أدب الرعب والعام

لم أعد راغبة بالنحافة

بقلم : سامي عمر النجار – jordan
للتواصل : [email protected]

لم أعد راغبة بالنحافة
ربما تتلاشى جثتي و أصير شبحاً

لم أعد راغبة بالنحافة…!

مرت ثلاثة شهور وأنا أتبع الرياضة والحمية الغذائية دون فائدة ، وزني كما هو مئة وأربعون كيلو جرام، لم ينقص جرام واحد، مللت الرياضة والحمية، كنت أفكر في ترك النادي الرياضي ولكن…
زميلتي في النادي “نهى” قالت لي :
لدي طريقة “مثل السحر” ستفقدين وزنك بسرعة ودون عناء، لكنها مكلفة بعض الشيء.
قلت لها :
سأدفع لك ما تريدين ولكن هل هذه الطريقة ناجحة ومضمونة.
ابتسمت نهى وقالت لي :
سأعطيك الطريقة ولن أخذ منك المال إلا بعد أسبوع، ما رأيك؟
قلت لها :
موافقة، شكراًَ لك.

بعدما أنهينا التمرين في النادي توجهنا مباشرة إلى بيتها، كان زوج نهى يجلس أمام التلفاز وحينما رآني وقف وحياني، قالت نهى :
هذا زوجي جمال، جمال هذه زميلتي في النادي وهي بحاجة لك، تريد حجاب النحافة.

قال جمال :
سأحضر الحجاب.
جلسنا في الصالة أنا ونهى بينما دخل جمال إحدى الغرف.
قلت لنهى :
أنت لم تقولي لي أن الطريقة هي حجاب وسحر!.
قالت نهى :
وما الضرر في ذلك، انظري لجسدي، انظري لتناسق جسدي، هذا كله بسبب حجاب زوجي.
على أية حال إذا أردت الرجوع عن أخذه لا مانع، يمكنك أن تغادري.
ترددت قليلا وقلت لها :
لا، سأجرب هذا الحجاب، ولكني لن أعطيك المال إلا بعد أن أجربه.

جاء جمال وهو يحمل لفافة بيضاء صغيرة، جلس بجانبي وقال لي :
الأمر بسيط، في الليل ضعي هذا الحجاب في كأس من الماء وفي الصباح أخرجي الحجاب واشربي ماءه، كرري هذا الأمر يوميا وستلاحظين الفرق، وتذكري إذا أردت إيقاف نقصان وزنك احرقي الحجاب، وتذكري أيضا لا تذكري اسم الله وأنت تشربين كأس الماء.

اقشعر جسدي حينما سمعت ملاحظاته وترددت في أخذ الحجاب ولكنني في النهاية أخذته .
كم ثمن هذا الحجاب؟.
قال جمال :
ألف دولار.
هذا المبلغ كبير جدا جدا.
قال جمال : صدقيني لن تندمي أنك دفعت هذا المبلغ لنا، يمكنك تجربة الحجاب أسبوع وبعد ذلك تدفعين لنا.
قلت له :
حسنا، في الغد سأقابل زوجتك في النادي وسأدفع لها المال، أنا أثق بكما.

لم أصدق الميزان..!
في أسبوع واحد نقص وزني أربعة كيلو جرام، اشتريت أكثر من ميزان والنتيجة واحدة، هذا الحجاب فعال.
كنت سعيدة جدا بهذا الإنجاز، وأخيراً سأتخلص من هذه الشحوم المتدلية.
كانت الأمور تسير على خير ما يرام، حتى جاء ذلك اليوم الذي ضاع فيه الحجاب…

في تلك الليلة وضعت الحجاب كالعادة في كأس من الماء بجانبي ونمت، وعندما استيقظت في الصباح لم أجد كأس الماء بجانبي، خرجت من غرفتي مذعورة وسألت أمي عن كأس الماء فقالت لي :
أن أخي الصغير محمود شربه وقد ظن أنه عصير لأن لونه كان أزرق، ولكنه بعد ذلك إستفرغه كله في الحمام.

شعرت بالدوار وتوجهت إلى غرفة أخي الصغير محمود، أيقظته من نومه وقلت له :
أيها المغفل، لقد كان داخل الكأس الذي شربته لفافة بيضاء صغيرة، أين هي…?
قال لي :
نزلت من بطني وذهبت داخل الحفرة..!
أي حفرة يا مغفل..
قال لي :
حفرة الحمام.
صفعته على وجهه وتركته يبكي وغادرت الغرفة.
ماذا أفعل الآن يا ربي…؟
ثمن هذا الحجاب ألف دولار، وأنا قد بعت أساور الذهب والخاتم الذي قدمه لي أبي في عيد ميلادي، ماذا سأفعل الآن…..؟

كنت أظن أن المشكلة حلها بالمال، سأذهب إلى نهى وأقول لها :
أريد حجابا آخر وسأعطيك المال بالتقسيط..
لكن المشكلة كانت أكبر من ذلك بكثييير…!!!

في اليوم التالي لم تحضر نهى إلى النادي، توجهت إلى بيتها لأجده قد احترق بالكامل، الشرطة في كل مكان، والناس مجتمعين أمام منزل نهى ..
ما الذي حصل…؟
قال أحد المتفرجين :
لقد شبت النار منذ البارحة في هذا المنزل، ورجال الإطفاء يحاولون إطفاءها ولكن دون فائدة، يبدو أن هذا الحريق لعنة أحاطت بالمنزل وسكانه.
قلت والهلع واضح في صوتي :
وماذا حل بنهى وجمال….؟
قال أحدهم :
لعنهم الله إنهم سحرة، أكيد أنهم تحولوا الآن إلى رماد، ثم نظر لي وقال لي :
هل تعرفينهم…؟
قلت له :
لا.
ووسط ذهوله غادرت المكان.

في المساء كانت صورة نهى وزوجها جمال تظهر في نشرة الأخبار..
وفاة زوجان حرقا بسبب ماس كهربائي…

لم أرى جان ولا شياطين، لم أرى كوابيس، كنت أظن أن ضياع الحجاب سيسلط الشياطين علي، ولكن لم يحدث هذا، بل حدث الأسوء…
وزني في نقصان مستمر…!!!

هذا الحجاب صار لعنة مستمرة، وزني في نقصان دائم، بدأ الفزع والجحيم..
صرت آكل كثيراً لعلي أستطيع إيقاف وزني من النقصان ولكن دون فائدة،
تركت التمارين الرياضية وأصبحت أكل في اليوم ست وجبات ولكن….!
وزني ما زال ينقص
لجأت لأكثر من طبيب ولكن إجاباتهم واحدة :
لا يوجد خلل عضوي.
ليتني لم ألجأ للسحر..!

في البيت لاحظ الجميع انخفاض وزني، صار وزني ستون كيلو جرام.
أذكر أنه كان مئة وأربعون، خلال شهرين صار وزني ستون كيلو غرام، لم أعد أريد أن أنحف.
أي لعنة هذه…!
أكتب لكم قصتي هذه حتى يعلم الجميع سبب وفاتي، أنا لا أريد أن أكون لغزاً محيراً لأطباء التشريح، ربما أستيقظ غداً لأجد وزني قد صار أربعون أو ثلاثون، أو ربما أكون قد تلاشيت، لا جثة على السرير، ربما تتلاشى جثتي وأصير شبحاً، لا أعلم ما الذي سيحدث لي ولكن إذا لم تجدوني داخل غرفتي لا تتعبوا أنفسكم في البحث عني…
ليتني بقيت سمينة ولم أنحف، ليتني..

“ريم”
2/9/1990

*********
هذه الكلمات وجدها أحد ضباط الشرطة في غرفة ريم، أثناء تحقيقهم في إختفائها، حيث تم إبلاغ السلطات عن إختفاء فتاة في العشرين من عمرها تدعى ريم….

انتهت

ملاحظة
القصة للكاتب منشورة مسبقاً في أماكن أخرى.

تاريخ النشر : 2018-06-15

guest
29 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى