تجارب من واقع الحياة

لا أريد الزواج وطبيعة عائلتي

بقلم : ماريا – سوريا

من معرفتي لطبيعة العائلات والحب بينهم أشعر أن هنالك أمر خاطئ فينا
من معرفتي لطبيعة العائلات والحب بينهم أشعر أن هنالك أمر خاطئ فينا

أنا فتاة في بداية العشرينيات من عمري، أدرس السنة الثالثة في جامعة الطب، مشكلتي انه يتقدم لي خطاب و أرفضهم و السبب أني أعلم أني لا أصلح زوجة. فأنا أتمتع بصفات قد يعتبرها البعض منفرة.

بداية أنا شخص متمحور حول نفسه، عندما يتعلق الأمر بي فأنا اجتهد و أكرس نفسي فعند دراسة البكالوريا كنت أسهر يومين من دون نوم، و خسرت وزني حتى دخلت الطب، و عندما يتعلق بالآخرين فلا امنحهم وقتي و لهذا لا تدوم لي أي صديقة، فعند إنتهاء فصل دراسي أقطع علاقتي بصديقاتي رغم قوة علاقتنا و لا أشتاق لهم و لا أتصل بهم مجددا.

الأمر نفسه لأقاربي، أتواصل معهم بسبب أمر الله بصلة الرحم و لكن إن سافروا فلا أتصل بهم، قلبي ناشف فعند رحيل خالتي رغم قربي منها لم أبكي أبدا و شعرت أن قدر الله نافذ رغم أن موتها كان مفاجئ، شعرت بالصدمة و ليس الحزن و هذه القسوة سمة تشترك بها العائلة كلها تقريبا.

أمتلك أختين و أخوين، علاقتي بأختي الكبرى سطحية فهي تشبهني بكونها تدور حول نفسها و لا أعرف عنها شيئ مثل أمورها الدراسية أو صداقاتها و كل ما أعرفه أنها مادية جدا و تظن أن المال يأتي بعد الله ثم رسوله ثم والديك ، أختي الصغرى أقرب لي و لكن لا أحب الحديث معها لأنها كئيبة و سوداوية و حتى فيها قسوة ربما لأنها تربت عند جدتي لفترة و جدتي تلك قاسية جدا و قد ورثت أمي و أخوالي شيئ من تلك القسوة.

أخواي، الأكبر نقي القلب و لم أر شخص مثله يشعر بمراقبة الله، و عندما كنا أطفالا كنا نذهب للعب بالألعاب الإلكترونية عند عمتي رغم رفض والداي الشديد عن غفلة عنهما، كان الوحيد الذي يرفض حتى بعد أن نخبره أن والدينا لا يعلمان و لكن يرفض تماما و يرفض الكذب والإحتيال ولو لم يراقبه أحد، أشعر دوما أنه ولد في العائلة الخاطئة ورغم ذلك فهو عنيف بشكل لا يصدق عند إغضابه.

أخي الآخر الصغير مسالم ظاهريا ويمزح كثيرا و مبتسم ولكنه خبيث في كثير من الأحيان وكم تأتي شكاوى من المدرسة بكونه يحرض الطلاب على بعض ويشعل الفتن، و أتذكر أن أختي الكئيبة أخذت مال من دون إذن أمي وكشفها أخي الصغير، وكان يبتزها دوما تعطيه مصروفها حتى يستر عليها حتى أخبرتني أختي بالأمر.

أمي لا تملك إحساس بالآخرين، هي أمي و لكن سأقيمها كإنسان، منطقية و مادية جدا مثل أختي الكبرى و تظن أن علينا جميعا الزواج من رجال أثرياء أو نحقق ثروة بأنفسنا و أمي بحد ذاتها تملك ثروة من جدي، وكذلك درست إقتصاد و عملت سيدة أعمال لفترة قبل زواجها بأبي.

وأما أبي فإنسان هادئ لأبعد حد ويسيطر على إنفعالاته ولا يمكن التكهن بحقيقة أفكاره، و أظنها ردة فعل غير واعية تجاه انفعالات أمي وهذه حالة تخيفني لأني أشعر أن أبي يخفي طبيعة أخرى، لا أشعر بحب أمي وأبي بل يتصرفان بناء على حماية المظهر أمام الناس وقد يسافر أبي شهور طويلة ولا تفكر أمي بالإتصال به، وتقول دوما الحب أرخص فلس في العالم لا يطعم أحد ولا يغني، و أنا داخليا أتفق معها لأني لا أحب أحد على وجه الخصوص و يبدو أنني ورثت هذا عنها.

وأقرأ عن الأنوثة والمشاعر الجياشة والوقوع في الحب وأشعر بها أشياء خيالية، فرغم إختلاطي بأولاد عمي وكذلك الجامعة فلا يهتز فيني شعرة و لا أشعر بشيء وكذلك هم، فلم أتعرض لمعاكسة أو تغزل طوال حياتي وخاصة أني أتمتع بشكل عادي جدا فلا جمال صارخ ولا قبح منفر، ولا أشعر أبدا بالإنزعاج من هذا وكلتا أختاي أجمل مني وأشعر دوما أن هذه القسوة أتت من والد جدتي أم أمي، فقد كان جلاد و منفذ عقوبات الإعدام لدى المحكمة لثلاثين سنة، وكثير من عائلة أمي يعملون في أسلاك عسكرية والمخابرات والقسوة تسير في دمهم و يبدو أن عرقهم نزعنا.

وعائلة أبي أكثر طبيعية رغم أن إبن عم أبي أتهم بجريمة قتل قبل خمسة عشر سنة، و إبن خالة أبي إنتحر بعد معاناته من الإكتئاب،  وعمتي تعاني وسواس قهري وتطلقت عدة مرات، أشعر برفض داخلي للزواج وأخشى أن أولادي سينزع لهم عرق عائلتي، وأعلم أني لا أملك عواطف وحتى لو لدي فهي شبة معدومة ولا أستطيع إظهارها.

عائلتي باردة و قاسية و لكن ناجحة فكل منا يصل لما يريد، ولكن لا مشاعر وأنا واثقة لو مات أحد منا فلن يذرف أحد على آخر الدموع، وخالتي التي ماتت لم أكن وحدي من لم تبكي بل الجميع تقريبا، بما في ذلك أمي التي هي أختها وجدتي التي هي أمها، فقط أولادها بكوا و كان هم أمي الحرص على ميراث خالتي ولا يسرقه زوجها و يأخذه أولادها.

كمشاعر فلا أنكر أفعال العائلة ولكن عقلي ومن معرفتي لطبيعة العائلات والحب بينهم أشعر أن هنالك أمر خاطئ فينا، سؤالي هل فتاة مثلي تصلح أن تكون أما وزوجة، هل العرق ينزع دوما الطباع و الشخصية؟

تاريخ النشر : 2021-08-05

guest
29 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى