ألغاز تاريخية

لغز مقتل سيندي جيمس : سر المتصل الغامض

في سنة ١٩٦٢، كانت سيندي هاك – أو سيندي جيمس لاحقا – قد أتمت عامها الثامن عشر وتخرجت من المدرسة الثانوية. كان قد حان الوقت لتفرد جناحيها وتستقل بنفسها بعيداً عن أسرتها. وبعد مدة طويلة من الانتظار سافرت لفانكوفر بكندا لتحقيق حلمها بأن تصبح ممرضة. وخلال دراستها قابلت روي ميكبيس، طبيب نفسي في الأربعين من عمره تقريباً من جنوب إفريقيا. لاحقاً بدأ روي يُعجب بسيندي على الرغم من فارق السن الكبير وتزوجا سنة ١٩٦٦ .

مع الأيام أصبحت علاقتهما مضطربة شيئاً فشيئاً. اعتادت سيندي أن تشتكي لزميلاتها أن زوجها يسيء إليها لفظياً وجسدياً بشكل متكرر دون سبب واضح.. ويفتعل معها مشكلات ومشاجرات من لا شيء، والغريب بأن زوجها كان ينكر هذا كل مرة واتهمها بتلفيق تهم كاذبة له لتشويه سمعته. وعلى الرغم من ذلك لم يحدث الانفصال بينهم إلا بعد سنوات طويلة تحديداً سنة ١٩٨٢.

سيندي جيمس شابة

لم يكن هذا الحدث المأسأوي الوحيد في حياة سيندي. فبعد أربعة أشهر من انفصالها بدأت تتلقى مكالمات هاتفية دموية وعنيفة من متصل غامض قلبت حياتها رأساً على عقب للأبد .

عام ١٩٨٢

بدأت الأحداث عندما اشتكت سيندي لأصدقائها وأسرتها بأن شخصا ما يتربص بمنزلها. تلا ذلك بعد مدة قصيرة تلقيها اتصالات هاتفية فاحشة متكررة. وكانت المكالمات مختلفة في كل مرة، أحياناً تسمع صوت رجل يشتمها و يهددها بأذيتها وقتلها، وأحياناً لا تسمع سوى أنفاس شخص ما ثم يغلق الخط بسرعة. وصفت سيندي بعض المكالمات بأنها جنسية وعنيفة.

مع الأيام بدأت تشعر بأن شخصا يراقبها حتى لو كانت داخل منزلها. فأبلغت سيندي شرطة الخيالة الكندية عن تلك المكالمات وقد حضر ضابط وفتش بيتها ولكن لم يجد شيئا مهما.. بعد هذا نصحها بأن تقوم بالإحتفاظ بقائمة بكل مكالمة تتلقاها ومحتواها، بالإضافة إلى الحصول على رقم غير مسجل، لكن بعد مغادرة الضابط مباشرة رن الهاتف وكان صوت الرجل الغامض ذاته وهو يقول:

” إذن هل تعتقدين أن الاتصال بالشرطة سوف يحافظ على سلامتك؟ ” ..ثم أغلق الخط .

بدأت سيندي جيمس تتلقى رسائل ملقاة أمام باب منزلها. وكانت الرسائل عبارة عن صور لها تحتها كلمات مقصوصة من أوراق مختلفة كالجرائد أو المجلات مثل : ألم، قريباً، التخلص من، سكين، التالي، ميت .. وهذا النوع من الرسائل شائع بين المجرمين حتى لا تتعرف الشرطة على خط الشخص كاتب الرسالة. شيئاً فشيئاً بدأت تجد أمام باب بيتها قططا ميتة أو لحم نيئا. ويُذكر أنه في يوم عادت سيندي لمنزلها وعثرت على حاوية مستحضرات تجميل في شرفتها الأمامية تحتوي على لحم نيء متعفن من حيوان صغير .

blank
blank
كانت سيندي تتلقى رسائل تهديد
إقرأ أيضا : لغز مقتل فتيات الكشافة

الاعتداءات كانت تزداد مع الأيام، ففي يوم أبلغت سيندي الشرطة أن شخصا ما تربص بمنزلها مرة أخرى. واستيقظت في اليوم التالي ووجدت أن أضواء شرفتها محطمة. وبلاغ أخر ذكرت فيه أنها عادت مع صديقتها لمنزلها ووجدت أن باب المنزل والنوافذ كلها مفتوحة على مصاريعها.. وفي الداخل فوضى عارمة في المكان والفوضى كانت أكبر في غرفتها حيث كانت في حالة يُرثى لها.

كانت الشرطة تشتبه في شخص ما، ولعل هذا الشخص تبادر لذهنك عزيزي القارئ ألا وهو زوجها السابق.. لكنه نفى تورطه بأي شكل من الأشكال في أذيتها. حتى سيندي نفسها قالت بأنها لا تعتقد أن زوجها قادر على تعذيبها . وفي تاريخ ٢٠ أكتوبر من نفس العام، أبلغ اثنان من المستأجرين اللذين استأجرا الطابق السفلي من منزل سيندي لفترة أنهما سمعا أصوات غريبة في الطابق العلوي بعد أن غادرت لعملها. وأبلغت جارة أخرى أنها شاهدت رجلاً يقف خارج المنزل في ثلاث مناسبات مختلفة على الأقل.. ومرة ​​واحدة يدخل بوابة الفناء الأمامي، لكن أصرت الجارة على أن الرجل لا يشبه زوجها السابق.

blank
طليق سيندي .. روي ميكبيس

لم يتم ذكر هل كانت الاعتداءات يومية أم لا. وعلى الجانب الآخر كانت دائمة الاتصال بالشرطة، لكن لم يفعلوا أي شيء لها بسبب أنهم لم يعثروا على دليل يقودهم للجاني.

كان من ضمن أفراد الشرطة المهتمين بقضية سيندي ضابط يدعى مكبرايد، ذهب إليها وعرض عليها المكوث في منزلها لمدة أسبوعين.. وكان هذا لكي يراقب الأرجاء ويكون معها في حالة تعدي المجهول عليها ثانية.. لكن مع الأيام بدأت تتوطد العلاقة بين سيندي ومكبرايد وسرعان ما بدآ المواعدة. وفي أحد المصادر ذكروا أن مكبرايد تقدم للزواج منها لكنها رفضت.

إقرأ أيضا : لغز اختفاء أطفال عائلة بومونت

خلال مدة مكوث الشرطي لم يحدث الكثير.. وهذا شيء طبيعي فلو كان هناك مجرم سيتوقف وسيكون حذراً بوجود شرطي في المكان. فقط تلقى مكالمة واحدة ذات يوم أثناء وجود سيندي وكانت صوت أنفاس لا أكثر ثم أغلق الخط. وفي أحد الأيام وجد روي ميكبيس في سيارته خلف منزل سيندي. وعندما واجهه قال روي بأن يريد القبض على ذاك المجهول متلبساً وعندما علم أن مكبرايد يقيم مع سيندي رحل بعيداً.

في وقت لاحق من شهر نوفمبر ، عثرت سيندي جيمس على ملاحظة مثبتة على الزجاج الأمامي لسيارتها تحتوي على صورة جثة ملقاة تحت ملاءة طبية. وفي ٢٨ نوفمبر عثرت على خطوط هاتفها مقطوعة في خمسة أماكن مختلفة. وفي أسبوع عيد الميلاد سنة ١٩٨٢، عثرت سيندي على ملاحظة خارج منزلها كُتب عليها “عيد ميلاد سعيد” عليها صورة للمرأة مقطوعة حنجرتها وملطخة بالحبر الأحمر.

بين عامي ١٩٨٣ – ١٩٨٤

ليلة ٢٧ يناير سنة ١٩٨٣، زارت أغنيس وودكوك ، صديقة سيندي وزميلتها في العمل منزلها.. ووجدتها فاقدة الوعي في فناء منزلها الخلفي مع جورب نايلون ملفوف حول رقبتها. عندما استعادت وعيها أخبرتها أنها كانت في طريقها للمرآب وتعرضت للهجوم من الخلف من قبل شخص ما.. من ثم قام بجرها إلى المرآب، حيث كان هناك رجل آخر . وقام الإثنان بخنقها والتعدي عليها، وقالت سيندي أن الرجال هددوها بسكين وهددوا بقتل شقيقتها الصغرى ميلاني إذا أبلغت السلطات بالهجوم.

سيندي جيمس
تعرضت للهجوم والتعدي عليها ..

 الأطباء الذين فحصوا سيندي بعد الهجوم لم يجدوا أي دليل ملموس على الإعتداء الجنسي. و طُلب منها مقابلة طبيب نفساني لكنها رفضت لأنها تخشى أن يؤدي ذلك إلى وصمها. وبدلاً من ذلك وافقت على زيارة طبيب عام لديه خبرة في تقديم المشورة.. وقالت بأنها لا تتذكر وجوه الرجال الذين هجموا عليها ولا تعرف كيف عرف الرجلان أنها لها أختا تدعى ميلاني .

بعد هذه الحادثة طفح الكيل بها، وانتقلت لتعيش في بيت غرب فانكوفر تاريخ ١ فبراير وغيرت اسمها الأخير. لكن بعد أقل من أسبوع تلقت مكالمة من نفس المجهول وهو يقول : ” سأريك كم أنا جيد ، قريباً أنتي ميتة ” ، تلتها مكالمات فاحشة عديدة لوقت طويل.

إقرأ أيضا : لغز مقتل الداليا السوداء .. إليزابيث شورت

بعدها انتقلت لبيت آخر علها تتخلص منه وتزامن هذا مع محاولات زوجها السابق الحثيثة لإرجاعها. كان يغدق عليها بالكثير بالهدايا الثمينة.. حتى أنه قام بدفع تذكرة سفر لها لإندونيسيا كي تزور شقيقها وبعد أسابيع عادت من السفر ووجدت ملاحظة نصها : “مرحباً بعودتك ، الموت ، الدم ، الكراهية” ..

لونت سيندي جيمس سيارتها بلون مختلف في محاولة لإخفاء هويتها. ووظفت محققاً خاصاً يدعى أوزي كابان للمساعدة في التحقيق مع مطاردها المجهول. واصلت دفع رسوم خدمات كابان على مدى السنوات الست التالية وقد صرح كابان إلى أن سيندي بذلت جهود كبيرة لحماية نفسها. مثلاً كانت ترتدي زر الذعر المحمول وتحتفظ برذاذ الزيت والفلفل معها في جميع الأوقات، لكن لم يبد أن أياً من هذا كان مُجدٍ. فذات مرة اكتشفت سيندي ثلاث قطط ميتة خنقاً في حديقتها، كل واحدة منها لا تزال مربوطة بالحبل الذي خُنقت به. وكالعادة ظلت تتلقى العديد من المكالمات الهاتفية في المنزل وفي عملها، وقد أجاب زملاؤها في العمل على بعضها، و أخبروا السلطات أن المتصل لم يكن يتكلم.

سيندي جيمس
المحقق أوزي كابان

في ٣٠ يناير من عام ١٩٨٤، سمع كابان أصواتا غريبة في راديو ثنائي الإتجاه كان قد أعطاه لسيندي في وقت سابق.. مما دفعه إلى زيارة منزلها. و عند وصوله، وجدها فاقدة الوعي على أرضية غرفة معيشتها مع سكين تقشير طُعن في يدها ، وملاحظة مثبتة بالسكين تقول : ” الآن يجب أن تموت ، هباء “

 تم نقل سيندي إلى مستشفى محلي. وفي مقابلة مع كابان ذكرت أن آخر شيء تذكره قبل أن يتم العثور عليها هو مشاهدة رجل يدخل من البوابة إلى منزلها قبل أن يعتدي عليها ويضربها على رأسها بجسم غير حاد. وذكرت أن مهاجمها أدخل إبرة تحت الجلد في ذراعها وبالفعل كان قد عثر الأطباء على علامة إبرة في ذراعها اليمنى، لكن لم يجدوا آثار لأية أدوية محقونة في جسدها .

إقرأ أيضا : لغز مقتل ازاريا تشامبرلاين

أجرت سيندي جيمس اختبار كشف الكذب بعد الحادث، والذي يُزعم أنه لم يُظهر أي خداع. إلا أن الضابط الذي أجرى الإختبار صرح فيما بعد أن النتائج حسب تقديره لم تكن حاسمة، وذكر شرطي يدعى كيو إيكوما الذي فحص منزل سيندي بعد الحادث أنه لاحظ دماء ملطخة بأنماط دائرية على أرضية المطبخ، كما لو أن شخصاً ما حاول تنظيف الأدلة.

بعد شهر من هذه الحادثة، بدأ المحققون في استجواب زوجها السابق بشكل متزايد .. حيث غيرت سيندي أقوالها السابقة وشعرت أن روي له يد فيما يحدث لها في المقابلات التي أجراها. افترض روي أن مهاجمي سيندي كانوا جزءاً من المافيا.. وكان مصراً للغاية على نظريته تلك لدرجة أنه بعث ٦ رسائل لوالد سيندي يحثه فيها على الضغط على الشرطة لكي يحققوا بالقضية من هذه الناحية .

خلال صيف عام ١٩٨٤ بلغت حوادث التحرش في سيندي ذروتها. يوم ١٨ يونيو ، اتصلت بكابان في حالة ذعر، وعندما هرع إلى منزلها وجدها مختبئة في الحديقة.. وقالت أن شخصاً ما تسلل إلى المنزل ، وعندما دخل وجد هايدي ، كلبة سيندي.. مرتعبة في الطابق السفلي. و ملاحظة جانبها كُتب عليها “عيد ميلاد سعيد” مع صور جنسية صريحة .

تعرضت هايدي للإيذاء الجسدي وتم ربطها بحبل. ولاحظ كابان أن الحبل يشبه الذي تم اكتشافه على القطط الميتة التي عثرت عليها سيندي في الأشهر الماضية . 

و على حافة النافذة في الطابق السفلي، تم اكتشاف عقب سيجارة لا يتطابق مع العلامة التجارية التي اشتهرت سيندي بتدخينها. بناءاً على الإيذاء الجسدي الذي تعرضت له هايدي خلص كابان إلى أن سيندي لا يمكن أن تكون هي الجاني .

في الأسابيع التالية، تلقت مكالمات أخرى تُنذر بإقتراب موعد موتها. رد كابان على إحداها في منزل سيندي أثناء وجودها في العمل، ولكن .. لم يتم ذكر المزيد من التفاصيل عن هذه المكالمة. وفي يوم ١ يوليو أخبرت سيندي كابان أن رجلين وصلا إلى باب منزلها متنكرين في هيئة ضباط شرطة، لكنهم فروا عندما اتصلت به . 

إقرأ أيضا : أسمهان : لغز غرق أميرة الجبل

بعد عدة أيام، أمضت والدة سيندي جيمس تيلي اليوم في منزلها، وفي منتصف الليل ، استيقظوا على نباح هايدي الشديد.. لحظات وسمع كلاهما صوت جرس الباب واكتشفا أن إحدى النوافذ القريبة من الشرفة الأمامية متصدعة في عدة مناطق، كما لو أن هناك شخص حاول اقتحام المكان.

و بعد أسبوعين ادعت سيندي أنها تعرضت للهجوم مرة أخرى من قبل رجل ملتحي في متنزه يدعى دنبار بينما كانت تمشي مع كلبتها حوالي الساعة الثامنة مساءاً. آخر ما تتذكره أنه كان يقود سيارة خضراء مع راكبة قبل أن يصطف بجانبها وينزل ويهاجمها. وبعد عدة ساعات من الهجوم، في حوالي منتصف الليل تم العثور على سيندي في حالة ذهول تحاول دخول منزل أحد الجيران، وكان لديها جورب نايلون رمادي غامق حول رقبتها.

بعد كل هذا  تم نقلها إلى مركز الصحة والعلوم التابع لجامعة كولومبيا البريطانية.. و لاحظ الأطباء ثقوبا في ذراعها اليمنى تشبه ثقوب الإبر أثناء علاجها .لم يتم ذكر هل تم حقنها بأية أدوية أو مهدئات أو مواد أخرى، لم تقض الكثير من الوقت في المشفى وسرعان ما خرجت .

سيندي جيمس
سنوات من الإرهاب النفسي والجسدي مرت بها سيندي جيمس

بدأت سيندي جيمس تتلقى جلسات علاج بالتنويم المغناطيسي وفي إحدى هذه الجلسات، روت ذكرى مكبوتة عن مشاهدة جريمة قتل مزدوجة قام بها زوجها السابق لكنها لم تفصح عن مزيد من التفاصيل.

استمرت المكالمات المزعجة مرة أخرى تطاردها أينما حلت، وكلها كانت قصيرة جداً بحيث لم تستطع الشرطة تعقبها. وأيضاً ثبت أن مراقبتهم لمنزلها غير مثمرة. وفي إحدى جلسات العلاج اعترفت سيندي أنها شاهدت زوجها السابق يقتل رجلاً وامرأة.. ثم قام بتمزيق جثتيهما بفأس بينما كان الزوجان يقضيان عطلة في كوخ في جزيرة ثورمانبي. ثم قام روي بتلطيخ وجهها بالدم من أحد أطراف الضحايا المقطوعة.

إقرأ أيضا : لغز لفائف البحر الميت النحاسية

عند مواجهة روي أنكر هذا الكلام وبشدة ووصف سيندي أنها مجنونة، وبأنها تحاول أن تنتقم منه بطريقة ما . ظلت الشرطة تراقب سيندي و روي عن كثب واثنين لم يتم الإفصاح عن هويتهما كانا من المشتبه بهم، ولكن لم يلاحظوا أي شيء غير عادي.. كما حققوا في مزاعم سيندي بشأن جريمة القتل المزعومة التي ارتكبها روي، ولم تجد أي دليل على أي جرائم قتل أو حالات مفقودة في جزر الخليج في ذلك الوقت.

تبع كل هذا سلسلة من الحرائق الغريبة التي نشبت في منزلها. أولها كان حريقا أبلغت عنه ذات يوم وقع في غرفة نومها. زعمت أن أحداً تسلل للمنزل وأحضر أوراق جرائد وأشعلهم فيها، وفي اليوم التالي نشب حريق أخر لم يُذكر شيء عنه، ونشب حريق ثالث في حمامها في الطابق السفلي . المشكلة أنه لم يكن هناك أي علامات اقتحام أو تسلل أو علامات لخروج شخص من المكان.

من الجاني؟

المحقق الذي تولى التحقيق في قضايا الحريق اللاحقة قال بأنه يظن أن سيندي هي التي أشعلت بيتها بنفسها. كما طلبت ضابطة تدعى كارول هاليداي تحقيقا من نوع آخر من شرطة الخيالة الكندية في قضية سيندي.. و أن يجري أنتوني ماركوس ، عالم نفسي ، مقابلات معها. وهذا لأنها شعرت أنها كانت تكذب وأنها تدبر هجماتها من البداية. وأن الضباط الذكور المختلفين الذين حققوا معها قد “خدعوا من قبل مسرحية لإمرأة جميلة “.

و بناءاً على المقابلات التي أجراها الطبيب وتحليل سجلات الشرطة، خلص بأن سيندي ربما كانت تعاني من اضطراب الهوية الإنفصالي الناجم عن حادثة صادمة في الطفولة.. وهذا السبب في اختلاقها كل هذه الأحداث. على الرغم من أنه لم يستجوب سيندي عن حياتها المبكرة أثناء المقابلات و لا يوجد دليل ملموس يؤكد أن سيندي كاذبة وأنها وراء كل هذا.

إقرأ أيضا : لغز رجل يدعي بيتر بيرجمان

بعد أشهر قليلة، وذات يوم حوالي الساعة السادسة مساءاً عثر على سيندي من قبل سائقي سيارات شبه فاقدة للوعي في حفرة على بعد ٦ كيلومترات من منزلها. كانت ترتدي أحذية عمل رجالية وقفازاً واحداً. ومرة ​​أخرى ، وجدوا جورب من النايلون مربوط بإحكام حول رقبتها، وبسبب درجات الحرارة المنخفضة تم نقلها على وجه السرعة إلى مستشفى محلي، واشتبهوا أنه تم حقنها بنوع من المهدئات، وكان جسدها ممتلئا بالكدمات والجروح. 

أجروا معها مقابلة في المشفى، ومرة أخرى لا تتذكر ما حدث ، أو كيف وصلت إلى المكان الذي تم العثور عليها فيه. كان آخر ما تتذكره هو الذهاب لتناول الغداء خلال يوم عملها، وبعد ذلك توقفت في صيدلية محلية فقط ..

في أوائل سنة ١٩٨٦ غيرت سيندي اسمها الأخير وأصبحت تعرف رسمياً بسيندي جيمس، على أمل أن تخفي هويتها بشكل أكبر. أمضت صديقتها أغنيس وودكوك وزوجها توم أحياناً ليالي في منزلها لتهدئة خوفها. لكن في أحد الأيام أيقظت سيندي الزوجين بذعر وقالت إنها سمعت ضجة في المنزل، ووجدوا حريقاً آخر قد اندلع في الطابق السفلي. عندما حاولوا الاتصال بإدارة الإطفاء وجدوا خط الهاتف مقطوعا مرة أخرى. فر توم عبر الشارع إلى منزل أحد الجيران للإتصال بالشرطة، وعند خروجه من المنزل شاهد رجلا من بعيد يقف في الشارع، وعندما إقترب منه توم، هرب الرجل بسرعة .

حياة جديدة

قررت سيندي في محاولة بائسة أخيرة لتنقذ نفسها أن تبدأ حياة جديدة وتنتقل لمدينة ريتشموند في العام التالي. وبالفعل، انتقلت وبدأت تعمل في مشفى ريتشموند العام، لكن لم يبد أن هذا أثر في عزيمة مطاردها البتة بل بعد فترة قام بكسر نافذة المنزل الخلفية ونوافذ أخرى، والمصابيح الأمامية للشرفة، تماماً كما السابق.

سيندي جيمس
حاولت أن تبدأ حياة جديدة

في أحد الأيام تلقى زوجها السابق رسالتين صوتيتين غريبتين على جهاز الرد الآلي ، وكان فحواها :

” سيندي .. ميتة قريباً “

“مزيد من الضرب، مزيد من الضجيج، لا مزيد من الصفقة “

قام روي بتسليم الرسائل لمحاميه الخاص، لأنه لم يكن يثق في شرطة فانكوفر التي شعر أنها تستهدفه كمشتبه به في قضية سيندي. بعد خمسة عشر يوماً من الرسائل تم العثور على سيندي مرة أخرى فاقدة الوعي في مرآبها، مقيدة ، عارية من الخصر للأسفل. ومرة ​​أخرى كانت مربوطة بجورب نايلون أسود حول رقبتها.

استأجرت الشرطة متسلق جبال وخبير عقد لتحليل تلك العقد الموجودة على جوارب النايلون التي كثيراً ما عُثر على سيندي مربوطة بها. وخلص إلا أنه من غير المحتمل للغاية أن تكون سيندي قد قامت بربط هكذا عقد بنفسها.

إقرأ أيضا : لغز اختفاء جينيفر كيسي

قامت سيندي بعد كل هذا بعمل بوليصة تأمين على الحياة لا يعرف قدرها بالضبط من بائع يدعى جونستون .

على مدار السنوات السبع تقريباً التي أبلغت فيها سيندي عن الحوادث المختلفة، أنفقت شرطة الخيالة الكندية ما يقدر بـمليون دولار كندي من الموارد للتحقيق في ادعاءاتها. وكلها ذهبت أدراج الريح حيث لم يتم العثور على دليل يدعمها. وبسبب هذا، اشتبهت السلطات أن سيندي كانت تخترع الأحداث بنفسها طيلة كل هذه السنين، ووضعتها لتظهر كما لو كانت ضحية لمطارد عنيف يريد سفك دمائها لسبب ما. لذلك شيئاً فشيئاً أصبح التحقيق بقضيتها بارداً، وبالمقابل شعرت سيندي بالإحباط بعد أن أحست أن من حولها يأبى تصديقها ويتهمها بالجنون. لذلك حاولت الإنتحار أكثر من مرة بعد أن أصابها الإكتئاب.

وظلت الأحوال كما هي حتى حل يوم تغير فيه كل شيء ..

اختفاء سيندي جيمس

في حوالي الساعة الرابعة من مساء يوم ٢٥ مايو ١٩٨٩، تسلمت سيندي راتبها من مستشفى ريتشموند العام، وقد كانت في حالة معنوية جيدة على غير العادة.. حيث لم تتعرض لأي نشاط مشبوه أو تتلقى مكالمات في منزلها لمدة أسبوعين على الأقل. خرجت من المشفى و شوهدت بعد عدة ساعات وهي تشتري بقالة من المتجر وتزور بنكا في مركز للتسوق.

في نفس اليوم كان من المقرر أن تحصل على نظام كشف بالأشعة تحت الحمراء مثبت في منزلها لأغراض أمنية، وخططت مع أصدقائها أغنيس وتوم للعب الجسر وقضاء الليل مع بعضهم. مرت الساعات وسيندي لم تظهر، اتجهت صديقتها وزوجها لمنزلها لكنهم لم يجدوها، حينها أبلغ الزوجان الشرطة بسرعة. وعلى الرغم من أنها كانت مفقودة لعدة ساعات فقط إلا أنه تم إرسال دورية للبحث عنها بسبب تاريخها الطويل مع الشرطة.

لم يمض الكثير من الوقت وتم العثور على سيارة سيندي، داخلها عثروا على دماء في باب السائق ومواد بقالة وهدية كانت قد اشترتها لإبن صديقتها الصغير. وتم العثور على محتويات محفظتها ملقاة تحت السيارة.

blank
عثرت الشرطة على سيارة سيندي وبها آثار دماء

هرعت الشرطة لمنزلها مرة أخرى، لكن لم يعثروا على أي شيء مريب في الداخل. وعلى إثر كل هذا قام خفر السواحل الكندي بعمليات بحث في الأنهار في المنطقة، بالإضافة إلى خليج جورجيا، في محاولة لتحديد مكانها.

إقرأ أيضا :لغز اغتيال توباك شاكور نجم أغاني الراب

بعد عدة أيام من اختفائها أبلغ بائع بوليصات التأمين جونستون السلطات أن والدها اتصل به واستفسر منه عن بوليصة تأمين سيندي لحياتها، لكن جونستون رفض تزويده بأية تفاصيل، وذكر بأنه يجب عليه الحضور شخصياً لمكتبه لمناقشة هكذا أمور، وعند مواجهة الأب نفى إجراء أي مكالمة معه.

العثور على سيندي جيمس

وأخيراً في تاريخ ٨ يونيو ١٩٨٩، اكتشف عامل رصف بلدية جثة سيندي جيمس في فناء خلفي لمنزل مهجور في ريتشموند. تم ربط جسدها بحبل في وضع الجنين، وربط جورب أسود من النايلون بإحكام حول رقبتها. وجهها كان صعب التعرف عليه بسبب تعرضها للضرب المبرح، كانت حافية القدمين، ساقها اليمنى موضوعة تحت شجيرات التوت الأسود .. وتم العثور على معطفها بالقرب من جثتها. وجد العامل جثتها في شارع مزدحم بالقرب من تقاطع حيث كان ممتلئا بالمشاة وعلى خزان الوقود الخارجي للمنزل عثرت الشرطة على لوحة جرافيتية كتب عليها بالطلاء :

“ماتت ساقطة هنا” ، وكانت آثار الطلاء على الأرض ممتدة من الخزان إلى الفناء الخلفي حيث توجد جثتها.. و داخل المنزل المهجور، تم العثور على كتابات أخرى كتب عليها “الشيطان”.

سيندي جيمس
وعثروا أخيرا على سيندي ميتة في فناء منزل مهجور

 ذكرت شيلا كارلايل، أخصّائية علم الأمراض التي فحصت جثة سيندي في مكان الحادث إلى أن يديها كانتا مقيدتان بشدة لدرجة أن إصبعاً خدش إصبعاً آخر حتى العظم. وتم العثور على ثقب صغير يشبه ثقب الإبرة على الكوع الداخلي الأيمن من الجسم، وذكر أن جثتها كانت هناك لأيام وبدأت بالتحلل .

أما عن نتائج الطب الشرعي فعند تشريح الجثة لم يكن سبب الوفاة الإختناق. بل كان بسبب وجود جرعات مميتة من أدوية المورفين والديازيبام وفلورازيبام في نظامها. كما أن الوفاة حدثث سريعاً بعد وقت قصير من دخول الأدوية لجسدها، بعضها تم تناولها عن طريق الفم وأخرى لم يتم تحديد كيفية دخولها لنظامها .

نظريات وفاة سيندي جيمس

حققت الشرطة في القضية ونظرت في جميع تقارير التحرش والبلاغات التي قدمتها في السنوات الماضية، وفي النهاية تم تقديم أربعة نظريات أساسية..

• النظرية ١ : تم اتهام روي ميكبيس بتهمة قتلها، بدليل أنه طبيب وجميع الأدوية التي تسببت في موتها من السهل عليه الوصول لها في أي وقت. كما أنه طبيب نفسي لذا قد يكون تلاعب في عقلها قبل وفاتها. وتم العثور عليه متلبساً وهو خلف منزل سيندي كما ذكرت مسبقا.. وزادت الشكوك أكثر عندما لم يحضر جنازتها، لكن لم يتم العثور على دليل قوي يثبت إدانته.

• النظرية ٢ : القاتل هو الضابط مكبرايد الذي مكث معها فترة من الزمن. تم اتهامه بقتلها بدليل أنه شرطي ويستطيع إخفاء الأدلة أو التخلص منها بسهولة. ويعرف متى يكون منزلها تحت المراقبة أم لا. كما لا ننسى أن الهجمات توقفت تماماً عندما مكث معها.. وكان لديه أيضاً مفتاح بيتها. وهناك أقوال غير مؤكدة أنه تم تجريد مكبرايد من الشرطة بسبب تورطه في العديد من قضايا النساء المماثلة لسيندي جيمس..

إقرأ أيضا : لغز ماري جين : فتاة الخزانة

لكن لا يوجد دليل يدعم هذه النظرية بالإضافة إلا أن الاعتداءات بدأت حتى من قبل أن تتعرف سيندي عليه.

• النظرية ٣ : سيندي هي من قتلت نفسها، وقد رجحت الشرطة هذه النظرية في البداية بشدة.. بحجة أنهم لم يعثروا قط على أي دليل طيلة كل هذه السنين يقودهم لمهاجمها المزعوم، وبأن سيندي لربما عانت من مشاكل نفسية كثيرة منذ طفولتها لم يلحظها أحد أدت لاختلاقها مطاردا غامضا في عقلها وانتهت بانتحارها .

لكن هناك أشياء كثيرة تفند هذه النظرية.. أولها أن العديد من الاعتداءات وقعت عندما كانت سيندي برفقة الآخرين، والعديد من الاتصالات كذلك كانت تتلقاها أمام الغير. ولم يتم إثبات أنها عانت من مشاكل نفسية. بالإضافة أنه لم يتم العثور على محاقن أو أوعية أدوية في سيارتها أو بالقرب من جسدها. كما أنها تعرضت للضرب المبرح في وجهها وصعب عليها أن تقوم بتثبيت جسدها بتلك الطريقة قبيل وفاتها والعديد من الأشياء الأخرى .

• النظرية الأخيرة : ترجح أن قاتل سيندي هو ذاته الرجل المجهول الذي هرب من توم ليلة الحريق. ولم تكن الشرطة قادرة على تعقبه. 

وأخيراً أغلقت قضية سيندي نهائياً تاريخ ٢٥ مايو سنة ١٩٩٠ بنتيجة أن سبب الوفاة غير معروف.. وإلى يومنا هذا لم يتم حل لغز وفاتها أبداً.

والآن برأيك عزيزي القارئ، من قتل سيندي جيمس ولماذا؟

شكراً على القراءة..

الريلز الخاص بالمقال في قناة الموقع

ملاحظة : جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس . لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي أو المرئي للمقال المنشور دون إذن مكتوب من إدارة الموقع . وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .

المزيد من المواضيع المرعبة والمثيرة؟ أنقر هنا
بواسطة
WikipediaallthatsinterstingThetroublewithjustice

كرمل

فلسطين
guest
32 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى