لغز التحنيط عند قدماء المصرين
بدأ التحنيط فى مصر منذ اكثر من ستة الاف عام |
لم يسجل الكهنة عملية التحنيط على حوائط المعابد وجدران المقابر رغم انهم سجلوا جميع تفاصيل حياتهم الدنيوية والاخروية. وقد كتبوا احيانا عن المواد المستخدمة فى التحنيط لتعليم شباب الاطباء الكهنة لكن لم يشرحوا لنا المقادير والكميات او حتى كيفية خلط هذه العناصر.
انوبيس كان اله الموتى والتحنيط .. |
وتم اكتشف برديات من الاسرة 21 والتى تعد نهاية الحضارة المصرية القديمة والتى قامت بتدوين عمليات التحنيط والتى لولاها لما عرفنا شىء عن علم التحنيط ومن اشهر هذه البرديات التى نهبت فى القرن 18 – 19 من المحتلين الاوروبين بردية ليد 344 من القرن 20 ق.م والمحفوظة فى هولندا وكذلك بردية الفن السرى للمحنطين من القرن 17 ق.م وبردية امهرست وبردية رايدند بالمتحف البريطانى.
التحنيط علميا هو تجفيف الجثة تماما لمنع البكتريا من تحليل انسجة الجسد. واسم التحنيط بالهيروغليفى هو (وت اوتى ) اي المحافظة على الجسد. وقد قسم المصرى القديم الجسد الانسانى الى ثلاثة اقسام :
1- ايب : هو القلب الحامل لكل اعمال الانسان من خير وشر
2- الكاو : القرين وهو قرين الانسان الخفى الملازم له من الولادة وبعد موته يرافقه فى العالم الاخر
3- البا : وهى الروح التى تفارق الجسد عند الوفاة وتنتظر فى السماء حتى مرافقته فى العالم الاخر.
مومياء الفرعون ساتي الاول وكذلك مومياء احدى نساء البلاط |
والتحنيط انواع :
1- التحنيط الملكى ويأتى قى المرتبة الاولى
2- تحنيط الطبقة الوسطى وهو قريب من التحنيط الملكى
3- تحنيط طبقة الفقراء وكان اقل جودة من النوعين السابقين وكان يتم ايداع الجثة فى محلول قلوى لمدة اربعين يوما.
التحنيط الجيد كان عملية معقدة وتأخذ وقتا طويلا وموارد كثيرة |
وقد وضع علماء المصريات تصورهم لاسرار التحنيط وطرقه طبقا لما ورد فى بعض البرديات حيث يوضع الميت على منضدة خاصة بالتحنيط ثم يأتى رئيس المحنطين واول عملية هى استخراج المخ من الجمجمة بالشفط عن طريق الانف ثم يتم فتح البطن لا استخرج الاحشاء ثم ياتى المساعدون ليملؤا الصدر والبطن بمحلول ملح النطرون ولفائف الكتان المشبع بالراتنج والعطر ثم يقمون بتجفيف الجسد بوضعه فى ملح النطرون الجاف لااستخراج كل ذرة مياه واستخلاص الدهون وتجفيف الانسجة تجفيف تام. ثم يقوم رئيس المحنطين باستخرج القلب ويتم تحنيطه بطريقة معقدة لأنه العضو الاهم ساعة الحساب فى العالم الاخر حسب المعتقدات المصرية القديمة، ثم يتم وضعه مرة اخرى فى مكانه ام باقى الاحشاء فتحنط وتوضع فى الاوانى الكانوبية ثم بعد ذلك يتم طلاء الجثة كاملة بالراتنج السائل لسد جميع المسام وحتى يكون عازل للرطوبة وطارد للاحياء الدقيقة والحشرات فى مختلف الظروف ويقوم الكاهن بتخييط كل الفتحات فى الجسم ويقوم مساعدوه باستخدم شمع العسل لاغلاق الانف والفم والعين والبطن ثم يقمون بتلوين الشفاه والخدود بمستحضرات التجميل ثم تغسل الجثة وتجفف للمرة الاخيرة بملح النطرون وتغسل بعدها بمحلول الملح وتدهن بالصمغ السائل ثم تاتى الخطوة الاخيرة وهى لف الجثة باللفائف والاربطة الكتانية وقد تبلغ هذه اللفائف عشرات الامتار ويتم دهن هذه اللفائف بالراتنج ويتم تلوينها باكسيد الحديد الاحمر ويوضع بينهما شمع العسل كمادة لاصقة وكانت تتم هذه العملية كل اربعة ايام لمدة سبعين يوما وهى نهاية تحنيط الجثة ثم يقوم الكهنة ومساعدوهم باطلاق بخور مع التراتيل الجنائزية ثم توضع الجثة فى تابوت خشبى ثم فى تابوت حجرى داخل حجرة الدفن وتغلق المقبرة تماما وبذلك تنتهى عملية التحنيط.
كانت المومياء توضع في تابوت خشبي على هيئة الميت ثم تحفظ في ناووس حجري كبير |
ولقد حنط المصريون القدماء عددا لا يحصى من الحيونات والطيور ايضا ، بل وجد فى مقبرة طائر ابو منجل اكثر من مليون طائر محنط.
وقد بدأ التحنيط فى مصر منذ اكثر من ستة الاف عاما. ولقد مر التحنيط بالعديد من المراحل منذ عصر ما قبل الاسرات وحتى بداية الاسرة الاولى وقد بلغ فن التحنيط اوجه فى عصر الدولة القديمة والدولة الوسطى وبدأ فن التحنيط فى الانحطاط منذا بداية عصر الاسرة 22 وتلاشيه من مصر بعد افول شمس الحضارة المصرية القديمة ومما لاشك فيه انه كلما ذكرت كلمة التحنيط دار حولها الغموض وعلامات الاستفهام واشياء غريبة مثل الزئبق الاحمر الذى دارت حوله اساطير وحكايات غريبة . ويقول الدكتورالفرنسى يوليس جيار فى كتابه الطب والتحنيط فى عهد مصر القديمة المنشور عام 1944 : حاشا ان تكون علوم المصرين القدماء قاصرة وكما فى اوراق البردى والتى عثر عليه حتى الان بل تحتوى على قدر هائل ومواهب وسعة معرفتهم الكثيرة بل علومهم لم يكذبها او يعدل عليها الطب الحديث بل هم اطباء كل الاجيال وكيف لطبيب فى الاسرة الخامسة ان يقوم باول عملية تربنة فى المخ ويعيش بعدها لمدة خمس سنوات كاملة قبل وفاته فمن اين اوتى الاطباء المصرين القدماء بكل هذا العلم منذ تلك العصور القديمة ولقد برع المصرى القديم فى علم التشريح والذى ارتبط ارتباط وثيقا بعلم التحنيط .
وتنتشر المومياءات المصرية فى ربوع العالم ولايكاد يخلو متحف فى العالم من المومياءات المصرية والتى هى نتاج علم التحنيط ولقد كان موكب المومياءات الملكية والذى كان مكونا من 22 ملك وملكة والذى جاب شوارع القاهرة حتى وصل الى متحف الحضارة بالقاهرة – والكشف عن اول مومياء حامل خير مثال على براعة المصرى القديم المذهلة فى فن وعلم التحنيط.
تاريخ النشر : 2021-08-15