهاً لنفسي , أنني لم أكن معه حين مات ..فقد أقنعني بأن أذهب للعمل , وهو سيقوم برعاية الطفل ..ترددت كثيرا لكنني وافقت , و ليتني لم افعل ..فقد مات في ذلك اليوم وحده
ما الخطأ الذي ارتكبته كي أعاقب بهذا الشكل ؟!

أنا الأن أعيش في منزلي مع طفلي , الذي كلما كبر زاد شبها بأبيه ..لا أزال أعمل في تلك الشركة , لأجل تأمين مستقبل مشرق لطفلي ..وها هو يبلغ اليوم خمسة عشر سنة ..لا أنفك أحدثه عن أخلاق والده وصفاته , التي لم أجد مثلها عند أحد في الدنيا ..فأفكر وأقول انا لم أكن أستحق رجلا مثله ..

على كلٍ , الحمد لله على كل شيء ..فأنا لا أتذمر من ما حصل معي , إنما سعيدة بأن الله رزقني بإبني , الذي أعيش اليوم من اجله , و من اجله فقط

تاريخ النشر : 2016-03-04

guest
18 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى