لمسة واحدة…دمار شامل
كانت امرأةً مسنةً تستطيع رؤية علامات العمر على وجهها من بعد فراسخ ! |
مرحباً ..أنا اسمي نور … اممم في الحقيقة أنا مترددة جداً في كتابة هذا الموضوع لأنهم يراقبونني الآن وأنا أكتب عنهم ، ينظرون إلي فأتجاهل نظراتهم ، يقرؤون أفكاري التي أكتبها الآن .. إنها جالسة بينهم تنظر إلي وتضحك بصوت يكاد أن يمزق أذناي ، ولكن مع ذلك سأعمل على إنهاء هذا المقال بسلام….
انا نور كما عرَّفت عن نفسي في البداية ، عمري أربعة وعشرين ربيعا *ربيعا..كما يقولون* أعمل مديرة لبنك معروف جداً و أعيش حياتي بحرية لا قيود فيها ، كتاب حياتي كان لحد ذلك اليوم حافلاً بالنجاح .
اقترح أحد أقاربي أن نذهب في نزهة عائلية ليلية في أحد المناطق الصحراوية ، وبالفعل ذهبت أنا وأخي الكبير إلى هناك.. كان الجو جميل لكنه أصبح بعد الساعة العاشرة ليلاً يشتد برودة أكثر و أكثر ، فذهبت إلى سيارتي لإحضار معطفي الدافئ .
و إذ بصوت حاد وكبير في السن يناديني من الخلف لم يكن أحد أقاربي ، بل كانت امرأةً مسنةً تستطيع رؤية علامات العمر على وجهها من بعد فراسخ ! قالت لي بصوت مرتجف :
– مرحبا يا نور ، ما هي أخبارك وأخبار عملك ؟
لم أكن أخاف من أحد بل كنت قوية الشخصية جداً ولكن في هذه اللحظة ارتعد قلبي وسقط من قفصه ، التفت باتجاه ذلك الصوت المرتجف .. أردفت المرأة قائلة :
– أكمني يا ابنتي سر سأخبرك به بعد أن أخبرك عن جحيم أقصد حياتك ..
(*أكمني : بمعنى خبئ سراً في نفسك ولا تخبرني إياه)
تمنيت أن تكون حياتي للأفضل ..
فأصبحت تخبرني بكل ما أعرفه عن نفسي وبما لا أعرفه ، أشياء مرعبة لم أحكها لأي أحد كان ، وفي النهاية أخبرتني بالذي كمنته في سري ! لا أعلم كيف كانت ملامحي حينها لكن كنت أعلم أن ملامحي كانت مصفرّة..وفي النهاية قالت :
– هاتي ما تطيب به نفسك
ولكن لم أكن في حالة تركيز للرد عليها فأمسكتني من كتفي وضغطت ضغطة فتعجبت حينها بقوة تلك العجوز ، ما إن افلتتني واختفت في السراب حتى سقطت أرضاً ، لم أعي إلا وأنا في المشفى ..
قال الأطباء أنه ارتفاع ضغط الدم لدي فجأة كان سيتسبب لي بجلطة … بعد أن استيقظت وخرجت من المشفى ذهبت لأبدل ملابسي ، و عندما خلعت ثيابي رأيت بصمة يد العجوز على كتفي كما هي وكأن يدها طليت بطلاء أحمر ، كان في نفس المكان وجع يؤلم جداً ..
بعد تلك الحادثة أصبحت أسمع صوت طفل صغير يبكي تحت سريري ، أرى تلك المرأة في كل مكان بين الناس تنظر إلي وتضحك ، بالإضافة عندما استيقظ في الليل أراها جالسة على الكرسي الذي أمام سريري ، أضواء تنفجر في كل مكان أدخله ، كنت أسمع صوت شخص يتنفس بجانبي وكأن أحداً كان يشاطرني السرير !
في ليلة نمت على صوت أمي و هي تحاول تهدئتي و بعد أن ذهبت من الغرفة جاءت العجوز ، فتحت الباب وأغلقته ، جلست بجانب سريري وقالت :
– هل اكتفيتِ أم لا ؟
عندها فقدت صبري ، أصبحت في حالات متقدمة ، أستيقظ أصرخ بصوت جنوني .. عرضت على طبيب نفسي أخبرته بكل ما يجول معي لم يقل شيء اكتفى بوصف جرعات مضادة للاكتئاب … أصبحت أتمنى الموت
**
لم أكن أتوقع أن أجد هذه الرسالة في حاسوب أختي نور ، و مع ذلك أنشرها إكراماً لها ، كانت تشتكي كثيراً من وجود امرأة تحاول قتلها وإرهاقها لكن لم نستطع بعد الآن التحدث معها لأنها لم تقاوم أكثر .. انتحرت وأصبحت الآن في عداد الموتى
أخو نور :
(ثائر)
تاريخ النشر : 2017-10-26