تجارب ومواقف غريبة

لقد تأخر أخي

بقلم : محمد الشريف العلاوي – الجزائر
للتواصل : zatrra@yahoo;fr

هناك رجلان خرجا من الحويطة ثم مشيا إلى غاية باب المدرس
هناك رجلان خرجا من الحويطة ثم مشيا إلى غاية باب المدرس

 
هذه القصة حقيقية وقعت أحداثها لصديق لي في العمل .

يقول صديقي : كانت عائلتي تسكن في الحي العتيق الذي يعود إلى حقبة ما قبل التدخل العثماني في الجزائر ، وكان الحي يطل على واد طويل وكان هذا الوادي يفصل بين الحي العتيق والحي الذي بني في العهد العثماني وكلاهما أحياء قديمة وعريقة ، وكانت عائلتي تسكن في أحد البيوت التي تطل على الوادي الذي يفصل بين الحيين ، وكان فوق الوادي كهف صغير على جانبه عين ماء رقراق وعلى جانبه الأخر “حويطة” و هي عبارة عن مقابر تضم أفراداً من نفس العائلة أو تكون لقبر لأحد الأولياء والعلماء المشهورين ، وتلك الحويطة عبارة عن سور على شكل مربع يتوسطها باب في الوسط ولا يزيد ارتفاع جدرانها عن المترين.
و أذكر جيداً ذات ليلة ممطرة وباردة بأن أمي كانت قلقة من تأخر أخي الكبير فصعدت إلى الطابق العلوي وفتحت طاقة البيت وطفقت تطل منها متوجسة تنتظر أخي ، فطلبت منها بأن تحملني بين ذراعيها لأرى قدوم أخي فوافقت.

كان أخي دائماً يأتي متأخراً بالرغم من أن الطريق مقفر ومخيف ، وكانت قنطرة صغيرة مصنوعة من الحديد توصل بين الحي القديم والدرب الذي نسكن فيه. و أخذت أنظر في كل الاتجاهات إلى تلك البيوت التي تطل على الوادي و ركزت هنيهة على الحويطة و اذا برجلين يلبسان ثوبين أبيضين وعمامة بيضاء يخرجان من الحويطة بنفس الخطى ثم صعدا السلالم ومشيا فوق القنطرة الحديدية ثم أخذا في المشي في الطريق المقفر ، وكانت الأمطار تهطل بقوة حتى وصلا إلى باب المدرسة العتيقة فتوقفا عند الباب الخشبي الكبير ثم طفقا عائدين أدراجهما ثم نزلاً من القنطرة ونزلاً من السلالم ودخلا الحويطة ولم يظهرا.
 
أردت أن أتفوه ببنت شفة ، ولكن كان لساني قد أنعقد وكأني أُصبت بشلل وشعرت بقشعريرة تسري في أوصالي ، فحاولت أن أنبه لأمي ما أرى ولكني لم استطع ، فشعرت أمي فقالت لي وهي مركزة نظراتها في وجهي ” ما بك ترتجف ؟ ” فقلت كلمات متقطعة مرتجفة ” بأن هناك رجلان خرجا من الحويطة ثم مشيا إلى غاية باب المدرسة ثم عادا من حيث خرجا ” فقالت لي أمي” أنا لم أرى شيئًا يا ولدي ” ثم أنزلتني من ببن أحضانها وأخذتني إلى غرفتي”.

وما هي إلا دقائق حتى سمعت طرقات على الباب ، أنه أخي ، وسمعت أمي توبخ أخي.
سألت صديقي ” كم كان عمرك آنذاك ؟ ” فقال ” تقريباً أثنا عشرة سنة “.
ثم قال صديقي ” الغريب أن الرجلان كانت حركتهما واحدة ، نفس الخطى ، ونفس الطول ، ونفس الثياب “.

تاريخ النشر : 2020-05-08

guest
16 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى