تجارب من واقع الحياة

موت مشاعري بعد الليلة المظلمة للنفس

بقلم : سالم باوزير – اليمن
[email protected]

هكذا ماتت مشاعري و أصبحت لا مبالي و فقدت شغفي في الحياة و شخصيتي الاولى و ربما هذا ما يسمى باختلال الأنية أو الليلة المظلمة للنفس (الصحوة الروحية) و هكذا بدأت القصة ..

في البداية أنا اعرف نفسي بأننا شخص سلبي و متشائم نوعاً ما لكن في يوم من الأيام مرض والدي و اصبح طريح الفراش و لا يستطيع حتى أن يقلب نفسه يمن و شمال أثناء نومه كان والدي مصاب بداء باركنسون و كذلك السكري و جلطة في الدماغ بدأت تراودني الأسئلة الوجودية عن معنى الحياة وهل نتيجة الحياة و معاناتنا فيها = صفر .. بمعنى أننا عبث وان لا معنى للحياة رغم أننا كنت أصلي لكننا كنت بعيد عن كتاب الله واصلي بلا خشوع و أحيانا ارتكب المعاصي ..
المهم هذه هي بداية الأسئلة الوجودية و هكذا أصبحت تراودني هذه الأسئلة و منها ما الحكمة من المعاناة ما الحكمة من أن يولد طفل معاق ويموت ، و كنت أتوقع أن والدي سيموت بلا شك و هذه عادتي كنت دائماً ما أتوقع كل ما هو سيء و هنا حيث زادت الأسئلة الوجودية و الأفكار السلبية عندي وكل يوم يزداد إلحاح هذه الأسئلة أصبحت هكذا لمدة ثلاثة أشهر وانا أركز في تفاصيل الحياة خاصة السلبية و كنت أحاول فهم هل للحياة معنى أم أنها عبث لأننا في تلك الفترة كنت أرى انها عبارة عن معاناة و كان خوفي أن تكون الحياة بلا معنى بعد كل هذه المعاناة خاصة من يعانوا بسبب الحروب والفقر والمجاعة والمعاقين حقاً أن تجربة الحياة في هذه الحالة تعتبر تجربة محبطة و هنا حيث تضرب بالأخلاق و الصبر و الاحتساب وكل المفاهيم و الأخلاقيات التي يحث عليها ديننا و أكدت عليها فطرتنا عرض الحائط..

من كثرة إلحاحي و دخولي في هذه الأسئلة خلال الثلاثة الأشهر و قبل وفاة والدي بثلاثة أيام تقريباً صحيت من نومي الساعة العاشرة صباحاً وانا كعادتي كان فرط التفكير بالسلبيات هو المسيطر حينها قلت أن لا معنى للحياة وانها عبث و أننا نموت و ننتهي و نذوب في تلك الحفرة المظلمة و ننتهي .. عندما قلت انها عبث فجأة أصبحت انظر إلى يدي و أتساءل هل أنا في واقع أو حلم .. هنا انفصلت عن الواقع للمرة الاولى أصبحت تائه و دخل خوف في قلبي بشكل كبير وكان يجب أن اخرج للذهاب للمشفى حيث والدي كان في العناية المركزة..

عندما خرجت للشارع كنت أرى العالم غريب كأنني أتيت من عالم قوانينه مختلفة إلى عالم أخر ، كنت أرى كل الناس يمشون في الشارع وهم يمتلكون أنفسهم بينما أنا ضال عن طريقي و تائه و كنت كأنني نزلت إلى الأرض أول مرة كانت الحياة فاقدة للتلقائية و كنت أرى الظلم بشكل عميق و أصبحت اعطف على المتسولين الذي أراهم في الشارع بكثرة كان عطفي مبالغ فيه إلى درجة أننا بكيت و كنت أقول انه لا يجب أن يحدث هذا هنا حيث قمت بإخراج مبالغ لا بأس بها من المال و إعطاء بعض النسوة المتسولات و كنت ادمع من الحزن عليهم كنت أرى الظلم بشكل عميق وهنا كنت أرى كم هم البشر قساة قلوب حيث كأنني أدركت كم أننا نحن البشر جشعين و نسينا مهمة من مهماتنا الأساسية في الحياة و التي هي المساعدة و العطف على الآخرين حيث طغى فينا حب ذواتنا و زاد غرورنا و جشعنا و هكذا أصبحنا نشعر أننا منفصلين و أننا لسنا من نفس واحدة كما قال الله هنا حيث يموت الملاك و يحيا الشيطان فينا ..

كذلك كنت في تلك الفترة متردد و لا استطيع أن أتحدث بشكل جيد ، السؤال هنا هل كل ما حدث لي يعتبر من ضمن رد الله لي و كأنة ينبهني و يوضح لي المعاني الأساسية من وجودنا على الأرض بعد أن رفضت معنى الحياة وقلت انها عبث و أن لا معنى لها لأن هذا كله في سورة البقرة ..

بعد ما حدث لي هذه نصحني احد الرقاة بقراءة سورة البقرة و فهمت رسائل الله لي و فهمت ما حدث ، لكن تجربة الخوف تلك و فرط المشاعر و موتها من بعد ذلك لا أتمناه لأحد أبدا لأننا بدأت استرجع المشاعر و الأحاسيس و لكن بنسبة ٥٠ % فقط و هذه القصة حدثت قبل ٨ أشهر تقريباً.

guest
16 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى