تجارب من واقع الحياة

لم أجد لحياتي عنوان سوى الألم

بقلم : شخص ما – المغرب
للتواصل : [email protected]

لم أجد لحياتي عنوان سوى الألم
لم أجد لحياتي عنوان سوى الألم

انا شاب في مقتبل العمر, 23 سنة ,ما زلت أكمل دراستي الجامعية في كلية العلوم ، كل من يراني أو يصاحبني و لو لسنين لن يعرف معاناتي ، ربما لأني دائم الابتسامة و الضحك ,و ما أعانيه يبقى حبيس المنزل فقط .. لكني لم أعد أستطيع الصبر أكثر و أكثر فصبري بدأ ينفد .. ذاك الصبر الذي بدأ منذ سنين خلت ،و ما هو الحل لذاك الصبر الذي ينفذ ؟ أظنكم عرفتموه ..الانتحار.

والداي من البادية . بعد إنجابي و اقترابي من السنتين أعطتني أمي لوالدتها و شقيقتيها في المدينة لتربيتي؛ لأنها تعاني من قسوة أبي الشديدة .

كانت حياة قاسية بصدق فلم أعرف طعم الحنان أو الحب مع خالتي أو جدتي ، كنت فقط أعرفه حينما تزورنا أمي مرة كل شهور عديدة ,أو حينما تصل العطلة الصيفية لأني منذ اليوم الاول أستقل الحافلة لأعود للمكان الذي أجد فيه راحتي و الذي أحس فيه بأني أمتلك أم رغم الظروف القاسية ,و الشمس الحارقة, و رغم أني أرعى لهم الغنم.. إلا أني سعيد لأني أجد ما أفتقده .. الحب , الحنان, هذا ما يحتاج إليه كل طفل ..

تمر العطلة سريعاً لأستقل الحافلة عائداً بدموع غزيرة على خداي ، قسوة خالتي الكبرى دائماً ما تدفعني للتفكير بالهرب و الذهاب لمكان بعيد جداً بلا عودة ,لكني لم أستطع تخيل أني سأكون سبباً في معاناة أمي حينما ستعلم بخبر هروبي و لن تتوقف دموعها .. لم أكن أستطيع لذا بقيت صابراً في بحر الألم و المعاناة من أجل أن أكبر و أعمل و أشتري منزلاً و أجلب أمي للعيش معي و نعيد كل تلك الأيام التي شاء القدر ألا نعيشها سوياً كان هذا حلمي و فقط ..

أتدرون ما حصل بعد سنين  ؟! ..

حينما أكملت ال20 من عمري ..كنت ذاهب مع أبي لموعد له مع أحد الأطباء في إحدى المدن ..جاءني اتصال من اخي (جميع إخوتي أكبر مني و أصغرهم يكبرني ب 10 سنين ) .. طلب مني العودة الى المنزل, طلبت منه السبب فلم يستطع أن يقوله ، و بعد شجاعة منه قال لي بأن أُمَنا توفيت ..

لم أصدق ما سمعت, فقط لحظتها انهرت و انهمرت دموعي بغزارة , لم يتوقف أبي و بدأ يسألني ماذا حدث ؟

لم أجد القوة للكلام فقال لي : هل .. فأشرت له برأسي نعم ، فبدأ بالبكاء ..

بدأت الناس تتجمع حولنا و سألوني : هل هذا جدك و لما يبكي ؟ فأخبرتهم أنه ابي و أن والدتي توفيت و أنا ابنه الصغير ..  

طلبت منه العودة  ففاجئني بأنه لن يستطيع تضييِع موعده مع الطبيب !!.. و بدأ بالبكاء قائلاً :لا تتركني ووو..الخ , فما كان مني إلا أن بقيت معه و انا أبكي. كان جميع إخوتي يتصلون بي قائلين : اتركه و عُد حالاً ، لا أعرف ما حصل لي لم أستطع تركه بل بقيت معه ,و عند صعودنا لإحدى الحافلات طلبت منه أن يضيف بعض النقود لأن هذا غير كافي للتذكرتين فبدأ بالصراخ :أنت تسرق المال وووو الخ .. هل أنا أحلم أم ماذا ؟ .. بدأ بالصراخ داخل الحافلة !! .. تباً لهذه الحياة و تباً لأب مثلك ..

عدنا سوياً, و قبل أن أرحل طلب مني أن أحضر له بعض الحفاظات و أنه سينتظرني في محطة التاكسي, و عندما عدت لم أجده !!

ظننتُ أن مكروهاً قد وقع له او حادثة او أي شيء.. ظللت كالأحمق أبحث عنه في كل مكان.. في الأخير قررت الركوب و العودة لأجده قد وصل و سبقني ! .. و من حسن حظي أنه كان لدي بعض النقود للاحتياط ..

وجدتهم دفنوها ,ذهبت لمكان الدفن .. لم أصدق بان أمي توفيت ..

عشت حياة كئيبة جداً , حياة تنبض فقط بالألم  ..دائماً ما أفكر بالإقدام على الانتحار لكني لا أستطيع خوفاً من الخالق ، بصبري هذا أبرهن له على حبي ..

الآن ما زلت أعيش في بيت جدتي .. ظننت بأنهم سيغيرون معاملتهم معي لكن لا شيء سوى القسوة ,و المخجل أنني أعاني من مرض شديد في ظهري يجعلني غير قادر على الجلوس أو الدراسة أو حتى النوم على الظهر, لكنهم لا يصدقونني بل يفرضون علي أحياناً حمل أشياء ثقيلة تفاقمُ من حدة المرض لدي ..

دائماً ما ألوم إخوتي فقد كان بإمكانهم شراء منزلاً نقيم فيه و يكون لي غرفة وحدي , لكن لم يفعلوا شيء ..فقط يفكرون بحياتهم و متعتهم و مصلحتهم .

تاريخ النشر : 2016-08-13

guest
36 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى