سينما ومرئياتكشكول

لذة الرعب 5: فيلم Black Phone

لا أحد يعلم على وجه الدقة متى سيشاهد فيلم رعب جيدا ومتماسكا و قويا. قد تقضي ساعات طويلة في متابعة عشرات الأفلام من تصنيف الرعب دون أن تجد ضالتك. و من أحد تلك الصدف القليلة و الجميلة هو فيلم Black Phone بقصته المأساوية و المشوقة في آن واحد. حيث يعرض لنا تجسدا مفزع للشر المجرد من خلال شخصية القاتل المتسلسل.

في سنة 2021 صدر هذا الفيلم بعنوان Black Phone أو ” الهاتف الأسود ” من إخراج و كتابة سكوت ديريكسون …المأخوذ عن قصة قصيرة لـ «جو كينج»، نجل ستيفن كينج تحمل الإسم نفسه. و بطولة الممثل إيثان هوك و مايسون توماس، تصنيفه رعب و إثارة نفسية. تحكي قصته عن طفل يتعرض للخطف من طرف قاتل متسلسل ومختطف أطفال مجنون، ويحبس في قبو بيته فهل سينجو أم يكون مصيره القتل كالأطفال السابقين؟

إقرأ أيضا: الفاتح .. الفيلم المشؤوم!

تبدأ أحداث فيلم Black Phone في إحدى ضواحي مدينة دنفر بأمريكا سنوات السبعينات. بلدة صغيرة ساحرة و عدد السكان قليل حيث الجميع يعرفون بعضهم، لذلك فالمفترض أن المكان آمن. لكن لا مع الأسف حيث تعاني البلدة من مختطف مجنون متخصص في اختطاف أطفال المدرسة بشاحنة صغيرة ليقوم باحتجازهم في قبو منزله. والغريب أن هذا القاتل يعيش ويختبئ في الضواحي دون أن يتم اكتشافه، على الرغم من جهود البحث المتعددة التي تقوم بها الشرطة وأهالي المنطقة.

بطلا الفيلم هما (Finney ــ فيني ) وأخته ( Gwen ــ قوين ). طفلان في فترة ما قبل المراهقة، واللذان يعانيان من سوء معاملة والدهما المدمن على الكحول و تنمر زملائهما في المدرسة. و نلاحظ الجبن الغير العادي للطفل “فيني ” في مواجهة المتنمرين لتزداد الأحداث مأساوية عندما يتعرض للاختطاف من طرف السفاح المعتوه ” The Grabber “ بعد سلسلة اختطافات تعرض لها بعض زملائه في المدرسة و إختفاهم نهائيا.

يجد الطفل نفسه محتجزا في قبو منزل القاتل العازل للصوت، و ليس أمامه إلا فراش و هاتف أرضي قديم بدون سلك. و تبدأ الأحداث المرعبة عندما يتلقى اتصالات هاتفية من ضحايا القاتل السابقين الذين لا يطلبون منه فقط الفرار و إنما الانتقام من السفاح. فماذا سيفعل المسكين و ما هو مصيره؟ و هل ستقوم شقيقته ــ قٌوين ــ التي تملك موهبة ــ معينة ــ في التدخل وإنقاذه ؟

إقرأ أيضا: التحفة الفنية 2 : فيلم Raiders of the Lost Ark

شخصية السفاح The Grabber (الممثل Ethan Hawke) بدون أي تاريخ.. وهذا أمر مقصود، هدفه تجريده من أي إنسانية و منع التعاطف معه على عكس عادة القتلة المتسلسلين الذي نجدهم قد عانوا في طفولتهم من أمور مروعة. لكن كل الدلائل التي أمامنا هنا أننا أمام شخص طبيعي و هذا شيء مرعب حقا إن كان شخصا عاديا يحمل كل هذا الجنون، ويمارس تلك الأفعال المروعة دون أي دافع أو داعي. بل هو تجسد للشر المجرد أي الشر الذي لا يمكن إصلاحه وليس له أي هدف.

و ممكن أن يكون هذا التعتيم له دواعي تجارية كصنع جزء ثان يعرض ماضي شخصية القاتل و كيف تحول الى The Grabber.

فيلم The Black Phone ليس مجرد فيلم رعب عادي، بل عمل محكم الصنع لا يستهين بذكاء المشاهد، و لا يهدف إلى تقديم أفكار ماورائية مجردة. لكنه يسرد قصة محبوكة ومقلقة في جو من المرونة والذكاء. وبفضل السيناريو القوي و الأداء الرائع للفريق التمثيلي استغنى عن مشاهد الدماء و الأشلاء و كان عرضه للظواهر الخارقة للطبيعة متزنا بعيدا عن الركاكة و السطحية.. مع تطوير جميل لشخصيتي The Grabber والطفل Finney .

وأنوه هنا إلى إستغراب بعض متابعي إيثان هوك حينما علموا بأنه سيقدم شخصية الشرير، لأنه عادة ما يلعب أدوار البطل الطيب في أغلب أفلامه.. لكنه كان موفقا لأبعد حد في تقديم الشخصية وجعلنا خائفين كلما ظهر على الشاشة، خاصة و أنه طوال الوقت يظل مرتدي لذلك القناع المخيف. وإن كان الفيلم لا يهمل الإثارة بأي حال من الأحوال كل هذا خلال الـ 100 الدقيقة التي تمثل زمن الفيلم.

إقرأ أيضا: لذة الرعب 4 : فيلم A Quiet Place

من وجهة النظر الفنية فإن صناع الفيلم كانوا متمكنين من كل أداوتهم. فنحن أمام سيناريو قوي متماسك دون حشو و دون أي بروباغاندا ــ أو أجندات هوليودية معروفة للمتابعين ــ إلى آخر لحظة دون دقيقة ملل. إيقاع سريع و جذاب مع مفاجآت صادمة و قفزات رعب مستحقة (غير عشوائية ) و أداء تمثيلي قوي خاصة للطفل فيني و السفاح. وكل هذا يرجع إلى قوة وتمكن المخرج سكوت ديريكسون في هذا النوع من الأفلام. ثم إن المخرج كان أمام تحدي كبير بسبب سمعته و أعماله السابقة و كان لا بد له أن يتفوق على نفسه مجددا و يثبت أنه أحد أبرز صناع الرعب في هذا العصر.

و أستشهد هنا بتعليق أحد المتابعين : “حقق هذا الفيلم نجاحًا كبيرًا، بدءًا من مشهده الافتتاحي، وهو ليس فيلم رعب بالمعنى التقليدي. ولكنه يقوم بتوريط المشاهد في الحكاية؛ عبر إفساح المجال له لإعمال خياله، ومحاولة الوصول إلى حل العقدة.”

و خلاصة القول أننا أمام عمل جيد و غير تقليدي بالمرة. والمثير للإهتمام هو مكان و زمان حدوث القصة. حيث أني شخصيا أحب قصص الرعب التي تقع في الضواحي خاصة خلال فترة السبعينات الذهبية وانعدام وسائل التواصل الحديثة.. وخاصة تلك التي يكون أبطالها أطفال أو مراهقون على غرار فيلمنا هذا. مع الإشارة إلى ستيفن كينج نفسه ــ كاتب القصة و عبقري أدي الرعب ــ يقول أنه لا يتخيل حدوث قصة مرعبة خارج الضواحي و أوافقه الرأي تماما.

ختاما..

تم إنتاج فيلم Black Phone بميزانية 18 مليون دولار ليحقق إيرادات بقيمة 161 مليون دولار. كما ترشح لـ 18 جائزة فاز باثنتين منها و له شعبية و جماهيرية واسعة. و قد تحصل على إشادة كبيرة من النقاد و المشاهدين على حد سواء، و ليس من المستبعد أن يتحول بعد سنوات إلى كلاسيكية.

ملاحظة : جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس . لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي أو المرئي للمقال المنشور دون إذن مكتوب من إدارة الموقع . وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .

المصدر
arageekWikipedia

مصطفى 2018

- الجزائر - للتواصل مع الكاتب : [email protected]
guest
12 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى