كشكولمنوعات

من نظرية مطروحة بشكل بسيط الى موسوعة غزت العالم

بقلم : تالا

من هو سكينر وما الذي قام بتغييره في عالمنا ؟! ، وما علاقة نظرية صندوق سكينر بإدماننا على الهواتف ، سأطرح في هذا المقال عدة قضايا مترابطة وواسعة ..

أولا من هو سكنر ؟

blank
العالم الامريكي بورهوس فريدريك سكينر

سكينر هو أخصائي علم النفس وسلوكي ومؤلف ومخترع وفيلسوف اجتماعي أمريكي. وهو الأخصائي الأكثر تأثيرًا في علم النفس في القرن العشرين وما زالت نظرياته مؤثرة الى يومنا هذا ، أشتهر بنظرياته التي تدعو الى فهم السلوك البشري ، كما يرى سكنر أن البيئة هي المسؤول الأساسي عن نشأة السلوك الإنساني. ولعل هذا هو الأساس الذي بنى عليه سكينر نظريته في فهم السلوك الإنساني، أشتهر بعدة نظريات مِنها الإشراط الاجرائي ، وأيضاً رُبما قد سمعت عزيزي القارئ في نظرية” صندوق سكنر” ، فاليوم سوف أعرض أساليب الدهاء البشري الذي قد نُتجت بسبب نظرية بسيطة كهذهِ..

تخيل عزيزي القارئ أن تلك النظرية هي من أحد الآسباب التي جعلتنا محكومين من قِبل تلك الشبكة العنكبوتية ، وبالآخص مواقع التواصل الإجتماعي، سوف أفسر لك ذلك ، فبعد بحثي المُطول بتفسير علاقة نظرية سكينر بالإدمان الهاتفي وجدتُ بأن هُناك نقطة هامة تربط بين كلتا العلاقتين الا وهو ” هرمون الدوبامين ” ، هذا الهرمون مسؤول عن سلوكيات البشر بشكلٍ خاص ، حيث يعزز هذا الهرمون الشعور السعادة والشبع ، مثلاً : تجربة الحمامة في صندوق سكنر الذي كان يتوفر فيه زر ملون ، فسكنر تنبأ بأن تلك الحمامة من المؤكد أنها ستنقر بشكل عشوائي ولا إِرادي لتخرج ، حيث أن نقرها اللارادي مكان ذلك الزر الملون الموجود في الصندوق ، سيؤدي الى نزول بعضاً من حبات القمح ، وبالتالي ستأكل إذا كانت تشعر بالجوع و سيحقق لها الشبع ، وبالتالي ستستمر بالنقر على الزر كلما جاعت كما يظهر في التجربة الآولية ، ولكن سكينر قام بتغيير آلية تلك التجربة ليجعل نزول تلك الحبات بشكل عشوائي ، ولاحظ عدة آمور الا وهي بأن تلك الحمامة قد إِكتسبت عادة ” النقر” ، حتى وإِن لم تكن تشعر بالجوع ، ومن هُنا قد أستنتج بأنها قد إِكتسبت سلوك ” النقر على ذلك الزر الملون “، ولكن المكافئة كانتْ بطريقة عشوائية ، ولكن هل هذا يذكرك بشئ تعرفهُ عزيزي القارئ ؟ ، أعتقد بأن ذلك السلوك قد ذكركْ بسلوك التصفح العشوائي لمواقع التواصل الإجتماعي ..
دعني أوضح أكثر ، أولاً سأتطرق الى تفسير صندوق سكنر من ناحية العلوم العصبية كالآتي : أن الحصول على مكافئة غير متوقعة ينتج عنهُ إفراز هرمون الدوبامين من المخ و ( بمعدل أكبر من المكافئة المتوقعة)
تخيل ، مِثال على ذلك : هو تصفحك العشوائي لهذهِ الشبكة دون هدف ، كما هو حال تلك الحمامة التي تنقر دون هدفاً ما ، وذلك يدخل ضِمن حدود صندوق سكنر فعندما يسهل تكرار سلوك ضمن وقت قصير ينتج عنهُ إدمان ذلك السلوك كتلك الحمامة ، فالكثير مِنا الآن قد أصبح من ضحايا هذا الصندوق ، إِذ نقضي ساعات من وقتنا في تصفح مواقع التواصل الإجتماعي.

blank
نحن بالنسبة لمواقع التواصل لا نختلف كثيرا عن هذه الحمامة

وأيضاً لأوضح لك أكثر ، هُناك دراسات تقول بأن إِفراز هرمون الدوبامين مرتبط أيضاً بتصفح مواقع التواصل الإجتماعي وفقاً لنظرية صندوق سكينر وفق المكأفاة الغير متوقعة ، فعند تنقلك من صفحة الى آخر هو سلوك عشوائي تآمل فيه أن تجد شيئاً ما ليعجب مخليتك الواسعة ، لعلك تُشبع بصيص الأمل لديك في الحصول على مكافئة أو شئ غير متوقع ، كما هو الحال، في التطبيق الموسيقي tik tok ، تتناقل في ذلك التطبيق لعلك تجد نوعك الموسيقي المفضل ، فالموسيقى لِوحدها أيضاً تعتبر عامل مهم في تصنيع هرمون الدوبامين غير أنها عامل مُهم في الشبكة العنكبوتية كالآشعارات الخاصة بالهواتف وغيرها ، حيث وجدت الآبحاث بأن الإِستماع للموسيقى يعزز أيضاً من نشاط النواة المتكئة ، فالنواة المتكئة هي منطقة مهمة بالمخ فهي مسؤولة عن المكافأت بالدماغ البشري ، قد تنشط عند الحصول على المال أو الآكل ، أو كحصول شخصاً ما على ترقية لوظيفة ،وتشير هذه النتائج إلى أن التفاعلات بين المناطق السمعية والمكافأة تدفعنا إلى الشعور بالسعادة عند الاستماع إلى الموسيقى ، فالموسيقى هي سلسلة من الأصوات، التي عند النظر إليها وحدها ليس لها قيمة متأصلة، ولكن عندما يتم ترتيبها معاً من خلال أنماط بمرور الوقت، يمكن أن تكون بمثابة مكأفاة ، فعندما يستمع الناس إلى مقطوعة موسيقية لم يسمعوا بها من قبل، يمكن للنشاط في منطقة دماغية واحدة أن يتنبأ بشكل موثوق بما إذا كانوا سيحبونها أم لا، وأيضاً الالعاب قد صُممت بطريقة ذكية ضِمن صندوق سكنر فهي تخدع دِماغ الإنسان ، وتعزز نوعاً من الشره نحو اللعب مراراً وتكراراً ، فمصممي الألعاب يسعون جاهدين لخلق بيئة كاملة باستخدام الصوتيات والمرئيات، ومن ثم الحفاظ على هذه البيئة متناسقة مع بعضها، ولا مانع لديهم من سرقة وقتك وخِداعك بهذه الطريقة الماكِرة.

blank
استراتيجية المراحل في الالعاب مصممة وفق نظرية سكنر .. هم يريدونك ان تستمر باللعب لذلك يعطوك مكافآت

مِثال واضح على تلك الحيل : إِن لعبت لفترة طويلة بما فيه الكفاية ، فستحصل على المستويات level أو تتقن التقنيات اللازمة لإكمال معظم الألعاب، أو أستدراجك بالمكأفات الإفتراضية الخاصة بتلك اللعبة.

ولكن قد تتعزز نظرية سكينر بشكل إِيجابي أمثال : تطبيق دوولينجو الخاص في تعليم اللغات فهو يتخذ نظام الليفل ومكافئة الجواهر” لينجوت” ، وذلك لخلق روح المنافسة والتحدي لدى المُتعلم ويتقدم بشكل أكبر.

قد تُلاحظ عزيزي القارئ بأننا قد تطرقنا الى الكثير من الموضوعات في هذهِ الوظيفة ، وهذا يُفسر كمية الدهاء عِند بعض مصممي الشبكة العنكبوتية ، فهم لم يسيطروا أبصارنا فقط ، بل سيطروا بشكل كُلي على حواسنا الخامسة، وبشكلٍ خاص قد جعلوا من هرمون دِماغي بسيط ، محطة وصول لأطماعهم البشرية ، ومن نظرية مطروحة في بِشكلٍ بسيط عن النفس البشرية الى موسوعة عالمية غزتْ العالم .

المصدر
B. F. SkinnerWhat Is Operant Conditioning and How Does It Work?
guest
16 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى