تجارب من واقع الحياة

لقد أخذ الذئب مني كل شيء

بقلم : يوسف فارس – أمريكا

أنا على وشك الانتحار حتى أرتاح من عذابي في هذه الدنيا البائسة

 أولاً السلام عليكم ورحمه لله وبركاته ، أنا إنسان وُلدت في أسرة سعيدة ومتوسطة المعاش ، لكن كنا مرتاحين وفرحين ، أنا من مواليد برج الحوت سنة 1975 م في بداية عمري الطفولي لم أشعر بالراحة كطفل عمره خمس سنين ، كنت أشعر بشعور كبير و أنا طفل ، يوجد خطب لأنه و أطفال جيراننا الذين كانوا في عمري ليسوا أطفال وإنما وحوش ، كانوا يضربونني و ينهروني ويركضون ورائي يريدون قتلي ، وكنت أهرب منهم واختبئ في الشوارع أو وراء الدكاكين الموجودة في منطقتنا وأحيانا يحبونني ويحترموني و مشى الحال وكبرت وصار عمري ثمان سنوات من الألم والاحتباس النفسي الذي لا يستطيع أي طفل تحمله

وكنت اذا أرادوا العراك أتقاتل معهم وإذا غلبتهم وألحقت بهم ضرر يذهبون إلى أهلهم و يخبرونهم أن يوسف ضربنا و يحشمون إخوانهم الأكبر من هم سنناً فيزداد منهم الغضب فيذهبون إلى دارنا

وأتذكر أن أحد جيراننا ذهب إلى بيتنا وطرق الباب بشدة وعندما خرج أبي ليفتح الباب قام أحد جيراننا وضرب أبي بشده على وجه ، وكان أبي رجل كبير لا يعرف العراك والقتال حتى فتح بعين أبي شق كبير و رأيت هذا المشهد أمام عيني وتألمت كثيراً ، كنا نعيش في منطقه وحوش لأننا قد اشترينا بيت بهذه المنطقة ، وكانوا يقولون أن هذه المنطقة هادئة وجميلة ، لا أعرف بالضبط لماذا تغيرت فجأة ، واستمر الحال إلى أن كبرنا ، وكلما أراد أبي أن يبيع البيت ويذهب إلى منطقه أخرى لا أحد يشتري بيتنا 

وبقينا على هذه الحالة منحوسين أنا وإخوتي ، كنا نحب بعضنا البعض أنا وإخوتي ، وفي يوم من الأيام أخي الأكبر نشبت بينه وبين والدي عداوة وفيها قصص كثيرة من المأسي والآلام ، ثم في سنة 2001 توفى والدي بمرض السرطان وكنا في حاله يُرثى لها من الفقر ، وفي هذا الوقت كان أخي الأكبر قد سافر إلى الأردن للعمل وكنت أنا صاحب عقل و دراية و حنون على أخواني وكنت أحبهم جميعاً وكنت أعمل أعمال صعبه قليلة الأجر حتى لا يشعر أخواني باليأس والذل

 بعد وفاة أبي عاد أخي الأكبر من السفر و كنت أتمنى لو لم يعد فقد نشبت بيني وبين أخي كراهية لا أعرف لماذا ، أنا أحب أخي الأكبر مني بسنتين لكنه يكرهني وحاقد علي و لا يريد أي احد أن يمدحني أو يقول بي كلمة طيبة ، كان دائماً يحاول أن يصّغر شخصيتي أمام إخواني وأخواتي وعمل جاهداً أن يجعلني لا شيء ، و في المقابل  كنت أحسن اليه واحترمه إكراماً لأمي ، لكن أمي كانت بجانبه بكل شيء في الحق والباطل ، وكنت أتمنى الخلاص لنفسي من هذا العذاب النفسي والعائلي لأنني كنت أعاني من قلة العمل

كنت أتمنى أن أتزوج لكن حظي الأغبر لم يجعلني أحظى بفتاة أحلامي ، كانت الفتيات في عمري ، لم أكن الشاب المفضل عندهن مع أني شاب جميل ومقبول ، كانت النساء الأكبر مني بسنوات كثيرة يفضلنني ويحببن أن أعمل معهن الحرام ، وكنت أقول في نفسي لماذا أنا محبوب عند الأكبر مني عمراً والبنات في عمري لا يعجبهن شكلي ؟ لا أعرف ، وكنت اذا أضع في نظري بنت من أقاربنا أو حتى تعارف لا تحصل الخطبة أو الزواج ، إلى أن صار عمري 28 سنة وقد تزوجت من فتاة من أقاربنا لانهم كانوا أغنياء جدا ًوكنت أكبرها بثمان سنوات و هي من مواليد 1983 ، وتزوجت بها عام 2003 إلى عام 2010 ، لم أرزق بطفل ، سبع سنوات من الألم والعذاب ، شيء صعب أن الأنسان اذا تزوج ولم يُرزق بعائلة ، أنا كنت أستطيع أن أتزوج عليها أو أطلقها لكن قلبي لا يقبل أن أؤذي إنسان ليس بيده شيء ، موضوع الأطفال بيد الخالق رب العالمين وكنت أنا بطبيعة الحال وفي ومخلص للحياة الزوجية لان زوجتي إنسانه وطيبه وذكيه و ربه بيت رائعة ومثقفه ، هذه الخصال من الشجاعة والكرم كانت كريمة للغاية و جعلتني أتمسك بها رغم أهلها الأغنياء كانوا يريدون أن تطلق مني رغم السبب عدم الإنجاب منها ، لكن أهلها لم يساعدوني بدينار واحد أو يقدمون لابنتهم المساعدة

في بداية الأمر كانوا قد فرحوا بزواجي من أبنتهم ثم كرهوني لأنني كنت غني النفس شهم شجاع ، هم أرادوا أن يجعلوني خادم عندهم لكن أنا قد تربيت في أسرة كريمة النفس وكان والدي شهماً شجاعاً كريماً عطوفاً ، وقد أخذت منه تلك الصفات الجميلة ، إلى أن شاء القدر وذهب إلى أمريكا التي يحلم كل إنسان أن يعيش فيها ، لكنني محروم من كل هذه الحياة السعيدة

 لقد عجز الطب في أمريكا أن يساعدني في انجاب زوجتي ، كنت أتمنى أن تعمل زوجتي طفل أنابيب لكن ما صار أنهم كانوا يريدون مبلغ كبير جداً لا أستطيع جمعه ولا أريد أن أطيل عليكم ، توفت أمي بجلطة ثم ماتت أختي بسرطان الثدي ثم نشبت عداوة بيني و بين إخوتي في أمريكا ، و كانوا قد سافروا معي وهم أصغر مني ، كان لدي أخ يتكلم اللغة الإنكليزية بطلاقه عالية وكنت أنا لا أعرف أي شيء من اللغة ، وقد ساعدتهم كثيراً وجعلت المال يتدفق عليهم مثل السيل الجارف ، مع العلم عندما سافرنا إلى أمريكا كان معنا خمسمائة دولار فقط ، كنت أنا وإخوتي لا نملك شيء من المال لكن إخوتي أخذتهم العزة والتكبر وكنت أحبهم كثيراً لكنهم كانوا ظالمين ، كانوا يخفون في قلوبهم الحقد إلى أن أذوني إيذاء كبير في أمريكا ثم رحلوا عني وذهبوا إلى ولاية و لا أعرف أين ذهبوا بالضبط ، وتركوني أنا و زوجتي نلاقي الأحوال والظروف الصعبة

 و قد دمرت عائلتي بالكامل ، وأنا اقسم بالله رب العالمين أنني ليس عندي صديق على مدى حياتي وعمري الذي بلغ 43سنة ، و أنا وحيد ، حيران ، متعب لا اعرف أي شيء في أمريكا ، ليس عندي أهل أتصل بهم أو صديق ، في الولاية التي أعيش بها جميع الناس تركوني وذهبوا ، صحيح أنا شجاع وصلب الإيمان وقد تعرضت إلى أقسى أنواع التعذيب النفسي لكني وقفت ، وقوف منهك ومتعب القوى لا أستطيع التحمل أكثر ، حتى أن زوجتي كنت اعتمد عليها اعتماداً كبياًر لأنها كانت ذكية ومثقفه وكنت مدلل في أمريكا لأنها موجودة معي ، الأن نحن في سنة 2019 أنها مريضة بمرض طفح جلدي قد ظهر عليها لا يستطيع الطب أن يشفيه ، والآن هي مستلقية على الفراش وحالتي يُرثى لها من الألم والعذاب

لقد أصبحت عاري من كل شيء ولا أعرف لماذا ، هل لأني إنسان طيب و رحيم أم هي لعنة قد لعنا نحن العائلة أو سحر قد عمل لنا من أقاربنا أو جيراننا أو هي حرب الشيطان مع الناس الطيبين الرحومين الذين يتبعون درب الله أم هي قيمة عذاب من لله أو هي اختبار من لله ، وبماذا هذا الاختبار الطويل ، لماذا لا ينتهي ؟

لقد أصبحت إنسان عاري من كل شيء وكنت دائماً أرى في المنام أني عاري من غير ملابس وكنت استحي وأقول لماذا أنا عاري والناس تنظر إلى عورتي ، مع أني أحب الستر ، و في النهاية من هذه القصة الأليمة أحببت أن أجد ربما أحداً يساعدني لأنني على وشك الانتحار حتى أرتاح من عذابي في هذه الدنيا البائسة الغريبة التي حيرتنا نحن البشر ، أنا قبل أن أموت ، أقول لكل الناس الفقير أو الغني الظالم والمظلوم الطيب أو الرحيم ، لله يرحمكم جميعاً لأننا نحن البشر محيرون ومظلومون لقد أخذ منا الذئب كل شيء ، وسلام عليكم و رحمه لله وبركاته.

تاريخ النشر : 2019-04-11

guest
39 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى