نساء مخيفات

كلمنتاين بارنابت: قاتلة سحر الفودو

بقلم : سينا – مصر

قضية يلفها الكثير من الغموض والرعب
قضية يلفها الكثير من الغموض والرعب

لقد كتبت عن بعض من القتلة المتسلسلين من قبل، وأعترف أنني ربما أدمنت علي هكذا كتابات وبعد كل مرة أكتب فيها عن قتلة متسلسلين أو آكلي لحوم البشر أقول لنفسي أنني قد رأيت كل شيء، لكن بين فينة واخرى .. هنا وهناك .. أقرأ بعض الإعترافات لهؤلاء القتلة فيصدمني الواقع بعدم المبالاة التي يبدونها، مثل قاتلتنا اليوم والتي قالت وأقتبس : ” لقد إعتقدنا أنه من الجيد قتل أطفالهم بدلاً من تركهم يتامي، لأنهم سوف يعانون”، هكذا قالت كلمنتاين بارنابت عن أطفال ضحاياها.

لكن من هم هؤلاء الأطفال؟ ومن هي القاتلة؟ حسناً للإجابة عن أسئلتك يجب أن نتراجع قليلاً للخلف وسأجيبك.

اللوحة التعريفية

إسم القاتل الأول : رايموند بارنابت الأب، مؤسس طائفة تدعى “كنيسة التضحية”.
إسم القاتل الثاني : زيفرين بارنابت، إبن رايموند بارنابت، وعضو مؤسس في طائفة “كنيسة التضحية”.
إسم القاتلة الثالثة والأساسية: كلمنتاين بارنابت، إبنة رايموند بارنابت، قسيسة الطائفة. السن: 17 عاماً. تاريخ الميلاد: 1894 ومحل الميلاد: سانت مارتنفيل، لويزيانا، الولايات المتحدة الأمريكية.

أصل الحكاية

blank
تم إنتزاع أدمغتهم من الرأس بواسطة فأس

بدأت القضية عندما تم إبلاغ الشرطة في 11 فبراير 1911 مدينة كراولي غرب لافاييت لويزيانا، بالعثور علي جثة كل من “والتر بايرز” وزوجته وإبنه الصغير، علي الفور تحركت الشرطة إلي مسرح الجريمة لمعاينته وجمع الأدلة والتي أثبتت أن هناك متسلل خفي دخل منزل عائلة بايرز من خلال النافذة الخلفية بإستخدام المنزل المجاور والذي كان يقع ضمن نطاق الربع الملون في المدينة (الجزء الخاص بالسكان السود) الشيء الذي عني للمحققين أن القاتل هو أسود البشرة.

إراقة الدماء في هذه المدينة ليست بالشئ النادر ولكن مع هذا فإن هذه الجريمة كانت مختلفة، حيث أن عائلة بايرز التي كانت نائمة خلال عملية قتلهم قد تم إنتزاع أدمغتهم من الرأس بواسطة فأس، وبجانب بشاعة الجريمة التي لا توصف بدا أيضاً أن القاتل كان وقحا في طريقته بالنسبة للمحققين لأنه ترك سلاح الجريمة خلفه وكأنه يسخر منهم.

بعد أقل من إسبوعين ، في صباح يوم 24 فبراير 1911، وخلال يوم روتيني عادي لربة المنزل “نينا مارتن” أتى إبنها “ليزمي فيليكس” ليخبرها بمقتل أختها وزوجها، وحين هرولت مسرعة إلي منزل أختها، وجدت جثة أختها ميمي وزوجها أليكساندر أندروز وأطفالهم يواكيم وأنغس. وكما هو حال قضية عائلة بايرز كان الضحايا مقتولين بضربة في الرأس ، وهناك فأس في موقع الجريمة بجانب قدم السرير.

بعد أربعة أيام نشرت صحيفة لافاييت تقريرا مقتبس عن مفوض الشرطة “كورونر كلارك” والذي جاء فيه أن الضحايا تم إنتزاع أدمغتهم بواسطة فأس، كما ذكر التقرير عدة حقائق قالها قائد الشرطة “لويس لاكوست” بأن عائلة أندروز قتلوا في منتصف الليل خلال نومهم وبعد القتل تم نقلهم واجلاسهم علي الركبة في وضعية الصلاة والتضرع.

blank
قتلوا في منتصف الليل خلال نومهم

ليس ذلك وحسب بل أن قائد الشرطة “لاكوست” ذهب بالتخمينات الى أن قاتل العائلتين هو نفس الشخص، وأن لديهم مشتبه به وهو مجنون هارب حديثاً يدعي “جاركون غودفري”، لكن الأدلة قليلة ضده.

في 22 مارس من نفس العام، لقي كل من “لويس كاساواي” وزوجته وأطفالهم الثلاثة مصرعهم بنفس المصير المأسوي، بل وقد تم ضربهم بلا رحمة بواسطة الفأس، ومع أن كل الجرائم كانت وحشية والسلاح فيها واحد، إلا أن قضية كاساواي كان بها إختلافان، الأمر الذي سبب صدمة للمحققين.

الإختلاف الأول هو أن عائلة كاساواي كانت تعيش في تكساس وليس في لويزيانا، والإختلاف الثاني هو أن الزوجة كانت من ذوات البشرة البيضاء علي عكس القضايا السابقة حيث كان كل الضحايا من سود البشرة وهو ما اثار شكوك الشرطة في أنها جرائم عنف وكراهية عنصرية ضد إختلاط البشرة، لكن تم دحض هذه النظرية لاحقا.

القبض على أول مشتبه به

blank
كان مجرم سابق وله صحيفة سوابق طويلة

بعد قضية كاساواي كان لدي الشرطة مشتبه به يدعي “رايموند بارنابت” ، كان مجرم سابق وله صحيفة سوابق طويلة وكان معروف أنه عدواني سريع الغضب وعنيف مع أسرته حيث كان دائم الإعتداء عليهم، وأخذت التحقيقات منحي واسع وغير متوقع حينما شهدت عشيقة رايموند ضده، فقالت العشيقة أنه إعترف لها بقتله لهؤلاء الضحايا خلال احدى مشاداتهم المتعددة.

وفي خريف عام 1911 تمت محاكمة رايموند بارنابت بتهمة قتل ثلاث عائلات بإجمالي 12 فرد، وخلال محاكمته قام كلا من ابنته كلمنتاين وأبنه زيفرين بالشهادة ضد والدهم، قالت كلمنتاين أنه في أحد الليالي آتي والدها مغطي بالدماء، وأضاف زيفرين علي كلام أخته أن والده اخبرهم في ليلة من الليالي بأنه : “قتل كل فرد من عائلة أندروز اللعينة”. وفي ضوء هذه الشهادات من المقربين للمتهم فقد تم الحكم عليه وإدانته بتهمة القتل العمد ودخل السجن.

الجرائم لم تتوقف!

blank
صورة كلمنتاين بارنابت

في 27 أكتوبر من عام 1911 أعيدت محاكمة رايموند بحجة أنه كان مخمور وقت إعترافه بالجريمة لأولاده وعشيقته كما أنه لم يكن هناك دافع لإرتكابه الجريمة.

خلال تلك الفترة كانت الشرطة تتعامل مع قضية أخري وهي ما أضافت دلائل على براءة رايموند، القضية كانت العثور علي جثة كل من “نوربرت راندل” وزوجته وأطفالهم الأربعة وأعمارهم من 2 – 8 سنوات، وقد تم ضربهم بالجهة المعاكسة للفأس حتي الموت، أي تم تهشيم جماجمهم بالكامل ، اما نوربرت فقد تعرض لإطلاق نار علي الرأس ، وبعد ذلك تمت إزالة أدمغتهم كالعادة.

هنا أصبح الضغط علي الشرطة كبير من قبل سكان لافاييت الذين طالبوا بالتحقيق مع باقي عائلة بارنابت، وبالفعل قررت الشرطة الذهاب إلي منزل بارنابت وتفتيشه للبحث عن أدلة جديدة، وهناك وجدوا ملابس ملطخة بالدماء تعود لإبنة السابعة عشر عاماً كلمنتاين بارنابت، وتتضمن هذه الملابس بدلة نسائية مغطاة بالدماء وبقايا أدمغة بشرية، وكان هناك دماء علي مقبض الباب المؤدي لغرفتها، تم التحفظ علي كلمنتاين ودخلت نفس السجن الذي تواجد فيه والدها لكن في الجزء الخاص بالنساء .. لكن خلال تواجد الإثنين في السجن حدثت جريمة قتل أخري.

في يناية 1912 وجدت جثث عائلة “بروسارد” بمنزلهم قرب بحيرة تشارليز في لويزيانا، الأب فيليكس وزوجته وأولادهم الثلاثة تم نصب كمين لهم من قبل قاتل غامض وقيل أنها أكثر الجرائم وحشية من بين جميع القضايا.

استمرار الجرائم ، وبنفس الاسلوب والنمط الغريب ، جعل الشرطة يميلون لتصديق اشاعة منتشرة بين السكان مفادها أن الجرائم لها علاقة بطوائف سرية وطقوس دموية على ارتباط بسحر الفودو ، حيث أن القاتل لم يكتفي بالقتل بل قام بالتمثيل بجثث الضحايا.

فمثلا أولاد عائلة بروسارد تم تصفية دمائهم في دلاء وضعت بجانب أسرتهم وكانت هناك رسالة مكتوبة علي الحائط بالدم تقول : “لأنه مطالب بالدماء. لا ينسى بكاء المساكين” من الوهلة الأولي بدت لهم هذه الجملة مألوفة فهي مأخوذة من سفر المزامير ، المزمور 9:12 ، نسخة الملك جايمس.. لكن بعد ذلك قالوا أن الآية محرفة ومقتبسة من رواية “كوخ العم توم” الشهيرة.

وكانت هناك تفصيلة جديدة وهي أن الأطفال تم دق أصابعهم وتم تثبيتها معاً بقطع ورقية ودبابيس وكانت هناك عبارة علي حائط آخر تقول “البشر الخمسة” مكتوبة بخربشة، الامر الذي جعل المحققين يعتقدون ان هناك عصابة تحمل هذا الاسم ، أو ان عدد الضحايا يجب ان يكون خمسة في كل مرة .. ربما تنفيذا لطقس معين .. ولهذا نسبوا هذه الجرائم إلي سحرة الفودو ، وهو نوع من الدين التلفيقي والسحر كان رائجا بين العبيد في الامريكيتين واستمر لاحقا في المجتمعات الملونة.

كلمنتاين بارنابت كاهنة الفودو

blank
الفودو عقيدة تلفيقية ما بين الديانات الوثنية الافريقية والمسيحية لها طقوس واسرار وغالبا ما يتم الربط بينها وبين السحر

بغض النظر أنها كانت خلف القضبان في وقت وقوع جريمة قتل عائلة بروسارد، لكن كلمنتاين إعترفت أن لها اليد العليا في هذه الجريمة وإدعت أنها المسئولة عن الكثير من الجرائم التي لا يعرفها أحد، وانها المسئولة عن قتل 35 فرد بين عامي 1911-1912، منهم 17 قتلتهم بيدها المجردة.
بعد إعترافها عينت الشرطة عدة أطباء للكشف عن سلامتها العقلية وقد قالوا أنها واعية لما تقوله وأن عقلها في تمام الصحة. مع ان محاميها دفع بأنها مجنونة تماما.

من ضمن إعترافات كلمنتاين أنها كانت عضوا في طائفة سرية تدعي (كنيسة التضحية) وهي فرع من كنيسة انجيلية تدعى كنيسة المسيح المقدسة ، وهذه الطائفة لها عصابة تدعي (البشر الخمسة) يرأسها رجل يدعي (كينج هاريسون)، وكان هاريسون يشجع تابعيه على إستخدام التأديب المميت ضد أي عضو ضال، وأن عائلة راندلز كانت خير مثال على هذا الضلال.

علاوة علي ذلك إعترفت أنها ساحرة فودو تتمتع بقوي خارقة تحميها من العقاب ، وان لديها تعويذة تجعلها غير مرئية. والفودو طائفة تجمع بين الدين والسحر، كانت في الاصل معتقدات افريقية تدعي فودون و فودن، ولاحقا تحولت الى ما يشبه العقيدة المختلطة والتي نشأت اساسا في هاييتي نتيجة امتزاج عقائد العبيد الوثنية مع الديانة المسيحية التي فرضها عليهم اسيادهم البيض. وفي الفودو الكثير من الطقوس السرية وغالبا ما يتم الربط بينها وبين السحر.

إعترفت كلمنتاين أنها والطائفة قتلوا هؤلاء العائلات لإعتقادهم أن التضحية البشرية هي طريقهم نحو الخلاص والأبدية. وقالت أنه خلال تأسيس الطائفة “إلتقينا رجل زنجي عجوز قال لنا أنه بإمكانه أن يبيعنا شئ سحري يدعي (كاندجاس هودو) وبه يمكن لنا فعل أي شئ ولن يلتفت لنا أحد وسنكون محصنين ضد القانون، وهذا هو السبب في جعلنا نقتل لمعرفتنا أننا سنفلت من العقاب”.

عزم قائد الشرطة “لاكوست” التحقيق في إدعاءات كلمنتاين عن الكنيسة والفودو لكنه لم يجد شيء او دليل ملموس على صحة كلامها، ومحامي المقاطعة “هاورد برنر” الذي صنف كلمنتاين علي أنها منحرفة أخلاقياً لأنها إعترفت بمداعبة الجثث بعد قتلها هو الذي أكد أن جرائمها كانت مجرد تقليد لجرائم كان يقدم عليها الرجل الذي عرف للناس بإسم “الرجل من القطار” حيث كان هناك رجل يذهب إلي كل الولايات ويقتل العائلات بالفأس.

تكهنات

blank
صورة كاهنة فودو حقيقية .. هل كانت كلنتاين كاهنة فودو ايضا

في ظل إعتقاد محامي المقاطعة بأن كلنتاين هي مقلدة لجرائم الرجل من القطار والذي كان تكهناً منه، هناك بعض التكهنات الأخري التي قيلت عن عائلة كلمنتاين منها أنهم هم من أسسوا طائفة الفودو ” كنيسة التضحية” وهم من كانوا يبثون لتابعيهم أن من يقدمون التضحية البشرية يحصدون الحياة الأبدية، وأن مقتل هذه العائلات كان مسئولية جميع أفراد الطائفة.
وأنه كان من واجبهم المقدس أن يرسلوا واحداً منهم للسجن حتي تظل الطائفة تقوم بعملها لتنفيذ باقي التضحيات، بل وأنها كانت فكرة “رايموند بارنابت” نفسه، لكن حين لم يفلح الأمر إعترفت كلمنتاين علي نفسها وبذلك تؤول الكنيسة لإمرة زيفرين، لكن تم القبض عليه هو أيضاً لتنهي الشرطة أسطورة هذه الطائفة.

فترة سجن كلمنتاين و وفاتها الغريبة

بعد ثبوت سلامة عقلها، أرسلت كلمنتاين إلي سجن وحاولت الهرب عدة مرات لكن محاولاتها بائت بالفشل، عملت كلمنتاين في قطع القصب خارج السجن بحد أدني من الحراسة علي الرغم من محاولات الهروب، ثم حصلت علي إطلاق سراح بناءاً علي حسن السير والسلوك، وأختفت كلمنتاين منذ ذلك الحين إلي أن قررت شابة في عام 1985 زيارة جدتها والتي قيل أنها تبلغ من العمر 103 سنة، وهذه العجوز حكت للشابة عن قصة جرائم الفودو المنسية، وفي نفس العام ماتت هذه العجوز في ظروف غامضة لا يعلمها أحد، لكن في جنازتها لاحظت الفتاة وأصحابها أن الصورة التي وضعت لجدتها علي القبر في شبابها تشبه التي في الصحف لقاتلة الفودو كلمنتاين بارنابت.

الخاتمة

قضية يلفها الكثير من الغموض وتصريحات مخيفة وإعترافات سادية لهؤلاء القتلة، ، لكنها لن تكون أول مرة تحدث فيها هذه الجرائم وبالطبع كحال الدنيا لن تكون الأخيرة، شاركني رأيك وملاحظاتك.

****

مدونة الكاتبة : https://jeandoe27.blogspot.com/

كلمات مفتاحية :

– Clementine Barnabet

تاريخ النشر : 2021-08-30

سينا

مصر
guest
38 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى