أدب الرعب والعام

من السجن – الجزء الثاني

بقلم : أبو الحسن ماجد – العراق

من السجن - الجزء الثاني
خفت أن أخسرك بعد أن وجدت كل شيء فيك

هنا كان أكبر أخطائي فلم أستمع وأفهم الحقيقة ، ما أن سمعت الاعتراف حتى أنفجرت تركت يدها ورحت أصيح من دون وعي وبعصبية مفرطه وعينان تدمعان بحرقه.

– لماذا لم تقولي من قبل ؟ لقد سألتك وقلت لي لم تجدي أي أحد ، لقد كذبتي علي ، أنت كاذبة.

لم تستطيع ياسمين أن تكبت حزنها وراحت تبكي مكسورة.

– خفت أن أخسرك بعد أن وجدت كل شيء فيك ، وجدت أبي وأمي وكذلك الرجل الذي احتواني فلم يسألني عن ثروتي أو أي شيء أخر.

لم أعد قادراً على رؤية ياسمين بهذه الخيبة والانكسار فقررت أن أذهب إلى ميسان للسجن و أخبر إيهاب بكل شيء ، طار عقلي وتركت ياسمين تنتحب ورحت أنا أركض وأبكي بحرقة ، فقد ضاع كل شيء و ما علي إلا أن أخبر إيهاب ، لم أرى ياسمين إلا وهي تركض ورائي وتتعثر بثيابها الطويلة تناديني وتبكي ، ولكني كنت أسرع منها.

دخلت إلى غرفتي وبسرعة أرتديت ملابسي قبل أن تأتي ياسمين إلى هنا فتمنعني من الذهاب إلى إيهاب ، رحت على عجل و ركبت من مرأب النهضة وتوجهت إلى ميسان .

ها أنا جالس بالسيارة لا أعرف أن أكبت دموعي وحرقتي فمجرد تذكري بأنني سأخسر ياسمين كان كفيلاً بان تسيل دموعي ، كان الركاب يناظرونني بخلسة ويتسألون : ما به يبكي ؟ فصحت بصوت عال كسرت به حاجز الصمت المخيم على انقاس الركاب : لقد ماتت أمي فلترتاحوا من تساؤلكم.

عندها سمعت أصوات الركاب وهم يعزونني لقد انهارت أعصابي بالكامل ، وصلت إلى السجن وأنا كالسكران ، انتظرت في غرفة الانتظار وكلي قلق وحيرة فلم يعد يجري الدم بعروقي وقلبي بداء بالاضطراب والصداع دمر رأسي كله بسبب إيهاب ، كل تفكيري كان بردة فعله بعد أن أسمعه ماذا حدث معي ، ها هو إيهاب جاء ، ولكن مهلاً أعتقد أنه يرتدي البدلة البرتقالية بالفعل أنه يرتديها ، هل سيُعدم ؟

جاء إلي منكسراً خائباً بقدر ، بقدر ما أسعدتني رحت دون شعور أركض نحوه احتضنته ورحت أبكي دون شعور.

– سيعدمونني يا خليل !

– ماذا هل اكتملت القضية.

– نعم اكتملت ونُطق الحكم علي .

و بعينين تملؤهما الدموع وبصوت أشج : هل عثرت على ياسمين ؟

– نعم.

ثم ينهض من مكانه ببطء وهو يرتقب

– أين هي ؟

– في قرطاج.

يرجع لوضعه الطبيعي وبيدأ بالبكاء وبخيبة يقول : يا إلهي أردت رؤيتها للمرة الأخيرة ، لقد اشتقت لها كثيراً

إذا كنت تحبها لهذه الدرجة لماذا خنتها مع الكثير ممن كنت تحكي لي عنهن في سفراتك وجلساتك الليلة ، لماذا تتباكى عليها الأن ؟

ثم ينتفض من مكانه وتختفي الدموع من عيونه فجأة ويقول :

– عيناك.

استغربت وارتعبت.

– عيناي ما بهن؟

– لقد اختفت الهالات السوداء ، لابد وأنك تنام جيداً أو أن جو بغداد يطيب الجروح.

أرتبكت من هذا السؤال ورحت أكرر عليه :

لم تجبني على سؤالي لماذا أصبحت تتباكى على ياسمين بعد كل خياناتك ، لماذا لم تطلب رؤية إحدى عشيقاتك ؟

– وأنت لم تجبني أين ذهبت هالات عيناك؟

قمت من مكاني بينما ظل هو جالس .

– عموماً متى سينفذ الحكم ؟

– بعد ثلاث أيام.

– هل تريدني إن أتي إليك ؟

– سنلتقي .

ودعت إيهاب وخرجت من السجن ، استقللت سيارة وأتجهت نحو بغداد إلى ياسمين ، جيد أنني لم أقل لها بأنني أعرف إيهاب  وهو من أرسلني إليها ، ولكن ظل في تفكيري كلام إيهاب ونظراته لي وسؤاله عن الهالات وقوله سنلتقي ،  ولكن ليذهب إلى الجحيم هو لا يستحق امرأة مثل ياسمين.

وصلت إلى بغداد وتوجهت نحو الفيلا فلم أعثر على ياسمين ، رجعت إلى البيت وحينما حل وقت العصر رحت أبحث على ياسمين فلم أجدها ، صار الليل وأنا أبحث ولكن دون فائدة ، هل يعقل أنها سافرت وتركتني بعد أن ظنت أنني قد هربت ؟ عدت و جلست على سريري وأنا أفكر وقبل أن تسقط دموعي ، سمعت طرقات الباب بخفة قفزن من مكاني بقوة و رحت نحو الباب و فتحته ، أنها محبوبتي ياسمين أخذتها بأحضاني بينما راحت تبكي بشدة.

– أين كنت ؟ لقد بحث عنك في أروقة بغداد ، أين اختفيت ؟

– لقد ذهبت إلى ميسان أبحث عنك بعد أن تركتني و رحلت.

– ماذا ؟

– نعم ذهبت إلى مناطق المحمودية والجديدة والشبانه وعواشه والميمونه و..

عندها ضحكت وقلت : توقفي ، توقفي لقد عرفت كل مناطق ميسان حتى تلك التي لم أزرها أنا.

– أحبك.

لم أتردد أبداً فإيهاب قد أنتهى وسيموت قريباً فقلت : وأنا أحبك أكثر.

– وماذا عن قرطاج؟

– سنسافر ولكن لدي مهمة يجب أن أنفذها وبعدها سننطلق.

– و أما ذلك المسمى إيهاب ؟

– أنسى ذلك ، أنا نسيت و كذلك أنت أنسى أمره.

إعدام إيهاب منحني الفرصة للبقاء أكثر ، مهمتي هي أن أعرض الزواج على ياسمين ، لم أخبرها فجعلتها مفاجأة وبعدها سنترك بغداد وميسان وكل شيء وراءنا ونسافر.

في الصباح وبينما كنت ذاهباً إلى سوق الذهب ﻷجلب خاتم العرس لياسمين شعرت أن هناك أحداً يراقبني بين جموع الناس أربكني الوضع ورحت أطالع مثل شخص على وشك أن يسرق ، ثم للحظة رأيت بين الناس وجه إيهاب ، ركزت عليه جيداً أنه إيهاب يحدق إلي مباشرة فأرعبني شكله ومن دون شعور أخذت الخاتم ورحت أركض وراء إيهاب أو شبح إيهاب بينما هو راح يركض بين الناس فأعاقني زحام الناس عن الوصول إليه فاختفى فجأة ، وجدت نفسي خارج السوق أراقب ولكن لا أحد

عدت إلى البيت مرتعب أنه إيهاب بشحمه ولحمه فلم تمر الأيام الثلاث منذ أن كنت عنده ، حينما دخلت إلى البيت راح التفكير يأكلني ثم برقت لي فكرة هدت كياني ، ربما يكون إيهاب قد أرسل شخص لمراقبتي كما أرسلني إذاً لا بد وأنه سيتجه إلى ياسمين ، هرعت من المكان مفزوعاً وتوجهت نحو الفيلا ، لم استقل السيارة بل رحت أركض مثل المطلوب للعدالة ، كانت الناس تناظرني وتتساءل ، لم أعرهم أهمية فكل ما ببالي ياسمين ، وصلت إلى الفيلا فوجدت الباب مفتوحاً ، أرعبني فتح الباب ليلاً فدفعته وتوجهت نحو الصالة وأنا في حالة هلع ولكني ما أن سمعت أصوات البيانو حتى هدأت من روعي ، رأيت ياسمين تجلس بهدوء على البيانو وتعزف ضوء القمر ، لقد تحسنت كثيراً و وقفت أخذ أنفاسي وأستعيد قوتي ، عندها التفتت ياسمين حولها وتفاجأت بوقوفي خلفها ثم قامت واتجهت نحوي.

– خليل لقد تفاجأت.

– كنت ماراً من هنا فوجدت باب الفيلا مفتوحاً.

– مفتوح ! عجيب لقد أغلقته أو ربما نسيته لا يهم ، ولكن شكراً لك ، هل كنت تحوم حول الفيلا ؟

– نعم كنت أحرسك ، ليس لدي ما هو أهم منك.

– لماذا تبدو متعباً وكأنك تطارد أحداً ؟ سأجلب لك الماء.

– لا ، لا أريد ، فقط تعالي و أغلقي الباب فأنت ليس لديك حرس.

عدت إلى البيت وأنا أسير ببطء فلم أركض بهذه المسافة والسرعة في حياتي أبداً ، و بينما كنت سأراً في شارع فلسطين حتى ظهر لي إيهاب مره أخرى ، كان يجلس على مسطبة على رصيف الشارع المقابل ، تجمدت بمكاني بينما كانت السيارات السريعة تتخاطف أمامي ، فلم أتحرك ولم يتحرك هو كذلك ورحت أصيح :

إيهاب ، إيهاب أهذا أنت ؟

فلم يرد بل قام واختفى بالظلام وراء المسطبة ، لم يكن باستطاعتي الركض فرجعت إلى البيت مرعوباً ، يجب أن أعرض الزواج على ياسمين بأسرع وقت وبعدها سنطير بعيداً عن هنا فالجو اصبح لا يُطاق .

في اليوم التالي الساعة التاسعة ليلاً كنت انتظر ياسمين بباب الفيلا ، أنه اليوم الموعود سأعرض الزواج على ياسمين ، أستأجرت طاوله بمطعم الفراشة وجعلت من تلك الطاولة قمة الرومانسية ، ها هي ياسمين تأتي متألقة الصراحة لا ألوم العرائس أن بقين ينتظرن أشهر حتى يحين موعد تجميلهن تحت أنامل ياسمين الساحرة.

– أين سنذهب الآن؟

– سنمضي إلى مطعم الفراشة ، ولكن هذه المرة سنمشي على الأقدام لا داعي للسيارات .

– يسرني ذلك .

مشينا الطريق كله وأنا أشعر بأننا كنا مراقبين ، وصلنا إلى المطعم وتوجهنا إلى الطاوله القريبة من الشاطئ ، تعجبت ياسمين من رؤية المنظر الرومانسي في تلك الليلة الجميلة ، ما أثار انتباهي هو وجود جريدة على الطاولة بجنب الشموع الحمراء الطويلة ، رحت أركض قبل ياسمين وسحبت لها الكرسي حركه رومانسية مستهلكة ، جلست ياسمين مثل الأميرات و رحت أنا جالساً أمامها ، أوقدت الشموع بينما جاء النادل وهو يحمل أكواب العصائر و وضعها على الطاولة ومضى

 بقيت أطالع ياسمين للحظات بينما يبدو عليها علامات التساؤل حول هذه الجلسة ، أخذت ترشف عصيرها وهي تقلب أوراق الجريدة ، مددت يدي لأخرج الخاتم ، عندها سعلت ياسمين برشفتها واختنقت ، تركت العصير وهي تسعل بقوة و نهضت ، رحت أطبطب على ظهرها لكنها لم تتوقف وعندها بدأت تشير نحو الجريدة حول خبر ما ، رفعت الجريدة وقرأت الصدمة 

هروب المجرم المحكوم بالإعدام إيهاب محمد حسين من سجن الجهاد في محافظه ميسان مع عدد من المتهمين المدانين ، هنا قد تحققت شكوكي وإنني كنت على بعد خطوات من إيهاب ذلك المجرم ، عندها وصلت لحالة من الفزع الشديد لم أعرف ماذا أفعل ؟ فالسر سينكشف عاجلاً أم أجلاً لذلك ركعت على ركبتي أمام ياسمين وقدمت لها خاتم الزواج وقلت

– ياسمين هل تقبليني بي زوجاً لك في السراء والضراء؟.

تقول ياسمين وهي تبكي : نعم .

– هيا قومي.

ألبستها الخاتم وخرجنا مسرعين من المطعم كل ما علي فعله هو عدم الالتقاء بإيهاب فيكشف كل شيء ، أخذنا سيارة أجرة و اتجهنا نحو الفيلا ، كان كل جهدي أن أمنع أعراض الخوف والهلع التي أصابتني من الظهور على محياي ، فرحت ممسكاً بيد ياسمين أقبلها بينما كانت تبكي بخوف ، ولكن هيهات أن أدع ذلك المجرم من أن يمسها ، وصلنا الفيلا ودخلنا ، توقفنا في وسط الصالة :

– ياسمين أجلبي جواز سفرك وهيا بنا.

– إلى أين سنتجه في الليل ؟

– سنذهب إلى ميسان ، سوف أعمل جواز سفر لي وبعدها يمكننا أن ننطلق إلى مطار البصرة هناك ، في ميسان آمن لنا من هنا.

– حسناً سأصعد إلى الغرفة تعال معي.

صعدنا إلى الغرفة و فتحت ياسمين حزنة الملابس وأخرجت صندوق يحتوي على صورها العائلية وجواز سفرها ومجموعة من المصوغات الذهبية ، و بينما كانت تبحث سمعت صوت باب الغرفة قد أغلق بهدوء ، ألتفت فوجدت إيهاب واقف أمام الباب وقد أغلقه و يحمل بيده سكيناً جلبها من المطبخ ، لا أستطيع وصف شعوري ، أردت أن أقرص نفسي لاستيقظ من كابوس ، ولكن لا مفر و قد وقع الفأس في الرأس ، تمنيت أن تنشق الأرض وتبتلعيني ، تترك ياسمين كل ما بيدها وتبدأ بالبكاء وتضع يدها على فمها وهي ترتجف

ثم يبدأ إيهاب بالقول : أين ستذهبان ؟ دعني أخمن إلى قرطاج المدينة الجميلة أليس كذلك يا خليل ؟.

تنصدم ياسمين بسماع إيهاب وهو يقول أسمي فتفح عيناها حتى كادت أن تخرج من محجريهما وبدأت تؤشر نحونا بسبابتها : هل تعرفان بعضكما ؟.

يضحك إيهاب ضحكه شيطانية.

– ألم بخبرك عريس الغفلة هذا عن قصته ؟

بدأت ياسمين تمسك رأسها وتريد السقوط أرضاً وكأنها تشعر بالدوار.

– أي قصة؟.

 

وجدت نفسي المذنب الوحيد بالموضوع ، فرحت نحو ياسمين أمسكها ولكنها تمنعت ووضعت يديها أمامها ومنعتني من الاقتراب فقلت : ياسمين لا تنصتي له لقد خانك هذا المجرم ، أنصتي لي أنا حبيبك خليل.

إيهاب موجهاُ كلامه لي : أنا كاذب وأنت شخص استغلالي وجدتها فريسة سهلة ، علمتها الموسيقى وزرعت لها الحدائق .

ثم تقول ياسمين : هلا أفهمتموني كيف تعرفان بعضكما ؟

إيهاب : أنه صديق سجن وصاحب سوابق لقد جاءك من السجن مقصوداً و لم يكن طاهراً أو ملاك كما تظنين ، هذا كل ما حدث فهو جاء من السجن.

فانتفضت.

– لست استغلالي ، أردت حمايتها منك ، أنت لا تستحقها أبداً.

يغضب إيهاب و يؤشر بالسكين نحوي وبدأ بالاقتراب مني .

– ومن أنت لتحكم علي ؟ أنت أنسان متهم بتهمة التجارة بالمخدرات.

تصم ياسمين أذنيها وكأنها لا تريد سماع الحديث ثم تقول لي : لقد ظننتك أنسان طاهر و لكنك مثله تماماً.

إيهاب : لا أسمح لك بان تشبهينني بهذا الخسيس.

صرخت و موجة غضب غير أراديه اعترتني : أنت الخيس والمجرم ومصيرك المشنقة.

لم يتردد بالهجوم علي بالسكين ، لم أكن قد دخلت بصراعات من قبل ولكني قاومته بكل ما استطيع من قوه ، أمسكته من معصميه بينما كان يريد طعن رقبتي ، رحنا نتخبط بكل شيء أمامنا ونتصارع ، لا مجال للإفلات فهذا مجرم ليس لديه ما يمنعه من طعني ، حطمنا مزهريات الغرفة وأسقطنا كل العطور وبعدها طرحني أرضاً و جثم فوق صدري و لازلت السكين موجهه نحو وجهي صحت بصوت عال

– أهربي ياسمين ، أهربي.

عندها ذهبت ياسمين إلى تحت وبقيت أنا أصارع المجرم حتى أفلت سكينه على عيني اليمنى ففقأها ، أصابني ألم شديد برأسي جراء الطعنه ففقدت تركيزي وانهارت قوتي فأصبحت فريسة سهلة ، لم يكتفي بهذا بل أخذ سكينه و طعنني في خاصرتي حتى بدأت أنزف بشدة ، وبعدها قام متوجهاً إلى  الأسفل ، لم يكن باستطاعتي الوقوف فقد غرقت بدمائي وبدأت أنزلق كلما زحفت وراء المجرم ، لم أرى كمية دم تسيل مني في حياتي مثل هذه ، منظر الدم هو أكثر شيء أرهبني حتى أكثر من الطعنة نفسها

 رحت أزحف والنزيف مستمر ، نظرت من الدرج و رأيت ذلك المجرم يركض وراء ياسمين ، لقد ـغلق جميع الأبواب حينما دخل للفيلا لقد آلمتني ياسمين أكثر من الطعنة ، فهي إنسانه رقيقة و لا تستطيع التعامل مع هكذا مواقف ، لم يتردد بطعنها وجعلها تنزف بينما كانت تصرخ وتبكي وكذلك بدأ بعمل خدوش بسكينه على جميع مناطق جسدها فجعلها غريقة بدمها مثلي تماماً ، ثم جاءت الشرطة كالعادة بعد وقوع الجريمة

 توجه ذلك المجرم وفتح الباب وسلم نفسه بكل هدوء وكأنه عمل ما يجب عمله ، والآن هو أمام المشنقة ، سأدعه يحكي أخر كلماته :

إيهاب : لو أنني هربت قبل ذلك ، ولكن الفرصة أُتيحت لي مؤخراً ، كان بأماكني قتله وليس طعنه ، ولكنني أقتل الرجال الأقوياء فقط ، فلم أرد أن اللوث سجلي بقتل شخص خسيس مثل هذا ، هالاته السوداء اختفت رائحته كلما كنت احتضنه كلما كنت أتأكد أنه كان بقربها
 باب الفيلا في تلك الليلة أنا من تركته مفتوح دخلتها ورحت أتفسح بربوعها ورأيت ياسمين تعزف وعرفت أنه علمها كما أنه رأني عدة مرات ، كل هذه رسائل ولكنه لم يفهمها وسيبقى يتذكرني كلما ذهب للمرآة ليرى وجهه فلن ينساني أبداً

 و تلك الساقطة ياسمين لم أكن أحبها أبداً ، كانت الثرية الوحيدة من اللواتي عرفتهن ، كنت أريد استدراجها عن طريق ذلك الغبي خليل ، أقنعته بأنها زوجتي ليحضرها لي و أخذ منها المال لكي أرشي الشرطة والقائمين على القضية وأخرج من السجن ، ولكن يبدو أن مصيري المشنقة ، وهي كذلك لن تنساني أبداً فجسمها شاهد علي وستتذكرني كلما تعرت أمام ذلك التافه.

الجلاد : هل تريد أن ترى أحد؟

المجرم : لا أريد .

الجلاد : هل تريد أن تصلي.

– لا أريد ، فقط أسحب تلك الذراع فلدي رحلة أخرى بغير هذا العالم.

ها هو المجرم معلق على حبل المشنقة وقد تتساءلون عن مصيري مع ياسمين ، نحن الأن على البحر في قرطاج جالسين بجنب بعضنا أنا والرائعة زوجتي ياسمين ، وهل ترون تلك الفتاة التي تلعب بالرمال ، تلك التي تشبه أمها ، أنها ابنتنا بشرى .

النهاية ….

تاريخ النشر : 2018-07-07

guest
23 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى