أدب الرعب والعام

لا تنظر إليه !

بقلم : حسام طلعت فريد – مصر

لا تنظر إليه !
مهما حدث ” لا تنظر إليه “

هاه هاه هاه هاه ..

اريد أن .. أن اتنفس .. أن انهض .. أن اصرخ .. لا استطيع .. اراه أمامي يجهز عليه ..

باشارة من يده رفع جسده من على بعد .. ثم باشارة أخرى طار الجسد علي الحائط .. ليتهشم الرأس تماما

بدأ يلتف إلي .. حان دوري .. سيجهز علي الآن ..

أريد أن أقف .. أن أهرب .. أريد أن اتكلم .. أن استرجوه على رحمتي .. لا استطيع

ما كان يجب علينا أن نخالف قوانينه .. ما كان يجب علينا أن .. ننظر إليه !!!!

هو .. هو برداء أسود غريب .. تدلي على رأسه جزء من رداءه ليخفي معالمه ..

هو .. عيناه حمراوتين .. تنظر لي بغل .. يقترب مني فاشعر و كأن جبل قد وقع على صدري ..

اغمض عيني .. تمر ثواني عدة .. صوت انفاسي يجاري قرع طبول المعارك ..

قلبي يكاد يخرج من سجنه الصدري .. افتح عيني لأجده .. عيناه تنظر لي مباشرة …!!

رفع يده فارتفع جسدي من فوق الأرض .. ثم و بإشارة واحدة .. لم اشعر بعدها بشيء !

 

**********

 

في حادثة هي الأغرب منذ زمن .. لقي شابان مصرعهما في حجرة ببيت صغير وسط المدينة .. تم العثور على المجني عليهما وسط فوضى كبيرة بالحجرة .. دماء تملئ الحوائط بشكل مريب .. شموع مطفأة و كتاب عتيق غامض .. وسط تعابير خوف غريب ارتسمت على وجهيهما !!!!

الغريب أن تقارير الطب الشرعي أثبتت أن الموت تم بتهشيم الجمجمة بعد اصطدامها بشيء صلب .. بعد فحص كامل الجسد لم يتم العثور على أي آثار لاعتداء جسدي .. فقط رأس مهشم تماما .. فقط …..!

– ارأيت .. قلت لك أن الموضوع حقيقي .

كان هذا صوت سامر يحدث صديقه رأفت من خلف الجريدة .. معروف عن الشابين في الجامعة ولعهما بالخوارق و قدرات ماوراء الطبيعة .. لهما عدة تجارب فاشلة في تحضير الجان .. ومع ذلك لم يؤثر هذا في شيء .. مازال تعلقهما بتلك الأمور كما هو …

– لا اعلم .. قد تكون جريمة قتل عادية يا سامر .

– ليست عادية .. ذكر في الخبر أن هناك دماء علي الحوائط و شموع و كتاب قديم .. كما أن الجثث لا تظهر عليها أي آثار لإعتداء جسدي .. الموضوع مريب و المؤكد أن شيئأ ما قد فعلوه تسبب بذلك .. شيء متعلق بذلك الكتاب !!!!

– لا ادري .. بعض من كلامك صحيح .. الدماء على الحوائط و الشموع لها صلة وثيقة بالتحضير السفلي .. كذلك ذكر الكتاب القديم .. هناك شيء مريب بالفعل قد تم …

– ما العمل إذا ؟

– لا اعلم ..

– اسمع … قد نستطيع التسلل إلى موقع الحادث في ساعات الليل المتأخرة .. في تلك الأوقات تكون الأمور هادئة تماما و لا وجود لدوريات الشرطة .. ما رأيك ؟

– لا اعلم .. الموضوع مثير للاهتمام .. لكن يتملكني بعض الخوف .. الأخطاء في مثل هذه الأمور قد تتسبب بحدوث الكوارث .

– لن يحدث شيء .. سنذهب لفحص المبني و مكان الحادث فقط ..

– اممم اتفقنا .

اتفق كلاهما علي الذهاب بالفعل لمكان الحادث لمعرفة ما تم هناك .. كان وقت تنفيذ هذا الاتفاق ليلا .. في ليل هذا المساء .. تحديدا .

 

**********

 

كان الوقت ليلا و الناس نيام .. لا وجود لأي بشري في الشوارع .. لا وجود لأي أضواء تماما .. الشوارع مظلمة وسط صمت رهيب خيم على الأجواء و هدوء أضاف للمشهد نزعة رعب خالصة .. وصلنا للبيت المقصود .. بناية عادية لا تبدو عليها أي نوع من الغرابة .. مكونة من ثلاث طوابق .. لا تشعر بوجود أي حس بشري في أي بناية تجاورها .. و كأن الموضوع قد أثار رعب من يسكنون بجانب تلك البناية فتركوا بيوتهم و رحلوا فخلت الشوارع تماما من الناس…..

حول البناية تم وضع أشرطة الشمع مع وضع لافتة ممنوع الاقتراب .. تمعن الشابين في النظر لبعضهما البعض .. اخذا انفاسا طويلة فقرارا الاستمرار فيما قد بدؤه .. كانت الغرفة المقصودة بالدور الثاني .. أضاء الشابين الكشافات ليتمعنوا في النظر جيدا.. فحصوا المبني بأكمله نظرا  .. كان يبدو عليه آثار حطام .. بعض النوافذ كانت مكشوفة .. شرفات قد وقع نصفها .. مبنى متهالك تماما و يبدو أنه قد خلى من السكان من وقت طويل .. أي قبل الحادثة .. استمر الشابين بتفحص المبنى ثم تابعا سيرهما حتى توقفا أمام البوابة .. كان كلاهما ينظر للآخر باستغراب شديد .. ظنا كل منهما أن البوابة ستكون مشمعة من قبل الشرطة بعد ما قد حدث .. الغريب أن البوابة لم تكن مشمعة .. لقد كانت مفتوحة …. !!!!!

نظر كلاهما لبعضهما البعض .. تملكهما الرعب .. لكن بالنسبة لهما فالأمر مثير حتى و إن كان مثيرا للريبة .. دخلا عبر البوابة الكبيرة خلف أضواء الكشافات .. كان المدخل ممتلئ عن آخره بالأتربة .. و كأن هذه البوابة لم تفتح منذ قرون عدة .. كان ممتلئ بالعظام و بعض الدماء على الأرضية .. ألعاب أطفال .. و .. هياكل !!!!!!!!!!

يبدو أن هذه المرة ليست كسابقتها .. فالشابين بدأ يشعر كل منهما بالخوف وسط رغبة داخلية بالفرار من هذا المكان قبل وقوع كوارث حقيقية .. لكن بعد تبادل النظرات الطويل بينهما بدون كلام .. استمرا في السير .. صعدا الطابق الأول و كانت الجدران في أروقة البناية ممتلئة بالدم وسط كتابات غريبة لم يفهمها كلاهما .. رسوم غير مفهومة .. مثلثات و دوائر و كتابات بلغة قديمة .. استكملا الصعود .. وصلا للطابق الثاني .. كانت الغرفة بلا باب خارجي .. يبدوا أنه قد تم كسره .. دخلا كلاهما الغرفة .. خيل لهما أنهما قد سمعا صراخا عند دخولهما للغرفة …!

– أسمعت هذا ؟!!!

– بلى .

– أشعر بالخوف يا سامر .. تتملكني الرغبة بالخروج من هنا ..

– لماذا ؟

– لا اعلم .. و لكن البناية قديمة و الحطام بها لا يبشر بالخير .. ثم كل تلك الهياكل تثير رعبي .

– قد تكون لحيوانات قد ماتت هنا .. البناية قديمة للغاية و من الطبيعي موت أي كائن فيها فلا وجود لسبل الحياة هنا !

– لا أدري .. ما اشعر به هو أن علينا الخروج من هنا حالا!

– أتمزح ؟ .. إنها فرصة لا تعوض .. قد نتمكن الليلة من فعل أشياء فشلنا فيها لمدة طويلة .. لنكمل فقط ما بدأناه …

– اممم حسنا .. لنكمل ذلك .

دارت أضواء مصابيحهما وسط الغرفة لفحصها .. كانت مليئة بالأتربة وسط آثار حطام في جوانب الغرفة .. و تهشم بعض الحوائط .. لا وجود لأي شيء آخر .. خيل لسامر أنه قد شعر بمن يسير بجانبه .. أدار الضوء سريعا لهذا الجانب فلا يجد شيئا !

نظر لرأفت و قد ارتسمت على وجهه تعابير الرعب .. استكملا الفحص .. لم يجدا ما يثير الاهتمام .. ظلا يبحثان عن شيء يدلهما على حقيقة ما قد حدث هنا .. قلبا الغرفة رأسا على عقب .. لا شيء !!!

– سامر … انظر هنا .

– ما هذه !

– ورقة من كتيب ما … أظن أن لها علاقة بالكتاب العتيق .

– ممممم قد تكون كذلك .. لكن انظر .. رأيت هذه العلامة على إحدى جدران أروقة الطابق الأول – كانت الرسمة عبارة عن نجمة سداسية داخل دائرة تلامس اطرف النجوم الستة –

– ما عساها أن تكون !!

– لا اعلم .. و لكن انظر .. مكتوب خطوات معينة في الورقة .. قد يكون لهذا علاقة بما حدث …

– شموع .. دماء .. ترديد عبارات غير مفهومة .. قد تكون حلقة تحضير لخادم سفلي !

نظر كلاهما لبعضهما البعض .. فهما ما يريد كلاهما فعله .. احضرا بعض الشموع في حقيبتهما .. و اضاء كلاهما تلك الشموع .. قرأ سامر الوريقة مرة أخيرة فنظر لرأفت قبل التنفيذ ..

– مكتوب في نهاية الخطوات تحذيرا غريباً… مهما حدث ” لا تنظر إليه ” !!!

– اذا لنقوم بذلك .

بدأ كلامهما بترديد العبارات الغريبة سويا و الشموع تكون حولهم حلقة دائرية .. استمر الامر بضع دقائق قليلة .. بعد انتهائهما فتح كل منهما عينيه .. نظرا لبعضهما البعض ثم للشموع .. لا شيء .. لا شيء قد تغير !!!!!

– يبدو أن الأمر لم يتم مرة أخرى !

بعد تلك العبارة انطفأت الشموع ……….

تجمد كلاهما في مكانه .. أدار البحث عن مصدر للإضاءة فلم يجدا .. برودة رهيبة قد انتشرت في المكان .. تمسكا ببعضهما البعض و نهضا سويا ليحضران الكشافات .. لا بد أنهما قد تركا الحقيبة في مكان ما هنا …. بالفعل وجد سامر الحقيبة .. اخرج منها المصابيح .. أعطى لرأفت مصباحه و قبل أن يضيء كل منهما مصباحه سمعا طرقا عنيفا على الحوائط … بوووم … بوووم … بوووم

يصدر الصوت من إحدى جوانب الغرفة .. أضاء كلاهما المصابيح .. توجها لمصدر الصوت وراء أضواء المصابيح .. لا شيء !!!!!

بوووم .. بوووم .. كان الصوت صادرا من جوانب متفرقة من الجدران .. وجه كلاهما الأضواء في كل ركن في الحجرة و هما يلتفان حول نفسيهما بجنون .. شعر كلاهما برياح باردة تأتي من خلفهما .. في سرعة البرق وجها المصابيح لتلك الجهة وسط رعب كامل مسيطر عليهما .. فرأياه !!!! .. شيء أسود اللون .. ضخم الهيئة .. نظرا له و قد اهتز جسديهما من الرعب .. ثم انطفأت المصابيح ليسود الظلام المكان ….!

 

**********

 

قرأ سامر الوريقة مرة أخيرة فنظر لرأفت قبل التنفيذ ..

– مكتوب في نهاية الخطوات تحذيرا غريب … مهما حدث ” لا تنظر إليه ” !!!

– اذا لنقم بذلك .

 

**********

هاه هاه هاه هاه ..

اريد أن .. أن انهض .. أن اتنفس .. أن اصرخ .. لا استطيع .. اراه امامي يجهز عليه ..

باشارة من يده رفع جسده من على بعد .. ثم باشارة واحدة طار الجسد علي الحائط .. ليتهشم الرأس تماما

بدأ يلتف إلي .. حان دوري .. سيجهز علي الآن ..

أريد أن أقف .. أن أهرب .. أريد أن اتكلم .. أن استرجوه على رحمتي .. لا استطيع

ما كان يجب علينا أن نخالف قوانينه .. ما كان يجب علينا أن .. ننظر إليه !!!!

هو .. هو برداء أسود غريب .. تدلى على رأسه جزء من رداءه ليخفي معالمه ..

هو .. عيناه حمراوتين .. تنظر لي بغل .. يقترب مني فاشعر و كأن جبل قد وقع على صدري ..

اغمض عيني .. تمر ثواني عدة .. صوت انفاسي يجاري قرع طبول المعارك ..

قلبي يكاد يخرج من سجنه الصدري .. افتح عينيه لأجد .. عيناه تنظر لي مباشرة …!!

رفع يده فارتفع جسدي من فوق الأرض .. ثم و بإشارة واحدة .. لم اشعر بعدها بشيء !

تاريخ النشر : 2015-03-13

guest
29 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى