قتلة و مجرمون

مجازر المجرمين : حينما يفقد المجرم صبره

إن جميع القتلة المتسلسلين لديهم دوما هدف معين خلف أفعالهم . فبينما بعضهم يفعل ما يفعل لأجل المال ، فإن بعضهم يقوم بذلك لأجل الانتقام من شيء ما أكبر منه .. شيء قد نقم عليه لأنه سبب له الألم لكنه لا يستطيع التخلص منه .

فجاك السفاح على سبيل المثال كان ينتقم من بائعات الهوى لأن أمه كانت واحدة منهن ، فغالبيتهم يفعلون ما يفعلون لهدف معين وليس للتسلية فقط . فإما أن يكون هذا الهدف هو تعويض لنقص نفسي لديهم أو أن يكون عبارة عن إنتقام .. وبكل الأحوال فإن المجرمين أو الأشخاص ذوي الميول الإجرامي دوما ما يحاولون إخفاء هويتهم ، بعض الأذكياء منهم يتركون خيط أو خيطين للشرطة حتى تحاول الإمساك بهم أو حتى تتوههم ليسخروا منها .. وبعضهم يقرأ عن حوادث القتل في الجريدة وهو يضحك .

لكن عند نقطة معينة فإن المجرمين يفقدون صبرهم وصوابهم ويقومون بعمل هجمات قوية لا يمكن إخفائها . تلك الهجمات أقرب لكونها مجازر من هجمات حيث أن عدد ضحايها مهول . وفي هذا المقال سأتحدث عن مجموعة من المجرمين الذين فقدوا تحملهم وصوابهم وارتكبوا مجازر بشعة فظيعة في هذا القرن .

1 – مجزرة برادايس نيفادا

في الأول من أكتوبر بالعام 2017 ، قام ستيفن بادوك البالغ 64 عاماً بشراء تذاكر لحفل موسيقي ، في برادايس نيفادا ، في مدينة لاس فيغاس الأمريكية . كان الحفل أكبر حفل موسيقي أمريكي في 2017 ، وقد قام ستيفن حينها بحزم حقيبة فيها 24 قطعة سلاح مختلفة ، من بنادق القنص والبنادق العادية .

blank
ستيفن بادوك


وفي الساعة التاسعة والنصف تقريبا ، قام فندق “مونديلي باي” بإرسال أحد الحراس للتحقق من خرق أمني بالطابق 32 . فتم إرسال حارس يدعى “يسوع كامبوس” حتى يرى المشكلة ، لكنه لم يستطع الدخول إلى ذلك الطابق عبر الباب الرئيسي .. حيث أنه كان مقفلاً ودخل من باب آخر . بعد دخوله عاد يسوع إلى الباب الرئيسي ، ووجد أنه مقفل عن طريق مفتاح فك ، مما يعني أن أحدا ما قد دخل الطابق وأقفل الباب ! ، وبدأ الخوف يتسلل إليه فأبلغ عن الحادثة . بدأ بعدها بسماع صوت لرجل يستخدم دريل الحفر ويحفر بالجدار . تقدم قليلاً ووصل لباب الغرفة 122 وسرعان ما اخترقت طلقة فخذه الأيمن .

لقد كانت هذه طلقة من بين خمس وثلاثين طلقة أطلقها عليه ستيفن بودوك من خلال باب الغرفة 124 . وقد سقط الحارس بالأرض وبدأ يزحف نحو الغرفة 122  ، وأبلغ الفندق عن وجود رجل مسلح ! .

بعد أن جرح الحارس ، استمر ستيفن بحفر وكسر النوافذ في الغرفة ، وقام بكسر نافذتين . وفي الساعة 10:05 تماما .. بدأ بإطلاق النار على المسرح المكتظ بالناس ، والذي يبعد 450 متر تقريباً عن شباك غرفته .

إقرأ أيضا : مذبحة مدينة نصر : مجزرة هزّت مصر بأكملها .

في البداية كان ستيفن يطلق النار طلقة طلقة على الحشد ، وحيث أن الجمهور تكون من أكثر من 10 آلاف شخص… فلم ينتبهوا للقتلى ، وتوقعوا أن أصوات النار ليست إلا ألعاب نارية تطلق من المنصة ، مما جعل ستيفن يبدأ بإطلاق النار بشكل جنوني .

بعد أن بدأ بإطلاق النار بشكل جنوني نبه الفندق جميع العمال على الخروج بشكل فوري ريثما تصل الشرطة ، بما في ذلك كامبوس الجريح الذي لم يستطع الحراك نتيجة للرصاصة في قدمه .

قام بعدها ستيفن بتوجيه سلاحه نحو خزان الوقود بمطار هاري ريد الذي يبعد عن الغرفة 600 متر ، وقد استطاعت الطلقات اختراق الخزان وتسريب الوقود ، لكن ونظرا للمسافة فلم يشتعل الوقود .

فيديو مجمع عن كاميرات المراقبة يوضح تحركات ستيفن بادوك في الفندق

وصلت الشرطة حينها ، لكنها لم تتمكن من معرفة مكان الإطلاق… حيث أن هناك ثلاثة فنادق قريبة من بعضها . كذلك قد قام مجموعة من المجهولين بإجراء إتصالات تخبر الشرطة أن مطلق النار يقع في الفنادق الأخرى ، وفي طوابق أخرى ، مما جعل الشرطة في حيرة عن مكان المجرم .

عند الساعة 10:12 لمح أحد رجال الشرطة عدة أضواء قادمة من الطابق 32 ، من فندق مونديلي باي ، فقاموا بالتوجه إليه . ووصلوا إلى الطابق 31 ، وسمعوا أصوات إطلاق نار فوقهم مما جعلهم يعرفون الفندق المقصود والطابق لكن ليس الغرفة . وحين وصولهم للطابق 32 التقوا بالحارس الجريح والذي أخبرهم بمكان المجرم .

في الساعة 10:26 وصل ثمانية رجال شرطة إلى الطابق ، وبدأوا بالتحقق من جميع الغرف وحينما تأكدوا من أنها خالية .. وقفوا عند باب الغرفة التي بداخلها ستيفين لكن أصوات الإطلاق توقفت بشكل مفاجئ ! .

خلال تلك الفترة ، كانت الشرطة تحاول إخلاء الحفل بشكل آمن حتى لا يقع ضحايا بالدهس . لكنها فشلت ، حيث بدأ الناس بالهلع والركض ، وبدأ ستيفن يطلق النار بشكل عشوائي .

حاولت الشرطة كسر الباب إلا أنه كان مقفلا ولذلك قرروا استخدام المتفجرات . وفي الساعة 10:55 تمكنت الشرطة من إنهاء الحفل وإخلاء الفندق . وبحلول الساعة 11:20 ، وضعت المتفجرات على الباب ، وتم تفجيره ، ودخل مجموعة من رجال الشرطة ، ووجدوا ستيفن مضرجا بدمائه بعد أن إنتحر برصاصة وضعها برأسه .

إقرأ أيضا :اندرو كيو ومجزرة باث

كانت نتيجة ذلك الهجوم هو 61 قتيلا ، وأكثر من 867 جريحا. ومعظم القتلى والجرحى سقطوا بين الساعة 10:26 و10:56 ، حينما بدأ إنهاء الحفل وبدأ ستيفن بإطلاق النار بشكل جنوني .. مع أكثر من 300 جريح وقتيل سقطوا بسبب الدهس حينما هرب الناس .

blank
نصب تذكاري يخلد ضحايا المجزرة

كان ستيفن بادوك شخصا مريضا نفسيا وحاقدا على المجتمع . ولد بالعام 1953 ، كان والده مجرما ،  وكان لذلك أثر كبير على نفسيته .. لدرجة أن البعض اعتقد أنه هجم على هذا الحفل الموسيقي لأن معظم الرجال بالحفل من نوعية والده .

تم اعتقال والد ستيفن بالعام 1960 ، بعد عملية سطو فاشلة على بنك ، وكان عمر الفتى آنذاك 7 سنوات . وبالعام 1969م ، هرب والده من السجن ، وكان عمر ستيفن 16 عاما فقط ! . ومنذ هروب والده لم يتحدث إلى عائلته مجدداً خوفا من أن يتم الإمساك به .

كبر ستيفن مع والدته ، لكنه لم يحبها كثيراً ، وقد أصبح لديه الكثير من المشاكل الإجتماعية بسبب طفولته . تزوج وتطلق مرتين ، وقالت طليقتاه أنه يعاني من مشاكل نفسية بسبب طفولته مع أمه ، كما قال أخوه أنه كان يحاول الإبتعاد عن العائلة .

عمل ستيفن بعدة وظائف ، فكان سابقاً يعمل لدى هيئة الضرائب الأمريكية ، وعمل كذلك كمحاسب لدى شركة محاسبة . ولاحقا عمل مع أخوه في مجال العقارات . وحسب مصلحة الضرائب الأمريكية ، فإن ستيفن كون ثروة ما بين 5-6 مليون دولار من بيع العقارات .. لكنه بالنهاية أدمن القمار وخسر معظم ثروته قبل الهجوم ببضع سنين ! .

الغموض حول الحادثة وحول ستيفن كان كثيرا ، وبدأت نظريات المؤامرة تطفو على السطح . خاصة سلاح ستيفن ، فمن المستحيل أن تطلق البندقية النصف الآلية ألف رصاصة خلال 15 دقيقة ! ، مما عنى أنه استخدم مدفع رشاش خفيف وهو سلاح عسكري ، وحتى لو افترضنا أنه إستخدم 24 سلاحا مختلفا .. فكيف لم تقم الشرطة بكشفه عند الحواجز ونقاط التفتيش؟ . وكيف تمكن من تهريب حقيبة فيها هذه الأسلحة ، وأكثر من 1000 رصاصة ، والمرور بها من عدة نقاط تفتيش دون أن يكشف أمره ؟ .

معظم النظريات تقول أن ستيفن إستخدم الأموال المتبقية لديه بعد خسارتها بالقمار لرشوة الشرطة حتى يتمكن من تهريب كمية السلاح والذخيرة التي إستخدمها . يُعد هجوم لاس فيغاس أكثر هجوم بالتاريخ الأمريكي الحديث بعدد القتلى والجرحى ، وقد صنف على أنه مجزرة .

2 – مجزرة النرويج

بالعام 2011 ، وبالثاني والعشرين من شهر يوليو ، قام رجل فاشي يدعى ” أندريس برفيك” بقيادة سيارة فان مليئة بالمتفجرات منزلية الصنع ، قرب مبنى حكومي ، كان فيه رئيس الوزراء النرويجي “جينس شتلوفنبيرغ” في سبيل قتله .

blank
السفاح أندريس برفيك

بعد التفجير إعتقد أندريس أن رئيس الوزراء قد قُتل ، فركب سيارة أخرى .. وبدل ملابسه بملابس شرطة مصنوعة منزلياً مع هوية مزيفة بإسم “مارتن نيلسن” من قسم شرطة أوسلو . ورغم أن رئيس الوزراء لم يصب بأذى ، إلا أن ثمانية أشخاص قتلوا بالتفجير ، مع 209 جرحى بعضهم قد تعرض لجروح بليغة .

بعد ساعتين ، أحاط رجال الشرطة والإطفاء مكان التفجير  ، في حين أن أندريس قاد مسافة 32 كيلومتر ووصل لجزيرة أوتويا ( بالنرويجية Utøya)  ، ثم أوقف سيارته وأخذ أسلحته ، وركب عبّارة لدخول الجزيرة لتبدأ المجزرة .

blank
جزيرة أوتويا

كان معه بندقية AK47 الروسية ، مع مسدس Glock الأمريكي ، وقاذفة قنابل خفيفة ، وبنقدية MINI-14 النصف الآلية للقنص . وقد كان المخيم مخيم للأحزاب اليسارية والإشتراكية ، ويقوم بعمل دورة تدريبية للأطفال ، كما كان هناك ما يصل لأكثر من 600 طفل ومراهق داخل المخيم .

إقرأ أيضا : مجزرة إستديو الإنمي في اليابان

حينما دخل أندريس المخيم أخبر قادته أنه ضابط شرطة أتى لحماية المخيم من إحتمالية هجوم بعد التفجير الذي حصل .. لكن أحد المنظمين شك فيه واتصل برئيس شرطة المخيم ، فقام أندريس حينها بقتل الإثنين .

تم سماع أصوات إطلاق نار داخل المخيم ، مما سبب الفزع وحالة من الفوضى بين الناس ، فصرخ عليهم أندريس أن هناك هجوما وعليهم الإحتماء به .

فسارعوا للإختباء خلفه ، وأمرهم أن يلزموا الأرض ويضعوا أيديهم على رؤوسهم ، حتى لا تصيبهم أية رصاصة . وحينما انبطحوا جميعاً ووضعوا رؤوسهم على الأرض واثقين فيه .. أخرج الأخير سلاحه وبدأ بإطلاق النار عليهم وهم ممددون ! .

blank
البعض من ضحايا المجزرة : معظمهم من المراهقين والأطفال

بعد أن انتهى مخزن ذخيرته وبدأ بوضع آخر ، انتهز المتبقون الفرصة وسارعوا فارين للنجاة بحياتهم ، فصار يطلق عليهم الرصاص بعشوائية . تمكن بعضهم من الوصول لآخر الجزيرة ، لكنهم لم يملكوا وقتاً لأخذ العبارة .. فنزلوا للبحر وبدأوا السباحة خارج المخيم إلى الجهة الأخرى من الجزيرة ، فشرع الأخير بإطلاق النار عليهم وقتلهم وهم بعرض البحر .

تم استدعاء فريق التدخل النرويجي ودخل الجزيرة وقام بمحاصرته .  قام أندريس حينها بالإشتباك معهم لفترة من الوقت ، لكنه لم يحاول قتل أي منهم بل تحذيرهم فقط .. لذلك هددوه إن لم يلق سلاحه فسيقتل ، فقام الأخير بإلقاء سلاحه وتم اعتقاله .

كانت حصيلة القتلى من التفجير وهجوم الجزيرة ، 77 قتيلا و 319 جريحا .. وقد كانت هذه المجزرة هي أكبر مجزرة في النرويج منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لدرجة أن واحدا من كل 4 نرويجيين يعرف شخصا قتل أو جرح في المجزرة .

حكم عليه بالسجن بعد ذلك 21 سنة دون إطلاق سراح مشروط وهي أقصى درجة عقاب في النرويج .

blank
blank
أندريس في قاعة المحكمة معتز وفخور بما فعله!!
إقرأ أيضا : مذبحة بيت سحم

كان أندريس قوميا نرويجيا وكان فاشياً .. إنضم لحركة النازيين الجدد ، وخطط للهجوم بعد أن أعلنت الأحزاب اليسارية والإشتراكية النرويجية أنها ستستقبل لاجئين من حول العالم مما حرك الغضب فيه وأثار نزعته القومية للأمة النرويجية .

كذلك فقد تعمد الهجوم على الجزيرة ، حيث أنه قال أن اليساريين يقومون بغسيل دماغ الأطفال ليحولوهم إلى أشخاص عديمي إنتماء .

نظريات المؤامرة حول الهجوم كانت كثيرة ، بل إن هناك من يعتقد أن أندريس ليس إلا المنفذ ، بينما من خطط للهجوم كانوا منظمة قومية فاشية . وأن بعض رجال الشرطة قد قاموا بالتساهل معه وحمايته . فمن غير المعقول أن يتمكن من الحصول على المواد اللازمة لصناعة المتفجرات داخل منزله دون معرفة أحد بذلك . ومن غير المنطقي أن يشتري كمية ضخمة من السلاح دون أن تعرف الحكومة النرويجية بذلك ، وكيف انطلى على الشرطة لباس كان من الواضح أنه مصنوع منزلياً ؟.. ومن أين حصل على هوية رسمية مزورة؟ .

blank
ذكرى سنوية لأرواح ضحايا المجزرة

إن جميع هذه الأسئلة لا يوجد لها إجابة حتى الآن ، لكن المؤكد وبعد هذه المجزرة .. لم تعد الأحزاب الإشتراكية واليسارية قادرة على الإجتماع مجدداً كما في السابق .

3 – هجوم نيوزيلندا

في يوم الجمعة ، من ظهر الخامس عشر من شهر مارس بالعام 2019 .. خرج مقيم أسترالي في نيوزيلندا يدعى بإسم “برينتون تارنت” إلى سيارته ومعه حقيبة فيها أربعة أسلحة مختلفة . وبدأ ببث مباشر على موقع فيسبوك ، وقاد سيارته نحو مسجد .. وكان يستمع لموسيقى مختلفة مثل أغنية (دمروا الكباب) ، وهي أغنية صربية معادية للإسلام ، كذلك طبول الإمبراطورية البريطانية .

blank
المجرم برينتون تارنت

وصل للمسجد ، ثم نزل من سيارته وأخرج بندقية جفت أو Shoutgun من عيار 12 .. وسار فيها إلى المسجد ، حيث حياه أحد المصلين الذين يقفون عند الباب بكلمة (أهلا يا أخي) . فأطلق عليه برنتون سبع رصاصات وأرداه قتيلاً ثم رمى سلاحه .

blank
اللقطة الأولى من الفيديو لبدء الهجوم على المسجد ، بقية الفيديو حذف من منصات التواصل الإجتماعي

توقف حينها عند باب المسجد ، وسحب من حقيبته بندقية آلية من عيار 5.56 ، وبدأ بإطلاق النار على المصلين . خاف المصلون ، وتجمعوا في زوايا المسجد . لم يستطيعوا الخروج لأنه كان يقف عند المدخل ، وشرع في إطلاق النار عليهم واحدا تلو الآخر .. حتى أرداهم جميعا . ثم ألقى سلاحه وعاد إلى سيارته هاربا بها بسرعة 130 كيلومتر ، وكاد خلالها أن يصدم عدة أشخاص ثم أوقفها عند جزرة تقاطع شوارع .

تم إبلاغ موقع فيسبوك ، وتم إغلاق البث بالساعة 1:51 أي بعد 17 دقيقة . وقام فيسبوك حينها بمنح الشرطة آخر مكان التقطت فيه إشارة البث ، وبعد ثمانية دقائق وصلت الشرطة وقبضت عليه لكنه لم يبدي أي مقاومة ! . لقد رمى سلاحه على الأرض فقط لا غير ! .

إقرأ أيضا : مذبحة يافا .. ابشع مجازر نابليون

قتل تارنت واحدا وخمسين شخصا وجرح أربعين منهم بعضهم أصيب بإعاقة دائمة . ولقد سببت المجزرة ضجة كبيرة بنيوزيلندا ، لدرجة أن الشرطة لم تعد تستطيع حماية كل المساجد التي تعرضت للهجوم .

blank
blank
blank
blank
مآس وأحزان وآلام تجرعها المسلمون في نيوزلندا بفعل الحقد والكراهية

تضامن النيوزلنديون مع المسلمين ، لدرجة أن المافيا النيوزلندية قامت بحماية المساجد ، وأعلنت أن الإعتداء على أي مسلم في المساجد هو إعتداء على العصابة .. ولم ترفع حمايتها إلا بعد أن هدأت الأوضاع تماما .

برينتون تارنت ، هو مقيم أسترالي في نيوزيلندا ، كان مؤيداً لليمين الأوروبي ، كذلك كان مؤمناً بالحركة النازية الجديدة وبنظرية الإستبدال العظيم . بالإضافة  إلى كونه مسيحيا متعصباً لدرجة لا تصدق .

blank
الكتابات التي على بندقية برينتون تارنت

لقد كتب على بندقيته أرقام وتواريخ الحروب الصليبية ، وكتب تاريخ سقوط القسطنطينية ، وكتب على سبطانة بندقيته الأبجدية النرويدية .. وهي أبجدية إستخدمها سكان غرب أوروبا قبل الإحتلال الروماني . وقد كان هجومه بدافع تخويف المسلمين وغير الأوروبيين الذين يعيشون بنيوزيلندا .

blank
عبّر برينتون تارنت عن دافعه الإجرامي قائلا : “لا أشعر بالندم ، وأتمنى فقط أن أستطيع قتل أكبر عدد ممكن من الغزاة”. !!

وقد كانت هذه المجزرة هي أول مجزرة تحدث بالتاريخ النيوزلندي . حكم عليه بأقسى عقوبة بنيوزيلندا وهي السجن لمدة أربعين عاما دون إطلاق سراح مشروط . ورفع حينها علامة تفوق العرق الأبيض برسالة أن هذه المجزرة الأولى وليست الأخيرة .

4 – هجوم جامعة فرجينيا التكنولوجية

في السادس عشر من أبريل ، من العام 2007 ، وبالساعة 6:47  صباحاً .. قام طالب جامعي كوري يدعى “سيونغ هو تشو” يعيش بأمريكا بالتوجه إلى جامعته ومعه مسدسين الأول من عيار 9 والثاني من عيار 22.c . توجه إلى المدخل الغربي للجامعة وقام بقتل شخصين ، ثم استكمل طريقه إلى الطابق الرابع .

blank
سيونغ هو تشو

في الساعة 7:15 وصل للطابق الرابع لغرفة فتاة عمرها 19 سنة وتدعى “إيميلي هايسر ” .. وسحب سلاحه عليها فصرخت الفتاة واختبأت تحت غطاء السرير وهي تبكي .. وعلى صوت صراخها أتى زميلها من الغرفة المجاورة ليرى مابها ، فقام بتوجيه المسدس عليه ثم قتله . وتقدم حينها بدم بارد إلى سرير الفتاة وهي تبكي وتصرخ وقام بوضع السلاح على رأسها وأرداها قتيلة وخرج من الغرفة ! .

blank
الضحية الأولى في المجزرة إيميلي هايسر

بعد ذلك ذهب إلى غرفته ، ثم قام بتغيير ملابسه الملطخة بالدم .. سجل الدخول إلى حاسبه ثم محى حسابه بالجامعة وكل المعلومات عنه وأخذ القرص الصلب ثم توجه إلى حرم الجامعة حيث قام بإلقاء القرص الصلب وهاتفه في بركة البط . وحتى هذه اللحظة لا يعرف أحد إسم مطلق النار وشكله ، لقد حاصرت الشرطة المداخل والمخارج وهي تقوم بتفتيش كل من يخرج منها .

إقرأ أيضا : مذبحة نانجنغ .. إحدى أفظع مذابح القرن العشرين

قام مطلق النار بعدها بالتوجه لمكتب البريد ، وأرسل فيديو ومجموعة رسائل لقناة إخبارية في محاولة لتضليل التحقيق . ثم توجه للغرفة 206 وقام بقتل 7 طلاب وجرح 3 آخرين ، ثم عاد إلى الممر . في طريقه وجد طالبين يحاولان الهرب فتمكن من جرح واحد منهما في ذراعه . ثم انطلق إلى الغرفة 207 حيث يتم تدريس اللغة الألمانية فقتل أربع طلاب ومدرس اللغة الألمانية المدعو “جيمي بيشوب” .

سمع صوتا بالممرات ، فوجد بروفيسور يدعى “كيفن جرانتا” يقوم بقيادة عشرين طالبا للهرب خارج الطابق إلى غرفة يوجد فيها البرفيسور “جرانت” مع طلابه حتى يقوم بإقفالها .. فقام بقتل البروفيسور “جرانت” بطلقة في الرأس ، وتمكن من إصابة الثاني بطلقة في الظهر حتى اختبأ في دورة المياه الرجالية وتركه القاتل .

blank
البوفيسور كيفن جرانتا

بعد ذلك توجه إلى الغرفة 211 ، التي يعطى فيها درس عن علم اللغويات واللسانيات ، وقام أحد الطلبة حينها بسد الباب بالطاولة .. إلا أن تشو دفع الباب بقوة وقام بقتل الطالب والبرفيسورة “جوكلين” في الصف .

عاد لاحقاً للغرفة 206 و 207 ، وقام بقتل طالب مصري يدعى “وليد شعلان” مع طالب هندي آخر .. وجرح 6 طلبة ثم توجه إلى الغرفة 205 ، لكن الطلبة تمكنوا من إقفالها بالكامل باستخدام الطاولات . فتوجه حينها للغرفة 204 وقد نفذت ذخيرة مسدسه من عيار 9 ، فبدأ باستخدام المسدس من عيار 22.c.. وهو أضعف بكثير ، حيث جرح 3 أشخاص جميعهم أحدهم بالرأس لكنه لم يقتلهم .

إقرأ أيضا : ماي لاي إحدى أبشع المجازر فى الشرق الأقصى

عاد إلى الغرفة 206 حتى يقتل ما تبقى من الطلبة ، وحينها تم اقتحام المبنى من قبل فريق المهمات الخاصة بالشرطة . حينما عرف بذلك ، سلم أنها النهاية .. فقام بجولات سريعة مطلقا النار بشكل عشوائي ، ثم انتحر بطلقة في الرأس . بعد أن قتل 33 شخصا وجرح 23 بعضهم جروحهم بليغة . وقد كان تصويبه ممتازاً لدرجة أنه تمكن من تحقيق 28 ضربة بالرأس .

لقد كانت مجزرة جامعة فرجينيا أكبر مجزرة بتاريخ التعليم الجامعي .

blank
ضحايا مجزرة جامعة فرجينيا

ولد “سيونغ هو تشو” بكوريا الجنوبية وهاجرت عائلته إلى أمريكا عندما كان يبلغ ثمانية سنوات ، وحصلوا  على البطاقة الخضراء .. لكن ظل إعتبارهم مهاجرين غير شرعيين في بعض مؤسسات الدولة الأمريكية .

وحيث أنه ترعرع بكوريا ، فقد اختلفت الثقافة تماما ، ولم تعجبه أمريكا . وبحسب بعض الأقوال ، فإنه طلب من عائلته العودة لكن عائلته رفضت حيث أنها إعتقدت أن مستقبلها بأمريكا أفضل من كوريا .

لقد كان يتعرض للعنصرية بشكل يومي ، كذلك وحيث أنه لم يكن في منطقتهم الكثير من الكوريين فقد أصبح إنطوائياً . فحتى الكوريون الذين التقى بهم كانوا ناطقين بالإنجليزية ولا يعرفون اللغة الكورية ، بالتالي لم يستطع تكوين صداقات ، ولم يسبق له التحدث مع أية فتاة وتكوين علاقة معها .

blank
إشعال الشموع والترحم على أرواح الضحايا الذين قضوا في المذبحة

أصيب بالقلق ومشاكل بالنطق  ، وكان يتعرض للتنمر مما زاد مرضه .. رغم أن أهله عرضوه على عدة عيادات نفسية وخصصوا له مدرسين خصوصين ، إلا أن هذا لم ينفع معه . ولم يعد يتحمل أكثر ، فقام بإرتكاب مذبحة في آخر سنتين له بالجامعة .

تعد المجزرة التي إرتكبها أسوأ مجزرة حدثت بمكان تعليمي بالتاريخ من بعد مجازر المغول بمكتبة بغداد .

ملاحظات :

_ الأبجدية النرويدية هي أبجدية تاريخية استخدمتها الشعوب الأوربية الغربية قبل الاحتلال الروماني .. ولا تزال مستخدمة من المؤمنين بالعرق الأبيض والوثنيين الحديثين .

_ نظرية الإستبدال العظيم هي نظرية أوروبية يؤمن بها اليمينيون .. تقول النظرية أن الأحزاب اليسارية والإشتراكية ترغب بمحو اللغات والتاريخ والشعوب والإنتماء الأوروبي واستبدالها بلغات وشعوب وانتماء آخر .

ملاحظة : جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس . لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي أو المرئي للمقال المنشور دون إذن مكتوب من إدارة الموقع . وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .

المصدر
هجوم لاس فيغاسستيفن بادوكهجوم النرويجآندريس برفيكهجوم نيوزلنداهجوم جامعة فرجينياسيونج هو تشو

آريو

-كاتب من سوريا - الكاتب الأفضل في كابوس لشهر اغسطس 2022
guest
19 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى