تجارب من واقع الحياة

معاناة ما بعد الغربة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أصدقائي كيف حالكم؟ . سأروي لكم قصتي ، أنا فتاة عربية ، عشت عمري كله في بلد أجنبي ، حيث ولدت وترعرعت هناك .

أنا في العشرينات من عمري . إسلامي بالإسم فقط ، وكذلك إخوتى . أي أننا كنا لا نهتم كثيرا بالصلاة وقراءة القرآن والعياذ بالله . و قد لاحظ والدي بأننا تشبعنا بالثقافة الغربية اكثر من بلدنا الأم ، وأننا بدأنا على وشك السير في طريق الإنحراف ، من سهر وشرب وغيره .

أنا الحمد الله لم أشرب أو أدخن في حياتي أبدا ، لكن أخي أصبح لديه أصدقاء غريبون ، وكثيرا ما يخرج من المنزل ولا يعود إلا بعد أيام ، وفي أوقات متأخرة من الليل .

فخاف أبي علينا وقال : ماذا أقول لله عندما يسألني  بعد موتي عن أبنائي؟ . وأنني  فرطت فى تربيتهم! . وأننا أمانة في عنقه وسيسأل عنها يوم القيامة . والسبب الثاني الذي دفع والدي لترك كل شيء والرجوع إلى بلدنا الأم ، هو انتشار الشذوذ وأعلام المثليين في كل مكان ، وبالأخص في المدارس ، يحاولون إقناعنا بها بالقوة .

إقرأ أيضا : وسواس الإيذاء والانتحار- كيف انتهت المعاناة ؟

لقد عدنا ولله الحمد لبلدنا الأم ، لا أخفيكم إستغرابي وتأثري بسماع صوت الآذان لأول مرة ، لقد شعرت براحة لم أشعر بها في حياتي أبدا . كأنني كنت نائمة واستيقظت ، شعور جميل  جدا ومبهج في ذات الوقت .

وبعد فترة من عودتنا ، كان لأبي منزل كبير وفي منطقة راقية بالعاصمة . وكان يسكن به عمي وعائلته ، لقد خرجوا من المنزل مكرهين و كانت زوجته وأبناؤه أشد عداوة لنا ، لأنهم عاشوا في هذا المنزل منذ سنين . وأنجبت جميع أطفالها فيه ، لقد كرهتنا لدرجة كبيرة .

المهم عندما سكنا في هذا المنزل لم نشعر بالراحة فيه أبدا ، أقسم بالله أن أمي وأبي يتشاجران طوال الوقت وأنا وإخوتي متخاصمون و لايحدث أحدنا الآخر ولا أحد يأتي إلينا أبدا ، ونشعر بالمرض والإعياء والكسل .. معاناة طوال الوقت .

إقرأ أيضا : معاناة الأمراض النفسية

حتى أمي نحفت وذبلت وأصبحت تبدو كبيرة فى السن ، فجأة إختفى جمالها كله . حتى إخوتي بعد أن كانوا ممتلئي الجسم ، جميلو الهيئة ، أصبحوا كهياكل عظمية وقبيحي الشكل ، كأنهم لا يأكلون! .

وأصبحنا فقراء! ، نعم فقراء! .. أخبرت أبي أن نبيع المنزل ونشتري آخر ، لكنه رفض ، و أصبحت المشاكل تتوالى علينا من كل صوب .

قلبي يعتصر ألما ، حتى أنني قررت الذهاب إلى ساحر ليعرف ماذا حل بنا ، حياتنا كئيبة ، روتينية ، لا تخطيط و لا مستقبل . فقط أكل ونوم كأننا بهائم تنتظر متى يأتى الموت ليجافيها .

والمنزل … آه.. كم كرهته ورغبت في تدميره ، لأخرج أهلي منه ، حتى أنني فكرت في إحراقه! ، نعم إحراقه! ، أو هدمه . أنا أدعو بذلك كل يوم ، لأنه منزل قذر ، مليء بالحشرات والكآبة ، وهو سبب تعاستنا كلنا .

أرجو أن تدعوا لنا بأن نخرج من ذلك المنزل ، أرجوكم وفي أسرع وقت ، أخاف أن أجن بسبب هذا المنزل القبيح وشكرا .

التجربة بقلم : منى – الجزائر

guest
41 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى