لــغز اختفــاء و مـوت عـائلة جـايمسون !

في يوم من الأيام ، وعندما كُنت أُطالع الأخبار في إحدى المواقع الإلكترونية الشهيرة ، وقعت عيناي على خبر مفاده (إختفاء عائلة في ظروف غامضة) ، وكيف أن اليأس امتلك المُحققين لعدم معرفتهم بمصير هذه العائلة ..

و الذي شدني في هذا اللُغز ، هو الأحداث الغريبة التي وقعت قبيل وبعد الاختفاء ، وأيضاً النظريات المرعبة التي طفت على السطح لتزيد الأمور تعقيداً وغموضاً …

لن أطيل عليكم ، ولندخل في صلب الموضوع ..

من هي عائلة “جايمسون” :

كانوا عائلة صغيرة و بسيطة

هذه العائلة مُتكونة من الأب “بوبي جايمسون”، الأم “شيرلين ليان” ، وطفلتهما الوحيدة “ماديسون ستار جايمسون”، وهي عائلة متوسطة الدخل من الجنوب الأوسط الأمريكي ، وتحديداً في مدينة “إيوفالا” من ولاية “أوكلاهوما”، كل من عرفهم وصفهم بأنهم عائلة طبيعية سعيدة ومتواضعة، ولم يُعرف عنهم المشاكل التي قد تحدث لكل العائلات ..

جميع من عرفوا العائلة، أكدوا أن أفضل ما حدث لـ “بوبي” و “شيرلين” ، هو ولادة ابنتهما “ماديسون”، فكانا يدللانها آخر دلال ، ويٌقيمان لها الحفلات والمناسبات ، ويشتريان لها ما ترغب به من الهدايا والألعاب ..

كانت الأمور تسير على أكثر ما يُرام ، بل وحتى أنهما قررا أن يشتريا قطعة أرض تبلغ مساحتها 49 فداناً ، ليبنيا عليها المنزل الذي لطالما حلما به … موقع قطعة الأرض هذه كانت مثالية للغاية لهم ، فهي بعيدة عن ضوضاء المدينة ، وتقع في منطقة هادئة وجميلة في ريف الولاية ..

الاختفاء :

في الثامن من أكتوبر عام (2009) ، قررت العائلة الذهاب للنزهة بالقرب من موقع منزلهم الجديد ، للتعرف على المكان أكثر ، والانجسام مع طبيعته الخلابة، ومنذ ذاك الوقت لم يعد يُعرف للعائلة آي أثر أو مكان ..

السيارة كما عثر عليها

بعد مرور عدة أيام على اختفائهم عثر بعض الرحالة على سيارة العائلة مركونة على الطريق الجبلي، ولا وجود لأحد بداخلها ما عدا كلبهم ، والذي كان في حالة يُرثى لها و مُصارعاُ للحياة ، حيثُ ظلَ هُناك لأيام بدون أكل أو شرب… (جميع من عرفوا العائلة أكدوا لاحقاً، أن الطفلة “ماديسون” مُستحيل أن تذهب لمكان بدون هذا الكلب) ..

على الفور تم إبلاغ الشرطة، ومن خلال التحقيقات المبدئية أكدوا أن اختفاءهم لم يكن عرضياً بل بفعل فاعل ! .. فطريقة ركن السيارة كانت غريبة للمُحققين، أي كما لو أنه قد جرى اعتراضهم خلال القيادة وإجبارهم على النزول ..

والمفاجآت مازالت تتوالي، حيث عُثر على جميع أغراض العائلية في السيارة، كبطاقات الإئتمان والمحافظ ، وكذلك الهويات الشخصية، بل حتى هواتفهم الخلوية ، الأمر الذي يؤكد للشرطة فرضية “نزولهم مُجبرين من السيارة” .. و عثر أيضاً على رسالة طويلة مكونة من عدة صفحات كتبتها شيرلين و كانت موجهة لزوجها و مليئة بعبارات الحقد .

أثناء تفتيش السيارة ، عثر أحد المٌحقيقين على مبلغ مالي كبير يُقدر بـحوالي (32) ألف دولار، كان موضوع تحت كرسي السائق وهو أمر أثار استغراب الجميع ، فلمَ تخرج العائلة ليوم نُزهة عادي ومعهم هذا المبلغ الكبير من المال !

بعد العثور على السيارة كثف البحث عن أفراد العائلة و شكلت فرق إنقاذ مزودة بكلاب بوليسية لاقتفاء الأثر و مع ذلك لم يؤدي البحث إلى أي نتيجة .. و مع مرور الأيام يئس الجميع من إيجادهم و توقفت عمليات البحث عنهم .

الــعثور على الجثامين :

والدتي بوبي و شيرلين في حفل تأبين ابنيهما

بعد مرور 4 سنوات على هذه الحادثة أي في عام (2013) ، وبالقرب من موقع الاختفاء ، وجدا صيادين رفات شخصين بالغين بالإضافة لجثة لطفل صغير مرمية على بعد بضعة أميال من المكان الذي عثر فيه على السيارة ، وأكدت التحاليل لاحقاً أنها تعود لــعائلة “جايسمون” المفقودة من سنوات مضت ..

الخبر كان وقعه مليء بالصدمة والحزن لأقارب العائلة، ومع انتظارهم نتائج التشريح لمعرفة مُلابسات اختفاء العائلة، جاءت النتائج لتزيد الموضوع غموضاً وغرابة ، فسبب الوفاة لخصه الأطباء على أنه (مجهول) ، وذلك للتحلل الكبير الذي طرى على الجُثث طيلة هذه السنوات

النظريات :

خرجت العديد من النظريات حاولت حل لغز اختفاء و موت هذه العائلة ، بعضها يُثير التعجب والاستغراب :

– النظرية الاولى : هذه كانت أبسط النظريات ، حيث تشير إلى أن العائلة غادرت السيارة للتنزه و من ثم تاهت في غابات هذه الجبال المنعزلة و لم تعرف طريق العودة ، فماتت ببساطة من شدة البرد ، لكن ما يجعل هذه النظرية ضعيفة التقارير التي تشير إلى أن الأجواء في الأيام التي تلت الاختفاء كانت تمتاز بهبوب رياح و هطول أمطار لكنها لم تكن بتلك الشدة التي تسبب الموت ، كما أن الجو لم يكن شديد البرودة ، ثم أنهم كيف يغادرون و يتركون كلبهم حبيساً داخل السيارة ؟!

– النظرية الثانية : هذه النظرية كان لها سيناريوهين .. السيناريو الأول قال أن شيرلين هي من أقدمت على قتل زوجها و ابنتها و من ثم انتحرت ، فهي كانت تعاني من حالة اكتئاب بعد موت صديقتها ، و كذلك مشاكل مع زوجها و الدليل الرسالة الموجهة له و التي كانت تتضمن عبارات قاسية مليئة بالكره إضافةً إلى اختفاء مسدسها ( فهناك مسدس مفقود تملكه شيرلين لم تعثر الشرطة عليه ) ، كل هذا جعل احتمال أن تكون هي الجانية أمر قائم لكن بالمقابل تقول صديقتها مدافعةً عنها أن الرسالة لا تعتبر دليل ، فهي كانت تلجأ إلى هذه الطريقة لتفريغ الشحنات السلبية و المشاعر السيئة التي تعتريها بناءً على تعليمات الطبيب ، و أيضاً في هذا السياق تقول والدتها من المستحيل على شيرلين أن تضحي بابنتها و تقتلها ..

هل من المعقول أن تقدم شيرلين على قتل طفلتها ؟!

أما السيناريو الثاني فإنه يلقي بالتهمة على والد بوبي جاميسون ، فقد لجأ الابن إلى الشرطة طلباً للحماية من أبيه بعد أن قام بتهديده بقتله و عائلته ، و قال أنه حاول في عام 2009 أن يصدمه بالسيارة ، كما أن بوبي قبل اختفائه كان في نيته رفع دعوى قضائية ضد أبيه يطالبه فيها بنصف أرباح محطة الوقود التي كانا يعملان بها معاً لمدة ستة أشهر ، و كانت هناك أقاويل أن والد بوبي على علاقة مع المافيا المكسيكية لكن دوائر التحقيق لم تقتنع بهذا الكلام و قالت أن بوبي و شيرلين محتالين ، سبق أن تقدما بثلاثة بلاغات عن أشخاص حاولوا صدمهم بالسيارة .. و قال شقيق  الوالد ، على الرغم من أن شقيقه كان شخصاً سيئاً إلا إنه من المستحيل أن يقدم على قتل ابنه و عائلته .. جدير بالذكر أن والد بوبي توفي بعد شهرين من اختفاء ابنه و عائلته .

– النظرية الثالثة : يقول البعض أن اختفاء عائلة جاميسون يكمن خلفه تورط العائلة بالمخدرات و المتاجرة فيها ، فقد ظهروا في كاميرات المراقبة الموجودة في مدخل المنزل يوم خروجهم إلى الجبال و هم في حالة من اللاوعي ،  الذهول ، لم يتحدثوا مع بعضهم طيلة فترة نقل الأغراض إلى السيارة .. لذلك رأى البعض أن ذهابهم إلى تلك الجبال ربما لعقد صفقة مخدرات ، و الدليل هو المبلغ الكبير الذي وجد في السيارة خصوصاً أن العائلة لا يمكن أن تملك مثل هذا المبلغ فهي كانت تعيش على الإعانات الحكومية و أوضاعها المالية لم تكن جيدة ، لكن الشرطة بعد تفتيشها لبيت و ممتلكات العائلة لم تعثر على أي دليل يثبت تورطها بالمخدرات .

النظرية الرابعة : هذه النظرية هي الأغرب بين كل النظريات ، حيث وقُبيل شهور من إختفاء هذه العائلة ،أكد أقاربهم وجود مشاكل بين عائلة “جايمسون” وبعض الجيران، حيث أتهم “بوبي”و “شيرلين” بعض الجيران بعمل أعمال سحر وشعوذة فأدى ذلك إلى اعتقاد البعض أن الأشباح وراء مقتلهم ، فالقس الراعي لكنيسة تلك المنطقة تكلم بعد اختفائهم و قال أنهم جلبوه ليطرد أرواح موتى كانوا يسكنون في المنزل ، و سأله بوب عن الرصاص القاتل للأشباح ، فقد ادعت شيرلين أن أموراً غريبة تحدث في المنزل ، و زعمت أن روح طفل العائلة الميتة تظهر لطفلتها ماديسون و تتحدث معها كما أن الشرطة وجدت كتباً للسحر في المنزل ، قالت صديقة شيرلين في هذا الشأن أن الأخيرة مؤمنة بوجد أرواح في منزلها و كانت تتقصى حقيقة بناء المنزل فوق مقبرة ، لكن مع ذلك صديقتها لا تعتقد  بأن للأشباح علاقة بموت العائلة ، كما أن والدة شيرلين قالت أن الطفل الذي تحادثه ماديسون ما هو إلا صديق وهمي اخترعته الطفلة ليؤنسها .

النظرية الخامسة : تقول والدة شيرلين أن مقتل ابنتها و عائلتها تكمن خلفه جماعة عنيفة معروفة في ريد اوك و أن هناك قائمة أشخاص مزعجين بالنسبة لتلك الجماعة سيتم التخلص منهم ! حيث تزعم صديقة شيرلين أن امرأة من تلك الجماعة اتصلت بها و أخبرتها أن عائلة جايمسون في تلك القائمة ، لكن تحقيقات الشرطة لم تثبت وجود نشاط لتلك الطائفة في المنطقة ، و بالتالي يبقى هذا الاتهام مجرد كلام بغير دليل .

صورة ماديسون التي التقطت في يوم اختفائها

جدير بالذكر أن الشرطة عثرت في هاتف “بوبي” على صورة لـ “ماديسون”، التقطت بالقرب من المكان الذي عثروا فيه على السيارة في يوم اختفائهم ، وأقارب العائلة أكدوا للمحقيقين وجود خطب ما في الصورة، فـ “ماديسون” كانت دائمة الابتسامة، والسعادة لا تُفارق محييها ولكن في الصورة الملتقطة، الحزن أو عدم الإرتياح كان واضحاً وبادياً على وجهها

و بالنهاية على الرغم من جميع النظريات التي حاولت تفسير ما حدث تظل القضية مفتوحة ومن دون حلَ حتى يومنا هذا !

المصادر :

Jamison family deaths – Wikipedia

Jamison Family Disappearance and Deaths

Theories About What Exactly Happened in the Jamison Family

Bobby, Sherilyn and Madyson Jamison family disappearance | Daily Mail Online