ألغاز تاريخية

كنوز روسيا الضائعة

بقلم : زاهر موسى

كنوز روسيا الضائعة
روسيا تخفي في ثناياها الكثير من الكنوز والاسرار

بالرغم من كونها البلد الأكبر في الكوكب إلا أن روسيا لطالما كانت لغزا ومستودعا سحريا، ربما لم يتعرف العالم على روسيا تماما رغم التطور الذي قرّب البعيد ويعود ذلك إلى جملة أسباب من ضمنها أن روسيا انتقلت من إمبراطورية لم تغادر القرون الوسطى حضاريا بشكل كبير إلى دولة دكتاتورية مغلقة على نفسها مباشرة في الوقت الذي كان العالم يتعرف على بعضه البعض، بعد سقوط الاتحاد السوفيتي بدأت بعض الأسرار بالظهور وباتت الصحافة اقدر على تجاوز حاجز اللغة نحو لغات أخرى للحديث عن ألغاز وحكايات واقعية وحقيقية إلا أنها مخيفة أو مثيرة .

من الأشياء التي كثر الحديث عنها في روسيا على مدى قرون وعقود موضوع الكنوز التي لم يعثر عليها احد، كانت هذه الكنوز مرتبطة بأحداث حقيقية وليست أساطير كما هو الحال في حضارات أخرى، سنحاول في هذا المقال ذكر أثمن هذه الكنوز وأكثرها إثارة .

1 – غنيمة نابليون

كنوز روسيا الضائعة
الحملة الفرنسية على روسيا انتهت إلى كارثة .. لكن الجيش الفرنسي لم يترك وراءه مئات آلاف الجثث من جنوده فقط .. بل ترك ايضا كنزا عظيما من الذهب المسروق من خزائن موسكو ..

بعد 12 عاما من الحملة الفرنسية الفاشلة التي قادها نابليون بونابرت ضد روسيا القيصرية عام 1812 م كتب جنرال فرنسي اسمه دي سيغيور مذكراته وتحدث فيها عن غنائم المجوهرات والذهب التي جمعها الجيش الفرنسي من مبنى الكرملين في موسكو ومن الكنائس العملاقة وبيوت النبلاء قبل أن ينسحبوا باتجاه الشرق، تم نقل الغنائم في سلسلة عربات وصفت بالذهبية لأنها اختصت بنقل النفائس، في طريق الانسحاب كانت غارات الفرسان القوزاق تنهك الجيش الفرنسي مع اشتداد الشتاء الروسي المرعب، مما اضطر القادة الفرنسيون إلى التخلص من الكنوز التي أثقلت حركتهم حيث تم إلقاء الغالبية العظمى من النفائس في الجانب الغربي من بحيرة سمولينسك ، وربما جاء إغراق الكنوز من اجل عدم حصول الروس عليها، ما كتبه دي سيغيور جاء مؤكدا لما كتبه الكاتب الاسكتلندي والتر سكوت الذي دوّن سيرة بونابرت الذاتية .

خلال مائتي عام بحثت أربع فرق بحث من العلماء الروس في الحقبة القيصرية والسوفياتية ورغم أنهم لم يكتشفوا مكان المجوهرات في قاع البحيرة إلا أنهم اكتشفوا تركيزا عاليا للذهب والفضة في المياه بعد تحليلها .

2 – كنز ستيبان رازين (روبن هود الروسي)

كنوز روسيا الضائعة
رازين يساق إلى الموت في شوارع موسكو .. رحل عن هذا العالم وبقي مصير كنزه الضائع معلقا إلى الأبد ..

كان رازين فلاحا من القوزاق ولكنه احترف الثورة ضد تسلط النبلاء والإقطاعيين عام 1670 م بعد فترة من العزلة الطويلة وقاد المتمردين القوزاق لقطع الطريق وسرقة أموال الكنيسة ورجال الدولة على طول نهر الفولغا، بقي رازين مغامرا لفترة طويلة نجح خلالها في جمع ثروة هائلة وصفها البعض بأنها كانت حمولة مركب نهري كبير، بعد اصطدامه بالدولة القيصرية في سلسلة معارك تم اسر رازين وأخيه فرول وعلى الرغم من صمودهما أمام التعذيب وعدم كشفهما مكان كنزهما إلا أن فرول أصابه الضعف في لحظة الإعدام، كان السياف يهم بقطع عنق رازين فصاح فرول بأنه يعرف مكان الكنز فصاح به رازين : اخرس .. فكانت هذه الكلمة هي آخر الكلمات التي قالها روبن هود الروسي .

على مدى خمس سنوات لاحقة حاول فرول الاستدلال على مكان الكنز برفقة الجيش القيصري لكنه فشل مرارا مما اضطرهم أخيرا إلى إعدامه .

على مدى قرون لاحقة ظهرت شهادات تشير إلى مشاهدات الكنز كان أهمها إبّان معركة ستالين غراد، يروي  النقيب بيسونوف في مذكراته أن جنوده وجدوا سبطانات مدفعية قديمة مليئة بالمجوهرات والذهب في مكان تم قصفه من قبل الألمان على ضفاف نهر الفولغا لكن اشتداد القصف واستمرار انهيار ضفة النهر جعلهم يغادرون المكان حفاظا على حياتهم .

3 – كنوز الأميرال ألكسندر كولتشاك

كنوز روسيا الضائعة
لمدة سنة ونصف بعد ثورة 1917 حكم كولتشاك سيبيريا وقاتل السوفييت لكنه هزم وأعدم في النهاية

اشتهر  ألكسندر كولتشاك في التاريخ الروسي بوصفه قائدا بحريا ومستكشفا مهما وصاحب انجازات عسكرية وعلمية مهمة جدا وقد ارتبط اسمه بما عُرف بالجيش الأبيض المساند للدولة القيصرية بعد ثورة أكتوبر عام 1917 م التي قادها الشيوعيون وقد ارتحل بقواته العسكرية إلى الشرق الروسي الأقصى، لكن كولتشاك كان يحمل معه 500 طنا من الذهب التي أخذها من خزينة الدولة القيصرية  والتي كانت الخزينة الأكبر في العالم في حينها من ناحية مخزونها الذهبي، تم استعادة جزء من الذهب المسروق بعد انتهاء الحرب الأهلية في روسيا لكنَّ ذهبا بقيمة 80 مليون دولار بمقاييس ذلك الوقت لم يجده احد رغم البحث في أماكن عدة على مساحة البلد .

في أواخر عام 1920 م حوصر كولتشاك وتم أسره وإعدامه وماتت معه أسرار أطنان الذهب حتى اللحظة .

4 – الغرفة الكهرمانية

كنوز روسيا الضائعة
صورة نادرة وقديمة لغرفة الكهرمان الاصلية التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر والتي تي سرقها الالمان خلال الحرب العالمية الثانية

في عام 1944 م ومع اجتياح القوات النازية للأراضي السوفيتية تم تفكيك ونقل ما يعرف تاريخيا بالأعجوبة الثامنة وهي غرفة من الكهرمان استخدم في إنشائها 8 أطنان من "الحجر الشمسي" وقد منحت كهدية إلى الملك بطرس الأول المعروف بالعظيم وكان مكانها في القصر الملكي في مدينة سانت بطرسبرغ، في تلك المرحلة تم تقدير قيمة الغرفة بـ 250 مليون جنيه إسترليني.

كنوز روسيا الضائعة
النسخة الجديدة من غرفة الكهرمان التي صنعت عام 2003

على مدى العقود اللاحقة قُتل كل من حاول إفشاء سر مكان الغرفة بطريقة مخيفة وربما كان هذا هو سبب لجوء الحكومة الروسية لإنشاء غرفة جديدة شبيهة بالأصلية لأغراض سياحية لغلق هذا الملف إلى الأبد .

5 – تاج إميليان بوغاتشيف

كنوز روسيا الضائعة
ايميليان زعم بأنه القيصر بيتر الثالث .. القي القبض عليه لاحقا وتم قطع رأسه في احد ميادين موسكو

في عام 1774 م اندلع تمرد بين قبائل القوزاق بقيادة  الضابط السابق إميليان بوغاتشيف والذي ادعى انه القيصر بيتر الثالث احد أكثر القياصرة قربا من الشعب وسعيا نحو الإصلاح وتحسين حياة الفقراء، كان القيصر بيتر الثالث قد تعرض إلى انقلاب من قبل زوجته كاترين الثانية والتي تحالفت مع النبلاء وقادة الجيش في تغييب زوجها وادعاء موته، استغل بوغاتشيف حب الناس لبيتر الثالث فادعى شخصية القيصر المغيب وكان دليله على ذلك تاج كبير من الماس وصفه من رآه بأنه تحفة فنية وقيمة مالية هائلة في وقته إذ لم يكن المواطنون البسطاء يرون القياصرة في ذلك الوقت ليتعرفوا على وجوههم.

كنوز روسيا الضائعة
تاج القياصرة الروس .. للعلم هذه التيجان ثقيلة جدا .. والملوك والملكات لا يلبسونها إلا في مراسيم التتويج او الزواج وبعدها تعود لتقبع في خزينة الدولة

استمر التمرد عاما كاملا وقد اجتاح بوغاتشيف مناطق واسعة وأسس شبه حكومة وجيش واستطاع جمع ثروات واسعة ولكنه في النهاية هُزم وتم أسره وإعدامه ليختفي التاج منذ ذلك الوقت .

7 –  مكتبة إيفان الرهيب الضائعة

كنوز روسيا الضائعة
مكتبة ايفان الرهيب تعد واحدة من اعظم الغاز روسيا لأن عمرها يمتد لقرون مديدة وتحتوي اسرار عظيمة

احتوت هذه المكتبة على أكثر من 800 مجلد من عيون المؤلفات في تاريخ البشرية والتي وصلت عناوينها وفهارسها فقط بينما اختفت هذه المكتبة ولا زال البحث عنها مستمرا منذ أكثر من 400 عام .

كانت المكتبة ملكا للأباطرة البيزنطيين في مدينة القسطنطينية وحينما تم فتح المدينة على يد الجيش العثماني تم نقل المكتبة الثمينة إلى روما ومن ثم ارتحلت المكتبة مع الأميرة صوفيا والتي تزوجت ايفان الثالث والد ايفان الرهيب أشهر أباطرة روسيا على الإطلاق، منذ عام 1601 م والمكتبة مخفية ولا يعلم بمكانها احد رغم أنها تضم مؤلفات يمكنها أن تغير وجهة نظر العلم والتاريخ بشكل كبير عن مرحلة ميلاد السيد المسيح ع .

***

بالتأكيد ليست هذه هي الكنوز الوحيدة الضائعة في تاريخ روسيا وهناك الكثير غيرها، لكني مهتم بشكل كبير بالكنز الأخير .. فماذا عنكم ؟

المصادر :

Top 10 mysterious lost treasures of Russia
Kolchak’s Gold: The End of a Legend
Alexander Kolchak – Wikipedia
Stepan Razin – Wikipedia
سر كنوز الأتامان الروسي رازين – وكالة سبوتنيك
لغز الغرفة الكهرمانية – وكالة سبوتنيك
أسطورة الكنوز الروسية التي طمرها جيش نابليون – وكالة سبوتنيك
سر ذهب الأميرال كولتشاك لا يزال يشغل بال الكثيرين – روسيا اليوم

تاريخ النشر 07 / 09 /2016

زاهر موسى

- كاتب من العراق - للتواصل : [email protected]
guest
32 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى