أدب الرعب والعام

مذكرات مجرم

بقلم : محمد – المغرب
للتواصل : [email protected]

طعنته في قلبه مباشرة و انتظرت لأن يلفظ أنفاسه الأخيرة
طعنته في قلبه مباشرة و انتظرت لأن يلفظ أنفاسه الأخيرة

الأول من أبريل عام 2020 م ، أول يوم خارج منزل والداي ، كنت أعتبره تلك الجنة التي نقرأ عليها في القصص المصورة ، لم أكن أظن أنه سيأتي يوم و أغادر هذا الحصن و أترك عائلتي و أصدقائي ، لكن اضطررت للبحت عن منزل يقرب من جامعتي الجديدة ، وجدت في الإنترنت منزلاً مناسباً يبعد بشارع واحد عن الجامعة ، شاهدت بعض صوره على الإنترنت ، كما أن ثمنه جد مناسب ، لذى انتقلت له في الحال ،

كان المنزل نظيفاً كما أنه أعجب أمي جداً ، عندما كنت أوظب أغراضي إلى أن وجدت شيئاً كان يظهر جزء منه من فتحة التهوية المتواجدة في السقف ، يبدو على أنه صندوق قديم لكن لم أستطيع فتحه ، لدى أحضرت مطرقة و ضربته على غطائه إلى أن أنفتح ، كانت توجد حزمة من الأوراق البالية و بعض الأغراض القديمة ، شيء ما مكتوب على تلك الأوراق يبدو أنها مذكرات لشخص كان يقطن هنا ، بما أنني أصبحت أقطن هنا فمن حقي أن أقرأها مع أنها تبدو فكرة سيئة:

 
***********************************
2 من فبراير2017 م:
ذاك الصوت مرة أخرى ، لا ينفك يتردد في أحلامي دائماً ، لحظة واحدة ، اللعنة إنه المنبه كان يشير إلى السابعة و النصف صباحاً ، تباً ! علي الذهاب إلى المدرسة ، آه كم أكرهها ، ببطء شديد أنتشل جثتي من فوق هذا السرير الأشبه بكونه تابوتاً على أنه سرير لصبي في الرابعة عشر من عمره ، أخدت حقيبتي و خرجت من المنزل.

كان منزلنا يبدو جديراً  بإحدى قصص ستيفن كنج ، الطريقة الوحيدة للخروج من المنزل هي المدرسة التي طالما كرهتها من يومها الأول ، و بما أنني شخص لا يحب الخروج لدى فأنا مثل ذلك السجين الذي حُكم عليه بحكم المؤبد ، في معظم الأوقات تجدني في غرفتي التي بالنسبة لي فهي ذلك الملاذ الآمن ، في طريقي للمدرسة شاهدت حادث سير مفزع لأم و أبنتها ، لا أعرف لما لكن شعور قوي جذبني لذلك المشهد الدموي ، تلك الجثث الغارقة في الدم ، صوت سيارات الشرطة أرجعني لأرض الواقع ، اللعنة تأخرت عن المدرسة ، ركضت بأقصى سرعتي لكن كنت قد تأخرت كثيراً ، كانت المدرسة قد أُغلقت على كل حال ، لذا اتجهت إلى مكان يبعد عن المدرسة بشارعين عبارة عن مبنى مهجور أجد راحتي فيه بدون أي ضجيج ، سأنتظر انقضاء ساعتين من دوام المدرسة تم سأتوجه للمنزل.

في طريق العودة شاهدت الصبيان يلعبون الكرة لدى قررت أن أضع محفظتي في المنزل تم ألتحق بهم ، سألتهم أن ألعب معهم لكنهم سخروا مني بسبب أني قليل الخروج و ضحكوا من شكلي ، الشيء الذي أزعجني بحق ، عدت للمنزل يائساً فدخلت لغرفتي و أغلقت الباب و انغمست في سريري لأسمع طرقات على باب غرفتي ، إنها أمي ، جلست بقربي وهي تسألني عن سبب حزني ؟ كالعادة صرخت في وجهها و أمرتها أن تخرج من غرفتي ، بعد هذه الكلمات لم أستطع منع دموعي ، اقتربت مني و ضمتني إلى صدرها:
– تكلم معي يا بُني ماذا حدث ؟.
– لماذا أنا لست مثل الأطفال الآخرين ؟.
– أسمع يا بني ، لا تحزن ، أنت مختلف بالنسبة للأطفال الآخرين ، و الاختلاف شيء جميل في هذه الحياة ، ستجد شخصاً يشبهك يوماً ما ، حسناً والآن هيا العشاء جاهز.
29 مايو  2018م :

اليوم سأكمل الخامس عشر من عمري ، الشخص الوحيد الذي كان يكترث لأمري هي أمي أما ذلك الغبي فلم يعرني يوماً انتباهه ، كل ما يهمه زوجته الأخرى و ابنته ، و الآن بعد ما رحلت ، ألم أخبركم ؟ أمي ماتت بحادث مأساوي في العمل أدى إلى قتلها ، أما ذاك اللعين لم يذرف ولا دمعة واحدة ، والآن بعد موتها قليل ما يأتي لجلب الطعام ويذهب لدى أغلبية الأوقات أكون وحدي في المنزل أشاهد ذلك البرنامج الذي يبث يومياً في نفس الوقت كان يروي بعد القصص عن جرائم القتل ، هذه الأيام بدأت تراودني كوابيس حول قتل تلك العائلة بأكملها ،

30ماي2018:

لا أستطيع أن أتحمل ، هذه الرؤى أصبحت تزعجني ، علي القيام بشيء ما.
إليكم الخطة ، غداً سوف يأتي والدي للمنزل وسيجلب معه الطعام ، بعد رحيله سأخذ دراجة صديقي وسوف ألحق به إلى منزل زوجته ، سيكون الليل لأنه دائماً يجلب لي الطعام ليلاً ، لكن سأكتفي فقط بالمراقبة تم سأرجع للمنزل كي أضع خطة دخولي لمنزلهم ، و غداً سوف أزورهم في الليل ، سأحتاج إلى شريط لاصق و حبل أيضاً ، سأحتاج لقفازات أمي و سكين ساخده من المطبخ و سأحتاج أيضاً لأدوات لفك القفل.
5 يونيو2018:
حل الظلام ، وظبت الأغراض في الحقيبة وتسللت من المنزل ، كان حيهم هادئاً ، كانت الساعة تشير إلى الثالثة ليلاً ، اتجهت نحو الباب الخلفي ، ارتديت القفازات وشرعت في فك القفل ، لحظات كنت داخل المنزل ، منزلهم عبارة عن طابقين ، الطابق الأول يحتوي على غرفة الأب والأم ، أما الطابق الثاني فكان يحتوي على غرفة للفتاة الصغيرة ، فتحت غرفة الوالدين ببطء شديد أخدت السكين من محفظتي ، أحضرت وسادة من الخارج لتخفض صوت المرأة إذا ما صرخت ، شرعت في العملية ،

وضعت الوسادة فوق وجهها بسرعة و أخدت بطعنها مراراً وتكراراً حتى تأكدت أن روحها قد فارقت جسدها ، كل هذا و ذلك الحقير مستلقي شبه ميت ، في الحقيقة سأكون سعيداً لحظة قتله ، أما عائلته فهي مثل ذلك الجدار الذي يمنعني من وصولي للطرف الآخر ، لدى سوف أستمتع بتمزيقه ، لكن علي أن لا أترك أي علامة على أنها جريمة قتل ،  عندما انتهيت من الزوجة انتقلت لزوجها ، وهنا انتابتني فكرة ، لما علي أن أقتله بهذه السرعة ؟ أين المتعة ؟ أريده أن يعاني كما عانيت كل هذه السنين ، لذا قمت بضربه على رأسه بمؤخرة السكين لأفقده الوعي و ربطته على السرير ، صعدت للأعلى لإحضار الفتاة الصغيرة ،

وضعت اللاصق على فمها وأحضرتها إلى والدها ، في هذه الأثناء كان قد استعاد وعيه ، أريده أن يعرف معنى الألم الحقيقي قبل موته المحتوم ، لذى أخرجت الحبل من حقيبتي ولففته على رقبتها ، ثم رحت أعصر وأضغط ، أضغط وه و يبكي حسرةً على ابنته ، في حقيقة لم أحس شعوراً في حياتي كهذا ، كل دمعة درفها ذلك اللعين كانت كافية لشفاء كل همومي ، و أخيراً جاءت اللحظة ، أزحت تلك اللاصقة على فمه :

– كلمة أخيرة قبل توديع هذه الحياة.
– لماذا ؟ ماذا فعلت لك كي أستحق هذه المعاملة ؟.
– أي معاملة تتكلم عنها ؟ طفولتي بأكملها قضيتها مع أمي ، وعندما كنت حاضراً كنت دائماً تفكر في أبنتك و لم تعرني أنا و أمي يوماً انتباهك ، الآن وقت الحساب.. أستمتع.

تم أرجعت اللاصق على فمه ، ثم طعنته في كل موضع في جسمه ، لقد جاولت أن لا أجعل الجروح عميقة ، ذهبت للمطبخ لأحضر الملح و الماء ، ثم عدت لكي أنثرها على جثثه وهو يلوى من شدة الألم ، وأنا أشاهد ذاك المشهد الخلاب لا أظن أنه يمكنني أن أنسى ذلك الشعور الذي انتابني ، ساعتين من الصراخ المستمر ، ثم قررت أن أنهي عذابه فقط لأن الشمس قربت أن تشرق ، طعنته في قلبه مباشرة و انتظرت لأن يلفظ أنفاسه الأخيرة ، كانت أسعد لحظات عمري.

الآن علي إخفاء كل الأدلة ، أولاً علي إرجاع الفتاة الصغيرة لسريرها ثم سأحرق المنزل لتفترض الشرطة على أنه تسيب غاز ، بعد أن أشعلت النار في المنزل خرجت من القبو عبر النافذة ، كانت السادسة صباحاً و المدرسة تفتح أبوابها مع السابعة و النصف ، لذا وضعت المنبه على الوقت المحدد و استلقيت على السرير إلى أن رن المنبه و أكملت يومي بشكل طبيعي.

6 سبتمبر 2018:

مر شهران على الحادثة و يبدو أن الشرطة تظن فعلاً أنه كان حريق ، جاءت جدتي لتسكن معي في المنزل ، كما وجدت عملاً بالمكتبة بدوام جزئي ، المهم أنه يساعدني على الحفاظ على المنزل.

جاءت عائلة جديدة تسكن بقربنا ، اللعنة كم أكرههم هم وابتسامتهم المصطنعة ! المهم أحوالي مستقرة بفضل هذا العمل.

***********************************

ما زلت أتذكر تلك الحادثة الذي ذُكرت في الجرائد ، كانت مروعة بحق ، على ما أذكر أن هذه الجريمة كانت بداية سلسلة جرائم لهذا القاتل ، لا أصدق أنني أقرأ مذكرات ذلك المجرم.
ماذا علي أن أفعل بها ؟ علي أن أسلمها للشرطة ، لكن ما الفائدة ؟ مع أن تلك الجرائم كانت تعتبر لغز بالنسبة للشرطة إلا أن العالم الآن نسي جرائمه ، من الأفضل أن أحرقها ، نعم.
الآن تأخر الوقت علي أن أريح جسمي.
 
النهاية ……..

تاريخ النشر : 2020-07-18

محمد

المغرب
guest
7 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى