كوخ آل ويلمان و الرسائل القادمة من الجحيم
قضية محيرة ومخيفة تمثل لغزا تاريخيا |
في هذه الأثناء أتت الأم و هي تحمل وعاء الحساء اللذيذ ليساعدها الأبناء بتوزيع الصحون و الملاعق على الطاولة ، و قبل أن يبدأ الجميع بتناول الطعام طلب منهم والدهم الدعاء و شكر الله على نعمه ، و بينما أنشغل الجميع بتناول الطعام سقطت ورقة على الطاولة أمام السيد ويلمان و لكنه رماها و لم يهتم بما فيها.
التقط ويلمان نظارته و أمعن النظر في الورقة |
و أثناء تنظيفها للمائدة من بقايا الطعام لفت نظر آنا تلك الورقة المنكمشة ففتحتها لترى ما كُتب بها ، و على الفور ألقت ما بيدها من أغراض و هرعت مسرعةً إلى غرفة زوجها ، و هناك التقط ويلمان نظارته و أمعن النظر في الورقة و قد كُتب عليها : ” عليكم مغادرة المنزل و المزرعة خلال عشرة أيام و إلا سوف تتحملون العواقب الوخيمة التي سوف تحل عليكم “.
كانت الرسالة مكتوبة بخط رديء يكاد يكون مجرد خربشة كما أن كاتب الرسالة قد أرتكب الكثير من الأخطاء الإملائية و أخطأ في موضع الأحرف الكبيرة و الصغيرة كما هو معتاد باللغة الإنجليزية ، و هذا يرجح أن من كتب الرسالة مجرد طفل صغير.
أمر السيد ويلمان زوجته بأحراق الرسالة ، و على الفور نهض و هو يردد غاضباً : “سوف أعاقب هؤلاء الأشقياء ، كيف يتجرؤون على فعل هذا ؟”. و أتجه إلى غرفة الأولاد ، و هناك صرخ فيهم متسألا عن من كتب تلك الرسالة السخيفة منهم ؟.
بعد أن تبادل الأولاد نظرات الحيرة أجابوا والدهم أنهم لا يعلمون عن أي رسالة يتحدث ، فخرج الأب من الغرفة بعدما صفق الباب بقوة متوعداً إياهم بالعقاب الشديد ، و في الغرفة نهض أكبرهم ذو 16 عام يسأل بقية أخوته عن سر تلك الرسالة ؟ فأجابه الجميع بالنفي و من بينهم الأخ الأصغر ذو 12 عام .
فما سر تلك الرسالة و ماذا حدث لأسرة ويلمان بعد مضي مهلة العشرة أيام ؟ .
بلدة ليمونت التاريخية حيث دارات احداث القصة |
دارت أحادث قصتنا الغامضة في خريف عام 1901 م في قرية ليمونت الواقعة بالقرب من جسر ساوث ساج في ولاية إيلينوي ، حيث عاشت عائلة ويلمان حياةً ريفية هادئة قبل أن تعكر صفوها تلك الرسالة الغامضة ، و تمر العشر أيام بطيئة و جميع أفراد الأسرة يتسألون ماذا سوف يحل بهم بعد انقضاء المهلة ؟ و في اليوم الحادي عشر لم يحصل شيء مريب كما ظن الجميع و لكن الرسائل الغامضة بدأت بالظهور من العدم بشكل متكرر و كانت تحمل في طياتها مزيداً من التهديد.
و يبدو أن عائلة ويلمان تقبلت تكرار ظهور تلك الرسائل و لم يعد أحداً يكترث لها سوى كلب العائلة الذي كان ينبح بشدة قبل ظهور الرسائل بوقت قصير و ينظر إلى السقف و كأنه يرى ذلك الكيان الغامض الذي يقوم برميها. ولم يمضي وقتاً طويل حتى تغير مضمون الرسائل و صارت تحتوي على معلومات شخصية لا يعلمها إلا أفراد ويلمان فقط ، حتى أنها أصبحت تخبرهم عن أحداث مستقبلية كزيارة شخص معين إلى منزلهم مع تحديد موعد و وقت الزيارة ، و الغريب بالأمر أنه يتحقق فعلاً ، ففي إحدى المرات زارهم أحد أقاربهم و قد شاهد علامات الذهول على وجوههم عند رؤيته و صراخ الأولاد بقولهم : “لقد تحققت نبؤه الرسالة”. و عندما سأل الرجل عن قصة الرسالة اصطحبه السيد ويلمان إلى داخل الكوخ و طلب منه أن يخلع قبعته و معطفه و يضعها على الرف ، و بعد تناولهم للطعام حكى السيد ويلمان لضيفه عن الرسائل الغريبة فيما أبدا الضيف استغرابه مما سمع ، و قبل أن يغادر الضيف طلب منهم إحضار قبعته و معطفه ، و لكن آنا لم تجدهما على الرف ، و بعد بحث طويل عثروا على المعطف و القبعة في المزرعة و هما ممزقان و تفوح منهما رائحة قذرة ، و منذ ذلك الوقت لأحظ أفراد الأسرة أن أغراضهم تختفي و تظهر في أماكن أخرى و ربما عثروا عليها ممزقة في فناء الكوخ.
رأى قطا أسود غريب لم يره من القبل |
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد وصل العبث و التخريب إلى مؤونة الطعام المخزون لوقت الحاجة ، فقد وجدت السيدة آنا أن هناك من عبث بعلبة الزبدة و لطخها على الجدران ، و في أحد الأيام و بينما كان السيد ويلمان يقوم بأعمال المزرعة بمساعدة أولاده رأى قطا أسود غريب لم يره من القبل ، فطلب من أبناءه طرده خارج المزرعة ، و لكن الأولاد عادوا مسرعين و قد ظهرت علامات الخوف على وجههم و أخبروا والدهم أن ذلك القط يشبه الشيطان فهو بعينين جوفاء و فارغة و تحوم حوله أطياف سوداء ، و أنهم اكتفوا برميه بالحجارة حتى أختفى بين عيدان الذرة. و عندما هم السيد ويلمان بحلب البقرة تفاجأ أن الدلو قد امتلاء بالحليب المتخثر ذو الرائحة الكريهة و على الفور ظهرت رسالة من العدم تسخر منه و تخبره أن الحليب قد تحول إلى جبن و ذلك بسبب أنه أعتدى على ذلك القط الأسود و أنه سوف يندم.
و أصبح القط الأسود يحوم حول الكوخ و كأنه يراقبهم ، و مع تزايد ظهور الرسائل و الأحداث الغريبة قرر السيد ويلمان استدعاء الأب ويستارب راعي كنيسة ألفونسوس ، و لكنه لم يصدق ما سمع و قرر زيارة الكوخ ليتأكد من صدق ادعاءه ، و بالفعل رأى القس الرسائل و هي تظهر من الهواء كما رأى القط الأسود و نظراته من عينيه الفارغتان و هذا ما جعله يتأكد من أنه أمام كيان شيطاني ، و قرر كتابة رسالة إلى السلطات الكنسية العليا يطلب فيها الإذن للقيام بمراسم تطهير المنزل ، و لأن الأمر مستعجل فقد تحصل على الموافقة سريعاً.
قام القساوسة باجراء طقوس طرد الارواح الشريرة |
توجه الأب وستارب إلى كوخ ويلمان مصطحباً معه قسا أخر لمساعدته في إكمال طقس تطهير المنزل من الاستحواذ الشيطاني ، و بالفعل بدأ الأب ويستارب بالقراءة من الكتاب المقدس بصوت عالي و هو يشير بقلادة الصليب نحو الجدران بينما كان القس الأخر يرش الماء المقدس في أنحاء الكوخ ، و بعد الانتهاء من تطهير الكوخ طمئن الأب ويستارب عائلة ويلمان أن منزلهم صار أمناً و طلب منهم وضع بضعة أوراق بيضاء و قلم ليتأكدوا من عدم تكرار ظهور التهديدات مجدداً ، و بالفعل مرت ثلاثة أيام بهدوء و سلام و تنفست عائلة ويلمان الصعداء و احتفلوا بتخلصهم من الكيان الشيطاني ، و لكن فرحتهم لم تستمر طويلاً فسرعان ما عاودت الرسائل الغامضة الظهور و قد كُتبت عليها ألفاظ ساخرة من عملية التطهير و أنها لم تجدي نفعاً و لن تنقذهم من العذاب.
شعر الجميع بالصدمة و الخوف الشديدين و قامت الأم بجمع الأوراق و الأقلام من المنزل و أحرقتهم بنار المدفئة في محاولة منها لمنع ظهور الرسائل ، و لكن ذلك لم يجدي نفعاً فالرسائل استمرت بالظهور على نحو أكثر من السابق و تلطخت الجدران بعبارات التهديد و الوعيد ، و أكثر ما هز كيان أسرة ويلمان هو اختفاء السكاكين و الأدوات الحادة و ظهورها في غرفة نوم الأطفال و هذا ما اعتبرته آنا تهديداً صريحاً بقتل أطفالها و ألحت على زوجها بضرورة مغادرة الكوخ و المزرعة فوراً.
بالنهاية اضطرت العائلة الى بيع المنزل والرحيل |
حاول السيد ويلمان أن يجد من يشتري الكوخ و المزرعة بسعر مناسب و لكنه لم يجد عرضاً مناسباً بسبب أنتشار الإشاعات في القرية عن ما يحدث في الكوخ من أمور غريبة مما اضطره إلى بيعهما بسعر بخس و انتقال مع عائلته إلى قرية أخرى ، و قد اختفت الظواهر الغريبة برحيل عائلة ويلمان عن القرية و لم تُسجل أي حوادث.
ملاحظة :
بالرغم من غرابة حادثة ال ويلمان إلا أنها لم تنل قدرها من الشهرة و قد ذكرها الباحث الأمريكي من أصل نمساوي في مجال الماورائيات السيد هانز هولزر في أحد كتبه التي تجاوز عددها المائة كتاب.
أما تحليلي البسيط لما حدث في كوخ و مزرعة ال ويلمان فهو أن قضية ال ويلمان تبدو حقيقية من عدة نواحي ، فمن ناحية الشهرة و كسب المال فقد خسر ال ويلمان منزلهم و مزرعتهم و باعوهما بثمن بخس و نبذهم سكان القرية و انتقلوا إلى مكان أخر ، أما من ناحية الحيل و الخداع فقد رأى الأب ويستارب بنفسه ظهور رسائل التهديد و شهد على ذلك الكثير ممن زار الكوخ أثناء وجود ال ويلمان فيه و من الصعب تلفيق مثل تلك الأمور و خداع كل هؤلاء الشهود و ما الفائدة من تلفيق ذلك ؟.
أما تفسير ما حدث فليس هناك إلا تفسيرين فقط :
التفسير الأول : ربما قام أحد أفراد الأسرة بالاعتداء على ذلك القط و ربما قتله الأطفال الأشقياء و لسوء حظهم لم يكن ذلك القط سوى جن تلبس بذلك القط مما دفع عشيرته للانتقام من العائلة .
التفسير الثاني : لو نظرنا إلى الحادثة بعين المحقق البوليسي فلا توجد جريمة كاملة ، و إذا أردت أن تعرف من المجرم فعليك بالبحث عن المستفيد من الجريمة ، و المستفيد مما حدث هو من قام بشراء ممتلكات ال ويلمان بثمن بخس و ربما ألقى عليهم تعويذة سحرية لإجبارهم على هذه الصفقة الخاسرة ، و للأسف لم تذكر المصادر هوية مالك الكوخ و المزرعة الجديد ..
فما رأيك عزيزي القارئ بالقصة و ما هو تحليلك لما حدث ؟.
المصادر :
– The Sinister Case of the Lemont Demon
– The Demon of Lemont
تاريخ النشر : 2020-02-08