أدب الرعب والعام

لعنة ساحرة

بقلم : صوفيا❤️ – بين النور والعتمة

لعنة ساحرة
كانت ذات بياض ناصع يشع تحت ضوء القمر كبياض الثلج النقي

أنا ملاك وحيدة محطمة
فقلبي مكسوور
أنا وحيدة جداً أسمع إلى قلبي
أنا أحبك
لا تجلب الدموع إلى عيناي
لا لن أستطيع نسيانك
بدونك أنا مكتئبة

أنا ملاك وحيدة محطمة
تعال وأنقذني قبل أن أنهار
تأتي إلى عقلي
كل الألم الذي خبأته
دعها تعزف طوال الليل
حزينة ، لكن لحن غرامي حزين
كل الحب الذي صنعناه
شغله ودعه يعزف
لحن غرامي حزين

أنا لا أصدق ، أنك لم تحارب أكثر من أجلي
حزينة ،لكن لحن غرامي حزين

**

في ليلة معتمة ومظلمة أخذ رجل في متوسط شبابه ذا بنية قوية يتنقل بخطا سريعة فوق أسطح المباني ، وكان الظلام حالك في بلدة بناؤها قديم وعتيق الطراز وكأنك في العصور الوسطى ، فلا توجد إنارة ولكن كان القمر ينير خطواته وهو يستمع إلى هذا الشعر الغريب والمليء بالعاطفة على ألحان الناي كما لو أنه كان مألوف لديه ويعرفه جيداً وهو يتردد في عقله منذ فترة ، ولا يعلم أين مصدر هذا الصوت الجميل ، و لكن كلما زاد من خطواته زاد الصوت وضوحاً شيئاً فشيئاً والغريب في الأمر أنه في كل مرة يقترب من مصدر الصوت كان يتلاشى .

لكن الشاب عزم اليوم على اكتشاف هذا الصوت وما سره ولما هو فقط من يستطيع سماع هذه الأنغام والألحان كأنها موجهة له فقط وليس لأحد آخر ، وكان دائماً ما يخبر أصدقائه بذلك لكنه لا يتلقى سوى السخرية منهم ، جميعهم يخبرونه أنه ربما كان ثملاً أو أسرف في تناول التبغ أو أنه كان يهذي … فجأة توقف الصوت الجميل فشعر الشاب بخيبة أمل كبيرة جداً و استدار ليعود ، فهو بالطبع لم يهدر وقته في شيء يتخيله عقله المريض و اللاواعي كما وصف نفسه .. مهلاً الصوت العذب بدأ يظهر من جديد ..

نظر إلى مصدر الصوت كانت فتاة في حدود ١٨-٢٠ عاماً تنظر إليه مباشرةً ، كانت ذات بياض ناصع يشع تحت ضوء القمر كبياض الثلج النقي ، وذاك الشعر الأحمر الناري والخصلات الذهبية اللامعة والعينين الجاحظتين كسواد الليل ..

لحن غرامي حزين ، لكل قلب محطم الليلة
كل الحب الذي صنعناه
شغّله ودعه يعزف
حزينة لكن لحن غرامي حزين
بحجم ما أحبك ستتألم
عندما تنتهي عندما تختفي
كل ما بقي هو الذكريات
في رأسك وفي عقلك
اعزفها و اجعل الألم يتوقف

مهلاً لما لا أستطيع الحراك وكأني مثبت في مكاني لا أستطيع سوى التفكير بتلك الكلمات وكأن أحدهم يتحكم بي ولا أستطيع الالتفات إلى الوراء ونَفَسي يضيق ! ااااه رأسي ااااااااه

دوت صرخة الشاب الذي يدعى جلال في أرجاء المكان وهو يرتفع عن سطح المبنى وكأنه يطير وهي تجذبه نحوها بسرعة كبيرة فقد قامت بإحداث جرح كبير في يديها وأمسكت بوجهه وفتحت فمه بقوه وتركت قطرات الدماء السوداء تسيل ببطء ، تدخل في جوفه وهي تهمس بأذنه تحت جنح الظلام بأنفاسها الباردة :

(( الأن ستحل عليك لعنتي كما حلت على جميع أفراد عائلتك و بالأخص الذكور .. فلتعد للماضي ولترى ماذا فعلتم بي يا أولاد عائلة صبري ، فليحكم بينكم الموت كما حكمتم علي بالفناء ..

يا لعنة الموت ، أخرجي أخرجي أنا آمركِ ، أسمعينا صوتكِ و استقبلي قريبكِ ، ملعون آخر جاء ليزوركِ ، فلتحل عليك لعنة الموتى ))

بدأ جلال يسمع صوت فتاة يقشعر له الأبدان يصدر من كل البلدة وهي تصرخ وتستغيث وصراخها يعلو أكثر وأكثر وبكاؤها يقطع الأفئدة من شدة الحزن …
“أنا لم افعل شيء صدقوني ارحموني … أرجوكم أتركوني …..أنتم من أجبرتموني على فعل ذلك … أنا مظلومة أبي ..عائلتي …عشيرتي …إخوتي … أرجوكم لا تقتلوني …… لا يا أبي “

صرخة ألم عالية تلتها صرخة أخرى وأخرى حتى توقف الصراخ وكأن الفتاة التي كانت تصرخ لم تعد تستطيع الصراخ
، وبعد ذلك أخذ يسمع صوت حفر الأرض ولهاث مجموعة من الرجال ، ومن ثم صوت خطوات تتلاشى وكأنها تغادر المكان

**

من هول الصدمة لم يعد قادراً على الرؤية ، فقد أصبحت عيناه ضبابية وكل شيء أصبح باللون الأسود

**

في الصباح كان مرمي وهو لا يعي شيئاً في الدنيا على أرضية الشارع وبين أحد الأزقة ، وهناك جمع غفير ينظر إليه بريبة فهم حاولوا إيقاظة لكن دون جدوى ، فأخذ الجميع يتهامسون لعله يستيقظ .

**

(( هل تخاف من الموت ؟! إن كنت تخاف سأجعلك تتألم حتى تتمنى الموت بنفسك مع أنك ميت لا محالة))

أستيقظ ببطء شديد وهو يستمع إلى تلك الكلمات الباردة والتي بثت فيه الرعب والخوف في الليلة الماضية ، وها هي تقولها من جديد لكن هذه المره مليئة بالحقد الدفين .

قام بشكل غير متزن وهو يضرب رأسه بكلتي يديه ويشد شعره وهو غير واعٍ لما يقوله ، ولم يهتم بأمر الأشخاص الذين ينظرون إليه

(( أخرجي من رأسي … أخرجي … أتركيني وشأني … توقفي ))

فذهب إلى حائط أحدى المنازل فصدم رأسه بقوة عليه وأخذ يصرخ بجميع الأرجاء .. (( فلتخرجي ))

صدم الجميع مما رأوه وأصبحوا يقلبون كفهم حسره وبعضهم أخذ يضحك ويسخر فذلك الشاب من عائلة صبري المرموقة في السابق ، و الآن لم تعد كذلك ، تلك العائلة كان يحترمها الجميع والغريب في الأمر أنهم يصابون بالجنون واحداً تلو الأخر وكأنها عدوى أو ما شابه ، وها هو آخر الشبان في تلك العائلة ، فقد شهدته القرية بأسرها أنه أصبح مجنون وغير عاقل رسمياً.

**

أخذ جلال يمشي بلا حذاء في الطرق بلا هدى وكأنه جسد بلا روح ، ملابسه رثة عليها الكثير من الأتربة وبشرة وجهه تملؤها الكدمات والخدوش ، فكان الجميع ينظر إليه بشفقة فهو بالطبع لم يستطيع التوقف لأنه باختصار لم يستطع التحكم بجسده وقدميه قد تورمتا بسبب المشي لعدة أيام بلا توقف كالمجنون كأنه مجرم حكم عليه بالأعدام ، وفي حلول المساء قدماه كانت تقوده إلى القبور أصبح كالشبح و كالروح يعبر بينها فلا فرق بينهم وبينه …

**

(( أنظر ها هو القبر الذي دفنت فيه وأنت ستدفن بجانبي لأني أحببتك وأردتك معي في الجحيم ، فأنت مخلصي لأنك جئت للبحث عني بنفسك ، فعندما كنت أناديك كنت تأتي ))
أنا ملاك وحيدة محطمة
تعال أنقذني قبل أن أنهار
أينما ستكون سأكون بجانبك
إلى النهاية سأكون مجنونة بك

                                 تمت

ملاحظة :
عزيزي الشاب : إن كنت من عائلة صبري وإن كنت قد سمعت غنائي في أي وقت على ألحان الناي لا تتردد فلتأتي للبحث عني ، فأنا أنتظرك .. ربما قد نسيتُ أحدهم ولم أصبه بلعنتي
((لا تعبثوا معي فأنا ساحرة)) .
 

تاريخ النشر : 2018-01-27

guest
37 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى